logo
منال أبو الكأس.. "أم" تجرّ الوجع على كرسيين متحركين

منال أبو الكأس.. "أم" تجرّ الوجع على كرسيين متحركين

فلسطين أون لاينمنذ يوم واحد

غزة/ هدى الدلو
لم يكن مرض السرطان، الذي أصيبت به في عمر الثلاثين، أقسى ما مرّ على الغزية منال أبو الكأس، 43 عامًا، بل جاءت حرب الإبادة الجماعية على غزة لتكتب فوق حزنها فصولًا من المعاناة لا تحتملها الجبال، فهي امرأة تحمل جسدًا منهكًا بروح لم تنكسر رغم كل ما تكبّده قلبها من فقد وألم.
ففي الرابع من يوليو 2024، فُجعت منال بخبر استشهاد ابنها البكر مجد، طالب الصحافة والإعلام، الذي حلم بأن يوصل صوت شعبه إلى العالم الصامت، لكنه رحل قبل أن يتمكن من حمل قلمه وكاميرته إلى الميدان. "مجد بكري كان أملي، ابني ورفيقي، كل حياتي، راح فجأة وتركني بنص الألم"، تقول منال لصحيفة "فلسطين".
ولم تمض أشهر على هذا الفقد حتى جاء يوم 23 أكتوبر 2024، يوم لا تنساه منال، حين خرج زوجها رائد، موظف بلدية غزة، إلى عمله في فتح بئر "الصفا" للمياه، ليخدم الناس في شارع صلاح الدين، حيث لم يكن مكان عمله يبعد كثيرًا عن منزله، وحين سمعت العائلة صوت انفجار قوي، علمت أنه وقع في البئر.
اهتز جسدها خوفًا وهرعت وهي تحمل حقيبة إسعافات أولية وقلبًا مفجوعًا، مع أبنائها للاطمئنان على زوجها، وهناك أول من دخل إلى المكان محمود (17 عامًا) الذي ارتدي سترة البلدية ليحاول الدخول لإنقاذ والده. لكن طائرة حربية إسرائيلية أخرى باغتتهم بصاروخ جديد، أصيب فيه محمود ومحمد، شقيقه الأصغر.
"الجيران منعوني من الدخول، قالولي المكان خطير، لكني قلتلهم: روحي مش أغلى من أولادي"، تروي منال وهي تذرف الدموع. محمود، المصاب، خلع سترته وربطها حول قدمه النازفة، ثم دفع شقيقه للخروج من المكان. لكنه ما إن خرج إلى الشارع، حتى استهدفته طائرة حربية بدون طيار، فقضى شهيدًا على الفور.
في لحظات الرعب هذه، كانت منال بين الإسعاف الذي رفض القدوم للمكان لخطورة الوضع والركام، تركض وتصرخ، حتى وصلت إلى المستشفى برفقة زوجها المصاب، لكنها لم تجد محمود، تكمل: "فقدت صوابي، قلت أكيد راح الولد كمان، لكنهم عادوا لإحضاره بعد دقائق كانت سنين".
دخل محمود المستشفى وهو بين الحياة والموت، وظائفه الحيوية شبه متوقفة، خضع لعملية طارئة لفتح فتحة قرب القلب، لضخ الدم والاكسجين بشكل عاجل.
وقد بلغ عدد وحدات الدم التي وضعت لمحمود 48 وحدة دم، وخضع لأكثر من 57 عملية جراحية. وفيما كانت منال تتابع عمليته، اضطرت لتوديع جسد ابنها محمد ودفنه.
محمود، بُترت ساقه اليمنى من فوق الركبة، وفتحت قدمه حتى أعلى الفخذ كدفة الكتاب لاستخراج الشظايا، ولا يزال يعاني حتى اليوم من وجود شظايا عميقة قرب الشرايين. خضع لاحقًا لبتر 12 سم إضافية من الفخذ بسبب الالتهابات المزمنة.
عندما خرج محمود من غرفة العمليات وفاق من البنج كان أول من سأل عنه هو شقيقه محمد والذي صدم عندما أخبرته والدته أنه استشهد، وتساءل: "كيف استشهد كانت اصابته طفيفة وقد لقني الشهادة من خطورة وضعي"، لكنه لا يعرف ان خلفه عدو لا يفرق بين المدني والعسكري.
ثم جاء القرار الأصعب، بتر ساق زوجها من تحت الركبة، وبعد أيام، بسبب التسمم، بُترت الساق مجددًا من الأعلى، "رائد كان دايمًا يحكيلي: إذا استشهدت، ادفنيني جنب مجد... بس ربنا اختارله الحياة، ولو على الكرسي"، تقول منال بصوت متماسك تخنقه الغصة.
وتسرد على لسان زوجها: "كان دائما يوصيني قبل ان يخرج لعمله انه اذا استشهد ان يدفن بجوار ابنه مجد"، ويقول لي: "أنا طالع خدمة لشعبي عشان اسقي الناس وبإذن الله ما راح يضرني".
"ما بعرف مين يعيل مين... محمود ولا أبوه؟ التنقُّل للعلاج صار معاناة، كل واحد على كرسي، وأنا لا أستطيع أن ادفعم بمفردي فقد اضطر لإلغاء المشوار إن لم أجد من يعنني"، تقول منال بحسرة. حيث تضطر بهم إلى التنقل بين عيادات العلاج الطبيعي وعيادة الألم.
"أنا ما بدي أكل ولا شرب، بس بدي محمود يتعالج، يرجع يمشي، يعيش... بترجّى أمة محمد تساعدني، ابني ما بيستحق يكون هيك، هو اللي نزل يطمن على أبوه".
ورغم كل ما مرت به منال إلا أنها لم تنكسر رغم كل الانكسارات. فقدت ابنًا، ودفنت آخر، وجُرحت بقية العائلة، لكنها لا تزال صامدة، ترفع نداءها إلى العالم علّه يسمع: "ارحمونا… بس ابني يتعالج".
المصدر / فلسطين أون لاين

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

منال أبو الكأس.. "أم" تجرّ الوجع على كرسيين متحركين
منال أبو الكأس.. "أم" تجرّ الوجع على كرسيين متحركين

فلسطين أون لاين

timeمنذ يوم واحد

  • فلسطين أون لاين

منال أبو الكأس.. "أم" تجرّ الوجع على كرسيين متحركين

غزة/ هدى الدلو لم يكن مرض السرطان، الذي أصيبت به في عمر الثلاثين، أقسى ما مرّ على الغزية منال أبو الكأس، 43 عامًا، بل جاءت حرب الإبادة الجماعية على غزة لتكتب فوق حزنها فصولًا من المعاناة لا تحتملها الجبال، فهي امرأة تحمل جسدًا منهكًا بروح لم تنكسر رغم كل ما تكبّده قلبها من فقد وألم. ففي الرابع من يوليو 2024، فُجعت منال بخبر استشهاد ابنها البكر مجد، طالب الصحافة والإعلام، الذي حلم بأن يوصل صوت شعبه إلى العالم الصامت، لكنه رحل قبل أن يتمكن من حمل قلمه وكاميرته إلى الميدان. "مجد بكري كان أملي، ابني ورفيقي، كل حياتي، راح فجأة وتركني بنص الألم"، تقول منال لصحيفة "فلسطين". ولم تمض أشهر على هذا الفقد حتى جاء يوم 23 أكتوبر 2024، يوم لا تنساه منال، حين خرج زوجها رائد، موظف بلدية غزة، إلى عمله في فتح بئر "الصفا" للمياه، ليخدم الناس في شارع صلاح الدين، حيث لم يكن مكان عمله يبعد كثيرًا عن منزله، وحين سمعت العائلة صوت انفجار قوي، علمت أنه وقع في البئر. اهتز جسدها خوفًا وهرعت وهي تحمل حقيبة إسعافات أولية وقلبًا مفجوعًا، مع أبنائها للاطمئنان على زوجها، وهناك أول من دخل إلى المكان محمود (17 عامًا) الذي ارتدي سترة البلدية ليحاول الدخول لإنقاذ والده. لكن طائرة حربية إسرائيلية أخرى باغتتهم بصاروخ جديد، أصيب فيه محمود ومحمد، شقيقه الأصغر. "الجيران منعوني من الدخول، قالولي المكان خطير، لكني قلتلهم: روحي مش أغلى من أولادي"، تروي منال وهي تذرف الدموع. محمود، المصاب، خلع سترته وربطها حول قدمه النازفة، ثم دفع شقيقه للخروج من المكان. لكنه ما إن خرج إلى الشارع، حتى استهدفته طائرة حربية بدون طيار، فقضى شهيدًا على الفور. في لحظات الرعب هذه، كانت منال بين الإسعاف الذي رفض القدوم للمكان لخطورة الوضع والركام، تركض وتصرخ، حتى وصلت إلى المستشفى برفقة زوجها المصاب، لكنها لم تجد محمود، تكمل: "فقدت صوابي، قلت أكيد راح الولد كمان، لكنهم عادوا لإحضاره بعد دقائق كانت سنين". دخل محمود المستشفى وهو بين الحياة والموت، وظائفه الحيوية شبه متوقفة، خضع لعملية طارئة لفتح فتحة قرب القلب، لضخ الدم والاكسجين بشكل عاجل. وقد بلغ عدد وحدات الدم التي وضعت لمحمود 48 وحدة دم، وخضع لأكثر من 57 عملية جراحية. وفيما كانت منال تتابع عمليته، اضطرت لتوديع جسد ابنها محمد ودفنه. محمود، بُترت ساقه اليمنى من فوق الركبة، وفتحت قدمه حتى أعلى الفخذ كدفة الكتاب لاستخراج الشظايا، ولا يزال يعاني حتى اليوم من وجود شظايا عميقة قرب الشرايين. خضع لاحقًا لبتر 12 سم إضافية من الفخذ بسبب الالتهابات المزمنة. عندما خرج محمود من غرفة العمليات وفاق من البنج كان أول من سأل عنه هو شقيقه محمد والذي صدم عندما أخبرته والدته أنه استشهد، وتساءل: "كيف استشهد كانت اصابته طفيفة وقد لقني الشهادة من خطورة وضعي"، لكنه لا يعرف ان خلفه عدو لا يفرق بين المدني والعسكري. ثم جاء القرار الأصعب، بتر ساق زوجها من تحت الركبة، وبعد أيام، بسبب التسمم، بُترت الساق مجددًا من الأعلى، "رائد كان دايمًا يحكيلي: إذا استشهدت، ادفنيني جنب مجد... بس ربنا اختارله الحياة، ولو على الكرسي"، تقول منال بصوت متماسك تخنقه الغصة. وتسرد على لسان زوجها: "كان دائما يوصيني قبل ان يخرج لعمله انه اذا استشهد ان يدفن بجوار ابنه مجد"، ويقول لي: "أنا طالع خدمة لشعبي عشان اسقي الناس وبإذن الله ما راح يضرني". "ما بعرف مين يعيل مين... محمود ولا أبوه؟ التنقُّل للعلاج صار معاناة، كل واحد على كرسي، وأنا لا أستطيع أن ادفعم بمفردي فقد اضطر لإلغاء المشوار إن لم أجد من يعنني"، تقول منال بحسرة. حيث تضطر بهم إلى التنقل بين عيادات العلاج الطبيعي وعيادة الألم. "أنا ما بدي أكل ولا شرب، بس بدي محمود يتعالج، يرجع يمشي، يعيش... بترجّى أمة محمد تساعدني، ابني ما بيستحق يكون هيك، هو اللي نزل يطمن على أبوه". ورغم كل ما مرت به منال إلا أنها لم تنكسر رغم كل الانكسارات. فقدت ابنًا، ودفنت آخر، وجُرحت بقية العائلة، لكنها لا تزال صامدة، ترفع نداءها إلى العالم علّه يسمع: "ارحمونا… بس ابني يتعالج". المصدر / فلسطين أون لاين

الجهاد الإسلامي يدين استهداف مبنى الإذاعة والتلفزيون الإيراني
الجهاد الإسلامي يدين استهداف مبنى الإذاعة والتلفزيون الإيراني

فلسطين اليوم

timeمنذ 4 أيام

  • فلسطين اليوم

الجهاد الإسلامي يدين استهداف مبنى الإذاعة والتلفزيون الإيراني

أصدرت حركة الجهاد الإسلامي بيانا أدانت فيه جرائم الحرب التي يرتكبها الكيان الصهيوني النازي المجرم بحق الشعب الإيراني، وبالأخص استهداف مبنى الإذاعة والتلفزيون الرسمي الإيراني، إضافة إلى استهداف المستشفيات والبنى التحتية المدنية، وارتكاب مجازر مروعة بحق الآمنين، ولا سيما من الأطفال والنساء والمدنيين. وأضافت الجهاد أن هذه الجرائم هي امتداد لجرائم الحرب التي يرتكبها الكيان المجرم بحق شعوب أمتنا، في لبنان وسوريا واليمن، وامتداد لحرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال بحق شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة والضفة المحتلة. وأكدت الجهاد على حق الشعب الإيراني العزيز في الدفاع عن نفسه وأرضه ووطنه، وعلى حقه في الرد، بكل الوسائل، على الجرائم الصهيونية وملاحقة المجرمين على امتداد أرضنا المحتلة. وتقدمت حركة الجهاد الإسلامي إلى الشعب الإيراني وقيادته وحكومته بأحر العزاء بشهدائه العظام، سائلين الله أن يمن على الجرحى بالشفاء العاجل، فإننا نشيد بما تقوم به الجمهورية الإسلامية من رد على العدوان، وجعل المعتدين يدفعون بعضاً من أثمان جرائمهم وتماديهم في الغي والطغيان.

الإمام الخامنئي: على الكيان الصهيوني أن ينتظر عقابًا شديدًا
الإمام الخامنئي: على الكيان الصهيوني أن ينتظر عقابًا شديدًا

فلسطين أون لاين

time١٣-٠٦-٢٠٢٥

  • فلسطين أون لاين

الإمام الخامنئي: على الكيان الصهيوني أن ينتظر عقابًا شديدًا

قال قائد الثورة الإسلامية في أعقاب العدوان الإسرائيلي على إيران: "لقد أعدّ الكيان الصهيوني بهذا العمل الإجرامي مصيراً مريراً وأليماً لنفسه، وسيناله حتماً." وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء بأنَّ الإمام السيد علي الخامنئي، قائد الثورة الإسلامية، أصدر رسالة إلى الشعب الإيراني العظيم، عقب الجريمة التي ارتكبها الكيان الصهيوني فجر اليوم الجمعة ضد إيران. ونص الرسالة كما يلي: أيها الشعب الإيراني العظيم! أقدم الكيان الصهيوني فجر اليوم على ارتكاب جريمة بيده الآثمة والملطخة بالدماء في بلدنا العزيز، وقد كشف عن طبيعته الخبيثة أكثر من أي وقت مضى عبر استهدافه للمراكز السكنية. على هذا الكيان أن يترقّب عقاباً شديداً. اليد القوية للقوات المسلحة للجمهورية الإسلامية لن تتركه وشأنه، بإذن الله. في هجمات العدو، نال الشهادة عدد من القادة والعلماء، وسيتولى خلفاؤهم وزملاؤهم مهامهم دون تأخير، إن شاء الله. لقد أعدّ الكيان الصهيوني بهذا العمل الإجرامي لنفسه مصيراً مريراً وأليماً، وسيناله حتماً. وصباح اليوم، أكد المتحدث باسم هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية ،أن الولايات المتحدة و"إسرائيل" ستدفعان الثمن. وقال "سنرد ردا قاسيا على الاعتداءات الإسرائيلية. وأعلنت إيران في وقت سابق، اغتيال حسين سلامي قائد الحرس الثوري إلى جانب اللواء غلام علي رشيد، قائد مقر خاتم الأنبياء المركزي خلال الضربات الإسرائيلية. وفي ضربة موجّهة إلى الكادر العلمي الإيراني، أعلن التلفزيون الرسمي الإيراني مقتل العالمين النوويين البارزين فريدون عباسي ومحمد مهدي طهرانجي في الغارات الإسرائيلية. كما أعلن بعد ذلك إصابة علي شمخاني مستشار المرشد الإيراني في الهجوم. ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصدر عسكري أن "إسرائيل نفذت عمليتها في حي يقيم فيه كبار قادة الحرس الثوري الإيراني". كما نقلت القناة 13 عن ضباط في الجيش الإسرائيلي قولهم إن الضربة قد تكون حققت نتائج أفضل من المتوقع. وقالت نيويورك تايمز عن 4 مسؤولين إيرانيين قولهم إن "إسرائيل" هاجمت ما لا يقل عن 6 قواعد عسكرية حول طهران من بينها منشأة بارشين. ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصدر أمني تأكيده، أن الضربة الافتتاحية شملت أهدافا للدفاع الجوي وصواريخ أرض أرض، وكانت واسعة النطاق لتصفية كبار المسؤولين الإيرانيين. المصدر / فلسطين أون لاين

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store