
تخصيب اليورانيوم
رغم أن تخصيب اليورانيوم عملية معقدة تقنيًا وبالغة الأهمية فى عالم الطاقة النووية، وأن مجرد ذكرها يتسبب فى أزمات عالمية كبرى، وأشهرها الأزمة الإيرانية- الأمريكية، إلا أن فكرة (التخصيب) ذاتها بسيطة للغاية، وشرحها صار ضرورة للقارئ الذى يسمع عنها وعن تداعياتها الكبيرة، دون أن يفهمها علميًا.
اليورانيوم هو عنصر كيميائى طبيعى يُستخرج من باطن الأرض، لكن خام اليورانيوم لا يكون صالحًا مباشرة للاستخدام فى المفاعلات النووية، وعليه لابد أن تجرى عليه بعض العمليات حتى يكون صالحًا فى المفاعلات النووية.
فاليورانيوم الموجود فى الطبيعة يتكون بشكل أساسى من نظيرين: (يورانيوم ٢٣٥ أو U-٢٣٥) و(يورانيوم ٢٣٨ أو U-٢٣٨). ويتم إنتاج الطاقة فى المفاعلات النووية من خلال عملية الانشطار أو انقسام ذرات (U-٢٣٥)، وهى عملية تُطلق فيها الطاقة على شكل حرارة، ما يمكن استخدامها فى العديد من الأنشطة، سواء السلمية أو غير السلمية.
إذن، النظير المسؤول عن إنتاج الطاقة فى المفاعلات النووية هو (U-٢٣٥)، ولكن هنا تأتى المعضلة، وهو أن هذا النظير يوجد بنسبة ضئيلة جدًا فى اليورانيوم الطبيعى، فحسب الرابطة العالمية لإنتاج الطاقة، فإن (U-٢٣٥) يوجد بنسبة ٠.٧٪ فقط فى اليورانيوم، بينما تتكون النسبة المتبقية البالغة ٩٩.٣٪ فى الغالب من نظير (U-٢٣٨)، وهو نظير لا يُساهم بشكل مباشر فى عملية الانشطار.
وبالتالى، فإنه كلما وُجدت نسبة أكبر من نظير (U-٢٣٥) فإن الطاقة المنتجة كانت أكبر، وعليه فإن مسألة زيادة هذا النظير هى المسماة بـ(التخصيب).
بمعنى أنه إذا خصبت إحدى الدول نظير اليورانيوم (U-٢٣٥) ورفعت نسبته من ٠.٧٪ إلى ما بين ٣٪ و٥٪، فهذا يعتبر (يورانيوم منخفض التخصيب)، ويمكن هنا استخدامه مثلاً كوقود.
أما إذا أرادت دولة من الدول استخدام التخصيب فى سلاح نووى، فإنها تحتاج إلى رفع نسبة (U-٢٣٥) من نسبته العادية ٠.٧٪ إلى ٩٠٪ أو أكثر!
وعملية (التخصيب) ذاتها، أو بمعنى أدق زيادة نسبة نظير اليورانيوم (U-٢٣٥) تحتاج إلى آلات خاصة جدًا لفصل الأنواع عن بعضها فى البداية، وزيادة الكمية المطلوبة من نظير اليورانيوم الضروروى لإنتاج الطاقة، وأكثرها استخدامًا اليوم هو طريقة الطرد المركزى، وفى هذه الطريقة، يتم تحويل اليورانيوم إلى غاز، ثم يُوضع فى أسطوانات تدور بسرعة عالية، وبسبب الفارق الطفيف فى الكتلة بين النظيرين (U-٢٣٥) و(U-٢٣٨)، يتجه الأثقل (U-٢٣٨) إلى أطراف الأسطوانة، بينما يبقى الأخف (U-٢٣٥) أقرب إلى المركز، وهنا يتم فصله تدريجيًا، ومن ثم زيادة تركيزه.
وتهتم دول العالم بمسألة تخصيب دولة لليورانيوم، لأن نفس التقنية التى تُستخدم لتوليد الكهرباء يمكن استخدامها أيضًا لصنع سلاح نووى، ولهذا فإن تخصيب اليورانيوم يُعد أمرًا حساسًا وخاضعًا للرقابة الدولية، وهناك وكالة عالمية هى الوكالة الدولية للطاقة الذرية تتابع كل دولة تقوم بهذه العملية لتتأكد أنها لا تصنع أسلحة نووية.
إن قرار تخصيب اليورانيوم لا يتعلق فقط بالعلم أو التقنية، بل يرتبط ارتباطًا مباشرًا بنوايا الدول وخياراتها الاستراتيجية، فبينما تستخدم بعض الدول التخصيب لتوليد الطاقة، تتجه دول أخرى نحو مستويات تخصيب عالية تثير الشكوك.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


١٨-٠٥-٢٠٢٥
رمزي الغزوي : جوقة الثرثرة الواثقة
أخبارنا : صحيح أنني لا أعرف من أين تبنع أنهار الثقة عند بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي في أيامنا هذه منطفئة الألوان، لكني أشعر كغيري من الصامتين، كيف تتدفّق هادرة تلك الثقة، دون أن تفرش على ضفتيها ولو خطاً من الاخضرار. لا أعرف من أين يأتيهم اليقين الأكيد ليمنحهم قدرات التنظير والحديث في كل شيء، بأسلوب فيه نفس يعلو على أنفاس العلماء العارفين. هؤلاء المتفوقون الواهمون يتسيّدون سنام المشهد ويُلوّحون بأرجلهم. هم يفهمون في كل شيء تقريبا، من قلي العوّامة وهريس البطاطا، إلى تخمير كعكة اليورانيوم الصفراء. ضالعون في شرح ركائز الاقتصاد الياباني وتقاطعاته مع الجارة الحمراء الصين الشعبية. خبراء في علم الطفولة، وخصائص المراهقين، وقادرون على تحديد أسباب تدني مدى الرؤية الأفقية عند تلعثم شروق الشمس في بطون الوديان. متمرسون في تفكيك جديلة الحمض النووي DNA، ويستطيعون مواءمة معادلات الطاقة استناداً إلى النظرية النسبية. ولن يفوتك أنهم أيضا فقهاء في الشريعة، وساسة يشرحون مآلات الصراع الروسي الأوكراني، وعارفون بمعنى الاستثمار والصناديق السيادية، ويقفون على أسباب توتر العلاقة بين هندوراس والسلفادور، ويربطون العلاقة بين الجنس الآري والأنجلوساكسون، ويعرفون ماذا يُباع في سوق العاصمة الطاجيكية دوشينبه حتى آخر تمثال صدئ للرفيق لينين. تجلّت في فضاءات مواقع التواصل ظاهرة «وهم التفوق» بكل ضروبها وصخبها. البعض بات لديه منصة يطلق منها ما يشاء، وكيف يشاء، دون أن يعي ما يقول. فرض هذا الفضاء أن يتكلم الجميع، فلا مكان للمتوقفين أو المنصتين، بل كل واحد بات يحاجج ويعلل ويحلل ويحرم ويقترح. وماذا ينقصه كي لا يفعل هذا؟ في المقابل، نرى أصحاب الاختصاص يُحجمون عن إبداء الرأي حتى لو كانوا عارفين، ويطلبون مهلة للتحليل والمراجعة. أما غيرهم، ففتواهم جاهزة غب الطلب، ويقينهم يوافيخ رؤوسهم. وهذا يذكّر بما كتبه برتراند راسل عن الأغبياء الواثقين، وما قاله داروين: إن الجهل غالبا ما يولّد ثقة أكثر من المعرفة. لذا، لا تستغرب تسيّد التافهين وركوبهم ذرى المشهد. لا تستكثر عدد المصفقين والمسبّحين بسطوتهم. لا تسأل من وضعهم في هذه المكانة. اغسل يديك وارح روحك، فنحن في زمن يعلي من شأن الرغام والخشب. ولا تتوقع منهم إلا مزيدا من الغرور بعد صمتك. بل لربما يضعونك دون قدرك، وقد قالها الإمام علي منذ قرون: «إذا وضعت أحدا فوق قدره؛ فتوقع منه أن يضعك دون قدرك». نحن في زمن العضلات الهوائية وفهلوة استعراضها، زمن يُقصي الجواهر، ويقبل بالزائف الرخيص. ــ الدستور

الدستور
١٧-٠٥-٢٠٢٥
- الدستور
جوقة الثرثرة الواثقة
صحيح أنني لا أعرف من أين تبنع أنهار الثقة عند بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي في أيامنا هذه منطفئة الألوان، لكني أشعر كغيري من الصامتين، كيف تتدفّق هادرة تلك الثقة، دون أن تفرش على ضفتيها ولو خطاً من الاخضرار. لا أعرف من أين يأتيهم اليقين الأكيد ليمنحهم قدرات التنظير والحديث في كل شيء، بأسلوب فيه نفس يعلو على أنفاس العلماء العارفين.هؤلاء المتفوقون الواهمون يتسيّدون سنام المشهد ويُلوّحون بأرجلهم. هم يفهمون في كل شيء تقريبا، من قلي العوّامة وهريس البطاطا، إلى تخمير كعكة اليورانيوم الصفراء. ضالعون في شرح ركائز الاقتصاد الياباني وتقاطعاته مع الجارة الحمراء الصين الشعبية. خبراء في علم الطفولة، وخصائص المراهقين، وقادرون على تحديد أسباب تدني مدى الرؤية الأفقية عند تلعثم شروق الشمس في بطون الوديان. متمرسون في تفكيك جديلة الحمض النووي DNA، ويستطيعون مواءمة معادلات الطاقة استناداً إلى النظرية النسبية.ولن يفوتك أنهم أيضا فقهاء في الشريعة، وساسة يشرحون مآلات الصراع الروسي الأوكراني، وعارفون بمعنى الاستثمار والصناديق السيادية، ويقفون على أسباب توتر العلاقة بين هندوراس والسلفادور، ويربطون العلاقة بين الجنس الآري والأنجلوساكسون، ويعرفون ماذا يُباع في سوق العاصمة الطاجيكية دوشينبه حتى آخر تمثال صدئ للرفيق لينين.تجلّت في فضاءات مواقع التواصل ظاهرة «وهم التفوق» بكل ضروبها وصخبها. البعض بات لديه منصة يطلق منها ما يشاء، وكيف يشاء، دون أن يعي ما يقول. فرض هذا الفضاء أن يتكلم الجميع، فلا مكان للمتوقفين أو المنصتين، بل كل واحد بات يحاجج ويعلل ويحلل ويحرم ويقترح. وماذا ينقصه كي لا يفعل هذا؟في المقابل، نرى أصحاب الاختصاص يُحجمون عن إبداء الرأي حتى لو كانوا عارفين، ويطلبون مهلة للتحليل والمراجعة. أما غيرهم، ففتواهم جاهزة غب الطلب، ويقينهم يوافيخ رؤوسهم. وهذا يذكّر بما كتبه برتراند راسل عن الأغبياء الواثقين، وما قاله داروين: إن الجهل غالبا ما يولّد ثقة أكثر من المعرفة.لذا، لا تستغرب تسيّد التافهين وركوبهم ذرى المشهد. لا تستكثر عدد المصفقين والمسبّحين بسطوتهم. لا تسأل من وضعهم في هذه المكانة. اغسل يديك وارح روحك، فنحن في زمن يعلي من شأن الرغام والخشب.ولا تتوقع منهم إلا مزيدا من الغرور بعد صمتك. بل لربما يضعونك دون قدرك، وقد قالها الإمام علي منذ قرون: «إذا وضعت أحدا فوق قدره؛ فتوقع منه أن يضعك دون قدرك». نحن في زمن العضلات الهوائية وفهلوة استعراضها، زمن يُقصي الجواهر، ويقبل بالزائف الرخيص.


٣٠-٠٤-٢٠٢٥
الأمير الحسن يؤكد أهمية التوصل إلى آلية للتعاون الإقليمي من أجل الأمن والاستقرار
أخبارنا : أكد سمو الأمير الحسن بن طلال رئيس المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا، أهمية التوصل إلى آلية للتعاون الإقليمي من أجل الأمن والاستقرار قائمة على التعددية والإنسانية المشتركة والواقع الجيوسياسي للمنطقة. جاء ذلك خلال اختتام أعمال ورشة عمل بعنوان "الأمن النووي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: مواكبة لعالم متطور"، اليوم الأربعاء، والتي نظمتها هيئة الطاقة الذرية الأردنية بالتعاون مع مبادرة التهديد النووي الأمريكية (NTI) والوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA). وبين سموه أن التعاون الإقليمي يعتبر ضرورة أخلاقية، إضافة إلى كونه ضرورة استراتيجية، مؤكدا أهمية النظر إلى المفهوم الأمني بنظرة شمولية، إذ لا يمكن معالجة السلامة النووية بمعزل عن غيرها من التحديات المتعلقة بالمياه والطاقة والغذاء والنظام البيئي. ونوه سموه إلى أن مستقبل الأمن النووي والأمن الإنساني قائم على الثقافة العلمية والتفاهم والحوار بين الثقافات والأجيال. وفي الجلسة الختامية، تحدث كل من نائب رئيس برنامج أمن المواد النووية التابع لمبادرة التهديد النووي سكوت روكر، ومديرة شعبة الأمن النووي التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية إيلينا بوغلوفا، وأكدا أهمية ورشة العمل في تعزيز التعاون الإقليمي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومشاركة الخبرات والتحديات وتبادل الأفكار والتطلعات لإعادة صياغة خطط الأمن النووي، والاستثمار في الأمن والاستقرار. وبالتزامن مع اختتام المؤتمر، أصدر سموه والمدير التنفيذي لمبادرة التهديد النووي ووزير الطاقة الأميركي الأسبق الدكتور إرنست مونيز بيانا أكدا فيه أهمية تبني روح التعاون في ظل تحديات الأمن النووي التي تتجاوز الحدود وتتطلب عملا جماعيا قائما على الثقة المتبادلة. كما أكد البيان أن ورشة العمل "تمثل خطوة حيوية نحو مواجهة تحد أمني عالمي ملح وهو إدارة الأدوات والتقنيات النووية الحساسة في بيئة جيوسياسية معقدة ومتطورة". وقال البيان، "نقدر تقديرا عميقا انضمام العديد من القادة من مختلف أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلينا في عمان لحضور هذه الورشة التاريخية، الأولى من نوعها التي تركز على الأمن النووي في المنطقة، ويمثل هذا التجمع خطوة حيوية نحو مواجهة تحد أمني عالمي ملح وهو إدارة الأدوات والتقنيات النووية الحساسة في بيئة جيوسياسية معقدة ومتطورة". وأشار البيان إلى أنه "في عصر تحده المخاطر المترابطة والمتداخلة، يعد التعاون الإقليمي اليوم أمر بالغ الأهمية خصوصا في مجال الأمن النووي"، مؤكدا أن استعداد الدول المشاركة لتبادل الخبرات وبناء شراكات عابرة للحدود دليل ملهم على المسؤولية المشتركة التي يتحملها الجميع لضمان مستقبل آمن ومستدام ومزدهر. كما أكد البيان، أن قيادة الأردن في استضافة هذه الورشة، ودوره الفاعل والمعترف به من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية كمركز للتميز في التطبيقات السلمية للطاقة النووية، يعكس التزام المملكة الدائم بتعزيز الحوار الإقليمي وتشجيع الحلول العملية والاستشرافية لحماية رفاهية المجتمعات وأمنها. وأشار البيان إلى أن المؤتمر ركز على موضوع الاستخدام السلمي للطاقة النووية كمحرك للأمن والاستقرار، وقد أقرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بقدرة الأردن على العمل كمركز تدريب للدول الناشئة في مجال التطبيقات السلمية للتكنولوجيا النووية. وقال إن هذه الورشة النادرة من حيث تناولها أولويات الطاقة النووية في الشرق الأوسط ومن المنطقة إلى العالم، تستند إلى الدعم الذي أحدثته المشاركات العالمية الأخيرة في اجتماعات مؤتمر الأطراف COP، وعلى عكس قمم المناخ، غابت اجتماعات الأمن النووي إلى حد كبير عن المنطقة، مما يزيد من أهمية هذه المبادرة. وأضاف البيان، إنه "مع التوقع بزيادة الاعتماد في الطاقة النووية لدعم التخفيف من آثار تغير المناخ وتحقيق أهداف أمن الطاقة، تقدم الأفكار التي نوقشت مسارا مستقبليا لضمان سير التوسع بأمان ومسؤولية، إضافة إلى ذلك تؤكد الرؤية الإقليمية التي طرحتها ورشة العمل على الفهم الثابت لضرورة الاعتماد على رابطة المياه والطاقة والغذاء والنظام البيئي وعلى الترابط بين الأمن الإقليمي والتنمية المستدامة والكرامة الإنسانية". وأكد أن الاعتماد على نهج رابطة المياه والطاقة والغذاء والنظام البيئي في مناقشات الأمن النووي يوفر إطارا شاملا لتحقيق الاستقرار في المنطقة من خلال التعاون بدلا من المواجهة، إذ تظهر هذه المبادرة قوة التعاون الإقليمي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وقدراته الواعدة في مجال الأمن النووي، مقدمة نموذجا يحتذى به في المناطق الأخرى. وقال البيان، "نشجع القادة حول العالم على تبني روح التعاون هذه، مدركين أن تحديات الأمن النووي تتجاوز الحدود وتتطلب عملا جماعيا قائما على الثقة المتبادلة، فليكن العمل المنجز هنا في عمان حافزا لمواصلة الشراكات الهادفة. معا، يمكننا بناء مستقبل تجنى فيه فوائد التقنيات النووية بأمان واستدامة، وتقلل فيه المخاطر من خلال الالتزام المشترك والحوار والاحترام المتبادل". --(بترا)