
ما موقفنا من الحرب بين إيران وإسرائيل؟
بعد إيران، الدور على مَنْ؟ استدعاء هذا السؤال ضروري لتقدير مواقف سياسية هادئة وعاقلة من الحرب التي تدور بين إسرائيل وإيران، صحيح، ثمة جراحات تاريخية وأخطاء عديدة وثقيلة، واحتمالات وحسابات وجيهة تدفع البعض، في بلدنا وعالمنا العربي، إلى وضع الطرفين (طهران وتل أبيب) في سلة واحدة، وربما تدفع آخرين إلى الشماتة بإيران وإشهار الرغبة بهزيمتها.
لكن لكي نفهم أكثر، ونقدّر مواقفنا بصورة أفضل، ثمة فرق بين عدوّ وعدوّ آخر، الاختلاف ليس في النوع، فقط، وإنما في الدرجة أيضاً، إسرائيل احتلت، ولا تزال، فلسطين، والجولان وجزءاً من جنوب لبنان، هزمت أمتنا مرات ومرات، ولديها مخطط معلن للاستفراد ببلداننا والهيمنة عليها، كما أن شهوة التوحش لديها لن تستثني احداً في المنطقة، والعالم يدعمها ويقف معها، إيران استهدفت حدودنا وتجرع أشقاؤنا الآلام بسبب أطماعها، بصماتها لا تزال شاهدة على جرائمها في اليمن ولبنان وسوريا والعراق، ولكننا على عمق خلافاتنا نتقاسم معها التاريخ، وربما نتقاسم معها المستقبل، حيث يمكن أن نتصالح إذا ما قدر للقوميات الثلاثة في هذه المنطقة (العرب والترك والفرس) أن تتلاقى للوصول إلى صفقة تاريخيّة، تخرجنا من كوارث 100 عام وأكثر من الحروب والصراعات، هذا إذا تمكن العرب من إنجاز مشروعهم، وتخلت ايران الجريحة عن إرثها التاريخيّ ضد جيرانها العرب.
لا يوجد عداوات مطلقة، ولا صداقات دائمة، في رمال السياسة المتحركة تضع الدول أقدامها حيث تكون مصالحها، مسطرة الحكم يجب ان تتعلق ببلدنا أولاً، وبما يخدم مصالحنا العليا اليوم وغداً، الخطاب الرسمي الأردني وضع هذه الحرب في سياقها الصحيح، اعتبرها عدواناً قامت به إسرائيل ضد إيران، التزم الأردن بالحياة الإيجابي، أصر على سيادة أراضيه ولم يسمح لأي طرف بانتهاكها، خطاب الملك أمام البرلمان الأوروبي شكل مرجعية سياسية وأخلاقية للعالم، وعكس مواقفنا مما حدث منذ 7 أكتوبر وحتى الآن، هذا التوازن يعكس جزءا من الإجابة عن الأسئلة الكثيرة التي تطرح، مثل مع من نقف، وأين مصالحنا، وماذا نتوقع بعد الحرب، وما هو دورنا القائم والقادم أيضاً..؟
للتذكير، فقط، في حرب السنوات الثمانية بين إيران والعراق، وقف الأردن مع العراق، لكن بعد أن تجرع الخميني السمّ آنذاك، ووافق على وقف الحرب (1988)، دعا المرحوم الملك الحسين، مطلع التسعينيات، كبار العلماء الشيعة والسنة للاجتماع في عمان، فانطلق من القصر الملكي أول لقاء بين أتباع المذاهب الإسلامية (استمر نحو عشرة أعوام )، في عام 2003، بعد غزو العراق، قام الملك عبدالله بزيارة إلى طهران، صحيح لم تكن العلاقات بين عمان وطهران دافئة على الدوام، فقد تخللتها في فترات عديدة موجات من التوتر وعدم الانسجام، وربما الصدام، لكن ظلت السياسة الأردنية تجاه إيران «غير عدائية»، كما كان للأردن دور مهم في محاولة عقلنة الخطاب الإيراني، وكبح جموح نفوذ طهران في المنطقة، ربما نجحنا أحيانا، وأخفقنا أحيانا أخرى.
لا مصلحة للأردن في أن تكون طرفاً في الحرب، أي حرب، ولا مصلحة في تصعيد خطابنا السياسي اتجاه أي دولة، إلا في إطار رد الاعتداء، أكيد، ايضاً، لا مصلحة للأردن في انتصار إيران، كما أن انتصار تل أبيب بالنسبة لبلدنا كارثة، المعادلة يجب أن تكون في إطار ترتيب الأعداء وتحديد مصادر التهديد، ثم تقدير الخسارات والاثمان السياسية التي تترتب فيما بعد، إذا كان انتصار طهران ليس في مصلحتنا، فإن انتصار تل أبيب يشكل خطرا إستراتيجيا على بلدنا والمنطقة، وفق هذا الميزان يمكن أن نحدد مواقفنا وخياراتنا أيضا.
أعرف، تماما، محددات حركتنا السياسية، وإمكانياتنا، أعرف، أيضا، حجم المخططات التي بدأت تتضح خيوطها لإعادة ترتيب (تمزيق) المنطقة، وما يدور في الإقليم من تحالفات قد لا يكون لنا مصلحة بالدخول فيها، لكن ما يجب أن نفهمه، خاصة عند بناء خطابنا السياسي والإعلامي، أو عند محاولة صناعة رأي عام أردني حول هذه الحرب، وما بعدها، هو أن الأردن يدور في فلك مصالحه العليا أولاً، الحياد الإيجابي هو القاعدة التي تحكم سلوكه السياسي، إسرائيل تشكل خطراً وجودياً على بلدنا والمنطقة، إيران مصدر خطر وتهديد، الهدف الذي نسعى لتحقيقه هو البحث عن النجاة من هذه الحروب والصراعات، الدور الذي نقوم به هو المساهمة بوقف الحرب وإعادة السلام والتفاهم إلى شعوب ودول هذه المنطقة، وبالتالي يمكن للعالم الاعتماد على بلدنا، كما قال الملك، أمام البرلمانيين الأوروبيين.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جفرا نيوز
منذ 12 دقائق
- جفرا نيوز
بعد الضربات الموجعة... الموساد يناشد الإيرانيين التعاون معهم
جفرا نيوز - أعلنت السلطات الإيرانية اليوم الخميس اعتقال 18 "عميلاً للعدو" كانوا يصنعون طائرات مسيرة في مدينة مشهد شمال شرق البلاد، وفق ما أفادت وسائل إعلام إيرانية. فيما وجهت وزارة دفاع الاحتلال مساء أمس دعوة للإيرانيين عبر موقع إكس، من أجل التعاون مع الجانب الإسرائيلي، من خلال نشرها رابطاً لموقع الموساد. كما أشارت إلى أنها تتفهم "الوضع الصعب" الذي يواجهه المواطنون الإيرانيون. وأكدت في منشور على حسابها بالفارسية، أنها تلقت العديد من الرسائل من إيرانيين قلقين بشأن مستقبل بلادهم الغامض، من بينهم "أعضاء في الأجهزة الأمنية يُعربون عن خوفهم ويأسهم وغضبهم مما يحدث في إيران، ويطلبون التواصل مع السلطات الإسرائيلية، حتى لا تُلاقي إيران مصيرًا كلبنان أو غزة"، وفق زعمها. شهروندان عزیز ایران, ما وضعیت سخت شما را در سایه شرایط دشواری که رژیم برایتان ایجاد کرده، درک میکنیم. در روزهای اخیر پیامهای زیادی از سوی عزیزانی دریافت میداریم که از آینده نامعلوم کنونی نگران اند. حتی کسانی که خود را از اعضای نهادهای امنیتی رژیم معرفی میکنند، احساس ترس،… — ارتش دفاعی اسرائیل | IDF Farsi (@IDFFarsi) ">June 18, 2025 رابط لموقع الموساد و"نصيحة" إلى ذلك، أوضحت الوزارة الإسرائيلية أنها ليست "الجهة المختصة بمثل هذه الطلبات"، لكنها أحالت المبلغين إلى رابط لموقع الموساد الإلكتروني. ونصحت باستخدام شبكة افتراضية خاصة (VPN) خارجية فقط. وكانت السلطات الإيرانية أعلنت على مدى الأيام الماضية اعتقال عشرات المتعاونين مع الجانب الإسرائيلي وتفكيك مصانع لتجهيز الطائرات المسيرة، من أجل تنفيذ هجمات في البلاد. كما نشرت وسائل إعلام رسمية مشاهد لملاحقة شاحنات تحمل مسيرات إسرائيلية، فضلا عن توقيف "عملاء" للموساد. يشار إلى أن الهجمات الإسرائيلية كانت أظهرت مدى تسلل الاستخبارات الإسرائيلية داخل إيران وقدرتها على شن هجمات من قلب الأراضي الإيرانية. فيما كشفت مصادر مطلعة سابقا، عن تسلل عناصر من الموساد منذ أشهر إلى داخل إيران، وتدريب فرق عدة، فضلا عن إدخال قطع مسيرات عبر رجال أعمال وجهات تجارية محلية دون علمها، في سيناريو شبيه بما حصل مع حزب الله في لبنان الصيف الماضي، عبر ما عرف بعملية "البيجر"، التي تفجرت بمئات من عناصر الحزب.


جفرا نيوز
منذ 13 دقائق
- جفرا نيوز
رادار الحكومة على قوانين الإدارة المحلية
جفرا نيوز - إنفاذا لما ورد في كتاب التكليف السامي والبيان الوزاري لحكومة الدكتور جعفر حسان بخصوص مراجعة وتجويد منظومة التشريعات المتعلقة بالإدارة المحلية، بدأت الحكومة عقد اجتماعات لمناقشة التوصيات المتعلقة بهذا الأمر منذ مطلع شهر حزيران الحالي. وعقدت اللجنة الفرعية للإدارة المحلية المنبثقة عن اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية "لجنة التوصيات المقترحة للتشريعات المرتبطة بتطوير الإدارة المحلية" اجتماعا لمناقشة التوصيات الواردة في وثيقة تحديث المنظومة السياسية ومدى انسجامها مع خارطة طريق تحديث القطاع العام ورؤية التحديث الاقتصادي. وستواصل اللجنة حواراتها ومناقشاتها وعقد الاجتماعات تباعا خلال المرحلة المقبلة، لمناقشة التوصيات والاستماع إلى مختلف الآراء حول آليات تطوير وتجويد منظومة التشريعات المتعلقة بالإدارة المحلية.

سرايا الإخبارية
منذ 17 دقائق
- سرايا الإخبارية
وزير الدفاع "الإسرائيلي": أوعزنا بزيادة حدة الضربات ضد أهداف استراتيجية في إيران
سرايا - قال وزير حرب كيان الاحتلال "الإسرائيلي"، يسرائيل كاتس، الخميس، إنه أصدر تعليمات مشتركة مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، تقضي بزيادة حدة الضربات العسكرية ضد أهداف استراتيجية داخل إيران، بما في ذلك مواقع حكومية في العاصمة طهران. واعتبر كاتس أن الهدف من هذا التصعيد هو "إزالة التهديدات وزعزعة نظام الملالي"، على حد تعبيره، في إشارة إلى النظام الإيراني.