logo
جامعة الغذاء.. من الصحراء إلى آفاق مستقبل الأمن الغذائي الرقمي

جامعة الغذاء.. من الصحراء إلى آفاق مستقبل الأمن الغذائي الرقمي

الدستور٠٩-٠٥-٢٠٢٥

الغذاء هوأساس الحياة، بل هو الحياة بأسرها، طعام وشراب أهل الجنة، منح الله سيدنا آدم عليه السلام نعيم الجنة كل ما تشتهيه الأنفس وتلذه الأعين قال تعالي في وصفها " فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى ۖ وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ "، وقال سبحانه وتعالي لآدم:" وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ " ومن شدة جمال الجنة وزينتها ونعيمها خاف آدم من زوالها " فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَىٰ "، " وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ "، " فَدَلَّىٰهُمَا بِغُرُورٍۢ ۚ فَلَمَّا ذَاقَا ٱلشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَٰتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ "، ثم أمرهم الله بالهبوط إلي الأرض " قَالَ ٱهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًۢا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّى هُدًى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَاىَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ ".
وقد ارتبط الغذاء بالدين والسياسة والثقافة، فمن الناحية الدينية: أنزل الله علي بني اسرائيل المن والسلوي، قال سبحانه "وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا رَزَقْناكُمْ " إلا أن النفوس اللئيمة أبت الرغد من العيش " وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا ۖ قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ۚ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ "، وقد أيد الله سيدنا عيسي عليه السلام بالعديد من المعجزات منذ مولده بدون أبٍ وكلامه في المهد بإذن الله تعالى وذلك لتبرئه أمّه، بل والكثير من المعجزات قالي سبحانه وتعالي:" وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّـهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللَّـهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين"، إلا أن الحواريون لم يقتنعوا بتلك المعجزات وطلبوا مائدة من السماء " إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ"، وقد ظهرت حكمة سيدنا يوسف عليه السلام في استقراء المستقبل بناءً على الرؤيا التي فسرها ووضع خطة محكمة لمواجهة سنوات القحط القادمة تقوم على أساس الادخار المنظم للطعام في سنبله ليحفظه أطول فترة ممكنة ويمنع تلفه "قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ"، ثم طلب سيدنا يوسف لنفسه الولاية "قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ" وطلبه للولاية لم يكن طمعًا في السلطة أو جاهًا، بل كان نابعًا من إدراكه لقدرته على إدارة موارد البلاد وحماية شعبها من المجاعة القادمة. فقد كانت حكمته مزدوجة: حكمة التنبؤ والتخطيط، حكمة القيادة والإدارة.
كما ارتبط الغذاء بالسياسة والحروب، ففي عام 30 ق.م ماتت كليوباترا وكانت أحوال مصر غير مستقرّة ويُمكن الاستيلاء عليها، احتلت الرومان مصر واستخدموها كوسيلة للحصول على الحبوب والخبز لعدّة قرون. حتى أن المنطقة كانت تسمّى "سلة الخبز" بسبب ثروتها من الحبوب. وفي القرن الثامن عشر وعلى خلفية ثورات الجياع التي شهدتها كل من باريس ولندن آنذاك، بنى القس والفيلسوف الإنجليزي روبرت مالثوس نظريته التي تقول بأن الموارد الطبيعية للكرة الأرضية لا تكفي سوى لإطعام عدد معين من الأشخاص، وإذ ازداد عدد سكان الأرض عن هذا الحد، فإن المجاعات والأوبئة والحروب ستكون كفيلة بتقليص عددهم إلى الحد المطلوب. بل أن الخبراء في مجال الغذاء والزراعة يحذروا من صراعات وحروب علي الغذاء والمياة، يقول الرئيس التنفيذي لشركة Olam Agri سوني فيرجيز، وهي شركة تجارة زراعية مقرها سنغافورة، ": "لقد خضنا حروبًا كثيرة على النفط. وسنخوض حروبًا أكبر على الغذاء والمياه".
ونظرا لتسارع وتيرة التغيرات المناخية والتحديات الديموغرافية، فقد استوردت مصر سلعًا تموينية استراتيجية بقيمة 11.5 مليار دولار، ولحوم ودواجن وأسماك بقيمة 1.2 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، مقابل 11.26 مليار دولار في الفترة نفسها من العام السابق، الأمر الذي جعل التفكير في مستقبل الغذاء ضرورة ملحة. اقترحت د. رشا شرف الأمين العام لصندوق تطوير التعليم تأسيس نموذج تعليمي جديدة فريد من نوعه وهي"جامعة الغذاء" كمفهوم يتجاوز حدود الزراعة التقليدية، ليشق طريقه نحو آفاق مستقبلية مبتكرة، مستفيدًا من كنوز الصحراء وتقنيات المياة الذكية. وبالفعل وافق مجلس إدارة صندوق تطوير التعليم برئاسة د. مصطفي مدبولي رئيس مجلس الوزراء بجلسته رقم 44 بتاريخ 19 ديسمبر 2024 علي إنشاء الجامعة، وتتضمن الجامعة تخصصات مبتكرة " تكنولوجيا المياة، الإنتاج الحيواني، الصناعات الغذائية، الزراعة الذكية" الدرون والروبوتات والاستشعار عن بعد والاقمار الصناعية في الزراعة والحساسات وغيرها من تكنولوجا الميكنة الزراعية، سلامة الغذاء" وقد لقيت الفكرة استحسانا وانبهارا من قبل المتخصصين في هذا المجال أمثال إتحاد الصناعات الغذائية واتحاد الغرف التجارية، والهيئة العامة للاستثمار وبعض سفراء الدول العربية والأوروبية الذين أكدوا علي ضرورة السرعة في تنفيذ الجامعة لاحتياج سوق العمل إلي خريجين مدربين ومؤهلين في كافة الصناعات الغذائية.
فقد تبدو الصحراء للوهلة الأولى قاحلة وغير منتجة، لكنها في الواقع تخبئ إمكانيات هائلة لم يتم استغلالها بشكل كامل بعد. فبواطنها تختزن مياهًا جوفية يمكن إدارتها بكفاءة، وشمسها الساطعة توفر طاقة متجددة لا تنضب. بالإضافة إلى ذلك، تزخر الصحراء بنباتات فريدة قادرة على التكيف مع الظروف القاسية، والتي يمكن أن تكون مصدرًا لأغذية وعلاجات جديدة. كما أن تطوير سلالات نباتية مقاومة للملوحة والجفاف، باستخدام التقنيات الحيوية والهندسة الوراثية، يفتح آفاقًا جديدة لزراعة مستدامة في هذه البيئات الصعبة، يمكن أن يحول أجزاء من الصحراء إلى واحات خضراء منتجة.
إن "جامعة الغذاء" ليست مجرد فكرة مجردة، بل هي صرح علمي طموح ورؤية متكاملة تجمع بين استغلال مواردنا الطبيعية بكفاءة، وتبني أحدث التقنيات، وتطوير حلول مبتكرة للتحديات الغذائية المستقبلية. إنها منصة للتحول الرقمي في مجال الغذاء ودعوة للبحث العلمي والتعاون بين الجامعات المصرية والدولية والمؤسسات البحثية والقطاع الخاص، وتبادل الخبرات في عصرنا الرقمي. والعمل على بناء "فقرة رقمية" متكاملة تشمل منصات تعليمية إلكترونية تفاعلية، ومكتبات رقمية ضخمة، وشبكات تواصل مع الباحثين والخبراء حول العالم. تتيح هذه البنية الرقمية للطلاب والباحثين الوصول إلى أحدث الدراسات والأبحاث، والمشاركة في دورات تدريبية وورش عمل عن بعد، وتبادل الأفكار والابتكارات مع نظرائهم في مختلف أنحاء العالم. بهدف خلق نظام غذائي مستدام وآمن وصحي للأجيال القادمة.
وعلي الرغم من اهتمام جامعة الغذاء بالزراعة الدقيقة باستخدام أجهزة الاستشعار عن بعد، والطائرات بدون طيار (الدرونز)، وتحليل البيانات الضخمة لمراقبة المحاصيل والتربة بدقة، وتحديد الاحتياجات الفعلية من المياه والأسمدة، مما يقلل الهدر ويزيد الإنتاجية، التحسين الوراثي والتكنولوجيا الحيوية، الزراعة العمودية والمائية، استخدام الروبوتات في عمليات الزراعة المختلفة، من الزراعة والحصاد إلى المراقبة والتعبئة، وتحلية مياه البحر والمياه الجوفية المالحة، باستخدام أحدث التقنيات النانوية والأغشية الذكية، وحصاد المياه من مصادر غير تقليدية باستكشاف وتطوير تقنيات مبتكرة لحصاد الرطوبة من الهواء والندى، مع ضمان أعلى معايير السلامة البيئية. فلا يقتصر دور "جامعة الغذاء" على الإنتاج الزراعي المستدام وتوفير المياه فحسب، ولكن أيضا استخدام تقنيات تتبع متقدمة مثل البلوك تشين لضمان سلامة وجودة الأغذية، وتوفير معلومات شفافة للمستهلك حول مصدرها ورحلتها، واستخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الغذائية وتقديم توصيات مخصصة للمستهلكين حول التغذية الصحية والمستدامة.
إن هذه التجربة التي تحمل رؤية متكاملة لتنير دروب المستقبل، وتحويل الصحراء من أرض قاحلة إلى مصدر للخير والبركة، وتوظيف المادة الذكية لخدمة الأمن الغذائي العالمي. إنها رحلة طموحة، لكنها ممكنة بالإرادة والعلم والعمل الجاد، وتحتاج إلي تكاتف الجهات المختصة لدعمها وسرعة الإنتهاء من إنشائها.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ما سر رقم 10 في القرآن وعلاقته بالأيام والليالي العشر؟.. عمرو الورداني يكشف
ما سر رقم 10 في القرآن وعلاقته بالأيام والليالي العشر؟.. عمرو الورداني يكشف

مصراوي

timeمنذ 43 دقائق

  • مصراوي

ما سر رقم 10 في القرآن وعلاقته بالأيام والليالي العشر؟.. عمرو الورداني يكشف

في أول الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة، كشف الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، عن أحد أسرار القرآن الكريم، وهو رقم 10 الذي ذكره القرآن في أكثر من موضع. وقال الورداني إن حديث سيدنا عبدالله بن عباس رضي الله عنهما عن النبي ﷺ: «ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر»، يحمل في طياته لمحات روحية عظيمة ينبغي الوقوف عندها، مشيرًا إلى أن هذه الأيام ليست مجرد أرقام تُعدّ، بل هي تجليات رحمة إلهية وفضل عظيم. وأضاف أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حلقة برنامج «مع الناس»، المذاع على قناة الناس، اليوم الأربعاء: «ربنا سبحانه وتعالى لما يحب يظهر حبه، يختار رقم 10، وده مش رقم للعدّ، لكن رقم يدل على التمام والكمال، الحسنة بعشر أمثالها، والعشر الأوائل من ذي الحجة رقمهم مش صدفة، لأن الرقم ده بيعبر عن عطاء كامل، بل عطاء مفتوح لا يُحدّ». وأوضح الورداني أن اختيار الله تعالى لمفهوم «العشرة» – سواء في الأيام أو الليالي – فيه دلالة على الإطلاق لا التقييد، مشيرًا إلى أن الثواب في هذه الأيام لا يمكن حصره أو تصوره، مستشهدًا بقوله تعالى: «فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين». وتابع أمين الفتوى: «الجميل كمان إن النبي ﷺ لما اتكلم عن العشر، ما قالش إنها بس أيام فاضلة، لكن قال إنها (أحب) الأيام إلى الله، ودي كلمة فيها مشاعر عظيمة. يعني الأيام دي مش بس فيها أجر، لكن فيها حب من ربنا سبحانه وتعالى». ونصح الورداني بأنه علينا أن نستعد لهذه الأيام بنفس مقبلة على الله، لا تسعى فقط للثواب، بل تسعى لأن تدخل في دائرة الحب الإلهي، مضيفًا: «دي أيام فيها نداء رباني لكل واحد فينا، بيقول له: تعالى، ده وقت القرب، ووقت الرحمة، ووقت المغفرة». وختم الدكتور عمرو الورداني: «من يفهم روح هذه الأيام، سيعلم أنها ليست (عشر أيام) نعدها وننتهي، ولكنها لحظة من الزمن يُفتح فيها باب من السماء لا يُغلق، إلا وقد كُتبت لك فيها سعادة الدنيا والآخرة. فتعالوا نغتنمها بحب، قبل أن تنقضي».

دعاء دخول عشر ذي الحجة 1446 هـ.. أدعية مستحبة تجلب الخير والبركة والغفران
دعاء دخول عشر ذي الحجة 1446 هـ.. أدعية مستحبة تجلب الخير والبركة والغفران

الدستور

timeمنذ ساعة واحدة

  • الدستور

دعاء دخول عشر ذي الحجة 1446 هـ.. أدعية مستحبة تجلب الخير والبركة والغفران

تزامنًا مع حلول أول أيام شهر ذو الحجة 1446 هـ، والذي وافق اليوم الأربعاء 28 مايو 2025، بدأ المسلمون في مختلف أنحاء العالم في التوجه إلى الله بالدعاء والتقرب بالعبادات والطاعات، سعيًا لنيل الأجر والثواب في هذه الأيام المباركة التي أقسم الله بها في القرآن الكريم 'وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ'. دعاء دخول عشر ذي الحجة 1446 هـ.. أدعية مستحبة تجلب الخير والبركة والغفران وقد أعلنت دار الإفتاء المصرية أن الأربعاء هو أول أيام شهر ذو الحجة لعام 1446 هجريًا، داعية المسلمين إلى الإكثار من الأعمال الصالحة واغتنام هذه الفرصة المباركة بالتوبة والدعاء، لما لها من فضل عظيم عند الله سبحانه وتعالى. دعاء النبي في العشر الأوائل من ذي الحجة من الأدعية الجامعة التي أوصى بها الرسول صلى الله عليه وسلم في مثل هذه الأيام، ما يعرف بـ 'دعاء الكوامل الجوامع'، والذي جاء فيه: 'اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله، ما علمتُ منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله، ما علمتُ منه وما لم أعلم، اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك، وأعوذ بك من شر ما استعاذ منه عبدك ونبيك…' إلى آخر الدعاء المعروف. أدعية مستحبة تجلب الخير والبركة فيما يلي مجموعة من الأدعية المستحبة التي يمكن ترديدها خلال العشر الأوائل من شهر ذو الحجة: • اللهم بلغنا عشر ذي الحجة واجعل لنا فيها نصيبًا من الرحمة والمغفرة والقبول. • يا رب، اجعل هذه الأيام بابًا للرزق، وراحةً للقلوب، وتوبةً نصوحًا تُرضيك عنا. • اللهم ارزقنا فيها الإخلاص، والعمل الصالح، واملأ قلوبنا نورًا وسلامًا. • اللهم اجعلنا ممن وفّق للصيام، والقيام، والذكر، وتقبل منا يا أرحم الراحمين. فضل الأيام العشر من ذي الحجة أكدت دار الإفتاء أن هذه الأيام أفضل أيام الدنيا، وفيها تتضاعف الحسنات وتُغفر السيئات، ويُستحب فيها الإكثار من الصيام، لا سيما يوم عرفة، والذكر، والدعاء، والصدقة، وسائر الأعمال الصالحة. كما أشارت إلى أن العمل الصالح في هذه الأيام أحب إلى الله من أي وقت آخر.

ما حكم الأضحية بالشاة المغصوبة؟.. "دار الإفتاء تجيب
ما حكم الأضحية بالشاة المغصوبة؟.. "دار الإفتاء تجيب

تحيا مصر

timeمنذ ساعة واحدة

  • تحيا مصر

ما حكم الأضحية بالشاة المغصوبة؟.. "دار الإفتاء تجيب

حكم الأضحية بالشاة المغصوبة من الأسئلة التي تتردد في الحج، لمعرفة رأي الشرع الحنيف، خوفا من الوقوع في المحظور وعدم إتمام فريض الحج كما يجب. وورد إلى دار الإفتاء سؤال يقول صاحبه: ما حكم الأضحية بالشاة المغصوبة؟ وأجاب على السائل الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية السابق عبر الموقع الرسمي لدار الإفتاء قائلا: الأضحية قربة من القربات، والله طيب لا يقبل إلَّا طيبًا، ومع ذلك فتجزئ التضحية بالشاة المغصوبة وتكون صحيحة شرعًا بشرط ضمان قيمتها لصاحبها، على ما ذهب إليه الحنفيَّة والمالكيَّة ومَن وافقهم. بيان المراد بالأضحية الأضحية في اللغة: مشتقة من الضحوة، وتُطلق على ما يُذبح من الأضاحي؛ حيث سميت بأول زمان فعلها وهو الضحى، وتضم همزتها وتكسر، وفيها لغات أخرى. ينظر: "المصباح المنير في غريب الشرح الكبير" للعلامة الفيومي (2/ 359، ط. المكتبة العلمية). والأضحية في اصطلاح الفقهاء هي: اسم لما يذبح من النَّعم تقربًا إلى الله تعالى بشروط مخصوصة. يُنظر: "مغني المحتاج" للإمام الخطيب الشربيني (6/ 122، ط. دار الكتب العلمية). حكم الأضحية بالشاة المغصوبة وبيان أقوال الفقهاء في ذلك النَّعم هي: الإبل والبقر -وتشمل الجواميس- والغنم -وتشمل الضأن والماعز-، فلا تصح إلا من هذه الأجناس الثلاثة؛ لقوله تعالى: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾ [الحج: 34]. وينبغي أن تكون الأضحية من المال الحلال الطيب؛ لأنَّ الأضحية قربة من القربات، والله طيب لا يقبل إلا طيبًا، ولقد اختلف الفقهاء في حكم التضحية بالشاة المغصوبة، حيث يُشترط في الأضحية أن تكون مملوكة للمضحي وقت الذبح، فلا قربة في الذبح بملك الغير. فذهب الحنفيَّة والمالكيَّة إلى أَنَّ الغاصب إذا ضَمِنَ قيمة الشاة المغصوبة وعوض عنها المالك أجزأته عن الأضحية؛ لأنَّ اختيار الضمان أو أداءه يُثبت له الملك من وقت الغصب، فيكون مالكًا عند الذبح. قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (5/ 76، ط. دار الكتب العلمية): [وَإِنْ ضَمَّنَهُ صَاحِبُهَا قِيمَتَهَا حَيَّةً؛ فإنها تُجزي عن الذابح؛ لأنه مَلَكَهَا بالضمان من وقت الغصب بطريق الظهور والاستناد؛ فصار ذابحًا شاة هي مِلْكُهُ؛ فتُجزيه لكنه يأثم؛ لأن ابتداء فعله وقع محظورًا، فتلزمه التوبة والاستغفار، وهذا قول أصحابنا الثلاثة] اهـ. وقال العلَّامة الحطاب المالكي في "مواهب الجليل" (3/ 253، ط. دار الفكر): [(الثاني): اختلف لو غصب شاة وذبحها وأخذ ربها منه القيمة: هل تجزيه لأنه ضمنها بالغصب، أو لا لأن هذا ضمان عدوان؟ عبد الحق: والأول أبين، انتهى من "التوضيح"] اهـ. وقال العلَّامة المواق المالكي في "التاج والإكليل" (4/ 385، ط. دار الكتب العلمية): [وفي "النكت": لو غصب شاة وضحى بها وأخذ ربها منه القيمة أنها تجزئه أضحية. ابن يونس: وقال ابن المواز: قول ابن القاسم: إنها لا تجزئ عنه إذا غرم قيمتها، من كتب المجالس التي لم تدبر، وأحب إليَّ أن تجزئ أضحية عن ذابحها إذا اختار ربها أخذ القيمة] اهـ. وذهب الحنابلة إلى عدم جواز التضحية بالشاة المغصوبة وإلى عدم إجزائها عن الغاصب أو المالك سواء رضي أو لم يرض، أو عَوَّضَه الغاصب عنها قيمتها أو لم يعوضه. قال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (3/ 461، ط. مكتبة القاهرة): [فصل: إذا غصب شاة، فذبحها عن الواجب عليه لم يُجْزِهِ، سواء رَضِيَ مالكها أو لم يرضَ، أو عَوَّضَه عنها أو لم يُعَوِّضْه. وقال أبو حنيفة: يُجزئه إن رضي مالكها، ولنا: أن هذا لم يكن قربة في ابتدائه؛ فلم يصر قربة في أثنائه؛ كما لو ذبحه للأكل ثم نوى به التقريب، وكما لو أعتق ثم نواه عن كفارته] اهـ. وقال العلَّامة المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (4/ 94، ط. دار إحياء التراث العربي): [فإن نوى الذابح بالذبح عن نفسه مع علمه بأنها أضحية الغير: لم يجزئه، لغصبه واستيلائه على مال الغير، وإتلافه له عدوانًا] اهـ. وبمثل ما قال الحنابلة قال زفر من الحنفيَّة، ونُقل عن الشافعي رضي الله عنه. قال العلامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" (5/ 76، ط. دار الكتب العلمية): [لا تُجزي عن الذابح أيضًا بناء على أن المضمونات تملك بالضمان عندنا، وعند زفر لا تملك، وبه أخذ الشافعي] اهـ. الخلاصة بناء عليه: فالأضحية قربة من القربات، والله طيب لا يقبل إلَّا طيبًا، ومع ذلك فتجزئ التضحية بالشاة المغصوبة وتكون صحيحة شرعًا بشرط ضمان قيمتها لصاحبها، على ما ذهب إليه الحنفيَّة والمالكيَّة ومَن وافقهم.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store