
حتى تكتمل الصورة «1»
سعدت كثيرًا باهتمام الأستاذ أحمد المسلمانى، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، بتطوير إذاعة القرآن الكريم، ونقله بعض البرامج إلى إذاعات أخرى، مثل «برنامجى وزير الأوقاف السابق الدكتور محمد مختار جمعة والدكتور حسام موافى»، وأيضًا قراره بخلو الإذاعة من الإعلانات، وهذا الاهتمام يصب فى مصلحة مدرسة التلاوة المصرية العريقة، التى ظللت العالم بأعذب الأصوات على مدار قرن من الزمان.
بالطبع توجد أسماء أكثر شهرة من غيرها، ويأنس المستمع لها، ولكن توجد غيرها لا تقل جمالًا، ولأسباب ما لم تأخذ المساحة الكافية فى الماضى، ولكن عشاق هذا الفن يعرفون قدرها، ويبحثون عنها فى أماكن أخرى، ولأننا على أعتاب شهر رمضان الكريم سأحاول التذكير بفضل هؤلاء ومنجزهم، وربما يكون الدافع إلى هذا سؤال للصديق والزميل فى الأهرام محمود القيعى عن سبب استبعاد صوت الشيخ يوسف كامل البهتيمى من الخريطة الجديدة.
هذه الإذاعة موجودة فى كل بيت، وكلما تحسن أداؤها تحسن المزاج العام، ونجحت فى طرد الأصوات الدخيلة التى تسللت فى ذروة المد السلفى فى الثمانينيات، وأنا مثل الآخرين أحب نجوم هذا الفن، وأحتفظ بتسجيلاتهم النادرة، على رأسهم الشيخ مصطفى إسماعيل، وطوال عمرى أبحث فى سيرتهم وأكتب عنهم، وأشعر بامتنان لوجودهم فى حياتى، ألجأ إليهم فى لحظات الارتباك فتصفو روحى، وأحيانًا يخطفنى صوت غير مألوف، فأبحث عنه وأتتبع مسيرته وأضعه فى ركن دافئ فى وجدانى، وهذا ما حدث مع البهتيمى قبل عشر سنوات تقريبًا.
وجدتنى أمام صوت قادم من أزمنة قديمة تحمل رائحة الإيمان الخام، صاحب حنجرة فولاذية كما كتب أحدهم، وقلب رهيف، اسمه محمد زكى يوسف، المولود سنة ١٩٢٢ فى بهتيم بمحافظة القليوبية التى سُمى اسمه بها، مثل قراء زمنه التحق بالكُتاب وهو فى السادسة، وأتم حفظ القرآن وهو فى العاشرة، لم يلتحق بمعهد أو مدرسة نظامية، وتعلم أحكام التلاوة من الاستماع لكبار المقرئين، وكان عنيدًا منذ صغره، يذهب إلى مسجد فى قرية عزبة إبراهيم بك المجاورة لبهتيم ليقرأ القرآن قبل صلاة العصر دون أن يأذن له أحد بذلك، ومرة طلب من مؤذن المسجد رفع الأذان ولكن الشيخ رفض، فراح الطفل الصغير «البهتيمى» يقرأ بصوت مرتفع لكى يجذب انتباه المصلين الذين سرعان ما التفوا حوله، فسمح له برفع الأذان تشجيعًا له.
الشيخ كامل قال فى حوار معه: «كنت أذهب للمسجد لكى أدرب صوتى على تلاوة القرآن، مقلدًا الشيخين محمد سلامة ومحمد رفعت؛ لأثبت لمن يستمع إلىّ أننى موهوب»، بدأ يدعوه الناس فى المنطقة لإحياء بعض الحفلات فى المناسبات دون أجر، وكان يقلد رفعت وسلامة إلى مطلع الخمسينيات، إلى أن اكتشفه طبيب بيطرى كما حكى محمود السعدنى فى كتاب «ألحان السماء»، ثم تبناه بعد ذلك الشيخ محمد الصيفى مطلع ١٩٥٢، واستضافه فى بيته فى حى العباسية، وقدمه للناس على أنه اكتشافه، وبدأ يدفع به فى المحافل الكبرى التى يرتادها السميعة العتاة، التحق بالدراسة فى الأزهر لفترة قصيرة، لصعوبة الانتظام يوميًا، أحبه الشيخ رفعت أيضًا وكان يزكيه للقراءة فى المناسبات لدى الأعيان، عرفه الجمهور فى البداية كمنشد ومبتهل، وكان يحفظ عددًا كبير من ألحان كبار المنشدين، استقر فى القاهرة جوار الشيخ الصيفى، الذى طلب منه هو والشيخ على حزين التقدم للإذاعة لعقد امتحان أمام لجنة، لكنه رفض خشية أن يتم إحراجه لعدم دراسته علوم التجويد، كانا يعرفان أن موهبته الفطرية تفوق كثيرين ممن تعلموا فى المعاهد، تقدم ونجح بامتياز، وتوجد رواية أخرى تقول إن الأستاذ الجامعى أمين زاهر قدمه للإذاعى المعروف محمد فتحى سنة ١٩٣٨ وهو الذى ساعد فى اعتماده، ولكن الرواية الأولى أقرب للتصديق.
عُين فى مسجد عمر مكرم فى التحرير، وله تسجيلات جميلة فى إذاعات لندن ونيودلهى وسوريا والشرق الأدنى، وقرأ طوال شهر رمضان سنة ١٩٥٧ فى النادى المصرى فى السودان، وفى العام التالى فى فلسطين، كان الرئيس عبدالناصر يحب صوته هو ومعظم أعضاء مجلس قيادة الثورة، ويطلبونه بالاسم لإحياء معظم الحفلات التى كانت تقام بمقر الرئاسة، تحشرج صوت الشيخ كامل وهو يقرأ فى مأتم ببورسعيد سنة ١٩٦٧، وعجز عن مواصلة القراءة، ثم فقد النطق تمامًا، وتم إسعافه، ولكنه أصيب بشلل نصفى، حاول القراءة بعد ذلك ولكن صوته القوى الناصع كان قد فقد الكثير.
فى السادس من فبراير ١٩٦٩ أصيب بنزيف فى المخ بعد إحدى السهرات، وفارق الحياة بعد ساعات عن عمر ٤٧ عامًا.. ألف رحمة ونور على روحه.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ترافيل نت
منذ 16 ساعات
- ترافيل نت
الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف يطلع على مكونات حيّ حراء الثقافي والمقتنيات النادرة
زار معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله السند أمس، حي حراء الثقافي بمكة المكرمة. واطلع معاليه على مكونات الحي وفي مقدمتها معرض الوحي الذي يعرض قصص نزول الوحي على الأنبياء عليهم السلام، ومتحف القرآن الكريم الذي يعرف بكتاب الله ويبرز عظمته ومظاهر العناية به عبر مجموعة من المقتنيات النادرة ووسائل العرض المتنوع، مبديًا إعجابه بالإرث التاريخي الذي جسد بأحدث التقنيات والجهود القيمة والرسائل الهادفة المقدمة في سبيل إثراء تجربة الزوار الدينية والثقافية.


بوابة الفجر
منذ يوم واحد
- بوابة الفجر
المجلس الأعلى للشئون الإسلامية يصدر الترجمة الإنجليزية لكتاب "الأدب مع الله والخلق"
أصدر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ضمن سلسلة "رؤية للنشء" الترجمة الإنجليزية لكتاب "الأدب مع الله والخلق" في إطار جهود الدولة المصرية لنشر الوعي المستنير، وتعزيز القيم التربوية والثقافية الرفيعة بين النشء، أعلن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية عن صدور النسخة الإنجليزية من كتاب 'الأدب مع الله والخلق'، للكاتبة هناء عبد الهادي، وإخراج فني للدكتورة مها إبراهيم، ورسوم الفنان عمرو رجب؛ ضمن سلسلة "رؤية للنشء"، وذلك برعاية الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف؛ وإشراف الدكتور محمد عبد الرحيم البيومي الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية. ويمثل هذا الإصدار خطوة جديدة ضمن سلسلة "رؤية للنشء" التي تسعى إلى بناء وعي ثقافي وتربوي لدى الأطفال والبراعم، من خلال محتوى يتسم بالبساطة والعمق، ويخاطب العقول والقلوب في آنٍ واحد، ويُسهم في تعزيز الحضور الثقافي المصري في الفضاء العالمي بلغات متعددة. من جانبه قام وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهري بكتابة تصدير للكتاب استهله بقوله: "الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد... فإن الآداب هي مجموعة السلوكيات والأفعال والتصرفات التي تصدر منا بشكل حسن وصحيح ولائق، سواء كانت مع النفس أو مع الآخرين، وقد قدم لنا ديننا الحنيف من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة عددًا من الآداب الإسلامية التي تنظم حياتنا، وتحقق النفع لنا وللآخرين في مجتمعنا، فهناك الأدب مع الله - عز وجل -، والذي نحظى به بحبه ورضاه، وهناك الأدب مع رسولنا الكريم ﷺ، والذي يمكننا من الفوز بصحبته في الجنة، وهناك آداب أخرى تغطي جوانب أخرى في حياتنا، كالأدب مع الوالدين، والأدب مع المعلم، والأدب مع الناس، وأدب الحديث إلى غيرها من الآداب المتعلقة بحياتنا ومعاملاتنا اليومية، ويسعدنا أبنائي أن نقدم من خلال هذا الكتاب عددًا من هذه الآداب وغيرها في قالب قصصي مبسط برسوم، وألوان جاذبة تمكنك من فهمها فهمًا صحيحًا، ومعرفة كيفية تطبيقها في حياتك اليومية بشكل مبسط وسهل". كما أكد من خلال تصديره لهذا الكتاب على أنه يساعد في زيادة شغف القراءة والاطلاع، مما يحقق الارتقاء الفكري والثقافي لدى النشء، قائلًا: "أعلم أبنائي أن اختياركم لهذا الكتاب يؤكد على شغفكم بالقراءة والاطلاع في هذا الموضوع، ولذلك أتمنى لكم قراءة ممتعة تقدم لكم مزيدًا من المعلومات القيّمة، وأن يكون إضافة علمية موفقة لمكتبتكم". يأتي هذا الإصدار في سياق خطة طموحة تتبناها وزارة الأوقاف والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، بالتعاون مع وزارة الثقافة، تهدف إلى توسيع نطاق النشر بلغات متعددة، وتقديم محتوى تربوي وثقافي راقٍ، يناسب مختلف الفئات العمرية، داخل مصر وخارجها.


مستقبل وطن
منذ يوم واحد
- مستقبل وطن
«الأعلى للشؤون الإسلامية» يصدر الترجمة الإنجليزية لكتاب «الأدب مع الله والخلق»
في إطار جهود الدولة المصرية لنشر الوعي المستنير، وتعزيز القيم التربوية والثقافية الرفيعة بين النشء، أعلن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية عن صدور النسخة الإنجليزية من كتاب 'الأدب مع الله والخلق'، للكاتبة هناء عبد الهادي، وإخراج فني للدكتورة مها إبراهيم، ورسوم الفنان عمرو رجب؛ ضمن سلسلة "رؤية للنشء". جاء ذلك برعاية كريمة من الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف؛ وإشراف الدكتور محمد عبد الرحيم البيومي الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية. ويمثل هذا الإصدار خطوة جديدة ضمن سلسلة "رؤية للنشء" التي تسعى إلى بناء وعي ثقافي وتربوي لدى الأطفال والبراعم، من خلال محتوى يتسم بالبساطة والعمق، ويخاطب العقول والقلوب في آنٍ واحد، ويُسهم في تعزيز الحضور الثقافي المصري في الفضاء العالمي بلغات متعددة. من جانبه قام وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهري بكتابة تصدير للكتاب استهله بقوله: "الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد ... فإن الآداب هي مجموعة السلوكيات والأفعال والتصرفات التي تصدر منا بشكل حسن وصحيح ولائق، سواء كانت مع النفس أو مع الآخرين، وقد قدم لنا ديننا الحنيف من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة عددًا من الآداب الإسلامية التي تنظم حياتنا، وتحقق النفع لنا وللآخرين في مجتمعنا، فهناك الأدب مع الله - عز وجل -، والذي نحظى به بحبه ورضاه، وهناك الأدب مع رسولنا الكريم ﷺ، والذي يمكننا من الفوز بصحبته في الجنة، وهناك آداب أخرى تغطي جوانب أخرى في حياتنا، كالأدب مع الوالدين، والأدب مع المعلم، والأدب مع الناس، وأدب الحديث إلى غيرها من الآداب المتعلقة بحياتنا ومعاملاتنا اليومية، ويسعدنا أبنائي أن نقدم من خلال هذا الكتاب عددًا من هذه الآداب وغيرها في قالب قصصي مبسط برسوم، وألوان جاذبة تمكنك من فهمها فهمًا صحيحًا، ومعرفة كيفية تطبيقها في حياتك اليومية بشكل مبسط وسهل". كما أكد من خلال تصديره لهذا الكتاب على أنه يساعد في زيادة شغف القراءة والاطلاع، مما يحقق الارتقاء الفكري والثقافي لدى النشء، قائلًا: "أعلم أبنائي أن اختياركم لهذا الكتاب يؤكد على شغفكم بالقراءة والاطلاع في هذا الموضوع، ولذلك أتمنى لكم قراءة ممتعة تقدم لكم مزيدًا من المعلومات القيّمة، وأن يكون إضافة علمية موفقة لمكتبتكم". يأتي هذا الإصدار في سياق خطة طموحة تتبناها وزارة الأوقاف والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، بالتعاون مع وزارة الثقافة، تهدف إلى توسيع نطاق النشر بلغات متعددة، وتقديم محتوى تربوي وثقافي راقٍ، يناسب مختلف الفئات العمرية، داخل مصر وخارجها.