
مسلسلات رمضان ومسلسل نتنياهو في القدس
تهتمّ معظم الشعوب العربية خلال شهر رمضان المبارك بمتابعة المسلسلات التي تُعرض على الشاشات العربية والتي تغيب عنها القدس ويحضر بدلاً عنها مسلسلات تصنّف اجتماعية تتحدّث عن العادات والتقاليد الجديدة والمجدّدة وفساد بعض الموظفين وتجارة الآثار والمخدرات والثأر والفوارق العائلية والطبقية وأخلاق الراقصات…
القاسم المشترك بين هذه المسلسلات هو إصابة الناس بالخيبة والإحباط تجاه هموم وقضايا الوطن وآلامه وآماله، إضافة إلى تغييب تلك المسلسلات لقضية القدس بقرار يخضع له الرؤساء والوزراء والمخرجون والممثلون والمنتجون والكومبارس الملتزمون بالتعليمات الأمنية والسياسية العليا، حفاظاً على التطبيع الممتدّ من القاهرة إلى أنقرة، وعلى العلاقة مع الغرب الذي يسمح بعرض مسلسلات تثير الجدل والخلافات ويمنع عرض مسلسلات تتعلق بدراما الصراع مع الاحتلال بما قد يحوّل شهر رمضان المبارك إلى شهر القدس والمسجد الأقصى.
ومع انتشار مسلسلات رمضان في العالم العربي لوحظ بشكل واضح غياب القدس التي يعمل نتنياهو على إطلاق مسلسله ضدها مستغلاً تسمّر المؤلفين والمخرجين والمتفرّجين العرب أمام الشاشات ليقوم بعرض الحلقة الأولى من مسلسله والتي تبدأ بزيادة عمليات الاقتحام والتدنيس وصولاً إلى حلقة إحضار خمس بقرات حمراء من ولاية تكساس الأميركية ووضعها في مزرعة سرية قرب مدينة بيسان حتى تبلغ من العمر عامين ليتمّ ذبح إحداها على جبل الطور ونثر رمادها بعد أحراقها بخشب الزيتون على أكبر عدد من اليهود، كما يعدّ نتنياهو حلقة خاصة تتضمّن تصعيداً أمنياً وعسكرياً يغطي على فشله في الحرب على غزة والعدوان على لبنان، وهذا يعني أنّ الأوضاع في القدس والضفة الغربية والداخل الفلسطيني مرشحة للاشتعال…
ولا يترك الاحتلال الإسرائيلي فرصة للتضييق على الفلسطينيين وسط حالة من الفرجة والتخمة والخذلان، إلا ويستغلها حيث يقوم بإصدار أوامر الإبعاد عن المسجد الأقصى، بحق عدد كبير من المصلين بالتزامن مع تزايد أعداد المستوطنين الذين ينفذون اقتحامات وجولات استفزازية داخل باحات المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال التي تكثف من وجودها العسكري على الحواجز المحيطة بالقدس وإحكام قبضتها على 82 حاجزاً عسكرياً على طرقات تؤدي إلى القدس بعضها مغلق بسواتر ترابية وبوابات حديدية، وذلك لمنع حركة المصلين وإرهابهم خاصة في الأيام العشر الأواخر والجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك.
ويحارب نتنياهو في مسلسل عدوانه المستمر على القدس أيّ مشهد سياسي أو ديني أو ثقافي في المدينة بهدف طمس هويتها الصامدة بمواجهة كلّ محاولات التصفية والتهويد، وتحضيراً لهذا المسلسل قام نتنياهو بعقد اجتماعات أمنية وعسكرية تحت عنوان مواجهة أخطار شهر رمضان على أمن (إسرائيل) عبر نشر عشرة آلاف جندي وشرطي بمحيط المسجد الأقصى وفرض قيود تحدّد عدد وهوية وأعمار من «يحق» لهم الصلاة، وهذا المسلسل لا ينتهي مثل مسلسلات شهر رمضان على الشاشات العربية التي تبخل حتى بالدعاء للمقدسيّين والقدس وفلسطين لأنه مسلسل مستمرّ طالما استمرّ وجود الاحتلال في القدس وكلّ فلسطين.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الميادين
منذ 4 ساعات
- الميادين
ازدواجية الغرب في غزة.. بين التاريخ والواقع والرياء
من سايكس بيكو إلى وعد بلفور، ومن الانتداب البريطاني لفلسطين إلى قرار التقسيم، ومن حرب السويس 1956 إلى النكبة الثانية عام 1967، ومنها إلى جميع المواقف والقرارات التي اتخذتها، فقد أثبتت العواصم الغربية وبدرجات متفاوتة تحالفها المطلق مع الصهيونية العالمية التي فعلت ما فعلته، لا فقط في فلسطين، بل في الجغرافيا العربية برمتها. وكان مصدر قوة هذه العواصم في تعاملاتها مع القضايا العربية والإسلامية، هو تواطؤ أنظمتها، وفي الحد الأدنى، أنانيات وغباء وجهل الكثير من مثقفيها في مختلف المجالات . وجاء التغيير التكتيكي في مواقف بعض العواصم الغربية كبرلين وباريس وروما ولندن ليثبت هذه الحقيقة من جديد، في ظل الواقع العربي والإقليمي الذي شجع هذه العواصم على المزيد من الدعم لسياسات "تل أبيب" الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية. وشجعها ذلك أيضاً على الاستعجال في التطبيع مع حكام دمشق الجدد، مقابل تطبيعهم مع "تل أبيب" التي استمدت كل قوتها العسكرية والسياسية في حرب غزة من الدعم الأميركي والأوربي بكل تناقضاته. وهو ما استغله نتنياهو وحكومة الإرهاب العنصري، التي تمادت في إجرامها مع تجاهل مطبق من الأنظمة العربية التي اكتفت وكالعادة بالتهديد والاستنكار الكلامي. كما هي الحال عندما رفضت تل أبيب السماح لعدد من وزراء الخارجية العرب بزيارة رام الله ولقاء الرئيس محمود عباس. وهو ما تستغربه شعوب العالم الشريفة التي وقفت وتقف إلى جانب الشعب الفلسطيني، الذي لم تحرك الشعوب العربية والإسلامية ساكناً من أجله، كما لم تحرك ساكناً تجاه العدوان الصهيو/أميركي/ أوروبي على لبنان واليمن، وأخيراً في إيصال المجموعات الإرهابية إلى السلطة في دمشق، التي ستفتح أبوابها لعصابات الإجرام الصهيونية، لتحقق أحلامها اليهودية الدينية منها والأسطورية. وجاءت مواقف العواصم الأوربية خلال الأيام القليلة الماضية لتثبت هذه الحقيقة، التي انعكست بشكل واضح على تناقضات برلين في الدرجة الأولى والعواصم الأخرى بدرجات متفاوتة. فبعد الدعم المطلق الذي قدمته حكومة شولتس، التي كانت تضم الحزب الاشتراكي الديمقراطي مع حزب الخضر، للكيان الصهيوني المجرم، وهو ما يتناقض مع أسس ومبادئ الحزبين المذكورين فيما يتعلق بالسلام العالمي، لم تتأخر حكومة الثنائي المسيحي الديمقراطي /الاشتراكي الديمقراطي في التعبير عن مواقفها الداعمة للنظام العبري، الذي استغل ويستغل ذكرياته السيئة مع النازية الألمانية، التي استمر تحالف ورثتها مع أحفاد الصهيونية العالمية. فخلال حملته الانتخابية لم يتردد زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي فريدريش ميرتس في التعبير عن دعمه لتل أبيب، حيث قال إنه 'لن يتأخر في استقبال نتنياهو في برلين، كما لم يتأخر وزير خارجيته الجديد يوهان فاديفول في ذلك، على الرغم من اعتراضهما على ' سياسات التجويع في غزة". وتراجعا معاً عن هذا الاعتراض، حيث استبعد فاديفول "أي تغيير في مواقف برلين تجاه تل أبيب" على الرغم من انتقاده وانتقاد المستشار ميرتس لسياسات "إسرائيل" في غزة، وقال "نحن مقربون من إسرائيل ونقف إلى جانبها لا فقط تاريخياً، بل لأننا مسؤولون عن أمن إسرائيل ووجودها". اليوم 09:09 اليوم 08:53 تناقض الحكومة الألمانية التي أرسلت كل أنواع الأسلحة والمعدات العسكرية للنظام الصهيوني منذ اليوم الأول للحرب في غزة، لا يختلف في جوهره عن تناقضات باريس ولندن، عاصمتي سايكس بيكو وبلفور، ومعهما واشنطن صاحبة قرار التقسيم الاستعماري. فعلى الرغم من المد والجزر في مواقف الرئيس ماكرون والرد الإسرائيلي عليه بلهجات أشد، حيث اتهمت "تل أبيب" باريس بشنّ "حرب صليبية على الدولة اليهودية"، كما اتهمت لندن بانتهاج سياسات عنصرية ضد "الدولة العبرية، فالجميع يعرف دور ماكرون وستارمر (زوجته يهودية ) في الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة، منذ طوفان الأقصى مروراً بالعدوان على لبنان ثم اليمن، وأخيراً إسقاط النظام في دمشق وإيصال الجولاني إلى السلطة بعد تأهيله بريطانياً، وفق اعترافات السفير الأميركي السابق في دمشق روبرت فورد. ولحق به في التأهيل الرئيس ماكرون، الذي استضاف الجولاني باسمه الجديد، أحمد الشرع، في قصر الإليزيه في السابع من الشهر الماضي. وكل ذلك في محاولة منه ومن الزعماء الأوربيين الآخرين للتغطية على الدعم الأوروبي التقليدي للسياسات الاستعمارية والإمبريالية والصهيونية في المنطقة، التي لا ولن تعني غزة فقط، على الرغم من جوهرية القضية. فالرئيس ماكرون الذي قال "إن الغرب يخاطر بفقدان كل مصداقيته أمام العالم إذا تخلى عن غزة وسمح لإسرائيل بأن تفعل ما تشاء" ينسى أنه هو الذي يتآمر على المقاومة في لبنان، ويستنفر كل إمكانياته للسيطرة على القرار السياسي في دمشق، وكمنافس جدي لأنقرة ولندن وبرلين، بل وحتى روما التي لا تختلف رئيسة وزرائها ميلوني في تناقضاتها مع معظم حكام أوروبا. ويتسابقون فيما بينهم في السر والعلن، للتعبير عن تضامنهم مع الكيان العبري في حربه ضد "ارهاب الإسلام المتطرف" في غزة، كما يتسابقون فيما بينهم للاعتراف بالمجموعات التي كانوا يقولون عنها إنها "إسلامية متطرفة إرهابية" وهي الآن تحكم في دمشق. وأثبتت التطورات الأخيرة، أنها كانت وما زالت الهدف الأساسي في مجمل سيناريوهات الغرب الإمبريالي أوروبياً وأميركياً، ويسعيان معاً إلى الترويج لمواقفه "الإنسانية الكاذبة" فيما يتعلق بغزة. وكأًن القتل والإرهاب والإجرام مباح، ولكن التجويع " غير مقبول "، وبعد ثلاثين شهراً من المجازر والإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني . ويبقى الرهان في نهاية المطاف على مصداقية هذا الغرب الذي لو كان صادقا وحازماً في مقولاته ضد الكيان العبري، لقرّر إلغاء كل الاتفاقيات العسكرية والاقتصادية، بل وحتى السياسية، كورقة ضغط عملية قد تجبر حينها المجرم نتنياهو على التراجع عن مجازره، التي تؤدي يومياً إلى استشهاد العشرات من أطفال ونساء فلسطين، وأمام أنظار الرأي العام العربي والإسلامي. ونجحت السياسات الصهيونية، وبفضل الحكام المتواطئين وإعلامهم ومثقفيهم الذين باعوا ضمائرهم، في القضاء على المشاعر الوطنية والقومية والدينية بل وحتى الإنسانية لمعظم الشعوب العربية والإسلامية، ويبدو أن الغرب الأوروبي وأحياناً الأميركي، يستغل هذا الواقع المزري خلال حديثه عن غزة التي تحولت إلى ورقة للمساومة بها خلال السيناريوهات حول مستقبل فلسطين من دون حماس و لبنان من دون حزب الله وسوريا بالعلم الصهيوني، وأخيراً، المنطقة المستسلمة برمتها للرئيس ترامب و أمثاله في أميركا وأوروبا. ولولاهم لما كنا الآن نتحدث عن كيان عبري صنعه الغرب، وكانت حجته في تدمير المنطقة، لا الآن فقط، بل حتى قبل وبعد قيام هذا الكيان، بكل تاريخه الديني والأسطوريّ الكاذب. ومن دون التذكير به باستمرار، لا ولن يتسنّى لأحد أن يفهم سياسات الرياء الغربية التي حققت أهدافها، بعد أن نجحت دائماً في استعداء العرب للعرب والمسلمين للمسلمين، تارة جغرافياً وتارة أخرى عرقياً وأخرى طائفياً، بل وحتى وطنياً، كما هي الحال في سنوات الربيع العربي في ليبيا ومصر وتونس وسوريا واليمن وأخيراً فلسطين، التي تتآمر فيها "دولتها" ضد الأغلبية الساحقة من شعبها المناضل في غزة والضفة الغربية.

المدن
منذ 14 ساعات
- المدن
حتى لو هُزِمت المقاومة في فلسطين…إسرائيل لن تنتصر! (2)
"نهاية الفصل العنصري كانت شهادة على إمكانية النصر من خلال الإيمان بالعدالة، والصبر، والإصرار على المساواة". – الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما مع تزايد التأييد الدولي لحل الدولتين، وتعاظم الاعتراف بحقوق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، وصل عدد الدول المعترفة بدولة فلسطين حتى أيار/مايو 2025 إلى 147 دولة من أصل 193 عضوًا في الأمم المتحدة. وقد انضمت إلى هذا المسار دولٌ ذات ثقل دبلوماسي، مثل إسبانيا، النرويج، أيرلندا، سلوفينيا، أرمينيا، جزر الباهاماس، جامايكا، ترينيداد وتوباغو، بربادوس، وكولومبيا، وكلها اتخذت قرارها بعد حرب غزة. كما أعربت دول أخرى، بينها فرنسا، المملكة المتحدة، ومالطا، عن نيتها اللحاق بهذا التوجه. لكن، ورغم هذا الزخم، لا تزال بعض الدول الكبرى ترفض الاعتراف الرسمي بفلسطين كدولة مستقلة، وفي مقدمتها: الولايات المتحدة، كندا، اليابان، كوريا الجنوبية، أستراليا، نيوزيلندا، سويسرا، ودول عدة من الاتحاد الأوروبي. الولايات المتحدة… محور المعادلة يبقى الموقف الأميركي حجر الأساس في كل ما يتعلّق بمستقبل الصراع. ففي ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأولى، بدت واشنطن وكأنها تمنح إسرائيل "شيكًا على بياض": • اعتراف رسمي بالقدس عاصمة لإسرائيل. • شرعنة ضم الجولان المحتل. • الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني. • فرض عقوبات قاسية على طهران. • اغتيال قاسم سليماني، أحد أبرز القادة العسكريين الإيرانيين. لكنّ ولاية ترامب الثانية جاءت مخالفة للتوقعات. ففي 7 نيسان/أبريل 2025، استقبل ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، وأعلن بشكل مفاجئ بدء محادثات مباشرة مع إيران بشأن برنامجها النووي، مؤكدًا أن لقاءً "كبيرًا جدًا" سيُعقد بعد أيام. وتوالت المؤشرات على تباين المواقف بين الجانبين، إذ سرّبت وسائل إعلام إسرائيلية أن ترامب قال لنتنياهو في مكالمة لاحقة: "أريد حلًا دبلوماسيًا مع الإيرانيين… وأؤمن بقدرتي على إبرام صفقة جيدة". ورغم نفي مكتب نتنياهو لوجود خلاف، أكد ترامب بنفسه حصول المكالمة، وتشديده على التزامه بمسار التفاوض مع طهران، ورفضه لأي عمل عسكري إسرائيلي ضدها. وفي أوائل أيار/مايو، وقبيل أول جولة لترامب في الشرق الأوسط خلال ولايته الثانية، اتخذت واشنطن سلسلة خطوات فُسّرت على أنها ابتعاد عن المزاج الإسرائيلي: • وقف الحملة الجوية في اليمن، رغم تهديدات الحوثيين لإسرائيل. • تفاوض مباشر مع "حماس" لتأمين الإفراج عن الجندي الأميركي - الإسرائيلي إيدان ألكسندر. • زيارة إلى السعودية استُثنيت منها إسرائيل. • إعلان إنهاء العقوبات على سوريا. • عرض صريح على إيران بفتح صفحة جديدة إذا أُنجز الاتفاق النووي. كل هذه التحركات ترافقت مع فتور متزايد في العلاقة مع نتنياهو، الذي بات يرى في توجهات ترامب خطرًا على أجندته. أوروبا… الرأي العام يسبق الحكومات في الدول الأوروبية الكبرى، كشفت استطلاعات الرأي (لا سيما في فرنسا، بريطانيا، وألمانيا) عن تنامي تعاطف لافت مع الفلسطينيين، خصوصًا بين فئة الشباب. شارك مئات الآلاف في مظاهرات ضخمة مؤيدة لغزة، طالبت برفع الحصار ومحاسبة إسرائيل على جرائمها. وازدادت الدعوات في الأوساط البرلمانية والسياسية إلى: • تجميد صفقات الأسلحة مع إسرائيل. • مراجعة اتفاقات التعاون العسكري والتجاري. • دعم المساءلة أمام المحكمة الجنائية الدولية. أصبحت مفاهيم مثل العدالة الدولية وحقوق الإنسان جزءًا أساسيًا من الخطاب الرسمي لبعض الحكومات والأحزاب، لا سيما اليسار والخضر. وفي دول مثل النرويج، إسبانيا، وأيرلندا، استُدعي سفراء إسرائيل، ودُعمت مبادرات الاعتراف بدولة فلسطين. ورغم أن هذه التحولات ليست جذرية بعد، فإنها تراكمية، تُعمّق الفجوة بين المواقف الرسمية والرأي العام، وتؤسس تدريجيًا لتحوّل في السياسة الخارجية الأوروبية تجاه إسرائيل. داخل إسرائيل… تشققات في الهيكل قد يكون الخلاف داخل الكيان المحتل أحد العوامل المؤثرة، إذ تواجه الحكومة الإسرائيلية ضغوطًا متزايدة من الداخل، سواء من شخصيات سياسية وعسكرية أو من الشارع الإسرائيلي، تطالب بإنهاء الحرب على غزة والتوصل إلى حلول سياسية. هذه التحركات تعكس تغيرًا في المزاج العام داخل إسرائيل تجاه استمرار العمليات العسكرية في القطاع خاصة واتجاه مستقبل إسرائيل. مع اتهام عدد لا بأس به من أركان الدولة الصهيونية ومعارضي بنيامين نتنياهو كمثل رئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك الذي حذر من أن استمرار الحرب سيقود إسرائيل نحو "الهاوية"، مشيرًا إلى أن الديمقراطية الإسرائيلية ومستقبل الدولة في خطر. وأكد أن نتنياهو هو المسؤول عن دفع البلاد إلى هذا الوضع الخطير. أما رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت فقد ذهب أبعد من ذلك بوصف العمليات العسكرية في غزة بأنها "حرب تدمير" و"قتل عشوائي للمدنيين"، معتبرًا أن إسرائيل ترتكب جرائم حرب، كما وصف حكومة نتنياهو بأنها "عصابة بلطجية"، محذرًا من تدهور صورة إسرائيل دوليًا وداعيًا إلى وقف الحرب قبل فوات الأوان. أما نائب القائد السابق للجيش الإسرائيلي، يائير غولان، فقد صرح بأن إسرائيل "تتجه لتُصبح دولة منبوذة، كما حدث مع جنوب أفريقيا، إذا لم نعد إلى رشدنا كدولة". وأضاف أن "الدولة العاقلة لا تخوض حرباً ضد مدنيين، ولا تمارس قتل الرضّع كهواية". أما وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، موشيه يعالون، فقد أدلى بتصريحات مشابهة، منتقدًا طريقة تعامل الحكومة مع الحرب، معبرًا عن إدانته لها وفق قاعدة أخلاقية ترتكز ان قتل المدنيين العزّل والأطفال "يُفقد إسرائيل روحها والمبادئ الأخلاقية التي قامت عليها" وفق قوله. الانقسام الداخلي في إسرائيل عامل مؤثر على استقرار تلك الدولة وعلى حاضرها والأهم على مستقبلها. فالانقسام في جنوب أفريقيا ساهم مساهمة فاعلة في سقوط دولة الفصل العنصري. وجنوح المجتمع الإسرائيلي إلى اليمين ثم إلى اليمين الأكثر تطرفًا، يضع المجتمع هناك أمام انقسامات حادة قد تؤدي إلى صدامات لن تكون بأي شكل من الأشكال لمصلحة الاحتلال، والفصل العنصري، ومشاريع الإبادة، والتهجير. لا تطبيع مع مشروع تهجيري قد يكون وقف إطلاق النار، أو حتى اتفاقات السلام، جزءًا من لغة السياسة. لكن التطبيع مع إسرائيل، كما أثبتت التجربة هو خيار مختلف تمامًا. لقد أدرك الجميع اليوم أنّه لا يمكن تطبيع العلاقات مع كيان يسعى إلى تهجير أهل غزة نحو مصر، وأهل الضفة نحو الأردن. فـ"اتفاقات أبراهام" لم تُقدّم شيئًا ملموسًا للقضية الفلسطينية، بل كشفت مدى عدوانية إسرائيل على المستوى العالمي. إنها دولة تمارس "البلطجة" باسم معاداة السامية، وتغتال أفرادًا من أبناء الطائفة اليهودية لتشتيت الأنظار عن مجازرها، وتُسخّر الإعلام، والمال، والاقتصاد، في خدمة خطاب التضليل. لا يمكن لكيان لا جذور له في الجغرافيا، ولا صلة له بالمحيط، أن ينجح في فرض تاريخ مزوّر على حساب أصحاب الأرض. وفي النهاية، تبقى المعادلة الأوضح: وما الصبر إلا صبر ساعة.


النشرة
منذ 14 ساعات
- النشرة
مجلس التعاون الخليجي يدعو لوقف فوري لإطلاق النار في غزة ودعم سوريا
دعا وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي ، إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة ، وتوجيه الدعم لسوريا، وذلك في بيان ختامي للمجلس الوزاري عقب اجتماع دورته الـ164 في الكويت، برئاسة وزير الخارجية الكويتي، عبد الله اليحيا. وشارك بالاجتماع وزراء خارجية السعودية، فيصل بن فرحان، وسلطنة عُمان بدر البوسعيدي، وقطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ووكيل الخارجية البحرينية، خالد الجلاهمة، ووزير دولة بالإمارات، خليفة المرر، وبحضور أمين المجلس جاسم البديوي. وأكد المجلس، في البيان الختامي، "رفض أي محاولات لتهجير سكان قطاع غزة"، مطالبًا "مجلس الأمن بتشكيل لجنة دولية مستقلة للتحقيق في الجرائم الإسرائيلية، واتخاذ خطوات جدية لمنع هذه الجرائم ومحاسبة مرتكبيها" وأشاد المجلس بالجهود الحثيثة التي تبذلها دولة قطر بالتنسيق مع شركائها في الوساطة، مصر والولايات المتحدة الأميركية، ل وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإطلاق سراح الأسرى، وإدخال كافة المساعدات للمدنيين. وشدد على "ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتوفير الدعم السياسي والدبلوماسي الكامل للتوصل إلى حل دائم وشامل". وأكد المجلس الوزاري على أهمية ما ورد في بيان القمة العربية غير العادية "قمة فلسطين" التي عقدت مؤخرا في القاهرة بشأن نشر قوات حماية وحفظ سلام دولية في الأراضي الفلسطينية بغزة والضفة الغربية، بقرار من مجلس الأمن. ودان المجلس الوزاري عملية إطلاق النار من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي على وفد دبلوماسي يضم سفراء وممثلي دول عربية وأجنبية، أثناء زيارتهم لمخيم جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة، بتاريخ 21 أيار الماضي. وحذر البيان من "تداعيات الاقتحامات المتكررة من قبل المستوطنين والمسؤولين الإسرائيليين لباحات المسجد الأقصى، بما تحمله من خرقٍ خطير للقانون الدولي وللوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس، وانتهاكٍ لقدسية المسجد الأقصى واستفزازٍ لمشاعر المسلمين". وبشأن التطورات في سوريا، أكد المجلس الوزاري على "أهمية احترام سيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدة أراضيها، ورفض التدخلات الأجنبية في شؤونها الداخلية، وأن أمن سوريا واستقرارها ركيزة أساسية من ركائز استقرار أمن المنطقة". كما أدان "الاعتداءات والانتهاكات والهجمات المتكررة الإسرائيلية على سوريا". فيما أعرب المجلس الوزاري الخليجي عن قلقه من "تطورات الملف النووي الإيراني". وأكد المجلس على "أهمية الإسراع في التوصل إلى تفاهمات بناءة بهذا الشأن للحفاظ على أمن واستقرار المنطقة، وعلى استعداد دول المجلس للتعاون والتعامل بشكل فعال مع هذا الملف، وعلى ضرورة مشاركتها في جميع المفاوضات والمباحثات والاجتماعات الإقليمية والدولية المتعلقة به".