logo
سوق العمل في أفغانستان أمام مفترق طرق بمواجهة العزلة والبطالة

سوق العمل في أفغانستان أمام مفترق طرق بمواجهة العزلة والبطالة

الجزيرة٢٠-٠٤-٢٠٢٥

كابل- في قلب سوق مزدحم وسط العاصمة كابل يقف صفي الله آخوند زاده في زاوية مكتظة يحدق في وجوه المارة بحثا عن فرصة عمل يومية في مجال البناء.
وكغيره من آلاف العمال يعود في معظم الأحيان إلى كوخه الصغير خالي الوفاض يحمل فوق كتفيه همّ إعالة أسرته المكونة من 5 أفراد.
"لا سيولة لدى أصحاب المشاريع، والأسعار في ارتفاع مستمر، فكيف أعيش؟"، يتساءل آخوند زاده بمرارة، في تعبير صادق عن حجم المأزق الذي يعيشه سوق العمل في أفغانستان اليوم.
ومنذ التحولات السياسية التي شهدتها البلاد في أغسطس/آب 2021 يواجه الاقتصاد الأفغاني صعوبات هائلة، في ظل نظام نقدي شبه كامل بات محاصرا بالعقوبات الدولية، مع تراجع كبير في المساعدات الخارجية وارتفاع معدلات البطالة والفقر.
ورغم المحاولات الحكومية لضبط إيقاع الاقتصاد وتفعيل أدوات الدعم للقطاع الخاص فإن المؤشرات لا تزال مقلقة، والأسواق تُظهر هشاشة متزايدة في ظل تراجع السيولة وضعف الاستثمار، مما ينعكس سلبا على قدرة المواطنين على إيجاد فرص عمل كريمة.
اقتصاد نقدي تحت ضغط العقوبات
يعتمد الاقتصاد الأفغاني على الزراعة التي تستحوذ على 58% من استخدامات الأراضي، إلى جانب التجارة غير الرسمية التي تشكل عماد الأسواق المحلية، لكن هذا النموذج يواجه أزمة مزدوجة:
انخفاض المساعدات الخارجية من 3.8 مليارات دولار في عام 2022 إلى 1.9 مليار فقط في 2023.
تمويل 51.8% فقط من خطة الأمم المتحدة الإنسانية لعام 2024، والتي تبلغ 3.06 مليارات دولار وفقا للبنك الدولي.
كما تسببت عمليات تجميد أصول بقيمة 7 مليارات دولار في بنوك أجنبية بسبب العقوبات المفروضة في نقص شديد بالسيولة، مما اضطر العديد من الشركات الصغيرة إلى تقليص نشاطها أو الإغلاق الكامل.
ومع تراجع فعالية النظام المصرفي بات المواطنون يعتمدون على شبكات "الحوالة" غير الرسمية لتحويل الأموال، والتي وإن كانت تؤمّن مرونة في التحويل فإنها تفتقر إلى الأمان وتقلل قدرة السوق على جذب الاستثمارات.
وتفيد غرفة التجارة الأفغانية بأن نحو 60% من الشركات الصغيرة سرّحت عددا من موظفيها بسبب الانخفاض الحاد في القدرة الشرائية وتدهور البيئة التشغيلية.
ويقول عبد المجيد شريفي -وهو صاحب ورشة نجارة في كابل- للجزيرة نت "استيراد الأخشاب بات مكلفا للغاية، والسيولة شحيحة، أضطر أحيانا للاستغناء عن عمال لأتمكن من دفع إيجار الورشة".
ورغم تدخّل البنك المركزي للمحافظة على استقرار سعر صرف العملة -الذي تراوح بين 72 و73 أفغانيا مقابل الدولار حاليا- فإن هذا الاستقرار النقدي لم يُترجم إلى تحسن ملموس في سوق العمل، إذ لا يزال نحو 50% من السكان تحت خط الفقر، ويعاني 14.8 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي ، بحسب بيانات أممية.
مبادرات حكومية لتعزيز القطاع الخاص
وفي ظل هذا الواقع الضاغط تسعى الحكومة الأفغانية إلى تحفيز القطاع الخاص باعتباره محركا أساسيا للنمو، وتشمل الجهود تقديم حوافز مالية وتسهيلات ضريبية لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة بهدف خلق بيئة أعمال أكثر مرونة وتنافسية.
وقال عبد اللطيف نظري نائب وزير الاقتصاد الأفغاني للجزيرة نت "نركز على دعم المشاريع المحلية لتقليل نسبة البطالة وتعزيز النشاط الاقتصادي الداخلي".
ولمواجهة التراجع في المساعدات الدولية تعمل الحكومة أيضا على تعزيز الإيرادات المحلية من خلال إصلاح نظام الجباية الضريبية وتحسين الشفافية في المؤسسات العامة.
لكن هذه الجهود تصطدم بعوائق سياسية واقتصادية، في مقدمتها استمرار العقوبات التي تحد من قدرة الحكومة على الوصول إلى الأسواق العالمية وتعقد عمليات القطاع المصرفي.
بطالة متفاقمة
ووفقا لبيانات منظمة العمل الدولية ، بلغ معدل البطالة في أفغانستان مستوى 13.99% في عام 2023، مع توقعات بارتفاعه في ضوء عودة أكثر من 515 ألف مهاجر من باكستان وتراجع التمويل الإنساني.
ويعد قطاع الزراعة رغم توظيفه أكبر عدد من السكان من أقل القطاعات إنتاجا، في حين تعاني الصناعات الصغيرة من نقص مزمن في التمويل.
كما تراجعت صادرات الفحم إلى باكستان بنسبة 15% خلال 2023، مما زاد الضغوط على ميزان المدفوعات.
وتواجه النساء تحديات متصاعدة في سوق العمل، فمنذ 2021 انخفضت مشاركتهن بنسبة 25%، نتيجة إغلاق العديد من المشاريع المنزلية الصغيرة.
وتقول زليخة عزيزي من ولاية هرات (غربي البلاد) للجزيرة نت "أغلقت ورشتي بسبب غلاء الأقمشة وتراجع الطلب، كانت مساحة أمل لي ولزميلاتي، واليوم عدنا إلى البيوت ننتظر فرصة لا نعلم متى تأتي".
أما حليمة رفيقي من جلال آباد (شرقي البلاد) فتوضح "لا نريد صدقات، فقط قروض صغيرة نعيد بها تشغيل مشاريعنا، لدينا المهارات، لكن السوق ميت".
وتقول الناشطة المحلية نادية أحمدي "النساء بحاجة إلى تمويل مصغر وتدريب مهني وإلا سنفقد ما حققناه من تقدم في تمكين المرأة اقتصاديا خلال العقود الماضية".
سوق هشة وآليات توظيف ضعيفة
يعتمد كثير من العمال الأفغان على أسواق عشوائية للعمل اليومي مثل "بل سوخته" في كابل، حيث ينتظرون مقاولين قد يطلبون عمال بناء أو سائقين بأجور تتراوح بين 200 و500 أفغاني يوميا (ما يعادل 3 إلى 7 دولارات)، ومع ذلك تبقى هذه الفرص قليلة وغير مضمونة.
إعلان
ويقول عامل البناء محمد نسيم للجزيرة نت "أحيانا نعمل طوال اليوم ثم لا نتقاضى شيئا، لا عقود، لا ضمانات، فقط وعود جوفاء".
ويضيف زميله حسن صافي "العمل غير مستقر، والدخل لا يغطي حتى إيجار الغرفة التي نعيش فيها 5 معا".
وحتى في المناطق الريفية ترتبط فرص العمل الموسمية بشبكات اجتماعية ضيقة، وغالبا ما تُدفع الأجور عينيا أو بمبالغ زهيدة.
هذا الوضع يدفع خبراء الاقتصاد إلى التحذير من اعتماد السوق على التوظيف غير الرسمي، باعتباره هشا ولا يبني اقتصادا مستداما.
ويقول الخبير الاقتصادي أحمد بوبل للجزيرة نت "التوظيف غير الرسمي يوفر مرونة، لكنه لا يؤسس لنمو طويل الأجل".
مساعٍ لجذب الاستثمار وتوسيع التوظيف الخارجي
من أبرز التحركات الحكومية مؤخرا إعلان وزارة العمل عن مذكرة تفاهم أولية مع دولة قطر لتوظيف العمال الأفغان.
وأكد المتحدث باسم الوزارة سميع الله إبراهيمي أن الاتفاق سيتيح إطارا قانونيا يحفظ حقوق العمال ويوفر تدفقا من العملة الأجنبية.
وإلى جانب ذلك، أصدرت الوزارة أكثر من 114 ألف رخصة عمل محلية في العام الماضي، وتُجري مشاورات مماثلة مع دول مثل الإمارات وتركيا.
ويرى الدكتور محمد زبير آرين أستاذ الاقتصاد في جامعة كاردان بكابل أن تصدير العمالة قد يسهم في رفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تتراوح بين 5 و7% سنويا، شرط أن يتم الأمر ضمن منظومة مؤسسية مدعومة دوليا كما هو الحال في الفلبين ونيبال.
لكن آرين يحذر من العقبات المالية، ويقول "العقوبات على النظام المصرفي قد تعيق تحويل الأجور، المطلوب اتفاقات دولية تضمن التحويلات وتحمي حقوق العمال".
ويضيف "نحتاج إلى هيئة وطنية تشرف على التوظيف الخارجي وتضمن التأهيل والشفافية وتمنع الاستغلال كما فعلت دول آسيوية عديدة".
قطاعات منهارة وآفاق محدودة
تُظهر البيانات الرسمية تدهورا واسعا في القطاعات الاقتصادية:
إعلان
قطاع الخدمات انخفض بنسبة 30% في 2021.
الزراعة تراجعت 6.6% في 2022.
الصناعات فقدت 5.7% من حجمها.
قطاع البناء تدهور بنسبة 35.4%.
أما القطاع المصرفي فقد تعطل إلى حد بعيد بعد تجميد الأصول، مما أفقده القدرة على تمويل الأنشطة الاقتصادية.
ويشير البنك الدولي في تقريره الصادر في ديسمبر/كانون الأول 2024 إلى أن هذا الجمود مرشح للاستمرار حتى نهاية 2025.
طريق شاق نحو الاستقرار
يقف سوق العمل الأفغاني أمام مفترق طرق حاسم في ظل العزلة الدولية وتراجع الدعم الخارجي ومحاولات حكومية غير مكتملة، وتبقى التحديات هائلة، في حين الأمل في التغيير مرتبط بتخفيف العقوبات وتفعيل الإصلاحات البنيوية.
ويختصر الخبير الاقتصادي أحمد بوبل المشهد بقوله "استثمار 50 مليون دولار قد يولّد 150 ألف فرصة عمل بحلول 2027، لكننا بحاجة إلى بيئة قانونية، ثقة دولية، ومؤسسات قادرة، لا يمكن بناء مستقبل اقتصادي على هشاشة وإعانات خارجية".
وفي الانتظار، يستمر نضال العمال والنساء وصغار المستثمرين في بلد يبحث عن الاستقرار، وسط اقتصاد نقدي يصارع للبقاء.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

‫ 17 % ارتفاعا في إيرادات الشحن الجوي.. «القطرية» تحقق أرباحاً قياسية بـ 7.85 مليار ريال
‫ 17 % ارتفاعا في إيرادات الشحن الجوي.. «القطرية» تحقق أرباحاً قياسية بـ 7.85 مليار ريال

العرب القطرية

timeمنذ 18 ساعات

  • العرب القطرية

‫ 17 % ارتفاعا في إيرادات الشحن الجوي.. «القطرية» تحقق أرباحاً قياسية بـ 7.85 مليار ريال

الدوحة - العرب الكعبي: ترسيخ صدارة الناقلة الوطنية والمجموعة كقوة اقتصادية عالمية المير: نسعى إلى تطوير خدماتنا الاستثنائية للمسافرين حول العالم أصدرت مجموعة الخطوط الجوية القطرية تقريرها السنوي عن السنة المالية 2025/2024 مظهرةً أداءً مالياً يعد الأقوى في تاريخها وفي جميع أقسامها بما في ذلك القطرية للشحن الجوي والشركة القطرية لتموين الطائرات والسوق الحرة القطرية، حيث بلغ صافي الأرباح 7.85 مليار ريال (2.15 مليار دولار أمريكي)، محققةً بذلك زيادة قدرها 1.7 مليار ريال مقارنة بالعام الماضي. ومن جانبها، قدّمت القطرية للشحن الجوي، الشركة الرائدة عالمياً في قطاع الشحن الجوي، أداءً ماليّاً مبهراً حيث سجلت زيادة في الإيرادات بلغت نسبتها 17 بالمائة، محققةً بذلك أرباحاً تعدّ الأفضل منذ جائحة كوفيد-19. ويعزى ذلك إلى مرونة الشركة في التكيف مع ظروف سوق الشحن المتغيرة، والتركيز على الاستثمار في مجالات الرقمنة، والتحليلات العميقة المستندة إلى البيانات وموثوقيتها التي تعدّ الأفضل في فئتها. مكانة رائدة وقال سعادة السيد سعد بن شريده الكعبي، وزير الدولة لشؤون الطاقة ورئيس مجلس الإدارة لمجموعة الخطوط الجوية القطرية: « تعكس هذه النتائج المالية المتميزة المكانة الرائدة لمجموعة الخطوط الجوية القطرية ليس فقط في قطاع الطيران العالمي، وإنما أيضاً في قيادة الاقتصاد العالمي. وعليه، تستمر الإنجازات التي تم تحقيقها خلال السنة المالية 2025/2024 في ترسيخ صدارة الناقلة القطرية والمجموعة كقوة اقتصادية عالمية. إن هذا الأداء القياسي هو نتيجة التخطيط المدروس والمعتمد والاستراتيجي، فضلاً عن تفاني موظفينا الجاد، ما أتاح المجال أمام الازدهار بطريقة مستقرة ومستدامة». وأضاف سعادته: «إن الطفرة في الأرباح جاءت نتيجة قرارات تجارية سليمة تعد السمة المميزة لنجاحنا. لهذا أنا كلّي ثقة بقدرتنا على مواصلة سلسلة إنجازاتنا في المستقبل». إستراتيجية طموحة ومن جانبه، قال المهندس بدر محمد المير، الرئيس التنفيذي لمجموعة الخطوط الجوية القطرية: «تعد هذه النتائج التي حطمت الأرقام القياسية دليلاً على العمل الجاد والمهارة والتفاني الذي تقوم به جميع أقسام مجموعة الخطوط الجوية القطرية. كلنا ثقة بأن أيّا من النتائج البارزة التي نعلن عنها اليوم لن تكون ممكنة لولا موظفينا الذين يتجاوز عددهم 55 ألفا في جميع أنحاء العالم، وتركيزنا على تعزيز هذه المواهب، وهو ما يعد محوراً أساسياً لاستراتيجية الخطوط الجوية القطرية 2.0». وتابع: «كما نجحنا في تنفيذ شراكات استراتيجية متعددة في قطاع الطيران، لكي تظل المجموعة مرنة في مواجهة الأحداث العالمية المتغيرة باستمرار، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو بيئية». وأضاف المهندس المير: «إن هذه الإنجازات تؤكد سعينا لمواصلة تقديم وتطوير خدماتنا الاستثنائية في الأجواء، سواء كانت مقصورة كيوسويت الحائزة على العديد من الجوائز العالمية، أو خدمة الطعام الفاخرة أو خدمة Starlink للاتصال بالإنترنت فائق السرعة والمجاني لجميع المسافرين». إنجازات تعزز الخدمات وذكرت الخطوط القطرية في بيان أن الإنجازات الرئيسية للمجموعة خلال السنة المالية الماضية تشمل ما يلي: زيادة قياسية في الأرباح بنسبة 28 بالمائة في السنة المالية 2024/2025، توسعة مطار حمد الدولي لتمكينه من تلبية احتياجات 65 مليون مسافر سنوياً، أول شركة طيران عالمية والأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعزز كامل طائراتها من طراز بوينغ 777 بتقنية Starlink للإنترنت فائق السرعة، الاستحواذ على حصة أقلية بنسبة 25 بالمائة في شركة فيرجن أستراليا، الاستحواذ بنسبة 25 بالمائة في شركة Airlink، شركة الطيران الإقليمية الرائدة في جنوب إفريقيا، بالإضافة إلى تعزيز سما أول فرد من أفراد طاقم الضيافة المطوّرة بتقنية الذكاء الاصطناعي في العالم، إلى جانب توقيع مجموعة من مذكرات التفاهم التي تشجع على توسيع نطاق الأعمال في جميع أقسام قطاع الطيران والعمل على تحقيق طموحات رؤية قطر 2030.

إعادة تأهيل المخابز في سوريا: السعودية تخصص 5 ملايين دولار
إعادة تأهيل المخابز في سوريا: السعودية تخصص 5 ملايين دولار

أخبار قطر

timeمنذ 18 ساعات

  • أخبار قطر

إعادة تأهيل المخابز في سوريا: السعودية تخصص 5 ملايين دولار

بدأت السعودية، من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، مبادرة جديدة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) لتأهيل المخابز المتضررة في سوريا. وقد وقعت السعودية على هذا المشروع بقيمة 5 ملايين دولار أميركي خلال فعاليات المنتدى الإنساني الأوروبي 2025 في بروكسل. وقع الاتفاقية المشرف العام على المركز الدكتور عبد الله الربيعة ومدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أكيم شتاينر. سيتم تأهيل 33 مخبزًا حكوميًا متضررًا في عدة محافظات سورية من خلال ترميمها وتوفير خطوط إنتاج جديدة وإعادة تأهيل وحدات متنقلة لإنتاج الخبز. تهدف هذه المبادرة إلى تعزيز الأمن الغذائي في المناطق المتضررة وتوفير فرص عمل جديدة. يأتي هذا المشروع ضمن جهود السعودية في دعم الأمن الغذائي والتعافي المبكر في جميع أنحاء العالم بالتعاون مع الأمم المتحدة.

كالكاليست: تقلبات الدولار تكشف اختلالات أعمق باقتصاد إسرائيل
كالكاليست: تقلبات الدولار تكشف اختلالات أعمق باقتصاد إسرائيل

الجزيرة

timeمنذ يوم واحد

  • الجزيرة

كالكاليست: تقلبات الدولار تكشف اختلالات أعمق باقتصاد إسرائيل

تراجع الدولار الأميركي بحدة على خلفية قيام وكالة " موديز" بخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة، ما انعكس فورا على الأسواق الإسرائيلية. فقد انخفض الدولار بنسبة 0.3% إلى 3.54 شيكلات في بداية تعاملات الأسبوع، فيما صعد اليورو بنسبة 0.7% متجاوزا حاجز 3.99 شيكلات، وهو ما يعكس ضعف الثقة في استقرار السياسة النقدية الأميركية، ولكن في السياق المحلي الإسرائيلي، فإن هذه التقلبات كشفت عن اختلالات أعمق في الاقتصاد. ضغوط على بنك إسرائيل وسط تسارع التضخم ورغم إعلان نمو الناتج المحلي الإسرائيلي بنسبة 3.4% سنويا في الربع الأول من عام 2025، وارتفاع الناتج للفرد بنسبة 2.2% بعد عامين من الجمود والانكماش، إلا أن معدل التضخم لأبريل/نيسان فاجأ الأسواق -بحسب صحيفة كالكاليست الإسرائيلية- مسجلا ارتفاعا شهريا بنسبة 1.1% مقابل توقعات عند 0.6%. وبلغ التضخم السنوي 3.6%، ما وضع بنك إسرائيل في زاوية ضيقة، إذ إن خفض سعر الفائدة لم يعد مطروحا للنقاش، بل بات تجميدها عند مستوى 4.5% هو الخيار المرجح في الاجتماع المقبل. وبحسب كبير الاقتصاديين في "ميطاف"، ألكس زبجينسكي، فإن بيئة التضخم الحالية "لا تسمح بخفض سعر الفائدة"، إلا في حال حدوث تباطؤ حاد في الاستهلاك، مؤكدا أن التوقعات تشير إلى أن سعر الفائدة خلال الـ12 شهرا المقبلة سيبلغ 4.0%. أما التقديرات المستقبلية للأسواق فتشير إلى فائدة متوقعة عند 3.9%، مع محو تدريجي لتوقعات الخفض التي سادت مطلع الشهر. اضطراب داخلي رغم نمو اقتصادي على الورق ورغم أن الحكومة الإسرائيلية سارعت إلى التباهي بنمو الناتج المحلي، فإن واقع السوق يُظهر تناقضا صارخا، خاصة بعد الزيادة الحادة في أسعار الإيجارات بنسبة 4.2%، مقارنة بـ3.9% في الشهر السابق و3.1% في يناير/كانون الثاني، وفق قول الصحيفة. هذا التسارع في الإيجارات دفع محللي "ليدر" إلى رفع توقعاتهم لارتفاع أسعار العقارات إلى 4.0%، بعد أن كانت 3.3% في الشهر الماضي. وتشير بيانات "ليدر" إلى أن التغيرات في منهجية احتساب أسعار تذاكر الطيران، منذ سبتمبر/أيلول 2023، زادت من حدة التقلبات في هذا القطاع، وهو ما يخلق صورة زائفة حول تضخم السفر. ووفق تقديراتهم، فإن مايو/أيار سيشهد انخفاضا بنسبة 12% في أسعار الرحلات الخارجية، ما سيدفع مؤشر الأسعار للارتفاع بنسبة طفيفة تبلغ 0.1% فقط، في حين يُتوقع أن يظل مؤشر يونيو/حزيران مستقرا، ويصعد مؤشر يوليو/تموز بنسبة 0.5% لأسباب موسمية، تضيف الصحيفة. في هذا السياق، تقول "ليدر" إن السياسة النقدية لبنك إسرائيل باتت مقيدة بشكل كبير، مشيرة إلى أن أي خفض للفائدة "لن يحدث قبل أغسطس/آب"، ما يعكس تخوفا ضمنيا من اتساع الفجوة بين التضخم الجامح والأدوات المحدودة المتاحة للسيطرة عليه. إسرائيل تدفع ثمن اضطراب واشنطن التقرير يشير أيضا إلى أن خفض تصنيف الولايات المتحدة فاقم الضغط على الدولار عالميا، حيث انخفض "مؤشر الدولار" بنسبة 0.9% إلى 100.2 نقطة، بينما قفز اليورو بنسبة 1% إلى 1.128 دولارا، وارتفع الجنيه الإسترليني بنسبة 0.9% إلى 1.339 دولار. هذا الضعف في العملة الأميركية -تتابع الصحيفة- ترافق مع تعميق أزمة الثقة في أدوات الدين الأميركية، حيث يعتقد خبراء، مثل جورج سارافيلوس من "دويتشه بنك"، أن الأسواق بدأت تعيد التفكير في "مدى استعدادها لتمويل العجز الأميركي". وتجد إسرائيل، التي ترتبط ماليا واقتصاديا ارتباطا وثيقا بالسوق الأميركي نفسها الآن عُرضة لموجة مزدوجة من عدم اليقين، الخارجي بسبب ارتباك السياسة المالية في واشنطن، والداخلي بفعل اختلالات التضخم وتجميد الفائدة وارتفاع كلفة المعيشة بحسب كالكاليست.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store