أعماق مكتبة المتحف.. «واحة سيوة» مخطوطات نادرة ب«خط اليد»
في أعماق مكتبة المتحف المصري بالقاهرة، بين رفوف تزخر بالمخطوطات النادرة والمجلدات التي تحمل أسرار الماضي، توجد إحدى المقتنيات الثمينة التي تعكس عبقرية وإسهامات أحد أعظم علماء الآثار المصريين، الدكتور أحمد فخري.
إنها مذكراته ومسودات تصحيح النسخة الأصلية من كتابه الشهير "واحة سيوة - SIWA Oasis"، والتي كتبها بخط يده، موثِّقًا من خلالها اكتشافاته وبحوثه حول واحدة من أكثر الواحات المصرية سحرًا وغموضًا.تمثل هذه المذكرات نافذة نادرة على فكر الدكتور فخري، إذ تكشف عن تفاصيل ملاحظاته الحقلية، وتصويباته الدقيقة، وتأملاته حول واحة سيوة، التي تعد من أهم المواقع الأثرية والثقافية في الصحراء الغربية.في هذا التقرير، نستعرض أهمية هذه المذكرات، ومحتواها، والدلالات العلمية والتاريخية التي تنطوي عليها، إضافةً إلى تأثيرها على دراسات علم الآثار في مصر.◄ من هو الدكتور أحمد فخري؟يُعد الدكتور أحمد فخري (1905 - 1973) واحدًا من أبرز علماء الآثار المصريين في القرن العشرين، وقد تميز بإسهاماته الكبيرة في دراسة المواقع الأثرية في الصحراء الغربية وسيناء، بالإضافة إلى أبحاثه حول الأهرامات المصرية. بعد حصوله على درجة الدكتوراه من جامعة برلين، شارك في العديد من البعثات الأثرية، وكان له دور أساسي في توثيق التراث الثقافي لواحات مصر، وخاصةً واحة سيوة، التي كرس جزءًا كبيرًا من أبحاثه لاستكشافها.كتابه "واحة سيوة - SIWA Oasis" يُعد من أهم المراجع العلمية التي تناولت التاريخ والآثار والحياة الاجتماعية في هذه الواحة الفريدة. وقد استند في تأليفه إلى سنوات من البحث الميداني والتنقيب، موثقًا تفاصيل دقيقة عن المعابد، والمقابر، والتقاليد المحلية.◄ المذكرات والمسودات – نافذة على فكر عالم آثار1- وصف المذكرات والمحتوىتضم المذكرات المحفوظة بمكتبة المتحف المصري عدة دفاتر تحتوي على ملاحظات بخط يد الدكتور فخري، تشمل:تصحيحات وتعديلات على فصول الكتاب، مع إضافات تتعلق بالمواقع الأثرية التي زارها في سيوة.رسومات وتخطيطات أولية لبعض المعابد والمقابر، تظهر فيها ملاحظات على الأبعاد والزخارف.مذكرات يومية للبعثات الاستكشافية التي قادها، موضحًا فيها الصعوبات التي واجهها، والتفسيرات الأولية للاكتشافات.هوامش وتعليقات شخصية حول بعض الفرضيات الأثرية، حيث يظهر تطور فكره النقدي أثناء العمل على الكتاب.2- أهمية المسودات في دراسة واحة سيوةتُعد هذه المذكرات وثيقة ثمينة، لأنها تتيح للباحثين فهم تفاصيل البحث الأثري الميداني الذي أجراه الدكتور فخري. ومن خلال مقارنة هذه الملاحظات مع النسخة المنشورة من كتابه، يمكن اكتشاف التطورات التي طرأت على آرائه، وكيفية تنقيحه للمعلومات قبل إصدارها رسميًا. كما تعكس اهتمامه بتوثيق التراث غير المادي للواحة، مثل العادات والتقاليد التي لاحظها أثناء وجوده هناك.3- قيمة المذكرات في دراسة علم الآثارتمثل هذه الوثائق نموذجًا فريدًا لكيفية عمل علماء الآثار المصريين في منتصف القرن العشرين، وتوضح المناهج البحثية التي اتبعها الدكتور فخري. كما تُظهر مدى اهتمامه بالدقة العلمية والتحليل النقدي، وهو ما يجعلها مرجعًا هامًا للباحثين المهتمين بتطور علم الآثار في مصر.◄ واحة سيوة في دراسات الدكتور أحمد فخري1- موقع استراتيجي وتاريخ غنيتعتبر واحة سيوة من أقدم الواحات المأهولة في مصر، وتقع في قلب الصحراء الغربية، بالقرب من الحدود الليبية. منذ العصور القديمة، كانت محطة تجارية مهمة وموطنًا لمعبد آمون الشهير، الذي زاره الإسكندر الأكبر في القرن الرابع قبل الميلاد.2- الاكتشافات الأثرية في واحة سيوةمن خلال بعثاته الاستكشافية، تمكن الدكتور فخري من توثيق عدة مواقع أثرية هامة، أبرزها:معبد آمون: أحد أهم المعابد المصرية القديمة، حيث يُعتقد أن كهنته تنبأوا بمصير الإسكندر الأكبر.جبل الموتى: مقبرة تاريخية تحتوي على العديد من المقابر المنحوتة في الصخور، والتي تعود إلى العصر الفرعوني والروماني.قلعة شالي القديمة: مدينة طينية مهجورة تعود إلى العصور الوسطى، وتعتبر من أبرز معالم سيوة التاريخية.اقرأ أيضا| معبد التنبؤات.. أساطير عميقة في التاريخ3- تأثير دراساته على علم الآثارساهمت أبحاث الدكتور فخري في تعزيز الاهتمام الدولي بواحة سيوة كوجهة أثرية وسياحية. وقد ساعدت ملاحظاته الميدانية في تحسين فهمنا لطبيعة الحياة في الواحات المصرية، ودورها في التاريخ المصري القديم.◄ دور مكتبة المتحف المصري في حفظ التراث العلمي1- كنوز معرفية داخل المكتبةتُعد مكتبة المتحف المصري بالقاهرة واحدة من أهم المكتبات المتخصصة في علم المصريات، حيث تضم آلاف الكتب، والمخطوطات، والمجلات العلمية. ومن بين هذه الكنوز، تحتل مذكرات ومسودات الدكتور أحمد فخري مكانة مميزة، نظرًا لقيمتها العلمية والتاريخية.2- أهمية الحفاظ على المذكرات الأصليةبفضل الجهود المستمرة للحفاظ على هذه المقتنيات، يمكن للأجيال القادمة الاستفادة منها في أبحاثهم. ويعد الحفاظ على المذكرات المكتوبة بخط اليد أمرًا بالغ الأهمية، لأنها توفر رؤية مباشرة لأسلوب التفكير والتحليل العلمي للباحثين الأوائل في علم الآثار.3- إتاحة الوثائق للباحثينتسعى مكتبة المتحف المصري إلى رقمنة هذه المذكرات، وإتاحتها للباحثين المهتمين بدراسة تاريخ علم الآثار في مصر، مما يسهل الوصول إلى هذه المعلومات القيمة، ويحافظ عليها من التلف.◄ كنوز علميةتمثل مذكرات الدكتور أحمد فخري حول كتابه "واحة سيوة" إحدى الكنوز العلمية المحفوظة داخل مكتبة المتحف المصري بالقاهرة، حيث تتيح لنا استكشاف أفكاره وأساليبه البحثية في علم الآثار.إنها ليست مجرد أوراق مكتوبة، بل سجل حي للجهود التي بذلها هذا العالم الجليل في توثيق أحد أهم المواقع الأثرية المصرية. بفضل هذه الوثائق، يبقى إرث الدكتور فخري حاضرًا في ذاكرة البحث العلمي، ملهمًا أجيالًا جديدة من علماء الآثار لمواصلة استكشاف تاريخ مصر العريق.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجمهورية
١٦-٠٣-٢٠٢٥
- الجمهورية
الحلقة السادسة عشر
عقب عودته إلي مصر عُين في مصلحة الآثار المصرية 1930، وبدأ حياته المهنية في علم الآثار كمساعد للعالم الكبير سليم حسن في بعض بعثاته الاستكشافية في الجيزة في موسم الحفائر 1931/1932، واشترك في حفائر عديدة في سقارة والأقصر والواحات. وقد تدرج الدكتور فخري في المناصب الإدارية بمصلحة الآثار، فأصبح كبيرًا للمفتشين. ثم أمينًا مساعدًا للمتحف، ثم أمينًا له، ومدير قسم البحوث الصحراوية، ثم مدير مشروع دراسة الأهرام عام 1952 بالإضافة إلي ذلك عمل مدرسًا للحضارة المصرية القديمة وتاريخ الشرق الحديث في جامعة القاهرة، وكان من أبرز تلامذته عبد العزيز صالح وعلي رضوان اللذان أصبحا من أشهر علماء المصريات في الجيل الذي تلي جيل أحمد فخري. من أهم اكتشافاته. معابد عين المفتلة، وهي هضبة رملية تقع في مدينة القصر في الصحراء الغربية، بالإضافة إلي مقبرة حاكم واحة البحرية، زد خنسو أف عنخ. عام 1942، ومقبرة هضبة السوبي، ومنطقة سن العجوز التي تشغل حافة الجبانة الشرقية لهرم الملك خوفو، وقد شيد كبار موظفي الأسرة السادسة مقابر مقطوعة في الصخر كشف عن بعضها الدكتور أحمد فخري ، كما كشف عن مقابر المزوقة، التي تقع علي مسافة 5 كم من القصر وعلي بعد 37 كم من مدينة "موط" الداخلة ولها طريق ممهد، وهي عبارة عن جبانة ترجع إلي العصر الروماني وتضم مقابر منحوتة في الصخر وعليها نقوش زاهية تمثل خيرات الواحات ومنها إله الزرع وإله الماء ومزارع الشعير والنخيل والطيور والتحنيط والحساب والعقاب، وقد اكتشفها في عام 1973. أدرك فخري قيمة التراث غير المادي وارتباطه الوثيق بعلوم الآثار فقام بدراسة تعد من الدراسات الفريدة من نوعها عن عادات وتقاليد أهل الواحات بل قرر أن يعود إلي القاهرة ممتطيا الوسائل التقليدية وهي الجمال، وفي عام 1947 أدار حفائر باليمن في مملكة سبأ. ونتيجة لأعماله واكتشافاته المهمة أطلق عليه لقب شيخ الأثريين وراهب الصحراء، في إشارة إلي تفانيه في أعماله ومدي إسهاماته في الكشف الأثري. لقد أثري العالم الكبير المكتبة التاريخية والأثرية بالعديد والعديد من الكتب والمؤلفات العلمية، منها: الاهرامات المصرية. مصر الفرعونية. الواحات البحرية. واحة سيوة، والجدير بالذكر أن الروائي الكبير بهاء طاهر قد تأثر بكتابات الدكتور أحمد فخري عن واحة سيوة وقام بتأليف رواية واحة الغروب التي حازت علي جائزة البوكر العربية لعام 2008، والتي تم تحويلها إلي مسلسل تلفزيوني. دراسات في تاريخ الشرق القديم. بين آثار العالم العربي. اليمن ماضيها وحاضرها. رحلة أثرية إلي اليمن ترجمة الدكتور هنري رياض والدكتور يوسف محمد عبد الله ومن الكتب التي قام بترجمتها: انتصار الحضارة، تأليف "جيمس هنري بريستد. شجرة الحضارة: قصة الإنسان منذ فجر التاريخ حتي بداية العصر الحديث، تأليف رالف لنتون. استمر الدكتور أحمد فخري في الكتابة وتأليف الكتب والاكتشافات الأثرية حتي توفي في يوم 7 يونيو 1973.

مصرس
١٥-٠٢-٢٠٢٥
- مصرس
المتحف المصري.. بوابة الحضارة المصرية وإقبال متزايد على الزيارة
يُعد المتحف المصري بالقاهرة واحدًا من أهم المتاحف الأثرية في العالم، حيث يضم مجموعة هائلة من القطع الأثرية التي تروي تاريخ مصر القديمة منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى العصور اليونانية والرومانية. ومع بدء ساعات العمل الرسمية صباح اليوم السبت 15 فبراير 2025، شهد المتحف إقبالًا كثيفًا من الزوار من مختلف الأعمار والجنسيات، الذين حرصوا على استكشاف الكنوز الأثرية الفريدة التي يحتضنها المتحف.اقرأ أيضا | أعماق مكتبة المتحف.. «واحة سيوة» مخطوطات نادرة ب«خط اليد»يحرص المتحف المصري على تحقيق رسالته التثقيفية من خلال استقبال الرحلات المدرسية والزيارات الرسمية وتنظيم الجولات الإرشادية، بالإضافة إلى إقامة ورش تعليمية لتعريف الجمهور بالحرف التراثية، كما يلعب دورًا محوريًا في تعزيز الوعي الأثري والثقافي عبر فعاليات مثل الأمسيات الثقافية والجلسات الحوارية التي تجمع بين كبار المتخصصين في علم المتاحف والآثار.في هذا التقرير، نستعرض أبرز مظاهر النشاط داخل المتحف المصري بالقاهرة اليوم، وأهمية الدور الذي يلعبه في نشر الثقافة الأثرية بين الجمهور، بالإضافة إلى تسليط الضوء على بعض الفعاليات والأنشطة التعليمية التي ينظمها المتحف لتعزيز التفاعل المجتمعي مع التراث المصري العريق.إقبال الزوار على المتحف المصري بالقاهرةمع بداية اليوم، توافد مئات الزوار على المتحف المصري بالقاهرة، حيث اصطفت طوابير من العائلات والسياح والطلاب أمام بوابات المتحف للحصول على تذاكر الدخول واستكشاف المعروضات الأثرية، ووفقًا لإدارة المتحف، فإن ساعات العمل الرسمية تمتد من الساعة التاسعة صباحًا حتى الخامسة مساءً، على أن يُغلق شباك التذاكر تمام الساعة الرابعة عصرًا.يتنوع زوار المتحف بين السياح الأجانب القادمين من مختلف دول العالم، والطلاب المصريين الذين يحرصون على زيارة المتحف ضمن الرحلات المدرسية، بالإضافة إلى الباحثين والمهتمين بعلم الآثار الذين يجدون في المتحف فرصة نادرة لدراسة القطع الأثرية والتعرف على تفاصيلها الدقيقة عن قرب.داخل المتحف، شهدت القاعات الرئيسية التي تضم كنوز الملك توت عنخ آمون إقبالًا كبيرًا من الزائرين، حيث أبدى العديد منهم انبهارهم بالقناع الذهبي الشهير للملك الصغير، والذي يُعد من أبرز القطع الأثرية التي يحرص الجميع على مشاهدتها والتقاط الصور بجوارها.كما جذبت قاعة المومياوات الملكية عددًا كبيرًا من الزوار، حيث أبدوا اهتمامًا كبيرًا بمشاهدة المومياوات المحنطة التي تعود لملوك وملكات مصر القديمة، وسط شرح وافي من مرشدي المتحف حول فن التحنيط وأسراره.الدور التعليمي للمتحف واستقبال الرحلات المدرسيةيُعد المتحف المصري بالقاهرة مؤسسة تعليمية بامتياز، حيث لا يقتصر دوره على عرض القطع الأثرية فقط، بل يسعى إلى تقديم معلومات قيمة عن الحضارة المصرية القديمة من خلال الجولات الإرشادية والأنشطة التعليمية المختلفة.يستقبل المتحف يوميًا العديد من الرحلات المدرسية من مختلف المحافظات، حيث يتم تنظيم جولات خاصة للطلاب تحت إشراف أمناء المتحف الذين يحرصون على تقديم معلومات مبسطة ومثيرة للاهتمام تناسب الفئات العمرية المختلفة.تشمل هذه الجولات زيارة القاعات الرئيسية التي تعرض تطور الفنون والعمارة المصرية عبر العصور، إلى جانب تعريف الطلاب بكيفية قراءة الهيروغليفية من خلال بعض النقوش المحفورة على جدران المعابد والتماثيل.كما توفر إدارة المتحف تجربة تفاعلية للأطفال، حيث تتيح لهم فرصة رسم بعض القطع الأثرية أو المشاركة في أنشطة ترفيهية تعتمد على إعادة تمثيل بعض المشاهد التاريخية بطريقة مبسطة تناسب أعمارهم.ورشة تعليمية عن فن المكرمية ضمن برنامج الحرف التراثيةفي إطار سعيه للحفاظ على التراث المصري وتعريف الأجيال الجديدة بالحرف التقليدية، نظم القسم التعليمي بالمتحف المصري بالقاهرة ورشة عمل حول "فن المكرمية"، وهو أحد الفنون اليدوية التي تعتمد على تشابك الخيوط لابتكار تصميمات متميزة تُستخدم في الديكور والأزياء.تناولت الورشة شرحًا تفصيليًا لأهمية الخيوط في حياة المصريين القدماء، حيث استخدموها في صناعة الملابس، الأشرعة، وشبكات الصيد، كما تم استعراض الأدوات المستخدمة في فن المكرمية والتقنيات الأساسية لعقد الخيوط.بدأ المتدربون في تعلم كيفية تحديد الأطوال المناسبة للخيوط، ثم تنفيذ بعض التصميمات البسيطة تحت إشراف الخبراء، وقد أبدى المشاركون حماسًا كبيرًا للتجربة، معبرين عن سعادتهم بتعلم هذا الفن التراثي وإمكانية توظيفه في مجالات مختلفة.تهدف هذه الورش إلى تعزيز الوعي بالحرف التقليدية، وتشجيع الأفراد على إعادة إحياء التراث المصري القديم من خلال الفن والحرف اليدوية، ما يسهم في نشر ثقافة الاهتمام بالحرف التراثية التي كادت تندثر بمرور الزمن.أمسية ثقافية تحت عنوان "رحلة عبر الزمن: الموروث والمنظور من خلال المتاحف التاريخيةضمن الأنشطة الثقافية التي ينظمها المتحف المصري بالقاهرة، عُقدت أمسية ثقافية بعنوان "رحلة عبر الزمن" الموروث والمنظور من خلال المتاحف التاريخية"، وذلك بمشاركة اثنين من أبرز المتخصصين في علم المتاحف، وهما: الدكتور علي عبد الحليم، مدير عام المتحف المصري بالقاهرة، الدكتور كريستيان جريكو، مدير المتحف المصري في تورين بإيطاليا.تناولت الجلسة الحوارية مجموعة من القضايا الهامة المتعلقة بالمتاحف، مثل دورها في الحفاظ على التراث الإنساني، التحديات التي تواجهها المتاحف التاريخية في العصر الحديث، وأهمية التعاون الدولي بين المؤسسات الثقافية والمتاحف في مختلف دول العالم.كما تطرقت المناقشات إلى الدور الذي تلعبه التكنولوجيا الحديثة في تطوير المتاحف، حيث تم استعراض بعض التجارب الناجحة في استخدام تقنيات الواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي لإثراء تجربة الزائرين وتعزيز فهمهم للقطع الأثرية.حظيت الأمسية بتفاعل كبير من الحضور، حيث طرح المشاركون العديد من الأسئلة حول كيفية تحقيق التوازن بين حفظ القطع الأثرية وإتاحتها للجمهور، بالإضافة إلى إمكانية تنظيم مزيد من الشراكات الدولية بين المتاحف المصرية ونظيراتها حول العالم.يؤكد المتحف المصري بالقاهرة يومًا بعد يوم دوره المحوري في نشر الوعي الأثري والثقافي، من خلال استقطاب الزائرين من مختلف الفئات وتنظيم الفعاليات التي تجمع بين الترفيه والتعليم.فمن خلال الجولات الإرشادية، الورش التعليمية، والندوات الثقافية، يسهم المتحف في تعريف الأجيال الجديدة بحضارة أجدادهم، وتعزيز ارتباطهم بالتراث المصري العريق.وفي ظل الاهتمام المتزايد بالمتحف باعتباره وجهة سياحية وثقافية رئيسية، تواصل إدارته جهودها لتقديم تجربة استثنائية للزائرين، تجمع بين الاستمتاع بجمال المعروضات الأثرية، والاستفادة من الأنشطة التفاعلية التي تجعل من زيارة المتحف رحلة شيقة عبر الزمن.اقرأ أيضا | «اليوم العالمي للإذاعة» راديو المتحف المصري نافذة صوتية على التاريخ

مصرس
١١-٠٢-٢٠٢٥
- مصرس
أعماق مكتبة المتحف.. «واحة سيوة» مخطوطات نادرة ب«خط اليد»
في أعماق مكتبة المتحف المصري بالقاهرة، بين رفوف تزخر بالمخطوطات النادرة والمجلدات التي تحمل أسرار الماضي، توجد إحدى المقتنيات الثمينة التي تعكس عبقرية وإسهامات أحد أعظم علماء الآثار المصريين، الدكتور أحمد فخري. إنها مذكراته ومسودات تصحيح النسخة الأصلية من كتابه الشهير "واحة سيوة - SIWA Oasis"، والتي كتبها بخط يده، موثِّقًا من خلالها اكتشافاته وبحوثه حول واحدة من أكثر الواحات المصرية سحرًا وغموضًا.تمثل هذه المذكرات نافذة نادرة على فكر الدكتور فخري، إذ تكشف عن تفاصيل ملاحظاته الحقلية، وتصويباته الدقيقة، وتأملاته حول واحة سيوة، التي تعد من أهم المواقع الأثرية والثقافية في الصحراء الغربية.في هذا التقرير، نستعرض أهمية هذه المذكرات، ومحتواها، والدلالات العلمية والتاريخية التي تنطوي عليها، إضافةً إلى تأثيرها على دراسات علم الآثار في مصر.◄ من هو الدكتور أحمد فخري؟يُعد الدكتور أحمد فخري (1905 - 1973) واحدًا من أبرز علماء الآثار المصريين في القرن العشرين، وقد تميز بإسهاماته الكبيرة في دراسة المواقع الأثرية في الصحراء الغربية وسيناء، بالإضافة إلى أبحاثه حول الأهرامات المصرية. بعد حصوله على درجة الدكتوراه من جامعة برلين، شارك في العديد من البعثات الأثرية، وكان له دور أساسي في توثيق التراث الثقافي لواحات مصر، وخاصةً واحة سيوة، التي كرس جزءًا كبيرًا من أبحاثه لاستكشافها.كتابه "واحة سيوة - SIWA Oasis" يُعد من أهم المراجع العلمية التي تناولت التاريخ والآثار والحياة الاجتماعية في هذه الواحة الفريدة. وقد استند في تأليفه إلى سنوات من البحث الميداني والتنقيب، موثقًا تفاصيل دقيقة عن المعابد، والمقابر، والتقاليد المحلية.◄ المذكرات والمسودات – نافذة على فكر عالم آثار1- وصف المذكرات والمحتوىتضم المذكرات المحفوظة بمكتبة المتحف المصري عدة دفاتر تحتوي على ملاحظات بخط يد الدكتور فخري، تشمل:تصحيحات وتعديلات على فصول الكتاب، مع إضافات تتعلق بالمواقع الأثرية التي زارها في سيوة.رسومات وتخطيطات أولية لبعض المعابد والمقابر، تظهر فيها ملاحظات على الأبعاد والزخارف.مذكرات يومية للبعثات الاستكشافية التي قادها، موضحًا فيها الصعوبات التي واجهها، والتفسيرات الأولية للاكتشافات.هوامش وتعليقات شخصية حول بعض الفرضيات الأثرية، حيث يظهر تطور فكره النقدي أثناء العمل على الكتاب.2- أهمية المسودات في دراسة واحة سيوةتُعد هذه المذكرات وثيقة ثمينة، لأنها تتيح للباحثين فهم تفاصيل البحث الأثري الميداني الذي أجراه الدكتور فخري. ومن خلال مقارنة هذه الملاحظات مع النسخة المنشورة من كتابه، يمكن اكتشاف التطورات التي طرأت على آرائه، وكيفية تنقيحه للمعلومات قبل إصدارها رسميًا. كما تعكس اهتمامه بتوثيق التراث غير المادي للواحة، مثل العادات والتقاليد التي لاحظها أثناء وجوده هناك.3- قيمة المذكرات في دراسة علم الآثارتمثل هذه الوثائق نموذجًا فريدًا لكيفية عمل علماء الآثار المصريين في منتصف القرن العشرين، وتوضح المناهج البحثية التي اتبعها الدكتور فخري. كما تُظهر مدى اهتمامه بالدقة العلمية والتحليل النقدي، وهو ما يجعلها مرجعًا هامًا للباحثين المهتمين بتطور علم الآثار في مصر.◄ واحة سيوة في دراسات الدكتور أحمد فخري1- موقع استراتيجي وتاريخ غنيتعتبر واحة سيوة من أقدم الواحات المأهولة في مصر، وتقع في قلب الصحراء الغربية، بالقرب من الحدود الليبية. منذ العصور القديمة، كانت محطة تجارية مهمة وموطنًا لمعبد آمون الشهير، الذي زاره الإسكندر الأكبر في القرن الرابع قبل الميلاد.2- الاكتشافات الأثرية في واحة سيوةمن خلال بعثاته الاستكشافية، تمكن الدكتور فخري من توثيق عدة مواقع أثرية هامة، أبرزها:معبد آمون: أحد أهم المعابد المصرية القديمة، حيث يُعتقد أن كهنته تنبأوا بمصير الإسكندر الأكبر.جبل الموتى: مقبرة تاريخية تحتوي على العديد من المقابر المنحوتة في الصخور، والتي تعود إلى العصر الفرعوني والروماني.قلعة شالي القديمة: مدينة طينية مهجورة تعود إلى العصور الوسطى، وتعتبر من أبرز معالم سيوة التاريخية.اقرأ أيضا| معبد التنبؤات.. أساطير عميقة في التاريخ3- تأثير دراساته على علم الآثارساهمت أبحاث الدكتور فخري في تعزيز الاهتمام الدولي بواحة سيوة كوجهة أثرية وسياحية. وقد ساعدت ملاحظاته الميدانية في تحسين فهمنا لطبيعة الحياة في الواحات المصرية، ودورها في التاريخ المصري القديم.◄ دور مكتبة المتحف المصري في حفظ التراث العلمي1- كنوز معرفية داخل المكتبةتُعد مكتبة المتحف المصري بالقاهرة واحدة من أهم المكتبات المتخصصة في علم المصريات، حيث تضم آلاف الكتب، والمخطوطات، والمجلات العلمية. ومن بين هذه الكنوز، تحتل مذكرات ومسودات الدكتور أحمد فخري مكانة مميزة، نظرًا لقيمتها العلمية والتاريخية.2- أهمية الحفاظ على المذكرات الأصليةبفضل الجهود المستمرة للحفاظ على هذه المقتنيات، يمكن للأجيال القادمة الاستفادة منها في أبحاثهم. ويعد الحفاظ على المذكرات المكتوبة بخط اليد أمرًا بالغ الأهمية، لأنها توفر رؤية مباشرة لأسلوب التفكير والتحليل العلمي للباحثين الأوائل في علم الآثار.3- إتاحة الوثائق للباحثينتسعى مكتبة المتحف المصري إلى رقمنة هذه المذكرات، وإتاحتها للباحثين المهتمين بدراسة تاريخ علم الآثار في مصر، مما يسهل الوصول إلى هذه المعلومات القيمة، ويحافظ عليها من التلف.◄ كنوز علميةتمثل مذكرات الدكتور أحمد فخري حول كتابه "واحة سيوة" إحدى الكنوز العلمية المحفوظة داخل مكتبة المتحف المصري بالقاهرة، حيث تتيح لنا استكشاف أفكاره وأساليبه البحثية في علم الآثار.إنها ليست مجرد أوراق مكتوبة، بل سجل حي للجهود التي بذلها هذا العالم الجليل في توثيق أحد أهم المواقع الأثرية المصرية. بفضل هذه الوثائق، يبقى إرث الدكتور فخري حاضرًا في ذاكرة البحث العلمي، ملهمًا أجيالًا جديدة من علماء الآثار لمواصلة استكشاف تاريخ مصر العريق.