
السلاح الفلسطيني: ما ضمانات نجاح جمعه؟
منتصف يونيو (حزيران)، تبدأ السلطة اللبنانية جمع السلاح الفلسطيني من مخيمات اللاجئين والبداية من مخيمات بيروت والضاحية الجنوبية. مع بدء تنفيذ هذا القرار يقفل لبنان صفحة خطيرة بدأت بعد حرب الأيام الستة في عام 1967، وتشرعت في «اتفاق القاهرة» عام 1969، عندما تنازل لبنان عن سيادته فأعلنت «فتح لاند» في العرقوب (جنوب البلاد) لتتوسع تباعاً مع تحويل مخيمات لبنان إلى جزر عسكرية خطيرة.
تمثل هذه الخطوة التي أطلقتها أساساً الشرعية الفلسطينية وتقضي بإنهاء الوجود الفلسطيني المسلح، دعماً كبيراً لنهج لبنان في بسط سيادته على أرضه وتطوي صفحات إساءة ارتبطت بهذا السلاح. منذ أكثر من عام أعلن أبو مازن هذا الموقف وكان يردد أن «اللاجئين الفلسطينيين ضيوف على الدولة اللبنانية» ولا بد من ردِّ جميل لما قدمه شعب لبنان للقضية. لكن لبنان الرسمي تجاهل آنذاك الأمر نزولاً عند رغبة «حزب الله». هنا نشير إلى أنه سبق للسلطة الفلسطينية أن أكدت منذ «أوسلو» أن اللاجئين ليسوا بحاجة للسلاح، لأنه لم يعد لديهم مشروع مقاومة أو جبهة قتال من داخل الأراضي اللبنانية. لكن ما حدث أن «حزب الله» حمى هذا السلاح اللاشرعي ووظّفه وفق مخططاته، ما حوّل المخيمات إلى بؤر تحمي مرتكبين وإرهابيين وفارين من وجه العدالة، فأصيب لبنان بخسائر كبيرة طالت مؤسساته وجيشه وشعبه كما اللاجئين.
يوم 8 يونيو 1999، اهتز القضاء عندما اغتال مسلحان 4 قضاة من محكمة استئناف الجنوب وهم على قوس المحكمة، وفرّ الجناة إلى مخيم عين الحلوة قرب مدينة صيدا. ومرت سنوات طوال ليصدر القرار الاتهامي عام 2017، بعد 18 سنة على الجريمة، اتهم «عصبة الأنصار» الإرهابية بالجريمة، وشدد على أن زعيمها أبو محجن «أمر بها لضرب هيبة الدولة اللبنانية».
في منتصف مايو (أيار) 2007 داهمت القوى الأمنية أمكنة في طرابلس تؤوي مطلوبين للعدالة، وفي الـ20 منه تسللت مجموعات مسلحة من «فتح الإسلام» إلى موقع عسكري واغتالت 27 جندياً وهم نيام، ليتبين أن الإرهابي شاكر العبسي زعيم المجموعة التي اختطفت مخيم نهر البارد هو من أصدر الأوامر وتمكن لبعض الوقت من عزل طرابلس عن الضنية وعكار، شمال لبنان. لقد دفع الجيش مئات الضحايا قتلى وجرحى في معركة الخلاص من إرهابيي مخيم البارد الذين حولوا الأهالي إلى دروع بشرية. وفي تلك المواجهة مع الإرهاب افتضح دور «حزب الله»، عندما وضع خطاً أحمر على قرار السلطة والجيش إنهاء تلك الحالة الخطيرة.
بين جريمة اغتيال القضاة في صيدا وجرائم إرهاب مخيم البارد، قرر مؤتمر الحوار اللبناني، قبل حرب يوليو (تموز) عام 2006 جمع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات كخطوة أولى يليها «ضبط» السلاح داخلها، لكن «حزب الله» سرعان ما انقلب على الاتفاق وبقي السلاح الفلسطيني خارج الشرعية اللبنانية. وعلى مدى سنوات شهد مخيم عين الحلوة، كما سواه، سلسلة اشتباكات أودت بالأبرياء، وكان العنوان محاولات «حماس» المدعومة من «الحزب»، السيطرة على أكبر مخيم في لبنان، بعدما تقدمت على «منظمة التحرير» في مخيمي صور: البص والرشيدية اللذين يقعان في النطاق الجغرافي لهيمنة «حزب الله»، ومنهما انطلقت مؤخراً عمليات الصواريخ اللقيطة التي استغلها العدو لشن المزيد من عمليات القتل والتدمير.
للخطوة الفلسطينية اليوم بنزع الشرعية عن كل سلاح في المخيمات أكثر من جانب. وأغلب الظن أن أبو مازن الذي يلح منذ سنوات على وضع المخيمات بعهدة الدولة اللبنانية، ويدعو لإعادة نظر بكيفية التعامل مع اللاجئين، يريد استباق أي محاولة فتنة فلسطينية - فلسطينية، وهذا ما أشار إليه رئيس الحكومة نواف سلام عندما قال: «إن قوة الفلسطينيين اليوم ليست بالسلاح إنما بالاعتراف الدولي والدبلوماسية».
مقدر هو حرص «منظمة التحرير» على محاذرة أي محاولة فتنة لبنانية فلسطينية تهدد بها قوى الممانعة. فزيارة عباس للبنان وما حملته من دعم للبنان لاستعادة سيادته أثارت غيظ بقايا محور الممانعة الذي صدرت من أوساطه مواقف تعتبر أن الرئيس الفلسطيني «لا يمون إلاّ على فصيله (أي فتح)» وأنه إذا سلّمت «فتح» سلاحها فستخضع المخيمات للمتطرفين. وتشير هذه الأوساط إلى أن سلاح حركتي «حماس» و«الجهاد» يحظى أيضاً بغطاء من «حزب الله».
إن «حزب الله» الذي يمانع تسليم سلاحه، مدرك أن جمع السلاح الفلسطيني يحاصر رهاناته على إمكانية إعادة عقارب الساعة إلى الوراء فيطلق الخطب الانتصارية التي تجمع بين المكابرة والإنكار وتجاهل التداعيات والتعامي عن واقع ما بعد الزلزال اللبناني والتغيير النوعي في موازين القوى الإقليمية. لذا فقد يتعمد إعاقة التنفيذ ولو أدى ذلك لافتعال صدامات! بهذا الإطار يفهم أن تكون بداية جمع السلاح الفلسطيني من مخيمات بيروت وليس صور التي تقع جنوب الليطاني، لكن ضمانة النجاح تكون في الموقف اللبناني الحازم لفرض سيادة الدولة وحدها دون أي شريك. وما لفت الاهتمام بالتعبير عن هذا المنحى ما أعلنه رئيس الوزراء نواف سلام من أن «عصر تصدير الثورة الإيرانية قد انتهى ولن نسكت عن بقاء أي سلاح خارج سلطة الدولة».
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مجلة سيدتي
منذ 2 ساعات
- مجلة سيدتي
ريا أبي راشد تعلن خوض تجربة التمثيل لأول مرة: وجدت الشخص المناسب
كشفت الإعلامية ريا أبي راشد عن مفاجأة من العيار الثقيل، مؤكدة أنها تقترب من خوض تجربة التمثيل لأول مرة، بعد تقديمها عددًا من الأدوار الصوتية فقط. وقالت ريا أبي راشد خلال لقائها مع الإعلامية منى الشاذلي في برنامج "معكم" المذاع عبر قناة ON: "مؤخرًا اتعرض عليَّ ويمكن أخوض تجربة التمثيل، لكن مش دور رئيسي". أوضحت ريا أبي راشد سبب تفكيرها في خوض تجربة التمثيل قائلة: "لأنه أفتكر لقيت الشخص المناسب لخوض تجربة التمثيل معه، وما فيني أقول هو مين لأنه ما تأكد أي شيء". وأضافت ريا أبي راشد: "هذه فرصة مناسبة لأعرف إذا عندي موهبة بالتمثيل أم لا، والدور سيكون ضمن عمل عربي". وسبق أن استعادت ريا أبي راشد ذكرياتها مع مهرجان كان السينمائي الدولي ، في لقاء خاص وعفوي مع كاميرا مجلة "سيدتي" وذلك على هامش تواجدها في فعاليات النسخة الـ 78 من المهرجان، حيث كشفت عن أول غلاف صورته لـ" سيدتي" كان من مهرجان كان معبّرة عن سعادتها بهذه العلاقة الدائمة والمستدامة بينها وبين المجلة. وكشفت ريا أبي راشد أنها حضرت مهرجان كان السينمائي للمرة الأولى في عام 1997 وكانت وقتها الدورة الـ 50 مشيرة إلى أنها تتذكر بأن المخرج المصري العالمي يوسف شاهين تم تكريمه في هذه الدورة بإعطائه جائزة المهرجان الكبرى، وقالت:"على أيام" كان بروس ويليس وديمي مور مايزالان متزوجين. وكان موجوداً مايكل جاكسون". مضيفة أنها كانت وقتها مستمتعة للغاية بالتواجد لتغطية الحدث والمتابعة مع المصورين، ورؤية النجوم قبل "أن يكون لدينا كل هذا العدد من اللقاءات مع النجوم كما في الوقت الحالي". أول مقابلة كبرى في مهرجان كان وتابعت ريا أبي راشد بأنها كانت صغيرة عندما تواجدت للمرة الأولى في مهرجان كان السينمائي الدولي. وتذكرت ريا أول مقابلة أجرتها في مهرجان كان السينمائي الدولي، مع النجمة العالمية سيغورني ويفر وكان خلال الدورة الـ 50 عام 1997، قائلة:"كنت أتوتر كثيراً في اللقاءات التي أجريتها في بداياتي، فكل مقابلة بالنسبة لي كانت مناسبة وحدثاً كبيراً". يمكنكِ قراءة.. وعن تغيير مكان فعاليات مهرجان كان عما كانت عليه في الماضي، قالت ريا أبي راشد بأن الاختلاقات ليست كبيرة خاصة وأن الفرنسيين يحبون الأفلام خاصة في أيام العطلة حيث يأتي جمهور كبير إلى كان لمشاهدة فيلم أو التقاط صورة مع نجمهم المفضل، خاصة وأنه في الماضي كان النجوم يسيرون في جنبات المكان بشكل طبيعي ويحتكون بالجمهور أكثر. مؤكدة على أن الناس لديها نفس الحماس للمهرجان ولا يوجد شيء تغير. سيدتي تلتقي ريا أبي راشد في حفل المرأة في السينما وكانت " سيدتي" قد التقت بالاعلامية ريا أبي راشد خلال حفل المرأة في السينما Women In Cinema الذي أقامته مؤسسة البحر الأحمر السينمائي ، على هامش مهرجان كان السينمائي 2025 ، وتحدثت فى لقاء خاص، عن التجهيزات والترتيبات التي تقوم بها قبل تواجدها على السجادة الحمراء للمهرجانات والأحداث الفنية الهامة. وقالت ريا أبي راشد:" باعتباري إعلامية وهناك أضواء مسلطة عليّ وأقدم برنامج سكوب مع ريا، فالتجهيزات تكون مع فريق عمل البرنامج صباحاً وليلاً قبل أي حدث كبير، والحقيقة أنا محظوظة بالأشخاص الذين يعملون معي لأنهم يعتنون بي ويساعدونني كثيراً". وعن السينما وأكثر ما تحبها فيها كشفت ريا أبي راشد أنها تستطيع خلال السينما الخروج من الواقع عبر صالة سينمائية تجلس فيها وتسافر مع الأفلام إلى عالم آخر، مشيرة إلى أن ذلك يجعلها تبتعد عن المشاكل اليومية الحياتية وترى ما يحدث في العوالم الأخرى، مشددة على أن عالم السينما هو الذي خلق لديها الشغف طوال السنوات الماضية. لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا « إنستغرام سيدتي ». وللاطلاع على فيديوغراف المشاهير زوروا « تيك توك سيدتي ». ويمكنكم متابعة آخر أخبار النجوم عبر «تويتر» « سيدتي فن ».

العربية
منذ 3 ساعات
- العربية
غارات إسرائيلية تستهدف فجرا بلدة شمسطار في البقاع شرق لبنان
شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية، فجر اليوم الجمعة، 4 غارات استهدفت أطراف بلدة شمسطار في البقاع شرق لبنان. وبحسب "الوكالة الوطنية للإعلام" اللبنانية الرسمية، شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي 4 غارات متتالية اعتباراً من بعد منتصف الليل، على أطراف بلدة شمسطار، لجهة بلدة طاريا غرب بعلبك في البقاع شرق لبنان. وكانت سلسلة غارات إسرائيلية قد استهدفت مساء أمس وليلا عددا من المناطق في جنوب لبنان. وأمس الخميس قُتل شخصان في ضربات ونيران إسرائيلية في جنوب لبنان، وفق وزارة الصحة اللبنانية، في أحدث تصعيد على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار الساري بين إسرائيل وحزب الله. وأفادت "الوكالة الوطنية للإعلام" الرسمية اللبنانية بغارات إسرائيلية وبقصف لمناطق عدة في الجنوب. وأفادت وزارة الصحة اللبنانية في بيان بسقوط قتيل "بسبب إطلاق نار من العدو الإسرائيلي على بلدة كفركلا". وفي وقت سابق، قالت الوزارة في بيان إنّ غارة إسرائيلية بمسيرة على حرج علي الطاهر - النبطية الفوقا أدت إلى سقوط قتيل. وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه استهدف "إرهابيا في حزب الله" كان يقوم "بإعادة تأهيل موقع يستخدمه" الحزب "لإدارة أجهزته النارية والدفاعية". ومساء الخميس، قال الجيش الإسرائيلي إنه هاجم عدة مواقع عسكرية في أنحاء لبنان قال إنها تابعة لحزب الله. وأشار الجيش الإسرائيلي في منشور على تطبيق تليغرام إلى أهداف قال إنها جزء من "بنية تحتية إرهابية تحتوي على أسلحة" في منطقة صيدا. وأضاف أن حزب الله كان يحاول إعادة تأسيس نفسه هناك. وقال الجيش أيضا إنه قصف مواقع عسكرية أخرى لحزب الله في جنوب لبنان تحتوي على منصات إطلاق صواريخ وقذائف. وتابع الجيش الإسرائيلي في نفس المنشور على تليغرام أن وجود أسلحة ونشاط حزب الله في هذه المناطق هو "انتهاك صارخ للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان". يذكر أن إسرائيل لم تلتزم ببنود اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل الذي بدأ تنفيذه في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ولا تزال تنفذ غارات في جنوب لبنان وشرقه وفي الضاحية الجنوبية لبيروت. كما لا تزال قواتها متواجدة في خمس نقاط في جنوب لبنان. وعلى الرغم من وقف إطلاق النار، قال الجيش الإسرائيلي إنه يحتفظ بحقه في مواصلة استهداف مواقع الحزب في لبنان.


مجلة سيدتي
منذ 3 ساعات
- مجلة سيدتي
الصداقة الافتراضية.. هل هي حقيقية وتدوم؟
في عصرِ التكنولوجيا المتقدِّمة، والعالمِ الافتراضي الذي نعيشُ فيه، أصبح عقدُ الصداقاتِ، ثم الحفاظُ عليها أكثر أهميَّةً من أي وقتٍ مضى، فاليوم صارت علاقاتُنا الاجتماعيَّة، خاصَّةً الصداقات، مثل أنبوبِ الأوكسجينِ للمرضى في المستشفيات، شريانُ حياةٍ. لكنْ هل يتطلَّب الأمرُ علاقاتٍ جيِّدةً ومتينةً وإن كانت قليلةً، أم أن عدداً كبيراً من الصداقاتِ السطحيَّة، سيفي بالغرض؟ في هذا الشأن، تقولُ الدكتورة كارلا كسرواني، الاختصاصيَّةُ في علم النفس، في حديثها لـ «سيدتي»: «عندما يسألني عملائي عن ذلك، أميلُ إلى تقديمِ إجابةٍ متعدِّدة الطبقات». الصداقات العميقة تؤكِّدُ الدكتورة كارلا كسرواني، أن «الأبحاثَ العلميَّة، تشجِّع على عقدِ صداقاتٍ عميقةٍ، وعاليةِ الجودة، تُثري الروح، وتزوِّدنا بأكبر قدرٍ من الدعمِ العاطفي، والدفء، فهما عنصرَان أساسيَّان في الحفاظِ على حالةٍ عقليَّةٍ متوازنةٍ، تسهم في مواجهةِ عديدٍ من التحدِّيات النفسيَّة مثل الاكتئابِ ، و القلق ». تقولُ، شارحةً أهميَّة الصداقةِ المتينة: «عكسَ الدولِ الغربيَّة، نحن محظوظون بشكلٍ خاصٍّ في هذا الجزءِ من العالم، فعلى الرغمِ من كلِّ الصعوباتِ التي نواجهها إلا أننا ما زلنا قادرين على الحفاظِ على شبكةٍ اجتماعيَّةٍ قويَّةٍ في حياتنا اليوميَّة. إن الاتِّصالَ بصديقٍ عزيزٍ، وعرضَ مشكلاتنا عليه له تأثيرٌ إيجابي كبيرٌ في حالتنا النفسيَّة والمزاجيَّة، تأثيرٌ يشبه مفعوله ما نشعرُ به عند تناولِ حبوبٍ مضادةٍ للاكتئاب، فالصداقةُ الحقيقيَّة، تزوِّدُ عقولنا بالدفءِ، والدعمِ، والحبِّ اللازم للبقاءِ على قيد الحياة. إنهم يملؤون حياتنا بالمعنى، ويضعوننا فيما هو مهمٌّ». وتستدرك: «لسوء الحظ، الحياةُ الافتراضيَّة التي نعيشها اليوم، جعلت من الصعبِ علينا تكوينَ صداقاتٍ، أو حتى الحفاظَ عليها». وحول أفضلِ الأماكنِ للقاء أشخاصٍ جددٍ وذوي اهتماماتٍ مشتركةٍ، تجيبُ الدكتورة كارلا: «لفعل ذلك، يمكن زيارةُ صالةِ الألعابِ الرياضيَّة المحليَّة، أو حضورُ دروسِ نشاطٍ ما، أو ممارسةُ هوايةٍ معيَّنةٍ في مكانٍ عامٍّ، أو الوجودُ في التجمُّعات المجتمعيَّة، لكنْ، الأهمُّ من عقدِ صداقاتٍ جديدةٍ، تعلُّمُ كيفيَّة الحفاظِ على العلاقاتِ المحتملة، وتطويرها إلى صداقاتٍ قويَّةٍ، وهنا تبرزُ نقطتان رئيستان، الأولى معرفةُ احتياجاتك، إذ سيُساعدك ذلك في تحديدِ الصداقاتِ الجديرةِ بالاهتمام، فهذا الشخصُ، يمكن أن يكون قادراً على الاستماعِ إليك، و التعاطفِ معك، أو متاحاً في وقتٍ قصيرٍ، أو على مقربةٍ منك، أو يشاركك فقط شغفاً مماثلاً، والثانية معرفةُ احتياجاتِ الآخرين على اختلافها فحتى الصداقاتُ الحقيقيَّة، تتطلَّب قدراً معيَّناً من الاستثمارِ من الطرفين للحفاظِ عليها. إنها لا تحدثُ بسهولةٍ، لذا يجب أن نهدفَ دائماً إلى الحفاظِ على التوازنِ الذي تعلِّمنا إياه الطبيعةُ الأم، ذاك التوازنُ المثالي بين الأخذِ والعطاء. نحن ببساطةٍ لا نستطيع أن نُخرِجَ نفساً دون أن نأخذَ آخرَ. هذه هي دورةُ الحياة، وعليه يجب البحثُ عن تعزيزِ تلك الاتِّصالات التي تزوِّدك بالقدرِ الذي ترغبُ في بذله من جهدٍ ووقتٍ ودعمٍ». يمكنك أيضًا الاطلاع على الصداقات عالية الجودة نادرة وعلى الرغمِ من أهميَّة الصداقاتِ الحقيقيَّة وعاليةِ الجودة، كونها تثري حياتنا إلا أن الدكتورة كارلا ترفضُ أن نجعل البحثَ عنها هدفاً رئيساً لنا. تبرِّرُ ذلك بالقول: «لسنا جميعاً محظوظين في هذا العصر لنعقدَ هذا النوعَ من الصداقات. هؤلاء الأصدقاءُ نادرون! لذا أميلُ إلى مقارنةِ الروابطِ الاجتماعيَّة في حياتنا بمجموعةِ الأدراج الموجودةِ في غرفة نومنا. إذا لم نتمكَّن من ملءِ الدرجِ العلوي ببعض الصداقاتِ الحقيقيَّة، فهذا لا يعني أن نتوقَّف عن ملءِ بقيَّة الأدراج من خلال العلاقاتِ عبر الشبكاتِ المهنيَّة والعائلة. يحتاج كلُّ واحدٍ من هذه الأدراجِ إلى الاستثمارِ في وقتنا وجهدنا ففي نهايةِ المطاف نحن مخلوقاتٌ اجتماعيَّةٌ قائمةٌ على التواصل». وتطرَّقت إلى العلاقاتِ التي تنشأ حالياً في «السوشال ميديا» مبينةً أن «الباحثين، توصَّلوا في إحدى الدراساتِ إلى أن وجودَ مئاتٍ من الأصدقاءِ والمتابعين في مواقعِ التواصل الاجتماعي ، ليس بديلاً أبداً عن الأصدقاءِ المقرَّبين، وإن كانوا قليلين في الحياةِ الواقعيَّة، وقد أثبتت أبحاثٌ عدة، أن الأشخاصَ الذين يحظون بصداقاتٍ قليلةٍ أكثر سعادةً مقارنةً بأولئك الذين يعقدون صداقاتٍ كثيرةً في الإنترنت، وأن مئات الصداقاتِ الافتراضية في هذه المواقع، لا تُغني الشخصَ عن الأصدقاءِ المقرَّبين في الحياةِ الواقعيَّة، فمَن تربطنا بهم صلةٌ على الإنترنت سواءً كانوا زملاءَ دراسةٍ، أو عملٍ، ليس لهم أي تأثيرٍ على سعادتنا.» لافتةً في هذا الجانب إلى أن «باحثين أكدوا أن وسائلَ التواصلِ الاجتماعي، تشجِّعُ الشبابَ اليوم على تكوين شبكاتِ تواصلٍ أكبر على حسابِ الصداقاتِ الحقيقيَّة! وهذا ما أوردته صحيفةُ ديلي ميل البريطانيَّة»، مشدِّدةً على أن «أفضل علاجٍ للوحدة قضاءُ بعض الوقتِ مع الأشخاص المقرَّبين منَّا في الحقيقة». وفي ختامِ حديثها، نصحت الدكتورة كارلا ببناءِ روابطَ اجتماعيَّةٍ قويَّةٍ. تقولُ: «تأثيرُ الروابطِ الاجتماعيَّة، لا يرتبطُ بالعدد، وإنما بقوَّةِ وجودةِ هذه الروابط. قد تكون محاطاً بكثيرٍ من الأشخاص، ولديك آلافُ العلاقاتِ في مواقعِ التواصلِ الاجتماعي، ومع ذلك تشعرُ بالوحدة! والعكسُ صحيحٌ عندما يكون لديك عددٌ وإن كان قليلاً من الأشخاصِ الذين تتفاعلُ معهم، وتشعرُ بارتباطٍ كبيرٍ بهم. الروابطُ الاجتماعيَّة القويَّة وعاليةُ الجودة، تُبنى على الحبِّ، وتستنيرُ باللطفِ والمشاعرِ الإيجابيَّة التي تعزِّزُ الأداءَ والمرونة، كما تتميَّزُ بتجاربَ مشتركةٍ ذات مغزى، وعلاقاتٍ ذات منفعةٍ متبادلةٍ، يعطي فيها الأفراد ويتلقُّون». يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال