
"روافد الإيقاع الداخلي في السرديات الشعرية".. دراسات تطبيقية للخزاعلة
عزيزة علي
عمان - في محاولة نقدية جادة لاستكشاف الموسيقا الخفية التي تسري في جسد القصيدة الحديثة، صدر عن "الآن ناشرون وموزعون" كتاب جديد للباحث الدكتور صالح الخزاعلة بعنوان "روافد الإيقاع الداخلي في السرديات الشعرية: (شجرة الكون) أنموذجا"، ويشكل امتدادا لمشروعه النقدي الذي بدأه في الجزء الأول المعنون بـ"روافد الإيقاع الداخلي في سردية (شجرة الكون)".
اضافة اعلان
يتناول الخزاعلة في هذا العمل الإيقاع الداخلي في قصيدة النثر، عبر دراسة تطبيقية معمقة لأعمال الشاعر الأردني جميل أبو صبيح، مركزا على مجموعته "شجرة الكون"، ومحللا روافدها الإيقاعية والجمالية من خلال دور الراوي الذي يقود إيقاع النصوص بوصفه "مايسترو" السرد الشعري.
في هذا الكتاب، لا يكتفي الخزاعلة باستعراض الأبعاد الموسيقية للنصوص الشعرية الحديثة، بل يغوص في تفاصيل البنية الإيقاعية التي تتشكل بعيدا عن الأوزان التقليدية، ليكشف عن شبكة من العلاقات الداخلية التي تصنع إيقاع القصيدة وتمنحها طاقتها التعبيرية الفريدة.
ويأتي هذا الجهد النقدي في سياق أكاديمي بحثي؛ حيث تشكل مادة هذا الكتاب جزءا من متطلبات مرحلة الدكتوراه في الجامعة الهاشمية، ضمن مساق "الموسيقا في الشعر"، بإشراف الشاعر والناقد الدكتور ناصر شبانة، الذي قدم للكتاب واعتبره إضافة نوعية في حقل الدراسات النقدية الحديثة.
في التمهيد، يوضح الدكتور الخزاعلة أن هذا الكتاب جاء ضمن متطلبات مرحلة الدكتوراه في الجامعة الهاشمية، وتحديدا في مساق "الموسيقا في الشعر"، الذي تشرف فيه بالدراسة بإشراف أستاذه في مرحلة الماجستير، الشاعر والناقد الدكتور ناصر شبانة.
وقد وضع خطة بحثية من جزأين: الأول نظري تناول فيه الإيقاع الداخلي وروافده، أما الثاني فتناول فيه تطبيقيا روافد الإيقاع الداخلي في السردية الشعرية شجرة الكون. وقد اختار هذا النص تحديدا لما رآه أستاذه فيه من غنى فني عال في هذا المجال، حيث سعى الخزاعلة، بعد قراءات معمقة للنص، إلى استجلاء عناصره الإيقاعية.
يشير الخزاعلة إلى أن كتابه هذا يتناول "روافد الإيقاع الداخلي"، أو ما يعرف بـ"الموسيقا الداخلية" في القصيدة العربية المعاصرة. إذ تتميز هذه القصيدة بوجود إيقاع داخلي مستقل عن التفعيلات والإيقاع الخارجي التقليدي الذي اعتاده النقاد والباحثون. كما يناقش الكتاب دور الراوي (المايسترو) في توجيه الإيقاعات الداخلية والتحكم بها، ويسعى في بداياته إلى تحديد مفهوم الإيقاع الداخلي، ثم استكشاف أبرز روافده التي تسهم في تشكيل الإيقاع في القصيدة العربية الحديثة، خصوصا في "قصيدة النثر" أو "السرديات الشعرية"، التي تمثل موضوع الدراسة.
ويقول المؤلف إنه، من خلال هذا الكتاب، عاين عددا من الدراسات التي تناولت الإيقاع الداخلي في القصيدة العربية، وتوصل إلى أن أبرز الروافد التي يتشكل منها إيقاع القصيدة تتمحور في: التكرار بأنواعه (تكرار الأسماء، الأفعال، الجمل، العبارات والحروف)، إضافة إلى العناصر السردية، وأهمها دور الراوي "المايسترو"، الذي يعكس شخصية الشاعر، ويضبط إيقاعات القصيدة صعودا ونزولا من خلال سرد الأحداث وتتابع الأفعال وتآلف الجمل والكلمات في نسق شعري معبر.
كما تلعب الصورة الشعرية دورا بارزا في تشكيل الإيقاع الداخلي، خصوصا من خلال مبدأ الثنائية (الصورة المنسجمة مع الواقع، والمتناقضة معه)، حيث يشكل التبادل الصوري نوعا من الإيقاع التصاعدي المعبر عن انفعالات الشاعر وعواطفه بطريقة موسيقية تتفاعل مع المتلقي.
ويؤكد المؤلف أن هذا الكتاب يتناول السردية الشعرية في "الشجرة الكونية" للشاعر الأردني جميل أبو صبيح، ويعالج دورها في نمو الإيقاع الداخلي للقصيدة، كاشفا عن آليات اشتغاله وتفاعله التراتبي داخل النص.
وفي مقدمة الكتاب، يبرز المؤلف أن الشعر العربي هو شعر متطور انساب عبر حركة تاريخية ابتدأت في الجاهلية، وتطور بتطور الحياة الثقافية والاجتماعية في العالم العربي. وقد حافظ على تقاليده الإيقاعية المستندة إلى تفعيلات الخليل العروضية وأوزان بحصوره الشعرية إلى أن وصلت إيقاعاته المنتظمة والموزونة إلى الحياة العربية المعاصرة في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، حيث بدأت حركة شعر التفعيلة على يد "نازك الملائكة وبدر شاكر السياب"، ثم تلاها الشعراء العرب فيما بعد، وهو شعر اعتمد على البساطة والميل إلى التخفيف من القيود والوزن والبحور العروضية.
وقد أدت هذه المتغيرات الإيقاعية على مستوى الوزن والقافية عند الشعراء إلى البحث عن تطور جديد في بناء القصيدة العربية لاحقا، وظهر تيار "قصيدة النثر" بقيادة أدونيس وأنسي الحاج وآخرين، متأثرين بالنموذج الفرنسي الساعي إلى الانفلات من الإيقاعات والأوزان الشعرية والقوافي التقليدية.
ويرى المؤلف أن هذه المتغيرات الإيقاعية دفعت الشعراء إلى البحث عن أنماط إيقاعية جديدة تقوم على علاقات داخلية، بعيدا عن القوالب الجاهزة، وهذا ما سعى إلى توضيحه من خلال دراسة سرديات أبو صبيح. كما يركز الكتاب على ما ينتج عن الأثر النفسي للحالة الشعورية والانفعالات والدلالات الناتجة عن روافد الإيقاع.
وخلص المؤلف إلى أن هذا الكتاب يعد محاولة لاستيضاح العلاقات الداخلية التي تنهض عليها قصيدة النثر في تشكيل إيقاعها الداخلي، مع إبراز الدور الذي يؤديه "الراوي-المايسترو" في التحكم بأهم الروافد، بما يتناسب وصناعة هذا النمط من الإيقاعات في سرديات جميل أبو صبيح، نظرا لقوة حضور الراوي في قصائده النثرية المسماة بـ"السرديات". كما يتناول الكتاب الإيقاعات المتشكلة بفعل الأثر النفسي الناتج عن الانفعالات، والحالة الشعورية، والدلالات التي تفرزها تلك الروافد.
بدوره، أكد مقدم الكتاب الدكتور ناصر شبانة، أن تجربة الشاعر جميل أبو صبيح الشعرية تستحق المزيد من التأمل والدراسة من قبل النقاد والباحثين، لما تتميز به من خصوصية وتفرد. وقال شبانة "إن أبو صبيح شاعر مختلف، خاض غمار قصيدة النثر، ذلك المركب الصعب، من دون أن يعجز عن كتابة شعر التفعيلة أو شعر الشطرين، فقد جرب مختلف أشكال القصيدة العربية، ثم اختار عن وعي قصيدة النثر، مستثمرا خبرته وتجربته في بناء مدماكها العويص، ونجح في ذلك؛ إذ استطاع أن يخلق الإيقاع البديل -إيقاع النص- بمعزل عن تفعيلات الخليل بن أحمد".
وأوضح شبانة، في تقديمه، أن أبو صبيح تمكن من إضفاء موسيقا داخلية خاصة على نصوصه، دون اللجوء إلى "الوصفة الجاهزة" التي يعتمدها كثير من الشعراء من خلال الأوزان والقوالب التقليدية، التي يمكن لأي شاعر أن يملأها بالكلمات دون عناء.
وأضاف: "لقد شاء أبو صبيح أن يرفع سقف القصيدة على أعمدة غير مرئية، فجاء نصه معلقا على إيقاع خفي، فاعل، قادر على حمل ثقل القصيدة دون الاستعانة برافعات الوزن التقليدي من بحور خليلية أو قوافٍ مكرورة".
وأردف: "هذا ما يثير الإعجاب في تجربته، إذ تنساب عباراته وكلماته في فضاء من الإيقاع الشفيف، الذي يتغلغل في مسام النصوص، ليغدو جزءا لا يتجزأ منها، لا مجرد إيقاع خارجي طافٍ على سطح النص أو منساب في هوامشه".
وبين الدكتور شبانة أن الباحث صالح الخزاعلة قدم في هذا الكتاب قراءة نقدية معمقة في سرديات أبو صبيح، تمثلت بلفتات جريئة وإضاءات عميقة كشفت عن مكنونات التجربة الشعرية، وارتفعت بها إلى آفاق تحليلية راقية، ما يجعل هذا العمل النقدي إضافة تستحق الالتفات والاهتمام.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا نيوز
منذ 7 ساعات
- رؤيا نيوز
هنا الأردن.. ومجده مستمر جرش 2025
كالعادة، يعود الفن ليحمل أهم العناوين، متجاوزاً كل أشكال الفعاليات الأخرى. جرش 2025 هو سارية تعلو، حملت أبرز العلامات الفارقة خفّاقة في مسيرة الإرث والثقافة والتراث، تنقلك دون ملل بين عبق التاريخ، وأرث الحاضر، وأضواء إشراقة المستقبل. يحمل المهرجان في دورته التاسعة والثلاثين شعاراً بدأ بتحديد الموقع للفرح، فقال: «هنا الأردن»؛ ليعلن أننا موطن لا يتوقف فيه الزمن، ولا تنتهي فيه الحياة، لنكون مملكة الزمن… تاريخاً، وحاضراً، ومستقبلاً، كما تعلنها هيئة تنشيط السياحة في كل جولة تسويقية. «هنا الأردن»، رسالة مهرجان هو الأقوى؛ تتنوّع فيه أشكال الإعلان، وتعلو أصوات الحياة في المسارح والساحات وأروقة جرش، التي تجمع كل محبٍّ للحياة، متطلّعٍ للشغف، مقبلٍ ليعيش أسلوب الفرح المختلف. جرش ليس مجرد أيام تنتهي، بل كان — وسيبقى — أول خطوة نحو العالمية لكثيرين نعرفهم. جرش ليس ترفاً فنياً بقدر ما هو رغبة في رسم لوحات لا تُنسى. جرش ليست غناءً ورقصاً فقط، بل قصة يكتبها كل مشارك وزائر ومتابع. جرش ليس سنوات وأرقاماً لدورات تُعقد، بل هو ذكريات لا تنسى؛ فكم من بيننا من يتذكر فعالية نقشها في عقله وقلبه، ولا يتذكر تاريخ إقامتها! «مجده مستمر»، شطر الشعار وعمق المعنى؛ حكاية القدماء، وفعل الآباء، ومعول الأبناء نحو المستقبل. هي إرادة الفخر والإباء التي لا تنضب، بما يبذله رجال الحق، وتخيّط أهدابه أمهات الوطن، لتضيف جرش — المهرجان — لوحة جديدة مستمرة لا تتوقف، تُرفع إلى جانب لوحات كثيرة تتغنّى وتعلو بالأردن، كلٌّ حسب موقعه ومكانه ومكانته. «هنا الأردن» — رغم أصعب الظروف وأحلك الليالي — يفتح أبوابه استقبالاً ودعوةً للفرح، في باقة تنوعت أزهارها من مختلف الفعاليات، لتكون ضمن برنامج تسويق الأردن سياحياً، وفنياً، وثقافياً، وتراثياً. ويُعلن أن أبوابه وترابه وسماءه آمنةٌ مطمئنّة، بزنود رجال الأمن الذين يشكّلون — بمختلف تشكيلاتهم — باقة أخرى من الهيبة والمنعة، ليكونوا لوحةً تضاف إلى لوحات العز والفخر والفرح الأردني. جرش 2025 هو أهم خطوات إعادة الثقة في صيفٍ آمن، يؤكد أن شمس الوطن تسطع، مرسلةً شعاع الأمل لكل المنطقة. وهذا يستحق الدعم، والوقوف، والمساندة، فعلاً وقولاً ورعايةً، لأننا نعلم أن هذه الرسالة أقوى من كل تصريح، وأجدى من كل مقال؛ فهي الحركة والصورة الحية لكل متطلع لزيارة الأردن هذه الأيام، وهي الأمل بعودة السياحة التي تعيد — في كل قطاع اقتصادي — ضخ دماء الأمل. فلنقف دعماً لإحياء جرش، المهرجان. ولنتجاوز فئة المشكّكين والرافضين.


رؤيا نيوز
منذ 8 ساعات
- رؤيا نيوز
كيف تعامل الجيل 'زد' مع الحرب بين إيران وإسرائيل؟
بعد اندلاع الحرب بين إيران وإسرائيل، في 13 يونيو، ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بمنشورات لأفراد من جيل 'زد' يعبرون فيها، بسخرية، عن تخوفهم من اندلاع حرب عالمية ثالثة، بل أخذوا في الإعداد لها. وذكر تقرير لموقع 'يو إس إي توداي'، أن جيل 'زد' لم يختبر ثقافة الحرب بعد، عكس جيل الألفية الذي شهد الغزو الأميركي للعراق وأفغانستان. ولد معظم أفراد هذا الجيل بعد أحداث 11 سبتمبر، وتشكلت ذاكرتهم الجماعية أساسا خلال جائحة كوفيد-19. يميل جيل 'زد' إلى التعامل مع الأزمات من خلال نشر تغريدات ومنشورات تعكس مشاعر الخوف، كما حدث عقب الهجوم الأميركي على مواقع نووية إيرانية، وفقا للتقرير ذاته. ومنذ اندلاع الحرب بين إيران وإسرائيل، عبّر مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي عن مخاوفهم من امتداد الصراع إلى حرب عالمية ثالثة، بل ذهب بعضهم إلى نشر محتوى يُقدم نصائح حول كيفية التصرف في أوقات الحرب. وقالت إحدى مستخدمات تطبيق 'تيك توك': 'كنت فقط أريد أن أعيش حياتي بسلام مع كلبي، لكن يبدو أن هذا كثير جدا لأطلبه'. وكتب آخر: 'هذا الخوف من الحرب يجعلني أتساءل إن كنت سأتمكن يوما من أن أصبح زوجا وأبا'. نفس الشيء وقع للمستخدمين العرب، إذ نشر أحدهم: 'لا، لا يمكن أن أموت قبل أن أزور إيطاليا!'، وكتب آخر: 'يجب على إيران أن تُعلِمَنا بردّها، لأقرر ما إذا كنت سأدفع إيجار المنزل، أم أننا سنموت!'. إضافة إلى نشر مقاطع فيديو لصواريخ، ومبان مهدّمة، وخراب. وقد يبدو هذا مضحكا أو غير منطقي للكبار، لكنه بالنسبة للشباب وسيلة للعثور على بعض الهدوء وسط هذا الجنون، وفقا المصدر نفسه. ووفقا للموقع، يعتمد أسلوب جيل 'زد' في التعبير على منشورات تمزج بين الكآبة والعبث والفكاهة والسخرية. وعلّقت كريستيان هاريسون، أستاذة الإعلام بجامعة نورث كارولاينا الزراعية والتقنية، بالقول إن هذه المنشورات تعكس شعور الغرابة في مواصلة الحياة بشكل طبيعي بينما يواجه مدنيون في مناطق أخرى خطر الموت. وأشارت إلى أن الاعتماد على الفكاهة المبالغ فيها يُعد وسيلة جيل زد للتعامل مع الأخبار المخيفة والسريالية. تقول هاريسون إن منشورات السخرية والفكاهة تنبع من حاجة للتعامل مع الضغط الناتج عن الأخبار المخيفة المتعلقة بالحرب. وأظهرت استطلاعات للرأي أن الشباب الأميركيين المنتمين لهذا الجيل يميلون أكثر إلى دعم فلسطين، ويرفضون إرسال المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل، كما يرفضون التدخلات العسكرية الخارجية، بحسب 'يو إس إي توداي'


رؤيا نيوز
منذ 16 ساعات
- رؤيا نيوز
ترقية الدكتورة غادة أبو العينين إلى أستاذ مشارك
صدر قرار مجلس عمداء كلية العلوم التربوية والآداب / جامعة الأونروا بترقية الدكتورة غادة أبو العينين من رتبة أستاذ مساعد إلى أستاذ مشارك في ( الأدب الإنجليزي) . نبارك للدكتورة غادة ولزوجها الدكتور محسن أبو عوض وعائلتها هذا النجاح المستحق والمقدر وعقبال الأستاذية .