logo
رمية القسام "الثلاثية" قنبلة بقلب المدرعة الإسرائيلية

رمية القسام "الثلاثية" قنبلة بقلب المدرعة الإسرائيلية

الجزيرةمنذ 5 ساعات

في ملاعب غزة ، تختلف قواعد اللعبة، وتعاد كتابة قوانين الاشتباك، خصوصا بعد عملية خان يونس ؛ إذ لم تكن المواجهة مجرد اشتباك عسكري، بل كانت "رمية" محسوبة بدقة، نفذها مقاوم من كتائب القسام الذراع العسكرية لحركة حماس كما لو أنه في مباراة نهائية لكرة السلة.
لكن بدلا من الكرة، كانت العبوة؛ وبدلا من السلة، كانت قمرة قيادة مدرعة إسرائيلية تعجّ بالجنود.
وكانت الجزيرة قد عرضت أمس الأربعاء، مشاهد لتفجير كتائب القسام ناقلتي جند إسرائيليتين في كمين بخان يونس جنوبي قطاع غزة، وأعلن الاحتلال مقتل 7 جنود بداخلهما منهم ضابط.
ففي مشهد يفوق الخيال ويجسّد جرأة المقاومة الفلسطينية، تسلل أحد مقاتلي كتائب القسّام إلى قلب منطقة عسكرية إسرائيلية شديدة التحصين، وهو ينتعل "نعلا"، متحديا عتاد الاحتلال وجنوده.
المقاتل، الذي لم تحمه لا خوذة ولا درع، صعد فوق ناقلة جند مدرعة، وألقى عبوة "شواظ" الناسفة داخل قمرة القيادة، قبل أن ينسحب من الموقع بمهارة، تاركا خلفه مشهدا أشبه بلقطة من أفلام الأكشن، لكنه حقيقي تماما ويحمل توقيع غزة.
أسفرت العملية عن مقتل سبعة جنود إسرائيليين منهم ضابط، وإصابة 16، بينما وصف مغردون ونشطاء عبر منصات التواصل الاجتماعي هذا المشهد بـ"الرمية السباعية القاتلة"، في محاكاة ساخرة لقوانين كرة السلة.
وشبه مغردون عملية خان يونس بمهارة لاعب كرة سلة محترف "على أصولها"، بعد أن اخترق مقاتل القسّام منطقة عسكرية مكتظة بالجنود والآليات، واعتلى ناقلة جند، ثم ألقى عبوة "شواظ" داخل قمرة القيادة، قبل أن ينسحب بنجاح.
وأشار بعضهم إلى أنه في قوانين كرة السلة تحتسب الرمية البعيدة بثلاث نقاط، أما في غزة، فقد أعادت المقاومة تعريف المسافة والجدوى، وكانت النتيجة: هدف دقيق بسبعة جنود وناقلة محترقة "رمية سباعية" لا تتكرر.
وأوضح آخرون، أن في كرة السلة تحتسب الرمية من داخل المنطقة بنقطتين، ومن خارجها بثلاث نقاط، أما في غزة، فقد فرضت قانونا جديدا: "الرمية من المسافة صفر تسجل سبع نقاط.. وحفلة شواء".
ووصف نشطاء العملية بأنها أقوى "مباراة" شاهدوها في تاريخ كرة السلة، وتستحق الفوز ببطولة العالم، لكن ميدانها لم يكن صالة رياضية، بل أرض خان يونس، وسلاحها لم يكن كرة، بل عبوة ناسفة أُسقطت بدقة داخل ناقلة جند تعج بالجنود.
وكتب أحد النشطاء: "هذه التسديدة تحسب نقطتين في كرة السلة، لكن مجاهد القسام جعلها تحسب سبع نقاط".
ويرى مدونون أن هذا المشهد يعبر عن جوهر المقاوم الحقيقي وهو شاب يلبس "شبشب أبو إصبع"، بلا درع ولا طائرة، ولا قبة حديدية تحميه، جائع ومحاصر، وأهله نازحون في الخيام، لكنه يمضي بثبات إلى الميدان؛ يطارد دبابة تتبختر في شوارع خان يونس، يلقّمها عبوة "شواظ" محلية الصنع، فينقلب حديدها نارا، ويجندل سبعة من جنود الاحتلال بضربة واحدة.
وأضافوا: "هذا هو المقاوم حين يحوّل حفنة من الرمال إلى فخ للمستعمر، ويجعل من الحذاء الممزق أقوى من ترسانة الجيوش".
في ذات السياق، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن ضابط كبير في الجيش، أن المشاهد التي بثتها كتائب القسام، لاستهداف ناقلتي جند "مخزية ولا تضفي احتراما على الجيش"، وقالت إنها مخالفة لما أعلنه الجيش.
وأضافت أن التحقيق الذي جرى في هذه العملية أظهر فشلا أمنيا، مشيرة إلى أن 4 حوادث مماثلة وقعت ضد الفرقة 36 -التي تعرضت للهجوم الأخير- خلال الشهر الماضي.
وأشارت إلى أنه -وخلافا للتقييم الأولي- أظهرت المشاهد التي بثتها الجزيرة للكمين أن مقاتل القسام صعد على المدرعة وألقى فيها عبوة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

محللان: إسرائيل تُستنزف والمقاومة تصعّد دون تنازلات
محللان: إسرائيل تُستنزف والمقاومة تصعّد دون تنازلات

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

محللان: إسرائيل تُستنزف والمقاومة تصعّد دون تنازلات

يرى الباحث المختص في الشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد، أن هناك تحولا متناميا داخل إسرائيل نحو قناعة بأن الحرب عبء سياسي واقتصادي لا يخدم إلا بقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الحكم. وأوضح للجزيرة نت، أن كتابا ومحللين إسرائيليين يطرحون علنا فكرة "صفقة داخلية"، تقضي بإنهاء محاكمات نتنياهو مقابل تفكيك تحالفه مع الصهيونية الدينية وتشكيل حكومة وسطية، وهو ما ينسجم مع رغبة أميركية بإنهاء الحرب وتهيئة المشهد السياسي الإسرائيلي لمسارات تطبيع جديدة. وأضاف أبو عواد، أن نتنياهو بدأ يستعيد قوته في استطلاعات الرأي بحصوله على نحو 30 مقعدا، ما يدفع خصومه للتفكير في تقليص نفوذ الأحزاب الدينية بتسوية سياسية تضمن خروجه الآمن من المحاكمة. وأشار إلى أن قطاعات داخل حزب "الليكود" تعارض الحرب بشكل غير معلن، في ظل الخسائر البشرية اليومية، وتراجع الإنتاج، وتآكل الثقة في المؤسستين العسكرية والسياسية. وأكد أن تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن حماية نتنياهو ليست صدفة، بل تأتي في سياق دعم تسوية داخلية تنهي الحرب وتفتح الباب لتوسيع ما تسمى بـ"اتفاقيات أبراهام" في المرحلة المقبلة. في الجهة الأخرى، يرى المحلل السياسي إبراهيم المدهون، أن المقاومة تدير المعركة بثقة وتماسك، وتُصعّد عملياتها ضمن معادلة واضحة دون تقديم تنازلات. وأضاف في حديثه للجزيرة نت، أن الثوابت السياسية للمقاومة لا تزال قائمة، وتتمثل في ما يلي: وقف شامل ودائم لإطلاق النار وانسحاب كامل لقوات الاحتلال من القطاع ورفع الحصار عن غزة وتنفيذ صفقة تبادل أسرى. وأشار المدهون إلى أن المقاومة نجحت في رفع وتيرة عملياتها الميدانية، مما أدى إلى زيادة التكلفة البشرية واللوجستية على الجيش الإسرائيلي، وأسهم في خلق حالة استنزاف تؤثر على القرار السياسي في تل أبيب. إعلان وأوضح أن المقاومة تولي أهمية كبيرة لتحصين الجبهة الداخلية رغم الحصار والمجازر، من خلال تطوير حلول داخلية وتنظيم حالة الصمود، وتفعيل البنية المجتمعية والعائلية كركيزة في معركة الثبات. وأكد أن الفصائل لا تزال تمتلك القدرة على المبادرة والعمل الميداني، وأن بنيتها العسكرية لا تزال متماسكة رغم القصف المكثف والظروف القاسية، مما يربك حسابات الاحتلال ويمنعه من تحقيق أي إنجاز إستراتيجي. بين تل أبيب وطهران وربط المدهون بين مسار الحرب في غزة والتصعيد الإسرائيلي الأخير مع إيران، مشيرا إلى أن الحرب مع طهران أثرت تأثيرا غير مباشر على مجريات المواجهة في القطاع، لصالح المقاومة الفلسطينية. وقال إن إسرائيل دخلت المواجهة مع إيران بوهم فرض معادلة ردع جديدة، لكنها خرجت بخسائر كبيرة، أبرزها فشل أنظمتها الدفاعية، وانكشاف هشاشتها وانخراط أميركي مباشر حدّ من هامش مناورتها. وأضاف أن المقاومة قرأت هذا التحول الإقليمي بدقة، واعتبرته فرصة لتثبيت موقفها وشروطها، بعد أن أصبحت إسرائيل أبعد ما تكون عن تحقيق نصر عسكري وأقرب إلى البحث عن مخرج سياسي. واختتم المدهون حديثه، "إن المقاومة الآن أكثر يقينا بأن الاحتلال الذي فشل في طهران سيتراجع في غزة أيضا، إذا ما استمرت في ضغطها الميداني والسياسي والإعلامي. وترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة بدعم أميركي، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت الإبادة أكثر من 188 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين منهم أطفال.

إيران.. الطريق الوعر إلى القنبلة
إيران.. الطريق الوعر إلى القنبلة

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

إيران.. الطريق الوعر إلى القنبلة

لأكثر من عقدين، ظل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يكرر أن إيران على بُعد أسابيع أو أشهر أو سنوات من امتلاك القنبلة النووية. لم يترك منبرا دوليا أو خطابا أمميا إلا ورفع فيه خرائطه محذرا من اقتراب "الخطر الإيراني" من نقطة اللاعودة. ومع ذلك، وبعد مرور أكثر من 20 عاما على تلك التحذيرات، لم تمتلك إيران القنبلة. وإذا كان الإسرائيليون قد لقبوا نتنياهو بـ"أبي القنبلة الإيرانية"، لكثرة تهديداته وعجزه عن اتخاذ خطوة حاسمة تجاهها، فإن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد يكون من سلّمهم مفاتيحها، فبانسحابه من اتفاق عام 2015، منح إيران الذرائع لرفع نسبة التخصيب، ووفّر لها اليوم مبررا لامتلاك قنبلة، عبر هجمات لم تُنهِ مشروعها النووي، بل، وفقا لمحللين، عززت قناعتها بأن امتلاك السلاح النووي بات ضرورة، رغم نفيها السعي لامتلاكه. وتعرف إسرائيل جيدا أن الطريق الأسرع إلى القنبلة النووية يبدأ بطرد المفتشين وتأخير عودتهم، واستغلال كل ثغرة للمضي قدما نحو العتبة النووية. فكيف إذا شعرت طهران بأن أمنها بات مستهدفا، وتعرضت لضربات أودت ببعض قادتها وعلمائها، تزامنت مع دعوات صريحة من تل أبيب وواشنطن لإسقاط نظامها، بل وتهديدات باغتيال المرشد الأعلى علي خامنئي؟ "نتائج عكسية" في عام 2018، قاد تحريض نتنياهو ترامب إلى الانسحاب من الاتفاق النووي المبرم مع إيران، وهو القرار الذي سارعت طهران إلى استغلاله، فرفعت نسبة تخصيب اليورانيوم من 3% إلى 20%، ثم إلى 60% بحلول عام 2025، وفقا لتقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وكان الهجوم الإسرائيلي المفاجئ على إيران يوم في 13 يونيو/حزيران، مقامرة حتى قبل أن ينضم ترامب إليها بقنابله الخارقة للتحصينات، لكن انتكاسة طهران قد لا تكون إلا مؤقتة، كما ترى صحيفة التايمز البريطانية. فعندما أمر ترامب بقصف المنشآت النووية في إيران، ربما كان يسعى إلى حل سريع لكبح الطموح النووي الإيراني. لكن مع انقشاع الدخان عن المواقع الثلاثة التي ضربتها القاذفات الشبحية الأميركية، يرى الخبراء أن النتيجة ربما جاءت على عكس ما أراد، فقد تكون هذه الضربات قد قرّبت إيران أكثر من لحظة امتلاك القنبلة النووية. "إرادة سياسية" يقول جيفري لويس، الخبير في مركز منع الانتشار النووي بمعهد ميدلبري للدراسات الدولية، إن القنبلة الإيرانية من الناحية التقنية قد تكون أبعد قليلا، لكنها من الناحية السياسية أصبحت أقرب بكثير. ويرى لويس في صحيفة إندبندنت أن إيران كانت دوما على بُعد أشهر قليلة من امتلاك السلاح النووي، غير أن ما حال دون ذلك لم يكن عجزا تقنيا، بل غياب القرار السياسي. وبرأيه، فإن ما تخسره طهران من قدرة فنية تعوّضه بإرادة سياسية لا تقل خطرا، وربما تفوقه. فقد منحت التهديدات التي سبقت الضربة الأميركية الأخيرة، لا سيما تلك التي استهدفت منشأة فوردو، إيران وقتا كافيا لإخلاء الموقع ونقل المعدات الأساسية المستخدمة في التخصيب، ما قلّص بشكل كبير من فاعلية الضربة، خاصة في ظل امتلاكها نحو 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب. ويرى أحد الخبراء النوويين، في حديثه إلى صحيفة الإندبندنت، أن الولايات المتحدة تقف اليوم أمام مأزق حقيقي، إذ قد لا يكون بمقدور أحد الجزم ما إذا كانت جميع كميات اليورانيوم المخصب في إيران قد جرى إحصاؤها، أو ما إذا كانت أجهزة الطرد المركزي كافة قد كُشف عنها. إرث المعرفة ويرى الخبير النووي أن توسيع أهداف الولايات المتحدة لتشمل الإطاحة بالنظام يعدّ مسارا غير مجد لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي على المدى البعيد، إذ إن الدعوة إلى تغيير جذري للنظام لا يشكل إستراتيجية فعّالة لوقف انتشار الأسلحة النووية. ويشير إلى أن الرهان على منع إيران من امتلاك السلاح النووي مستقبلا قد يتطلب توجيه ضربات متكررة، إذ ستظل طهران تحتفظ بالمعرفة التقنية اللازمة، مما يجعل القضاء الكامل على خطر تسلحها النووي أمرا مستحيلا. وتتنامى المخاوف التي تبدأ من مخزون اليورانيوم المخصب الذي لا يزال مجهول المصير، وخارج نطاق الرقابة. يقول نيكولاس ميلر، المتخصص في قضايا الانتشار النووي لصحيفة الإندبندنت إنه إذا بقي المخزون سليما واستطاعت إيران الحفاظ عليه، فقد تستخدمه في منشأة سرية جديدة للتخصيب، ما يمكنها من إنتاج مواد تكفي لصنع عدة رؤوس نووية في غضون أشهر قليلة. وأضاف ميلر أن قادة إيران قد يرون في تطوير أسلحة نووية أفضل ضمانة ضد محاولات التغيير المدعومة من الخارج للنظام، إذا ظنوا أنهم قادرون على تحقيق ذلك، معتقدا أن الضربات جعلت من المحتمل أن تنخرط الولايات المتحدة بعمق أكبر في الصراع من خلال محاولات إسرائيل بإقناع الإدارة الأميركية بالمساعدة في جهود لتدمير ما تبقى من البرنامج النووي الإيراني. "ضرورة حتمية" تعتقد مجلة فورين بوليسي أنه سيكون من المستغرب ألا تكون إيران قد سارعت إلى نقل جزء كبير من مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب، أو اتخذت تدابير لحماية بعض من أجهزة الطرد المركزي المتطورة. فحتى مع تفوق إسرائيل الاستخباراتي وقدرتها على تصفية عدد من أبرز العلماء النوويين الإيرانيين، يبقى من المستبعد جدا أن تكون طهران قد فقدت المعرفة أو الخبرة التقنية اللازمة لإحياء برنامجها النووي عند الحاجة. وتؤكد كيلسي دافينبورت من "رابطة الحد من انتشار الأسلحة" أن إسرائيل لا تملك القدرة على محو ما راكمته إيران من معرفة نووية، مشيرة إلى وجود خطر حقيقي من أن تكون إيران قد بدأت بالفعل في تحويل كميات من اليورانيوم المخصب إلى مواقع سرية، ولهذا فإن الضربات الجوية مهما بلغت دقتها قد تؤخر البرنامج النووي، لكنها لا تملك الوسائل لمنعه إلى الأبد. وعليه، فإن الهجمات الأميركية-الإسرائيلية لم تُضعف عزيمة إيران، بل جعلت من الصعب أكثر من أي وقت مضى تخيّل أنها قد تتخلى كليا عن طموحاتها النووية. ويعود طموح طهران النووي، بحسب فورين بوليسي، إلى عقود خلت، حتى في زمن كانت فيه حليفا وثيقا للغرب تحت حكم الشاه المدعوم أميركيا. يومها أدركت إيران أن حجمها الجغرافي، وثراءها النفطي، وموقعها في واحدة من أكثر مناطق العالم اضطرابا، تجعل من امتلاك القدرة النووية ضرورة لا ترفا. فالمسألة، كما ترى المجلة، لا تختزل في صراع سياسي مع الغرب، بل تتجذر في اعتبارات الجغرافيا والقوة والبقاء. وقد تعزز هذا الدافع بعد امتلاك إسرائيل للسلاح النووي في أواخر الستينيات. وتتساءل الصحيفة الأميركية أنه إذا كانت إيران قد تبنّت هذا المسار في وقت لم تكن تعتبر فيه إسرائيل عدوا، فكيف يمكن أن تتراجع دوافعها اليوم؟ وهكذا، فإن الضربة التي أرادها ترامب إعلانا لنهاية المشروع النووي الإيراني، قد تكون – على عكس ما يأمل- خطوة أخرى نحو اكتماله، بعدما باءت محاولات نتنياهو لجر واشنطن إلى صراع طويل مع طهران بالفشل. وبالتالي، لم تتسع رقعة الحرب، بل توقفت عند عتبة قد تمنح إيران الوقت والذريعة للمضي قدما، فقد يكون السلام الذي وعد به ترامب، بعد أيام من دعوته لإخلاء طهران من سكانها، مجرد استراحة قصيرة على طريق الانفجار.

هل إيران منتصرة أم مهزومة؟
هل إيران منتصرة أم مهزومة؟

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

هل إيران منتصرة أم مهزومة؟

انتهت الحرب التي استمرّت 12 يومًا، والتي بدأت بهجمات إسرائيلية على إيران في 13 يونيو/ حزيران، بوقف لإطلاق النار تم التوصل إليه صباح يوم 24 يونيو/ حزيران. أطلقت إسرائيل على عمليتها ضد إيران اسم "الأسد الصاعد"، بينما أطلقت إيران على حركتها الانتقامية ضد إسرائيل اسم " الوعد الصادق-3″. شنت إسرائيل هجمات عنيفة ومتعددة الجوانب على البنية التحتية النووية والصاروخية لإيران، ومقراتها العسكرية، وراداراتها، وأنظمة دفاعها الجوي، وبعض المناطق الاقتصادية والمناطق المدنية، وذلك باستخدام عملاء جندهم الموساد من داخل إيران وطائراتها الحربية. في اليوم الأول من الهجمات، استهدفت إسرائيل قادة عسكريين رفيعي المستوى مثل القائد العام للحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، ورئيس هيئة الأركان العامة محمد باقري، وقائد القوات الجوفضائية في الحرس الثوري أمير علي حاجي زاده، بالإضافة إلى علماء نوويين. أما إيران، التي استثمرت بشكل كبير في برنامج تطوير الصواريخ منذ عام 1979، فقد كان ردها الانتقامي على إسرائيل باستخدام صواريخ بعيدة المدى. استهدفت إيران بصواريخها أماكن ذات أهمية إستراتيجية عسكرية، أبرزها مقر الموساد في هرتسليا، ومقر وحدة الاستخبارات العسكرية "أمان"، وميناء حيفا. الولايات المتحدة الأميركية، التي لم تشارك في الهجمات على إيران في بداية الحرب لكنها قدمت دعمًا دفاعيًا لإسرائيل، تدخلت في اليوم العاشر من الحرب وضربت منشآت إيران النووية في نطنز وأصفهان وفوردو باستخدام قاذفات B-2. في اليوم الثاني عشر من الحرب، تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين الطرفين بتدخل من الرئيس الأميركي ترامب ودعم من قطر. بعد وقف إطلاق النار، أعلن كل من إيران وإسرائيل "انتصاره" في الحرب. صرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو ووزير الدفاع كاتس ومسؤولون إسرائيليون آخرون في العديد من التصريحات خلال الحرب برغبتهم في إسقاط النظام في إيران. كان هدف إسرائيل، بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية النووية والصاروخية لإيران، هو إسقاط النظام في نهاية المطاف وإقامة إدارة جديدة متوافقة مع إسرائيل وأميركا. بينما كانت إسرائيل تستهدف القواعد والمنشآت العسكرية الأخرى، والمنشآت النووية في جميع مدن إيران تقريبًا، وجه كل من رئيس الوزراء نتنياهو والمسؤولين الآخرين، وكذلك الحسابات الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي، رسائل إلى الشعب الإيراني مفادها: "الشعب الإيراني والشعب اليهودي شعبان صديقان منذ القدم. نحن لسنا أعداء للشعب الإيراني، بل للنظام في إيران. هجماتنا موجهة ضد النظام". ودعا رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في تصريحاته الشعب الإيراني قائلًا: "لقد فتحنا لكم طريقًا باستهداف النظام، وأنتم بدوركم قوموا بإسقاطه بالتمرد". ساهم في جهود إسرائيل "لإسقاط النظام" شخصيات مثل رضا بهلوي، ابن الشاه المخلوع الذي يعيش في أميركا، وزعيمة منظمة مجاهدي خلق مريم رجوي، بالإضافة إلى منظمات مسلحة مثل "بيجاك" و"باك". لم تحقق إسرائيل هدفها النهائي المتمثل في "إسقاط النظام" في الحرب التي استمرت 12 يومًا، لكنها نجحت في إلحاق ضرر معين بأهدافها الأخرى المتمثلة في البنية التحتية النووية والصاروخية. شنت إسرائيل هجمات متعددة على منشآت نطنز وأصفهان وفوردو النووية طوال فترة الحرب. وفي النهاية، استهدفت الولايات المتحدة هذه المنشآت الثلاث. وفقًا للتقارير الأولية، يبدو أن منشأتَي نطنز وأصفهان النوويتين قد لحق بهما ضرر جسيم، في حين أن منشأة فوردو النووية، التي بنيت على عمق 90 مترًا تحت الأرض تقريبًا، لحق بها ضرر طفيف لدرجة أنها يمكن أن تعود إلى العمل في وقت قصير. من ناحية أخرى، تشير التصريحات الصادرة من إسرائيل إلى أن هذه الحرب قد أخرت البرنامج النووي الإيراني لعدة سنوات. وبالتالي، على الرغم من أن إسرائيل وأميركا ألحقتا أضرارًا بالمنشآت النووية، فإنهما لم تتمكنا من القضاء تمامًا على البرنامج النووي الإيراني. لكن هجمات إسرائيل وأميركا دمرت إلى حد كبير القواعد العسكرية والمقرات وأنظمة الرادار والدفاع الجوي التي بنتها إيران على مدى 45 عامًا، مما تسبب في خسائر بمليارات الدولارات. عندما نقارن بين الأهداف التي أعلنها نتنياهو وما تم تحقيقه في نهاية الحرب، نصل إلى النتيجة التالية: لا يمكن اعتبار أن إسرائيل قد حققت نصرًا مطلقًا؛ لأنها فشلت في تحقيق هدفها النهائي المتمثل في إسقاط النظام. أما عند تقييم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية والبرنامج النووي، فيمكن الحديث عن نجاح جزئي في هذا الصدد. هل إيران منتصرة أم مهزومة؟ يمكن القول إن هدف إيران الأساسي في هذه الحرب، بصفتها الطرف المعتدى عليه، كان ضمان عدم تمكن إسرائيل من تحقيق أهدافها المعلنة. على الرغم من أن هذه الحرب كانت "حربًا مفروضة" حسب تعبير المرشد الإيراني آية الله خامنئي، فإن إيران دولة تستعد للحرب مع إسرائيل منذ عام 1979. وقد أعلن جميع المسؤولين، وفي مقدمتهم آية الله خامنئي وقادة الحرس الثوري، مرارًا وتكرارًا أنهم يهدفون إلى "محو إسرائيل من الخريطة". من هذا المنظور، يمكن القول إن القدرات العسكرية والاقتصادية والأنشطة الاستخباراتية لإيران بعيدة كل البعد عن تحقيق الأهداف التي وضعتها فيما يتعلق بإسرائيل. لقد أنشأ جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد"، عبر سنوات من العمل الدقيق، شبكات تجسس خطيرة داخل إيران، وقد مكنت هذه الشبكات إسرائيل من ضرب إيران بسهولة في الحرب الأخيرة. بعض المناطق الحساسة في إيران، والمعدات العسكرية مثل أنظمة الدفاع الجوي، لم تُضرب من قبل إسرائيل مباشرة، بل من قبل عملاء الموساد داخل إيران. أظهرت الحرب أن صواريخ إيران، خاصة الباليستية وفرط صوتية، هي ذخائر ذات قدرات عالية ومصنعة بتقنيات حديثة، كما كشفت أن أجهزة المخابرات الإيرانية تعاني من ضعف خطير. السبب الرئيسي للأضرار الجسيمة التي لحقت بإيران في هذه الحرب هو التغلغل السهل للموساد داخل إيران. إن تغلغل الموساد في إيران لدرجة بناء مصنع من ثلاثة طوابق لإنتاج الطائرات بدون طيار في قلب طهران، سيؤدي إلى تصدع الثقة داخل الإدارة الإيرانية، وسيسبب قلقًا بين البيروقراطية الأمنية الإيرانية. إن الخلاف وأزمة الثقة اللذين نشبا بين وحدة استخبارات الحرس الثوري ووزارة الاستخبارات بعد اغتيال محسن فخري زاده، الذي يعرف بأنه "أبو البرنامج النووي الإيراني"، سيتعمقان أكثر بعد الكشف عن هذا المستوى من تغلغل الموساد داخل إيران. لذلك، فإن منع إيران لهدف إسرائيل المتمثل في إسقاط النظام هو نجاح كبير بالتأكيد. والنقطة الجديرة بالذكر هنا هي أن الشعب الإيراني، الذي وضع كل انتقاداته واعتراضاته على النظام جانبًا، وقف إلى جانب قيادته على الرغم من كل استفزازات وتلاعبات إسرائيل والمعارضة في الخارج، وهذا كان العنصر الرئيسي في حماية النظام. أي أن ما حمى الثورة الإسلامية الإيرانية لم يكن الصواريخ، بل صمود الشعب. من حيث حماية النظام، يمكن اعتبار إيران ناجحة. كذلك، يجب اعتبار نجاح إيران في إصابة أهداف في تل أبيب وحيفا، متجاوزةً أكثر أنظمة الدفاع الجوي تطورًا رغم كل العقوبات، نجاحًا لبرنامج الصواريخ الإيراني. ومع ذلك، فإن الضرر الناجم عن الضعف الاستخباراتي الإيراني، وعدم قدرتها على حماية منشآتها النووية والمنشآت العسكرية الأخرى، يكشف عن ضعف إيران في مجالي الأمن والدفاع. على الرغم من أن النظام الإيراني نجا بجروح بالغة، يمكننا القول إن سياسته الاستخباراتية والدفاعية قد انهارت. لذلك، لا يمكن الحديث عن نصر مطلق بالنسبة لإيران أيضًا. ما هي نقاط الضعف لدى إسرائيل وإيران؟ كشفت الحرب الإسرائيلية الإيرانية أن إسرائيل ليست مكتفية ذاتيًا من حيث الذخائر. فقد ظهرت حقيقة أن إسرائيل بحاجة إلى الذخائر التي تطورها الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، لخوض حرب شاملة. كما لا يمكن القول إن إسرائيل قد بنت هيكلها الدفاعي بالكامل بنفسها. فقد تبين أنها بحاجة إلى الدعم الدفاعي من الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى للدفاع عن نفسها. وقد ظهر هذا بوضوح في الهجمات الأخرى التي شنتها إيران. إسرائيل بحاجة أيضًا إلى الدعم في الهجوم. فقد تبين أنها ليست مكتفية ذاتيًا لتدمير المنشآت عالية الجودة لدولة متقدمة بالكامل، وأنها بحاجة ماسة إلى دعم هجومي. أما من وجهة نظر إيران، فالوضع ليس مختلفًا. كما ذكرنا، أظهرت الحرب أن وكالات الاستخبارات الإيرانية تعاني من ضعف خطير. من ناحية أخرى، على الرغم من أن منشأة فوردو كانت محمية بفضل عمقها البالغ 90 مترًا، فإن إيران تعاني من قصور خطير في حماية منشآتها العسكرية والنووية الأخرى الموجودة فوق سطح الأرض. يمكننا أن نستنتج أن مخزون إيران من الذخائر وقدراتها الاستخباراتية وغيرها من المجالات لا تسمح لها بمواصلة حرب شاملة. عيب إيران هو أن حليفتَيها الإستراتيجيتَين، روسيا والصين، اللتين وقّعتا معها اتفاقيات تحالف، لا تقفان إلى جانبها بنفس القوة التي تقف بها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا إلى جانب إسرائيل. وبالتالي، في أي حرب محتملة، ستضطر إيران إلى محاربة العديد من الدول بمفردها، أو محاربة إسرائيل التي يدعمها العديد من الدول بقوة. الخلاصة على الرغم من أن إيران وإسرائيل أعلنتا النصر، فإنه لا يمكن الحديث عن نصر مطلق لأي منهما. ورغم إعلان وقف إطلاق النار بينهما، فإنه يتقدم حاليًا على أرض هشة. وعلى الرغم من أن إسرائيل أوقفت هجماتها الفعلية على إيران، فإنها لن تتخلى عن جهودها لتحريض الشعب الإيراني ضد النظام، وستركز على هذا المجال. إن خلق أرضية لتغيير النظام بأيدي الشعب من خلال تحريضه، وتصعيد انعدام الثقة بين مؤسسات الدولة الإيرانية لإثارة الفوضى داخل الدولة، هو المرحلة الثانية من "إستراتيجية تغيير النظام" الإسرائيلية. وبالتالي، فإن تحقيق وقف إطلاق النار يعني الإعلان عن بدء المرحلة الثانية من إستراتيجية إسرائيل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store