logo
كيف تعيش النساء الأفغانيات في ظل حكومة طالبان؟

كيف تعيش النساء الأفغانيات في ظل حكومة طالبان؟

الأيام٠٩-٠٣-٢٠٢٥

BBC News: Nava Jamshidi
الفتاة مهدية تمسك بصورة من رسمها
بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف الثامن من مارس/آذار كل عام، ويحتفي به العالم السبت، أمضت بي بي سي ساعات في التحدث إلى عشرات النساء والفتيات في أفغانستان حول حياتهن، بعد قضاء السنوات الثلاث والنصف الماضية في ظل حكومة طالبان.
منذ عام 2021، أثرت القيود التي فرضتها طالبان على النساء والفتيات -والتي تشمل منع التعليم لمن تزيد أعمارهن عن 12 عاما، وكذلك القيود على الوظائف التي يمكنهن القيام بها وحتى الحدائق التي يمكنهن التنزه فيها - على كل جزء تقريبا من حياة النساء.
لم تستخدم العديد من النساء اللواتي تحدثنا إليهن أسماءهن الحقيقية، لأنهن يخشين الوقوع في مشاكل.
أفغانستان تغيرت فجأة
BBC News: Nava Jamshidi
استمعنا إلى زارينا، وهي طبيبة نفسية تعمل مع النساء والفتيات، لتخبرنا كيف تكيفت النساء مع حكم طالبان.
لقد تغيرت أفغانستان فجأة وبشكل كامل فور تولي طالبان السلطة، وهو ما كان صعبا على العديد من الناس، وخاصة النساء العاملات والطالبات في المدارس، ويختلف وضع كل امرأة حسب فهمها لمحيطها والأضرار التي لحقت بها فالأمر ليس نفسه بالنسبة للجميع.
انفصلت بعض النساء عن أحبائهن، وواجهت بعضهن صعوبات اقتصادية، وفقدت بعضهن وظائفهن، وحُرمت طالبات المدارس من التعليم.
ازداد عدد النساء والفتيات اللاتي يحتجن إلى المشورة النفسية بشكل كبير في السنوات الماضية.
وتقول آلاء، وهي فنانة تبلغ من العمر 28 عاماً ومساعدة طبيب أسنان: "الفتيات يتحملن العبء الثقيل المتمثل في الأسرة الكبيرة على أكتافهن، ويحملن ثقلاً هائلاً من الأحلام غير المحققة. إنهن محاصرات في عالم حيث تُغلق الأبواب بإحكام مع كل لحظة تمر".
وتضيف: "بالنسبة لنا نحن النساء الأفغانيات، فإنه ومنذ لحظة ولادتنا، كان العالم يحزن علينا لمجرد أننا ولدنا إناثاً. وفي كل عصر ولحظة تاريخية، تعرضت النساء الأفغانيات لأفظع أشكال الظلم".
وتؤكد: "أنا لا أدعو النساء إلى كشف رؤوسهن، أنا أسعى إلى حرية الروح والعقل والنفس".
وتصف أرشيدا -21 عاماً - حالها عندما استولى طالبان على أفغانستان: "كنت في الصف الحادي عشر، تمكنت من إنهاء دراستي ولكنني الآن محاصرة في المنزل. ونظراً لعدم وجود طريق آخر لاستكشاف العالم، لجأت إلى الكتب للهروب من واقعي".
وتقول: "أقضي أيامي في قراءة الروايات، وأغرق نفسي في عوالم خيالية لنسيان الواقع القاسي المحيط بي مؤقتاً، أعتقد أن النساء الأفغانيات يتواصلن بعمق مع الشخصيات في الروايات التي يقرأنها، حيث تشبه هذه الصراعات الخيالية غالباً المعارك التي يخُضنها في الحياة الواقعية".
وتكمل: "بالنسبة لي، الكتب ليست مجرد ترفيه، بل هي وسيلة للبقاء في عالم أغلق أبوابه أمام أحلامي".
قواعد "مقبولة" في المجتمع
وجهت بي بي سي أسئلة لطالبان، حول القيود التي فرضتها على حريات المرأة، وقالت طالبان سابقا إنها تحترم حقوق المرأة وفقا لتفسيرها للثقافة الأفغانية والشريعة الإسلامية.
وقالت حركة طالبان إن القواعد التي فرضتها منذ عام 2021 مقبولة في المجتمع الأفغاني، وإن المجتمع الدولي يجب أن يحترم "القوانين الإسلامية والتقاليد وقيم المجتمعات الإسلامية".
وبرّرت بعض القيود التي فرضتها على النساء، مثل المرسوم الذي ينص على عدم سماع صوت المرأة خارج المنزل، بالقول إنه تم فرضه بما يتماشى مع الشريعة الإسلامية.
ومع ذلك، فقد وعدت أيضاً مراراً وتكراراً بإعادة الفتيات المراهقات إلى المدرسة بمجرد حل عدد من القضايا، بما في ذلك ضمان أن يكون المنهج "إسلامياً"، وهو ما لم يحدث بعد.
BBC News: Nava Jamshidi
فتاتان صغيرتان تنظران نحو قريتهما في منطقة صحراوية في أفغانستان
"تحطمت فجأة كل الأحلام"
أمّا موسكا - 19 عامًا - فتقول إنه "مع وصول طالبان، لم أتمكن من مواصلة تعليمي وحرمت من التعلم، وتم حظر برامج الرياضة والخياطة التي كنت مهتمة بها".
وتضيف: "تحطمت فجأة كل الأحلام التي كانت لدي للنجاح وبمستقبل مشرق بسبب الظروف السياسية والاجتماعية، وأحلم الآن بأن أتمكن يوماً ما من استئناف تعليمي والتقدم في الحياة والمساهمة في إعادة بناء بلدي".
وفي حين لم تتمكن النساء من الحصول على رخص القيادة منذ عودة طالبان إلى السلطة، إلّا أنّ بعض النساء في كابول والمدن الكبرى الأخرى ما زلن يقدن السيارات. منهنّ نرجس، التي تعمل في منظمة غير حكومية، حيث تمكنت من تجديد رخصتها بعد جهود حثيثة.
وتقول: "عندما ذهبت لتجديد رخصتي، لم يُسمح لي بدخول مبنى هيئة المرور بدون ولي أمر ذكر، وبعد إلحاح شديد، تمكنت من الدخول"، مضيفة: "لسوء الحظ، على مدار العامين الماضيين، تم إيقافي عدة مرات. فحصوا مستنداتي وسيارتي، ثم سألوني: بأي حق تقودين؟، لقد هددوني قائلين إنهم يملكون السلطة لأخذي إلى مركز الشرطة، ولكن لأنني امرأة، فإنهم سيسمحون لي بالخروج من باب الرحمة".
وتكمل نرجس: "لقد مررت بتجربة أسوأ ذات مرة عندما أخذوني إلى مركز الشرطة واحتجزوني هناك لساعات حتى وصل زوجي".
وفي ذات الشأن، أكد رئيس المرور في طالبان أنه لم يتم إصدار أي تراخيص للنساء منذ ثلاث سنوات، مشيراً إلى أن أي تغييرات في السياسة يجب أن تأتي من القيادة العليا.
القيود التي فرضتها طالبان على النساء طالت شاشات التلفزيون
رسمت مهدية صورة لمذيعة تلفزيونية، بعد أن أمرت وزارة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" التابعة لطالبان المذيعات بتغطية وجوههن.
لكن هذه القاعدة ليست سوى واحدة من القواعد التي فرضتها حكومة طالبان.
العام الماضي، فرضت طالبان حظراً على بث صور الكائنات الحية على القنوات التلفزيونية - ما يعني أن أي شيء من البشر إلى الحيوانات لا يمكن أن يظهر على الشاشات حياً.
كان الحظر ينطبق في البداية على سبع من محافظات أفغانستان، البالغ عددها 34 محافظة.
لكن اليوم، أصبح فرع التلفزيون الوطني في ولاية "فراه" أحدث فرع يعلق البث بعد هذا التقييد، حسبما أفاد مركز الصحفيين الأفغان في بيان.
بعيدا عن العلن، قادة طالبان منقسمون بشأن حقوق المرأة
BBC
حرمت الفتيات اللائي تزيد أعمارهن عن 12 عاما من التعليم
تقول يوغيتا ليماي وهي مراسلة بي بي سي في جنوب آسيا وأفغانستان إنه خلال الوقت الذي قضته على الأرض في أفغانستان، لتغطية تداعيات القيود المتزايدة التي فرضت على النساء، أصبح من الواضح أن هناك انقسامات خطيرة داخل حكومة طالبان، بشأن قضية تعليم النساء.
في يناير/كانون الثاني الماضي، قال نائب وزير خارجية طالبان، شير محمد عباس ستانيكزاي، إنه "لا يوجد سبب لحرمان النساء والفتيات من التعليم"، وإنه "كما لم يكن هناك مبرر لذلك في الماضي، لا ينبغي أن يكون هناك مبرر على الإطلاق".
إن هذا التعليق نادر الحدوث، ولكن عدة مرات خلال السنوات الثلاث والنصف الماضية، أخبرنا بعض قادة طالبان -في السر- أنهم يعتقدون أيضا أنه يجب السماح للنساء والفتيات بالدراسة، وأنهم يحاولون حل هذه القضية.
في بعض المقاطعات، رأينا حتى مسؤولين محليين في حكومة طالبان يسهلون التدريب الطبي للطالبات.
وقد أخبرتنا مصادر أن قضية تعليم المرأة طُرحت أمام القائد الأعلى لطالبان، هبة الله أخوندزاده، في اجتماعات مع علماء الدين وشيوخ القبائل. ولا تستطيع بي بي سي التحقق من ذلك بشكل مستقل.
لكن الزعيم الأعلى ظل متمسكا بموقفه، واستمر في فرض قيود صارمة على النساء.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

لماذا لا يعرف أطفال الجيل الجديد أفلام الكرتون؟
لماذا لا يعرف أطفال الجيل الجديد أفلام الكرتون؟

الأيام

time١٤-٠٤-٢٠٢٥

  • الأيام

لماذا لا يعرف أطفال الجيل الجديد أفلام الكرتون؟

Getty Images بوكيمون، هو سلسلة كرتونية يابانية مقتبسة عن ألعاب فيديو تابعة لشركة نينتندو إذا كنت من مواليد الثمانينات أو التسعينات، فلا بد أنك تحمل في ذاكرتك أشهر الشخصيات الكرتونية التي أثرت فينا وشكلت جزءاً من شخصياتنا على مدار سنوات؛ مثل الكابتن ماجد، والمحقق كونان، وأبطال النينجا، والسنافر، وسالي، وباباي. وأعتقد أنك كنت، مثلي تماماً، تشتري كُرات البوكيمون وتردد مع "آش"، بطل السلسلة، جملته الشهيرة: "علي أن أقوم برحلة البوكيمون.. سوف أصبح بطل العالم الأول". هذا هو جيلنا، ومن شخصياته الكرتونية تشكلت ملامح شخصياتنا، وتوسعت آفاقنا في الحياة، لقد عشنا معها روح المغامرة والسعي المستمر وراء المعرفة واكتشاف الحقائق، وعمل الخير. حتى أن "باباي" شجعنا لأن نأكل السبانخ بعد أن عرفنا فوائدها الصحية، وربما لم تكن تحب طعمها، كمعظم الأطفال، قبل ذلك. قبل أيام، جالست طفلاً لا يتجاوز عمره سبع سنوات، أشار لي طالباً هاتفي ليشاهد "فيديوهات". توقعت أنه سيطلب مشاهدة فيلم كرتوني أو شخصية مفضلة، لكنني فوجئت حين رفض جميع توقعاتي وأصرّ على أن أعرض له "ريلز -Reels" على موقع "يوتيوب"، أي مقاطع الفيديو القصيرة المصحوبة بالمؤثرات الصوتية أو الموسيقى وتتناول مواضيع عشوائية عامة. بدأ بمشاهدة أطفال يلعبون بالمعجون، وآخرين يقومون بتحديات غريبة، أو طفلين يصرخان على بعضهما ليفوز صاحب الصوت الأعلى. كانت هذه المقاطع مزعجة بالنسبة لي، لكنه كان يتفاعل معها بشغف، بينما كان يمر سريعاً على أي مقطع كرتوني. ومن هنا، تبادر إلى ذهني السؤال: لماذا لم نعد نسمع بشخصيات كرتونية شهيرة بين أطفال الجيل الحالي؟ وهل اختفت الأيقونة الكرتونية من الطفولة التي تعيش وتكبر في هذا العصر الرقمي؟ لماذا لا يعرفون فعلاً أفلام الكرتون؟ يُجمع أولياء أمور تواصلت معهم بي بي سي على أن الأجهزة اللوحية والهواتف الذكية، أصبحت الأداة الأساسية التي يعتمد عليها الأطفال في مشاهدة محتواهم المفضل، بدلاً من أفلام كرتون تقليدية على التلفزيون. كما أشاروا إلى أن الأطفال يفضلون الألعاب التفاعلية أو الفيديوهات القصيرة على منصات مثل يوتيوب و"نتفليكس" بدلاً من متابعة برامج كرتونية قديمة. تقول زاهرة ميدان، وهي أم لطفل في الخامسة من عمره، إن ابنها غالباً ما يقضي وقته في مشاهدة مقاطع فيديو للأطفال على يوتيوب. وتضيف: "لقد غيرت التطبيقات الطريقة التي يتفاعل بها ابني مع المحتوى، وأصبح أكثر اهتماماً بالعروض التفاعلية التي تشمل شخصياته المفضلة." أما شهاب الربعي، وهو أب لطفلين، فيقول "أطفالي لا يشاهدون أفلام كرتونية مثلما كنت أشاهدها في صغري، إنهم يقضون وقتهم في مشاهدة برامج تفاعلية على الأجهزة المحمولة أو حتى أفلام حديثة تُعرض عبر الإنترنت. أعتقد أن الخيارات أصبحت أكثر تنوعاً، وهذا جعلهم لا يعرفون أفلام الكرتون القديمة." كما تفشل أسماء الرياضي، وهي أم لطفلة في السابعة من عمرها، في محاولة عرض أفلام كرتون مثل 'توم وجيري' أو 'ميكي ماوس' على ابنتها التي لم تجد في ذلك المحتوى ما يثير اهتمامها. "نشاط سلبي غير تفاعلي" Google سنووايت والأقزام السبعة فيلم رسوم متحركة أمريكي، أنتجته شركة والت ديزني عام 1937، يُعد الأول من نوعه عالمياً كفيلم رسوم متحركة طويل تقول الدكتورة أمل رضوان، أستاذة علم الاجتماع، لبي بي سي إن أطفال الجيل الحالي يعتبرون أفلام الكرتون نشاطاً سلبياً غير تفاعلي. ولأن التقدم التكنولوجي جعلهم يهرولون وراء ما هو أكثر جاذبية وإثارة وتشويق، فإنهم يبحثون عن المحتوى السريع والتفاعلي، مثل الألعاب الإلكترونية، ويقضون أوقات فراغهم فيه. "هذه الألعاب تشعر الطفل بدورٍ فعال عندما يفوز ويحقق انتصارات، وتمنحه السعادة والثقة بالنفس، وتحدياتها تفوق مجرد مشاهدة أفلام الكرتون"، بحسب رضوان. وتعتبر أن المحتوى الإلكتروني، لا سيما الألعاب، تسرق الطفل من أفلام الكرتون، حتى أن "مصممي ذلك المحتوى يعتمدون إثارة التحدي بهدف زيادة الإعلانات وتحقيق الأرباح"، وتقول إن ذلك يغني الطفل عن أي نشاط حركي أو مشاهدة أفلام الكرتون أو حتى التواصل مع أسرته. وفي حين كان المحتوى الكرتوني في حقبتيّ الثمانينيات والتسعينيات يحمل قيماً تربوية نبيلة ويعزز الروابط الأسرية والاجتماعية، تنظر رضوان بنظرة ناقدة إلى محتوى اليوم، وترى أنه يسهم في عزل الطفل عن محيطه، ويغرس فيه سلوكيات سلبية مثل الأنانية، والانطواء، والكسل. كما تحذر من أن هذا المحتوى قد يؤدي إلى تصاعد مظاهر العنف والجرائم، لا سيما مع طغيان الطابع القتالي على معظم الألعاب الإلكترونية التي باتت شائعة بين الأطفال، وفق ما تقول. في سؤالنا عن خلق التوازن بين استهلاك الأطفال للمحتوى الإلكتروني والحفاظ على التراث الثقافي، تشدد رضوان على أن الأسرة أساس هذا التوازن، من خلال توفير بدائل آمنة؛ كالمشاركة في الأنشطة الرياضية والثقافية، وتحفيز الطفل على اختيار أفلام كرتونية ذات رسائل إيجابية، وحصر استخدام المحتوى الرقمي بما لا يتجاوز 25 في المئة من وقت فراغ الطفل. كما تؤكد على ضرورة الإقناع لا المنع، ومتابعة الطفل ومناقشة ما يشاهده لتصحيح المفاهيم وتعزيز الوعي بين الواقع والخيال، وبخاصة أن الطفل دون سن السابعة لا يستطيع التمييز بينهما ما يعرضه لتأثيرات نفسية وسلوكية خطيرة. وتشير إلى أن الدعم العاطفي والقدوة السليمة من أبرز سبل تنمية شخصية متوازنة تحافظ على هويتها الثقافية وسط زخم المحتوى الرقمي المعاصر. الخوارزميات وتشكيل ذوق الأطفال Google لاقى أنمي المحقق كونان نجاحاً كبيراً في العالم العربي، وقد تمت دبلجة 582 حلقة (551 بالنّظام الياباني) إلى اللغة العربية لم تعد الشاشة الصغيرة وحدها هي المصدر الرئيسي للترفيه عند الأطفال، فقد تغيّرت قواعد اللعبة مع صعود المنصات الرقمية التي أتاحت محتوى غير محدود، متاح في أي وقت ومن أي مكان. هذا التحوّل لم يكن مجرد تطوّر تقني، بل أحدث تغيّراً جذرياً في طريقة تفاعل الأطفال مع المحتوى، وهو ما تحدثنا به مع الدكتورة ربا زيدان، أستاذة الإعلام الرقمي، التي تناولت جوانب أساسية لشرح التأثيرات التي طرأت على تجربة الأطفال. وتقول زيدان لبي بي سي إن أول وأهم عامل في هذا التحول هو الانتقال من نموذج البث المباشر إلى نمط المشاهدة حسب الطلب. وتوضّح: "في الماضي، كانت قنوات الكرتون تعتمد على جداول برامج ثابتة، ما كان يفرض على الأطفال انتظار مواعيد العرض ويخلق نوعاً من "الانضباط الزمني" والروتين اليومي، إضافة إلى تجربة مشاهدة جماعية. إذ كان الأطفال في الجيل السابق يتابعون البرامج المشتركة مثل "الكابتن ماجد" أو "غراندايزر"، ما أسهم في تشكيل ذاكرة سردية جماعية ومشتركة بينهم". لكن مع ظهور منصات البث مثل نتفليكس ويوتيوب كيدز وديزني+، تغيرت هذه التجربة تماماً، بحسب زيدان، فأصبح الأطفال يختارون ما يريدون مشاهدته في أي وقت، وتكرار المشاهد أو حتى تخطيها. "هذا التغيير أثّر على قدرة الأطفال على الصبر والتركيز على القصص الطويلة، مقارنة بالأجيال السابقة التي كانت تعتمد على برامج محدودة"، وفق زيدان. وتشير إلى أن التجربة الجماعية التي كانت تجمع الأطفال حول شخصيات كرتونية مثل "سالي" و"الكابتن ماجد" قد تراجعت، بسبب اختلاف المحتوى الذي يشاهده كل طفل الآن، ما أدى إلى غياب المرجعيات الثقافية المشتركة بين الأجيال الجديدة. وفيما يتعلق بتأثير وفرة المحتوى، تؤكد أن الأطفال اليوم يعانون من تشتت الانتباه بسبب الخيارات الكثيرة التي تتوافر لهم. "الكثير من المحتوى المتاح على منصات مثل يوتيوب يتم إنتاجه من قبل المستخدمين، وغالباً ما يفتقر إلى معايير تربوية أو فنية، ما جعل الأطفال أسرى لمحتوى سريع الاستهلاك، يفتقر إلى العمق السردي أو القيمي"، بحسب زيدان. أما عن تأثير الخوارزميات، فتشرح أستاذة الإعلام الرقمي أنها تلعب دوراً كبيراً في تشكيل ذوق الأطفال، إذ تتحول تجربة الطفل من استكشاف المحتوى إلى استهلاكه ضمن "فقاعة ذوقية مغلقة"، تعتمد على تفضيلاته الشخصية. حيث أنه يتم تتحديد المواضيع التي ستظهر للطفل لاحقاً بناء على نقراته واختياراته الشخصية خلال مشاهدته. وتقول إن الخوارزميات لا تهتم بالسياق الثقافي أو التاريخي للمحتوى، بل تركز فقط على تقديم ما يشابه ما تم مشاهدته سابقاً، مضيفةً أن "الكلاسيكيات من أفلام الكرتون لا يطلبها أطفالنا على الأغلب لأنها غير معروفة أصلاً لهم، ولا تُعرض في الأغلب" لذا فهي لن تظهر لهم عشوائياً بناء على الخوارزميات، و"بالنتيجة تؤدي إلى انفصال معرفي عن تراث بصري كامل". وتوضح زيدان أن هناك تحوّلاً في نوعية المحتوى نفسه، إذ يركز المنتجون على ما تريده البيانات والسوق الاستهلاكية، فيتم تكييف الرسوم المتحركة كي تناسب تفضيلات الخوارزميات أكثر مما تتكيف مع ذوق الطفل أو القيم الفنية السائدة في الماضي. "الهوية البصرية تلاشت تدريجياً" Hilal Ashour رسمة تجسد شخصية "غريندايزر" بقلم رسام الكرتون الأردني هلال عاشور يشير هلال عاشور، رسام الكرتون ومحرك رسوم متحركة، إلى أن الرسوم المتحركة اليوم فقدت الكثير من معناها، مقارنة بما كانت عليه في العقود الماضية، حيث كانت القصص تحمل رسائل تربوية وأخلاقية حتى وإن احتوت على مشاهد عنف، إلا أنها – كما يقول – كانت "عنفاً له هدف ومعنى". ويضيف عاشور في حديثه مع بي بي سي أن "معظم رسوم الكرتون المعروض حالياً يعتمد على الإبهار البصري دون محتوى حقيقي". وفيما يتعلق بتغير أدوات وأساليب الإنتاج، يؤكد أن التطور التكنولوجي سهّل من عمليات التحريك، لكنه في المقابل أضعف الجانب الإبداعي. ويوضح: "في السابق، كنا نرسم الفريمات (إطارات الرسم) يدوياً على ورق شفاف لمتابعة الحركة، وكانت العملية تتطلب دقة وجهداً، لكنها كانت تحمل طابعاً فنياً وتحدياً جميلاً. أما اليوم، فبفضل البرامج الحديثة والذكاء الاصطناعي، يمكن لأي شخص إنتاج رسوم متحركة بكبسة زر، وهو ما جعل الأطفال يظنون أن هذا الفن بسيط وسهل، دون أن يعرفوا مقدار الجهد الذي كان يُبذل سابقاً". ويرى عاشور أن الهوية البصرية للرسوم المتحركة الكلاسيكية تلاشت تدريجياً، وهو ما أسهم في ابتعاد الأطفال عن المحتوى الهادف. ويقول: "للأسف، لم يعد الأطفال يعرفون القيمة الحقيقية للرسوم المتحركة. الكرتون الكلاسيكي مثل غرندايزر، وجزيرة الكنز وسندباد، وحتى أفلام ديزني القديمة مثل سنو وايت، كانت مليئة بالمعاني والدروس، اليوم، تحول الكرتون إلى منتج تجاري بحت، يفتقر إلى الروح". ويختم عاشور بدعوة للآباء إلى تعريف أطفالهم على الكرتون الأصيل والهادف، معتبراً أن "عرض كرتون مثل توم وجيري، والنمر الوردي، وسندباد، وغيرها من الأعمال القديمة، قد يسهم في ترسيخ الذوق الفني الصحيح لدى الأجيال الجديدة، ويعيد لمسةً من جمال الرسوم المتحركة التي كبرنا عليها". Google باباي؛ بحّار له طريقة مميزة في الكلام، يضع غليوناً في فمه، له ساعدان قويان، ويكتسب قوة خاصة عندما يتناول السبانخ تحتفل معظم دول العالم باليوم العالمي للرسوم المتحركة في 28 من أكتوبر/تشرين الأول من كل عام. وبينما يختار أطفال اليوم التنقّل بين آلاف مقاطع الفيديو في ثوانٍ، كنا نحن ننتظر بداية "افتح يا سمسم" كمن ينتظر فتح بوابة الأحلام! لكن، لعلنا نحتاج فقط إلى إعادة تغليف أفلام الكرتون الكلاسيكية بواجهة جذابة، وربما نسخة جديدة من كابتن ماجد بخوارزميات الذكاء الاصطناعي وتسديدات تُحدث زلازل حقيقية! وإلى أن يحدث ذلك، فلنُشغل أطفالنا بحكايات الزمن الجميل، على الأقل لتعرف الأجيال القادمة أن شخصاً اسمه باباي حارب الأشرار... بعلبة سبانخ.

أعيرونا صمتكم
أعيرونا صمتكم

المغرب اليوم

time٠٦-٠٤-٢٠٢٥

  • المغرب اليوم

أعيرونا صمتكم

بين المؤسسات التي أعلن دونالد ترمب إغلاقها تحت عنوان اللاجدوى، أو اللافائدة، إذاعة «صوت أميركا»، الأقدم في المؤسسات الإعلامية الحكومية، و«قناة الحرة»، الأكثر حداثة بينها. تم الإغلاق تقريباً دون صدى. العام الماضي أعلنت الـ«بي بي سي» إغلاق إذاعاتها الخارجية وسط أسف شديد من الأوساط السياسية والصحافية حول العالم، بعد نحو القرن من ذبذبة موجاتها المتوسطة والقصيرة عبر الأثير. صمدت الإذاعات في زوالها البطيء أكثر مما توقع الناس. والسبب الواضح هو المهارة المهنية التي جعلت من الـ«بي بي سي» تتفوق على جميع الإذاعات المشابهة. لكن أفول العصر الإذاعي كان حتمياً ذات يوم، خصوصاً الرسمي منه. بالإضافة إلى الأسباب الخارجية، كان هناك سبب من قلب الصناعة نفسها، وذلك عندما ظهرت محطات «FH» و (آي إف إم)، وأصبحت تغطي أعالي البحار، وأعالي الجبال، وكل بقعة من بقع الأرض في صوت خارق الصفاء، لا تشويش فيه ولا تعثر. رافقت الصناعة الإذاعية حروب العالم. بوصفها أداة من أدواتها الأساسية، وكانت تملأ المشاعر وتبث الأكاذيب وتموّه الحقائق. ولعل أشهر من فعل ذلك كان (غوبز)، رجل الإعلام عند هتلر، كما كان أحد رجاله في الإذاعة العربية (العراقي يونس البحري)، الذي كان يرسل التحية إلى العرب كل يوم معلناً من برلين: «هنا برلين حي العرب». بعد سنوات قليلة من إنهاء الحرب بدأ عصر إذاعي هائل التأثير عندما أسس أحمد سعيد «صوت العرب»، وجعل منها أهم أداة دعائية في حينها. غير أن كل النجاح الذي حققته الإذاعة المصرية، عاد فانقلب عليها وتم تحميلها جزءاً كبيراً من مسؤولية النكسة. وكانت تنافسها من بعيد الـ«B.B.C» العربية بأسلوبها المائل إلى الموضوعية، والخالي من الشتائم والتحريض المباشر. وأنشأت فرنسا بدورها إذاعة «مونتكارلو» التي حققت بدورها نجاحاً صحافياً على مدى العالم العربي من دون أن تحتل المكانة التي حققتها الـ«BBC». في فترة ما، كان أداء «صوت أميركا» بالعربية يجتذب قسماً غير بسيط من السامعين. لكن العقبة الكبرى أمامها كانت سياسة الولايات المتحدة، بالإضافة إلى عقبات أساسية أخرى منها عدم اعتماد الموجة المتوسطة، والبقاء أسيرة الموجة القصيرة السيئة البث. كانت الإذاعة في ازدهارها - على ما يملأ حياة الناس من ترفيه، أو ثقافة، أو سياسة، وفي الطرب وفي الخطاب وفي المسرحيات - تنقل إلى السامعين ما تنقله دور السينما إلى المشاهدين. لم يكن التلفزيون قد طغى على جميع الوسائل. ولا كانت شبكات الإنترنت قد حولت حياة الناس، وأصبحت تؤمّن لصاحبها شراء الكتب والبطاطس والعطور.

وفاة أسطورة الملاكمة الأمريكي جورج فورمان عن عمر يناهز 76 عاما
وفاة أسطورة الملاكمة الأمريكي جورج فورمان عن عمر يناهز 76 عاما

الأيام

time٢٢-٠٣-٢٠٢٥

  • الأيام

وفاة أسطورة الملاكمة الأمريكي جورج فورمان عن عمر يناهز 76 عاما

Getty Images تُوفي أسطورة الملاكمة للوزن الثقيل، جورج فورمان، عن عمر يناهز 76 عاما. ويُعرف فورمان، الأمريكي الجنسية، في الحلبة باسم "جورج الكبير". وقد بنى مسيرةً حافلةً في رياضة الملاكمة، حيث فاز بالميدالية الذهبية الأولمبية عام 1968، ثم فاز بلقب بطولة العالم للوزن الثقيل مرتين، بفارق 21 عاما، ليصبح في المرة الثانية أكبر بطل في التاريخ يفوز بالبطولة، عن عمر 45 عاما.خسر لقبه الأول أمام محمد علي كلاي في نزالهما الشهير بـ"مبارزة الأدغال" عام 1974. وقد حقق فورمان 76 فوزًا مذهلًا، منها 68 بالضربة القاضية، أي ما يقارب ضعف انتصارات محمد علي.اعتزل فورمان الملاكمة عام 1997، بعد أن وافق على وضع اسمه على شواية رائجة - وهو قرارٌ جلب له ثرواتٍ فاقت أرباحه من الملاكمة. قالت عائلته في منشور على إنستغرام مساء الجمعة: "قلوبنا مفجوعة. كان واعظاً متديناً، وزوجاً مخلصاً، وأباً محباً، وجداً نفتخر به، عاش حياةً اتسمت بالإيمان الراسخ والتواضع والعزيمة".وأضاف البيان: "كان إنساناً، ورياضياً أولمبياً، وبطل العالم للوزن الثقيل مرتين، وكان محل احترام كبير - يكافح بلا كلل للحفاظ على سمعته الطيبة - من أجل عائلته".وتوالت التعازي، حيث قال بطل العالم السابق للوزن الثقيل مايك تايسون إن "إسهامات فورمان في الملاكمة وما بعدها لن تُنسى أبدًا".ووصفته مجلة "ذا رينغ"، بأنه "أحد أعظم ملاكمي الوزن الثقيل على مر العصور"، و"سيُذكر كرمز لهذه الرياضة إلى الأبد".وُلد فورمان في مارشال، بولاية تكساس، في 10 يناير/كانون الثاني 1949، ونشأ مع ستة أشقاء لأم عزباء في الجنوب الأمريكي الذي كان يعاني من الفصل العنصري آنذاك. Getty Images فاز فورمان بالميدالية الذهبية في الوزن الثقيل في أولمبياد 1968 في مكسيكو سيتي، وهو في التاسعة عشرة من عمره، قبل أن يتحول إلى الاحتراف ويفوز في 37 مباراة متتالية. لم يخسر سوى خمس مباريات خلال مسيرته.تغلب على جو فريزر، حامل اللقب الذي لم يُهزم سابقًا، في كينغستون، جامايكا، عام 1973، حيث أسقطه ست مرات في الجولتين الأوليين.لا تزال مباراته "رامبل إن ذا جانغل" عام 1974 ضد علي في كينشاسا، زائير، التي تُعرف الآن بجمهورية الكونغو الديمقراطية، واحدة من أشهر مباريات الملاكمة على الإطلاق.كان علي، الرجل الأكبر سنا، هو الأضعف بعد تجريده من لقبه قبل سبع سنوات لرفضه التجنيد في حرب فيتنام.في مقابلةٍ له في أكتوبر مع برنامج "نيوز آور" على قناة بي بي سي، تذكر فورمان النزال الأسطوري الذي دار قبل 50 عامًا، موضحًا أن الجميع ظنّوا أنه سيسحق علي.وقال إن الخبراء توقعوا ذلك آنذاك: "لن يصمد علي حتى جولة واحدة".وقال فورمان لبي بي سي إنه عادةً ما يشعر "بالتوتر الشديد" و"القلق" قبل أي مباراة ملاكمة، لكن تلك الليلة كانت "أكثر ليلة" شعر فيها براحة.لكن محمد علي كلاي استخدم تكتيكا عُرف لاحقًا باسم "الحبل المخدر"، والذي أنهك فورمان، ما دفعه إلى توجيه مئات اللكمات قبل أن ينقضّ عليه علي في الجولة الثامنة ويسجل الفوز بالضربة القاضية.بعد خسارته الثانية خلال مشواره، تقاعد فورمان عام 1977 وأصبح قسيسا مُرسَمًا في كنيسة الرب يسوع المسيح في تكساس، التي أسسها وبناها.صرح لبي بي سي بأن هزيمته أمام علي قائلا كانت "أفضل ما حدث لي في حياتي"، إذ دفعتني في النهاية إلى "نشر رسالتي" من خلال الوعظ. Getty Images فورمان يطرح شوايته في لندن عام 2001 عاد فورمان لحلبة الملاكمة عام 1987 لجمع التبرعات لمركز شباب أسسه. فاز في 24 مباراة قبل أن يخسر أمام إيفاندر هوليفيلد بعد 12 جولة عام 1991.في عام 1994، أطاح فورمان بمايكل مورر، الذي لم يُهزم، ليصبح أكبر بطل وزن ثقيل على الإطلاق في سن الخامسة والأربعين.أصبح فورمان مسؤولاً عن إعلانات شواية جورج فورمان، التي اشتراها الملايين منذ طرحها في السوق عام 1994، ويعود الفضل في ذلك جزئيًا إلى شعاره الشهير "آلة الشواء القوية".تزوج فورمان خمس مرات، ولديه اثني عشر طفلًا، من بينهم خمسة أبناء جميعهم يُدعى جورج.أوضح على موقعه الإلكتروني أنه أطلق عليهم اسمه ليجمعهم دائمًا شيء مشترك.وأوضح: "أقول لهم: إذا صعد أحدنا، فسنصعد جميعًا معًا. وإذا سقط أحدنا، فسنسقط جميعًا معًا!"

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store