logo
ذكريات قديمة مع نيافة الحبر الجليل الأنبا باخوميوس مطران البحيرة وتوابعها

ذكريات قديمة مع نيافة الحبر الجليل الأنبا باخوميوس مطران البحيرة وتوابعها

الاقباط اليوم٣١-٠٣-٢٠٢٥

بقلم القمص يوحنا نصيف
+ تعود معرفتي بنيافة الأنبا باخوميوس إلى بداية السبعينيّات من القرن الماضي، وبالتحديد عندما انتقل أبي للعمل -كمهندس لمحطّات الطلمبات بوزارة الريّ مصلحة الميكانيكا والكهرباء- بمركز المحموديّة في أواخر عام 1972م.
+ مركز المحموديّة يبعد حوالي 18 كيلومترًا شمال شرق مدينة دمنهور، وكانت تلك المنطقة فقط (بين دمنهور والمحموديّة) قبل خمسة قرون إيبارشيّة كبيرة مملوءة بالمسيحيّين،
تُسَمّى بمنطقة "مِيصيل"، قبل الإبادة التي حدثت للمسيحيّين في القرون من السادس عشر إلى الثامن عشر. أمّا حين ذهبتُ هناك، فكانت الكنائس الموجودة في كلّ إيبارشيّة
البحيرة لا تتجاوز العشرين كنيسة، منها كنيسة السيّدة العذراء الأثريّة بالمحموديّة، بينما كان في مدينة دمنهور كنيستان فقط.. وكان عدد الأسر المسيحيّة في المحموديّة حوالي ستّين أسرة.
+ ما أعرفه وشاهدته ولمسته بنفسي عن نيافة الأنبا باخوميوس على مدى أكثر من خمسين سنة، لا تكفيه كتب كثيرة لتسجيله، لكنّي سأكتفي فقط في هذا المقال بذكريات بسيطة معه، كلّها كانت في بكور حبريّته المباركة، قبل عام 1980م.
+ كانت خدمة الكنيسة بالمحموديّة مقتصرة على إقامة القدّاس الإلهي أيام الأحد والجمعة؛ ولم يكُن يوجد في الكنيسة خادم واحد لمدارس الأحد، لذلك كان نيافة الأنبا باخوميوس يُرسِل اثنين من أبنائه الخُدّام من
كنيسة الملاك ميخائيل بدمنهور في صباح كلّ يوم جمعة، يحضران معنا القدّاس الإلهي، ويقومان بخدمة مدارس الأحد لنا، فكانت بركة كبيرة لنا. وكان عددنا في ذلك الوقت لا يزيد عن عشرين، كأولاد وبنات مرحلة ابتدائي وإعدادي!
+ كان الأنبا باخوميوس يزور كنيستنا ويصلّي معنا القدّاس ويعظ على الأقل ثلاث مرّات في السنة؛ وفي تلك المرّات، لم يكُن الخُدّام يَحضِرون، إذ كان سيّدنا هو الذي يقوم
بخدمة مدارس الأحد لنا.. فقد كُنّا نجتمع حوله بعد القدّاس في فناء الكنيسة، ونرتّل بعض ما نحفظه من ترانيم، ويسألنا أسئلة، ويحكي لنا قصّة من الكتاب المقدّس، ويوزّع
علينا صلبان صغيرة كهدايا، ولا أنسى أنّه كان يتباسط معنا ويداعبنا كثيرًا.. فقد كان خلف منظره الذي يبدو مهوبًا بلحيته الكثيفة، شخصيّة طيّبة جدًّا تتمتّع بروح الفكاهة!
+ أثناء زيارته في إحدى المرّات، وكنت أجلس بجواره، أشار أحد الأشخاص إليّ، وقال لسيّدنا: إنّ "فلان" يحفظ لحن "قبّلوا بعضكم بعضًا الكبير أسباذيستيه"، فما كان من سيّدنا إلاّ أنّه التفت وقال لي: ممكن تقولها لنا؟ فقلتها كاملةً، وقد استغرقت حوالي ستّ دقائق، وهو منصت. وفي النهاية شجّعني بفرح وقال لي: لك عندي هديّة كبيرة. وبالفعل أرسل لي هديّة قيّمة.
+ في عام 1975م، كنت ذاهبًا معه في سيّارته الميكروباص الفولكس إلى "المزرعة"، التي هي حاليًا "كرمة دمنهور" وصار بها كنيسة مارمرقس. فسألني: هل أنت تخدم؟ فتعجّبت، لأنّي كنت لا أزال ولدًا صغيرًا في مرحلة إعدادي، وأخذ يشجّعني على الخدمة!
+ كان الأنبا باخوميوس ينتهز فرصة يوم عُطلة 23 يوليو من كلّ عام، ليُقيم يومًا روحيًّا لخُدّام الإيبارشيّة، وذلك بكنيسة رئيس الملائكة الجليل ميخائيل بدمنهور. كان اليوم يبدأ بالقدّاس الإلهي، ويتبعه إفطار ثمّ كلمات روحيّة
وترانيم وأسئلة طوال اليوم. وأتذكّر أنّه دعا نيافة الأنبا بنيامين (بعد سيامته مباشرة) عام 1976م، ونيافة الأنبا رويس (بعد سيامته مباشرة أيضًا) عام 1977م، ونيافة الأنبا يوأنّس.. كما كان يدعو أيضًا آباء كهنة للحديث في هذه الأيّام
الروحيّة مثل القمّص إشعياء ميخائيل، والقمّص بيشوي وديع، والأرشيدياكون رمسيس نجيب.. وأتذكّر أنّه كان يعلّمنا بنفسه بعض الترانيم الجديدة بصوته الجميل، مثل "بك ومنك أمتلي، يا روح قدس الله العلي" و"فوق المذبح صينيّة"..
+ كان نيافة الأنبا باخوميوس يهتمّ بتنشيط الخدمة في كنيستنا "العذراء بالمحموديّة"، فهي أهمّ وأقدم كنيسة للسيّدة العذراء بالإيبارشيّة، فكان يحضر معنا عشيّة عيد العذراء في
أغسطس من كلّ عام، ويسهر معنا في الصلاة؛ وكان يحضر معه مجموعة كبيرة من الشمامسة المتميّزين من مدينة دمنهور، صار بعضهم كهنة. والصورة المرفقة في عشيّة عيد العذراء (أغسطس 1977م) أثناء
عمل التمجيد، وكنتُ أمسك له الميكروفون. هذا غير أنّه كان يُرسِل باستمرار بعض الخدّام للوعظ في القدّاسات، بالإضافة إلى خدّام مدارس الأحد، الذين كان يرسلهم اثنين اثنين (كما فعل
ربّنا يسوع في إرساليّة تلاميذه)، وكان أحد أبرز الخُدّام الذين تناوبوا على خدمتنا، وتركوا أثرنا فينا هو الدكتور وجيه صبحي، الذي صار فيما بعد قداسة البابا تواضروس الثاني، حفظ الربّ حياته.
+ في أوائل صيف 1978م، كنت أودّ أن أذهب في خلوة لأحد الأديرة، فذهبتُ لمقابلته في دمنهور لآخُذ منه تصريحًا للخلوة، فرحّب بي جدًّا، ثمّ قال لي: "إنّ الطريق للأديرة لا يوجَد له مواصلات سهلة، فالأفضل
أنّي عندما أكون ذاهبًا آخُذك معي في سيارتي"، فشكرته جدًّا.. ولكن لأنّي كنت أقضي جزءًا كبيرًا من الصيف في الإسكندريّة، فحدث عندما كان مسافرًا للدير أنّه اتّصل بوالدي في عمله لكي يبلّغني
بالحضور، ولكنّي لم أكُن موجودًا وقتها في المحموديّة. وحدث بعد ذلك عندما حضر لزيارة الكنيسة في صوم السيّدة العذراء طلبت منه التصريح مُجَدَّدًا، فأجاب طلبي بكلّ بشاشة واهتمام، وكتب لي تصريحًا في
التوّ، وبالفعل ذهبت لأوّل مرّة في حياتي إلى خلوة بدير البرموس، في أواخر أغسطس 1978م، ولم أكُن قد تجاوزت السادسة عشرة من عمري. وبالطبع كانت هناك مشقّة كبيرة في السفر للدير، بالمقارنة مع حالة ذهابي معه بسيّارته!
+ في عظاته كان فم الأنبا باخوميوس دائمًا يَقطُرُ شهدًا، مثل عروس النشيد (نش4: 11).. فلا أنسى أبدًا أنّه في إحدى المرّات زارنا في الكنيسة بالمحموديّة يوم الجمعة من الأسبوع الرابع
للصوم المقدّس، وكان موضوع إنجيل القدّاس (كما هو معروف) عن المرأة الكنعانيّة.. وأنا كنت قد استمعتُ قبل ذلك إلى عظة جميلة جدًّا عن المرأة الكنعانيّة للقمّص متّى المسكين، وكنت
أنتظر وأتمنّى أن يقول نيافة الأنبا باخوميوس كلامًا حلوًا مُشابِهًا في عظته.. ولكنّني دُهِشتُ أنّه تكلّم في عظته عن المرأة الكنعانيّة بطريقة أخرى، تفوق الوصف في جمالها،
وبأسلوب بسيط وجذّاب، مع تأمّلات غاية في الرقّة والروعة من زوايا متعدّدة، ملأت قلبي بالفرح الغامر.. ووقتها أدركت أنّ الروح القدس غني، ويوزّع المواهب بشكل متنوّع على الخدّام الأمناء!
+ من الأمور الرائعة التي لاحظتها أيضًا في بدايات حبريّة نيافة الأنبا باخوميوس، تحلّيه بالتعامل الأبوي الحكيم والصبور مع الكهنة القُدامى؛ وأيضًا موهبته الجميلة في تشجيع الكلّ على الخدمة، وانتقاء بعض المميّزين وتلمذتهم، ثمّ دعوتهم للتكريس الكهنوتي، لكي يملأ بهم الحقول المتّسعة!
+ بالطبع لا يمكنني في هذه العُجالة إلاّ القول أنّ إيبارشيّة البحيرة قد تنعّمَت زمانًا وافرًا بخدمة هذا المطران الجليل. وهذه الذكريات البسيطة التي انتقيتها هي بمثابة قطرات من لُجّة عظيمة، تَشهَد عن عمل الله في خادمه المبارك الغيور، الذي كان "إناءً للكرامة، مقدّسًا نافِعًا للسيّد، مستعدًّا لكلّ عمل صالح" (2تي2: 21).
الربّ قادر أن ينيّح روحه الطاهرة في فردوس النعيم، ويكافئه نظير محبّته وأتعابه وأمانته بالمجد الذي لا يفنى.
القمص يوحنا نصيف

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تقسيم إيبارشية البحيرة ومطروح لعدة إيبارشيات وترشيح أنبا إيلاريون اسقفا للبحيرة
تقسيم إيبارشية البحيرة ومطروح لعدة إيبارشيات وترشيح أنبا إيلاريون اسقفا للبحيرة

الاقباط اليوم

time١٤-٠٥-٢٠٢٥

  • الاقباط اليوم

تقسيم إيبارشية البحيرة ومطروح لعدة إيبارشيات وترشيح أنبا إيلاريون اسقفا للبحيرة

يترقب الجميع قرار قداسة البابا تواضروس الثاني، بشأن تنظيم وتدبير إيبارشية البحيرة ومطروح والخمس المدن الغربية، بعد نياحة مطرانها نيافة الأنبا باخوميوس، ومن المتوقع أن تتم سيامات جديدة للأساقفة في أول يونيو المقبل، ورجحت مصادر كنسية أن إيبارشية البحيرة وهى أكبر إيبارشيات الكرازة سوف تقسم لعدة ايبارشيات وهو نهج قداسة البابا لتركيز ودعم الخدمة. ورجحت المصادر أنه من المتوقع تقسيم إلى الايبارشية إلى أربعة أو خمس ايبارشيات وهى قطاعات التي قام نيافة الأنبا باخوميوس بتقسيمها طوال خدمته، حيث وضع نيافة الأنبا باخوميوس قواعد في خدمته وأسس خدمته على أساس التنظيم الدقيق وقام بتقسيم الايبارشية وهى واسعة النطاق إلى قطاعات ولكل قطاع وكيلًا القطاع الصحراوي الجنوبي ويضم " الكنج مريوط والعامرية 1 والعامرية 2 وبرج العرب" قطاع جنوب البحيرة ويضم " النوبارية والتحرير والسادات ووادي النطرون والخطاطبة" قطاع شمال البحيرة " كفر الدوار ورشيد" قطاع البحيرة " مدينة أبو المطامير وحوش عيسى" قطاع " الساحل الشمالي ومرسى مطروح" قطاع شرق البحيرة " دمنهور - شبراخيت - ايتاي البارود - المحمودية - كوم حمادة – الدلنجات" هذا بالإضافة لدير القديس مكاريوس السكندري بجبل القلالي الذي أعاد الحياة الرهبانية فيه وكلف نيافة الأنبا ايساك بخدمته قبل نياحته وحتى الان ظهر اسم نيافة الأنبا إيلاريون أسقف عام الإسكندرية كمرشح لايبارشية البحيرة، ولم يتحدد بعد اذا كان سيتم تقسيم محافظة البحيرة لايبارشيات أم يتم الاحتفاظ بها كما هي ولكن يتم يتم انشاء ايبارشية مطروح والساحل الشمالي، وايبارشية القطاع الصحراوي الغربي، بلاضافة لدير القديس الانبا مكاريوس السكندري، ولكن حتى الان برز اسم الانبا ايلاريون كأسقف للبحيرة وينتظر الكشف عن الأسماء الأخرى ومن جانب أخر قد تشهد سيامات الأساقفة القادمة سيامة أساقفة لايبارشيات تنيح اسقفها مثل إيبارشية دير مواس، وإيبارشية جنوبي المانيا بالإضافة لدير الكنيسة هناك، وإيبارشية مارسيليا، بالإضافة لقطاعات القبة التي كان يشغلها نيافة الأنبا ميخائيل قبل تجليسه بحلوان، وقطاع عين شمس الذى كان يشغل كرسيه نيافة الانبا اكسيوس قبل تجليسه على كرسي المنصورة.

بالصور.. ماذا قال البابا تواضروس الثاني عن الأنبا باخوميوس في قداس الأربعين؟
بالصور.. ماذا قال البابا تواضروس الثاني عن الأنبا باخوميوس في قداس الأربعين؟

الموجز

time١٠-٠٥-٢٠٢٥

  • الموجز

بالصور.. ماذا قال البابا تواضروس الثاني عن الأنبا باخوميوس في قداس الأربعين؟

قداس الأربعين لـ الأنبا باخوميوس .. ترأس قداسة ويستعرض قداس الأربعين للانبا باخوميوس قداس الأربعين لـ الأنبا باخوميوس قال قداسة البابا تواضروس الثاني، خلال عظته إن الأنبا باخوميوس خدم إيبارشيته لأكثر من 54 عامًا، قدم خلالها نموذجًا رائعًا في الخدمة والإخلاص، مؤكدًا أن الذين نحبهم لا يموتون، بل يعيشون في قلوبنا، ونظل دومًا نتذكر حياتهم وما صنعوه من أجلنا. لا يفوتك 3 ملامح تميز بها الأنبا باخوميوس وأشار قداسة البابا إلى أن قامة روحية تحققت فيه معادلة "الروحي والإداري"، إذ كان شخصية روحية بالحقيقة وفي نفس الوقت إداريًّا ناجحًا. كان محبًا للصلاة وللقديسين وللسهر الروحي وللألحان، وكانت روحانياته واضحة في عظاته وتعاليمه، حيث مزج بين كلمة الله وخبراته الروحية العميقة. أشار قداسة البابا إلى أنه خدم معه لمدة 22 سنة، وتعلم منه الكثير من فكره وأسلوبه وأمانته وروحياته. قداس الأربعين للأنبا باخوميوس قامة كنسية كان نموذجًا للخادم الكنسي، محبًا للكنيسة وللقديسين وأعيادهم وتذكاراتهم، ومحبًا للفقراء وخدمتهم. بذل جهدًا كبيرًا ودموعًا كثيرة في الإيبارشية، وكل كنيسة فيها تشهد لتعبه وعمله وصلواته ودموعه. أحيا خدمة حية في منطقة الخمس مدن الغربية، التي كانت مجرد لقب يقترن بنطاق خدمة الأب البطريرك. قامة وطنية كان يحب مصر جدًا، وشارك في العديد من الفعاليات الوطنية. في وقت الأزمات، كان يعالج الأمور بهدوء وحكمة، ويميل إلى صنع السلام. تميز بعلاقات طيبة مع المسؤولين، وكان يتكلم معهم في الغرف المغلقة بكلام الحق، بكل وضوح وصراحة، وفي العلن يقدم سلامة المجتمع والوطن كأولوية أولى. اقرأ أيضا:

البابا تواضروس: الأنبا باخوميوس بدأ عمله في إيبارشية وليدة بشكل يكاد يكون بلا إمكانيات ولكن كانت معه نعمة الله والتي أثمرت به ثمارًا كثيرة
البابا تواضروس: الأنبا باخوميوس بدأ عمله في إيبارشية وليدة بشكل يكاد يكون بلا إمكانيات ولكن كانت معه نعمة الله والتي أثمرت به ثمارًا كثيرة

الاقباط اليوم

time١٠-٠٥-٢٠٢٥

  • الاقباط اليوم

البابا تواضروس: الأنبا باخوميوس بدأ عمله في إيبارشية وليدة بشكل يكاد يكون بلا إمكانيات ولكن كانت معه نعمة الله والتي أثمرت به ثمارًا كثيرة

صلى قداسة البابا تواضروس الثاني اليوم، قداس السبت من الأسبوع الثالث من الخمسين المقدسة، في تذكار مرور أربعين يومًا على نياحة مثلث الرحمات نيافة الأنبا باخوميوس مطران إيبارشية البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية، ورئيس دير القديس مكاريوس السكندري بجبل القلالي، والذي أقيم في كرمة مار مرقس بدمنهور (مقر المطرانية). شارك في صلوات القداس إلى جانب نيافة الأنبا بولا مطران طنطا والنائب البابوي لإيبارشية البحيرة وتوابعها، عدد من الآباء المطارنة والأساقفة ومجمع كهنة إيبارشية البحيرة ورهبان دير القديس مكاريوس. كما شارك في الصلوات وفود من الآباء الكهنة والرهبان من إيبارشيات وأديرة الكرازة المرقسية وراهبات ومكرسات وأراخنة "البحيرة" وأعداد كبيرة من الشعب. وفي عظة القداس قال قداسة البابا: "نجتمع اليوم في تذكار مثلث الرحمات نيافة الأنبا باخوميوس مطران إيبارشية البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية، في مقر مطرانيتها التي بدأ منها العمل في هذه الإيبارشية الواسعة على مدى أكثر من 54 عامًا، خدم فيها أسقفًا ومطرانًا، خادمًا، محبًا، أمينًا، مخلصًا في خدمته. وقدم لنا نموذجًا رائعًا في الخدمة وفيمن يخدم في الكنيسة وكيف يكون مخلصًا. وأضاف: "الذين نحبهم لا يموتون فهم يعيشون في قلوبنا، ونظل دومًا نتذكر حياتهم وما صنعوه من أجلنا". تحققت فيه معادلة "الروحي والإداري" أي أنه كان شخصية روحية بالحقيقة وفي نفس الوقت كان إداريًّا ناجحًا. محبًا للصلاة وللقديسين وللسهر الروحي وللألحان، وكانت روحانياته واضحة في عظاته وتعاليمه، إذ كان يمزج بين كلمة الله وخبراته الروحية العميقة التي عاشها. وعلى هذا المعنى علق قداسة البابا: "أتكلم باعتباري أحد أبناء هذه الإيبارشية عشت فيها منذ طفولتي، وشاءت العناية الإلهية أن أخدم فيها لمدة 22 سنة راهبًا كاهنًا وأسقفًا مساعدًا لنيافته. وأشهد أمام الله أني كنت كل يوم أتعلم منه، من فكره وأسلوبه وأمانته ومن روحياته. والكثير مما تعلمته منه لم أجدها في كتب، إنها الحياة التي تُسَلَّم من جيلٍ إلى جيل". واستكمل: "بدأ عمله في الإيبارشية الوليدة بشكل يكاد يكون بلا إمكانيات ولكن كانت معه نعمة الله، التي أثمرت به ثمارًا كثيرة وفي مجالات عديدة. فكان يمزج كل شئ بالصلاة والعبادة إذ كان يؤمن أن الصلاة تصنع المعجزات، حتى أن أمورًا كثيرة كان يصلي لأجلها لسنوات حتى تتحقق. وضع نفسه في يمين الله فعمل الله به عملاً عظيمًا في إيبارشيته وأيضًا خارجها". ولفت قائلاً: "هو قامة روحية في تعليم الكتاب المقدس وفي نقل خبرة البرية المقدسة وفي اختبارات الحياة الروحية لذا كان مرشدًا مختبرًا وأب اعتراف لكثيرين". وعن الخبرات الواسعة للأب المطران المتنيح، قال قداسته: "خبرته الكبيرة في خدمة الإيبارشية وبالنعمة التي أعطاها الله له كانت فرصة طيبة لكثيرين لكي يتتلمذوا على يديه ويتعلموا منه ويمتصوا رحيق الحياة الروحية الأصيلة". 2- قامة كنسية: وفي هذا السياق قال قداسة البابا: "كان نموذجًا للخادم الكنسي بل كان بمثابة كنيسة أينما حَلَّ!، كان يحب الكنيسة محبة فائقة محبًا للقديسين وأعيادهم وتذكاراتهم ومحبًا للفقراء وخدمتهم ومحبًا للتعمير لكي يجد كل إنسان مكانًا يصلي فيه." وأضاف: "بذل جهدًا كبيرًا ودموعًا كثيرة في الإيبارشية وكل كنيسة فيها تشهد لتعبه وعمله وصلواته ودموعه". وأكد: "لقد كان نموذجًا للخادم الذي يحب الكنيسة ويشعر بـ "غلاوتها" ويدرك قيمة آبائها وطقسها وتاريخها وتراثها". وعن نمو الخدمة وحب المطران الجليل الراحل، قال قداسته: "كانت الخمس مدن الغربية مجرد لقب يقترن بنطاق خدمة الأب البطريرك، ولكنه أحيا هذا اللقب إذ أوجد خدمة حية في هذه المنطقة من العدم". واختتم: "سيذكر التاريخ أنه في نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين كان في الكنيسة القبطية عمودًا قويًّا خدم فيها بقوة وأصالة استطاع أن يمزج بين الأصالة والمعاصرة. فلم يكن فكره جافًّا أو متشددًا وإنما جمع بين تراث الكنيسة الحي وروح العصر". 3- قامة وطنية: وأوضح قداسة البابا: "كان يحب مصر جدًا وكانت له مشاركات فعالة في العديد من الفعاليات الوطنية، وفي وقت الأزمات كان يعالج الأمور بهدوء وحكمة وبنهجٍ يميل إلى صنع السلام. تميز بعلاقاتٍ طيبة مع المسؤولين بكافة درجات مسؤوليتهم، وحكمته كانت تتجلى بأنه كان يتكلم مع المسؤولين في الغرف المغلقة بكلام الحق، بكل وضوح وصراحة، وفي العلن يقدم سلامة المجتمع الوطن كأولوية أولى".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store