
الصلح مع الأعداء كالحديبية والقرآن الكريم عند الشيخ مكارم الشيرازي (ح 2)
الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى عن الالتزام "إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَىٰ وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا" ﴿الفتح 26﴾ التعصّب (وحمية الجاهلية) أكبر سدٍّ في طريق الكفّار: والاية الثانية تتحدّث مرّة أُخرى عن (مجريات) الحديبيّة وتجسّم ميادين أُخرى من قضيتها العظمى.. فتشير أوّلاً إلى واحد من أهم العوامل التي تمنع الكفار من الإيمان بالله ورسوله والإذعان والتسليم للحق والعدالة فتقول: "إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحميّة حميّة الجاهلية". ولذلك منعوا النّبي والمؤمنين أن يدخلوا بيت الله ويؤدّوا مناسكهم وينحروا (الهدي) في مكّة. وقالوا لو دخل هؤلاء الذين قتلوا آباءنا وإخواننا في الحرب ـ أرضنا وديارنا وعادوا سالمين فما عسى أن تقول العرب فينا؟ وأية حيثية واعتبار لنا بعد؟ هذا الكبر والغرور والحميّة ـ حمية الجاهلية ـ منعتهم حتى من كتابة (بسم الله الرحمن الرحيم) بصورتها الصحيحة عند تنظيم معاهدة صلح الحديبيّة، مع أنّ عاداتهم وسننهم كانت تجيز العُمرة وزيارة بيت الله للجميع، وكانت مكّة عندهم حرماً آمناً حتى لو وجد أحدهم قاتل أبيه فيها أو أثناء المناسك فلا يناله منه سوء وأذى لحرمة البيت عنده، فهؤلاء ـ بهذا العمل ـ هتكوا حرمة بيت الله والحرم الآمن من جهة، وخالفوا سننهم وعاداتهم من جهة أخرى، كما أسدلوا ستاراً بينهم وبين الحقيقة أيضاً، وهكذا هي آثار حمية الجاهلية المميتة. (الحمية) في الأصل من مادة حَمي ـ على وزن حمد ـ ومعناها حرارة الشمس أو النّار التي تصيب جسم الإنسان وما شاكله، ومن هنا سمّيت الحُمّى التي تصيب الإنسان بهذا الاسم (حُمّى) على وزن كبرى، ويقال لحالة الغضب أو النخوة أو التعصّب المقرون بالغضب حمية أيضاً. وهذه الحالة السائدة في الأُمم هي بسبب الجهل وقصور الفكر والإنحطاط الثقافي خاصةً بين (الجاهليّين) وكانت مدعاة لكثير من الحروب وسفك الدماء. ثمّ تضيف الآية الكريمة ـ وفي قبال ذلك ـ (فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين). هذه السكينة التي هي وليدة الإيمان والإعتقاد بالله والإعتماد على لطفه دعتهم الى الإطمئنان وضبط النفس وأطفأت لهب غضبهم حتى أنّهم قبلوا ـ ومن أجل أن يحفظوا ويرعوا أهدافهم الكبرى ـ
وعن ضبط النفس خلال صلح الحديبية يفسر الشيخ الشيرازي الآية الحج 26 قائلا: بحذف جملة (بسم الله الرحمن الرحيم) التي هي رمز الإسلام في بداية الأعمال وأن يثبتوا ـ مكانها (بسمك اللّهمَّ) التي هي من موروثات العرب السابقين ـ في أوّل المعاهدة وحذفوا حتى لقب (رسول الله) التي يلي اسم محمّد صلى الله عليه وآله وسلم. وقبلوا بالعودة إلى المدينة من الحديبيّة دون أن يستجيبوا لهوى عشقهم بالبيت ويؤدّوا مناسك العمرة ونحروا هديهم خلافاً للسنّة التي في الحج أو العمرة في المكان ذاته وأحلّوا من احرامهم دون أداء المناسك. أجل، لقد رضوا بمرارة أن يصبروا إزاء كلّ المشاكل الصعبة، ولو كانت فيهم حميّة الجاهلية لكان واحد من هذه الأُمور الآنفة كفيلاً أن يشعل الحرب بينهم في تلك الأرض. أجل.. إنّ الثقافة الجاهلية تدعو إلى (الحمية) و (التعصّب) و(الحفيظة الجاهلية)، غير أنّ الثقافة الإسلامية تدعو إلى (السكينة) و (الإطمئنان) و(ضبط النفس). ثمّ يضيف القرآن في هذا الصدد قائلاً: "وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحقّ بها وأهلها". (كلمة) هنا بمعنى (روح)، ومعنى الآية أنّ الله ألقى روح التقوى في قلوب أولئك المؤمنين وجعلها ملازمة لهم ومعهم، كما نقرأ في هذا المعنى أيضاً الآية (171) من سورة النساء في شأن عيسى بن مريم إذ تقول الآية: "إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ" (النساء 171). واحتمل بعض المفسّرين أنّ المراد من "كلمة التقوى" ﴿الفتح 26﴾ ما أمر الله به المؤمنين في هذا الصدد. إلاّ أنّ المناسب هو (روح التقوى) التي تحمل مفهوماً تكوينياً، وهي وليدة الإيمان والسكينة والإلتزام القلبي بأوامر الله سبحانه، لذا ورد في بعض الروايات عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّ المراد بكلمة التقوى هو كلمة لا إله إلاّ الله، وفي رواية عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه فسّرها بالإيمان. ونقرأ في بعض خطب النّبي صلى الله عليه وآله وسلم قوله: (نحن كلمة التقوى وسبيل الهدى) وشبيه بهذا التعبير ما نُقل عن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام قوله: (ونحن كلمة التقوى والعروة الوثقى). وواضح أنّ الإيمان بالنبوّة والولاية مكمل للإيمان بأصل التوحيد ومعرفة الله لأنّهما جميعاً داعيانِ إلى الله ومناديان للتوحيد.
وعن العاقبة المشرفة في الحديبية يقول الشيخ ناصر مكارم الشيرازي: وعلى كلّ حال فإنّ المسلمين لم يُبتلوا في هذه اللحظات الحسّاسة بالحميّة والعصبية والنخوة والحفيظة، وما كتب الله لهم من العاقبة المشرفة في الحديبيّة لم تمسسْه نار الحمية والجهالة. لأنّ الله يقول: "وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحقّ بها وأهلها" ﴿الفتح 26﴾. وبديهي أنّه لا يُنتظر من حفنة عتاة وجهلة وعبدة أصنام سوى (حميّة الجاهلية) ولا ينتظر من المسلمين الموحّدين الذين تربّوا سنين طويلة في مدرسة الإسلام مثل هذا الخلق والطباع الجاهلية، ما ينتظر منهم هو الإطمئنان والسكينة والوقار والتقوى، وذلك ما أظهروه في الحديبيّة ولكن بعض حاديّ الطبع والمزاج أوشكوا على كسر هذا السدّ المنيع بما يحملوه من أنفسهم من ترسبات الماضي وأثاروا البلبلة والضوضاء، غير أنّ سكينة النّبي صلى الله عليه وآله وسلم و وقاره كانا كمثل الماء المسكوب على النّار فأطفأها. وتُختتم الآية بقوله سبحانه: "وكان الله بكلّ شيء عليماً". فهو سبحانه يعرف نيّات الكفّار السيئة ويعرف طهارة قلوب المؤمنين أيضاً فينزل السكينة والتقوى عليهم هنا، ويترك أُولئك في غيّهم وحميّتهم حميّة الجاهلية، فالله يشمل كلّ قوم وأمّة بما تستحقّه من اللطف والرحمة أو الغضب والنقمة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


موقع كتابات
منذ 14 ساعات
- موقع كتابات
حروف عائمة على سطور من ماء
تُعدّ اللغة العربية من أكثر اللغات ثراءً ودقة، لأنها وبالدرجة الأساس لغة القرآن الكريم ..حيث تتطلب الكتابة التزامًا صارمًا بقواعد النحو والإملاء. إلا أن الأخطاء الإملائية لا تزال تتسلل إلى كثير من النصوص، حتى من قبل الكُتّاب المحترفين، مما يثير التساؤلات حول الأسباب الكامنة التي تقع وراء هذه الظاهرة ، وآثارها السلبية على المحتوى المكتوب .. وكيفية معالجة مثل هذه الكوارث في وقت التهمت فيه العولمة ، القراءة و الحروف وحبر الأقلام بشراهة. قد يكون الضعف في الركائز الاساسية للبنى التحتية للتعليم من أهم الأسباب التي أدت الى إنهيار اللغة ، و كذلك تراجع القراءة لدى البعض ممن يدعون المعرفة والدراية ويطلقون على انفسهم ( بالكتًاب) ، وما هم في الحقيقة إلا اعجاز نخل خاوية ..مما يقلل من تعرّضهم للنماذج الصحيحة . بالإضافة الى إهمال أهمية الإملاء في العصر الرقمي.. والذي بدوره يؤدي الى تراكم الآثار السلبية للأخطاء الإملائية و يشوه المعنى المقصود ..فيفقد القارئ المصداقية لسوء فهم المعنى الواضح للنص ، وبالنتيجة سيتكون الإنطباع السلبي على الكاتب أو المؤسسة التي يمثلها. الأخطاء الإملائية ليست مجرد هفوات بسيطة، بل قد تكون مؤشرًا على ضعف لغوي أعمق. لذلك، تقع المسؤولية على عاتق الكُتّاب والمؤسسات الثقافية والتعليمية في تصحيح المسار، والإرتقاء بمستوى الكتابة، بما يليق بجمال وعراقة اللغة العربية. لذا فمن المهم جدا متابعة مثل هذا الآفات التي تنمو لتلتهم جدران اللغة الرصينة عن طريق العودة إلى القراءة المنتظمة للكتب ذات اللغة السليمة و إعادة تعلم قواعد الإملاء الأساسية من مصادر موثوقة .. وكذلك إعطاء الإملاء أهمية في التدريبات الكتابية عن طريق إقامة دورات تقويمية مكثفة لتحسين اللغة العربية و تخريج المؤهلين والقادرين على صياغة الخبر دون أي خطأ لغوي أو إملائي بما يتناسب مع المهنية البحتة التي تحملها مفردة ( الكاتب ) لأن اللغة أداة الكاتب، فإذا كانت هذه الأداة مشوشة أو ضعيفة، تضيع الأفكار العظيمة في الطرق المعتمة.


ساحة التحرير
منذ يوم واحد
- ساحة التحرير
انتصار الطفولة من بين نيران نمرود العصر!بشرى خالد الصارم
انتصار الطفولة من بين نيران نمرود العصر! بشرى خالد الصارم* ها قد عاد زمن المعجزات في زمن الفواجع، معجزة الطفلة التي نجت من نيران العدو الصهيوني عادت لتذكرنا بمعجزة خليل الله إبراهيم عليه السلام فكانت النار برداً وسلاماً عليها،في موقف يحقق أن لله جنوداً في أرضه. طفلة تبحث عن النجاة وسط أتون الجحيم وقودها الناس والإنسانية، تبحث عن الحياة وسط ركام الموت، وأشلاء محروقة، وأجساد متفحمة، تبحث عن الأمان في زمن الإبادة والإجرام، طفلة لم تكتفي بتحمل ماتطيقه بل تحملت مالا تطيقه أمة الملياريّ مسلم بمفردها، تسارع ألسنة النار كي تتعداها وتتغلب عليها، تحدت الموت والخوف، تحدت كل أضواء القصف والنيران وأصوات الصواريخ والحرائق، طفلة كأنها جيش بعدته وعتاده، أي صمود يارب السماء سكبته في قلبها،وأي ثبات أسكنته فؤادها. لم يكن فلم سينمائي من إنتاج هوليوود، لم يكن مسلسل كرتوني يحكي معاناة الطفولة في الحروب، إنه واقع دامي وحقيقة مؤسفة لأمة محمد صلوات الله عليه وآله وسلم من حرك جيوش المسلمين لنصرة الإسلام والمسلمين، فبأي وجه سيقابلون نبيهم يوم لا ينفع جاه ولا حكم. وسط هذا الهول، وبلوغ القلوب الحناجر، كانت الطفلة تسعى بخطاها الصغيرة تبحث عن مخرج من بين الظلمات التي تحيط بها بعضها فوق بعض، عيناها الصغيرتان التي كانت ترى بالأمس ألوان الحياة في مدرسة تأوي النازحين، شهدت في تلك اللحظة جحيم وظلم صورة من صور الإجرام الذي يتفنن به العدو الصهيوني في صورة يومية دون انقطاع، كان قلبها الصغير يحيطه وميض فطري نور على نور بأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها فكانت هي طفلة معجزة الخليل عليه السلام التي تغلبت على إجرام نمرود العصر الناجية من نيران الطاغية والمجرم العدو الصهيوني. أما آن لضمائر الشعوب وحكام العرب أن تصحو؟! أما آن للقوب أن ترحم وتخشع لأصوات الاستغاثة من أهالي غزة؟! أما آن للعرب أن يفيق من سباته وأن يحرك بوصلة جهاده نحو قبلة العزة والكرامة والتضحية' غزة ' ماذا بعد تنتظرون؟! لا فائدة من الاستنجاد بهم فقد طبعت العمالة والخيانة عليهم، وأصبحوا أشد ذلة ومسكنة من اليهود، بل أصبحوا تحت أقدامهم يدوسونهم كما يحلوا لهم. ولكن هناك شعب هم أرق قلوباً وألين أفئدة، من سماهم الله بالأنصار، كانوا وما زالو صنوان حق وإخوة صدق، هم من يعول أهل غزة عليهم، هم بقية العروبة في الأرض، وهم بقية الإسلام والدين،هم ناصري أطفال ونساء ومستضعفيّ أهل غزة، هم من حركوا جيشهم وأسلحتهم وصواريخهم القادمة من أراضي الحكمة والإيمان تزأر أصواتها بصوت الأطفال ووجع الأيتام نحو الأراضي المحتلة، في أبلغ معنى للتلاحم بين اليمن وفلسطين، ورسالة واضحة بأنهم لن يتركوا فلسطين وأنهم معهم وليسوا وحدهم في مواجهة الإجرام، مواجهة الموت، مواجهة الطغيان ونمرود العصر، وفرعون الزمن. يقسم الشعب اليمني ياطفلة النيران وخليلة الشعب اليمني بأن صواريخ التلاحم ستنصرك وستثأر لآلامك وجروحك، في موقف إيماني أخلاقي ديني يثبت مدى التلاحم بين جراح صنعاء وآلام غزة، واعلمي بأن العاقبة للمتقين وأن نصر الله قريب، و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. #اتحاد_كاتبات_اليمن 2025-05-28


ساحة التحرير
منذ يوم واحد
- ساحة التحرير
غزة بين العدوان والحصار والخذلان العربي!صفوة الله الأهدل
غزة بين العدوان والحصار والخذلان العربي! صفوة الله الأهدل* تتعرض غزة اليوم للإبادة بكل ماتحمله من معنى على يد العدو الإسرائيلي أمام مرأى ومسمع من العرب والمسلمين؛ أجساد نحلت جدًا من الجوع حتى رق جلدها وأصبحت جلد ملتصق بعظم، والكل يشاهد ويتفرّج ولكن لايتحرّك أو يتفاعل مع مايحدث أحد منهم، أرواح بدون وجه حق أُزهقت، دماء على الشوارع والطرقات سُفكت، أعراض بسبب الذل والتخاذل أُنتهكت، مُحرّمات بسبب التثاقل والتخلّف اُستبيحت، أرض بسبب الظلم والسكوت اُستحلت! يزعمون الإيمان بالله واليوم الآخر ولكن الله كشف زيف إيمانهم: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ}، يدّعون الإسلام بينما الله فضحهم: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ}؛ بل ويمنّون به على الله ويريدوا أن يدخلوا به جنته: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}! غزة اليوم بين العدوان والحصار الإسرائيلي والخذلان العربي، تأملوا معي في الأحداث التاريخية ماذا فعل رسول الله في ذلك الزمن؛ إذا كان رسول الله حرّك جيش المسلمين ثأرًا لدم ذلك المسلم الذي قتله اليهود في سوقهم حين هب لنجدة امرأة مسلمة ماذا كان سيفعل اليوم أمام مايحصل في غزة على أيدي أحفاد أولئك اليهود؟ إذا كان رسول الله قدّم فريضة الجهاد على الصلاة وجعله معيار للإيمان بالله واليوم الآخر بقوله: 'من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يصلين العصر إلّا في بني قريظة' ترى ماذا كان سيفعل اليوم أمام مايجري في غزة؟ إذا كان رسول الله لم يسكت أمام أفعال اليهود- دسائسهم ومكرهم ونقضهم للعهود والمواثيق والغدر وتحريض المشركين ضد المسلمين- وخاض غزوات ضدهم حتى أجلاهم من جزيرة العرب ترى ماذا كان سيفعل اليوم مع اليهود الصهاينة أمام كل مايفعلونه في غزة وضد حركات المقاومة؟ إذا كان رسول الله أمر بمقاطعة ثلاثة أشخاص تخلّفوا عن غزوة العسرة تبوك ماذا كان سيفعل اليوم مع كل هؤلاء المتخاذلون والمتثاقلون؟ إذا كان رسول الله أمر بتدمير مسجد ضرار- مركز تجمع المنافقين- وإحراقه بالنار؛ كونه مكان سيتآمر فيه على الإسلام والمسلمين ترى ماذا كان سيفعل اليوم مع دول بؤر النفاق والمنافقين؟! لو تحرّك العرب فقط فضلًا عن المسلمين جميعًا كما تحرّك اليمن قيادة وشعبًا لانتهت إسرائيل ولما استمر العدوان على غزة ولو لثانية واحدة؛ فدين الله لا يأمر بالسكوت والخنوع، ولا يدعوا للاستسلام والعبودية، ولا يحث على الإكتفاء ببعض الطقوس الدينية وترك الجهاد والأمر بالمعروف ونصرة الحق والمستضعفين، ولا يقبل بالمنكر والباطل والولاء لأولياء الشيطان؛ دين الله قوي عزيز يدعو للتوكل على الله والثقة به، وإعداد العدة وتجهيز القوة، والاكتفاء من كل النواحي والجوانب في هذه الحياة، والتصدي لكل هجمات الأعداء ومكائدهم، لدفع البغي والعدوان، للتواصي بالحق والصبر، يأمر بالاعتصام بحبل الله، والاهتمام بشؤون المسلمين عامة، ويحث على التعاون والتآخي، والوقوف في وجه الظلم والطغيان، ومقارعة المجرمين والمستكبرين، وعدم الخوف والجبن أو الوهن والضعف أمام الأعداء مهما كانت التضحية. #اتحاد_كاتبات_اليمن 2025-05-28