logo
#

أحدث الأخبار مع #ناصرمكارمالشيرازي

الصلح مع الأعداء كالحديبية والقرآن الكريم عند الشيخ مكارم الشيرازي (ح 1)
الصلح مع الأعداء كالحديبية والقرآن الكريم عند الشيخ مكارم الشيرازي (ح 1)

وكالة أنباء براثا

time٠٥-٠٥-٢٠٢٥

  • منوعات
  • وكالة أنباء براثا

الصلح مع الأعداء كالحديبية والقرآن الكريم عند الشيخ مكارم الشيرازي (ح 1)

الدكتور فاضل حسن شريف عن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَو تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا" (الفتح 25) في الاية الاولى إشارة لطيفة تتعلّق بمسألة صلح الحديبيّة وحكمتها إذ تقول الآية: "هم الذين كفروا وصدّوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفاً أن يبلغ محله". (معكوفاً) مشتق من العكوف ومعناها المنع عن الحركة والبقاء في المكان. كان أحد ذنوبهم كفرهم، والذنب الآخر صدّهم إيّاكم عن العُمرة زيارة بيت الله ولم يجيزوا أن تنحروا الهدي في محله، أي مكّة (الهدي في العمرة ينحر (أو يذبح) في مكّة وفي الحج بمنى) على حين ينبغي أن يكون بيت الله للجميع وصدّ المؤمنين عنه من أعظم الكبائر، كما يصرّح القرآن بذلك في مكان آخر من سورة: "وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ" (البقرة 114). ومثل هذه الذنوب يستوجب أن يسلّطكم الله عليهم لتعاقبوهم بشدّة! لكنّ الله تعالى لم يفعل ذلك فلماذا؟ ذيل الآية يبيّن السبب بوضوح إذ يقول: "وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ" (الفتح 25) جواب لولا في الجملة الآنفة محذوف والتقدير: لمّا كفَ أيديكم عنهم، أو: لوطأتم رقاب المشركين بنصرنا إيّاكم. ويستطرد الشيخ الشيرازي في تفسيره الآية الفتح 25 قائلا: وهذه الآية تشير إلى طائفة (من الرجال والنساء) المسلمين الذين اعتنقوا الإسلام في مكّة ولم يهاجروا إلى المدينة لأسباب خاصة. فلو قاتل المسلمون أهل مكّة لأوقعوا أرواح هؤلاء المستضعفين في خطر ولامتدت ألسنة المشركين بالقول: إنّ جنود الإسلام لم يرحموا لا أعداءهم ومخالفيهم ولا أتباعهم ومؤالفيهم، وهذا عيب وعار كبير. وقال بعضهم أيضاً، إنّ المراد من هذا العيب لزوم الكفارة ودية قتل الخطأ، لكنّ المعنى الأوّل أكثر مناسبةً ظاهراً. (المعرّة) من مادة (عرّ) على زنة (شرّ) (والعرّ على زنة الحر) في الأصل معناه مرض الجرب وهومن الأمراض الجلدية التي تصيب الحيوانات أو الإنسان أحياناً ثمّ توسّعوا في المعنى فأطلقوا هذا اللفظ على كلّ ضرر يصيب الإنسان. ولإكمال الموضوع تضيف الآية: "ليدخل الله في رحمته من يشاء". أجل، كان الله يريد للمستضعفين المؤمنين من أهل مكّة أن تشملهم الرحمة ولا تنالهم أية صدمة. كما يرد هذا الإحتمال أيضاً وهو أنّ أحد أهداف صلح الحديبيّة أنّ من المشركين من فيه قابلية الهداية فيهتدي ببركة هذا الصلح ويدخل في رحمة الله. والتعبير بـ (من يشاء) يراد منه الذين فيهم اللياقة والجدارة، لأنّ مشيئة الله تنبع من حكمته دائماً، والحكيم لا يشاء إلاّ بدليل ولا يعمل عملاً دون دقّة وحساب. يقول الشيخ ناصر مكارم الشيرازي عن المؤمنين ضمن الكفار في الجهة المقابلة في صلح الحديبية: ولمزيد التأكيد تضيف الآية الكريمة: "لو تزيلوا لعذّبنا الذين كفروا منهم عذاباً أليماً" (الفتح 25) أي لو افترقت وانفصلت صفوف المؤمنين والكفار في مكّة ولم يكن هناك خطر على المؤمنين لعذّبنا الكفار بأيديكم عذاباً أليماً. صحيح أنّ الله قادر على أن يفصل هذه الجماعة عن الآخرين عن طريق الإعجاز، ولكنّ سنّة الله في ما عدا الموارد الإستثنائية أن تكون الأُمور وفقاً للأسباب العاديّة. جملة (تزيلوا) من مادة زوال، وهنا معناها الإنفصال والتفرّق. ويستفاد من روايات متعدّدة منقولة عن طرق الشيعة والسنّة حول ذيل هذه الآية أنّ المراد منها أفراد مؤمنون كانوا في أصلاب الكافرين والله سبحانه لأجل هؤلاء لم يعذّب الكافرين. ومن جملة هذه الروايات نقرأ في الرواية أنّه سأل رجلٌ الإمام الصادق عليه السلام: ألم يكن علي عليه السلام قوياً في دين الله؟ قال عليه السلام: بلى. فقال: فعلام إذ سُلّط على قوم (في الجمل) لم يفتك بهم فما كان منعه من ذلك؟ فقال الإمام: آية في القرآن. فقال الرجل: وأية آية؟ فقال الصادق عليه السلام قوله تعالى: "لو تزيلوا لعذّبنا الذين كفروا منهم عذاباً أليماً" (الفتح 25). ثمّ أضاف عليه السلام: أنّه كان لله عزَّ وجلَّ ودائع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين ومنافقين، ولم يكن علي ليقتل الآباء حتى تخرج الودائع.. وكذلك قائمنا أهل البيت لن يظهر أبداً حتى تظهر ودائع الله عزَّ وجلّ. أي أن اللّه سبحانه يعلم أنّ جماعة سيولدون منهم في ما بعد وسيؤمنون عن إختيارهم وإرادتهم ولأجلهم لم يعذب اللّه أباءهم وقد أورد هذا القرطبي في تفسيره بعبارة اُخرى. ولا يمنع أن تكون الآية مشيرة إلى المؤمنين المختلطين بالكفّار في مكّة وإلى المؤمنين الذين هم في أصلاب الكافرين وسيولدون في ما بعد.

الصلح مع الأعداء كالحديبية والقرآن الكريم عند الشيخ مكارم الشيرازي (ح 2)
الصلح مع الأعداء كالحديبية والقرآن الكريم عند الشيخ مكارم الشيرازي (ح 2)

وكالة أنباء براثا

time٠٥-٠٥-٢٠٢٥

  • منوعات
  • وكالة أنباء براثا

الصلح مع الأعداء كالحديبية والقرآن الكريم عند الشيخ مكارم الشيرازي (ح 2)

الدكتور فاضل حسن شريف جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى عن الالتزام "إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَىٰ وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا" ﴿الفتح 26﴾ التعصّب (وحمية الجاهلية) أكبر سدٍّ في طريق الكفّار: والاية الثانية تتحدّث مرّة أُخرى عن (مجريات) الحديبيّة وتجسّم ميادين أُخرى من قضيتها العظمى.. فتشير أوّلاً إلى واحد من أهم العوامل التي تمنع الكفار من الإيمان بالله ورسوله والإذعان والتسليم للحق والعدالة فتقول: "إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحميّة حميّة الجاهلية". ولذلك منعوا النّبي والمؤمنين أن يدخلوا بيت الله ويؤدّوا مناسكهم وينحروا (الهدي) في مكّة. وقالوا لو دخل هؤلاء الذين قتلوا آباءنا وإخواننا في الحرب ـ أرضنا وديارنا وعادوا سالمين فما عسى أن تقول العرب فينا؟ وأية حيثية واعتبار لنا بعد؟ هذا الكبر والغرور والحميّة ـ حمية الجاهلية ـ منعتهم حتى من كتابة (بسم الله الرحمن الرحيم) بصورتها الصحيحة عند تنظيم معاهدة صلح الحديبيّة، مع أنّ عاداتهم وسننهم كانت تجيز العُمرة وزيارة بيت الله للجميع، وكانت مكّة عندهم حرماً آمناً حتى لو وجد أحدهم قاتل أبيه فيها أو أثناء المناسك فلا يناله منه سوء وأذى لحرمة البيت عنده، فهؤلاء ـ بهذا العمل ـ هتكوا حرمة بيت الله والحرم الآمن من جهة، وخالفوا سننهم وعاداتهم من جهة أخرى، كما أسدلوا ستاراً بينهم وبين الحقيقة أيضاً، وهكذا هي آثار حمية الجاهلية المميتة. (الحمية) في الأصل من مادة حَمي ـ على وزن حمد ـ ومعناها حرارة الشمس أو النّار التي تصيب جسم الإنسان وما شاكله، ومن هنا سمّيت الحُمّى التي تصيب الإنسان بهذا الاسم (حُمّى) على وزن كبرى، ويقال لحالة الغضب أو النخوة أو التعصّب المقرون بالغضب حمية أيضاً. وهذه الحالة السائدة في الأُمم هي بسبب الجهل وقصور الفكر والإنحطاط الثقافي خاصةً بين (الجاهليّين) وكانت مدعاة لكثير من الحروب وسفك الدماء. ثمّ تضيف الآية الكريمة ـ وفي قبال ذلك ـ (فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين). هذه السكينة التي هي وليدة الإيمان والإعتقاد بالله والإعتماد على لطفه دعتهم الى الإطمئنان وضبط النفس وأطفأت لهب غضبهم حتى أنّهم قبلوا ـ ومن أجل أن يحفظوا ويرعوا أهدافهم الكبرى ـ وعن ضبط النفس خلال صلح الحديبية يفسر الشيخ الشيرازي الآية الحج 26 قائلا: بحذف جملة (بسم الله الرحمن الرحيم) التي هي رمز الإسلام في بداية الأعمال وأن يثبتوا ـ مكانها (بسمك اللّهمَّ) التي هي من موروثات العرب السابقين ـ في أوّل المعاهدة وحذفوا حتى لقب (رسول الله) التي يلي اسم محمّد صلى الله عليه وآله وسلم. وقبلوا بالعودة إلى المدينة من الحديبيّة دون أن يستجيبوا لهوى عشقهم بالبيت ويؤدّوا مناسك العمرة ونحروا هديهم خلافاً للسنّة التي في الحج أو العمرة في المكان ذاته وأحلّوا من احرامهم دون أداء المناسك. أجل، لقد رضوا بمرارة أن يصبروا إزاء كلّ المشاكل الصعبة، ولو كانت فيهم حميّة الجاهلية لكان واحد من هذه الأُمور الآنفة كفيلاً أن يشعل الحرب بينهم في تلك الأرض. أجل.. إنّ الثقافة الجاهلية تدعو إلى (الحمية) و (التعصّب) و(الحفيظة الجاهلية)، غير أنّ الثقافة الإسلامية تدعو إلى (السكينة) و (الإطمئنان) و(ضبط النفس). ثمّ يضيف القرآن في هذا الصدد قائلاً: "وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحقّ بها وأهلها". (كلمة) هنا بمعنى (روح)، ومعنى الآية أنّ الله ألقى روح التقوى في قلوب أولئك المؤمنين وجعلها ملازمة لهم ومعهم، كما نقرأ في هذا المعنى أيضاً الآية (171) من سورة النساء في شأن عيسى بن مريم إذ تقول الآية: "إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ" (النساء 171). واحتمل بعض المفسّرين أنّ المراد من "كلمة التقوى" ﴿الفتح 26﴾ ما أمر الله به المؤمنين في هذا الصدد. إلاّ أنّ المناسب هو (روح التقوى) التي تحمل مفهوماً تكوينياً، وهي وليدة الإيمان والسكينة والإلتزام القلبي بأوامر الله سبحانه، لذا ورد في بعض الروايات عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّ المراد بكلمة التقوى هو كلمة لا إله إلاّ الله، وفي رواية عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه فسّرها بالإيمان. ونقرأ في بعض خطب النّبي صلى الله عليه وآله وسلم قوله: (نحن كلمة التقوى وسبيل الهدى) وشبيه بهذا التعبير ما نُقل عن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام قوله: (ونحن كلمة التقوى والعروة الوثقى). وواضح أنّ الإيمان بالنبوّة والولاية مكمل للإيمان بأصل التوحيد ومعرفة الله لأنّهما جميعاً داعيانِ إلى الله ومناديان للتوحيد. وعن العاقبة المشرفة في الحديبية يقول الشيخ ناصر مكارم الشيرازي: وعلى كلّ حال فإنّ المسلمين لم يُبتلوا في هذه اللحظات الحسّاسة بالحميّة والعصبية والنخوة والحفيظة، وما كتب الله لهم من العاقبة المشرفة في الحديبيّة لم تمسسْه نار الحمية والجهالة. لأنّ الله يقول: "وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحقّ بها وأهلها" ﴿الفتح 26﴾. وبديهي أنّه لا يُنتظر من حفنة عتاة وجهلة وعبدة أصنام سوى (حميّة الجاهلية) ولا ينتظر من المسلمين الموحّدين الذين تربّوا سنين طويلة في مدرسة الإسلام مثل هذا الخلق والطباع الجاهلية، ما ينتظر منهم هو الإطمئنان والسكينة والوقار والتقوى، وذلك ما أظهروه في الحديبيّة ولكن بعض حاديّ الطبع والمزاج أوشكوا على كسر هذا السدّ المنيع بما يحملوه من أنفسهم من ترسبات الماضي وأثاروا البلبلة والضوضاء، غير أنّ سكينة النّبي صلى الله عليه وآله وسلم و وقاره كانا كمثل الماء المسكوب على النّار فأطفأها. وتُختتم الآية بقوله سبحانه: "وكان الله بكلّ شيء عليماً". فهو سبحانه يعرف نيّات الكفّار السيئة ويعرف طهارة قلوب المؤمنين أيضاً فينزل السكينة والتقوى عليهم هنا، ويترك أُولئك في غيّهم وحميّتهم حميّة الجاهلية، فالله يشمل كلّ قوم وأمّة بما تستحقّه من اللطف والرحمة أو الغضب والنقمة.

جناس الاشتقاق في آية قرآنية (يؤتي، يؤت، أوتي) (ح 3)
جناس الاشتقاق في آية قرآنية (يؤتي، يؤت، أوتي) (ح 3)

وكالة أنباء براثا

time٠٦-٠٣-٢٠٢٥

  • منوعات
  • وكالة أنباء براثا

جناس الاشتقاق في آية قرآنية (يؤتي، يؤت، أوتي) (ح 3)

الدكتور فاضل حسن شريف عن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ" (القرة 269) أفضل النعم الإلهيّة: مع الإلتفات إلى ما تقدّم في الآية السابقة التي تحدّثت عن تخويف الشيطان من الفقر ووعد الرحمن بالمغفرة والفضل الإلهي، ففي هذه الآية مورد البحث دار الحديث عن الحكمة والمعرفة والعلم لأنّ الحكمة فقط هي التي يمكنّها التفريق والتمييز بين هذين الدافعين الرحماني والشيطاني وتدعوا الإنسان إلى ساحل المغفرة والرحمة الإلهيّة وترك الوساوس الشيطانيّة وعدم الإعتناء بالتخويف من الفقر. وبعبارة اُخرى، أنّنا نلاحظ في بعض الأشخاص نوعٌ من العلم والمعرفة بسبب الطهارة القلبيّة ورياضة النفس حيث تترتّب عليها آثار وفوائد جمّة، منها أن يدرك الشخص فوائد الإنفاق ودوره المهم والحيوي في المجتمع ويميّز بينه وبين ما تدعوه إليه وساوس الشيطان فتقول الآية: "يؤتي الحكمة من يشاء". وقد ذكر لكلمة (الحكمة) معان كثيرة منها (المعرفة والعلم بأسرار العالم) ومنها (العلم بحقائق القرآن) و (الوصول إلى الحقّ بالقول والعمل) و(معرفة الله تعالى) و(أنّها النور الإلهي الذي يميّز بين وساوس الشيطان وإلهامات الرحمان). والظاهر هو أنّ الحكمة تأتي بالمعنى الواسع حيث تشمل جميع هذه الاُمور بما فيها النبوّة التي هي نوعٌ من العلم و الأطّلاع والإدراك، فهي في الأصل أخذت من مادة (حكم) ـ على وزن حرف ـ بمعنى المنع، وبما أنّ العلم والمعرفة والتدبير تمنع الإنسان من إرتباك الأعمال الممنوعة والمحرّمة، فلذا يقال عنها أنّها حكمة. بديهيّ أنّ القصد من (مَن يشاء) ليس إسباغ الحكمة على كلّ من هبّ ودبّ بغير حساب، بل أنّ مشيئة الله هي دائماً منبعثة عن حكمة، أي أنّه يمنحها لمن يستحقّها، ويرويه من سلسبيل هذه العين الزلال. "ومَن يؤتَ الحكمة فقد أُوتي خيراً كثيراً". رغم أنّ واهب الحكمة هو الله فإنّ اسمه لم يرد في هذه الآية وإنما بني الفعل للمجهول (ومن يؤتَ الحكمة). ولعلّ المقصود هو أنّ الحكمة أمر حسن بذاته بصرف النظر عن مصدرها ومنشئها. من الملاحظ أنّ الآية تقول: إذا نزلت الحكمة بساحة أحد فقد نزلت بساحته البركة والخير الكثير لا الخير المطلق، لأنّ السعادة والخير المطلق ليسا في العلم وحده، بل العلم أهمّ عامل لهما. "وما يذّكّر إلاَّ اُولوا الألباب". (التذكّر) هو حفظ العلوم والعارف في داخل الروح. والألباب جمع لب وهو قلب كلّ شيء ومركزه، ولهذا قيل العقل اللب. تقول هذه الفقرة من الآية إنّ أصحاب العقول هم الذين يحفظون هذه الحقائق ويتذكّرونها. رغم أنّ جميع الناس ذو عقل ـ عدا المجانين ـ فلا يوصفون جميعاً بأُولي الألباب، بل هؤلاء هم الذين يستخدمون عقولهم فيشقّون طريقهم على ضوء نورها الساطع. ونختم هذا البحث بكلام لأحد علماء الإسلام (ويحتمل أنّه مقتبس من كلام الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم) حيث يقول: قد يريد الله تعالى أحياناً تعذيب أمّة على الأرض ولكنّه يرى معلّماً يعلّم الأولاد الحكمة فيرفع عن تلك الأُمّة العذاب بسبب ذلك. جاء في موقع القرآن الكريم بوابة اهل البيت عليهم السلام عن الصحيفة الزبرجدية في کلمات سجادية للشيخ حسن حسن زاده آملي: قال أميرالمؤمنين علي عليه السلام: (کل وعاء يضيغ بما جعل فيه الا ‌و‌عاء العلم فانه يتسع به) (الحکمة 205 ‌من‌ نهج البلاغة). قد تحقق في الحکمة المتعالية أن للنفس درجات ‌من‌التجرد کالتجرد البرزخي ‌و‌‌هو‌تجردها في مقام الخيال، ‌و‌التجرد التام العقلي، ‌و‌التجرد الأتم الذي فوق التجرد العقلي. ‌و‌معني کونها فوق التجرد أن ليس لها ‌حد‌تقف اليه ‌و‌مقام تنتهي اليه. أي ليس لها وحدة عددية، بل وحدة حقة حقيقتة ظلية بمعني أن وحدتها ظل الوحدة الحقة الحقيقة التي لله سبحانه. ثم قد تقرر في صدد هذه الوجيزة أن کل أثر يحاکي شأن مؤثره، ‌و‌حيث أن الله سبحانه غير متناه کانت مدارج آيات کتابه القرآن الکريم ‌و‌معارجها أيضا غير متناهية، والقرآن مأدبة الله، ‌و‌قد روي السيد المرتضي عن عبدالله ‌بن‌مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (ان هذا القرآن مأدبة الله فتعلموا مأدبته ‌ما‌استطعتم، ‌و‌‌ان‌أصفر البيوت، لبيت أصفر ‌من‌کتاب الله)، ‌و‌هذه المأدبة غير المتناهية معدة للانسان الذي له مقام فوق التجرد أي ‌لا‌يقف في حد، فتبصر ثم اقرأ وارقه، ‌و‌راجع کتابنا (الانسان ‌و‌القرآن). ثم ‌ان‌القرآن حکيم، قوله سبحانه: "وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا" (البقرة 269)، ‌و‌الحکمة جنة، فقد روي الصدوق باسناده عن جابر عن الامام أبي جعفر الباقر عليه السلام عن الامام علي ‌بن‌الحسين عليه السلام عن الامام الحسين ‌بن‌علي عليه السلام عن الامام علي ‌بن‌أبي طالب عليه السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أنا مدينة الحکمة ‌و‌هي الجنة ‌و‌أنت ‌يا‌علي بابها فکيف يهتدي المهتدي الي الجنة ‌و‌‌لا‌يهتدي اليها ‌من‌بابها). و قد تقدم في صدر الصحيفة کلام الامام علي عليه السلام ‌من‌(أن درجات الجنة علي عدد آيات القرآن)، ثم اعلم أن الجزاء نفس العلم ‌و‌العمل، ‌و‌خزانة سعي أعمال الانسان ‌هو‌الانسان نفسه، ‌و‌کتابنا (عيون مسائل النفس) ‌و‌شرحها (سرح العيون في شرح العيون) يبحث عن النفس ‌و‌أطوارها ‌و‌أحوآلها في ست ‌و‌ستين عينا، فاذا دريت أن الحکمة جنة، ‌و‌أن الانسان ليس الا نفس علمه ‌و‌عمله، دريت درجات جنات ذاتک فتدبر. جاء في موقع اقرأ عن أمثلة على جناس ناقص للكاتبة جميلة الأشقر: أمثلة على الجناس في القرآن يزخر القرآن الكريم بأنواع مختلفة للجناس، بحيث يخدم كلّ واحد منها الغرضَ الموجود لأجله، و يسعدنا عبر هذا المقال أن نقدم لكم بعض أمثلة على الجناس في القرآن: الجناس التامّ: ورد في العديد من الأمثلة ومنها ما يأتي: قوله -تعالى-: "وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ"، فقد جاءت كلمة "الميزان" في المرّة الأولى بمعنى الشرع الذي تُوزَن به الأحكام، والأعمال في الجماعات، أمّا في الثانية، فهو مصدر ميميّ يعني الحُكم والقضاء والتقدير، بينما جاءت في الثالثة بمعنى المعروف، والقِسط. قوله -تعالى-: "وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ ۚ كَذَٰلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ" كلمة الساعة ذكرت مرتين الأولى اسم من أسماء القيامة والثانية ظرف زمان. قوله تعالى: "يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ*يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ" الجناس في لفظة الأبصار. الجناس الناقص: الجناس الذي يكون الاختلاف بين لفظيه في عدد الحروف، كما في الآيات الآتية: قوله تعالى: "وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ * إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ"، حيث زادت كلمة المساق بالأحرف على كلمة الساق. قوله تعالى:"ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ"، حيث زادت كلمة كلي بالأحرف على كلمة كل. جناس الاشتقاق: ورد في قوله عالى-: "فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ"، فاجتمعت كلمتا "رَوْح" و"رَيْحان" في أصل الاشتقاق، وهو "رَوَحَ"، ومنها أيضاً قوله تعالى: "لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ"، فكل من كلمتي ليحق و الحق مشتقتان من الفعل حقق ومنها قوله تعالى:"فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ" فكل من كلمتي أقم والقيم مشتقتان من الفعل قوّم، ومنها قوله تعالى:"إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ" فكلمة وجهت وكلمة وجهي مشتقان من الفعل وجه. جاء في موقع أون لاين عن الجناس التام في القرآن الكريم للكاتب محمد أحمد الغمراوي: هناك باب واسع من أبواب الجناس التام في القرآن لم ينتبه إليه، ألا وهو الجناس بين الحروف والأسماء المبنية فإن الحرف أو الاسم المبني قد يتعدد معناه في العربية، فإذا ورد في آية بأكثر من معنى كان ذلك من تمام الجناس. إلا أنه لقصر هذا النوع من الكلمات وقلة حروفه يشترط لنحقق الحسن البديعي شروط. بشرط مثلا الانفصال فلا تكون اللام في الآية الكريمة من سورة الحجر: (قال لم أكن لأسجد لبشر) مثلا للجناس التام. ويشترط فيه التقارب فلا تكون ما الشرطية وما النافية في الآية الكريمة (وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه، وما للظالمين من أنصار) مثلا ظاهراً، لطول الفاصل بينهما.فإذا ما تحرينا هذين الشرطين وجدنا من هذا النوع أمثلة غير قليلة. فمما يتعلق بما من ذلك قوله تعالى: (قلتم ما ندري ما الساعة): سورة الجاثية (ما قلت لهم إلا ما أمرتني به): سورة المائدة (إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله): سورة هود فإذا ضممنا إلى الشطر الأول من هذا المثل ما سبقه في نفس الآية وجدنا مثلاً لطيفاً لورود (ما) ثلاث مرات بثلاث معان مختلفة: (وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه، إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت) ومن الأمثلة التي تم الجناس فيها بورود (من) بمعنيين مختلفين قوله تعالى من سورة البقرة: (يؤتي الحكمة من يشاء، ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً) فالأولى موصولة والثانية شرطية. وقد راعينا في هذه الأمثلة الشرطين اللذين اشترطنا وتجنبنا ما لم يتوفر فيه شرط الانفصال ولو في الظاهر كما في قوله تعالى من سورة البقرة: (فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون) ففيه اتصلت ما المصدرية بالكاف.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store