
أذكار الصباح.. درع يومي من الطمأنينة والسكينة
مع كل فجر جديد، يستيقظ المسلم على نداء الإيمان، باحثاً عن السكينة والبركة في بداية يومه، ولعلّ من أعظم ما يمدّ القلب بالقوة والراحة النفسية في ساعات الصباح الأولى هو المداومة على أذكار الصباح، تلك الأدعية النبوية التي توارثها المسلمون جيلاً بعد جيل، فكانت زاداً روحياً يحميهم من القلق ويوجّههم نحو يوم مفعم بالخير.
أذكار الصباح ليست طقوساً روتينية، بل هي منظومة روحية متكاملة، تذكّر المسلم بعظمة الخالق، وتربطه به في لحظة صفاء قبل أن تنشغل النفس بأعباء الحياة. ففيها استغفار وذكر وتوكل على الله، وفيها دعاء بالحفظ من كل سوء، وطلب للعافية والرزق.
يبدأ الذكر بآيات من القرآن الكريم، مثل آية الكرسي وخواتيم سورة البقرة، تليها أدعية مأثورة عن النبي محمد ﷺ مثل: "اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا، وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور"، و"أصبحنا وأصبح الملك لله". وهي كلمات تحمل في طياتها معاني التوكل والتسليم واليقين.
وقد أثبتت دراسات حديثة أن التأمل والذكر المنتظم في الصباح يساعدان على خفض مستويات التوتر، وتحسين التركيز، وتعزيز الحالة النفسية. وهو ما يتفق مع ما يشعر به المسلم عند مداومته على هذه الأذكار: راحة في القلب، وطمأنينة في النفس، واتزان في مواجهة ضغوط الحياة.
إليك مجموعة من أذكار الصباح الثابتة عن النبي ﷺ، وهي من الأدعية التي يُستحب للمسلم أن يرددها بعد صلاة الفجر أو مع بداية النهار:
من القرآن الكريم:
آية الكرسي
﴿ٱللَّهُ لَآ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلْحَىُّ ٱلْقَيُّومُ...﴾ [البقرة: 255]
خواتيم سورة البقرة
﴿ءَامَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِ...﴾ إلى آخر السورة [البقرة: 285–286]
سورة الإخلاص، الفلق، الناس
يُستحب قراءتها ثلاث مرات كل صباح.
من الأذكار النبوية:
"أصبحنا وأصبح الملك لله، والحمد لله، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير..."
"اللهم بك أصبحنا، وبك أمسينا، وبك نحيا، وبك نموت، وإليك النشور."
"رضيتُ بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد ﷺ نبيًّا."
(ثلاث مرات)
"اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي..."
"اللهم إني أصبحتُ أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك أنك أنت الله، لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، وأن محمدًا عبدك ورسولك."
(أربع مرات)
"اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحدٍ من خلقك، فمنك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد ولك الشكر."
"حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم."
(سبع مرات)
هذه الأذكار تُقال بخشوع وتدبر، ويُفضل أن تُقال بصوت مسموع خفيف، أو حتى في النفس لمن كان في مكان لا يسمح برفع الصوت، وهي زاد المؤمن في يومه، وسلاحه في وجه القلق والهموم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العين الإخبارية
منذ 2 ساعات
- العين الإخبارية
مفتي السعودية: أداء الحج دون تصريح مخالفة شرعية جسيمة
أكد الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، مفتي عام السعودية، أهمية الالتزام بتعليمات الجهات المختصة في أداء مناسك الحج. وفي كلمة توجيهية للمسلمين الراغبين في أداء فريضة الحج لعام 1446هـ، شدد على أن الحصول على التصريح الرسمي لأداء المناسك واجب شرعي ونظامي. وأوضح أن أداء الحج دون تصريح يُعدّ مخالفة شرعية جسيمة، لما يمثله ذلك من تجاوز للنظام العام وتعدٍّ على المصلحة العامة. وأضاف: "مخالفة التعليمات الصادرة للحج تُعدّ مخالفة صريحة لأوامر ولي الأمر ومنافية للشرع المطهر". وأشار المفتي إلى أن من يُقدم على أداء الحج دون تصريح يتحمل إثمًا شرعيًا لما في ذلك من إخلال بالنظام وإضرار بالمقاصد الشرعية. كما دعا الحجاج إلى الالتزام بأخذ التطعيمات الصحية المقررة من وزارة الصحة، واصفًا الوقاية من الأمراض بأنها مسؤولية دينية وشرعية، خصوصا في موسم يجمع المسلمين من مختلف أنحاء العالم. وشدد على أهمية التعاون الكامل مع الجهات الأمنية والصحية والالتزام بتعليماتها، محذرًا من أن التهاون في تنفيذ هذه التعليمات قد يُعرض الحاج للمساءلة ويخلّ بمقاصد الحج من العبادة والأمن والسلامة. واختتم مفتي السعودية كلمته بالإشادة بجهود المملكة في خدمة ضيوف الرحمن، مثمنًا ما تقدمه حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان من تسهيلات لضمان أمن وسلامة الحجاج. ودعا الله أن ييسر للحجاج أداء مناسكهم، وأن يحفظ المملكة وقادتها وشعبها. aXA6IDkyLjExMi4xNjYuNjQg جزيرة ام اند امز AU


الاتحاد
منذ 2 ساعات
- الاتحاد
25 مليون درهم من «إرث زايد» للجمعية الوطنية للتصلب المتعدد
أبوظبي (الاتحاد) وقّعت الجمعية الوطنية للتصلب المتعدد شراكة استراتيجية مع مؤسسة إرث زايد الإنساني تهدف إلى دعم الأجندة الوطنية للتصلب المتعدد في دولة الإمارات. وستحصل الجمعية بمقتضى الشراكة على 25 مليون درهم من المؤسسة لتحقيق أولوياتها وتنفيذ مبادرة «الشراكة الوطنية للتصلب المتعدد» التي أطلقتها الجمعية، وتُعدّ الأولى من نوعها في الدولة. تهدف المبادرة إلى تعزيز التعاون بين مختلف القطاعات، للارتقاء بجودة حياة المتعايشين مع التصلب المتعدد، ورعايتهم، وتشجيع الأبحاث والتطوير في هذا المجال، وضمان تكامل الجهود الداعمة في جميع أنحاء دولة الإمارات. وقعت على الاتفاقية الدكتورة فاطمة الكعبي، نائب رئيس مجلس أمناء الجمعية الوطنية للتصلب المتعدد، إلى جانب ممثل عن مؤسسة إرث زايد الإنساني، وذلك خلال حفل رسمي أُقيم في أبوظبي. يأتي الاتفاق بين الجانبين بالتزامن مع اليوم العالمي للتصلب المتعدد، الذي يُركز هذا العام على أهمية التشخيص المبكر، تأكيداً على دوره في تحسين جودة الحياة، وتعزيزاً للتكاتف المجتمعي في مجالات التوعية والدعم. وهذا العام، تنضمّ مؤسسة إرث زايد الإنساني إلى الشراكة الوطنية للتصلب المتعدد كشريك مؤسس، مما يُعزّز الالتزام المشترك بتوفير الرعاية للمتعايشين مع التصلب المتعدد في دولة الإمارات، ويؤكد التزام الدولة بتوفير رعاية شاملة لكلّ من تمّ تشخيصهم بالتصلب المتعدد. كما يُسهم انضمام المؤسسة إلى الشراكة في تسريع وتيرة البحث العلمي، وتحقيق مبادئ المساواة، إلى جانب تحفيز مشاركة أوسع من مختلف القطاعات لصياغة استجابة وطنية أكثر شمولاً. تضمّ الشراكة عدداً من المؤسسات والكيانات البارزة في الدولة مثل: «سانوفي»، و«أكسيوس إنترناشونال»، وشبكة بيور هيلث، وشركة منزل لخدمات العناية الطبية، حيث يضطلع كل منها بدور محوري في تعزيز الرعاية، وزيادة الوعي، ودعم جهود التأثير على مستوى النظام الصحي ككلّ. بهذه المناسبة، قالت الدكتورة فاطمة الكعبي، نائب رئيس مجلس أمناء الجمعية الوطنية للتصلب المتعدد: «شَكّل إطلاق الشراكة الوطنية للتصلب المتعدد محطة مهمة في مسيرتنا نحو تعزيز الوصول العادل إلى الرعاية المتخصّصة. ويستلهم هذا الجهد إرث والدنا المؤسس، المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، الذي أرسى قيم الكرامة والدمج، والرعاية الصحية المتقدمة للجميع. وهي الأهداف التي تتحقق بفضل قيادة وتوجيه صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي يواصل ترسيخ مكانة دولة الإمارات كوجهة رائدة عالمياً في مجال الرعاية الصحية المبتكرة والمتمحورة حول الإنسان». وأضافت: «في اليوم العالمي للتصلب المتعدد، نفخر بالانضمام إلى المجتمع الدولي، ليس فقط من خلال رفع مستوى الوعي، بل عبر اتخاذ خطوات عملية ومنسقة من شأنها إحداث أثر إيجابي ومستدام. اليوم، نُؤسس لتغيير طويل الأمد، مرتكز على الفهم ومدفوع بالتعاون، ومُوجّه بالمسؤولية المشتركة لضمان تمكين كلّ فرد في مجتمعنا من التمتع بحياة كريمة». وتساعد المنحة المقدمة من مؤسسة إرث زايد الإنساني جهود الجمعية الوطنية للتصلب المتعدد وتسهم في تنفيذ أولوياتها الاستراتيجية، كما تدعم الشراكة الوطنية للتصلب المتعدد في مواجهة أبرز التحديات التي يواجهها مجتمع التصلب المتعدد في دولة الإمارات. تمّ الإعلان عن الشراكة الوطنية للتصلب المتعدد لأول مرة خلال اليوم العالمي للتصلب المتعدد في عام 2024، بمبادرة من الجمعية الوطنية للتصلب المتعدد، بهدف توحيد الجهود بين الجهات الحكومية ومقدمي الرعاية الصحية وشركات التأمين وقطاع الأدوية، والمؤسسات التعليمية ضمن إطار وطني مشترك. تستند أولويات الشراكة للفترة 2025-2026، إلى مجموعة من المبادرات التي تهدف إلى تحسين الوصول إلى خدمات الرعاية من خلال أنظمة دعم أكثر ترابطاً، وتحسين مهارات المتخصصين في القطاع الصحي من خلال التدريب المخصّص، بالإضافة إلى تعزيز سياسات الدمج في أماكن العمل وزيادة الوعي المجتمعي بالتصلب المتعدد لتوسيع فرص التشخيص المبكر، إلى جانب ضمان الاستدامة طويلة الأمد عبر تنسيق جهود جمع التبرعات والاستثمار في البحث العلمي. تشكّل هذه الأولويات إطاراً عملياً متكاملاً يهدف إلى: حشد الموارد وتعزيز الشمول والتعاون بين القطاعات، وضمان مواءمة رعاية التصلب المتعدد في دولة الإمارات مع أفضل الممارسات الدولية. ومع انتقال الشراكة إلى مرحلة التنفيذ، ستظل أصوات وتجارب مجتمع التصلب المتعدد في صميم هذه الجهود، بما يضمن أن تكون احتياجاتهم وتطلعاتهم هي المحرّك الأساسي لكل خطوة في هذه المسيرة. وانطلاقاً من روح المسؤولية المشتركة والسعي نحو تحقيق أثر ملموس، يُعيَّن أعضاء الشراكة لقيادة المبادرات الرئيسية أو المشاركة فيها، ضمن التزامات واضحة تمتد ما بين عام إلى عامين، بحسب طبيعة ونطاق العمل. وتُجسّد أولويات الشراكة التزاماً واضحاً بتبني حلول قائمة على الأدلة والمعرفة العلمية، وهو نهج توليه الجمعية الوطنية للتصلب المتعدد أهمية خاصة. فمنذ انطلاقتها، استثمرت الجمعية نحو 6.5 مليون درهم في دعم الأبحاث المتخصصة، وتستعد حاليًا لإطلاق الدورة القادمة من منحها البحثية في 23 يونيو 2025.


الاتحاد
منذ 21 ساعات
- الاتحاد
الخصوبة في الإمارات.. دعم من الولادة لبناء وطن قوي متماسك
الخصوبة في الإمارات.. دعم من الولادة لبناء وطن قوي متماسك عندما يتحدث سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، عن موضوع الخصوبة، فإن هذا لا يعني مجرد تصريح عابر، بل يعكس بوضوح حجم القلق العميق، الذي يحمله سموه تجاه مستقبل الوطن. فعندما ينشغل القائد بهذا الملف تحديداً، فنحن أمام قضية استراتيجية من الطراز الأول، تتعلق ببقاء المجتمع وتماسكه. وما يقلق سموه، يجب أن يقلقنا جميعاً، نحن أبناء هذا الوطن، الذين نؤمن بأن مستقبل الإمارات يبدأ من الأسرة، وأن كل طفل يُولد فيها هو بذرة في أرض هذا الوطن، تستحق أن تُرعى وتُثمر. ومن هذا الإدراك العميق لقيمة الأسرة والطفل، يأتي القلق الحقيقي من تراجع معدل الخصوبة بين المواطنين الإماراتيين، الذي انخفض من ستة أبناء في السبعينات، إلى أربعة في التسعينات، ثم إلى 3.7 في 2015، ووصل إلى 3.1 فقط في عام 2022. هذا الانخفاض ليس مجرد تغير إحصائي، بل يعكس خللاً بنيوياً في ثقافة المجتمع وظروف معيشته، ويدق ناقوس الخطر بشأن قدرة الأسر على الاستمرار في أداء دورها المحوري في بناء الدولة. فالأسرة اليوم لم تعُد قادرة بنفس القوة على التمدد والنمو كما كانت في السابق، وسط تصاعد الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي تثقل كاهلها. إن الأسباب متعددة ومعروفة: ارتفاع تكاليف الحياة، تغير أولويات الجيل الجديد، استسهال الطلاق، تأخر الزواج، وزيادة الضغوط النفسية والمادية. لكن خلف كل هذه المظاهر، تكمن حقيقة جوهرية نغفل عنها في كثير من السياسات: أن الطفل الإماراتي ليس فقط مسؤولية أسرته، بل هو مشروع وطني متكامل، تضع عليه الدولة رهانها في المستقبل. فالأسرة حين تربي وتنفق وتوجّه، فإنها في الحقيقة تساهم في صياغة ملامح الإمارات القادمة، وفي بناء الإنسان الذي سيحمل رايتها غداً. ولهذا، يجب أن تكون الدولة شريكاً مباشراً وفعّالاً في هذه الرحلة، منذ اللحظة الأولى لولادة الطفل، عبر دعم مالي ومعنوي وخدمي حقيقي. دعمٌ يُعين الأسرة على مواجهة التحديات، ويمنحها الثقة بأن مشروعها الأسري مدعوم ومرحب به. فحين تشعر الأسرة بأن الدولة تقف إلى جانبها من البداية، تكون أكثر استعداداً لخوض تجربة التوسع العائلي دون تردد أو قلق. الدعم لا بد أن يبدأ من الطفل الأول، دون تأخير أو شروط معقدة. يجب أن يكون مبلغاً شهرياً مجزياً يغطي الاحتياجات الأساسية من رعاية وتعليم وصحة، ليمنح الأسرة شعوراً بالاطمئنان والتمكين. فالتجربة الأولى للإنجاب هي الأصعب، وإذا كانت هذه البداية سلسة ومؤمنة، فإنها تفتح الباب أمام المزيد من الأبناء، وتؤسس لأسرة واثقة مستقرة. ويجب أن نغيّر نظرتنا إلى هذا الدعم: هو ليس صدقة، ولا مكافأة، بل استثماراً حقيقياً في رأس المال البشري. كما نستثمر في الطرق والموانئ والفضاء والتكنولوجيا، يجب أن نستثمر في المواطن منذ نعومة أظفاره، ليكون هو البنية التحتية الأولى، والعنصر الأهم في معادلة التقدم الوطني. وفي هذا الإطار، لا يمكن الحديث عن دعم الأسرة دون التطرق إلى السكن، كأحد أهم دعائم الاستقرار الأسري. فالدستور الإماراتي، في مادته السابعة عشرة، ينص على أن «المجتمع يكفل للمواطنين السكن والمعونة في حالات العجز والشيخوخة أو العجز عن العمل»، وهذا النص ليس شعارات بل التزاماً وطنياً حقيقياً، يجب أن يُترجم إلى برامج إسكان سريعة وشاملة، خاصة في بداية الحياة الزوجية، عبر حلول مرنة وميسرة تمكّن الشباب من بناء أسرهم بثقة وأمان. ولكي تتحول هذه الرؤية إلى واقع ملموس، لا بد أن تتضمن الاستراتيجية الوطنية للخصوبة عدداً من السياسات العملية، أبرزها: صرف بدل شهري من الطفل الأول، يغطي احتياجاته الفعلية، ويرتفع تدريجياً مع عدد الأبناء، وإعفاء جزئي من القروض السكنية للأسر الكبيرة، مع تقديم أراضٍ أوسع أو وحدات سكنية أكبر، إجازة وضع مدفوعة لمدة 6 أشهر للأم، تليها سنة عمل عن بُعد، لدعم التوازن الأسري، وتوسيع عدد الحضانات والمدارس الحكومية قرب الأحياء السكنية، ومنح الأب امتيازات وظيفية أو راتباً تقاعدياً أعلى عند إنجاب عدد أكبر من الأبناء، وتوسيع منحة الزواج لتشمل المزيد من المواطنين، وربطها بتوفير السكن المبكر، ومراجعة نظام ساعات العمل اليومية وساعات الدراسة الطويلة للأطفال، بما يسمح بتوزيع أكثر عدلاً للوقت بين الوظيفة والأسرة، ويتيح للآباء والأمهات القيام بأدوارهم الحقيقية، ويراعي الطفولة واحتياجاتها. فنحن لا نسعى إلى صناعة نخبة فحسب، بل نبني مجتمعاً متكاملَ الأركان، تشارك فيه كل الفئات في حمل أمانة الوطن وبناء مستقبله. الكم أصبح ضرورة، وليس خياراً، لأن التوازن السكاني شرط أساسي لاستقرار الدولة واستمرار هويتها. ومع تقدم الحياة، تتعاظم التحديات: ارتفاع الأسعار، ضغوط العمل، متطلبات الأبناء، والأعباء النفسية والمادية. المواطن العادي هو من يدفع الثمن الأكبر. إننا بحاجة إلى مواطنين كُثُر، لا إلى «مواطن مثالي» فقط. فالوطن لا يُبنى بالنخبة وحدها، بل بقاعدة شعبية متماسكة، وإذا أردنا أن نصل إلى «الرقم السحري» في عدد الأبناء، فعلينا أن نوفّر كل أدوات النجاح للأسرة. شعار «بناء الإنسان» لم يُهمل أبداً، لكن ربما نحتاج اليوم أن نراه من زواياه كلها، لا من زاوية واحدة. لقد ركزنا على القادرين والمتميزين، ونسينا أن الغالبية لا تقل أهمية. الوطن لا يحتاج فقط إلى النخبة، بل إلى كل فرد فيه. يجب أن نعيد النظر في معاييرنا، ونمنح كل إنسان فرصته وفق ما أنعم الله عليه به، لا وفق ما نريد نحن أن نراه فيه. هكذا كان زايد، الوالد المؤسّس، يرى في المواطن البسيط ركيزة للأمة، ويوفّر له العمل، والسكن، والكرامة، ليبني عائلة تصنع المستقبل. واليوم، أنتم يا أبناء زايد، تحملون رسالته، وتُكملون مسيرته، وتمضون بالإمارات إلى العلا. استمروا… وشعبكم خلفكم، دائماً. *لواء ركن طيار متقاعد