
سوسيولوجيا النصب والاحتيال في السياق المغربي:
إيطاليا تلغراف
• الدُّكتُور عَبْدُ اللَّهِ شَنْفَار
لم تعد جرائم النصب والاحتيال في مجتمعاتنا مجرد أفعال إجرامية معزولة، بل تحوّلت بفعل التكرار والتطبيع إلى ظاهرة سوسيولوجيّةً تحمل في طيّاتها دلالات عميقة في بنية الوعي الجمعي وطرائق التفكير، ومستوى المناعة النفسيّة والأخلاقيّة داخل المجتمع.
حتى يكون هذا المقال متكاملًا ببنية رباعيّة الأبعاد، سنعمل على:
1. تشخيص الظاهرة.
2. وتحليل الدهنيّة المحتالة.
3. وتفكيك منطق الابتلاء.
4. ونختم بالتصوف كأداة مناعة روحيّة.
لقد أصبح الاحتيال أحيانًا أكثر من مجرد خرق قانوني؛ بل صار في بعض التمثلات الشعبيّة؛ نوعًا من 'الفَهْلَوة'، أو 'الذكاء القذر'، أو حتى 'الانتصار الرمزي' على الآخر.
وهو مفهوم شعبي يحيل إلى القدرة على التحايل والالتفاف على القوانين والقواعد بذكاء وخفة وغالباً ما يُستخدم مفهوم الفَهْلَويّة لتحقيق مكاسب شخصيّة بطرق غير مشروعة وغير أخلاقيّة، وهي تعتبر سلوكًا ينطوي على مزيج من الشطارة والدهاء والجرأة والشجاعة الغير محسوبة العواقب.
إن من يتأمل تطوّر هذه الجرائم، يكتشف أنها على الرغم من تنوع أشكالها التقليديّة والرقميّة؛ لا تزال تستقي روحها من نفس البنية النفسيّة والاجتماعيّة: رغبة في التلاعب ولذة في الإيقاع بالضحايا وسعياً وراء إثبات الذات من خلال إهانة الآخرين.
لكن الأخطر من الجريمة نفسها هو لمّا نجد التفاعل المجتمعي معها! فكم من نصّاب ومحتال يُحتفى به في الخفاء؟ وكم من ضحية يُلام وكأنّ الجُرم في ثقته لا في خيانة من احتال عليه؟
وحين تُصاب العقول بالعجز، تُستدعى لغة الابتلاء؛ وتعطيها عناوين كثيرة؛ نذكر منها:
'المؤمن مُصاب، وكل مصيبة هي من الله والخير فيما اختاره الله…'
'إذا أراد الله بالصَّالِحين خيراً ابتلاهم.'
'قدر الله وما شاء فعل.'
في استبعاد تام لتذكر قول الله تعالى: (أَوَلَمَّا أصابتكم مصيبة قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قلتم أَنَّىٰ هذا!؟ قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ.) وكأن النصب والاحتيال لم يكن نتيجة غفلة أو خلل، بل اختبارًا نازلًا من السماء. فهل نحن أمام أزمة قانون أم أزمة وعي؟ وهل النصب والاحتيّال فعل فردي أم عرض لمرض جمعي؟ وهل نملك الأدوات الثقافيّة والنفسية والقانونيّة لتفكيك ذهنيّة النصب والاحتيال المتغلغلة في بنية المجتمع؟
1. مظاهر الاحتيال في السياق العام المغربي: من التقليدي إلى الرقمي!
تتعدد أشكال وصور النصب والاحتيال في المغرب، بين البدائي والمتطور، اليدوي والرقمي، لكن جميعها تتغذى من بيئة اجتماعيّة تشكو من هشاشة قانونيّة وعدم التمتع بدرجة عاليّة من العقلانيّة، وضعف رقابي وغياب ثقافة التحقّق.
من جريمة النشل البسيط في الأسواق، إلى تزوير الوثائق العقاريّة، ومن الاحتيال باسم 'الزين اللي عطا الله'، إلى الاستثمار الرقمي الوهمي… تنبسط خريطة الجرائم لتغطي مختلف المجالات وتستغل في ذلك الثغرات القانونيّة وسذاجة الضحايا أو طمعهم أحيانًا.
فهل نحن أمام جرائم طارئة، أم أننا إزاء بنية احتيالية ممنهجة تستمد قوتها من هشاشة الأمن القانون والقضائي وميوعة الوعي العام وانعدام القيّم الأخلاقية؟
وإذا كانت أدوات الجريمة قد تطورت، فإن نفسية الضحية لم تتغير كثيرًا: ثقة زائدة، رغبة في الربح السريع، غياب في التحقّق، وفراغ في المناعة النفسية والمعرفية والقانونيّة.
فهل يكفي سن القوانين؟ أم أن المطلوب هو بناء ثقافة مجتمعيّة تربويّة تحصن الإنسان من الداخل قبل الخارج؟
2. بنية ركوب الدناءة: من سلوك فردي إلى ساديّة تحقيق نصر رمزي؛
في كثير من الحالات، لا يرتكب المحتال جريمته بدافع الحاجة فقط، بل باعتبارها شكلًا من أشكال الانتقام الرمزي أو الاستعراض الشخصي.
إنه يريد إثبات أنه أذكى من ضحيته، وأقدر على اختراقه وربما يستمد من ذلك نشوةً نفسيّة مشوّهة. وهنا تطرح أسئلة جوهريّة:
لماذا يتحول النصب إلى مفخرة وتباهي؟ كيف أصبح المكر وسيلة ترقيّة اجتماعيّة؟ هل نحن أمام انقلاب في معايير القيمة؟
إننا أمام ذهنيّة ترى في الاحتيال 'مهارة اجتماعيّة'، بل وترفعه أحيانًا إلى مستوى 'الذكاء الخارق'، خاصة إذا كان الضحية شخصًا يُنظر إليه على أنه محصّن أو متفوّق.
وتتفرع عن هذه الذهنيّة أنماط أخرى أكثر خطورة، منها 'الاحتيال بالوكالة'، حيث تُمارس الجريمة نيابة عن جهة خفيّة أو مصلحة مشتركة، مما يدل على وُجود شبكات منظمة تستثمر في الجريمة لا باعتبارها فعلًا طارئًا، بل موردًا للاغتناء دائمًا.
فما الذي يجعل من ركوب الدناءة مهارة؟ ومن المكر قيمة؟ أليست هذه مؤشرات لانهيار سلّم قيّم الأخلاق الجماعي؟
3. شرعنة الابتلاء والتطبيع مع الغفلة: حين يُخدع الضحية مرتين؛
الأكثر إيلامًا من السقوط في فخ النصب، هو ألا ينهض الضحية من سقطته، بل يسعى إلى 'تبريرها' من خلال مفاهيم دينيّة أو قدريّة، تُستدعى من المخيال الشعبي لإفراغ الجريمة من مضمونها. (المؤمن مُصاب، وكل مصيبة هي من الله والخير فيما اختاره الله… وإذا أراد الله بالصَّالِحين خيراً ابتلاهم، وقدر الله وما شاء فعل.) دون استحضار الحديث الشريف الذي يدعو إلى إعمال العقل والحدر: (لا يُلْدَغُ المؤمنُ من جُحْرٍ مرتين.)
وهي عبارات تكرّس لا روح الإيمان، بل منطق الاستقالة من العقل والفعل والقبول بالمهانة باسم الصبر. ويستدعي لذلك الآية الكريمة وتوظيفها في غير سياقها: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ.)
فهل هذه لغة تديّن؟ أم غلاف لغفلة لا نملك جرأة تسميتها؟ وهل يليق بالدين أن يُستعمل كغطاء لتبرير السذاجة أو التسرع أو الإهمال؟
الضحية الذي يُخدع مرة، محتاج إلى من يُوقظه، لا إلى من يُطمئنه بأن الخدعة قدرٌ مكتوب. والوعي النقدي، لا يناقض الإيمان، بل يؤكده؛ إذ لا يُلدغ المؤمن من جُحرٍ مرتين.
4. القيّم الصوفية كجدار روحي لمناعة المجتمع:
لا تكتمل مواجهة ظاهرة النصب والاحتيال دون استحضار البعد الروحي في بناء الإنسان. وهنا تبرز الوظيفة التربوية للتصوف، كمنظومة متكاملة تُهذّب الغرائز، وتُصفّي البواطن، وتزرع في الفرد مناعة داخلية تحميه من غواية الاحتيال ومزالق الخداع.
لقد تميز التصوف المغربي، منذ أجياله الأولى، بترسيخ ثقافة الورع والمراقبة والتجرد، حيث لا يُقاس النجاح بكمية المكسب، بل بنوعية السلوك، ولا يُعد الذكاء تفوقًا إلا إذا اقترن بالأمانة والصدق.
في هذه المدرسة الروحية، لا يُمكن للمكر أن يكون طريقًا إلى الرقي، ولا يُمكن للدهاء أن يُبرر الغش، لأن النية محل المحاسبة قبل الفعل، والعبد يُحاسب على ما نوى لا فقط على ما فعل.
من هنا، فإن إدماج القيم الصوفية في مشروع مواجهة الاحتيال لا يُعد خيارًا هامشيًا، بل ركنًا من أركان المناعة الأخلاقية الجماعية.
فمن يُربّى على قول أبي الحسن الشاذلي: 'إذا رأيت المكر في طريقتك، فاعلم أن فيك بقيّة من نفسك.' لن يجد لذة في التلاعب، ولن يتخذ من الناس فريسة.
فهل آن لنا أن نُعيد للتصوف وظيفته الأصلية: تربية الذوق، وردع الهوى، وتزكية الإنسان من الداخل؟
• خلاصة عامة: نحو ثقافة الاعتبار بدل ثقافة الانبهار:
نحن بحاجة إلى يقظة مجتمعية تُعيد تعريف الذكاء، وتُحرّر النجاح من سطوة الدهاء. نحتاج إلى أمن قانوي وقضائي يحمي وأسرة ومجتمع يربّي، ومدرسة تصقل، وخطاب ديني يهدي، وروح صوفية تُهذّب.
وفي نهاية المطاف، يبقى السؤال الجوهري: هل نريد أن نظل مجتمعات قابلة للاستغفال؟ أم مجتمعات تُؤسّس لثقافة مقاومة تُعيد الاعتبار للعقل وللثقة والحق؟
نحو جدار وقائي متعدد الأبعاد:
لا يمكن مواجهة ظاهرة النصب والاحتيال بمنطق واحد، بل بمقاربة شاملة تتوزع على خمسة مستويات:
1. التحصين القانوني عبر تطوير النصوص وتبسيط المساطر وتعزيز الرقابة الرقمية.
2. التحصين التربوي والمعرفي بتعليم آليات التحقق والتفكير النقدي.
3. المجابهة الثقافية لتفكيك رمزية الفهلوة والذكاء القذر.
4. التحصين النفسي والاجتماعي عبر إعادة بناء الثقة وتثمين النزاهة.
5. التأصيل الروحي من خلال القيّم الصوفيّة.
إيطاليا تلغراف
السابق
نسب الراسبين في امتحان السياقة يثير التساؤلات
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبار اليوم الجزائرية
منذ يوم واحد
- أخبار اليوم الجزائرية
حرب شعواء ضد المشعوذين
بعد تورطهم في أسحار المقابر حرب شعواء ضد المشعوذين بعد الفضائح المسجلة عبر المقابر والاعتداء على حرمة الموتى وإلحاق أفعال السحر بالأبرياء وإيذائهم تحرّك كثيرون للتبليغ عن السحرة والمشعوذين ومن يطرق أبوابهم من أجل القيام بأفعال السحر وإيذاء الناس بحيث انطلقت حملات الكترونية واسعة للحث على التبليغ عنهم وظهرت حتى فيديوهات تُوثّق بالصوت والصورة مغامرة الذهاب إلى المشعوذين من طرف البعض دون خجل أو خوف من الله تعالى. نسيمة خباجة استنكر الرأي العام الفضائح التي كشفتها حملات تنظيف المقابر والتي كان الغرض منها تجميل المظهر البيئي لتلك الأخيرة فتلك الحملات كشفت المستور ورفعت البلاء عن مصابين بالأسحار بعد العثور على طلاسم وصور وأغراض أخرى الغاية منها إيذاء الناس وتحطيم حياتهم وتلا تلك الحملات شن حملة واسعة أيضا للتبليغ عن السحرة لفضحهم وتسهيل القبض عليهم بحيث تمّ إلقاء القبض على العديد من المشعوذين عبر مختلف ولايات الوطن باعتبارهم المتهم الرئيسي في نشر أفعال السحر بعد استقبال الزبائن في بيوتهم وممارسة طقوس السحر والشعوذة. مشعوذون في قبضة الأمن شنت مصالح الامن بمختلف فروعها عبر مختلف ولايات الوطن حربا ضد المشعوذين بعد الفضائح المسجلة عبر المقابر إذ وضعت مصالح أمن ولاية الجزائر مؤخرا حدّا لنشاط مشعوذة كانت تمارس التدنيس والإتلاف والتمزيق العمدي للمصحف الشريف لغرض ممارسة ونشر السحر والشعوذة. المشعوذة البالغة من العمر 41 سنة كانت تستعمل معدات وطلاسم في أعمالها الشيطانية قبل أن تقع متلبسة بجرمها رفقة ثلاثة أشخاص في قبضة رجال الأمن وأفاد بيان لمصالح أمن ولاية الجزائر أنّ المشتبه فيها كانت تمارس طقوس السحر لأغراض احتيالية وقد تم توقيفها على إثر استغلال معلومات مفادها قيام أحد الأشخاص بممارسة السحر والشعوذة بأحد أحياء العاصمة وبعد مداهمة المكان تم حجز مجموعة من الأدوات التي تُستخدم في الشعوذة من بينها طلاسم وأعشاب وأقمشة تحمل رموزا غريبة بالإضافة إلى أقراص مهلوسة ووجّهت للمشتبه فيها سلسلة من التهم منها التدنيس والإتلاف والتمزيق العمدي للمصحف الشريف لغرض ممارسة ونشر السحر والشعوذة وممارسة طقوس وطلاسم العرافة والكهنة باستعمال معدات وأدوات مضبوطة ومدفونة لغرض إلحاق الضرر الجسدي والمعنوي بالأشخاص وكذلك الترويج للسحر والشعوذة عن طريق الهاتف النقال ومواقع التواصل الاجتماعي من أجل المساس بحرمة الحياة الخاصة وشرف وكرامة الأشخاص يُضاف إلى هذه التهم الموجهة النصب والاحتيال وإنشاء وكر للفسق والدعارة وممارسة الرذيلة وحيازة المخدرات والمؤثرات العقلية لغرض الاستهلاك والعرض على الغير بالمقابل وقد تم تقديم المشعوذة أمام النيابة المختصة إقليميا. كما تمكنت مصالح الأمن في ولاية وهران من الإطاحة بشبكة من المشعوذين الذين كانوا يمارسون أنشطة احتيالية على المواطنين وقد تم القبض على أفراد الشبكة بعد تحقيقات مكثفة حيث تم ضبط أدوات ومواد تُستخدم في أعمال السحر والشعوذة العملية اندرجت ضمن جهود السلطات للقضاء على هذه الظواهر الخطيرة التي تضر بالمجتمع وتستغل الأشخاص في أوقات ضعفهم لتستمر ملاحقة هذه الأنشطة غير القانونية وتعزيز الجهود للحد من تأثيراتها السلبية. التنويم للإيقاع بالضحايا استعمل السحرة الكثير من الأساليب والحيل للإيقاع بالضحايا والاستيلاء على ممتلكاتهم وأموالهم بحيث طفت على السطح ظاهرة أخرى تتمثل في الانقضاض على الضحايا عبر الشوارع وحتى البيوت فالتنويم والتمتمات هي سبيل آخر لبعض المشعوذين للانقضاض على الضحايا. بحيث كان الكثيرون ضحايا لهؤلاء عبر الشوارع إذ يتم سرقة مبالغ مالية وسلب النسوة مجوهراتهن عن طريق التنويم وقراءة بعض التمتمات عليهم وقد تمّ مؤخرا القبض على مشعوذة تستخدم تعويذات لتنويم ضحاياها وسرقتهم بولاية عين الدفلى.. إذ تمكنت مصالح الأمن بذات الولاية من توقيف امرأة محتالة تبلغ من العمر 33 سنة تنحدر من إحدى ولايات الغرب الجزائري تستعمل طقوس السحر والشعوذة للنصب وسرقة ممتلكات الضحايا. توقيف المشتبه فيها كان بعد أبحاث وتحريات ميدانية وتقنية معمّقة تم مباشرتها على إثر تلقي شكوى من سيدة تقطن بذات الولاية تعرضت منذ حوالي شهر للسرقة من طرف امرأتين عن طريق النصب والاحتيال باستعمال طقوس السحر والشعوذة قامتا باستدراجها عن طريق الإدعاء بممارسة الرقية وذلك بالتلفظ بعبارات غير مفهومة أمام الضحية لتدخل في حالة اللاوعي أين استولتا على كمية معتبرة من مجوهراتها الذهبية وتوصلت الضبطية القضائية الى تحديد هوية إحداهن وتوقيفها بإحدى ولايات الغرب الجزائري بعد اتخاذ كافة الإجراءات القانونية بالتنسيق مع النيابة كما كشف التحقيق ان المشتبه فيها تورطت في العديد من قضايا الاحتيال بأماكن مختلفة من التراب الوطني. وبينما تتواصل حملات التطهير الواسعة للمقابر تتواصل في الجهة المقابلة حملات تطهير الأحياء والمساكن من هؤلاء المشعوذين بالقبض عليهم من طرف مصالح الأمن باعتبارهم رأس المعضلة في أفعال السحر والشعوذة واذية الناس بعد فتح بيوتهم لاستقبال الزبائن من مرضى النفوس وممارسة حرفة معاقب عليها قانونا وتحقيق عائدات معتبرة من خلال امتهانها. حقوق النشر © 2024 أخبار اليوم الجزائرية . ة


النهار
منذ 4 أيام
- النهار
لأنني منعت عنها الهاتف.. صارت تتمنى لي الموت
تحية طيبة لجميع قراء منبر قلوب حائرة. ولا يفوتني سيدتي أن أخبرك بأنني حقا في ورطة وأتمنى الرد منك في القريب. فليس هناك في الحياة أمر من أن يتمرد الأولاد على آبائهم، إذ يسبب لهم جرحا يأبى أن يلتئم. فيتحسر عليهم وعلى مستقبلهم. سيدتي، أنا أم لبنت في الـ17 من عمرها، أثناء الدراسة اكتشف أنها على علاقة بشاب أكبر منها بكثير، فعاقبتها بحرمانها من الهاتف النقال، في البداية لم تكترث للأمر، وأنا اعتقدت أنها نسيته. لكن بعد أن انتهت السنة الدراسية ووجدت نفسها في المنزل بدون هاتف، ماعدا انترنت المنزل، والحاسوب الذي تستعمله أمام الجميع، انقلبت عليّ، وتغيرت معاملتها،حيث صارت عصبية للغاية، متمردة لا تنصاع لما أقول، أعمال المنزل كلها عليّ وعلى عاتق أختها الأصغر منها، أتفه الأشياء تجعلها تفقد أعصابها. وتصرخ على أي كان،وقد بلغت بها الجرأ' أن تمنت لي الموت، ودوما تقول أنها تكرهني، وأحيانا أخرى تدخل في حالة اكتئاب، تغلق على نفسها باب غرفتها، ولا تكلم أحد، المشكلة أن والدها لم يكتشف الأمر بعد، فعمله يضطره للسفر لأيام عديدة، وخائفة أنا حين يعود وينتبه ماذا أفعل وكيف لي أن أتصرف؟ لأنه مؤكد سيغضب من معاملتها لنا، أنصحيني أريد حلا لابنتي قبل أن تنفلت الأمور من يدي؟ أختكم ع.نسيبة من الشرق الجزائري. الــــــــــــــــــــــــــــــــرد: مرحبا بك سيدتي، وتحية جميلة لك، ردة فعل ابنتك طبيعية جدا، ففي البداية كانت تجد حلولا للقاء الشاب الذي تهواه أثناء الدراسة. أما الآن فلا حجة لديها للخروج، إذا يبقى الهاتف هو السبيل الوحيد للتحدث إلى الشاب الذي تحبه فلا تتوقعي أن تنصاع إلى أوامرك بعد أن منعتي عنها الهاتف. أنا لا أعني أن تستسلمي أنت وتعطينها الهاتف لتهدأ وتعود لطبيعتها، أبدا. وإنما كان الأجدر بك أن تعرفي كيف توقفي تلك العلاقة دون سلب الهاتف منها. سيدتي، أقدر جدا حجم الألم الذي تعيشينه، لكن أعلم أنك وبإذن الله سوف تمكنين ابنتك من تجاوز هذه العلاقة، وتعود لصوابها، فأول ما عليك فعله التقرب منها، وزرع الثقة بينكما من جديد، وإياك أن تفشي سرها، حتى لا تدمري استقرار أسرتك، ثم أعيدي إليها الهاتف، وبالمقابل اطلبي منها أن تكون أهلا للثقة التي وضعتها فيها من جديد، ثم بطريقة غير مباشرة وضحي لها عواقب هذه العلاقة الخارجة عن الإطار الشرعي، واسأليها عن أبعادها، وإلى أين وصلت حتى تجدي أنجح الطرق لكيفية التعامل معها ، ثم أعطيها حلول مقنعة تجعلها تفكر فقط في مستقبلها الدراسي بدلا من التفكير في هذا الشاب. يمكنك أيضا أن تعطيها أمثلة واقعية لفتيات خسرن حياتهم جراء استهتارهن ولعبهم بالنار، وأن عفة الفتاة وحيائها وشرفها هو ما يجعل النصيب الطيب يبحث عنها. بمعني سيدتي أنت الآن مطالبة بأن تكسبي ثقة ابنتك، لتغيري طريقة تفكيرها، كما أنصحك بشغلها بأمور ايجابية، كأن تتنافس هي وأختها على حفظ القرآن في هذه العطلة لتكون للرابحة جائزة قيمة، الخروج معا إن أمكنكم ذلك، شغل وقتها بتحبيبها في الطبخ وتحضير أشياء تحبها وغيرها كثيرا من الأمور التي تخرجها من عالم المواقع إلى الواقع المرضي والإيجابي.


أخبار اليوم الجزائرية
منذ 4 أيام
- أخبار اليوم الجزائرية
عمراوي في ذمة الله
عمراوي في ذمة الله توفي يوم الاثنين الصحفي عبد الله عمراوي عن عمر ناهز 53 سنة إثر وعكة صحية حسب ما علم لدى أقاربه بولاية توقرت. وكان الفقيد وهو من مواليد 1972 قد شغل منصب رئيس مكتب جهوي لجريدة التحرير بورقلة قبل أن ينتقل إلى توقرت مراسلا لعدة جرائد ويوميات وطنية ومحلية تاركا رصيدا ثريا في الحقل الإعلامي طيلة مساره المهني الذي امتد لأكثر من 30 سنة. وكان الفقيد بالإضافة إلى عمله الصحفي مهتما بالشعر والتراث والأدب حيث قدم مشاركات ومساهمات في عدة ملتقيات وطنية حول الإعلام والثقافة. ومن أبرز الإسهامات الأدبية والتاريخية للفقيد كتابه معالم من تاريخ توقرت الذي يسلط الضوء من خلاله على محطات تاريخية عاشتها المنطقة من تاريخ تأسيس قصر تماسين سنة 782 ميلادي إلى غاية الاستقلال سنة 1962 معرجا على شخصيات وأحداث تاريخية بارزة شهدتها المنطقة. حقوق النشر © 2024 أخبار اليوم الجزائرية . ة