
على عبد النبى نائب رئيس هيئة المحطات النووية سابقا: محطة الضبعة مشروع سلمى
وجاءت الزيارة الأخيرة التى قام بها الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء إلى محطة الضبعة النووية لتؤكد أننا أصبحنا نمتلك مشروعاً نووياً سلميا طالما طال انتظاره.
التقينا الدكتور على عبد النبى نائب رئيس هيئة المحطات النووية سابقا ليطلعنا عن أهم المحطات التى مر بها مشروعا النووى.
سألناه.. هل لك أن تحدثنا عن مشروع محطة الضبعة بشكل عام ؟
محطة الضبعة النووية تتكون من أربع وحدات نووية، أى أربعة مفاعلات نووية، قدرة الوحدة الواحدة ١٢٠٠ ميجاوات إذن فالوحدات الأربع قدرتها ٤٨٠٠ ميجاوات، والمفروض حسب الجدول الزمنى أن يتم الإنتهاء من أول محطة، تشغيل تجارى فى سبتمبر حيث يبدأ المفاعل توليد كهرباء فى سبتمبر ٢٠٢٨، وآخر محطة فى ٢٠٣٠ أى أربع وحدات سيتم الإنتهاء منها، وتكون فى الخدمة وتعمل وتولد كهرباء فى ٢٠٣٠، وهذه الوحدات روسية الصنع، وفى عام ٢٠١٥ تم توقيع مذكرة تفاهم بين الرئيس عبد الفتاح السيسى والرئيس الروسى فلاديمير بوتين، وفى ديسمبر ٢٠١٧ تم توقيع العقد، ومن تاريخ توقيع العقد حتى يومنا هذا بدأ العمل فى الأربع وحدات؛ حيث تم وضع الصبة الخرسانية الأولى للأربع وحدات وبعدها عمل القاعدة الخرسانية الخاصة بوعاء الإحتواء للوحدات الأربعة، ثم تم تركيب مصيدة قلب المفاعل فى الأربع وحدات، ومصيدة قلب المفاعل جاءت من روسيا مشحونة فى البحر وتم تركيبها وهى من ضمن معايير الأمان النووى الحديثة جدا أى بناءً على خبرة تشغيل وصيانة للمفاعلات النووية أكثر من ستين سنة، ثم خبرة الحوادث النووية التى تمت فى بنسلفانيا عام ١٩٧٩، وتشرنوبل ١٩٨٦، وكارثة فوكوشيما ٢٠١١، وبناء على التشغيل والصيانة لأكثر من ٦٠ سنة والدروس المستفادة منها، وبناءً على الدروس المستفادة من الحوادث النووية تم تعديل المعايير النووية للجيل الثالث من المفاعلات النووية، والجيل الثالث كله معايير جديدة ومحطة الضبعة تنتمى للجيل الثالث مطور، أى ليست جيل ثالث فقط، ومن ضمن الأشياء المهمة جدا مصيدة قلب المفاعل، وعلى القاعدة الخرسانية يتم إنشاء وعاء الإحتواء، ويتكون من جدارين، هذا الوعاء يشبه الناقوس، بداخل الوعاء يوجد المفاعل وبه مولدات والأجزاء النووية حتى يمكننا حماية الأجزاء النووية من أى مؤثرات خارجية سواء كانت كوارث طبيعية أو هجوم مسلح أو غيره، بالإضافة إلى أنه لو وقعت حادثة داخل المفاعل النووى لا تخرج منه ولا تؤثر عليه، ووعاء الإحتواء من أهم معايير الأمان النووى للجيل الثالث؛ لأن الجيل الثانى لم يكن به فى مفاعل تشرنوبل وعاء احتواء، ولا فى فوكوشيما، ووعاء الإحتواء من متطلبات الجيل الثالث فى المفاعلات النووية، وبالنسبة لوعاء إحتواء المفاعلات الروسية يتكون من جدارين داخلى وآخر خارجي، وهم يبدأوا فى بناء الجدار الداخلى الذى يتكون من ألواح، هذه الألواح تتم صناعتها فى موقع الضبعة نفسه، ويقومون بتركيبها، والوحدة الثانية النووية تم تركيب المستوى الثالث من الوعاء الداخلى لوعاء الاحتواء، هذه هى أحدث تطورات فى الموقع تركيب الوعاء الداخلى فى الوحدات الأربع، ووعاء الاحتواء للوحدة الثانية وصل للمستوى الثالث، وإن شاء الله تصل أجزاء المفاعل، وتنزل بالونش من فوق وعاء الاحتواء ويتم تركيبها فى أماكنها .
كيف نجحت القيادة السياسية فى تحويل هذا الحلم إلى واقع على الأرض؟
الموضوع بدأ من عهد الرئيس جمال عبد الناصر من سنة ١٩٥٥م، وكان مهتمًا بالملف النووي، وأنشأ هيئة الطاقة الذرية، وطلب فى سنة ١٩٦٤ إنشاء مفاعل نووي، وكان مقررًا أن يكون مكانه فى برج العرب، لكن الموضوع فشل ولم يستمر فى الضغط لتنفيذ الفكرة، وبعد تولى الرئيس السادات تجددت الفكرة، وفى ١٩٧٤م أراد إنشاء مفاعل نووى فى سيدى كرير، وفى عام ١٩٧٩م اتفق مع الرئيس الفرنسى جيسكار ديستان، لكن المشروع فشل أيضا كل ذلك نتيجة ضغط اللوبى الصهيوني، ثم تحولت لمناقشة عالمية سنة ١٩٨٣م، وانتهت المناقصة سنة ١٩٨٦م، وكانت ألمانيا ستقوم ببناء المحطة النووية لكن حدثت كارثة تشرنوبل فتوقف المشروع، وكانت حجة، ومن سنة ١٩٨٦ حتى ٢٠٠٧ لم يكن هناك إصرار وتصميم لعمل محطة نووية، ولم تكن هناك إرادة سياسية بالمعنى الصحيح، وكنت دائما أنادى أن المحطات النووية لا بد أن تشترى بالأمر المباشر، وبالفعل تم التعاقد مع روسيا بالأمر المباشر، وكنت دائما أقول إن روسيا هى الدولة التى ستعطينا محطات نووية، والغرب لن يعطينا شيئًا، وبالفعل هذا ما تم، فكان هناك إصرار على ذلك، وطالما يوجد إصرار وإرادة سياسية فالحلم سيصبح حقيقة، فبالعودة للتاريخ من ساعدنا على تنفيذ مشروع السد العالى وساعدنا على تحقيقه كانت روسيا، فى حين رفضت الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك الغرب، ونفس الأمر روسيا أعطتنا السلاح فى حرب أكتوبر ١٩٧٣م؛ إذن التجربة مع روسيا تجربة ناجحة، ولكنها مع الغرب فاشلة؛ لأن إسرائيل تضغط عليه عن طريق اللوبى الصهيونى لئلا يعطونا شيئًا، رغم أنها مفاعلات سلمية لكنها تعطينا نوعًا من القوة، وإسرائيل لا تريد أى قوة فى المنطقة.
لماذا وقع الاختيار على الجانب الروسى لتنفيذ هذا المشروع العملاق، وكيف تغلب الجانبان على وسائل التمويل ؟
كما ذكرت أن تاريخ العلاقات الثنائية بين مصر وروسيا يفسر ذلك، وروسيا يهمها أن تقف معها مصر، ووافقت روسيا على إقراض مصر، لأن روسيا تثق فى مصر، وتدرك أهميتها وثقلها السياسى تحت قيادة الرئيس السيسي، لذلك أعطتنا قرضاً مقداره ٢٥ مليار دولار، وهو قرض حكومى لبناء الوحدات الأربع، وأن التعامل يكون بالروبل بدلاً من الدولار، هو تمويل غير مسبوق، ولا تفعله أى دولة بأن تعطى قرضًا لدولة أخرى لإنشاء محطات نووية، روسيا قدمت لنا الدعم والقيادة عندنا وافقت، والقرض الروسى يمثل ٨٥% من ثمن إنشاء المحطات الأربع.
ما العوائد الاقتصادية المنتظرة من هذا المشروع؟
أولا:هذا المشروع مشروع استثمارى سيعوض ثمنه فى خمسة عشر سنة، وروسيا تعلم ذلك، وسوف يعطينا المشروع حوالى أربعة آلاف وخمسمائة ميجا وات (٤٥٠٠ ميجا وات)، وانقطاع الكهرباء يحتاج ثلاثة آلاف ميجا وات إذن سيكون هناك ١٥٠٠ ميجا وات فائض؛ فهذا يعنى أن الكهرباء لن تنقطع أبدًا.
ثانيا: تتكلف المحطة الواحدة أو الوحدة الواحدة وقودًا نوويًا مقداره ٦٠ مليون دولار، هذه الوحدة إذا اشتغلت بالغاز ستكلفنا ٤٠٠ مليون دولار، بالإضافة إلى أن الغاز الموجود لدينا بدلا من أن نقوم بحرقه فى الكهرباء نستخدمه فى الصناعة، فسيحقق المكسب تسع مرات، بدلا من حرقه فى الكهرباء، وسنكسب من استخدام الغاز فى الصناعة، وكل وحدة ستوفر ٣٤٠ مليون دولار فى السنة، أى أكثر من مليار ونصف المليار، وفى السنة نوفرهم فرق سعر الوقود فقط، بالإضافة إلى أن سعر الكيلو وات ساعة الذى يخرج من المحطة هو نفسه الكيلو وات ساعة الذى يخرج من المحطات النظيفة الأخرى مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح؛ لأن محطة الطاقة النووية طاقة نظيفة، فهناك منافسة رهيبة، بالإضافة إلى أن المحطة النووية عمرها ٨٠ سنة، أما المحطات الأخرى التى تعمل بالغاز عمرها ٢٥ سنة، والمحطة النووية تعمل ٩٢% من عدد ساعات السنة، أما المحطات الغازية فتعمل ٥٦% من عدد ساعات السنة، فالفرق شاسع، والمحطات التى تعمل بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح تعمل ٣٠% من عدد ساعات السنة، بالإضافة إلى أن المحطات النووية نظيفة مثل الطاقة المائية، والأخيرة أنظف مصدر طاقة كهرباء، وكذلك الطاقة النووية؛ فالطاقة الشمسية وطاقة الرياح فيهما نسبة تلوث للبيئة، لكن ليست عالية عكس الطاقة النووية والطاقة المائية، بالإضافة إلى أن المحطات النووية ومحطات الطاقة الشمسية على مستوى العالم هو الاتجاه العالمى طاقة شمسية، وكهروضوئية، ونووية، ونحن نواكب الإتجاه العالمى والمطلوب أن المحطات النووية على مستوى العالم فى سنة ٢٠٥٠ تتضاعف ثلاث مرات، وهذا ما جاء فى مؤتمر أذربيجان فى ٢٠٢٤، الذى ناقش استخدامات الطاقة النووية السلمية وتطبيقاتها المختلفة، ودعا المؤتمر إلى مضاعفة إنتاج الطاقة النووية ثلاث مرات بحلول عام ٢٠٥٠م، وأنها أساس الطاقة الخضراء النظيفة، ومصر تستخدم الطاقة النووية منذ عام 1955 فى عدة مجالات منها الطب فى تشخيص وعلاج الأورام السرطانية بالإشعاع، حيث تمتلك مصر وحدة متطورة لعلاج السرطان بالإشعاع فى هيئة الطاقة الذرية فى أنشاص، وتستخدم الطاقة النووية أيضا فى الزراعة لتحسين الإنتاجية من خلال تطوير سلالات نباتية وحيوانية مقاومة للأمراض، وزيادة غلة المحاصيل كالطماطم عن طريق تعديل الجينات، وفى الصناعة من خلال استخدام التقنيات النووية فى تعليب المواد الغذائية مثل الصلصة مما يسهم فى تقليل الفاقد وزيادة جودة المنتجات.
كيف تغلبت الدولة المصرية على العقبات التى أدت إلى عرقلة المشروع طيلة الخمسين عامًا الماضية ؟، وما طبيعة هذه المعوقات ؟
المشروع نفسه لا توجد فيه معوقات لأنه بدأ بداية جيدة؛ حيث أعطتنا روسيا قرضاً بخمسة وعشرين مليار دولار فهى بداية جيدة، لكن يمكن أن نقول هناك تحديات تواجه المشروع وليست عقبات أو معوقات، وتحديات المشروع تكون فى التأخير، والمشروعات الضخمة على مستوى العالم عرضة للتأخير فى التنفيذ، و٦٥% من المشروعات الضخمة على مستوى العالم تتأخر فى التنفيذ، وهو آفة المشروعات الكبيرة، لأن التأخير يؤدى إلى مشاكل مالية، وتأخير يوم واحد قد نخسر بسببه مليونى دولار، لذلك نحتاج أن تعمل المحطات فى موعدها دون تأخير لأننا بحلول ٢٠٣٠ نسعى أن يكون لدينا ٤٢% من الطاقة النظيفة المتجددة من الطاقة النووية، وطاقة الرياح والطاقة الشمسية، تمثل مصدر الطاقة الكهربائية فى الدولة، وأن نحقق رؤية مصر ٢٠٣٠ .
كيف سيحصل الجانب الروسى على مستحقاته المالية من المشروع ؟
بعد أن يتم الإنتهاء من المشروع سيحصل الجانب الروسى على مستحقاته المالية من بيع الكهرباء، لذلك أقول إن المشروع سوف يُسدد ثمنه خلال خمسة عشر سنة.
ولماذا تعثرت المفاوضات خلال الخمسين عامًا الماضية مع الشركات الأجنبية التى تقدمت لتنفيذ المشروع ؟
بسبب ضغط اللوبى الصهيوني.
ماذا عن الشائعات التى طالت موقع الضبعة، ومن الذى كان يقف وراءها؟
موقع الضبعة تم استلامه عام 1980، وتم الانتقال إليه من خليج السويس والزعفرانة، وشهد إجراء دراسة شاملة الموقع الجغرافى والجيولوجى والبحرى والمناخى بالكامل، حيث إنه بعيد عن حزام الزلازل، وهو أحسن موقع على مستوى العالم، لقد تأخرنا وخسرنا الكثير بسبب هذا التأخير، والمحطة النووية التى كانت ستُقام فى برج العرب أيام عبد الناصر بثلاثين مليون دولار، اليوم ستتكلف سبعة مليارات دولار، فكل تأخير نخسر بسببه، هم لا يريدون دولة قوية فى المنطقة، فعندما تكون عندى كهرباء دون مشاكل سنصبح دولة قوية تستطيع مواجهة أعدائها، لكن لو كنا دولة تعانى من مشكلات فى الكهرباء والغذاء لن نتمكن من مواجهة أعدائنا، فهم يريدوننا دولة متأخرة وتابعة لهم ليتمكنوا من السيطرة علينا.
ماذا عن مشاركة الخبرات المصرية فى تنفيذ المشروع، وهل تمتلك الدولة المصرية الكفاءات العملية والفنية للتوسع فى مثل هذه المشروعات مستقبلا ؟
لا توجد خبرات سابقة فى المجال النووي، أو إنشاء محطات نووية، ما زالت تتكون خبرات جديدة، والشركات المصرية مثل حسن علام وعثمان أحمد عثمان - المقاولون العرب – وبتروجيت لديها خبرات سابقة فى العديد من الإنشاءات، وقريبًا ستتعلم التكنولوجيا النووية، والعمل فيها، ويسهمون فيها، وحاليا يتم تدريب العمالة، والحصول على دورات تدريبية تحت إشراف روسى ونقل الخبرات من الروس، لكن بعد أن تنشأ هذه المحطات ستصبح لدينا خبرات مصرية متراكمة فى المجال النووي، يمكن أن نستفيد فيما بعد من هذه العمالة والشركات، وأن تنفذ مشروعات نووية فى دول فى أفريقيا، وأى مكان بالعالم، والكوادر المصرية موجودة.
ماذا عن رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على المشروع ؟
محطة الضبعة مشروع سلمي، وتتم متابعته من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية أولًا بأول، ونحصل منها على استشارات فنية وتساعدنا فيما نطلبه، فعندنا شفافية بنسبة١٠٠%.
هل يمكن أن تكون مصر هى البوابة الرئيسية لتنفيذ محطات الطاقة النووية السلمية فى المنطقة العربية وأفريقيا ؟
المصريون الذين يعملون حاليا فى المشروع سيكون منهم جيل لديه خبرة كبيرة فى المحطات النووية، كما حدث مع العمالة التى شاركت فى بناء السد العالي، فبعد بنائه تكونت شركات انتشرت فى أفريقيا وعدد من الدول العربية، ومن المتوقع أن يحدث هذا بعد بناء محطة الضبعة؛ لأنه أصبح لدينا خبرات يمكن أن تؤسس شركات تعمل فى مجال المحطات النووية، وفى جميع المجالات سواء التنفيذية أو الهندسية مثل التصميمات، وحتى فى التوريدات أى توريد خامات طبقا للجودة النووية.
إلى أى مدى سيُسهم إنشاء محطة الضبعة النووية فى تحسين جودة التربة الزراعية ؟
المفاعل أنشئ لإنتاج الكهرباء فقط لا غير، ويمكن إذا استخدم لتحلية المياه، لكن الأبحاث النووية هى التى ستسهم فى جودة التربة وهى موجودة فى مراكز الأبحاث، أما المفاعل فسينتج الكهرباء فقط التى ستستخدمها المصانع بشكل غير مباشر، فهى فقط للأبحاث النووية فقط.
فرص العمل كبيرة جدا أثناء الإنشاء، وقد تصل إلى عشرة آلاف عامل، لكن وقت التشغيل يمكن أن تكون فى حدود أربعة آلاف عامل فى المحطة فى فرص التشغيل والصيانة، أما العمالة الحالية فقد تصل لعشرة آلاف عامل فى الموقع.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


فيتو
منذ 8 ساعات
- فيتو
العلم والدين.. تكامل لا تعارض!
هل هناك تعارض بين الدين والعلم؟! سؤال لا يزال محل جدل في عقول البعض للأسف؛ حتى إن هناك من يفتعل، بضيق أفق، صراعًا أو تناقضًا مزعومًا بين الدين والعلم، لكن الحقيقة أن الدين في جوهره علم يؤتيه الله من يشاء من خلقه "وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا" (البقرة:31)، فهل يمكن أن يُعبد لله على جهل؟! أما العلم فهو نفحة من الله يهبها من يشاء من خلقه. في عصر العلم لا يصح افتعال أي تعارض أو تناقض بين الدين والعلم! ولقد أطلَّ علينا الراحل الدكتور أحمد زويل كنافذة هواء نقي، ليعيد تذكيرنا بأنّ هذا الصراع ليس سوى صناعة بشرية، وأنّ الحقيقة أعمق وأبسط من كل ذلك. فالدين، في جوهره، ليس سورًا منغلقًا يحاصر العقل، ولا العلم مطرقة تحطّم القيم الروحية، بل كلاهما جناحان متكاملان يحلّقان بالإنسان نحو آفاق المعرفة والرقي. يقول زويل إن أول رسالة في القرآن كانت "اقرأ"، وهذه ليست كلمة عابرة، بل وصية تأسيسية لحضارة تجعل من المعرفة فريضة، ومن البحث والتفكر عبادة.. التاريخ الإسلامي نفسه شاهد على هذه الحقيقة، إذ لم يعرف الإسلام -في أزهى عصوره- خصومة بين محراب العبادة ومختبر البحث العلمي، بل جمعهما في كيان واحد، فكان الفقيه عالم فلك، والطبيب شاعرًا فيلسوفًا، والمخترع مؤمنًا يسبّح بخالقه وهو يبتكر. لكن مأساة حاضرنا أننا جعلنا الدين ذريعة لتقييد العقول أحيانًا، والعلم أداة لتجريد الحياة من معناها أحيانًا أخرى، فضاعت البوصلة بين طرفي النقيض. نحن بحاجة إلى مصالحة حقيقية بين العقل الباحث والقلب المؤمن، لا عبر شعارات مؤقتة، بل برؤية حضارية تدرك أن القيم الأخلاقية التي يغرسها الإيمان، هي الدرع التي تحمي ثمار العلم من أن تتحول إلى أدوات للدمار. زويل لم يكن يتحدث من برج عاجي، بل من تجربة عالم حمل نوبل في جيبه، وإيمانه في قلبه. كان يعرف أن الأمم لا تنهض إلا حين تجعل من العلم قاعدة صلبة للبناء، ومن الدين قوة دافعة تحافظ على إنسانيتها. فبدون الاثنين، سنبقى ندور في دائرة التخلف، مستوردين ما نأكل ونلبس ونتداوى به ونتسلح به، بينما نكتفي نحن بالجدل حول ما إذا كان العقل والإيمان يستطيعان السير معًا. الحقيقة أن السير معًا ليس خيارًا، بل ضرورة وجودية، فمن دون هذه الشراكة، لا علمٌ يبقى نافعًا، ولا إيمانٌ يظل حيًّا.. زويل لم يكن يطلب منا المعجزات، بل المعادلة البسيطة التي فهمتها أمم سبقتنا، دينٌ يحفظ القيم، وعلمٌ يصنع القوة. نحن الذين اخترعنا معارك وهمية، حتى صرنا مثل من يطلق النار على قدميه ثم يشكو من العجز عن الحركة. إن لم ندرك اليوم، قبل الغد، أن الدين بلا علم يصبح طقسًا جامدًا، وأن العلم بلا دين يتحول إلى وحش بلا ضمير، فسوف نظل نستهلك ولا ننتج، نقتات على بقايا مائدة العالم، بينما ننشغل بخطب لا تُطعم جائعًا ولا تصنع ميكروسكوبًا. الحقيقة المرة أن الأمم لا تنهض بالشعارات ولا بالاجترار التاريخي، بل بإرادة فكرية شجاعة تكسر أغلال الخوف وتضع العقل والقلب في صف واحد. أما نحن، فإما أن نتصالح مع هذه الحقيقة.. أو نودع القرن الحادي والعشرين ونحن نحمل ذات أمراض القرون الوسطى. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.


خبر صح
منذ يوم واحد
- خبر صح
تعيين حمادة محمد محمود نائباً لرئيس جامعة بني سويف بقرار جمهوري
هنأ الدكتور طارق علي، القائم بأعمال رئيس جامعة بني سويف، الدكتور حمادة محمد محمود، بمناسبة صدور القرار الجمهوري رقم 411 لسنة 2025 بتعيينه نائباً لرئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب. حصل الدكتور حمادة محمد محمود على شهادة البكالوريوس في علم الحيوان بتقدير امتياز من كلية العلوم بجامعة القاهرة فرع بني سويف عام 1988، وبعدها بدأ مسيرته الأكاديمية معيدًا في قسم علم الحيوان بكلية العلوم جامعة القاهرة فرع بني سويف عام 1990، ثم حصل على درجة الماجستير في تخصص علم البيئة الحيوانية عام 1996، وتبعها درجة دكتوراه الفلسفة في العلوم تخصص البيئة الحيوانية عام 2000. اقرأ كمان: 'الكفيل المستثمر المصري' .. القصة الكاملة لشباب مصريين يواجهون تحديات الغربة في السعودية تدرج في المناصب الأكاديمية ليصبح مدرسًا ثم أستاذًا مساعدًا وأستاذًا في كلية العلوم جامعة بني سويف والجامعة الأمريكية بالقاهرة، وشغل العديد من المناصب المهمة مثل رئيس قسم علوم البيئة والتنمية الصناعية بكلية الدراسات العليا للعلوم المتقدمة، ووكيل قطاع شئون البيئة وخدمة المجتمع في نفس الكلية، كما أشرف على أكثر من 20 رسالة في الماجستير والدكتوراه في مجال البيئة المائية، وتولى منصب وكيل كلية العلوم لشئون التعليم والطلاب بجامعة بني سويف منذ عام 2018، ثم عميدًا لكلية العلوم حتى الآن. عمل أيضًا مستشارًا أكاديميًا لمركز التطوير والإعداد المهني UCCD لجامعة بني سويف تحت إشراف الجامعة الأمريكية بالقاهرة وبدعم من الوكالة الأمريكية الدولية للتنمية USAID منذ عام 2019 وحتى الآن. من نفس التصنيف: إجازة مدفوعة الأجر للعاملين بالقطاع الخاص يوم الخميس المقبل وفقاً لوزير العمل حصل على عضوية الجمعية العمومية للشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، وعُين عضوًا في اتحاد البيولوجيين العرب والجمعية المصرية الألمانية لعلم الحيوان، كما شارك في إعداد عدد من الدوريات العلمية وشارك في العديد من المؤتمرات الدولية، وأسهم بأكثر من 40 بحثًا في دوريات علمية، بالإضافة إلى تحكيمه لأكثر من 10 رسائل ماجستير بالجامعة الأمريكية بالقاهرة وجامعة النيل وجامعة أسيوط. في سياق آخر، افتتح مجلس جامعة بني سويف الطارئ برئاسة الدكتور طارق علي، القائم بأعمال رئيس الجامعة، جلسته رقم 248 اليوم بتوجيه خالص الشكر والتقدير للدكتور منصور حسن، رئيس الجامعة السابق، تقديرًا لجهوده المخلصة وعطائه الكبير خلال فترة توليه رئاسة الجامعة، وذلك بحضور الدكتور أبو الحسن عبد الموجود نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، والدكتور حمادة محمد نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب، وعمداء الكليات، وأعضاء المجلس. أكد الدكتور طارق علي أن الدكتور منصور حسن قد تولى رئاسة الجامعة لمدة ثمان سنوات متواصلة، أرسي خلالها نهجًا راسخًا من التطوير والتميز، وأسهم إسهامًا جليًا في ارتقاء الجامعة محليًا ودوليًا، ونحن جميعًا نقدر شخصه وعطائه ونسأل الله له التوفيق والسداد. أعرب أعضاء مجلس الجامعة عن أصدق الأمنيات بدوام التوفيق والنجاح للدكتور منصور حسن في مسيرته القادمة، مؤكدين أن بصماته ستظل حاضرة في سجل إنجازات الجامعة.


تحيا مصر
منذ 2 أيام
- تحيا مصر
نائبة التنسيقية مرثا محروس تناقش الماجستير في الاستراتيجية القومية حول تعزيز آليات وضوابط الأمن الإلكتروني والمعلوماتي لمصر
ناقشت النائبة مرثا محروس، وكيلة لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، رسالة الماجستير في الاستراتيجية القومية بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، تحت عنوان: "الاستراتيجية المقترحة لتعزيز آليات وضوابط الأمن الإلكتروني والمعلوماتي لمصر". الاستراتيجية المقترحة لتعزيز آليات وضوابط الأمن الإلكتروني والمعلوماتي لمصر وتناولت الرسالة دراسة شاملة لواقع الأمن الإلكتروني والمعلوماتي في مصر، واستعرضت أبرز التحديات التي تواجه الدولة في هذا المجال، إلى جانب تقديم رؤية استراتيجية مقترحة لتعزيز قدرات البنية التحتية الرقمية، ورفع كفاءة أنظمة الحماية من التهديدات الإلكترونية، بما يواكب التطورات العالمية ويحافظ على أمن المعلومات الوطنية. وأكدت النائبة مرثا محروس خلال المناقشة أن الأمن السيبراني يمثل ركيزة أساسية للأمن القومي المصري، خاصة في ظل الاعتماد المتزايد على التكنولوجيا في مختلف القطاعات، مشددة على أهمية التعاون بين مؤسسات الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني لنشر الوعي وتعزيز القدرات الفنية لمواجهة المخاطر الإلكترونية. وحضر المناقشة لفيف من أعضاء هيئة التدريس وعدد من أعضاء مجلس النواب، إلى جانب أصدقاء وزملاء النائبة. وفي لفتة إنسانية مؤثرة، أهدت النائبة مرثا محروس درجة الماجستير إلى روح والدها الذي انتقل مؤخرًا إلى الأمجاد السماوية، قائلة: "إلى روح والدي الغالي، أبي الذي كان أول معلمي، وأصدق مشجعي، وصاحب الفضل بعد الله في كل ما وصلت إليه من علم ومنزلة. أهدي هذه الرسالة لروحه الطاهرة، عرفانًا وامتنانًا لما زرعه فيّ من قيمٍ وعلمٍ وحبٍ للمعرفة. رحمك الله وجعل الجنة مثواك… إلى أن نلتقي يا أبي الغالي ".