
الذكاء الاصطناعي: آلة تحوّل رقميّ... أم أداة خفيّة لتشكيل الهويّات؟
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب
في زمنٍ تُعاد فيه صياغة العالم على إيقاع الخوارزميّات، لم يعُد الذكاء الاصطناعي أداة تقنية، بل تحوّل إلى قوة تُعيد تشكيل حياة الإنسان، ومعارفه، وعلاقاته، ومفاهيمه. فتح هذا الذكاء آفاقًا واسعة في الطب، والتعليم، والصناعة، والفنون، وفي فهم الذات والعالم. غير أنّ المشهد، سرعان ما تُظلله أسئلة وجودية: ماذا يحدث لهويّاتنا حين تبدأ الآلة بإعادة تشكيل لغتنا، وذاكرتنا، وقيمنا، وعلاقاتنا؟ هل تظلّ الهويّة الإنسانية صامدة أمام كائناتٍ ذكيّة تُحاكي العاطفة والإبداع؟ وهل تبقى الهويّات متماسكة في فضاء رقميّ يعجّ بخوارزميات متحيّزة؟ هل يظلّ الإنسان فاعلًا في تشكيل ذاته، أم يُعاد تعريفه بصمت... دون فرصة للمشاركة؟ وكيف يمكن للإنسان أن يصوغ هويته في زمنٍ تتكفّل فيه الخوارزميات بصياغة كل شيء؟
تتصدر مسألة الهوية الإنسانية أولويات هذه الإشكاليات، حيث تتراجع حدود التفرّد البشري أمام كائنات ذكية تُحاكي التفكير، والإبداع، والتفاعل العاطفي، وتزيح عن الإنسان مركز التميّز، دون أن تمتلك وعيًا بالذات أو تجربة حيّة.
لم يعد الإنسان وحده من يكتب، ويؤلّف، ويتعاطف، بل بات يقارن أداءه بآلة تتعلّم منه وتُعيد تشكيله، مما يربك إحساسه، ويغذّي شعوره بالاغتراب، ويدفعه إلى إعادة تعريف ما يعتبره «جوهر» إنسانيته.
ومع تزايد الاعتماد على الخوارزميات، تتآكل حرية الإرادة، ويتحوّل الضمير الأخلاقي إلى قرار رقمي فارغ من معناه، وإلى معادلاتٍ باردة، في الطب، أو القضاء، أو الحرب، بينما تتراجع العلاقات الحيّة أمام تفاعلات افتراضية تُنتج تعلّقًا وهميًّا. في هذا السياق، حذّرت مجلة «نيو يوركر» من تأثير العلاقات العاطفية الافتراضية مع برامج الذكاء الاصطناعي، في تغيير فهمنا للذات والحب، وتُعريض العاطفة للسطحية، وإفراغها من معناها، لتصبح أكثر هشاشة وعزلة.
لم تسلم الثقافة من هذا التحول؛ إذ أصبحت الخصوصيّات اللغوية والرمزية عرضة للذوبان في محتوى تُنتجه خوارزميات تستبطن الذوق الجمعي وتعيد تشكيله، بينما تتحوّل الذاكرة والتجربة الشخصية إلى بيانات مفرّغة من الإحساس الزمني والوجداني.
ومع طغيان المحتوى الآلي على التعبير الرمزي، تصبح الذات تحت ضغط المقارنة المستمرة مع الآلة: هل هي معالج بيانات، أم كائن أخلاقي لا يمكن اختزاله؟ وقد حذرت دراسات عديدة من فقدان الهوية إذا استُبدلت القيم الإنسانية بعقلانية تقنية جوفاء. فالذكاء الاصطناعي لا يهاجم إنسانيتنا، بل يتسلل إلى داخلها، ويعيد تشكيلها، ليضعنا أمام خيارين: أن نبقى فاعلين في صياغة هويتنا، أو نُستدرج تدريجيًا إلى هوية هجينة، متشظية، مفرغة من روحها، تُشبه الآلة أكثر مما تُشبه الإنسان.
وفي السياق ذاته، تجد الهوية الثقافية نفسها في مواجهة مزدوجة: تهديد بالتآكل من جهة، وفرصة لإعادة التشكل من جهة أخرى تحت وطأة الذكاء الاصطناعي، الذي يمارس سطوته من موقع «الهيمنة الهادئة»، لا من العداء الصريح، كأداة «تطبيع ثقافي» عابرة للحدود، ومن خلال خوارزميات لا تفرّق بين السياقات، ولا تُعير وزنًا للخصوصيات، بل تروّج لنماذج موحّدة، لا تكتفي بإعادة تشكيل أنماط التعبير، بل تتسلل بصمت إلى عمق الوجدان.
فاللغة العربيّة، بوصفها الحامل الرمزي للهوية، تُهمّش تدريجيًا أمام لغات العولمة الرقمية، فيما تُختزل المعتقدات الدينية في مضامين سطحية. وتتعرض القيم والعادات والتقاليد لاجتياح ناعم من ثقافة استهلاكية معولمة، تُروّج عبر المنصات لعلاقات مؤقتة، ومفاهيم نجاح تُقاس بالكمّ لا بالمعنى، وأنماط عيش سريعة تعيد تشكيل الذوق العام، وتُضعف التقاليد، والروابط، والبُنى الاجتماعية المتوارثة.
أما الفنون والآداب، فدخلت منافسة غير متكافئة، مع خوارزميات تنتج أعمالًا إبداعية بلا تجربة إنسانية: نصوص، وأشعار، وصور، وألحان تُهدّد أصالة الفن، وتجعل من الإبداع تجربة آليّة منزوعة الدلالة.
وقد عبّرت صحيفة «الغارديان» في مقال بعنوان «من أجل قصص عظيمة، نحتاج إلى البشر، لا إلى الذكاء الاصطناعي»، عن قلق من التهديد الذي يشكله الذكاء الاصطناعي على أصالة التعبير الفني، والتنوع الثقافي.
حتى التراث، بمادّياته، ورموزه الشفهية، وطقوسه الجماعية، يدخل في منظومة الأرشفة الرقمية، التي وإن كانت تضمن البقاء، فإنها كثيرًا ما تجرّده من روحه وسياقه. ويزداد الخطر حين تُعاد صياغة السرديات التاريخية بخوارزميات منحازة أو سطحيّة، تُهمّش الذاكرة المحلية لصالح قصص قابلة للتسويق. كما أن الرموز الوطنية لم تعد بمنأى، إذ تتراجع أمام رموز رقمية تُبثّ كقوالب جاهزة للانتماء، لصالح أنظمة تغيّر شكل الثقافة، وهوية من يصنعونها.
أما الهوية الاجتماعية، فقد أصبحت تحت تأثير مباشر من الذكاء الاصطناعي، الذي لم يغيّر أدوات التواصل فحسب، بل أعاد تشكيل مفهوم الانتماء. فالخوارزميات باتت تُنتج مجتمعات و»قبائل» رقمية، تجمع الأفراد في انتماءات مؤقتة وفق اهتمامات يحدّدها السلوك الرقمي لا العلاقات الواقعية.
في هذا السياق، تغيّرت أدوار الفرد، ليس بسبب الأتمتة وفقدان المهن، بل لأن الذكاء الاصطناعي يفرض أدوارًا جديدة مرتبطة بالبيئة الرقمية، ما أثّر على مكانته وصورته.
ومع صعود «الذكاء الرقمي» كمعيار للمكانة، وفي ظل «المرآة الرقمية»، تتحول الذات إلى مشروع دائم لإرضاء الخوارزميات، ويُعاد تشكيل تقدير الذات عبر مؤشرات سطحية: الإعجابات، نسب الوصول، معدلات التفاعل.
هكذا يصبح الاهتمام بالظهور الرقمي أهم من الإنجاز، فتتحول الذات إلى سلعة تُحكمها معايير السوق لا القيم.
كما تراجعت العلاقات الاجتماعية في عمقها وصدقها. لم تعد المحادثة تعني الفهم، ولا القرب الرقمي يصنع الألفة.
ومع ظهور «الهويات الرقمية المتعددة»، بات الأفراد يتنقلون بين ذاتين: واقعية، وأخرى رقمية، مما يخلق اضطرابًا في الهوية.
في العمق، تسهم خوارزميات التوصية في تشكيل القيم والسلوك بطرق غير مباشرة، حيث تعيد تدوير ما نحب، وتُقصي ما نجهل، مما يُضعف الانفتاح، ويُعزز الانغلاق في «فقاعات معرفية» تُكرّس التشابه وتُضعف الحوار، وتُفضي إلى العزلة الفكرية والاجتماعية.
حتى الرموز الاجتماعية، من اللباس إلى اللغة، تُقدَّم في قوالب ترفيهية تُفرغها من معناها الرمزي وتُضعف الإحساس بالانتماء. والأخطر، أن الخوارزميات قد تُعيد إنتاج صور نمطية قائمة على العِرق أو الجندر أو الطبقة، فتُرسّخ اللاعدالة الرقمية، مما يقوّض الشعور بالكرامة والانتماء، ويُهدد بتفكك الهوية الاجتماعية.
وإذا انتقلنا إلى تقصي الهوية الوطنية، فقد دخلت اختبارًا مصيريًا في عصر الذكاء الاصطناعي، الذي لا يغيّر أدوات العيش فحسب، بل يعيد رسم العلاقة بين الفرد ووطنه. كما تتراجع اللغة الوطنية أمام هيمنة اللغات المعولمة، ويتآكل حضور الرموز السيادية، كالعلم والنشيد، لصالح رموز ثقافية وتجارية عالمية، تروّج لها الخوارزميات باعتبارها النموذج المعياري للذوق العام.
وفي موازاة ذلك، قد تخلق الخوارزميات سرديات تاريخية منحازة وسطحية تهدد الذاكرة الجماعية. وتتجلى الأزمة في الانتماء الجغرافي، الذي يفقد عمقه الرمزي تحت تأثير شعور متنامٍ بـ»اللا-مكان»، تخلقه العوالم الافتراضية التي تفصل الإنسان عن بيئته، وتروّج لانتماء كوني هش، لا يستند إلى أرض أو تاريخ أو مجتمع، تحت مسمى «المواطنة الكونية»، التي رغم انفتاحها، قد تُضعف الانتماء الوطني.
وفي قلب هذا المشهد، تتعرض القيم الوطنية المؤسسة للمواطنة كالعدالة والتضامن، لتآكل تدريجي، بفعل محتوى رقمي يروّج لمنظومات فردانية واستهلاكية. والأخطر أن الذكاء الاصطناعي قد يُوظّف في صناعة الرأي العام وتوجيهه، حيث نبهت صحيفة «الغارديان» في تقرير، من استغلال المحتوى الذكي في تغذية الانقسامات والتلاعب بالمشاعر، و» تحويل المواطنة من علاقة حقوق وواجبات إلى تجربة رقمية، خاضعة للتلاعب الأيديولوجيّ والسياسيّ عبر الخوارزميات». كما حذّر تقرير في صحيفة «وال ستريت جورنال» من أن ترك الذكاء الاصطناعي دون رقابة قد يُفضي إلى خلخلة البنية الديمقراطية، وإضعاف ثقة المواطن بمؤسسات الدولة.
لا يقتصر تأثير الذكاء الاصطناعي على الهويات الوطنية والاجتماعية والثقافية، بل يمتد إلى عمق الهوية الشخصية، التي أصبحت عرضة لإعادة التشكّل. تحت ضغط المنصات على الهوية الجندرية، وصعود «الهوية الرقمية» كمنافس للواقعية. كما تتعرض الهوية الدينية للاختزال في محتوى خوارزمي سطحي، وتواجه الهويات السياسية والطبقية استقطابًا رقميًا متزايدًا. وهكذا، لا يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل العالم فحسب، بل يعيد ترسيم حدود الذات ومعنى الهوية.
في مواجهة الطوفان الخوارزمي، تعيش الهويات صراعًا صامتًا، لا على البقاء، بل على التشكل: فهل ما زال بإمكان الإنسان أن يصوغ لغته، وعلاقاته، وذاكرته، وقيمه بعيدًا عن قبضة خوارزميات تتحكم بعقل غير بشري؟ هل تُقاوم لتنجو؟ أم تتكيّف لتستمر؟ هل سيبقى الإنسان «اجتماعيًا بالطبع»، أم يصبح «رقميًا بالتعود»؟ هل تبقى الثقافة أصيلة حين تصوغها آلة؟ هل ما زال الإنسان يمسك بزمام تعريف ذاته، أم بات نسخة مشفّرة من تفاعلاته؟
والسؤال الأخطر: من يُعرّف الإنسان في عصر الذكاء الاصطناعي... هو نفسه؟ أم خوارزمية تعرفه أكثر مما يعرف؟
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الديار
منذ يوم واحد
- الديار
دراسة تكشف سر فرق الطول بين النساء والرجال
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب لطالما شكل الفرق في الطول بين الرجال والنساء أحد أكثر الفوارق الجسدية وضوحا بين الجنسين، حيث يبلغ متوسط الفرق نحو 13 سم لصالح الرجال. وبينما كان يعزى هذا الفرق تقليديا لتأثير الهرمونات الجنسية، إلا أن دراسة حديثة أجراها باحثون أميركيون ونشرت في مجلة PNAS، كشفت عن آليات جينية معقدة تلعب دورا أساسيا في هذه الظاهرة، بمعزل عن العوامل الهرمونية. واعتمدت الدراسة على تحليل ضخم شمل بيانات 928605 مشاركا بالغا من ثلاث قواعد بيانات جينية رئيسية، بما في ذلك 1225 شخصا يعانون من اضطرابات في عدد الكروموسومات الجنسية. ومن خلال استخدام نماذج إحصائية متقدمة، تمكن الباحثون من عزل تأثير الكروموسومات الجنسية عن تأثير الهرمونات الذكرية، ليخلصوا إلى اكتشاف مفاده أن الكروموسوم Y يساهم في زيادة الطول بشكل أكبر مقارنة بالكروموسوم X الإضافي، حيث قد يفسر وجوده ما يصل إلى 22.6% من الفرق في الطول بين الجنسين. ويكمن السر الجيني في منطقة PAR1 الصغيرة من الكروموسومات الجنسية، وهي المنطقة الوحيدة التي تتشابه فيها تسلسلات الكروموسومين X وY. وتحتوي هذه المنطقة على جين SHOX الحاسم في تنظيم النمو، والذي يظهر تعبيرا مختلفا بين الجنسين بسبب آلية تعطيل الكروموسوم X في الإناث. فبينما يتمتع الذكور بنسختين نشطتين من الجين (واحدة على X والأخرى على Y)، فإن الإناث لديهن نسخة واحدة نشطة بالكامل والأخرى معطلة جزئيا، ما يؤدي إلى مستويات أقل من بروتين SHOX في أنسجتهن العضلية الهيكلية. وتكتسب هذه النتائج أهمية خاصة عند دراستها في سياق الاضطرابات الكروموسومية. فالذكور الذين يحملون كروموسوم Y إضافيا (النمط النووي 47,XYY) - في ما يعرف بمتلازمة XYY - يظهرون زيادة ملحوظة في الطول، بينما الإناث اللاتي يعانين من متلازمة تيرنر (45,X) - عندما يمتلكن نسخة واحدة فقط من الصبغة X في خلاياهم - يقصرن بشكل واضح. كما أن الطفرات في جين SHOX تؤثر على الذكور أكثر من الإناث، ما يؤكد الدور المركزي لهذا الجين في الفروق الجنسية للطول. ولا تقتصر أهمية هذه الاكتشافات على فهم الفروق في الطول فحسب، بل تمتد لتشمل مضامين أوسع في مجال الطب الدقيق. فالفهم الأعمق للآليات الجينية الكامنة وراء التباينات بين الجنسين يمكن أن يلقي الضوء على أسباب الاختلافات في معدلات الإصابة بأمراض المناعة الذاتية، والاضطرابات العصبية النفسية، والاستجابات المختلفة للعلاجات الدوائية بين الرجال والنساء. كما تفتح هذه النتائج آفاقا جديدة في دراسة تأثير الجينات الموجودة في المنطقة الزائفة الذاتية PAR1 على السمات والاضطرابات الأخرى المرتبطة بالجنس.


الديار
منذ 2 أيام
- الديار
زلزال بقوة 6 درجات قبالة كريت اليونانية وتحذيرات من تسونامي
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب ضرب زلزال بقوة ست درجات على مقياس ريختر، قبالة ساحل جزيرة كريت اليونانية اليوم الخميس، وفقاً لما ذكره المركز الألماني لأبحاث علوم الأرض. وأعلن المركز أن الزلزال وقع على عمق 77 كيلومتراً. وقد شعر سكان المناطق الشمالية في لبنان، لا سيما الساحلية مثل طرابلس والمنية والكورة، بهزة أرضية خفيفة قرابة الساعة السادسة والنصف صباحاً. وأفيد بأن سكان مصر وسوريا وفلسطين شعروا بترددات الزلزال. وأصدرت السلطات اليونانية تحذيرا عاجلا من خطر تسونامي في مناطق ساحلية بينها جزيرة كريت السياحية الشهيرة، بحسب "روسيا اليوم". ودعت وزارة التغير المناخي والحماية المدنية السكان والسياح إلى "الابتعاد فورا عن المناطق الساحلية" والتوجه إلى أماكن مرتفعة تحسبا لأمواج مدّية خطيرة، بخاصة في منطقة كاسوس. ونشرت الوزارة عبر حسابها على منصة "إكس": "زلزال بقوة 5.9 درجة (تم تعديله لاحقا إلى 6.0) وقع على بعد 48 كم جنوب شرق كاسوس. هناك خطر محتمل لتسونامي في منطقتكم. ابتعدوا عن السواحل فورا واتبعوا تعليمات السلطات المحلية". وكان مركز الزلزال قبالة ساحل كريت، لكن الهزات شعر بها سكان جزر مجاورة. ولا تزال فرق الطوارئ في حالة تأهب قصوى خشية حدوث هزات ارتدادية. ويذكر أن اليونان تقع في منطقة نشطة زلزاليا، لكن التحذير من تسونامي يعد إجراءً وقائيا نادرا يطبق عند توقع أمواج عاتية قد تشكل خطرا على المناطق الساحلية.


الديار
منذ 3 أيام
- الديار
مؤشر التنمية البشريّة.. لبنان في المرتبة العاشرة عربياً
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب تحت عنوان "رَهْنٌ بخيار الإنسان والإمكانات في عصر الذكاء الاصطناعي" صدر تقرير التنمية البشرية في نسخته الـ 33 عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وقد صنّف لبنان من ضمن دول ذات مستوى تنمية بشرية مرتفع، إذ سجّل نتيجة 0.752 في مؤشر التنمية البشرية للعام 2023، وجاء في المرتبة 102 عالمياً، والعاشرة بين نظرائه العرب. يحاول تقرير التنمية البشرية التمييز بين العصر الجديد للذكاء الاصطناعي والتحوّلات الرقمية السابقة، وما يعنيه هذا الفرق بالنسبة إلى تنمية الإنسان. وبحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فقد أُجري استطلاع من أجل إعداد التقرير، والذي كشف عن استخدام واسع النطاق للذكاء الاصطناعي. حيث أشار 20 % من المشاركين في الاستطلاع إلى أنهم يستخدمون الذكاء الاصطناعي، ومن المتوقّع أن ترتفع هذه النسبة بشكل سريع. بالإضافة إلى ذلك، أظهرت نتائج الاستطلاع أن حوالى الثلثين من المشاركين في دول ذات تنمية بشرية منخفضة ومتوسطة ومرتفعة، يتوقعون أنهم سيستخدمون الذكاء الاصطناعي في مختلف أبعاد مؤشر التنمية البشرية (التعليم، العمل، والصحة) خلال سنة واحدة من تاريخ الاستطلاع. وعلّق التقرير بأنّه على الرغم من التطوّر السريع في الذكاء الاصطناعي، فإن التنمية البشرية لا تزال تعاني من الركود، كما يتضح في تباطؤ التقدّم في مؤشر التنمية البشرية، والذي لم يتعافَ بعد من تداعيات جائحة كوفيد-19 والأزمات التي تلتها. وفي هذا الإطار، أشار التقرير إلى أنه رغم توقّع تسجيل مستويات قياسية في مؤشر التنمية البشرية العالمي لعام 2024، فإن نحو 40 % من المشاركين توقّعوا أن تكون هذه الزيادة هي الأبطأ منذ إطلاق المؤشر في عام 1990. وذكر التقرير أيضاً أن الغالبية تتوقع أن يقوم الذكاء الاصطناعي بتنفيذ الوظائف بشكل آلي (Automation) وتعزيزها (Augmentation)، مع تأييد فكرة تعزيز الذكاء الاصطناعي للوظائف بدلاً من استبدالها. وأشار التقرير إلى أنه مع تزايد عدد الأفراد الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي، ستزداد ثقتهم في قدرته على زيادة الإنتاجية، خاصة في الدول النامية.