logo
#

أحدث الأخبار مع #«نيويوركر»

عين البابا البصيرة
عين البابا البصيرة

الشرق الأوسط

time٢٤-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الشرق الأوسط

عين البابا البصيرة

مما رواه تاريخ الحرب العالمية الثانية عن الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين، أنه كان إذا قيل له إن البابا في الفاتيكان له رأي في الحرب، وإن رأيه يقول كذا وكذا، أرسل ضحكته في الهواء ثم قال: أخبروني كَمْ دبابة لدى البابا؟ وكان المعنى أن للبابا أن يرى ما يحب، ولكن المشكلة ستظل عنده وعند كل الباباوات الذين سبقوه والذين سيأتون من بعده، أنهم لا يملكون القدرة على تحويل ما يرونه إلى واقع حي بين الناس... فإذا كانوا يملكون العظة، فما أكثرها لدى البابا الجالس على رأس الكنيسة الكاثوليكية، وما أضعفها عن ترجمة ما تريده في حياة الغلابة والمساكين، ولا فرق في ذلك بين أول بابا وآخر بابا. ليس هذا تقليلاً من شأن موقع البابا، ولكن القصد أن شاغل هذا الموقع الديني الرفيع لا يملك من القوة المادية ما يستطيع بها وقف عذابات الناس في أرجاء الكوكب، وأنه يراقب الحروب التي تطحن المدنيين في كل مكان، ثم يفتش عنده في الفاتيكان عمَّا يمكن أن يسعفه لوقف هذه الحرب أو تلك، فلا يقع على شيء، اللهم إلا نداءاته التي لا تتوقف، وعظاته التي لا تنقطع، ودعواته التي يصل بها الليل والنهار، ثم لا قوة فعلية في يده تجعله يردع أهل الشر والعدوان. ففي سبيل وقف المقتلة الدائرة في قطاع غزة انقطع صوت البابا فرنسيس الأول، الذي رحل عن دنيانا قبل أيام قليلة، ولكن البابا مات بينما الحرب تجاوزت العام ونصف العام! ولا بد أنه قد مات وفي نفسه شيء من الرغبة الأكيدة في وقفها. ولكن ماذا كان عليه أن يفعل وهو يصادف في طريقه ساسة من النوع الرديء في إسرائيل؟ ساسة من نوع نتنياهو، وبن غفير، وسموتريتش. ساسة يتفاخر أحدهم ويزهو بأنه لن يسمح بدخول رغيف واحد إلى غزة! وعندما عاد طبيب أميركي إلى بلاده بعد زيارة لغزة ضمن وفد من الأطباء، وكان ذلك بعد أسبوعين من وقف إطلاق النار في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، فإنه عاد يقول ما لا يمكن أن يقال شيء بعده. قال: «الوضع هناك لا يختلف عن مدينة هيروشيما اليابانية بعد ضربها بالقنبلة الذرية». قال ذلك في العلن ونشرت مجلة «نيويوركر» كلامه على الملأ، ثم لم يتحرك ضمير في أركان العالم! ويبدو أن البابا فرنسيس الراحل قد جاء عليه وقت أحس فيه بأن عينه بصيرة ويده قصيرة، فارتدى ثياب كاهن ثم مضى في شوارع روما يوزع المساعدات على الفقراء الذين يلقاهم في سبيله. كان قد فعل هذا في 2013 لتحريض الآخرين على أن يمشوا وراءه في ذات الطريق، ولكن ما قام به بقي من نوع النادرة التي يرويها عنه هذا العالم البائس ويتسلى بها لا أكثر. لقد عاش البابا فرنسيس داعية خير وسلام في أرجاء المعمورة، وحين زار القاهرة في 2017 لحضور مؤتمر الأزهر العالمي للسلام، فإن حضوره كان ينطوي على رغبة منه في تعزيز مكانة السلام كقيمة بين الشعوب والدول. وفي الرابع من فبراير (شباط) 2019 زار أبوظبي؛ لتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية مع الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وعندما خرجت الوثيقة إلى النور في ذلك اليوم كانت تحمل توقيع رأس الأزهر ورأس الكنيسة الكاثوليكية معاً، وكان هذا مما منحها قيمة رفيعة ولا يزال، ولم تكن تلك الوثيقة تدعو إلا إلى أن تسود روح المحبة بين الناس، وألا تُرتهن المحبة من إنسان إلى إنسان بدين، ولا بلون، ولا بلغة، ولا بطائفة، ولا بشيء أبداً، إنها محبة خالصة وفقط، تسامح بين أهل الأرض وكفى، محبة لا غرض وراءها، ومعها تسامح لا هوىً فيه. وإذا كان البابا فرنسيس قد امتلك حساً إنسانياً عالياً تجاه العالم، وبالذات آحاد وبسطاء الناس، فلا بد أن امتلاك هذا الحس يعود إلى أن الرجل كان أرجنتينياً، أي إنه كان ينتمي إلى أميركا الجنوبية، التي عاشت تتميزاً بهذا الحس في الأدب الذي يكتبه أدباؤها وفي غير الأدب على السواء. لقد عانت الشعوب في بلاد تلك القارة البعيدة معاناةً لا سقف لها في حياتها السياسية والاقتصادية، ولهذا السبب نشأت تفرز ما عاشته من معاناة، كلما وجدت الفرصة سانحة على لسان الباباوات مرة، أو بقلم كاتب مثل غابرييل غارسيا ماركيز مرةً ثانية. المبدأ الفقهي يقول: «إن الله يَزَع بالسلطان ما لا يَزَع بالقرآن»، أي إن وقف معاناة أهل غزة مثلاً في حاجة إلى قوة، لا إلى عظة، حتى ولو كانت من البابا فرنسيس شخصياً، ولكن مشكلة العالم أن القوة التي يمكنها وقف الحرب شريكة فيها!

الذكاء الاصطناعي: آلة تحوّل رقميّ... أم أداة خفيّة لتشكيل الهويّات؟
الذكاء الاصطناعي: آلة تحوّل رقميّ... أم أداة خفيّة لتشكيل الهويّات؟

الديار

time٢٨-٠٣-٢٠٢٥

  • علوم
  • الديار

الذكاء الاصطناعي: آلة تحوّل رقميّ... أم أداة خفيّة لتشكيل الهويّات؟

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب في زمنٍ تُعاد فيه صياغة العالم على إيقاع الخوارزميّات، لم يعُد الذكاء الاصطناعي أداة تقنية، بل تحوّل إلى قوة تُعيد تشكيل حياة الإنسان، ومعارفه، وعلاقاته، ومفاهيمه. فتح هذا الذكاء آفاقًا واسعة في الطب، والتعليم، والصناعة، والفنون، وفي فهم الذات والعالم. غير أنّ المشهد، سرعان ما تُظلله أسئلة وجودية: ماذا يحدث لهويّاتنا حين تبدأ الآلة بإعادة تشكيل لغتنا، وذاكرتنا، وقيمنا، وعلاقاتنا؟ هل تظلّ الهويّة الإنسانية صامدة أمام كائناتٍ ذكيّة تُحاكي العاطفة والإبداع؟ وهل تبقى الهويّات متماسكة في فضاء رقميّ يعجّ بخوارزميات متحيّزة؟ هل يظلّ الإنسان فاعلًا في تشكيل ذاته، أم يُعاد تعريفه بصمت... دون فرصة للمشاركة؟ وكيف يمكن للإنسان أن يصوغ هويته في زمنٍ تتكفّل فيه الخوارزميات بصياغة كل شيء؟ تتصدر مسألة الهوية الإنسانية أولويات هذه الإشكاليات، حيث تتراجع حدود التفرّد البشري أمام كائنات ذكية تُحاكي التفكير، والإبداع، والتفاعل العاطفي، وتزيح عن الإنسان مركز التميّز، دون أن تمتلك وعيًا بالذات أو تجربة حيّة. لم يعد الإنسان وحده من يكتب، ويؤلّف، ويتعاطف، بل بات يقارن أداءه بآلة تتعلّم منه وتُعيد تشكيله، مما يربك إحساسه، ويغذّي شعوره بالاغتراب، ويدفعه إلى إعادة تعريف ما يعتبره «جوهر» إنسانيته. ومع تزايد الاعتماد على الخوارزميات، تتآكل حرية الإرادة، ويتحوّل الضمير الأخلاقي إلى قرار رقمي فارغ من معناه، وإلى معادلاتٍ باردة، في الطب، أو القضاء، أو الحرب، بينما تتراجع العلاقات الحيّة أمام تفاعلات افتراضية تُنتج تعلّقًا وهميًّا. في هذا السياق، حذّرت مجلة «نيو يوركر» من تأثير العلاقات العاطفية الافتراضية مع برامج الذكاء الاصطناعي، في تغيير فهمنا للذات والحب، وتُعريض العاطفة للسطحية، وإفراغها من معناها، لتصبح أكثر هشاشة وعزلة. لم تسلم الثقافة من هذا التحول؛ إذ أصبحت الخصوصيّات اللغوية والرمزية عرضة للذوبان في محتوى تُنتجه خوارزميات تستبطن الذوق الجمعي وتعيد تشكيله، بينما تتحوّل الذاكرة والتجربة الشخصية إلى بيانات مفرّغة من الإحساس الزمني والوجداني. ومع طغيان المحتوى الآلي على التعبير الرمزي، تصبح الذات تحت ضغط المقارنة المستمرة مع الآلة: هل هي معالج بيانات، أم كائن أخلاقي لا يمكن اختزاله؟ وقد حذرت دراسات عديدة من فقدان الهوية إذا استُبدلت القيم الإنسانية بعقلانية تقنية جوفاء. فالذكاء الاصطناعي لا يهاجم إنسانيتنا، بل يتسلل إلى داخلها، ويعيد تشكيلها، ليضعنا أمام خيارين: أن نبقى فاعلين في صياغة هويتنا، أو نُستدرج تدريجيًا إلى هوية هجينة، متشظية، مفرغة من روحها، تُشبه الآلة أكثر مما تُشبه الإنسان. وفي السياق ذاته، تجد الهوية الثقافية نفسها في مواجهة مزدوجة: تهديد بالتآكل من جهة، وفرصة لإعادة التشكل من جهة أخرى تحت وطأة الذكاء الاصطناعي، الذي يمارس سطوته من موقع «الهيمنة الهادئة»، لا من العداء الصريح، كأداة «تطبيع ثقافي» عابرة للحدود، ومن خلال خوارزميات لا تفرّق بين السياقات، ولا تُعير وزنًا للخصوصيات، بل تروّج لنماذج موحّدة، لا تكتفي بإعادة تشكيل أنماط التعبير، بل تتسلل بصمت إلى عمق الوجدان. فاللغة العربيّة، بوصفها الحامل الرمزي للهوية، تُهمّش تدريجيًا أمام لغات العولمة الرقمية، فيما تُختزل المعتقدات الدينية في مضامين سطحية. وتتعرض القيم والعادات والتقاليد لاجتياح ناعم من ثقافة استهلاكية معولمة، تُروّج عبر المنصات لعلاقات مؤقتة، ومفاهيم نجاح تُقاس بالكمّ لا بالمعنى، وأنماط عيش سريعة تعيد تشكيل الذوق العام، وتُضعف التقاليد، والروابط، والبُنى الاجتماعية المتوارثة. أما الفنون والآداب، فدخلت منافسة غير متكافئة، مع خوارزميات تنتج أعمالًا إبداعية بلا تجربة إنسانية: نصوص، وأشعار، وصور، وألحان تُهدّد أصالة الفن، وتجعل من الإبداع تجربة آليّة منزوعة الدلالة. وقد عبّرت صحيفة «الغارديان» في مقال بعنوان «من أجل قصص عظيمة، نحتاج إلى البشر، لا إلى الذكاء الاصطناعي»، عن قلق من التهديد الذي يشكله الذكاء الاصطناعي على أصالة التعبير الفني، والتنوع الثقافي. حتى التراث، بمادّياته، ورموزه الشفهية، وطقوسه الجماعية، يدخل في منظومة الأرشفة الرقمية، التي وإن كانت تضمن البقاء، فإنها كثيرًا ما تجرّده من روحه وسياقه. ويزداد الخطر حين تُعاد صياغة السرديات التاريخية بخوارزميات منحازة أو سطحيّة، تُهمّش الذاكرة المحلية لصالح قصص قابلة للتسويق. كما أن الرموز الوطنية لم تعد بمنأى، إذ تتراجع أمام رموز رقمية تُبثّ كقوالب جاهزة للانتماء، لصالح أنظمة تغيّر شكل الثقافة، وهوية من يصنعونها. أما الهوية الاجتماعية، فقد أصبحت تحت تأثير مباشر من الذكاء الاصطناعي، الذي لم يغيّر أدوات التواصل فحسب، بل أعاد تشكيل مفهوم الانتماء. فالخوارزميات باتت تُنتج مجتمعات و»قبائل» رقمية، تجمع الأفراد في انتماءات مؤقتة وفق اهتمامات يحدّدها السلوك الرقمي لا العلاقات الواقعية. في هذا السياق، تغيّرت أدوار الفرد، ليس بسبب الأتمتة وفقدان المهن، بل لأن الذكاء الاصطناعي يفرض أدوارًا جديدة مرتبطة بالبيئة الرقمية، ما أثّر على مكانته وصورته. ومع صعود «الذكاء الرقمي» كمعيار للمكانة، وفي ظل «المرآة الرقمية»، تتحول الذات إلى مشروع دائم لإرضاء الخوارزميات، ويُعاد تشكيل تقدير الذات عبر مؤشرات سطحية: الإعجابات، نسب الوصول، معدلات التفاعل. هكذا يصبح الاهتمام بالظهور الرقمي أهم من الإنجاز، فتتحول الذات إلى سلعة تُحكمها معايير السوق لا القيم. كما تراجعت العلاقات الاجتماعية في عمقها وصدقها. لم تعد المحادثة تعني الفهم، ولا القرب الرقمي يصنع الألفة. ومع ظهور «الهويات الرقمية المتعددة»، بات الأفراد يتنقلون بين ذاتين: واقعية، وأخرى رقمية، مما يخلق اضطرابًا في الهوية. في العمق، تسهم خوارزميات التوصية في تشكيل القيم والسلوك بطرق غير مباشرة، حيث تعيد تدوير ما نحب، وتُقصي ما نجهل، مما يُضعف الانفتاح، ويُعزز الانغلاق في «فقاعات معرفية» تُكرّس التشابه وتُضعف الحوار، وتُفضي إلى العزلة الفكرية والاجتماعية. حتى الرموز الاجتماعية، من اللباس إلى اللغة، تُقدَّم في قوالب ترفيهية تُفرغها من معناها الرمزي وتُضعف الإحساس بالانتماء. والأخطر، أن الخوارزميات قد تُعيد إنتاج صور نمطية قائمة على العِرق أو الجندر أو الطبقة، فتُرسّخ اللاعدالة الرقمية، مما يقوّض الشعور بالكرامة والانتماء، ويُهدد بتفكك الهوية الاجتماعية. وإذا انتقلنا إلى تقصي الهوية الوطنية، فقد دخلت اختبارًا مصيريًا في عصر الذكاء الاصطناعي، الذي لا يغيّر أدوات العيش فحسب، بل يعيد رسم العلاقة بين الفرد ووطنه. كما تتراجع اللغة الوطنية أمام هيمنة اللغات المعولمة، ويتآكل حضور الرموز السيادية، كالعلم والنشيد، لصالح رموز ثقافية وتجارية عالمية، تروّج لها الخوارزميات باعتبارها النموذج المعياري للذوق العام. وفي موازاة ذلك، قد تخلق الخوارزميات سرديات تاريخية منحازة وسطحية تهدد الذاكرة الجماعية. وتتجلى الأزمة في الانتماء الجغرافي، الذي يفقد عمقه الرمزي تحت تأثير شعور متنامٍ بـ»اللا-مكان»، تخلقه العوالم الافتراضية التي تفصل الإنسان عن بيئته، وتروّج لانتماء كوني هش، لا يستند إلى أرض أو تاريخ أو مجتمع، تحت مسمى «المواطنة الكونية»، التي رغم انفتاحها، قد تُضعف الانتماء الوطني. وفي قلب هذا المشهد، تتعرض القيم الوطنية المؤسسة للمواطنة كالعدالة والتضامن، لتآكل تدريجي، بفعل محتوى رقمي يروّج لمنظومات فردانية واستهلاكية. والأخطر أن الذكاء الاصطناعي قد يُوظّف في صناعة الرأي العام وتوجيهه، حيث نبهت صحيفة «الغارديان» في تقرير، من استغلال المحتوى الذكي في تغذية الانقسامات والتلاعب بالمشاعر، و» تحويل المواطنة من علاقة حقوق وواجبات إلى تجربة رقمية، خاضعة للتلاعب الأيديولوجيّ والسياسيّ عبر الخوارزميات». كما حذّر تقرير في صحيفة «وال ستريت جورنال» من أن ترك الذكاء الاصطناعي دون رقابة قد يُفضي إلى خلخلة البنية الديمقراطية، وإضعاف ثقة المواطن بمؤسسات الدولة. لا يقتصر تأثير الذكاء الاصطناعي على الهويات الوطنية والاجتماعية والثقافية، بل يمتد إلى عمق الهوية الشخصية، التي أصبحت عرضة لإعادة التشكّل. تحت ضغط المنصات على الهوية الجندرية، وصعود «الهوية الرقمية» كمنافس للواقعية. كما تتعرض الهوية الدينية للاختزال في محتوى خوارزمي سطحي، وتواجه الهويات السياسية والطبقية استقطابًا رقميًا متزايدًا. وهكذا، لا يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل العالم فحسب، بل يعيد ترسيم حدود الذات ومعنى الهوية. في مواجهة الطوفان الخوارزمي، تعيش الهويات صراعًا صامتًا، لا على البقاء، بل على التشكل: فهل ما زال بإمكان الإنسان أن يصوغ لغته، وعلاقاته، وذاكرته، وقيمه بعيدًا عن قبضة خوارزميات تتحكم بعقل غير بشري؟ هل تُقاوم لتنجو؟ أم تتكيّف لتستمر؟ هل سيبقى الإنسان «اجتماعيًا بالطبع»، أم يصبح «رقميًا بالتعود»؟ هل تبقى الثقافة أصيلة حين تصوغها آلة؟ هل ما زال الإنسان يمسك بزمام تعريف ذاته، أم بات نسخة مشفّرة من تفاعلاته؟ والسؤال الأخطر: من يُعرّف الإنسان في عصر الذكاء الاصطناعي... هو نفسه؟ أم خوارزمية تعرفه أكثر مما يعرف؟

نتائج مؤتمر ميونيخ تكشف الأزمة الصامتة بين أوروبا وإدارة ترامب
نتائج مؤتمر ميونيخ تكشف الأزمة الصامتة بين أوروبا وإدارة ترامب

أخبار اليوم المصرية

time٢٢-٠٢-٢٠٢٥

  • سياسة
  • أخبار اليوم المصرية

نتائج مؤتمر ميونيخ تكشف الأزمة الصامتة بين أوروبا وإدارة ترامب

تحول مؤتمر ميونيخ للأمن هذا العام، إلى ساحة مواجهة غير مُعلنة بين أوروبا و إدارة ترامب ، ففي لحظة غير مسبوقة، غلبت الدموع رئيس المؤتمر كريستوف هوسجن عقب خطاب ناري ألقاه نائب الرئيس الأمريكي، جي دي فانس، كشف فيه عن تصدعات عميقة في العلاقة عبر الأطلسي. ما أثار الجدل لم يكن مجرد كلمات فانس، بل الرسالة التي حملها خطابه، حيث صوّب انتقادات لاذعة لحلفاء واشنطن التقليديين، متهمًا قادتهم بالتقاعس عن تلبية مطالب شعوبهم، وخاصة فيما يتعلق بالهجرة والأمن الداخلي، في موقف بدا وكأنه إعادة تعريف لأولويات الولايات المتحدة، حذر فانس من أن الخطر الحقيقي الذي يُواجه أوروبا لا يأتي الدول الأوروبية، بل من داخل أنظمتها السياسية نفسها، وفقًا لمجلة «نيويوركر» الأمريكية. 🚨سياسة #ترامب تُجبر رئيس مؤتمر ميونيخ على الانهيار و البكاء خلال الحفل الختامي وذكّر كريستوف هوسجن بأن المؤتمر أُنشئ في الأصل كمنصة لتعزيز العلاقات عبر الأطلسي ولكن بعد خطاب نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس، أصبحت القيم المشتركة بين البلدان المشاركة "أقل وضوحًا". 🇺🇸♥️ MAGA — محمد .. ( ابو عبدالعزيز ) .. (@cr7_50_) February 17, 2025 وبينما كان العالم يتوقع موقفًا أمريكيًا مُوحدًا في دعم أوكرانيا ب الحرب الروسية الأوكرانية ، حيث اختار فانس تجاهل القضية بالكامل خلال مؤتمر ميونيخ للأمن ، موجها سهامه نحو السياسات الأوروبية الداخلية، وتساءل الكثيرون، هل كان هذا الخطاب مؤشرًا على تحوّل جذري في رؤية إدارة ترامب تجاه الحلفاء؟ وهل تنذر هذه التوترات المتزايدة بمرحلة جديدة من الفتور في العلاقات الأمريكية الأوروبية؟ اقرأ أيضًا| ارتدادات ميونخ.. أوروبا تواجه كابوس «مفاوضات الظل» بين ترامب وبوتين أكد وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيجسيث، خلال اجتماع وزراء دفاع الناتو في بروكسل، أن أوكرانيا يجب أن تتخلى عن فكرة استعادة أراضيها التي سيطرت عليها روسيا بالكامل خلال الحرب الروسية الأوكرانية ، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل استبعد أيضا احتمال انضمامها إلى حلف الناتو، مما يحرمها من الحماية الأمريكية والأوروبية الموسعة. وفي بولندا، شدد هيجسيث، أن على الأوروبيين الاستعداد لاحتمال تقليص الوجود العسكري الأمريكي في القارة العجوز، معتبرًا أن الاستثمار في الدفاع الأوروبي بات ضرورة ملحة، لأن "الوجود الأمريكي ليس مضمونًا للأبد"، وفقًا لما أفادت به مجلة «نيويوركر» الأمريكية. نائب الرئيس جي دي فانس في قمة ميونيخ للأمن : "التهديد الذي يقلقني أكثر من أي شيء آخر فيما بأوروبا، هو التهديد من الداخل، تراجع أوروبا عن بعض قيمها الأساسية، القيم المشتركة مع الولايات المتحدة". — 🇺🇸محمد|MFU (@mfu46) February 14, 2025 تصريحات كبار مسؤولي إدارة ترامب لم تكن مجرد توبيخ للحلفاء، بل شكّلت تراجعًا جذريًا عن سياسة أمريكية استمرت ثمانية عقود، فبعد الحرب العالمية الثانية، اعتُبر التحالف مع أوروبا ركيزة أساسية في الاستراتيجية الأمريكية، وهو ما أدى إلى تأسيس حلف شمال الأطلسي، والآن، تأتي هذه الخطابات لتعيد النظر في جوهر العلاقة بين واشنطن وحلفائها. أشارت مجلة «نيويوركر»، إلى أنه عقب الحرب العالمية الثانية، ظن الغرب أن السلام سيدوم، لكن الاتحاد السوفييتي أثبت العكس بانقلابه على براج عام 1948 وحصار برلين، ودفعت هذه التهديدات الولايات المتحدة وحلفاءها إلى الاجتماع في واشنطن عام 1949، حيث وُلد الناتو برؤية الرئيس الأمريكي الأسبق، هاري ترومان، الذي اعتبره "درعًا ضد الهجمات"، مؤكدًا وحدة المصير بين ضفتي الأطلسي. فيما اعتُبر حلف شمال الأطلسي أحد أنجح التحالفات في التاريخ، إذ حافظ على استقرار أوروبا لعقود، لكن لهجة مسؤولي إدارة ترامب ، خاصة فانس وهيجسيث، عكست تجاهلاً لدور الناتو وأهميته، بل بدت كأنها تقلل من قيمة الشراكة عبر الأطلسي، وكان من المفارقات أن يُملي فانس على الألمان كيفية إدارة شؤونهم، رغم نجاحهم في بناء ديمقراطية قوية بعد النازية. لطالما انتقدت إدارة ترامب تقاعس أوروبا عن تمويل جيوشها واعتمادها على الولايات المتحدة، ورغم ضغوط ترامب عام 2017، لم تزد ميزانيات الدفاع الأوروبية إلا قليلاً، حيث لا تزال أمريكا تتحمل العبء الأكبر، فحتى عام 2024، لم يتجاوز إنفاق معظم دول الناتو 2% من الناتج المحلي، بينما واصلت واشنطن إنفاق 3.4%، ما جعل أوروبا تبدو وكأنها تتبع مقولة: «إذا أردت السلام، فاتصل بأمريكا». اقرأ أيضًا| سلام على الورق.. كيف انقلبت حسابات ترامب في ملف الحرب الروسية الأوكرانية؟ أوروبا بين الحرب والدبلوماسية.. هل آن الأوان للاستعداد؟ بحسب مجلة «نيويوركر»، إذا أراد الأوروبيون دورًا حقيقيًا في مفاوضات إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية ، فعليهم إثبات وجودهم عسكريًا، لا يكفي الحديث الدبلوماسي، بل يجب تعزيز الجيوش وزيادة الإنفاق الدفاعي، بينما هدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرارًا بنقل المعركة إلى الناتو منذ 2022، يبقى السؤال الآآن، هل تستعد أوروبا لما قد يكون اختبارًا وجوديًا؟ أما عن تصريحات فانس وهيجسيث الأخيرة، فقد أثارت مخاوف من انسحاب أمريكي شامل من أوروبا، خاصة مع موقف إدارة ترامب المتذبذب تجاه أوكرانيا، أما ترامب، الذي تعهد بإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية ، فقد هاجم زيلينسكي ولامه على اندلاع الصراع، بينما يطرح معادلة أخلاقية غامضة بينه وبين بوتين، لتتزايد بعدها التساؤلات بشأن هل يضع ترامب الأساس لصفقة تُرضي موسكو على حساب كييف؟ اقرأ أيضًا| «ذا أتلانتيك» تحلل تداعيات سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على مستقبل التحالفات الدولية

«الرجل المجنون».. «ذا نيويوركر» تكشف استراتيجية ترامب في الولاية الثانية
«الرجل المجنون».. «ذا نيويوركر» تكشف استراتيجية ترامب في الولاية الثانية

مصرس

time٠٦-٠٢-٢٠٢٥

  • سياسة
  • مصرس

«الرجل المجنون».. «ذا نيويوركر» تكشف استراتيجية ترامب في الولاية الثانية

لطالما كانت سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مثيرة للجدل بسبب مواقفه الاستفزازية، وآخر هذه المواقف كان اقتراحه، الذي يتناول خطة لتحويل قطاع غزة إلى وجهة سياحية فاخرة، تشبه في تصميمها منتجعات الريفييرا. لكن مثل هذه الأفكار ليست جديدة تمامًا في عالم السياسة، فقد سبق أن أشار الفيلسوف الإيطالي نيكولو مكيافيلي، قبل أكثر من خمسة قرون، في كتابه «خطابات حول ليفي» إلى أن «التظاهر بالجنون قد يكون أحيانًا استراتيجية في غاية الذكاء».اقرأ أيضًا: خطة اسرائيلية لاخلاء القطاع ..نتينياهو : سنغيِّر التاريخ.. والخارجية الفلسطينية : جريمة حرب جديدةليبدو أن هذه الفكرة، التي بدت آنذاك كحكمة فلسفية مجردة، وجدت طريقها إلى التطبيق العملي في العصر الحديث، وتحديدًا خلال إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون، بحسب مجلة «نيويوركر» الأمريكية.وفقًا لرئيس أركانه إتش آر هالدمان، اعتمد نيكسون ما أطلق عليه «نظرية المجنون»، حيث كان يؤمن بأن إقناع خصومه بأنه مستعد لاتخاذ قرارات غير عقلانية قد يمنحه ميزة تفاوضية، وكما قال نيكسون ذات مرة: «اسمع يا بوب، أريد أن يصدق الفيتناميون الشماليون أنني قد أفعل أي شيء لإنهاء الحرب، سنجعلهم يظنون أنني مهووس بعداء الشيوعية، وأنني قد أفقد السيطرة وأضغط على الزر النووي في أي لحظة، حينها، لن يكون أمام رئيس فيتنام الشمالية سابقًا، هو تشي مينه سوى التوجه إلى باريس وهو يتوسل من أجل السلام».ترامب ونتنياهو.. تحالف على حساب غزةفي مشهد لافت، ظهر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب إلى جانب بنيامين نتنياهو في الغرفة الشرقية للبيت الأبيض، ليكشف عن رؤية صادمة لقطاع غزة، اقترح ترامب تهجير مليوني فلسطيني من القطاع، بينما تتولى الولايات المتحدة «السيطرة» عليه، متجاهلًا ما خلفته الحرب الإسرائيلية من آلاف القتلى ودمار هائل.ولم يخفِ ترامب حماسه لتحويل غزة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، معتبرًا أن المشروع سيكون "هائلًا"، حيث تحدث عن بناء مساكن فاخرة تضمن "حياة دون موت"، متجاهلًا أن ما يطرحه يعني تغييرًا ديموغرافيًا قسريًا، وبدا وكأنه يتعامل مع الكارثة كفرصة تجارية، بعيدًا عن أي اعتبارات إنسانية أو أخلاقية، وفقًا لمجلة «نيويوركر».حيال ذلك، رحب حليف ترامب، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بخطة الرئيس الأمريكي، مؤكدًا أنها ستقود إلى السلام مع عدة دول، في المقابل، وجد ترامب دعمًا داخل واشنطن، حيث غرد السيناتور ماركو روبيو قائلاً إن «أمريكا مستعدة لقيادة غزة وجعلها جميلة مجددًا».أمام الكاميرات، لم يستطع نتنياهو إخفاء ابتسامته العريضة، معترفًا بفضل دونالد ترامب في تقديم "هدية تاريخية" لإسرائيل، ولم يكتفِ بالإشادة، بل وصفه بأنه "أعظم صديق لإسرائيل في البيت الأبيض"، مؤكدًا أن نهجه غير التقليدي قد يحقق «اختراقًا استراتيجيًا»، يخدم مصالح تل أبيب دون الاكتراث بتبعاته الكارثية.احتفاء بجرأة ترامبتفاعل الإعلام الإسرائيلي مع إعلان دونالد ترامب حول غزة بحماسة غير مسبوقة، حيث وصف الصحفي أميت سيجال الحدث بالتاريخي، أما إيتامار بن جفير، زعيم اليمين المتطرف الإسرائيلي، فقد غرد ساخرًا: "دونالد، يبدو أن هذه بداية صداقة رائعة"، وحتى داخل الأوساط الليبرالية، كان الذهول سيد الموقف أمام طاقة ترامب غير المتوقعة.ولم تكن فكرة تحويل غزة إلى منتجع سياحي جديدة على دونالد ترامب، فقد سبق أن أعرب صهره جاريد كوشنر عن رؤيته للاستثمار في الواجهة البحرية هناك، معتبرًا أن "إجلاء السكان" هو الخطوة الأولى لتحقيق ذلك، والجدير بالذكر أن، كوشنر، الذي يراه البعض مهندسًا استراتيجيًا، رأى أن الاعتراف المسبق بدولة فلسطينية سيكون "خيارًا كارثيًا".وفي ذات السياق، أشار محلل ومؤلف ومفاوض أمريكي متخصص في شؤون الشرق الأوسط، الدبلوماسي المخضرم آرون ديفيد ميلر، إلى أن مؤتمرات دونالد ترامب الصحفية تتجاوز كل التوقعات، ورأى أن ترامب يتبع أسلوب الصدمة لتخويف خصومه وإعادة صياغة النقاشات السياسية، وأنه ربما تكون تصريحاته مجرد مناورة لإرباك المنطقة.ثمن الفوضى.. إشارات ترامب للعالميبدو أن استراتيجية دونالد ترامب القائمة على الصدمة قد تكلّف العالم استقرارًا خطيرًا، وعلى غرار ذلك، حذر الدبلوماسي آرون ميلر، من أن أداء ترامب يرسل إشارات مشجعة للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين للاحتفاظ بأراضي أوكرانيا على صعيد استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، وكذلك للرئيس الصيني شي جين بينج للمضي قدمًا في حصار تايوان، مشيرًا إلى أنها رسائل تعكس أسلوب زعيم يتعامل مع السياسة كاستعراض فوضوي.أشارت «نيويوركر» إلى أن الرئيس الأمريكي السابق، ريتشارد نيكسون كان يرى نفسه مفكرًا استراتيجيًا، لكنه فشل في تحقيق انتصار بفيتنام رغم تهديداته، تمامًا كما لم تحقق تهديدات فلاديمير بوتين النووية أو وعيد دونالد ترامب ب«النار والغضب» ضد كوريا الشمالية نتائج حاسمة، وأن المغامرات غير المدروسة، مهما بدت جريئة، قد تقود إلى عواقب كارثية بدلًا من فرض الهيمنة.أما إذا كان دونالد ترامب يسعى لإعادة إحياء "نظرية الرجل المجنون"، فإن التجربة تثبت أن الفوضى وحدها لا تجلب السلام، فالتهديدات غير المدروسة، سواء في الشرق الأوسط أو آسيا، لا تؤدي إلا إلى زعزعة الاستقرار العالمي، وأن تكرار عرض الشجاعة الفوضوية لن يعزز النفوذ الأمريكي، بل قد يجلب الإحراج ويضر بالمصالح الاستراتيجية لواشنطن، بحسب مجلة «نيويوركر».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store