
أيها العيد: ماذا نقول لأبنائنا عنك؟
العيد... يا صاحبي، ليس فقط ذبحًا ولا ثوبًا جديدًا، ولا حتى تكبيرات تتردد في مكبرات الصوت وتخفت في القلوب، العيد لحظة امتحان للروح، وللمجتمع، وللقيم التي نُردّدها ولا نعيشها، العيد لحظة صدق مع النفس، لا حفلة تُقام ثم تُطوى، وهو موعد مع القيم، وتقديس لما هو أسمى من الشكل واللحم.
لو كان العيد مجرّد احتفال، لما نزل أول وحي في الإسلام بأمرٍ لا علاقة له لا بصلاة ولا بصيام، بل بـ "اقرأ"، فالقراءة، لا الذبح، هي أول الأعياد الروحية، وإذا كانت الأعياد في ظاهرها فرحًا، ففي باطنها تفكّرٌ وتقدير... فأما التفكر، لنسأل أنفسنا هل نحن على الطريق الصحيح؟ وأما التقدير، لنقيس هل تعلمنا ممن سبقونا على هذا الطريق؟
في وقت العيد تمتلئ الشوارع كلها بمشهد المجزر، لكن القلوب فرغت من التضحية، تُنثر العطور على الأجساد، لكن الطٌهر يغيب عن النوايا، ونرتدي الجديد ونذبح الأضاحي، لكننا نغفل أن العيد ليس زينة ولا لحمًا فحسب، بل امتحان لضمير الأمة.
هل يجوز أن نغرق في المظاهر، والتاريخ من حولنا يئن؟
هل نُكمل طقوس العيد كما اعتدنا، وقد كانت الكعبة يومًا تُقصف في يوم النحر؟
العيد ليس مجرد موعد يتكرر، ولا مناسبة نؤدي فيها طقوسًا محفوظة على عَجَل، بل هو علامة زمنية فارقة، تٌذكّر الأمة بقدرتها على التجدد من الداخل، إذا عَرفت أن الفرح ليس لحظة زائلة، بل قرارًا أخلاقيًا، يرتبط بالعدل، والوعي، وبقدرة الإنسان على النظر في مرآة التاريخ، وفي أيام مباركة كهذه، حيث تهبُّ نفحات الفداء، وتخفق أرواح المؤمنين ما بين عرفات ومِنى، تنفتح لنا نوافذ من سيرة من سبقونا، رجال لم يكونوا رموزًا من حجر، بل بشرًا كانوا يعرفون كيف يجعلون من العيد موعدًا لا مع الضحك وحده، بل مع الله ومع الضمير، فنحن نحتاج لإعادة تعريف عيد الأضحى، أن نُعيده من موائد اللحم إلى موائد الضمير، من صخب التهاني إلى همس القيم، أن نتأمل في مشاهد من التاريخ، تهمس لنا كل عام: "ما لهذا خُلقتم".
لكن ماذا يعني هذا الطرح في عيد الأضحى المبارك فيما نقوله لأبنائنا؟
أبناؤنا يرون العيد مجرد "عيدية".. ورقة نقدية تٌمنح سريعا وتٌنسى أسرع في زحام التهاني واللعب والرحلات، ويرونه أيضا فرحة، وبالونات ملونة، وأضحية تُذبح، وفسحة مع الأصدقاء، ولا بأس بالفرح، فهو من شعائر الدين، ولكن هل نُحدّثهم عن العُمق؟ هل نقول لهم إن إبراهيم خليل الله لم يُمتحن بذبح كبش، بل بفكرة أن يُقدّم ما يحب على مذبح الطاعة؟، وهل نتحدث معهم في أن العيد ليس يومًا نُضحكهم فيه فقط، بل نُعلمهم كيف يُضحّون؟ فالأضحية ليست عادة، بل رسالة.. أن تعطي من قلبك قبل جيبك، وأن تختار طُهر النفس قبل لحم الشاة، فالعيد امتحان، لا احتفال فقط، وهو درس من الدروس العظيمة، وليس مجرد ديكور أو مكياج ديني، وحين يفهم أبنائنا هذه القيمة، يٌغرس فيهم المعنى الحقيقي للإنسان الذي يسمو بالطاعة فوق الرغبة، وبالعطاء فوق الأخذ، وبالمعنى فوق المظهر.
في ليلةٍ من ليالي العمر التي تغيّر فيها المسار، خرج إبراهيم بن أدهم يلهو ويصطاد، وكان يومها أميرًا مكلَّفًا بالترف، ويعيش في رفاهية أبناء الملوك، فأثار ثعلبا وإذا هو في طلبه سمع صوتا يخترق جدار قلبه المترف، وهتف به هاتف: «والله يا إبراهيم، ما لهذا خُلقت، ولا بهذا أُمرت"، فلم يتردد، ونزل عن جواده، وخلع رداء السلطان، وصادف راعيًا لأبيه، فطلب جٌبته، فلبسها، وأعطاه ثيابه الفاخرة، وقماشه الفخم، وفرسه الأصيل، وكأنما يخلع الدنيا عن جسده لا عن كتفه، لقد ترك طريق المتزينين بزينة الحياة وزُخرفها، واختار دربًا نٌسكه الورع، وسرجه العمل، ورفيقه الخلوة، لقد خلع رداء الملك والسلطان، وترك القصر، وخرج يبحث عن نفسه، لا عن منصب ولا تصفيق، ورحل إلى مكة، وصحب أعلام الزهد كـسفيان الثوري والفضيل بن عياض، وجال في بلاد الشام، يعمل بيديه ويأكل من كدّه، لا من موائد الأمراء.
وفي أول عيد له بعد ترك المُلك، لم يكن حوله وزراء ولا موائد، بل دموع وصدق، وراحة لم يعرفها من قبل، فقال: وجدت السكينة في خلوة القلب، لا في زخارف الحياة، لذلك استحق أن يذكره التاريخ الإسلامي كأحد أفضل الزهاد العارفين وتابع التابعين، والذي قال فيه الحافظ الذهبي في "سير أعلام النبلاء": هو القدوة، والإمام، والعارف، وسيّد الزهّاد، ولو كان في الصحابة لكان رجلًا فاضلًا.
فهل نملك، نحن أبناء هذا الزمان المزدحم بالضجيج والادّعاء، أن نُضحي بشيء أعمق من لحمٍ ودم؟ أن نخلع عنّا ما أثقلنا من مظاهر لا جوهر لها؟ أليس هذا العيد، في معناه البعيد، دعوة لأن نعود إلى أنفسنا كما عاد إبراهيم إلى فطرته الأولى؟
وفي أول عيد له بعد أن صار خليفة، بكى عمر بن عبد العزيز بدل أن يخطب وسقطت دموعه فائرة من فوق المنبر، وحين سألوه: لماذا تبكي وهو يوم فرحٍ؟ قال: كيف أفرح وفي الأمة جائع ومظلوم؟، وكان بإمكانه أن يوزع لحومًا ويكتفي، لكنه كان يعرف أن العيد لا يُبنى على الإحسان المؤقت، بل على العدالة الدائمة.
وفيما روي أيضا عن ذكريات أول عيد أضحى تولّى فيه الخليفة عمر بن عبد العزيز الخلافة، دخل عليه ابنه عبد الملك وقال له: يا أبتِ، أين أضحيتنا؟، فقال عمر: يا بٌني، إن الناس جاعوا، وإن الأضحية لا تجب إلا على الموسر، ولن أضحي وفي المسلمين من هو جائع، ثم أمر بتوزيع مال كان سيُشترى به الأضاحي على الفقراء، وقال: لأن أشبع جائعًا، أحب إليّ من أن أريق دمًا لسنّة، وقد جاعت البطون.
ويٌحُكي أن ابنة عمر بن عبد العزيز دخلت عليه تبكي في يوم العيد، وكانت طفلة صغيرة آنذاك، فـسألها: ماذا يبكيك؟، فقالت: كل الأطفال يرتدون ثيابًا جديدة وأنا ابنة أمير المؤمنين أرتدي ثوبًا قديمًا، فـتأثر عمر لبكائها وذهب إلى خازن بيت المال، وقال له: أتأذن لي أن أصرف راتبي عن الشهر القادم؟ فقال له الخازن: ولم يا أمير المؤمنينْ؟ فحكى له عمر، فقال الخازن: لا مانع، ولكن بشرط، فقال عمر: وما هو هذا الشرط؟ فقال الخازن: أن تضمن لي أن تبقى حيًا حتى الشهر القادم لتعمل بالأجر الذي تريد صرفه مسبقا، فتركة عمر وعاد، فسأله أبنائه: ماذا فعلت يا أبانا؟ فقال: أتصبرون وندخل جميعًا الجنة، أم لا تصبرون ويدخل أباكم النار؟ قالوا: نصبر يا أبانا!
ويروى أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان يبحث عن صحابي زاهد يوليه على الشام، وكانت الشام في ذلك الزمان بلدًا كبيرًا، ومركزًا مهمًا للتجارة، ومقر إغراء وفتنة لكثرة ثرواتها، وعمر كان لا يرى لها إلا زاهدا، فقال: ائتوني بسعيد بن عامر، فجاء سعيد إلى أمير المؤمنين، فعرض عليه ولاية حمص، فاعتذر سعيد قائلًا: لا تفتني يا أمير المؤمنين، ولكن عمر غضب وأصر على رأيه وقال: والله لا أدعك، أتضعون أمانتكم وخلافتكم في عنقي، ثم تتركونني، فوافق سعيد سمعًا وطاعة لأمير المؤمنين، وخرج إلى حمص ومعه زوجته، وكانا عروسين جديدين، وكان سعيد - رضي الله عنه - يتصدق براتبه على الفقراء والمحتاجين، ولقد قيل له يومًا: توسع بهذا الفائض على أهلك وأصهارك. فقال: ولماذا أهلي وأصهاري؟ لا والله، ما أنا ببائع رضا الله بقرابة، وما أنا بالمتخلف عن الرعيل الأول، وكان سعيد يٌغشى عليه في الأسواق من شدة الجوع والزهد، ولم يكن يأخذ من بيت المال أكثر من قوته فقط، وحين سألوه في العيد: أما تشتري ثوبًا جديدًا؟، فقال: أألبس الجديد وبين يديَّ من لا يجد قوت يومه؟
وفي أحد أعياد الأضحى، جاء تلميذ للزاهد الفضيل بن عياض فقال له: يا أبا علي، هل أضحيت هذا العام؟، فقال الفضيل: إني أعلم في الحي جارًا لنا، لو ملك درهمًا لفرح به كأنه نحر بدنة، واللهِ لأن أُدخل الفرح على قلبه بدرهم، أحب إليّ من أن أذبح ألف أضحية.
أما الحسن البصري، فقد صعد في أحد أعياد الأضحى المنبر وقال في خطبته: عجبتُ لمن يُضيّع الصلوات، ثم يُهدي إلى الله أضحيات، واللهِ ما يتقبّل الله لحمًا ودمًا ممن لم يَتب، ثم نزل، ووزّع طعامه كله على الفقراء وقال: طهّر قلبك قبل أن تذبح شاتك، فإن الله ينظر إلى النيات لا النصال.
أما المحدث أمير الأتقياء عبد الله بن المبارك، فكان عالما ربانيا وسيد العلماء في زمانه، وهو العابد الزاهد الذي يٌروَّى الكثير من الأخبار عنه والتي تدل على صلاحه وتقواه حتى أن سيرته امتلأت بها كتب الزهد والسلوك، ومما يذكر عنه في موسم الحج أنه كان ينفق على أصحابه ويجهزهم للحج، وكان إذا أراد الحج جمع أصحابه وقال من يريد منكم الحج؟ فيأخذ منهم نفقاتهم فيضعها عنده في صندوق، ويقفل عليه ثم يحملهم وينفق عليهم أوسع النفقة، ويطعمهم أطيب الطعام، ثم يشتري لهم من مكة ما يريدون من الهدايا والتحف، ثم يرجع بهم إلى بلده، فإذا وصلوا صنع لهم طعامًا ثم جمعهم عليه، ودعا بالصندوق الذي فيه نفقاتهم فرَدَّ إلى كل واحد نفقته.
وكان عبد الله بن المبارك يحج عامًا ويغزو في سبيل الله عامًا، وفي العام الذي أراد فيه الحج، خرج ليلة ليودع أصحابه قبل سفره، فوجد امرأة في الظلام تنحني على كومة من القمامة تفتش فيها حتى وجدت دجاجة ميته فأخذتها وانطلقت لتطهوها وتطعمها صغارها، فتعجب ابن المبارك ونادى عليها وقال لها: ماذا تفعلين يا أمة الله؟ وذكرها بالآية (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ)، فقالت له: يا عبد الله، اترك الخلق للخالق فلله تعالى في خلقه شؤون، فقال لها ابن المبارك: ناشدتك الله أن تخبريني بأمرك.. فقالت المرأة له: أما وقد أقسمت عليّ بالله.. فلأخبرنَّك: إن الله قد أحل لنا الميتة، وأنا أرملة فقيرة وأم لأربع بنات ولا يوجد من يكفلنا، وطرقت أبواب الناس فلم أجد للناس قلوبًا رحيمة، فخرجت ألتمس عشاء لبناتي اللاتي أحرق لهيب الجوع أكبادهن، فرزقني الله هذه الميتة.. أفمجادلني أنت فيها؟، وهنا بكى عبد الله ابن المبارك، وقال لها: خذي هذه الأمانة وأعطاها المال كله الذي كان ينوي به الحج وعاد إلى بيته ولازمه طوال فترة الحج.
وكان الحٌجاج قد خرجوا للحج من بلدة عبد الله بن المبارك (مَرْو)، والمعروف تاريخيًا بأنها جزء من مسار الحج التقليدي، حيث كانت مَرْو من المدن الهامة التي كان الحٌجاج يتجمعون فيها قبل الانتقال إلى مكة المكرمة، حيث تعتبر مَرْو نقطة انطلاق رئيسية للحُجاج القادمين من بلاد مختلفة في المنطقة، ولما عاد الحُجاج بعد أداء الفريضة، ذهبوا لزيارة عبد الله بن المبارك في بيته ليشكروه على إعانته لهم طوال فترة الحج، فقالوا له: رحمك الله يا ابن المبارك ما جلسنا مجلسًا إلا أعطيتنا مما أعطاك الله من العلم، ولا رأينا خيرًا منك في تعبدك لربك في الحج هذا العام.
فتعجب ابن المبارك من قولهم، واحتار في أمره وأمرهم، فهو لم يٌفارق البلد، ولكنه لا يريد أن يُفصح عن سره، ونام ليلته وهو يتعجب مما حدث، وفي المنام رأى رجلا يشرق النور من وجهه يقول له: السلام عليك يا عبد الله، ألست تدري من أنا؟ أنا محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا حبيبك في الدنيا وشفيعك في الآخرة جزاك الله عن أمتي خيرًا.. يا عبد الله بن المبارك، لقد أكرمك الله كما أكرمت أم اليتامى.. وسترك كما سترت اليتامى، إن الله - سبحانه وتعالى - خلق ملكًا على صورتك.. كان ينتقل مع أهل بلدتك في مناسك الحج.. وإن الله تعالى كتب لكل حاج ثواب حجة وكتب لك أنت ثواب سبعين حجة.
بات الآن واضحا أن هناك الكثير من المعاني التي يجب أن نٌعلمها لأولادنا وأبنائنا عن عيد الأضحى، ويا ليتنا نعلمهم من قصة الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز – رضي الله عنه – أننا يجب أن نقتدي بعُمر وخازن بيت المال وأبناء عمر، وأن أفضل القربات ليست دائمًا في المظاهر، بل في حسن القصد وصدق الرحمة، ومن ورع عبد الله بن المبارك يجب أن يعلم أبنائنا أن الرحمة مقدّمة على المظهر، وأن العيد ليس فقط دمًا يسيل، بل قلبٌ يَعقل، وأن طهارة القلب مٌقدّمة على طهارة السكين، وأن الذبح رمزٌ لا غاية.
إن العيد ليس شعيرة تُؤدى فحسب، بل هو سؤال يتكرر كل عام: هل نُضحي بما يجب؟ أم نكتفي بالقشور؟ هل نسمع نداء السماء الذي سمعه إبراهيم بن أدهم: "ما لهذا خُلقت"؟ في لحظة اختلطت فيها الأعياد بالمظاهر، واختنقت المعاني خلف الشاشات، لعلّ التاريخ يُنادي من جديد... ليس لنعيش فيه، بل لنستيقظ منه، ونعرف أن الأعياد الحقيقية لا تبدأ من المجازر، بل من ضمير لا يرضى إلا أن يكون حيًّا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


فيتو
منذ 33 دقائق
- فيتو
الأدباء والحج.. كلمات خاشعة أمام بيت الله الحرام.. هيكل: «رأيت شهداء بدر رأي العين».. طه حسين: «أشم تراب الحديبية».. والعقاد: «حمام الحرم لا يعلو الكعبة»
لم تخلُ كتابات الأدباء والكُتَّاب قديمًا الذين أدوا فريضة الحج من سرد ذكرياتهم حول رحلة الحج إلى بيت الله الحرام، وهي ذكريات لا يمكن نسيانها فخرجت كتاباتهم توثيقًا للرحلة ومشاعرها وتأثيرها على النفس الإنسانية، إضافة إلى التأريخ للأماكن المقدسة فى مكة والمددينة. من أشهر الأدباء الذين سجلوا ذكرياته عن رحلة الحج وأداء الركن الخامس من الفريضة الأديب عباس محمود العقاد وحسن الزيات ومحمد حسين هيكل ومصطفى محمود والدكتور طه حسين. هيكل فى منزل الوحي ففي كتاب 'في منزل الوحي' سجل الكاتب والسياسي محمد حسين هيكل ذكرياته عن الحج، حتى إنه لمجرد رؤيته الكعبة كتب يقول: 'بدت لي الكعبة قائمة وسط المسجد فشُدَّ إليها بصري وطفر قلبي ولم يجد عنها منصرفًا، ولقد شعرت لمرآها بهزة تملأ كل وجودي وتحركت قدماي نحوها وكلي الخشوع والرهبة، لقد اشتملني من فجر ذلك اليوم رضا عن الحياة وعن نفسي، وشعرت بروحي فرحة، وبقلبي مطمئنًّا، أقبلت منذ بكرة الصباح أعد لباس الإحرام، وما يقتضيه المبيت تحت الخيام منشرح الصدر لكل ما أصنع من ذلك، عميق الإحساس بجلال هذه الفريضة التي يسر الله لي أداءها موقنًا بأني سأشهد أثناءها من آيات حكمته فيها ما يزيد كل مؤمن إيمانًا وتثبيتًا'. الدكتور محمد حسين هيكل وأضاف هيكل: شعرت من هيبة الموقف وجلاله بأن قلبي يزداد خفقانًا، وأن جوانحي كلها تزداد تنبهًا.. ثم رأيتني أحدق في قاع الفجوة كأنما أرى شهداء بدر رأي العين وأقول: السلام عليكم شهداء بدر، رضي الله عنكم،غفر لنا ولكم، وانطلقت أتلو الفاتحة ويتلوها أصحابي جميعًا.. ثم انطلقت ألسنتنا بالدعاء والاستغفار. رمز للتضحية والفداء وفي مؤلفه 'في أرض الحجاز' كتب الأديب أحمد حسن الزيات يقول: إن في كل بقعة من بقاع الحجاز أثرًا للتضحية ورمزًا للبطولة، فالحج إليها إيحاء بالعزة، وحفز إلى السمو، وحث على التحرر والاستقلال. الدكتور طه حسين وفى كتابه 'ما بعد الأيام' كتب عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين يقول عن ذكرياته عندما حج أول مرة: عشت بفكري وقلبي في الأماكن المقدسة بمكة والمدينة المنورة قبل زيارة بيت الله الحرام وأثناء كتابة مؤلفي 'على هامش السيرة'، واستمر هذا الشعور ملازمني حتى جاءت الزيارة، فما إن بلغت الحديبية حتى قبضت حفنة من ترابها والله كنت أشتم فى هذا التراب الطاهر رائحة محمد صلى الله عليه وسلم، ثم دخلت المسجد الحرام باكيًا أردد: اللهم لك الحمد، أنت نور السماوات والأرض، لك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض، ولك الحمد أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن. أنت الحق، ووعدك الحق. اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت، أنت إلهي، لا إله إلا أنت. رمز الوحدة الكبرى فى كتابه 'الإسلام ما هو' يتذكر العالم المفكر الدكتور مصطفى محمود ذكرياته يوم أن ذهب إلى أداء فريضة الحج إلى بيت الله الحرام وحضوره وقفة عرفات، فكتب يحكي ما شاهده ويصف ما شعر به أثناء أدائه الفريضة يقول: 'جبل عرفات مزروع بالخيام.. مليون وخمسمائة ألف حاج يحطون عليه كالحمام في ثياب الإحرام البيض.. لا تعرف الواحد من الآخر، اختفت الجنسيات.. واختفت الأزياء المميزة واختفت اللغات.. الكل يلهج بلسان واحد، الكل يتكلم العربية.. بعضهم ينطقها مكسرة وبعضهم ينطقها بلكنة أجنبية وتستطيع أن تسمع أنهم يهتفون.. لبيك اللهم لبيك، فالكل كانوا يبدون لعيني وكأنهم عائلة واحدة في مجلس عائلي حميم، كان كل واحد يشعر أنه يخاطب الله بهذه الحروف وأنه في حضرة الله وفي ضيافته وفي رحابه.. وأنه يقف حيث كان يقف محمد عليه الصلاة والسلام.. النبي العظيم البدوي الفقير الأمي.. وأنه يسجد حيث كان يسجد، ويركع حيث كان يركع، ويردد ما كان يردده من دعاء.. بذات اللسان العربي وهذا هو معنى التوحيد'. وأضاف مصطفى محمود: أما ثياب الإحرام البيضاء فى رحلة الحج فهي رمز الوحدة الكبرى التي تذوب فيها الأجناس ويتساوى فيها الفقير. ونحن نلبسها على اللحم.. كما حدث حينما نزلنا إلى العالم في لحظة الميلاد وكما سوف يحدث حينما نغادره بالموت.. جئنا ملفوفين في لفافة بيضاء على اللحم.. ونخرج من الدنيا بذات اللفة..هي رمز للتجرد.. لأن لحظة اللقاء بالله تحتاج إلى التجرد كل التجرد، ولهذا قال الله لموسى: اخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى، هو التجرد المناسب لجلال الموقف، أما أمام الله فنحن لا شيء.. لا نكاد نساوي شيئًا، وعلينا أن نخلع كل ثياب الغرور وكل الزينة. الأديب عباس محمود العقاد أما الأديب عباس محمود العقاد فقد وثق رحلته للحجاز لأداء فريضة الحج التي قام بها عام 1946 فى كتابه 'حمام الحرم' حول طائر الحمام الذي شاهده يطوف حول الكعبة ولا يعلو عليها فرادى ولا جماعات في مشهد جميل، كانت رحلة وجدانية إيمانية شعورية، تمتزج فيها العواطف الجياشة بحلاوة الإيمان، مما يجعل التعبير عنها من الصعوبة بمكان، لذلك فهي تُحس أكثر مما توصف إن الحج هو الفريضة التي تتمثل فيها الأخوة الإنسانية، على تباعد الديار واختلاف الشعوب والأجناس، وهي بمنزلة صلة الرحم وتبادل الزيارة بين الأسرة الواحدة، يجمعها الملتقى في المكان الذي صدرت منه الدعوة، وهو أجدر مكان في كل بقاع الأرض أن يتم فيه هذا اللقاء الجمعي. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.


الدولة الاخبارية
منذ 42 دقائق
- الدولة الاخبارية
أسما شريف منير بعد زواجها: 'ربنا وفقني في الاختيار لأنه قريب من ربنا'
السبت، 7 يونيو 2025 11:41 صـ بتوقيت القاهرة أعلنت أسما شريف منير زواجها عبر حسابها الرسمي على"إنستجرام"، في منشور طويل عبَّرت خلاله عن مشاعرها تجاه هذه الخطوة المهمة في حياتها، وكشفت تفاصيل رحلتها التي سبقت هذا القرار. وكتبت أسما شريف منير: "الحمد لله اتجوزت، وده قرار جه بعد فترة طويلة من رحلة عشتها مع نفسي"، موضحة أنها خاضت تجارب ساعدتها في فهم ذاتها واحتياجاتها من الزواج، قائلة: "فهمت إيه المهم وإيه اللي مش مهم، وإيه اللي محتاج مجهود وإيه اللي مش محتاج مجهود" أشارت إلى أنها دعت الله كثيرًا بأن يختار لها الزوج الصالح، مؤكدة أنها توكَّلت عليه تمامًا في هذا القرار، وقالت: "كنت دائمًا بقول: يا رب اختار لي ولا تخيرني.. وكنت عارفة إني هتجوز". وكشفت أسما شريف منير، عن أنها كانت واثقة من تحقيق هذه الأمنية حتى قبل التعرف على زوجها، وقالت: "كنت قايلة إني هتجوز يوم 25-5-5، وقلت للناس كلها إن ده يوم فرحي، رغم إنه مكنش فيه حد في حياتي وقتها!". وعن زوجها أحمد، قالت أسما شريف منير: "اللي شدني فيه إنه قريب من ربنا، وعارف مسؤولياته، وجواه إيمان.. ده حد تقدر تثق فيه وتحس إنك تقدر تبني معاه حياة". كما أضافت: "احنا الاتنين فينا عيوب، لكن الاختيار نفسه ربنا وفقني فيه". واختتمت أسما شريف منير منشورها، بدعاء بأن يكون زواجها خيرًا لها، قائلة: "يا رب يبقى خير، لحد ما أموت يبقى هو في"


الأسبوع
منذ ساعة واحدة
- الأسبوع
إيمي سالم تلغي عزاء جدتها لهذا السبب
إيمي سالم وجدتها عبير عزت أعلنت الفنانة إيمي سالم، عن إلغاء عزاء جدتها التي رحلت عن عالمنا أمس الجمعة الموافق لـ 6 يونيو.. وفي هذا السياق، كشفت إيمي سالم، عبر حسابها الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك، عن إلغاء عزاء جدتها، قائلة: «شكرًا لكم جميعًا، وشكرًا لكل من تواصل معي وحاول يواسيني أو يتحدث إليّ رغم أنني لم أرد، وشكرًا لكل من كتب لي تعليقات على فيسبوك وعلى وسائل التواصل الاجتماعي». وأضافت إيمي سالم: «نونا ما كانتش مجرد جدة، نونا كانت عنصر أساسي في عائلة كبيرة وليها بصمة عند كل واحد في العائلة دي، حتى على اللي دخلوا عائلتنا كنسب، سواء من الأقارب البعاد أو القرايبين، نونا ربتني وربت ولادي». وتابعت: «حزنها مش بس حزن على جدة، لا ده وجع كبير لأنها كانت أساس كبير في حياتنا، وفي حياة أي حد كان قريب مني او من امي الغاليه على مدار عمرنا، نحن لن نقيم عزاء». وأضافت: «أفضل أن أستثمر في آخرتها بدلاً من دنياها.. فدنياها قد انتهت، وعادت روحها إلى رب العالمين حيث المقر.. في وقت مبارك. لذلك، ارجو من كل من يريد ان يعزيني ان يخرج صدقة على اسمها، حتى لو كانت صغيرة». وأردفت: «هذا هو عزائي في جدتي الحبيبة، على الأقل، تكون هذه الصدقة واصلة لها، لأن كلماتنا لن تصل الا بالدعاء لها والعمل الصالح أرجوكم، كل من يريد أن يعزيني، ليخرج صدقة باسم الحاجة "نادية محمد بدر الدين"، جزاكم اللّه خيرًا، ولا أراكم اللّه مكروها في أحبائكم، شكرًا لكم جميعا إلى أن تلتقي يا نونا». وفاة جدة الفنانة إيمي سالم وودعت إيمي سالم، في أول أيام عيد الأضحى 2025، جدتها نادية محمد بدر الدين التي رحلت عن عالمنا في الساعات الأولى من صباح اليوم الجمعة. ونشرت إيمي سالم عبر حسابها بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» نبأ وفاة جدتها قائلة: «إنا لله وإنا إليه راجعون مع السلامة يا اللي ربيتي و كبرتي.. مع السلامة يا والدتي الثانية.. ربنا يرحمك و يغفرلك و يثبتك عند السؤال…ويعاملك بما هو أهله.. مع السلامة يا حتة مننا كلنا.. مع السلامة يا بركة و كبيرة العيلة. وأضافت: جدتي الحاجة ناديه محمد بدر الدين خير الله في ذمه الله اللهم اجعل دارها الجنة، وألحقنا بها و أنت راضي عنا.. أرجوكم الفاتحة و الدعاء لجدتي اقرأ أيضا: