
هل سيكتب الذكاء الاصطناعي مقالك القادم؟
أصبح الذكاء الاصطناعي في السنوات الأخيرة أكثر من مجرد أداة تقنية مساندة؛ منتقلا من هامش الاستخدام إلى مركز القرار التحريري، حيث بات يتيح للصحفيين أداء مهام كانت حتى وقت قريب تتجاوز حدود الممكن تقنيًّا وزمنيًّا. فتحليل كميات هائلة من البيانات في وقت وجيز، ورصد الأنماط الخفية داخلها، لم يعد عملًا استثنائيًّا، بل ممارسة يومية مدعومة بالخوارزميات. كذلك، أصبح بالإمكان توليد نصوص إخبارية مبدئية بسرعة ودقة، والتحقق من المعلومات المتداولة بأساليب تتفوق على البحث اليدوي، وتخصيص المحتوى لجمهور واسع متعدد الاهتمامات.
لكن الأهم من ذلك أن الذكاء الاصطناعي لم يُلغِ دور الصحفي، بل أعاد تعريفه. لم يعُد الصحفي مطالبًا فقط بجمع الحقائق، بل بتأطيرها ضمن رؤية تحليلية واعية، تسندها أدوات ذكية تُسرّع وتُعمّق في آن. تشير الدراسات إلى أن هذه التقنيات لا تضمن فقط زيادة الكفاءة، بل تفتح المجال أمام مشاريع صحفية أكثر طموحًا وامتدادًا. ومع ذلك، يبقى السؤال معلقًا في أذهان صنّاع القرار في المؤسسات الإعلامية: ما الذي يضمن استمرارية الصحافة في عصر يزداد فيه الضغط، وتتناقص فيه الثقة؟ ففي ظل مؤشرات تُظهر أن أقل من نصف القيادات الصحفية تبدي تفاؤلًا بمستقبل المهنة، يبدو واضحًا أن التحدي لم يعُد فنيًّا فقط، بل وجوديًّا أيضًا.
في هذا السياق، يصبح الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تقنية، بل خيارًا استراتيجيًا. وفي هذا المقال، نستعرض سبع حالات استخدام مركزية تُجسّد كيف يمكن للصحفيين أن يوظفوا هذه التكنولوجيا ضمن مسارات عملهم اليومية، مع تحليل للفوائد والمخاطر، وقراءة عملية لما يمكن فعله. لا بما هو مُتاح فحسب، بل بما هو ضروري.
6 أدوات تعمل بآليات الذكاء الاصطناعي تعيد تشكيل غرف الأخبار
1. تحليل البيانات الكبيرة
يقصد بتحليل البيانات الكبيرة استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل كميات ضخمة من البيانات (Big Data) المتوفرة لدى المؤسسات والصحفيين، مثل قواعد البيانات الحكومية، وسجلّات التواصل الاجتماعي، والسجلات الإحصائية. وتساعد تقنيات تعلم الآلة على اكتشاف الأنماط الخفية والتوجهات المضمرة في هذه البيانات، مما يمكّن الصحفيين من كشف قصص جديدة لم تكن لتظهر بالبحث اليدوي التقليدي.
وتشمل الفوائد الأساسية لهذا الاستخدام الكشف المبكر عن القصص، عبر تحليل بيانات ضخمة (مثل ملايين التغريدات أو استبيانات أو سجلات رسمية) بسرعة، مما يتيح اكتشاف قضايا هامة أو فضائح محتملة قبل انتشارها. بالتالي يتمكن الصحفي من توجيه تحقيقاته نحو موضوعات ذات أهمية حقيقية.
كما يساهم التحليل الآلي في دعم الاستقصاء بأدلة رقمية رصينة، ما يعزز مصداقية التقارير ويقلل من الأخطاء البشرية. على سبيل المثال، وجد تقرير شبكة الصحفيين الدوليين أن الخوارزميات المساعدة في الصحافة تستطيع «تحليل مجموعات البيانات الكبيرة وتحديد زوايا واتجاهات القصة المحتملة».
إلى جانب ذلك، بتوظيف أدوات تحليل البيانات (مثل برمجيات Python وR وقواعد بيانات ضخمة)، يمكن إنجاز مهام بحث واستعلام معقّدة في دقائق، بدلًا من ساعات أو أيام. وهذا يعطي الصحفيين وقتًا أكبر لإضفاء الطابع الإنساني والإبداعي على التقرير.
لكن ثمة تحديات رئيسية تعترض طريق تحقيق الفوائد المرجوّة من أدوات الذكاء الاصطناعي في العمل الصحفي، من أبرزها الحاجة لمهارات متخصصة، إذ إن استخدام هذه الأدوات يتطلب إلمامًا بتقنيات تحليل البيانات وتعلم الآلة. كما أن جودة البيانات ومصادرها تُمثل عائقًا آخر، حيث يعاني الصحفي في كثير من الأحيان من نقص البيانات المفتوحة أو ضعف موثوقيتها، مما قد يؤدي إلى تحليلات غير دقيقة أو منحازة.
وإلى جانب ذلك، تبرز إشكاليات الخصوصية والأخلاقيات، إذ إن استخدام قواعد بيانات ضخمة قد يثير تساؤلات قانونية ومهنية حول حماية خصوصية الأفراد وحقوقهم، الأمر الذي يتطلب التزامًا صارمًا بالأطر القانونية والمعايير الأخلاقية المعتمدة في العمل الصحفي.
ولتحقيق الفائدة المرجوة فيما يتعلق بتحليل البيانات الكبيرة؛ يمكن للصحفيين تعلم استخدام أدوات تحليل البيانات المجانية أو مفتوحة المصدر (مثل Tableau Public، وGoogle Data Studio) لربط المصادر الضخمة بالنماذج الإحصائية. كما يمكنهم التعاون مع خبراء البيانات لتطوير نماذج مخصصة تساعد في استقصاءاتهم. معظم المؤسسات الإعلامية الكبرى توفر تدريبات وورش عمل في صحافة البيانات تساعد الصحفي على تطوير هذه المهارات.
2. توليد المحتوى الآلي
توليد المحتوى الآلي يعني إنشاء نصوص إخبارية وتقارير بشكل آلي اعتمادًا على البيانات المدخلة، خاصة في المواضيع النمطية مثل التقارير المالية، الرياضية، أو ملخصات المؤتمرات الصحفية. يستخدم هذا المجال خوارزميات توليد اللغة الطبيعية (Natural Language Generation) لإنتاج نصوص مفهومة تشبه كتابة الإنسان.
ومن الفوائد البارزة تقديم غطية أوسع وأسرع، إذ يمكن إنتاج آلاف التقارير الروتينية في وقت قصير دون تدخل بشري مباشر. على سبيل المثال، تستخدم وكالة أسوشيتد برس تقنية Wordsmith (من شركة Automated Insights) لإعداد تقارير رياضية واقتصادية آليًا. وبفضل هذه التقنية، توسعت تغطية الوكالة فصارت تشمل آلاف المباريات والأرباح التي لم يكن يتم تغطيتها سابقًا.
إضافة لذلك، أدى استخدام الأتمتة إلى تحرير صنّاع المحتوى من بعض الأعمال الروتينية. وفي تقرير وكالة AP، أكد أحد مسؤولي التحرير أن الأتمتة «تُحرّر كتّابنا للتفرّغ لمهام صحفية أكثر جودة وتعقيدًا». كذلك وجدت دراسات ميدانية أن الذكاء الاصطناعي يمكّن غرف الأخبار من إنتاج محتوى أسرع وجودة مُقارنة مع السابق.
وتتفوق بعض النماذج في مسألة تخصيص أسلوب التقرير للجمهور المستهدف. فقد لاحظت تجربة Klara في منصة EXPRESS.de الألمانية ارتفاع معدلات التفاعل بفضل العناوين التي تولدها الذكاء الاصطناعي والتي تستجيب لانطباعات القراء.
ومع ذلك، فإن استخدام تقنيات توليد المحتوى بالذكاء الاصطناعي لا يخلو من تحديات ملحوظة، لعل أبرزها ما يتعلق بالمصداقية والاعتماد على البيانات؛ إذ قد يُنتج المحتوى الآلي نصوصًا تنطوي على أخطاء أو تفتقر إلى السياق العميق، وهو ما يؤثر سلبًا على ثقة الجمهور.
إضافة إلى ذلك، تبقى الحاجة قائمة إلى المراجعة البشرية، حيث يؤكد الخبراء أن المحتوى المُولَّد لا يمكن الاعتماد عليه دون تدقيق من قبل المحررين للتحقق من دقته واتساقه وجودته، وهو ما يعكس الدور الحيوي المستمر للعنصر البشري في تحرير النصوص، كما أشارت تقارير مهنية موثوقة.
أما على المستوى الأخلاقي، فيُثار جدل متزايد بشأن ملكية البيانات والمصادر المستخدمة في توليد هذا المحتوى، فضلًا عن ضرورة الانتباه إلى ألا يتحول الذكاء الاصطناعي إلى بديل شامل عن العمل الصحفي الميداني، لما يحمله ذلك من مخاطر على جودة التغطية الصحفية وعمقها الإنساني.
ويمكن للصحفيين استخدام منصات الجيل اللغوي الآلي (مثل GPT-4o وWordsmith وNarrative Science Quill) لإنتاج المسوَّدات الأولية لتقارير إحصائية أو سرد بيانات، شرط التدقيق ومراجعتها. كما يمكن توظيف الذكاء الاصطناعي في اقتراح عناوين جاذبة أو ملخصات للمقالات، مع التأكد من تمثيل الوقائع بدقة والحفاظ على الطابع التحريري المناسب.
3. التحقق من الأخبار
واحدة من أهم تحديات الإعلام الحديث هي مكافحة الأخبار الكاذبة والمضللة. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد الصحفيين في هذه المهمة عبر أدوات تحليلية قادرة على مسح كميات هائلة من البيانات والبحث عن تناقضات، أو مقارنة المحتوى بأرشيفات معلومة المصدر. فمثلًا، طورت شركات ومؤسسات إعلامية أدوات للتحقق السريع من النصوص الآلية عن طريق مقارنة الملخصات بالنص الأصلي.
وأوضحت تقارير أن أدوات التحقق المبنية على الذكاء الاصطناعي «تستطيع تدقيق المعلومات بسرعة وتحديد الأخبار الخاطئة أو المزيفة»، مما يساهم في تعزيز موثوقية الصحافة. ولذا باتت شبكات التواصل ومواقع التحقق من الادعاءات (مثل Snopes وFactCheck.org وغيرها) تستخدم خوارزميات ذكاء اصطناعي للكشف عن الأخبار الملفقة عبر البحث عن مصادر متعددة واستخلاص الحقائق.
ومع ذلك، تقول الدراسات بأن التقنيات المتاحة لتدقيق الحقائق ليست كافية بمفردها. فقد وجدت تجربة بحثية أن أدوات الذكاء الاصطناعي «تسرّع عمل مدقّقي الحقائق» إلا أنها ليست «الحل الشامل»، حيث تواجه قصورًا في لغات ذات حضور أقل أو في فهم السخرية والسياق الثقافي.
ولا تزال المصادر المعتمدة (مثل مواقع التواصل) تحتاج للتدقيق البشري، إذ قد تتضمّن الحسابات غير الموثوقة أو الاستشهاد بأخبار غير مؤكدة. لذا، يبقى الصدق الصحفي واليقظة البشرية عنصرين حاسمين؛ إذ يجب على المؤسسات الصحفية استخدام هذه الأدوات كمساعد سريع للتحقق ثم التحقق من النتائج يدويًا.
ويمكن للصحفيين استخدام ما يسمى بـ محركات التحقق الآلي مثل Google Fact Check Tools أو أدوات مثل ClaimBuster وFull Fact لتحديد الادعاءات التي تستحق التحقق. كما يمكن تدريب نماذج بسيطة (مثلًا عبر ChatGPT أو لُغات برمجة مفتوحة) للبحث عن معلومات متكررة أو خاطئة عبر الانترنت بسرعة. الأهم هو العمل ضمن فرق مختصة (أو التحالف مع منظمات التحقق المستقلة) لضمان أن يكون الاعتماد على الذكاء الاصطناعي مسؤولًا ومركَّزًا على تعزيز الدقة.
4. المساعدة في التحرير
يشمل دور الذكاء الاصطناعي في التحرير توفير مساعدات لغوية وتقنية لتسريع عملية إعداد المقالات وجعلها أكثر جاذبية. فقد انتشرت أدوات تدقيق نحوي وإملائي آلي (مثل Grammarly وLanguageTool) تستخدم الذكاء الاصطناعي لاقتراح تصحيح الأخطاء وتحسين الأسلوب. كما يُستخدم الذكاء الاصطناعي في تلخيص النصوص وتوليد نسخ بديلة، مما يساعد المحرر على صياغة محتوى ملائم للجمهور.
على سبيل المثال، تُستخدم خدمة Minutes by Nikkei (الصحيفة اليابانية) أداة ذكاء اصطناعي تسمى «Nikkei Tailor» لتلخيص أهم الأخبار التجارية. وقد وفرت هذه الأداة نحو 50% من ساعات العمل اللازمة لتحرير الأخبار، إذ تُخرج ملخّصات جاهزة للمحررين كي يركّزوا على الفحص النهائي والتنسيق. كذلك استخدمت صحيفة Clarín في الأرجنتين مساعد قراءة ذكي ('UalterAI') يقدم القارئ اختيارات بين صيغ متعددة للمحتوى (مثل نص جدولي أو سردي)، بما يزيد من تفاعل الجمهور مع الخبر.
رغم ذلك، لا تخلو هذه الأدوات من تحديات. فهي قد تفقد الدقة في الفهم السياقي أو تفتقر للنكهة الصحفية الخاصة بكل مؤسسة. فالتنقيح الذاتي للنص لا يغني عن حرص المحرر على التدقيق اليدوي، خصوصًا في الموضوعات الحساسة أو الأدبية.
ويجب على الصحفيين استخدام برامج التحرير المدعومة بالذكاء الاصطناعي للمساعدة في الصياغة الأولية للمقال، مثل الحصول على اقتراحات للعناوين أو ملخصات للمقابلات الطويلة. كما يمكن الاستعانة بخدمات تحويل النص إلى كلام (Text-to-Speech) لمراجعة المقالات شفهيًا. ومن المهم أن يحتفظ المحرر بالمرجعية النهائية للنص، فيصحِّح ويُعدّل بعد تلقي الاقتراحات الآلية ليحافظ على الأسلوب الصحفي المميز.
5. استكشاف الاتجاهات
تعتمد صناعة الأخبار بشكل متزايد على رصد اتجاهات الجمهور وتوجهات اهتمامات الناس في منصات التواصل ومحركات البحث. يوفر الذكاء الاصطناعي أدوات متقدمة لتحليل المحادثات العامة ومؤشرات البحث، مما يساعد الصحفيين على اكتشاف المواضيع الرائجة واتجاهات الرأي العام.
في الواقع، يُمكن لأنظمة تعلم الآلة تحليل آلاف التغريدات والتعليقات أو الاستعلامات عبر الإنترنت وتحديد الموضوعات التي يشهد تفاعلًا متزايدًا. وقد لاحظ خبراء في الصحافة أن هذه التقنيات تسمح بـ«تحليل مجموعات البيانات الكبيرة وتحديد زوايا واتجاهات القصة المحتملة». وبذلك، يسهل على المراسل اكتشاف قصة صحفية مهمة (مثلًا قضايا بيئية أو اقتصادية) تظهر في الذروة وقد تغيب عن الرؤية التقليدية.
فوائد هذه الحالة تكمن في رصد الأحداث العاجلة بصورة أكثر شمولية، وقياس الاهتمامات الحقيقية للقراء، وتوجيه الموارد الصحفية نحو الموضوعات الأكثر صلة. أما التحديات فهي في ضرورة التأكد من أن الموضوع المتداول حقيقةً ذو قيمة إخبارية وليس شائعة عابرة، بالإضافة إلى تجنب الاعتماد التام على صيحات زائفة تنتشر أحيانًا عبر الإنترنت.
ويستخدم الصحفيون الخبراء أدوات مثل Google Trends أو تحليلات وسائل التواصل (Twitter Trending Topics، وNewsWhip Spike، وغيرها) للعثور على ما يشغف الجمهور في لحظة محددة. يمكن كذلك توظيف خوارزميات تصنيف النصوص لاستخراج الكلمات المفتاحية الساخنة من مجموعات البيانات. وباستخدام مثل هذه الأدوات، يتمكن المحرر من تعديل خطة التغطية لنشر محتوى متماشٍ مع نبض الشارع والرغبات الفعلية للقراء.
6. تخصيص المحتوى للجمهور
وهو ما يعني توجيه الأخبار والمقالات إلى فئات محددة من القراء بناءً على اهتمامهم وسلوكهم. يساعد الذكاء الاصطناعي في فهم سلوك الجمهور وتفضيلاته عبر تحليل بيانات تفاعل القراء (مثل المقالات التي يقرؤونها أو يشاركونها). ويمكن بعدها توظيف خوارزميات التوصية لتخصيص المحتوى؛ فبدلًا من تقديم نفس الأخبار للجميع، تقوم المنصة الإخبارية بتقديم مقالات تتناسب مع اهتمامات كل قارئ.
وهذه الاستراتيجية تعزز تفاعل المستخدمين ورضاهم. فعلى سبيل المثال، طوّرت بعض المؤسسات تطبيقات ذكية (مثل مساعد الأخبار في جريدة L'Economia بإيطاليا) تقدم للمتصفح محتوى ونصائح بحث شخصية استنادًا إلى تاريخه وتفضيلاته. ويشير ذلك إلى اتجاه عام نحو زيادة التفاعل مع المحتوى بمساعدة الذكاء الاصطناعي.
أما التحديات فتتضمن مخاطر الانحياز وتقوقع الرأي ('فقاعة الترشيح' filter bubble) عند تخصيص المحتوى بشكل مبالغ فيه؛ فقد يؤدي ذلك إلى ظهور وجهات نظر متحيزة أو تكرار نفس المحتوى للمستخدم. كما يثير الأمر مسائل خصوصية، إذ تعتمد هذه التقنيات على تحليل سلوك وتفضيلات الأفراد. ولذلك يجب على المؤسسات الإعلامية وضع سياسات واضحة لحماية البيانات وشفافية في كيفية استخدام التخصيص.
يمكن للصحفيين الاستعانة بمنصّات إدارة المحتوى (CMS) التي تحتوي على مكونات ذكاء اصطناعي للتوصية الأوتوماتيكية، أو تحليل بيانات التفاعل الحالية باستخدام أدوات مثل Chartbeat أو BuzzSumo. كما يتيح تحليل التجزئة الديموغرافية بواسطة الذكاء الاصطناعي إعداد نشرات إخبارية موجهة أو تنبيهات مخصصة لكل شريحة من الجمهور. في النهاية، تكون الفكرة تكوين تجربة قراءة أكثر ملاءمة لكل فرد، مما يزيد فرص استمراره ومشاركته للمحتوى.
7. تحسين تجربة المستخدم على المنصات الصحفية
تظهر أهمية هذه الميزة في جعل تصفح الأخبار أكثر جاذبية وتفاعلية للمتابعين عبر الإنترنت. يعتمد الذكاء الاصطناعي هنا على تطوير واجهات تفاعلية وأدوات وسائط متعددة متقدمة. ومن الأمثلة البارزة روبوتات المحادثة (Chatbots) التي توفر طريقة جديدة للتفاعل مع الأخبار؛ فقد صممت بعض المؤسسات مساعدات ذكية تجيب على أسئلة القراء أو ترشدهم إلى محتوى يناسب اهتماماتهم.
فعلى سبيل المثال، أطلقت شركة Axel Springer مؤخرًا مساعدًا رقميًا باسم "Hey_" في تطبيق جريدة BILD الألمانية، يجيب على استفسارات المستخدمين ويقترح عليهم محتوى شخصيًّا في حوار تفاعلي. هذه التقنيات تخلق تجارب صحفية ديناميكية مختلفة عن الأسلوب التقليدي للقراءة الثابتة.
كما تشمل جهود تحسين تجربة المستخدم المحتوى الصوتي والمرئي المدعوم بالذكاء الاصطناعي. ففي النرويج، استخدمت محطة Aftenposten تقنية استنساخ صوت مقدِّم معروف لتحويل المقالات الكتابية إلى مقاطع صوتية بشكل آلي وفوري. ووجد النرويجيون أن هذا التوجه جعل الأخبار متاحة للأشخاص الذين يفضلون الاستماع أو يواجهون صعوبات في القراءة، مما وسّع قاعدة الجمهور. كذلك تستكشف بعض الشركات مثل Google إمكانيات تحويل المستندات إلى بودكاستات آلية تجذب المستخدمين الجدد.
بشكل عام، يساهم هذا الاستخدام في جعل المنصات الصحفية أكثر جاذبية وتفاعلية، عبر دمج عناصر الواقع المعزز والفيديو والتصميمات التفاعلية المدعومة بالذكاء الاصطناعي. من التحديات هنا ضرورة الاستثمار في تقنيات جديدة والتأكد من توافقها مع الأجهزة المختلفة، إضافة إلى تدريب فرق العمل التقنية على صيانتها.
ويستطيع الصحفيون الآن استخدام منصات إنشاء البودكاست الآلي (مثل Google's NotebookLM) لتحويل المقالات إلى محتوى صوتي جذاب. كما يمكن دمج روبوتات دردشة في مواقع الصحف أو تطبيقاتها لإجابة أسئلة القراء أو مساعدتهم في البحث عن مقالات سابقة. بمرور الوقت، تجذب هذه الابتكارات جمهورًا أوسع وتحسّن ربط القراء بالمؤسسة الإعلامية.
توجهات مستقبلية
من المتوقع أن يحظى الذكاء الاصطناعي بدور متنامٍ في مستقبل الصحافة. فعلى الصعيد التقني، تُشير أحدث الدراسات إلى أن اعتماد الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI) سيشكل ثورة في كيفية إنتاج المحتوى الإخباري، حيث يُتوقَّع أن تُستخدم نماذج أكثر تطورًا لإنتاج نصوص وصور وفيديو دون تدخل بشري كبير.ومع ذلك تنشأ تساؤلات أخلاقية حول الدقة والمصداقية وحقوق الملكية الفكرية، ما يحتم وجود آليات واضحة للمراجعة والمساءلة.
كما يبرز توجه نحو استخدام الوكلاء الأذكياء والواجهات الحوارية؛ فقد أشارت التقارير إلى تصاعد ظهور «مساعدات ذكاء اصطناعي» تفاعلية تقدم الأخبار بطرق حوارية مخصصة للمستخدمين. في الوقت ذاته، يُنظر إلى أن إدخال الذكاء الاصطناعي في محركات البحث (مثل الملخصات الآلية للمقالات) قد يغيّر مشهد توزيع الخبر، إذ قد يؤدي إلى تخفيف الزيارات المباشرة للمواقع الإخبارية إذا عوّلت التطبيقات المستقبلية على عرض المحتوى بدون الحاجة للنقر.
بالنظر إلى هذه التحولات، من الضروري أن يظل الصحفيون على اطلاع دائم بالاتجاهات التكنولوجية. يتطلب ذلك تطوير مهارات تقنية جديدة وإعداد سياسات تحريرية مرنة تتعامل مع هذه الأدوات بحذر ومسؤولية. فقد أكدت شبكة الصحفيين الدوليين أن احتضان الذكاء الاصطناعي ضمن الممارسات الصحفية «يضع غرف الأخبار في طليعة التطورات التكنولوجية»، مما يعزز قدرتها على المنافسة واستمرارها في خدمة الجمهور بكفاءة.
وفي نهاية المطاف، يبقى جوهر الصحافة الإبداعي والتحقيقي من نصيب الإنسان، حيث يكمل الذكاء الاصطناعي أدوارًا مفيدة لكنه لا يحلّ محل الحس المهني الرفيع. ولذلك، على المؤسسات الإعلامية التأكد من مواكبة تطور هذه التقنيات واستثمارها ضمن رؤى مستقبلية حكيمة، للحفاظ على مصداقيتها ولتقديم محتوى صحفي فعال ومتطور.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البوابة
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- البوابة
فرصة ذهبية للطلاب.. التدريب الصيفي من وزارة الاتصالات MCIT 2025
أعلنت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات (MCIT) عن فتح باب التقديم لبرنامج التدريب الصيفي 2025، المخصص لطلاب الجامعات المصرية في التخصصات التقنية والهندسية والإدارية ذات الصلة بمجالات تكنولوجيا المعلومات. يُعد هذا البرنامج السنوي أحد أبرز مبادرات الوزارة التي تهدف إلى تنمية المهارات الرقمية لدى طلاب الجامعات، من خلال إتاحة فرص تدريب عملية في الجهات التابعة للوزارة، مثل هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات "إيتيدا"، ومركز الإبداع التكنولوجي وريادة الأعمال "TIEC"، ومركز تقييم واعتماد هندسة البرمجيات "SECC"، وغيرهم من الكيانات الداعمة للتحول الرقمي في مصر. تفاصيل التدريب الصيفي من وزارة الاتصالات الفئة المستهدفة: طلاب الفرق الدراسية الثالثة والرابعة من كليات الحاسبات والمعلومات، والهندسة (قسم الاتصالات أو الكمبيوتر)، وإدارة الأعمال، والاقتصاد. مدة التدريب: من 3 إلى 6 أسابيع خلال شهري يوليو وأغسطس 2025. المحتوى التدريبي: يشمل التدريب مجموعة من المحاضرات وورش العمل التطبيقية في الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، تطوير البرمجيات، الحوسبة السحابية، ريادة الأعمال، والمهارات الشخصية. شهادات معتمدة: يحصل المتدربون على شهادة اجتياز من الجهات المضيفة، مع إمكانية التوصية بالتوظيف للمتميزين. خطوات التقديم الدخول إلى الموقع الرسمي لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات: تعبئة نموذج التسجيل الإلكتروني ورفع السيرة الذاتية. اختيار المجال التدريبي المطلوب والجهة المضيفة. انتظار إشعار القبول عبر البريد الإلكتروني. المواد الدراسية في التدريب الصيفي من وزارة الاتصالات يتميز برنامج التدريب الصيفي بتنوع مواده الدراسية التي تم تصميمها بعناية لتلبية احتياجات سوق العمل الرقمي، حيث يتم تقديم محتوى تدريبي متطور يشمل: مقدمة في الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة: لفهم أساسيات الخوارزميات وتحليل البيانات. الأمن السيبراني وحماية البيانات: لتأهيل الطلاب على مواجهة التهديدات الرقمية وفهم آليات تأمين الشبكات. تطوير البرمجيات وتطبيقات الويب: باستخدام لغات البرمجة الحديثة مثل Python وJavaScript، وأطر العمل مثل React و التحول الرقمي وإدارة نظم المعلومات: لتمكين الطلاب من فهم البنية التحتية الرقمية الحديثة وإدارة البيانات المؤسسية. ريادة الأعمال والابتكار التكنولوجي: لتنمية فكر المشاريع الناشئة وكيفية تحويل الأفكار إلى منتجات. مهارات العمل الجماعي والعرض التقديمي والتواصل المهني: لتعزيز الجاهزية لسوق العمل وتحسين الأداء الوظيفي المستقبلي. وتُقدم هذه المواد من خلال محاضرين محترفين من داخل الوزارة وشركائها في القطاع التكنولوجي، إلى جانب تطبيقات عملية ومشروعات تخرج مصغرة تمنح المتدربين فرصة لإثبات قدراتهم. لماذا يجب عليك التقديم؟ اكتساب مهارات عملية تؤهلك لسوق العمل. التواصل مع خبراء القطاع الرقمي في مصر. الحصول على فرص تدريب حقيقية داخل مؤسسات الدولة. التميز الأكاديمي وزيادة فرص التوظيف بعد التخرج.


أريفينو.نت
٠٨-٠٥-٢٠٢٥
- أريفينو.نت
أسرار الإلدورادو الإسباني: اكتشف المهن الذهبية التي تنتظر المغاربة في 2025!
أريفينو.نت/خاص أشارت تقارير حديثة إلى تحولات عميقة يشهدها سوق العمل في إسبانيا، مدفوعة بالتطورات التكنولوجية المتسارعة والتحديات الاقتصادية العالمية، مما يجعل تحديد المهن الواعدة ضرورة ملحة للباحثين عن فرص مهنية أو الراغبين في تغيير مساراتهم الوظيفية بالجارة الشمالية. وتبرز أهمية هذه المعرفة بشكل خاص للطلبة الجامعيين لتوجيه دراساتهم، وللمهاجرين الجدد بغية التخطيط السليم والاندماج الفعال في السوق المحلي. أفادت ذات المصادر أن الاقتصاد الإسباني، المعروف بتنوع قطاعاته الحيوية كالسياحة والصناعة والخدمات والزراعة، يركز بشكل متزايد على الاقتصاد الرقمي والتكنولوجيا المتقدمة، خاصة في أعقاب التحولات التي فرضتها جائحة كوفيد-19. وقد أدى هذا التوجه إلى خلق طلب كبير على مهارات جديدة، لا سيما في مجالات التكنولوجيا والبرمجة وتحليل البيانات. **أبرز القطاعات والمهن المطلوبة:** * **قطاع التكنولوجيا:** يُعد هذا القطاع من الأسرع نموااً والأكثر استقطاباً للمواهب. يتصدر القائمة **مطورو البرمجيات** المتخصصون في لغات مثل Java وPython وJavaScript، و**خبراء الأمن السيبراني** لحماية البنى التحتية الرقمية، بالإضافة إلى **محللي البيانات ومهندسي الذكاء الاصطناعي** القادرين على استخلاص رؤى قيمة من البيانات وتطوير نماذج تعلم آلي. * **المهن الطبية والصحية:** لا يزال الطلب مرتفعاً على الكوادر الصحية، وخصوصاً **الأطباء** في تخصصات كالطب العام والطوارئ وطب الأسرة والشيخوخة. كما تشتد الحاجة إلى **الممرضين والممرضات** في المستشفيات ودور الرعاية، و**الأخصائيين في الرعاية النفسية والعلاج الطبيعي** مع تزايد الوعي بأهمية الصحة النفسية والجسدية. * **المهن التعليمية والتربوية:** يشهد قطاع التعليم طلباً على **معلمي اللغات الأجنبية** (خاصة الإنجليزية والفرنسية والألمانية) في المدارس الدولية والمعاهد الخاصة، و**مدربي المهارات المهنية والتقنية** في مجالات الحرف اليدوية وتكنولوجيا المعلومات وإدارة المشاريع. * **المهن الحرفية واليدوية:** رغم التقدم التكنولوجي، لا يزال هناك نقص في اليد العاملة المؤهلة في مهن مثل **فنيي الكهرباء والسباكة**، و**عمال البناء والنجارة**، خاصة مع استمرار التوسع العمراني ومشاريع التجديد. * **قطاع الخدمات والسياحة:** كونه عصب الاقتصاد الإسباني، يوفر هذا القطاع فرصاً مستمرة لـ **موظفي الفنادق والاستقبال** ذوي المهارات اللغوية، و**الطهاة المحترفين** القادرين على الإبداع وتقديم مأكولات متنوعة. * **قطاع النقل واللوجستيات:** مع نمو التجارة الإلكترونية، يزداد الطلب على **سائقي الشاحنات الثقيلة** الحاصلين على الرخص المهنية، و**عمال المستودعات وسلاسل الإمداد** لتنظيم حركة البضائع. * **المهن المالية والإدارية:** تحتاج المؤسسات باستمرار إلى **محاسبين** ملمين بالتشريعات الضريبية الإسبانية وبرامج المحاسبة، و**مدراء موارد بشرية** ذوي خبرة في إدارة شؤون الموظفين وقانون العمل. * **مهن العمل الحر والعمل عن بعد:** تبرز فرص واعدة لـ **مصممي الجرافيك** المتقنين لبرامج التصميم، و**كتاب المحتوى الرقمي ومسوقي وسائل التواصل الاجتماعي** القادرين على إدارة الحملات الترويجية وتحسين محركات البحث. **عوامل زيادة الطلب ونصائح للباحثين عن عمل:** أرجعت التحليلات هذا الطلب المتزايد إلى التحولات الاقتصادية والتكنولوجية، التغيرات الديموغرافية كشيخوخة السكان، التوسع العمراني، والاعتماد المتزايد على الرقمنة. كما ساهم انتعاش قطاع السياحة والخدمات ومشاريع البنية التحتية والتحول البيئي في دعم هذا الاتجاه. وللراغبين في الحصول على وظيفة في إسبانيا، أوصت المصادر بضرورة إعداد سيرة ذاتية احترافية ورسالة تحفيزية باللغة الإسبانية، والتأكد من معادلة الشهادات الأجنبية إذا لزم الأمر. ويُعد إتقان اللغة الإسبانية عاملاً حاسماً في معظم الوظائف، مع أهمية الشهادات المعترف بها مثل DELE أو SIELE. ومن بين المدن التي توفر فرصاً واعدة، تبرز مدريد كمركز اقتصادي، وبرشلونة كقطب للابتكار الرقمي، بالإضافة إلى فالنسيا، إشبيلية، ملقة، وبلباو التي تتميز في قطاعات متنوعة. ويتوقع المراقبون أن يشهد سوق العمل الإسباني استمراراً في الطلب على وظائف الذكاء الاصطناعي، تحليل البيانات، الأمن السيبراني، المهن الصحية، والمهن المرتبطة بالاقتصاد الأخضر، مع نمو مطرد في أنماط العمل عن بعد والعمل الحر.


الدستور
٠٦-٠٥-٢٠٢٥
- الدستور
هل سيكتب الذكاء الاصطناعي مقالك القادم؟
أصبح الذكاء الاصطناعي في السنوات الأخيرة أكثر من مجرد أداة تقنية مساندة؛ منتقلا من هامش الاستخدام إلى مركز القرار التحريري، حيث بات يتيح للصحفيين أداء مهام كانت حتى وقت قريب تتجاوز حدود الممكن تقنيًّا وزمنيًّا. فتحليل كميات هائلة من البيانات في وقت وجيز، ورصد الأنماط الخفية داخلها، لم يعد عملًا استثنائيًّا، بل ممارسة يومية مدعومة بالخوارزميات. كذلك، أصبح بالإمكان توليد نصوص إخبارية مبدئية بسرعة ودقة، والتحقق من المعلومات المتداولة بأساليب تتفوق على البحث اليدوي، وتخصيص المحتوى لجمهور واسع متعدد الاهتمامات. لكن الأهم من ذلك أن الذكاء الاصطناعي لم يُلغِ دور الصحفي، بل أعاد تعريفه. لم يعُد الصحفي مطالبًا فقط بجمع الحقائق، بل بتأطيرها ضمن رؤية تحليلية واعية، تسندها أدوات ذكية تُسرّع وتُعمّق في آن. تشير الدراسات إلى أن هذه التقنيات لا تضمن فقط زيادة الكفاءة، بل تفتح المجال أمام مشاريع صحفية أكثر طموحًا وامتدادًا. ومع ذلك، يبقى السؤال معلقًا في أذهان صنّاع القرار في المؤسسات الإعلامية: ما الذي يضمن استمرارية الصحافة في عصر يزداد فيه الضغط، وتتناقص فيه الثقة؟ ففي ظل مؤشرات تُظهر أن أقل من نصف القيادات الصحفية تبدي تفاؤلًا بمستقبل المهنة، يبدو واضحًا أن التحدي لم يعُد فنيًّا فقط، بل وجوديًّا أيضًا. في هذا السياق، يصبح الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تقنية، بل خيارًا استراتيجيًا. وفي هذا المقال، نستعرض سبع حالات استخدام مركزية تُجسّد كيف يمكن للصحفيين أن يوظفوا هذه التكنولوجيا ضمن مسارات عملهم اليومية، مع تحليل للفوائد والمخاطر، وقراءة عملية لما يمكن فعله. لا بما هو مُتاح فحسب، بل بما هو ضروري. 6 أدوات تعمل بآليات الذكاء الاصطناعي تعيد تشكيل غرف الأخبار 1. تحليل البيانات الكبيرة يقصد بتحليل البيانات الكبيرة استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل كميات ضخمة من البيانات (Big Data) المتوفرة لدى المؤسسات والصحفيين، مثل قواعد البيانات الحكومية، وسجلّات التواصل الاجتماعي، والسجلات الإحصائية. وتساعد تقنيات تعلم الآلة على اكتشاف الأنماط الخفية والتوجهات المضمرة في هذه البيانات، مما يمكّن الصحفيين من كشف قصص جديدة لم تكن لتظهر بالبحث اليدوي التقليدي. وتشمل الفوائد الأساسية لهذا الاستخدام الكشف المبكر عن القصص، عبر تحليل بيانات ضخمة (مثل ملايين التغريدات أو استبيانات أو سجلات رسمية) بسرعة، مما يتيح اكتشاف قضايا هامة أو فضائح محتملة قبل انتشارها. بالتالي يتمكن الصحفي من توجيه تحقيقاته نحو موضوعات ذات أهمية حقيقية. كما يساهم التحليل الآلي في دعم الاستقصاء بأدلة رقمية رصينة، ما يعزز مصداقية التقارير ويقلل من الأخطاء البشرية. على سبيل المثال، وجد تقرير شبكة الصحفيين الدوليين أن الخوارزميات المساعدة في الصحافة تستطيع «تحليل مجموعات البيانات الكبيرة وتحديد زوايا واتجاهات القصة المحتملة». إلى جانب ذلك، بتوظيف أدوات تحليل البيانات (مثل برمجيات Python وR وقواعد بيانات ضخمة)، يمكن إنجاز مهام بحث واستعلام معقّدة في دقائق، بدلًا من ساعات أو أيام. وهذا يعطي الصحفيين وقتًا أكبر لإضفاء الطابع الإنساني والإبداعي على التقرير. لكن ثمة تحديات رئيسية تعترض طريق تحقيق الفوائد المرجوّة من أدوات الذكاء الاصطناعي في العمل الصحفي، من أبرزها الحاجة لمهارات متخصصة، إذ إن استخدام هذه الأدوات يتطلب إلمامًا بتقنيات تحليل البيانات وتعلم الآلة. كما أن جودة البيانات ومصادرها تُمثل عائقًا آخر، حيث يعاني الصحفي في كثير من الأحيان من نقص البيانات المفتوحة أو ضعف موثوقيتها، مما قد يؤدي إلى تحليلات غير دقيقة أو منحازة. وإلى جانب ذلك، تبرز إشكاليات الخصوصية والأخلاقيات، إذ إن استخدام قواعد بيانات ضخمة قد يثير تساؤلات قانونية ومهنية حول حماية خصوصية الأفراد وحقوقهم، الأمر الذي يتطلب التزامًا صارمًا بالأطر القانونية والمعايير الأخلاقية المعتمدة في العمل الصحفي. ولتحقيق الفائدة المرجوة فيما يتعلق بتحليل البيانات الكبيرة؛ يمكن للصحفيين تعلم استخدام أدوات تحليل البيانات المجانية أو مفتوحة المصدر (مثل Tableau Public، وGoogle Data Studio) لربط المصادر الضخمة بالنماذج الإحصائية. كما يمكنهم التعاون مع خبراء البيانات لتطوير نماذج مخصصة تساعد في استقصاءاتهم. معظم المؤسسات الإعلامية الكبرى توفر تدريبات وورش عمل في صحافة البيانات تساعد الصحفي على تطوير هذه المهارات. 2. توليد المحتوى الآلي توليد المحتوى الآلي يعني إنشاء نصوص إخبارية وتقارير بشكل آلي اعتمادًا على البيانات المدخلة، خاصة في المواضيع النمطية مثل التقارير المالية، الرياضية، أو ملخصات المؤتمرات الصحفية. يستخدم هذا المجال خوارزميات توليد اللغة الطبيعية (Natural Language Generation) لإنتاج نصوص مفهومة تشبه كتابة الإنسان. ومن الفوائد البارزة تقديم غطية أوسع وأسرع، إذ يمكن إنتاج آلاف التقارير الروتينية في وقت قصير دون تدخل بشري مباشر. على سبيل المثال، تستخدم وكالة أسوشيتد برس تقنية Wordsmith (من شركة Automated Insights) لإعداد تقارير رياضية واقتصادية آليًا. وبفضل هذه التقنية، توسعت تغطية الوكالة فصارت تشمل آلاف المباريات والأرباح التي لم يكن يتم تغطيتها سابقًا. إضافة لذلك، أدى استخدام الأتمتة إلى تحرير صنّاع المحتوى من بعض الأعمال الروتينية. وفي تقرير وكالة AP، أكد أحد مسؤولي التحرير أن الأتمتة «تُحرّر كتّابنا للتفرّغ لمهام صحفية أكثر جودة وتعقيدًا». كذلك وجدت دراسات ميدانية أن الذكاء الاصطناعي يمكّن غرف الأخبار من إنتاج محتوى أسرع وجودة مُقارنة مع السابق. وتتفوق بعض النماذج في مسألة تخصيص أسلوب التقرير للجمهور المستهدف. فقد لاحظت تجربة Klara في منصة الألمانية ارتفاع معدلات التفاعل بفضل العناوين التي تولدها الذكاء الاصطناعي والتي تستجيب لانطباعات القراء. ومع ذلك، فإن استخدام تقنيات توليد المحتوى بالذكاء الاصطناعي لا يخلو من تحديات ملحوظة، لعل أبرزها ما يتعلق بالمصداقية والاعتماد على البيانات؛ إذ قد يُنتج المحتوى الآلي نصوصًا تنطوي على أخطاء أو تفتقر إلى السياق العميق، وهو ما يؤثر سلبًا على ثقة الجمهور. إضافة إلى ذلك، تبقى الحاجة قائمة إلى المراجعة البشرية، حيث يؤكد الخبراء أن المحتوى المُولَّد لا يمكن الاعتماد عليه دون تدقيق من قبل المحررين للتحقق من دقته واتساقه وجودته، وهو ما يعكس الدور الحيوي المستمر للعنصر البشري في تحرير النصوص، كما أشارت تقارير مهنية موثوقة. أما على المستوى الأخلاقي، فيُثار جدل متزايد بشأن ملكية البيانات والمصادر المستخدمة في توليد هذا المحتوى، فضلًا عن ضرورة الانتباه إلى ألا يتحول الذكاء الاصطناعي إلى بديل شامل عن العمل الصحفي الميداني، لما يحمله ذلك من مخاطر على جودة التغطية الصحفية وعمقها الإنساني. ويمكن للصحفيين استخدام منصات الجيل اللغوي الآلي (مثل GPT-4o وWordsmith وNarrative Science Quill) لإنتاج المسوَّدات الأولية لتقارير إحصائية أو سرد بيانات، شرط التدقيق ومراجعتها. كما يمكن توظيف الذكاء الاصطناعي في اقتراح عناوين جاذبة أو ملخصات للمقالات، مع التأكد من تمثيل الوقائع بدقة والحفاظ على الطابع التحريري المناسب. 3. التحقق من الأخبار واحدة من أهم تحديات الإعلام الحديث هي مكافحة الأخبار الكاذبة والمضللة. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد الصحفيين في هذه المهمة عبر أدوات تحليلية قادرة على مسح كميات هائلة من البيانات والبحث عن تناقضات، أو مقارنة المحتوى بأرشيفات معلومة المصدر. فمثلًا، طورت شركات ومؤسسات إعلامية أدوات للتحقق السريع من النصوص الآلية عن طريق مقارنة الملخصات بالنص الأصلي. وأوضحت تقارير أن أدوات التحقق المبنية على الذكاء الاصطناعي «تستطيع تدقيق المعلومات بسرعة وتحديد الأخبار الخاطئة أو المزيفة»، مما يساهم في تعزيز موثوقية الصحافة. ولذا باتت شبكات التواصل ومواقع التحقق من الادعاءات (مثل Snopes و وغيرها) تستخدم خوارزميات ذكاء اصطناعي للكشف عن الأخبار الملفقة عبر البحث عن مصادر متعددة واستخلاص الحقائق. ومع ذلك، تقول الدراسات بأن التقنيات المتاحة لتدقيق الحقائق ليست كافية بمفردها. فقد وجدت تجربة بحثية أن أدوات الذكاء الاصطناعي «تسرّع عمل مدقّقي الحقائق» إلا أنها ليست «الحل الشامل»، حيث تواجه قصورًا في لغات ذات حضور أقل أو في فهم السخرية والسياق الثقافي. ولا تزال المصادر المعتمدة (مثل مواقع التواصل) تحتاج للتدقيق البشري، إذ قد تتضمّن الحسابات غير الموثوقة أو الاستشهاد بأخبار غير مؤكدة. لذا، يبقى الصدق الصحفي واليقظة البشرية عنصرين حاسمين؛ إذ يجب على المؤسسات الصحفية استخدام هذه الأدوات كمساعد سريع للتحقق ثم التحقق من النتائج يدويًا. ويمكن للصحفيين استخدام ما يسمى بـ محركات التحقق الآلي مثل Google Fact Check Tools أو أدوات مثل ClaimBuster وFull Fact لتحديد الادعاءات التي تستحق التحقق. كما يمكن تدريب نماذج بسيطة (مثلًا عبر ChatGPT أو لُغات برمجة مفتوحة) للبحث عن معلومات متكررة أو خاطئة عبر الانترنت بسرعة. الأهم هو العمل ضمن فرق مختصة (أو التحالف مع منظمات التحقق المستقلة) لضمان أن يكون الاعتماد على الذكاء الاصطناعي مسؤولًا ومركَّزًا على تعزيز الدقة. 4. المساعدة في التحرير يشمل دور الذكاء الاصطناعي في التحرير توفير مساعدات لغوية وتقنية لتسريع عملية إعداد المقالات وجعلها أكثر جاذبية. فقد انتشرت أدوات تدقيق نحوي وإملائي آلي (مثل Grammarly وLanguageTool) تستخدم الذكاء الاصطناعي لاقتراح تصحيح الأخطاء وتحسين الأسلوب. كما يُستخدم الذكاء الاصطناعي في تلخيص النصوص وتوليد نسخ بديلة، مما يساعد المحرر على صياغة محتوى ملائم للجمهور. على سبيل المثال، تُستخدم خدمة Minutes by Nikkei (الصحيفة اليابانية) أداة ذكاء اصطناعي تسمى «Nikkei Tailor» لتلخيص أهم الأخبار التجارية. وقد وفرت هذه الأداة نحو 50% من ساعات العمل اللازمة لتحرير الأخبار، إذ تُخرج ملخّصات جاهزة للمحررين كي يركّزوا على الفحص النهائي والتنسيق. كذلك استخدمت صحيفة Clarín في الأرجنتين مساعد قراءة ذكي ('UalterAI') يقدم القارئ اختيارات بين صيغ متعددة للمحتوى (مثل نص جدولي أو سردي)، بما يزيد من تفاعل الجمهور مع الخبر. رغم ذلك، لا تخلو هذه الأدوات من تحديات. فهي قد تفقد الدقة في الفهم السياقي أو تفتقر للنكهة الصحفية الخاصة بكل مؤسسة. فالتنقيح الذاتي للنص لا يغني عن حرص المحرر على التدقيق اليدوي، خصوصًا في الموضوعات الحساسة أو الأدبية. ويجب على الصحفيين استخدام برامج التحرير المدعومة بالذكاء الاصطناعي للمساعدة في الصياغة الأولية للمقال، مثل الحصول على اقتراحات للعناوين أو ملخصات للمقابلات الطويلة. كما يمكن الاستعانة بخدمات تحويل النص إلى كلام (Text-to-Speech) لمراجعة المقالات شفهيًا. ومن المهم أن يحتفظ المحرر بالمرجعية النهائية للنص، فيصحِّح ويُعدّل بعد تلقي الاقتراحات الآلية ليحافظ على الأسلوب الصحفي المميز. 5. استكشاف الاتجاهات تعتمد صناعة الأخبار بشكل متزايد على رصد اتجاهات الجمهور وتوجهات اهتمامات الناس في منصات التواصل ومحركات البحث. يوفر الذكاء الاصطناعي أدوات متقدمة لتحليل المحادثات العامة ومؤشرات البحث، مما يساعد الصحفيين على اكتشاف المواضيع الرائجة واتجاهات الرأي العام. في الواقع، يُمكن لأنظمة تعلم الآلة تحليل آلاف التغريدات والتعليقات أو الاستعلامات عبر الإنترنت وتحديد الموضوعات التي يشهد تفاعلًا متزايدًا. وقد لاحظ خبراء في الصحافة أن هذه التقنيات تسمح بـ«تحليل مجموعات البيانات الكبيرة وتحديد زوايا واتجاهات القصة المحتملة». وبذلك، يسهل على المراسل اكتشاف قصة صحفية مهمة (مثلًا قضايا بيئية أو اقتصادية) تظهر في الذروة وقد تغيب عن الرؤية التقليدية. فوائد هذه الحالة تكمن في رصد الأحداث العاجلة بصورة أكثر شمولية، وقياس الاهتمامات الحقيقية للقراء، وتوجيه الموارد الصحفية نحو الموضوعات الأكثر صلة. أما التحديات فهي في ضرورة التأكد من أن الموضوع المتداول حقيقةً ذو قيمة إخبارية وليس شائعة عابرة، بالإضافة إلى تجنب الاعتماد التام على صيحات زائفة تنتشر أحيانًا عبر الإنترنت. ويستخدم الصحفيون الخبراء أدوات مثل Google Trends أو تحليلات وسائل التواصل (Twitter Trending Topics، وNewsWhip Spike، وغيرها) للعثور على ما يشغف الجمهور في لحظة محددة. يمكن كذلك توظيف خوارزميات تصنيف النصوص لاستخراج الكلمات المفتاحية الساخنة من مجموعات البيانات. وباستخدام مثل هذه الأدوات، يتمكن المحرر من تعديل خطة التغطية لنشر محتوى متماشٍ مع نبض الشارع والرغبات الفعلية للقراء. 6. تخصيص المحتوى للجمهور وهو ما يعني توجيه الأخبار والمقالات إلى فئات محددة من القراء بناءً على اهتمامهم وسلوكهم. يساعد الذكاء الاصطناعي في فهم سلوك الجمهور وتفضيلاته عبر تحليل بيانات تفاعل القراء (مثل المقالات التي يقرؤونها أو يشاركونها). ويمكن بعدها توظيف خوارزميات التوصية لتخصيص المحتوى؛ فبدلًا من تقديم نفس الأخبار للجميع، تقوم المنصة الإخبارية بتقديم مقالات تتناسب مع اهتمامات كل قارئ. وهذه الاستراتيجية تعزز تفاعل المستخدمين ورضاهم. فعلى سبيل المثال، طوّرت بعض المؤسسات تطبيقات ذكية (مثل مساعد الأخبار في جريدة L'Economia بإيطاليا) تقدم للمتصفح محتوى ونصائح بحث شخصية استنادًا إلى تاريخه وتفضيلاته. ويشير ذلك إلى اتجاه عام نحو زيادة التفاعل مع المحتوى بمساعدة الذكاء الاصطناعي. أما التحديات فتتضمن مخاطر الانحياز وتقوقع الرأي ('فقاعة الترشيح' filter bubble) عند تخصيص المحتوى بشكل مبالغ فيه؛ فقد يؤدي ذلك إلى ظهور وجهات نظر متحيزة أو تكرار نفس المحتوى للمستخدم. كما يثير الأمر مسائل خصوصية، إذ تعتمد هذه التقنيات على تحليل سلوك وتفضيلات الأفراد. ولذلك يجب على المؤسسات الإعلامية وضع سياسات واضحة لحماية البيانات وشفافية في كيفية استخدام التخصيص. يمكن للصحفيين الاستعانة بمنصّات إدارة المحتوى (CMS) التي تحتوي على مكونات ذكاء اصطناعي للتوصية الأوتوماتيكية، أو تحليل بيانات التفاعل الحالية باستخدام أدوات مثل Chartbeat أو BuzzSumo. كما يتيح تحليل التجزئة الديموغرافية بواسطة الذكاء الاصطناعي إعداد نشرات إخبارية موجهة أو تنبيهات مخصصة لكل شريحة من الجمهور. في النهاية، تكون الفكرة تكوين تجربة قراءة أكثر ملاءمة لكل فرد، مما يزيد فرص استمراره ومشاركته للمحتوى. 7. تحسين تجربة المستخدم على المنصات الصحفية تظهر أهمية هذه الميزة في جعل تصفح الأخبار أكثر جاذبية وتفاعلية للمتابعين عبر الإنترنت. يعتمد الذكاء الاصطناعي هنا على تطوير واجهات تفاعلية وأدوات وسائط متعددة متقدمة. ومن الأمثلة البارزة روبوتات المحادثة (Chatbots) التي توفر طريقة جديدة للتفاعل مع الأخبار؛ فقد صممت بعض المؤسسات مساعدات ذكية تجيب على أسئلة القراء أو ترشدهم إلى محتوى يناسب اهتماماتهم. فعلى سبيل المثال، أطلقت شركة Axel Springer مؤخرًا مساعدًا رقميًا باسم "Hey_" في تطبيق جريدة BILD الألمانية، يجيب على استفسارات المستخدمين ويقترح عليهم محتوى شخصيًّا في حوار تفاعلي. هذه التقنيات تخلق تجارب صحفية ديناميكية مختلفة عن الأسلوب التقليدي للقراءة الثابتة. كما تشمل جهود تحسين تجربة المستخدم المحتوى الصوتي والمرئي المدعوم بالذكاء الاصطناعي. ففي النرويج، استخدمت محطة Aftenposten تقنية استنساخ صوت مقدِّم معروف لتحويل المقالات الكتابية إلى مقاطع صوتية بشكل آلي وفوري. ووجد النرويجيون أن هذا التوجه جعل الأخبار متاحة للأشخاص الذين يفضلون الاستماع أو يواجهون صعوبات في القراءة، مما وسّع قاعدة الجمهور. كذلك تستكشف بعض الشركات مثل Google إمكانيات تحويل المستندات إلى بودكاستات آلية تجذب المستخدمين الجدد. بشكل عام، يساهم هذا الاستخدام في جعل المنصات الصحفية أكثر جاذبية وتفاعلية، عبر دمج عناصر الواقع المعزز والفيديو والتصميمات التفاعلية المدعومة بالذكاء الاصطناعي. من التحديات هنا ضرورة الاستثمار في تقنيات جديدة والتأكد من توافقها مع الأجهزة المختلفة، إضافة إلى تدريب فرق العمل التقنية على صيانتها. ويستطيع الصحفيون الآن استخدام منصات إنشاء البودكاست الآلي (مثل Google's NotebookLM) لتحويل المقالات إلى محتوى صوتي جذاب. كما يمكن دمج روبوتات دردشة في مواقع الصحف أو تطبيقاتها لإجابة أسئلة القراء أو مساعدتهم في البحث عن مقالات سابقة. بمرور الوقت، تجذب هذه الابتكارات جمهورًا أوسع وتحسّن ربط القراء بالمؤسسة الإعلامية. توجهات مستقبلية من المتوقع أن يحظى الذكاء الاصطناعي بدور متنامٍ في مستقبل الصحافة. فعلى الصعيد التقني، تُشير أحدث الدراسات إلى أن اعتماد الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI) سيشكل ثورة في كيفية إنتاج المحتوى الإخباري، حيث يُتوقَّع أن تُستخدم نماذج أكثر تطورًا لإنتاج نصوص وصور وفيديو دون تدخل بشري كبير.ومع ذلك تنشأ تساؤلات أخلاقية حول الدقة والمصداقية وحقوق الملكية الفكرية، ما يحتم وجود آليات واضحة للمراجعة والمساءلة. كما يبرز توجه نحو استخدام الوكلاء الأذكياء والواجهات الحوارية؛ فقد أشارت التقارير إلى تصاعد ظهور «مساعدات ذكاء اصطناعي» تفاعلية تقدم الأخبار بطرق حوارية مخصصة للمستخدمين. في الوقت ذاته، يُنظر إلى أن إدخال الذكاء الاصطناعي في محركات البحث (مثل الملخصات الآلية للمقالات) قد يغيّر مشهد توزيع الخبر، إذ قد يؤدي إلى تخفيف الزيارات المباشرة للمواقع الإخبارية إذا عوّلت التطبيقات المستقبلية على عرض المحتوى بدون الحاجة للنقر. بالنظر إلى هذه التحولات، من الضروري أن يظل الصحفيون على اطلاع دائم بالاتجاهات التكنولوجية. يتطلب ذلك تطوير مهارات تقنية جديدة وإعداد سياسات تحريرية مرنة تتعامل مع هذه الأدوات بحذر ومسؤولية. فقد أكدت شبكة الصحفيين الدوليين أن احتضان الذكاء الاصطناعي ضمن الممارسات الصحفية «يضع غرف الأخبار في طليعة التطورات التكنولوجية»، مما يعزز قدرتها على المنافسة واستمرارها في خدمة الجمهور بكفاءة. وفي نهاية المطاف، يبقى جوهر الصحافة الإبداعي والتحقيقي من نصيب الإنسان، حيث يكمل الذكاء الاصطناعي أدوارًا مفيدة لكنه لا يحلّ محل الحس المهني الرفيع. ولذلك، على المؤسسات الإعلامية التأكد من مواكبة تطور هذه التقنيات واستثمارها ضمن رؤى مستقبلية حكيمة، للحفاظ على مصداقيتها ولتقديم محتوى صحفي فعال ومتطور.