
محمد عبد الله عتيبي.. حروف عربية تشتبك بالأقنعة الإفريقية
ولد عتيبي في الدويم، في ولاية النيل الأبيض عام 1948، وتخرّج من كلية الفنون الجميلة والتطبيقية في الخرطوم. عمل أستاذاً متعاوناً في كلية الموسيقى والدراما لاحقاً. فاز بجوائز عدّة في الشارقة والكويت والقاهرة وعمان.
كما شارك في عشرات المعارض التشكيلية داخل وخارج السودان، وتم اختياره عضواً في عدد من لجان التحكيم.
يعمل عتيبي عادة في النهار، "حين تكون الشمس في كامل سطوعها والألوان على حقيقتها"، ويستمدّ جذوة فنّه من معطيات سودانية عدّة، من بينها الأضرحة "الصوفية"، لكنه يعتقد أن التشكيل في بلاده لا يحظى بالاهتمام الكافي.
كيف تشكلت ذائقتك الفنية باكراً، ومن ثم اجتذبتك الفرشاة والألوان إلى هذا العالم؟
عشت حتى العاشرة في مدينة أم درمان، وهي مدينة زاخرة بالصور الشعبية، والقبائل السودانية بأزيائها وثقافاتها وفنونها. كنت أنهل من كل ذلك وأختزنه في ذاكرتي، وظهر لاحقاً على شكل أعمال فنية.
هل من محطات كبرى في تجربتك الطويلة وكيف تشكّل تكوينك المعرفي والإبداعي؟
حين كنت طالباً في مدرسة "خور طقت" الثانوية في كردفان، خلال ستينيات القرن الماضي، وقع بين يدي كتاب من مدرسة "الانطباعيين الفرنسيين"، ووجدت فيه أعمالاً لمعظم الفنانين الانطباعيين، مثل مونييه، مانيه، رينوار، ديغا. أكثر من ثلاثين فناناً أعجبت بأعمالهم، وصار هذا الكتاب مفتاحاً لمجمل الفن التشكيلي.
ماذا تعني لك الوجوه وما الذي تمثّله، وكيف تراها بمخيّلة الفنان؟
هي دلالة على الاختلاف في السحنات والإثنيات التي تعيش في بقعة جغرافية واحدة، وتعبير عن الهوية والوحدة في التنوّع. استخدمت هذه الوجوه لما يعرف بالقناع الإفريقي، وظهرت من خلاله أشكال وألوان في غاية الجمال، للتعبير عن الطقوس والاحتفالات الإفريقية المختلفة.
الملامح السودانية كثيراً ما تظهر في أعمالك كذلك الطقوس والأمكنة والرموز وغيرها إنما من زاوية نظر مختلفة.
كثيراً ما استعمل الرموز التي ذكرتها، باعتبارها مفردات أستطيع من خلالها صياغة مشاهد وتكوينات جديدة، وإعادة ترتيب العالم من الفوضى، على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي.
حضور المرأة كبير في أعمالك، من زاوية فلسفية كيف تراها، ولماذا هي حاضرة إلى هذا الحد؟
المرأة هي رفيقة الرجل في دروب العمر، تهِب الحياة للطفل بالحمل والولادة والرعاية حتى يشتدّ عوده ويصير رجلاً، وهي الأم والزوجة والأخت. رحلت زوجتي قبل بضع سنوات، وتركت الكثير من الحزن، لذلك ظهر في أعمالي هذا الحضور المتواصل.
يبرز "الأبيض والأسود" في بعض أعمالك، هل من رمزية محددة لانتقاء هذين اللونين؟
اللونان الأبيض والأسود يمثّلان الأضداد في الحياة، والليل والنهار. ويمكن أن يشكّلا عملاً فنياً راقياً بإضافة اللون الرمادي، وهو لون محايد لكن وجوده مهم بالنسبة للألوان الأخرى.
تتنوّع أعمالك بين السريالية بطابع سودانوي و"الحروفية" ومدارس فنيّة أخرى، وكأنك لم تعتنق مدرسة واحدة بل ربما هي مدرسة خاصة؟
جرّبت كل المدارس الفنية من الواقعية وحتى التجريد، لكن المدرسة التي اشتغلت عليها كثيراً بطابع سودانوي، هي "مدرسة الخرطوم" التي تحوّلت إلى "مدرسة الواحد"، وهي المعادل النظري لها. فمدرسة الخرطوم لم يصدر لها بيان او اتفاق بين العاملين على هديّها، وأبرزهم شبرين والصلحي. إنها مدرسة قائمة على اشتباك الحرف العربي والأرابيسك بالزخارف والأقنعة الإفريقية، لإبراز اللوحة سودانية، ويمتد ذلك إلى ضروب الفنون الأخرى.
كيف تجري عملية "الإلهام" في لوحة ما، هل هي نتيجة الملاحظة والرغبة في التجريب أم وليدة لحظتها؟
أقف أمام اللوحة البيضاء فتستفزني، فأبدأ بالنقطة والخط والمساحة. وأثناء ذلك تتداعى الأفكار والذكريات، مصحوبتين بالمخزون البصري منذ الطفولة وحتى الآن. أعمل على أن تكون اللوحة جاذبة من ناحية التصميم والتلوين، وأن تكون معبّرة عني وعن البيئة التي أعيش فيها، مع الانفتاح على الفضاء الإنساني.
هل من طقوس تمارسها أثناء العمل مثل التأمل أو العزلة؟
أعمل عادة في منتصف النهار، حين تكون الشمس في كامل سطوعها و"الألوان على حقيقتها". أحب كذلك سماع الموسيقى الكلاسيكية أثناء عملي، والأغاني السودانية وأغاني "الزمن الجميل" و"الحقيبة". الموسيقى تساعد على التركيز وتتكامل مع العمل التشكيلي.
هل يختبئ التصوّف الفلسفي في ركن من روح كل فنان؟
نعم اعتدت الذهاب إلى ضريح الشيخ حمد النيل في أم درمان عصر كل جمعة، لحضور مظاهر الذكر. شيء أشبه بالمسرح واللوحات المتحركة والإيقاعات والمدائح والأزياء والألوان والاخضر الطاغي.
لا يقتصر الأمر على التشكيليين فقط، فالمسرحيون والشعراء والأجانب والمصوّرون وغيرهم، يهزهم الشوق والطرب، فيدخلون إلى حلقة الذكر ويتجاوبون مع الإيقاعات. لكن الصوفية أعمق من ذلك، في محبة الله ورسوله، كما نقول بالدارجة السودانية: "الما عنده محبة ما عنده الحبة".
يرى البعض أن التشكيل السوداني بمدارسه المختلفة والذاكرة البصرية المتخمة و"التجريب" لم يحظ بالاهتمام كما الفنون الأخرى لماذا؟
التشكيل السوداني متقدّم ومنتشر في كل القارات، من خلال أعمال فنانين مميّزين. أعتقد أن سبب عدم اهتمام المسؤولين والجمهور، يعود إلى عدم إدراكهم أهمية التشكيل ودوره في حفظ تراث الأمّة، فضلاً عن التربية الفنية منذ الصغر، والبنية التحتية اللازمة لإبراز الأعمال الفنية.
هل تنطبع في ذاكرة التشكيليين السودانيين "ذائقة فنيّة" موغلة في القدم منذ نقوش ورسومات وأعمال مملكة "كوش"؟
جاءت بعد مملكة "كوش" عدة ممالك مسيحية منها "المقرة" و"علوة" و"سوبا"، وكلها لها فنونها التي أثّرت في أجيال الفنانين لاحقاً، من رسومات ونقوش ومنحوتات ورموز، مثل مفتاح الحياة، والصور الجانبية للشخوص، وبعض أشكال الهيروغليفية، واللوحات المسيحية المبذولة في المتاحف و"دمّرتها الحرب".
حرب السودان الحالية لها خصوصيتها وأثرها العميق. كيف تنظر إليها كإنسان وفنان؟
هي أشبه باجتياح المغول لبغداد، والسلب والنهب وتدمير البنية التحتية للدولة، من منازل السكان والأعيان المدنية، من مستشفيات وجامعات ومكتبات ومتاحف. والحرب سجال، وهي لم تنته بعد.
كيف انعكس كل ذلك على أعمالك؟
أنجزت 4 أعمال طوال الحرب هذه، ومن المحتمل أن أنجز أعمالاً أخرى.
ما العلّة التي تقود إلى هذه الحروب والأزمات من وجهة نظرك كمثقف؟
الحرية والعدالة هي التي تؤدي إلى السلام، فمنذ الاستقلال لم يجلس السودانيون ليقرّروا كيف يحكم السودان ويسود السلام والرضى. وسبب آخر هو توفّر السلاح في أيدي الدول والأفراد، من عصر الرماح وحتى عصر المسيّرات. ونتيجة للفتن، تُصرف معظم الأموال على شراء السلاح على حساب التعليم والصحة والغذاء والدواء.
هل الفنون قادرة على الإسهام فعلياً في رتق أزمات بلد كالسودان؟
الفنون جميعها من مسرح وموسيقى وتشكيل وسينما، هي أدوات تعبير عن ثقافة الجماعات المختلفة التي تعيش في إقليم واحد، في تعايش سلمي واحترام لثقافة الآخر، بعيداً عن العنصرية وخطابات الكراهية . نعم الفنون يمكن أن تسهم في رتق أزمات السودان، وتشيع المحبة والاستقرار والسلام، إذا صدقت النوايا والمقاصد.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سويفت نيوز
منذ ساعة واحدة
- سويفت نيوز
المشاركون في مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية يغادرون مكة متجهين إلى المدينة المنورة
مكة المكرمة – واس : غادر المشاركون في مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره في دورتها الـ45، التي تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، اليوم، مكة المكرمة متجهين إلى المدينة المنورة، عقب انتهاء التصفيات النهائية للمسابقة التي استمرت ستة أيام متواصلة، وتنافس فيها (179) متسابقًا يمثلون (128) دولة من مختلف قارات العالم.واتجه المشاركون إلى مدينة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- في رحلة إيمانية عامرة، وأُعدّ لهم برنامج متكامل يشمل زيارة المسجد النبوي الشريف والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصاحبيه أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- والصلاة في الروضة الشريفة، إضافة إلى زيارة مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، ومسجد قباء، وجبل أحد, ومقبرة الشهداء، وعدد من المتاحف والمعالم التاريخية.وتقدم الوزارة مختلف الخدمات اللوجستية والتنظيمية لضمان راحة المشاركين، وقامت اللجان العاملة بمتابعة تنقلاتهم، وتسهيل إجراءاتهم، وتسخير جميع السبل التي تضمن أداء برنامجهم في أجواء إيمانية ميسرة، وبذل العاملون جهودًا متواصلة في خدمة المتسابقين وضيوف المسابقة، تأكيدًا على عناية المملكة بضيوفها وحرصها على إنجاح هذا الحدث. يُذكر أن التصفيات النهائية للمسابقة اختُتمت في رحاب المسجد الحرام وسط تنافس بين المتسابقين، على أن يتم تكريم الفائزين في الحفل الختامي الكبير الذي سيُقام في المسجد الحرام. مقالات ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 3 ساعات
- الشرق الأوسط
سلوت يُشيد بردّ فعل لاعبي وجماهير ليفربول خلال تكريم جوتا
أعرب أرني سلوت، المدير الفني لفريق ليفربول الإنجليزي لكرة القدم، عن رضاه عن طريقة تعامل لاعبيه مع الليلة العاطفية، التي شهدها ملعب «أنفيلد» أثناء تكريم دييغو جوتا، خلال المباراة التي فاز فيها الفريق 4-2 على بورنموث في افتتاح مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز. وذكرت «وكالة الأنباء البريطانية (بي إيه ميديا)» أن المهاجم البرتغالي توفي في حادث سيارة مع شقيقه أندريه سيلفا قبل 6 أسابيع، وعادت عائلته لملعب «أنفيلد» لمشاهدة تدفق المشاعر الذي أبكى محمد صلاح، صاحب الهدف الرابع، عند صافرة النهاية. وقال سلوت: «أعتقد أن الشعور الرئيسي يجب أن يكون مدى روعة وقوة التكريم الذي تم تقديمه لجوتا». وأضاف: «اللافتة التي عرضتها جماهير الكوب (المدرج الشهير في ملعب «أنفيلد»)، وطريقة غناء (لن تمشي وحيداً مطلقاً)، وطريقتهم في أداء الأغنية لدييغو قبل المباراة، في الدقيقة الأولى، وبعد 20 دقيقة، وبعد المباراة كلها كانت رائعة وقوية جداً». وأردف: «بعدها كانت هناك المباراة التي انتهت 4-2؛ حيث حدثت الكثير من الأشياء». وأكد: «في الحقيقة لم أكن أرغب في الرحيل بعد المباراة؛ لأنني وجدت أجواء مميزة للغاية، خاصة رد فعل جماهيرنا ». وأوضح: «أعتقد أن صلاح شعر، عقب المباراة، بمدى خصوصية تلك اللحظة. ربما شعر أيضاً بالعاطفة لأننا جميعاً كنا نعلم أن عائلة جوتا هنا، زوجته هنا، وأطفاله هنا». وأكد: «بالنسبة لهم، ربما يكون من المميز سماع مدى حب الجماهير له هنا، وما فعله المشجعون. لكننا نشعر أيضاً بمشاعرهم وحجم الحزن الذي يشعرون به». وأردف: «ربما أدّت هذه المشاعر المختلطة إلى تأثر صلاح عاطفياً. أعتقد أنني شعرت بالمشاعر نفسها دون أن أبكي، لكنني بالتأكيد شعرت بالمشاعر نفسها».


مجلة سيدتي
منذ 4 ساعات
- مجلة سيدتي
نجوى فؤاد تحتل الترند بعد الكشف عن قيمة معاشها الشهري
بعد فترة طويلة من الغياب، عاد اسم الفنانة نجوى فؤاد؛ ليتصدر ترند مؤشرات البحث مجدداً، وذلك بعدما كشفت عن حالتها المادية الصعبة نتيجة ابتعادها عن ممارسة الفن منذ عدة سنوات، بالإضافة إلى تعرضها لوعكات صحية متكررة وتحملها نفقات الكشف والعلاج. أزمة نجوى فؤاد أكدت نجوى فؤاد خلال مداخلة تليفونية أجرتها مؤخراً في أحد البرامج التليفزيونية، أنها تتقاضى معاشاً شهرياً من نقابة المهن التمثيلية قيمته 600 جنيه فقط، وهو ما لا يتناسب مع حجم احتياجاتها والتزامتها المادية شهرياً، وأشارت إلى أنها تبحث إمكانية تأسيس مشروع جديد يكون ذا مصدر دخل لها. وتقدمت نجوى باستغاثة لوزير الثقافة المصري الدكتور أحمد فؤاد هنو، وقالت: "اهتموا بينا شوية إحنا الجيل اللي خد ملاليم مش ملايين، ودخلنا معروف عايزين نعيش عيشة آدمية حلوة". وتابعت نجوى فؤاد: "أنا مش عايزه أعيش في دار مسنين، أنا ساكنة في بيت إيجار، ومعنديش بيوت تمليك ولا محلات قفلاها، والعلاج بقى غالي، وكشف الدكاترة بقى نار، والعيشة صعبة انتبه لينا شوية، دي حاجة أنا مشوفتهاش في حياتي". وتردد خلال الساعات الماضية تكوين لجنة مشتركة من وزارة الثقافة ونقابة المهن التمثيلية لزيارة نجوى فؤاد، والتعرف إلى أبرز المشكلات التي تواجهها والعمل على إيجاد حلول عملية في أسرع وقت، وذلك في إطار حرص الجانبين على رعاية رموز الفن المصري وحفظ مكانتهم. يُشار إلى أن نجوى فؤاد مرت بعدة أزمات صحية خلال الفترة الماضية كان من بينها تعرضها لكسر في الكتف والذراع الأيسر، وظلت طريحة الفراش لفترة بسبب تعرضها لعدة مضاعفات بسبب كبر سنها. قد يعجبك آخر مشاركاتها الفنية عادت نجوى فؤاد إلى الساحة الفنية بمشاركتها في مسلسل "تلت التلاتة"، الذي تم عرضه في 15 حلقة خلال شهر رمضان 2023، العمل بطولة غادة عبد الرازق، مي سليم، صلاح عبد الله، محمد القس، ليلى أحمد زاهر، أحمد مجدي، مصطفى درويش، كريم سرور، تامر فرج، جيهان خيري، وتأليف هبة الحسيني وإخراج حسن صالح. وفي السينما شاركت نجوى فؤاد في آخر أعمالها قبل 5 سنوات خلال فيلم "قهوة بورصة مصر" بطولة محمد لطفي، مدحت تيخا، صلاح عبد الله، حسن حسني، علاء مرسي، لطفي لبيب، إيناس النجار، رانيا محمود ياسين، أحمد صيام، عبد الله مشرف، نجوى فؤاد، مصطفى قمر، وعلي حميدة، مروة عبد المنعم، حنان سليمان، كلوديا حنا، ياسر الزنكلوني، هاجر الشرنوبي وإخراج أحمد نور. لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا « إنستغرام سيدتي » وللاطلاع على فيديوغراف المشاهير زوروا «» ويمكنكم متابعة آخر أخبار النجوم عبر «تويتر» « سيدتي فن »