logo
لاجئون من مخيم جنين: مأساة النزوح ومشاهد التهجير تتكرر في ذكرى النكبة

لاجئون من مخيم جنين: مأساة النزوح ومشاهد التهجير تتكرر في ذكرى النكبة

جريدة الايام١٣-٠٥-٢٠٢٥

كل ما تخشاه المسنة صالحة محمد (85 عاما) من مخيم جنين، أن يتوفاها الأجل وهي بعيدة عن المخيم الذي نزحت منه في الأيام الأولى من العدوان الإسرائيلي على المخيم في الواحد والعشرين من كانون الثاني الماضي، شأنها في ذلك شأن جميع أهالي المخيم ممن أجبرهم جيش الاحتلال على النزوح من داخل المخيم الذي أصبح فارغا من أهله بالكامل.
ولم يكن هناك من خيار آخر أمام تلك المسنة سوى النزوح من بيتها إلى خارج المخيم الذي دخل العدوان الإسرائيلي عليه يومه الخامس عشر بعد المائة، وتحول إلى منطقة أشباح، بعد أن دمرت آلة الحرب الإسرائيلية جميع مقومات الحياة بداخله، وطردت أهله ممن يئنون تحت وطأة النزوح وفقد المساكن.
تقول محمد لـ "الأيام"، إنها عايشت نكبة العام 48 وبعدها نكسة حزيران عام 67 والاجتياح الإسرائيلي المدمر للمخيم في نيسان عام 2002، لكن هذه المرة مختلفة تماما، فهي أصعب وأشد من سابقاتها، مضيفة: "سمونا لاجئين وبعدين مهجرين وبعدين مشردين واليوم نازحين، وبكرة الله أعلم شو يسمونا".
وتعيش تلك اللاجئة المسنة، لدى أحد أبنائها، ولكن لسانها يلهج على مدار الساعة بالحنين إلى المخيم الذي عاشت فيه 58 عاما بحلوها ومرها، وكل ما تخشاه أن يسترد الله أمانته وهي بعيدة عن بيتها الذي تحتفظ في كل زاوية منه بحكاية لن تنساها حتى يتوفاها الأجل.
ومضت والدموع تغرق عينيها: "قبل كنت أتمنى أرجع على زرعين، واليوم بتمنى أرجع على المخيم، بس مش عارفة إذا برجع وإلا لع".
ورغم حرص نجلها على توفير جميع متطلباتها، إلا أن ذلك لا ينسي المسنة محمد بيتها الذي تجهل مصيره، وحارتها وجاراتها وأهالي مخيمها الذي تعشق كل زقاق فيه.
وولدت المسنة محمد في قرية زرعين المهجرة داخل الخط الأخضر، واضطرت عائلتها إلى الهجرة إبان نكبة عام 48، واستقرت إبان نكسة حزيران عام 67 في مخيم جنين.
وكما هو الحال بالنسبة للمسنة محمد، يتمسك اللاجئ جمال أبو سرية، من مخيم جنين بحلم العودة إلى المخيم كمحطة عودة نحو قريته زرعين المهجرة.
ومع بدء العدوان الإسرائيلي على المخيم، انتقل أبو سرية للسكن في حي "الهدف" المجاور للمخيم من الجهة الغربية منه، حيث استأجر شقة أرضية برفقة عائلته الصغيرة، ويراقب كما المئات من أهالي المخيم ممن نزحوا إلى أحياء قريبة من المخيم، من بعيد عمليات هدم المنازل وشق الطرق وتدمير جميع مقومات الحياة الآدمية داخل المخيم، دون أن تتوفر حتى الآن صورة واضحة حول طبيعة وحجم الدمار داخل المخيم.
ومن ساحة صغيرة أمام المنزل المستأجر، راح أبو سرية، يراقب أطراف المخيم الغربية، وبالكاد يستطيع مشاهدة منزل أحد أبنائه المطل على المخيم، وتتحصن قوات الاحتلال بداخه منذ فترة طويلة.
أما النازح جمعة زوايدة (66 عاما)، فيقول، إنه أصر على البقاء داخل منزله في المخيم لعدة أيام، رغم مغادرة جميع أفراد عائلته.
وقال زوايدة "أخبرت أهلي أنني سأبقى في بيتنا، حتى إذا اقتحم الجيش البيت وحاول يهدمه أكون موجود على أمل منعهم من هدمه".
ولكن مرت ثلاثة أيام على وجود زوايدة وحيدا داخل منزله، وكانت أيام مليئة من الخوف مرت كأنها الدهر بأكمله، ولم تتوقف خلالها أصوات الانفجارات وإطلاق النار، وأزيز الطائرات المسيرة التي كانت تحلق على ارتفاعات منخفضة وتدخل المنازل للتأكد من خلوها من ساكنيها.
وبعد ثلاثة أيام، قال زوايدة: "انقطعت المياه والكهرباء، وأخذت بطارية الهاتف المحمول تفرغ من الشحن، وظن أنه لا يمكنه البقاء أكثر، فاضطر إلى المغادرة والخروج من المنزل الذي كان محاصرا بالعشرات من جنود الاحتلال".
وشعر زوايدة، للحظات أنه أصبح في مرمى نيران جنود الاحتلال ممن قال، إنهم كانوا يطلقون النار على كل جسم متحرك وبدوا في حالة هستيرية في ذلك اليوم، إلا أنه نجا من موت كان محققا، وانتقل إلى موقع غير بعيد عن المخيم للعيش فيه.
ويجهل ذلك النازح، إن كان بيته دمر أم لا، قائلا: "في ناس حكوا لي إنه دارنا انهدت، وناس قالوا إنها تضررت، وما بعرف شيء عنها".
وأقام زوايدة الذي لديه تسعة أبناء، وكان يعمل في مجال البناء، لمدة ثلاثة أشهر في مدرسة تحولت إلى ملجأ للنازحين من أهالي المخيم، قبل أن ينتقل إلى مكان خاص بإقامة الطلبة الجامعيين قرب الجامعة العربية الأميركية.
أما محمد الشلبي (53 عاما) والذي يعمل في البلدية، فقال، إنه نزح من مخيم جنين إلى القرى المجاورة قبل أن ينتقل إلى الإقامة في أحد سكنات الجامعة العربية الأميركية.
وأضاف الشلبي، إنه انتقل للعيش في السكن الطلابي الجامعي برفقة والده المسن والذي تجاوز من العمر 80 عاما ويعاني من عدة أمراض.
ومضى"حتى لو وضعونا في فلل فلن نرتاح حتى نعود إلى المخيم ونعيش حتى في خيمة على كومة تراب".
وتقول النازحة أم ماجد: "قالوا لنا إنه لم يعد لدينا منزل، وأننا لن نعود إلى المخيم، وفي ناس كثار حاولوا يرجعوا على المخيم، لكن الجنود منعوهم وضربوهم واحتجزوهم".
وتتقاسم أم ماجد غرفة مخصصة لشخصين مع ثلاثة آخرين في أحد سكنات الجامعة العربية الأميركية، واصفة ظروف العيش بأنها صعبة بعيدا عن المخيم.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تقرير عيَّن حنين... شهادة حيَّة على وجع غزَّة الَّذي لا يمحى
تقرير عيَّن حنين... شهادة حيَّة على وجع غزَّة الَّذي لا يمحى

فلسطين أون لاين

timeمنذ 21 ساعات

  • فلسطين أون لاين

تقرير عيَّن حنين... شهادة حيَّة على وجع غزَّة الَّذي لا يمحى

غزة/ هدى الدلو: في أحد أيام غزة الثقيلة، كانت حنين الدُرَّة، الفتاة العشرينية، تقف أمام مرآتها، تتأمل ملامحها، وتحلم بمستقبل مشرق.. لكن قصفًا إسرائيليًا مفاجئًا حوّل تلك اللحظة إلى كابوس دائم، حين أصيبت بشظية في وجهها، أدت إلى تشويه ملامحها وفقدان إحدى عينيها. تُعرّف نفسها لصحيفة "فلسطين" حنين موسى الدُرَّة، طالبة في الجامعة الإسلامية، تخصص شريعة وقانون، من مواليد عام 2004. تمنيت أن أعيش حياة بسيطة، سعيدة، هادئة، وأن أنهي دراستي الجامعية، وأحلف القسم العظيم، وأزاول مهنة المحاماة. تمنيت أن أفي بوعدي لأمي - رحمها الله - التي كانت تدعو الله أن يوفقني، وأن تراني في أعلى المراتب". كانت تلك الطموحات على وشك الاكتمال، لولا أن آلة الحرب الإسرائيلية حالت دون ذلك. لم تكن تعلم أن نيران الحرب ستصل إلى بيتها، بل إلى عينها تحديدًا، فذلك اليوم غيّر مجرى حياتها إلى الأبد. تسرد قائلة: "في يوم 20/5/2024، كتب هذا التاريخ بالدم، لا بدمع العين فقط. كنت جالسة في الطابق الأول من المنزل، بينما باقي أفراد عائلتي في الطابق الأرضي، وكانت الساعة الواحدة ظهرًا، وفجأة انهال البيت فوق رأسي؛ لقد تم استهدافنا بصواريخ الاحتلال الإسرائيلي.. كل شيء أصبح مظلمًا. كنت أتساقط تارة يمينًا وتارة يسارًا، تارة إلى الأعلى وتارة إلى الأسفل، أرتطم من جدار إلى آخر، أصرخ: 'أغثني يا الله!' كل شيء يتساقط علينا بقوة؛ الغبار خانق، الزجاج والشظايا القاتلة في كل مكان". "بعد وقت لا أعلم كم لبثته تحت ركام المنزل، أفقت ولا زلت تحت تأثير الصدمة: أين أنا؟ ماذا حدث؟ أين المنزل؟ وأين أفراد عائلتي؟ من أين هذه الدماء في وجهي؟" تتابع: "كانت عيني تؤلمني، وأنفي وساقي أيضًا. لم أكن أستوعب ما حدث. كنت خائفة، ولا أقوى على النظر أو الحركة. جمعت كل قوتي، وحاولت أن أرفع الحجارة والركام عن جسدي المصاب. خرجت بأعجوبة، وبعد بضع خطوات هزيلة فقدت الوعي." رحلة علاج مضنية استيقظت في المستشفى وكل شيء مظلم حولها. كان مستشفى كمال عدوان في شمال القطاع قد فقد أكثر من 90% من قدرته على تقديم الرعاية. وبصعوبة بالغة، تم نقلها إلى مستشفى العربي الأهلي (المعمداني) وسط غزة، الذي كان مزدحمًا بالشهداء والجرحى، حتى إنها لم تجد سريرًا أو مقعدًا فارغًا، وتم فحصها وهي ملقاة على الأرض. بعد قليل، قامت إحدى الطبيبات بإجراء الفحوصات والصور، وتبيّن أنها فقدت عينها اليسرى إلى الأبد، وأصيبت بكسر في الأنف والفك، إضافة إلى وجود العديد من الشظايا في سائر جسدها. تقول: "قامت الطبيبة بإجراء بعض العلاجات الأولية، كتنظيف العين وتقطيب وجهي بـ 35 غرزة، وقررت ضرورة إجراء عملية زراعة عين، وأخرى تجميلية للأنف والوجه، لكن ضعف الإمكانيات حال دون ذلك." "منذ بداية الحرب ونحن نعيش ظروفًا نفسية صعبة لا توصف؛ من خوف وقصف ونزوح وتشرد وفقد ووجع. أحداث وتفاصيل لا أرغب في الحديث عنها، وأتمنى لو تُمحى من ذاكرتي." فقدان السند صُدمت شقيقتها من حجم الإصابة، بينما حاول والدها التماسك ليربت على قلبها. وتقول: "لولا وجود والدي بجانبي لما تمكنت من تجاوز الإصابة... لكنه رحل في نوفمبر من العام نفسه، فشعرت بأنني فقدت روحي؛ كان الأم والأب بعد وفاة والدتي في 2012، وكان سندي وقوتي." تواجه حنين تحديات نفسية وجسدية كبيرة، وتقول: "أشعر بأنني فقدت جزءًا من هويتي، لم أعد أتعرف على نفسي في المرآة. وجهي مشوه، وأحتاج إلى عملية تجميلية بالليزر. هناك شظية في رأسي لا يمكن إزالتها، وتسبب صداعًا مزمنًا، وضغطًا على العين اليمنى، وكهرباء في وجهي." تُعاني كباقي جرحى القطاع من نقص حاد في المعدات الطبية. وتضيف: "المستشفيات تفتقر إلى الأدوية والمستلزمات. أحتاج إلى لاصقات طبية لمنع تلوث العين والأنف إلى حين إجراء العمليات." كلما وقفت أمام المرآة، لتضع لمساتها الأخيرة قبل الخروج، تعود ذاكرتها إلى صوت الانفجار، ويجتاحها ألم لا يُوصف. التمسك بالحلم رغم كل شيء، لا تزال حنين متمسكة بالأمل: "أحلم بأن أسافر لتلقي العلاج، وأركب عينًا صناعية، وأكمل دراستي في الشريعة والقانون. أريد أن أستعيد ثقتي بنفسي، وأكون صوتًا للجرحى والمصابين في غزة." وتختم حديثها بتصميم: "هل تذكرون حلمي بأن أصبح محامية؟ أنا أعدكم بأن أفي بوعدي لأمي، وأن أنجح، وسأكون عونًا للضعفاء والفقراء والمحتاجين." المصدر / فلسطين أون لاين

تقرير "أمُّ محمَّد"... مسنَّة تعيش على الماء وسط تفشِّي المجاعة بغزَّة
تقرير "أمُّ محمَّد"... مسنَّة تعيش على الماء وسط تفشِّي المجاعة بغزَّة

فلسطين أون لاين

timeمنذ يوم واحد

  • فلسطين أون لاين

تقرير "أمُّ محمَّد"... مسنَّة تعيش على الماء وسط تفشِّي المجاعة بغزَّة

غزة/ محمد القوقا: في أحد أركان منزل متصدع غرب مدينة غزة، تجلس أم محمد عاشور، فلسطينية تبلغ من العمر 76 عامًا، على كرسي بلاستيكي مكسور، تحاول أن تروي عطشها بكوب ماء، هو كل ما تملكه للبقاء على قيد الحياة منذ أكثر من أسبوع. تقول أم محمد، بصوت منخفض ويدين مرتجفتين من الوهن: "أعيش على الماء فقط، دون أي مبالغة. إذا توافر لي رغيف خبز، أقتات عليه ليومين". وتشير إلى أن سعر كيلو الطحين تجاوز 100 شيكل، أي ما يعادل نحو 27 دولارًا، وهو مبلغ لا تستطيع تأمينه. "حتى لو استطعت شراءه، الكمية لا تكفيني ليومين"، تضيف. أم محمد، التي ولدت عام 1949، بعد عام من نكبة الشعب الفلسطيني، تقول لصحيفة "فلسطين"، إنها لم تشهد في حياتها جوعًا كالذي تعيشه اليوم. "صرنا على وشك أكل التراب"، تقول والدموع في عينيها. أم محمد اضطرت إلى كسر صمتها، رغم طبيعتها التي تميل إلى الصبر والانزواء، لتوجه نداءً للعالم العربي والإسلامي. "نحن زعلانون منكم! أنتم لا تشاركوننا معاناتنا. لو أن أربع أو خمس دول فقط اتحدت ووقفت في وجه الاحتلال، لما حصل كل هذا!" وتتابع بغضب واضح: "هل يُعقل أن شخصًا واحدًا – بنيامين نتنياهو – يتحكم بالعالم، ولا أحد يستطيع إيقافه؟ حرام عليكم يا مسلمين! قتلوا شبابنا وأطفالنا، وجوعوا الناس، ودمروا كل شيء". سبقت كلماتها إعلان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة عن دخول 87 شاحنة مساعدات مساء أول من أمس، وهي الدفعة الأولى منذ أن أغلقت (إسرائيل) معابر القطاع في 2 مارس/آذار، وسط حرب إبادة مستمرة منذ أكثر من 18 شهرًا. ورغم أهمية هذه الشاحنات، إلا أنها لا تغطي سوى جزء ضئيل من الاحتياجات اليومية. ويقول مسؤولون محليون إن غزة تحتاج بين 500 إلى 800 شاحنة إغاثة يوميًا لتلبية الحد الأدنى من الاحتياجات الإنسانية لنحو 2.4 مليون نسمة محاصرين في ظروف قاسية. ووفق بيانات رسمية، أودت سياسة الحصار والتجويع بحياة 326 شخصًا بسبب سوء التغذية، بينهم أطفال ومرضى، كما سُجلت أكثر من 300 حالة إجهاض خلال 80 يومًا، بسبب نقص الغذاء والعناية الطبية. وتُظهر أرقام صادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة أن سلطات الاحتلال منعت دخول نحو 44,000 شاحنة مساعدات منذ مارس، مما فاقم الأزمة الصحية والغذائية في القطاع. وتشير منظمات إنسانية إلى أن مناطق قطاع غزة باتت تُصنف على أنها "بيئات مجاعة". أم محمد، التي تعرضت يدها للكسر خلال نزوحها جنوبًا في بداية الحرب، لم تتلقَ العلاج المناسب بسبب انهيار النظام الصحي. "الأطباء يقولون إنني بحاجة إلى كسر اليد من جديد ثم إجراء عملية، لكن لا توجد إمكانيات"، تشرح بصعوبة. وتستذكر كيف سقطت مؤخرًا من شدة الهزال أمام منزلها، فحملها جارها إلى الداخل. "لم أعد أقوى على المشي. نفسي آكل حبة بندورة، أُتمضمض بها!"، تقول وهي تضحك بخفة ممزوجة بالألم. وبينما تحاول أم محمد التماسك أمام عدسة الهاتف المحمول الذي يوثق قصتها، تشير إلى أن المأساة الحقيقية ليست فقط في الجوع، بل في "الإهمال العالمي والصمت العربي". قصة أم محمد ليست فريدة من نوعها. ففي غزة، لا يهدد الموت السكان فقط عبر القصف، بل أيضًا عبر المجاعة، والعزلة، والانهيار الكامل للمنظومة الإنسانية. وبينما تتصاعد التحذيرات الدولية من كارثة وشيكة، يبقى السؤال معلقًا: كم من "أمهات محمد" يجب أن يسقطن من الجوع حتى يتحرك الضمير الإنساني؟. المصدر / فلسطين أون لاين

تقرير "أمُّ محمَّد"... عجوز تعيش على الماء منذ أسبوع وسط تفشِّي المجاعة بغزَّة
تقرير "أمُّ محمَّد"... عجوز تعيش على الماء منذ أسبوع وسط تفشِّي المجاعة بغزَّة

فلسطين أون لاين

timeمنذ يوم واحد

  • فلسطين أون لاين

تقرير "أمُّ محمَّد"... عجوز تعيش على الماء منذ أسبوع وسط تفشِّي المجاعة بغزَّة

غزة/ محمد القوقا: في أحد أركان منزل متصدع غرب مدينة غزة، تجلس أم محمد عاشور، فلسطينية تبلغ من العمر 76 عامًا، على كرسي بلاستيكي مكسور، تحاول أن تروي عطشها بكوب ماء، هو كل ما تملكه للبقاء على قيد الحياة منذ أكثر من أسبوع. تقول أم محمد، بصوت منخفض ويدين مرتجفتين من الوهن: "أعيش على الماء فقط، دون أي مبالغة. إذا توافر لي رغيف خبز، أقتات عليه ليومين". وتشير إلى أن سعر كيلو الطحين تجاوز 100 شيكل، أي ما يعادل نحو 27 دولارًا، وهو مبلغ لا تستطيع تأمينه. "حتى لو استطعت شراءه، الكمية لا تكفيني ليومين"، تضيف. أم محمد، التي ولدت عام 1949، بعد عام من نكبة الشعب الفلسطيني، تقول لصحيفة "فلسطين"، إنها لم تشهد في حياتها جوعًا كالذي تعيشه اليوم. "صرنا على وشك أكل التراب"، تقول والدموع في عينيها. أم محمد اضطرت إلى كسر صمتها، رغم طبيعتها التي تميل إلى الصبر والانزواء، لتوجه نداءً للعالم العربي والإسلامي. "نحن زعلانون منكم! أنتم لا تشاركوننا معاناتنا. لو أن أربع أو خمس دول فقط اتحدت ووقفت في وجه الاحتلال، لما حصل كل هذا!" وتتابع بغضب واضح: "هل يُعقل أن شخصًا واحدًا – بنيامين نتنياهو – يتحكم بالعالم، ولا أحد يستطيع إيقافه؟ حرام عليكم يا مسلمين! قتلوا شبابنا وأطفالنا، وجوعوا الناس، ودمروا كل شيء". سبقت كلماتها إعلان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة عن دخول 87 شاحنة مساعدات مساء أول من أمس، وهي الدفعة الأولى منذ أن أغلقت (إسرائيل) معابر القطاع في 2 مارس/آذار، وسط حرب إبادة مستمرة منذ أكثر من 18 شهرًا. ورغم أهمية هذه الشاحنات، إلا أنها لا تغطي سوى جزء ضئيل من الاحتياجات اليومية. ويقول مسؤولون محليون إن غزة تحتاج بين 500 إلى 800 شاحنة إغاثة يوميًا لتلبية الحد الأدنى من الاحتياجات الإنسانية لنحو 2.4 مليون نسمة محاصرين في ظروف قاسية. ووفق بيانات رسمية، أودت سياسة الحصار والتجويع بحياة 326 شخصًا بسبب سوء التغذية، بينهم أطفال ومرضى، كما سُجلت أكثر من 300 حالة إجهاض خلال 80 يومًا، بسبب نقص الغذاء والعناية الطبية. وتُظهر أرقام صادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة أن سلطات الاحتلال منعت دخول نحو 44,000 شاحنة مساعدات منذ مارس، مما فاقم الأزمة الصحية والغذائية في القطاع. وتشير منظمات إنسانية إلى أن مناطق قطاع غزة باتت تُصنف على أنها "بيئات مجاعة". أم محمد، التي تعرضت يدها للكسر خلال نزوحها جنوبًا في بداية الحرب، لم تتلقَ العلاج المناسب بسبب انهيار النظام الصحي. "الأطباء يقولون إنني بحاجة إلى كسر اليد من جديد ثم إجراء عملية، لكن لا توجد إمكانيات"، تشرح بصعوبة. وتستذكر كيف سقطت مؤخرًا من شدة الهزال أمام منزلها، فحملها جارها إلى الداخل. "لم أعد أقوى على المشي. نفسي آكل حبة بندورة، أُتمضمض بها!"، تقول وهي تضحك بخفة ممزوجة بالألم. وبينما تحاول أم محمد التماسك أمام عدسة الهاتف المحمول الذي يوثق قصتها، تشير إلى أن المأساة الحقيقية ليست فقط في الجوع، بل في "الإهمال العالمي والصمت العربي". قصة أم محمد ليست فريدة من نوعها. ففي غزة، لا يهدد الموت السكان فقط عبر القصف، بل أيضًا عبر المجاعة، والعزلة، والانهيار الكامل للمنظومة الإنسانية. وبينما تتصاعد التحذيرات الدولية من كارثة وشيكة، يبقى السؤال معلقًا: كم من "أمهات محمد" يجب أن يسقطن من الجوع حتى يتحرك الضمير الإنساني؟. المصدر / فلسطين أون لاين

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store