
هيكل والحكيم.. أزمة المثقف المصرى
أهدانى الزميل إبراهيم عبدالعزيز أحدث كُتُبه وإصداراته. كتاب: هيكل وتوفيق الحكيم أزمة المثقف المصري. الذى صدر عن الثقافة الجماهيرية، حيث يتولى إصدار الكُتُب فيها عمرو البسيونى، وجرجس شكرى، والحُسينى عُمران، وصبرى سعيد الذى يرى أن توفيق الحكيم أحد رواد الرواية والكتابة المسرحية العربية.
ويقول المؤلف إن الحوار مع الكبار كان من أهداف عمره الصحفية. فقد طرق باب جمال حمدان وترك له 30 سؤالاً. وأجرى حواراً مع توفيق الحكيم كان بمنزلة طاقة القدر التى أثبتت وجوده فى شارع الصحافة. والتقى هيكل ونشر له. أما نجيب محفوظ صاحب نوبل فقد اقترب منه إلى درجة أن كتب له مقدمات بعض كُتبه.
ويحكى المؤلف فى مقدمة كتابه المهم أزمات بداياته التى ما من صحفى إلا مر بها وسَعِدَ بتجاربها. وهو لا يكتُب عن قضاياه مع الأوائل الذين ذكرهم فقط. فقد كان عندما ذهب إلى يوسف إدريس ليُجرى معه حواراً اكتشف أن إدريس يعيب على زكى نجيب محمود أنه يكتب فى موضوعات فلسفية بعيدة عن اهتمامات الناس. فقال له توفيق الحكيم:
- وما الذى يريده يوسف إدريس؟ هل يكتب له الدكتور زكى نجيب محمود عن أسعار «القوطة»؟.
ويحكى المؤلف أنه طلب يحيى حقى فى حوارٍ أجراه معه بتدشين حملة لإعادة رُفات عبدالله النديم من تركيا إلى مصر فى احتفال وطنى كبير. وسأل توفيق الحكيم عن رأيه فى هذه الدعوى. فقال له:
دعك من هذا وتعال لنتحدث فى أهم مشكلة تواجه مصر وهى مشكلة التعليم. وبالفعل طالب فى حوار معه فى ثورة فى التعليم.
ورد عليه وزير التعليم حينها الدكتور عبدالسلام عبدالغفار قائلاً:
- إنه لا يميل إلى كلمة ثورة، ولكن كلمة تطوير.
ويحكى عن حواراتٍ جرت بينه وبين الشيخ الشعراوى، ثم جمعها فى كتابٍ. ثم يكتُب عن ابن توفيق الحكيم: إسماعيل، الذى أخذته هوايته الموسيقية بعيداً واشترى آلات موسيقية واقترض من والده الذى جعله يوقع على إيصال أمانة ليتعود على أن يعيد ما اقترض من الآخرين حتى لو كان والده. لكن أمه كانت تعطى ابنها ما يسدد قرضه من أبيه دون أن يدري.
ويروى الأستاذ محمد حسنين هيكل له أن الحكيم جاءه غاضباً من ابنه. لأنه لم يعد سعيداً بعمله فى الموسيقى، والأم مسكينة كانت مُعذَّبة بينهما حسب تعبير هيكل. والكتاب فيه حكاياتٌ قد ننظر لها باعتبارها جانبية، إلا أنها كانت جوهرية فى زمن حدوثها.
ويعترف المؤلف أنه كان قد تعوَّد أن يُهدى كُتُبه للأستاذ هيكل لأنها كانت وسيلته كلما أراد مقابلته. ويصف سلوكه بأنه جسور، ويستغرب أنه فعل هذا فى سنه المتقدمة وهو دون العشرين.
ويكتب أنه لقيمة هيكل وقامته فلا تكاد تُذكر صفة الأستاذ إلا وتنصرف إليه. فهو الكاتب والصحفى العالمى الذى تتسابق دور النشر العالمية لطباعة كتبه بكل اللغات الحية. وتُنشر مقالاته فى أكثر من صحيفة فى نفس الوقت. فقد كان لهيكل أسلوبه الفريد وطريقته الجذابة، وكان لقراءته للأدب وحفظه للشعر من قبيل تنشيط الذاكرة أثر بارز فى أسلوبه. وهو يرى أن الصحفى نوعان. أحدهما يكتُب رأياً والآخر يحمل معلومات. وهيكل من النوع الأخير إيماناً منه بأن المعلومات قوة والمعرفة ثقافة.
ولذلك جاءت مقالته الشهيرة بصراحة، ثم كتبه بعد ذلك ليست مجرد سياسة مجردة من الروح. وإنما هى ثقافة سياسية كتبها بروح الأديب. سطَّرها بما يحمل من معلومات. ودعمها بما يملك من وثائق.
هيكل يكاد يكون الصحفى الوحيد الذى اقترب من السلطة أيام عبدالناصر. ويمتلك من الوثائق ما لا يمتلكه غيره. كان عبدالناصر يكتُب من كل وثيقة نسختين. إحداهما فى أرشيف الدولة وأخرى لهيكل. كما حكى الإعلامى أحمد سعيد مؤسس صوت العرب للمؤلف هذه الواقعة.
ومهما تختلف مع هيكل فلا تملك إلا أن تفخر بأنه الصحفى الوحيد المصرى العالمى الذى كان يقابله الرؤساء والملوك والثوار. وقد رأى المؤلف جدار المدخل إلى السكرتارية الخاص به مزيناً بصور الأستاذ مع مشاهير القيادات فى انحاء العالم.
ويذكر آخر مقابلة له مع هيكل قبل استئذانه من قُرائه فى الانصراف بعد بلوغه الثمانين أنه كان كريماً وسخياً معه إلى أبعد الحدود. لدرجة أنه قام وودعه حتى باب المصعد.
إن هذا الكتاب سجل دقيق ومهم، مملوء بكثير من التفاصيل الصغيرة فى حياة الثقافة المصرية فى النصف الثانى من القرن العشرين. ويؤرخ لأحداثٍ كثيرة. وينشُر صوراً نادرة. والمؤلف إبراهيم عبدالعزيز له نحو ثلاثين كتاباً عن أدباء مصر الكبار. منها كتاب عنوانه: أنا نجيب محفوظ. طبعه له المجلس القومى للشباب. وكتاباته تُعد سجلاً مهماً لتاريخ الثقافة المصرية فى قرننا العشرين.
وفى آخر الكتاب فصلٌ عن رسائل وبرقيات من زعماء العالم جاءت لتوفيق الحكيم. ورغم أننى عاصرت هذه الأيام فإن هذا الكلام كان جديداً جداً بالنسبة لى أقرأه لأول مرة. خاصة عندما فوجئ توفيق الحكيم بأن عبدالناصر قد تأثر بروايته: عودة الروح، وأنه شعر فى قرارة نفسه أنه ذلك الزعيم المنتظر الذى بَشَّرَ به الحكيم فى روايته معترفاً بتأثره به.
وقد رد عبدالناصر الفضل له عندما أهداه كتابه: فلسفة الثورة، بخط يده. وهو الكتاب الذى صاغه هيكل قائلاً للحكيم:
- إلى باعث الأدب الأستاذ توفيق الحكيم مطالباً بعودة الروح مرة أخرى بعد الثورة. وكان ذلك يوم 28 مايو 1954.
إنها حكايات حية ونابضة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الصباح العربي
منذ 6 ساعات
- الصباح العربي
تاريخ طويل من التصريحات المثيرة للجدل.. عائلة آل سعد تبرز على الساحة من جديد
بعد الكشف عن تقديمه لبرنامج تحت اسم "كلام في العلم"، يعود اسم العالم الدكتور، سامح سعد، للظهور على الساحة من جديد، بعد سلسلة من التصريحات المثيرة التي ذكرها شقيقيه الفنان، عمرو سعد، والفنان أحمد سعد. وكانت قد قالت الهيئة الوطنية للإعلام، أن برنامج كلام في العلم سيتناول أبرز القضايا العلمية في عدة قطاعات مختلفة، وسيقدم العالم الدكتور، سامح سعد، عدد من الجوانب المختلفة والتي تشمل بداية الكون ومستقبله وحاضره، كما سيجيب عن سؤال، هل توجد حياة على سطح كوكب أخر أم لا؟ . انتشر اسم العالم سامح سعد، على نطاق واسع قبل قرابة العام ونصف، وذلك بعد أن تحدث عنه شقيقة الفنان أحمد سعد بطريقة مثيرة للجدل. إذ قال، أن شقيقه العالم هو الوحيد الخاسر بيننا، لو كان اختار الفن كان زمانه غني، اخويا كان في اليابان، وبعدها ذهب إلى أمريكا وفتحوا له عدد من المعامل ولكن أحمد زويل طلب منه العمل معه، وأخوه قرر الرجوع لمصر وحاليًا معاه سيارة 128. ليرد سعد على شقيقه مازحًا، عبر منشور على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، يا سعد العربية الـ128 وقفت بينا تاني على الطريق الدائري تعالى ألحقنا بسرعة. وبعد عدة أيام، أكمل شقيقهم الفنان عمرو سعد، سلسلة التصريحات المثيرة وذلك عبد مكالمة هاتفيه منه للإعلامية منى الشاذلي، التي قال خلالها، مستعد أجي أبوس إيدك حالًا. وتابع، أخويا سامح لما أخذ جائزة التفوق العلمي لم يكن الأمر بتلك الأهمية الكبيرة والمدهشة بالنسبة لي، لأني سمعت بنفسي أحمد زويل وهو يخطط كيف يجعل سامح يحصل على جائزة نوبل بسبب الإنجازات التي قام بها في أمريكا.. وأضاف، أخويا عنده طموحات كبيرة في العلم منذ الصغر، وأنا فخور بي..

الدستور
منذ 11 ساعات
- الدستور
في يوم أفريقيا.. روايات ومسرحيات صنعت هوية القارة
في الخامس والعشرين من مايو، يحتفل العالم بـ"يوم أفريقيا"، تخليدًا لذكرى تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية عام 1963، والتي أصبحت لاحقًا "الاتحاد الإفريقي"، وبينما تُسلّط الأضواء على السياسة والاقتصاد، يبقى للأدب دوره العميق في رسم ملامح القارة، والتعبير عن تحوّلاتها وهوياتها المتعددة. يلقي "الدستور" الضوء على صورة أفريقيا في الأدب العربي والعالمي، بين الانبهار والتضامن، وبين التهميش والاستكشاف الإنساني.. قلب الظلام – جوزيف كونراد رواية قصيرة كتبها الروائي البولندي-البريطاني جوزيف كونراد عام 1902، وتتناول رحلة إلى أعماق نهر الكونغو في دولة الكونغو الحرة، حيث يرافق الراوي "مارلو" القارئ عبر مغامرة غامضة نحو قلب أفريقيا الاستعمارية. يروي مارلو قصته لأصدقائه على متن قارب في نهر التايمز بلندن، مما يخلق إطارًا سرديًا يُمكّن كونراد من عقد مقارنة بين ظلام أفريقيا وظلام أوروبا الاستعماري، ورغم الجدل حول منظورها الأوروبي، تبقى الرواية نصًا محوريًا في فهم تمثّلات أفريقيا في الأدب العالمي. أشياء تتداعى – تشينوا أتشيبي رواية تأسيسية للأدب الإفريقي الحديث كتبها النيجيري تشينوا أتشيبي باللغة الإنجليزية عام 1958، ونُشرت ضمن سلسلة "كتّاب أفارقة". تحكي الرواية قصة أوكوُنكوو، المحارب الإغبو القوي، وتوثّق انهيار القيم التقليدية في قريته بفعل الاستعمار والتبشير المسيحي، واستلهم أتشيبي عنوان الرواية من قصيدة "العودة الثانية" للشاعر ويليام بتلر ييتس، واعتُبرت علامة فارقة أعادت للأفارقة حق سرد قصصهم بلغتهم ومنظورهم الخاص، وتُدرّس الرواية في المدارس وتُعد من أكثر الكتب تداولًا في أفريقيا الناطقة بالإنجليزية. حبة قمح – نغوغي وا ثيونغو رواية للكاتب الكيني نغوغي وا ثيونغو، أحد أبرز رموز ما بعد الاستعمار في الأدب الإفريقي، نشرت ضمن سلسلة "هاينمان للأدب الإفريقي"، وتتناول نضال الشعب الكيني ضد الاحتلال البريطاني. تدمج الرواية بين التاريخ والأسطورة والسيرة الشعبية، وتستحضر شخصيات مثل جومو كينياتا، زعيم استقلال كينيا، ويفضح نغوغي من خلالها خيانة النخب الوطنية لأحلام الفلاحين البسطاء بعد الاستقلال، مما يجعل الرواية شهادة مؤلمة عن الثورات المجهضة. الطريق – وولي سوينكا مسرحية كتبها وولي سوينكا عام 1965، وهو أول كاتب إفريقي يفوز بجائزة نوبل في الأدب (1986)، وتدور أحداثها في متجر صغير يُعرف بـ"محل الحوادث"، حيث يلتقي سائقون ومساعدوهم، وتتشابك أحاديثهم عن الحوادث والفساد والموت. المسرحية ذات طابع رمزي، تكشف العبث السياسي والديني الذي يخيم على المجتمع، وتطرح أسئلة وجودية عميقة حول المصير والإيمان، و"الطريق" ليست مجرد مسرحية عن مهنة أو مكان، بل استعارة كبرى لرحلة الحياة الإفريقية وسط فوضى الحداثة.


نافذة على العالم
منذ 12 ساعات
- نافذة على العالم
ثقافة : اتهم بالسرقة وحصد نوبل.. ميخائيل شولوخوف يثير الجدل بسبب "الدون الصامت"
الأحد 25 مايو 2025 01:33 مساءً نافذة على العالم - تمر اليوم ذكرى ميلاد الكاتب الروسى ميخائيل شولوخوف، الذى ولد في 25 مايو من سنة 1905، وتوفى في 21 فبراير من سنة 1984، وحصل على جائزة نوبل عام 1965، وفي ضوء ذلك نستعرض لمحات من حياته. بدأ شولوخوف الكتابة في السابعة عشرة من عمره، وكان أول كتاب منشور له هو "حكايات الدون 1926"، وهي مجموعة قصص قصيرة، في عام 1925، بدأ روايته الشهيرة "الدون الصامت"، تطور عمل شولوخوف ببطء حيث استغرق الأمر 12 عامًا لنشر الرواية التي جاءت في 4مجلدات، 1928-1940؛ تُرجمت إلى جزأين باسم "ويتدفق الدون الهادئ" و"يتدفق الدون إلى موطنه في البحر"، كما استغرق 28 عامًا لإكمال رواية رئيسية أخرى، وهي "بودنياتايا تسيلينا 1960-1932"؛ تُرجمت إلى جزأين باسم "تربة عذراء مقلوبة" نُشرت أيضًا باسم "بذور الغد" و"الحصاد على نهر الدون، وكتب شولوخوف أيضًا رواية بعنوان لقد قاتلوا من أجل بلادهم وهي قصة ملحمية غير مكتملة عن شجاعة الشعب السوفيتي أثناء الغزو الألماني للحرب العالمية الثانية، كما ركزت قصة شولوخوف الشهيرة "سودبا تشيلوفيكا" (1957؛ "مصير رجل") على هذه الفترة أيضًا. أشهر أعمال شولوخوف، "تيخي دون" أو "الدون الصامت"، والتي تميزت بموضوعية تصويرها للنضال البطولي والمأساوي لقوزاق الدون ضد البلاشفة من أجل الاستقلال، صبحت الرواية الأكثر قراءة في الاتحاد السوفيتي، وأُشيد بها كمثال قوي على الواقعية الاشتراكية، وفازت بجائزة ستالين عام 1941. كان شولوخوف واحدًا من أكثر الكتاب السوفييت غموضًا، في رسائل كتبها إلى الزعيم السوفييتي جوزيف ستالين، دافع بجرأة عن مواطنيه من منطقة الدون، ومع ذلك فقد وافق على الحكم الذي أعقب إدانة الكاتبين أندريه سينيافسكي ويولي دانييل بتهمة التخريب في عام 1966 واضطهاد ألكسندر سولجينتسين، كانت وجهة نظر ستالين بأن تيخي دون تحتوي على أخطاء معروفة للعامة، لكن الرواية ظلت كلاسيكية من الأدب السوفييتي طوال حكم ستالين، تتناقض المزايا الفنية لأفضل رواية لشولوخوف بشكل صارخ مع الجودة المتواضعة (أو الأسوأ) لبقية أعماله لدرجة أن تساؤلات أثيرت حول تأليف شولوخوف لرواية تيخي دون، اتهم العديد من المؤلفين، من بينهم سولجينتسين، شولوخوف علنًا بالسرقة الأدبية وادعوا أن الرواية كانت إعادة صياغة لمخطوطة كاتب آخر؛ غالبًا ما يُستشهد بفيودور كريوكوف، الكاتب من منطقة الدون الذي توفي عام 1920، كمصدر لرواية شولوخوف، ورغم أن مجموعة من الباحثين الأدبيين النرويجيين أثبتوا - باستخدام تحليل إحصائي للغة الرواية - تقاربها مع بقية أعمال شولوخوف، ورغم استعادة مخطوطتها المبكرة التي كان يُعتقد أنها مفقودة، إلا أن عددًا كبيرًا من الشخصيات الأدبية المرموقة في روسيا اليوم يعتقدون أن الرواية مسروقة .