
ماليزيا وآسيان 2025: تعزيز التحالفات مع الخليج!
في سياق ديناميكي يعكس تغيرات جوهرية في النظام الدولي، تستعد ماليزيا لتولي رئاسة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) لعام 2025 في لحظة حاسمة، حيث تتقاطع التحولات الجيوسياسية والاقتصادية في العالم بطريقة تؤثر على استقرار المنطقة وتنميتها.
تأتي هذه الرئاسة كفرصة ذهبية لماليزيا لتعزيز التعاون الاستراتيجي بين آسيان ومجلس التعاون لدول الخليج العربية والصين، وهي خطوة تأمل ماليزيا أن تساهم في صياغة نظام دولي أكثر توازنًا واستقلالية وسط تحديات عالمية متزايدة. ويعزز إعلان رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم عن استضافة ماليزيا لقمة مشتركة تضم آسيان ومجلس التعاون الخليجي والصين أهمية هذه الخطوة، كاستراتيجية تهدف إلى تحقيق التعاون متعدد الأطراف.
لمحة عن رابطة آسيان
تأسست رابطة آسيان في 8 أغسطس/ آب 1967، وتضم عشر دول هي بروناي، وكمبوديا، وإندونيسيا، ولاوس، وماليزيا، وميانمار، والفلبين، وسنغافورة، وتايلاند، وفيتنام، في حين تنتظر تيمور الشرقية الحصول على العضوية الكاملة. ومع استمرار تقدم الرابطة نحو تحقيق أهدافها، تسعى ماليزيا إلى تعزيز دورها كمنصة للتعاون الاقتصادي والسياسي على المستويين الإقليمي والدولي، ما يجعلها مهيأة لمواجهة التحديات المتصاعدة.
الاستراتيجية الماليزية: توازن سياسي وأمني
ترتكز رؤية ماليزيا لرئاسة آسيان على ثلاثة محاور رئيسية: السياسة والأمن، والاقتصاد، والثقافة الاجتماعية. ففي المجال الأمني، تسعى ماليزيا لتعزيز التعاون بين آسيان ودول مجلس التعاون الخليجي في مواجهة التهديدات المشتركة، كالإرهاب والقرصنة البحرية.
تُبرز ماليزيا مفهوم "مركزية آسيان" كمبدأ يدعم استقلالية دول آسيان، ويعزز قدرتها على اتخاذ قراراتها بعيدًا عن تأثير القوى الكبرى مثل الصين والولايات المتحدة. وقد تجلى هذا التوجه في دعم ماليزيا لسياسة الحياد، إذ تعمل على تحقيق توازن دقيق في منطقة تعج بالتحديات الجيوسياسية.
أهمية الشراكة مع الخليج
مارست المملكة العربية السعودية دورًا محوريًّا في تعزيز العلاقات بين آسيان ومجلس التعاون لدول الخليج العربية من خلال تنسيق قمة الرياض في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حيث تم الترحيب بإطار التعاون بين الجانبين للفترة 2024-2028، الذي يهدف إلى تعزيز الشراكات في مجالات السياسة والأمن، والاقتصاد، والثقافة. لذا، تعتزم ماليزيا بصفتها المنسق الرئيسي بين مجلس التعاون وآسيان، أن تعمل بديناميكية أكبر لتعزيز الروابط مع الدول الخليجية خلال رئاستها المقبلة.
التبادل التجاري والاستثمار المستدام
تمثل آسيان ومجلس التعاون الخليجي كتلتين اقتصاديتين بارزتين عالميًّا، حيث يبلغ الناتج المحلي الإجمالي لآسيان نحو 3.6 تريليون دولار، مع تعداد سكاني يتجاوز 680 مليون نسمة، ما يؤهلها لأن تصبح رابع أكبر اقتصاد عالمي بحلول عام 2030. من جهة أخرى، تتمتع دول الخليج بناتج محلي إجمالي يبلغ نحو 2.3 تريليون دولار، ما يجعلها شريكًا مثاليًّا لدول آسيان في تعزيز التعاون الاقتصادي.
وقد أسهم هذا التعاون في تعزيز الروابط الاقتصادية، حيث وصل حجم التجارة المتبادلة بين آسيان ومجلس التعاون الخليجي إلى أكثر من 100 مليار دولار خلال السنوات الأخيرة.
دور الصين في دعم التعاون الثلاثي
تأخذ الصين دورًا أساسيًّا في تعزيز العلاقات بين آسيان ومجلس التعاون الخليجي، وذلك من خلال مبادرة "الحزام والطريق"، التي دعمت مشاريع بنية تحتية ضخمة في جنوبي شرقي آسيا.
إضافة إلى ذلك، استثمرت الصين بشكل كبير في قطاع الطاقة المتجددة بدول مجلس التعاون الخليجي، ما يعزز إمكانية إنشاء إطار تعاون ثلاثي يشمل آسيان ومجلس التعاون الخليجي والصين، ويركز على التنمية المستدامة. لذا، يُعتقد أن يسهم هذا التعاون الثلاثي في بناء نموذج إقليمي يساهم في تحقيق النمو المستدام، ويعزز الاستقرار الإقليمي.
التعاون الثقافي والسياحي بين آسيان والخليج
ولا يقتصر التعاون بين آسيان ودول مجلس التعاون الخليجي على الجانب الاقتصادي، بل يمتد إلى المجال الثقافي والسياحي، حيث تسعى ماليزيا إلى جعل آسيان وجهة مفضلة للسياح من دول الخليج، خاصة مع تزايد الطلب على الخدمات السياحية الحلال.
ويُعتبر قطاع السياحة الحلال جسرًا للتواصل بين الثقافات، حيث يجري العمل على تسهيل إجراءات التأشيرات، وتوسيع الروابط الجوية لتعزيز حركة السياح. جميع هذه المبادرات ستعزز من دور آسيان كوجهة سياحية جاذبة، وتساهم في تقوية الروابط الشعبية والثقافية بين الجانبين.
التحديات الجيوسياسية: الحياد في ظل التنافس الأمريكي-الصيني
في ظل التنافس المتزايد بين الولايات المتحدة والصين، تسعى دول آسيان إلى اتباع سياسة الحياد للحفاظ على استقلالية قراراتها، وعدم الانحياز لأي من القوتين. ورغم أن الصين تعتبر الشريك التجاري الأكبر لكل من آسيان ومجلس التعاون الخليجي، فإن التوترات الإقليمية في بحر الصين الجنوبي تفرض بعض الحذر في العلاقات.
لذا، تهدف ماليزيا من خلال تعزيز "مركزية آسيان" إلى تقوية موقف الرابطة كقوة مستقلة، تستطيع اتخاذ قراراتها بعيدًا عن تأثير القوى الكبرى، ما يمكنها من الاستفادة من علاقاتها الاقتصادية مع الصين وأمريكا دون الانزلاق إلى صراعات جيوسياسية.
رؤية مستقبلية: نحو شراكة استراتيجية متعددة الأطراف
تسعى ماليزيا إلى تحقيق رؤية استراتيجية تعزز من التعاون الثلاثي بين آسيان، ومجلس التعاون الخليجي، والصين. من المتوقع أن يكون لهذا التعاون دور حيوي في تحقيق نمو اقتصادي مستدام، وبناء شبكات اقتصادية وتجارية جديدة تدعم الاستقرار الإقليمي. ومع التركيز على الشراكات المستدامة، يمكن أن يكون التعاون بين الأطراف الثلاثة نموذجًا للتعامل مع التحديات العالمية بطريقة متوازنة وفعالة.
تمثل رئاسة ماليزيا لرابطة آسيان في عام 2025 فرصة تاريخية لتقوية العلاقات بين آسيان ومجلس التعاون الخليجي والصين، كما تمثل تحديًا كبيرًا في تحقيق توازن بين المتطلبات الاقتصادية والأمنية والثقافية.
لذلك، تسعى ماليزيا إلى تحقيق هذه الرؤية من خلال استراتيجية متوازنة، تعزز التعاون مع الخليج والصين دون المساس باستقلالية الرابطة. ومن شأن هذه الشراكة أن تفتح آفاقًا جديدة لتعزيز مكانة آسيان ومجلس التعاون الخليجي كقوى إقليمية فعالة تسهم في صياغة نظام عالمي أكثر استقرارًا وازدهارًا.
في النهاية، فإن ماليزيا تستعد لتكون قوة دافعة نحو توحيد الجهود بين آسيان ومجلس التعاون الخليجي والصين، ما يعكس التزامها بتحقيق تعاون متعدد الأطراف، يعزز مصالح الأطراف المشاركة، ويؤسس لنظام عالمي أكثر استقرارًا وازدهارًا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جريدة الوطن
منذ 2 أيام
- جريدة الوطن
الضغوط الدولية تحاصر الكيان الإسرائيلي
عواصم/ الأناضول- شهدت الأيام الماضية موجة مواقف دولية متصاعدة داعمة لقطاع غزة، ومنددة بممارسات إسرائيل، التي تتهمها أطراف عديدة بارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق المدنيين، وسط أزمة إنسانية خانقة. ووفق تصريحات وبيانات رسمية صادرة عن تركيا و38 دولة عربية وغربية وأوروبية، فإن المطالب تركزت على وقف الحرب فورا، وإدخال المساعدات الإنسانية. أكد الرئيس رجب طيب أردوغان، في كلمة ألقاها خلال القمة غير الرسمية لمنظمة الدول التركية، أن «السكان المدنيون في غزة يعيشون ما هو أشبه بالجحيم وسط أشد كارثة إنسانية في العصر الحديث». وعبر المستشار فريدريش ميرتس عن قلق بالغ تجاه الوضع الإنساني في القطاع، وقالت وزارة الخارجية في بيان إن أي هجوم بري جديد على غزة هو «مبعث قلق بالغ». وتعهدت بتقديم 4 ملايين جنيه إسترليني (5.37 مليون دولار) مساعدات إنسانية لغزة، مؤكدة أنه «لن تحقق إسرائيل الأمن بإطالة معاناة الشعب الفلسطيني»، وفق بيان للخارجية. وجاء ذلك غداة إعلان بريطانيا الثلاثاء إلغاء محادثات التجارة الحرة مع إسرائيل بسبب هجومها الجديد على غزة، واستدعاءها السفيرة الإسرائيلية تسيبي حوتوفلي. ونددت فرنسا وكندا، في بيان، بإجراءات إسرائيل في غزة، ولوحتا باتخاذ «خطوات ملموسة» إذا لم توقف هجومها العسكري وترفع القيود على دخول المساعدات. وطالب وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني،، إسرائيل بوقف هجومها العسكري على غزة، قائلا: «أوقفوا الهجمات، ولنعمل معا على وقف إطلاق النار، وتحرير الرهائن (الأسرى)». ودعا رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، في مؤتمر بالعاصمة مدريد، إلى استبعاد إسرائيل من الفعاليات الثقافية الدولية بسبب حربها على غزة، أسوة بما حدث مع روسيا بعد حربها ضد أوكرانيا. كما طالب قادة سبع دول أوروبية، هي: إسبانيا، النرويج، آيسلندا، أيرلندا، لوكسمبورغ، مالطا، وسلوفينيا، إسرائيل بالتفاوض «بحسن نية» لإنهاء حرب ورفع الحصار المفروض عليه.


جريدة الوطن
منذ 2 أيام
- جريدة الوطن
قطر تجدد دعمها الكامل لسوريا
نيويورك- قنا- جددت دولة قطر دعمها الكامل للجمهورية العربية السورية بما يسهم في تحقيق تطلعات شعبها الشقيق في الأمن والاستقرار والتنمية، وبما ينعكس إيجابيا على مستقبل سوريا والمنطقة ككل. جاء ذلك في بيان دولة قطر الذي ألقته سعادة الشيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني، المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة، في اجتماع الإحاطة لمجلس الأمن حول بند الحالة في الشرق الأوسط (سوريا)، في مقر الأمم المتحدة في نيويورك. وأكدت سعادتها ترحيب دولة قطر بالخطوات الإيجابية التي تم اتخاذها في الجمهورية العربية السورية الشقيقة نحو التوافق الوطني، وترسيخ دولة القانون والمؤسسات، مشيدة بالانفتاح الذي أبدته الحكومة السورية للتعاون مع مختلف الهيئات الدولية والأممية، وهو ما يعكس التزاما واضحا بلعب دور إيجابي على الصعيدين الإقليمي والدولي في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار وحماية حقوق الإنسان. وأوضحت أن دولة قطر تواصل دعمها الشامل للجمهورية العربية السورية الشقيقة في المجالات الإنسانية والإغاثية وجهود التعافي وتوفير الخدمات الأساسية، بما في ذلك استمرار توريد الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء. ولفتت سعادتها إلى أنه استمرارا لجهود دولة قطر والمملكة العربية السعودية الشقيقة في دعم تعافي اقتصاد الجمهورية العربية السورية الشقيقة، تم الإعلان عن سداد متأخراتها لدى مجموعة البنك الدولي التي تبلغ حوالي 15 مليون دولار، مما سيسهم في استئناف برامج البنك الدولي في سوريا، وإعادة بناء المؤسسات وتنمية القدرات وصنع وإصلاح السياسات لدفع وتيرة التنمية. وأشارت سعادة المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة إلى أن دولة قطر تواصل رعاية مصالح الجمهورية العربية السورية الشقيقة في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بهدف تعزيز الحوار البناء بين سوريا والمجتمع الدولي في مجالات عمل المنظمة. وقالت سعادتها «تؤكد دولة قطر أن تحسين الأوضاع الاقتصادية والإنسانية للشعب السوري الشقيق يجب أن يظل أولوية للمجتمع الدولي، لذا ترحب دولة قطر باعتزام فخامة الرئيس دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة الأميركية الصديقة، رفع العقوبات عن الجمهورية العربية السورية الشقيقة، وتعده خطوة مهمة نحو دعم الاستقرار والازدهار في سوريا، وتعرب عن التقدير الكامل لجهود المملكة العربية السعودية الشقيقة والجمهورية التركية الشقيقة في هذا السياق».


العرب القطرية
منذ 2 أيام
- العرب القطرية
قطر تجدد دعمها الكامل لسوريا بما يسهم في تحقيق تطلعات شعبها في الأمن والاستقرار والتنمية
قنا جددت دولة قطر دعمها الكامل للجمهورية العربية السورية بما يسهم في تحقيق تطلعات شعبها الشقيق في الأمن والاستقرار والتنمية، وبما ينعكس إيجابيا على مستقبل سوريا والمنطقة ككل. جاء ذلك في بيان دولة قطر الذي ألقته سعادة الشيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني، المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة، في اجتماع الإحاطة لمجلس الأمن حول بند الحالة في الشرق الأوسط (سوريا)، في مقر الأمم المتحدة في نيويورك. وأكدت سعادتها ترحيب دولة قطر بالخطوات الإيجابية التي تم اتخاذها في الجمهورية العربية السورية الشقيقة نحو التوافق الوطني، وترسيخ دولة القانون والمؤسسات، مشيدة بالانفتاح الذي أبدته الحكومة السورية للتعاون مع مختلف الهيئات الدولية والأممية، وهو ما يعكس التزاما واضحا بلعب دور إيجابي على الصعيدين الإقليمي والدولي في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار وحماية حقوق الإنسان. وأوضحت سعادتها أن دولة قطر تواصل دعمها الشامل للجمهورية العربية السورية الشقيقة في المجالات الإنسانية والإغاثية وجهود التعافي وتوفير الخدمات الأساسية، بما في ذلك استمرار توريد الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء. ولفتت سعادتها إلى أنه استمرارا لجهود دولة قطر والمملكة العربية السعودية الشقيقة في دعم تعافي اقتصاد الجمهورية العربية السورية الشقيقة، تم الإعلان عن سداد متأخراتها لدى مجموعة البنك الدولي التي تبلغ حوالي 15 مليون دولار، مما سيسهم في استئناف برامج البنك الدولي في سوريا، وإعادة بناء المؤسسات وتنمية القدرات وصنع وإصلاح السياسات لدفع وتيرة التنمية. وأشارت سعادة المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة إلى أن دولة قطر تواصل رعاية مصالح الجمهورية العربية السورية الشقيقة في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بهدف تعزيز الحوار البناء بين سوريا والمجتمع الدولي في مجالات عمل المنظمة. وقالت سعادتها "تؤكد دولة قطر أن تحسين الأوضاع الاقتصادية والإنسانية للشعب السوري الشقيق يجب أن يظل أولوية للمجتمع الدولي، لذا ترحّب دولة قطر باعتزام فخامة الرئيس دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الصديقة، رفع العقوبات عن الجمهورية العربية السورية الشقيقة، وتعدّه خطوة مهمّة نحو دعم الاستقرار والازدهار في سوريا، وتعرب عن التقدير الكامل لجهود المملكة العربية السعودية الشقيقة والجمهورية التركية الشقيقة في هذا السياق."