logo
ولادة متعثرة لأول محطة نووية في المغرب

ولادة متعثرة لأول محطة نووية في المغرب

Independent عربية١١-٠٤-٢٠٢٥

على رغم وجود المغرب ضمن نادي الدول النووية - وفق الوكالة الدولية للطاقة الذرية - فلا يزال الطموح النووي للمملكة مجرد "جنين" لم تفلح محاولات تنزيله على أرض الواقع، لأسباب اقتصادية ومالية وجيوسياسية وطاقية أيضاً.
ويرى مراقبون أن طريق المغرب نحو تشييد منشأة أو مفاعل نووي يظل بعيد المنال، على رغم اتفاق سابق بين الرباط وموسكو قبل أعوام بخصوص استخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية، في وقت ترجح فيه الوكالة الدولية للطاقة الذرية بناء المغرب مفاعلاً نووياً خاصاً به بعد عام 2030.
مهمة حكومية
تشرف وزارة الانتقال الطاقي على القطاع النووي في المغرب من خلال العمل على "تطوير الاستخدامات السلمية للتقنيات النووية في مختلف القطاعات الاجتماعية والاقتصادية، والامتثال لمتطلبات قواعد ومعايير السلامة والأمن النوويين".
ووفق الوزارة المعنية "يتزايد استعمال التطبيقات السلمية النووية بصورة ملحوظة في مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، إذ أظهر استعمال هذه التطبيقات لأغراض الطب والصناعة والزراعة والبحث والهيدرولوجيا والطاقة والتعدين وحتى في مجال المراقبة الأمنية فائدة كبيرة، بالنظر إلى الإمكانات التي توفرها لهذه القطاعات".
وأحدث المغرب عام 2014 وكالة الأمن والسلامة في المجالين النووي والإشعاعي (أمسنور)، التي من بين مهامها الرئيسة "تقديم المشورة والمساعدة للسلطات الحكومية في شأن القضايا المتعلقة بالسلامة والأمن النووي والإشعاعي، ولا سيما إنشاء نظام وطني للحماية المادية للمرافق النووية وخطة الاستجابة الوطنية للطوارئ".
ويجتهد المغرب في تكوين كوادره في المجال النووي بهدف القدرة على مواجهة الخطر الإشعاعي، في أفق تطوير المملكة منظومة طاقتها النووية المستعملة لأغراض وأهداف سلمية، بارتباط مع الطاقة النظيفة، ومن ذلك زيارة وفد فرنسي قبل أيام قليلة المغرب من أجل "تطوير المهارات وتعزيز قدرات المهنيين في القطاع النووي".
وكشف التقرير الدولي لواقع الصناعة النووية لعام 2024 عن أن المغرب يمتلك، بمعية الجزائر وليبيا ونيجيريا، شبكة كهربائية بسعة إجمالية تتجاوز 10 غيغاواط، وهو أقل حد ترخص له الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإدماج مفاعل نووي واحد ضمن الشبكة الوطنية.
وتبعاً للتقرير ذاته، فإن المشروع النووي المغربي لا يزال جنينياً لم يُنزل على أرض الواقع بشكل جاد، بالنظر إلى ما تواجهه المملكة من إكراهات اقتصادية وتنموية تحد من الرغبة في الاستثمار في الطاقة النووية، في خضم الاهتمام المتزايد بمصادر الطاقة المتجددة.
جدية الخيار
يقول المتخصص الدولي والأكاديمي المتخصص في الطاقات المتجددة، عبدالصمد ملاوي، إن المشروع النووي المغربي يشكل محوراً للنقاش على رغم ما يعرفه من غموض وتحفظ وقلة المعلومات خصوصاً في غياب تصريحات رسمية مغربية، وكذلك في ظل توجه المملكة نحو الطاقة النظيفة والتزاماته المناخية"، مستدركاً أن "هناك مؤشرات متعددة تعكس جدية متزايدة في استكشاف هذا الخيار".
ويشرح ملاوي أنه "في أكتوبر (تشرين الأول) 2022 وقع المغرب اتفاق تعاون مع روسيا في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية، شمل الدعم التقني لبناء محطة نووية مستقبلية، كذلك أصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في ديسمبر (كانون الأول) 2023 تقريراً يثمن تطور الإطار القانوني المغربي، ويشجع على مزيد من المواءمة مع المعايير الدولية".

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومضى في حديثه "عرف التعاون النووي بين المغرب وفرنسا محطات مهمة تعكس اهتماماً متبادلاً بتطوير الاستخدام السلمي للطاقة النووية، فمنذ يوليو (تموز) 2010 وُقع اتفاق بين البلدين يهدف إلى دعم التعاون في هذا المجال، ووضع الأسس لتبادل الخبرات والتكنولوجيا".
وتجدد الاهتمام الفرنسي بالمشروع خلال زيارة وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير إلى المغرب في أبريل (نيسان) 2024، حيث قدم عرضاً للمساهمة في تطوير مفاعلات نووية نمطية صغيرة، وهي تقنية واعدة تتماشى مع أهداف المملكة في تأمين طاقة مستقرة ومنخفضة الانبعاثات لتعزيز إنتاجه الطاقي الأقل تلوثاً والمنخفض الكلفة على المدى البعيد، مما يعزز الأمن الطاقي.
مرحلة التفاوض والاستكشاف
الأكاديمي المغربي المتخصص في الطاقات المتجددة لفت الانتباه إلى أنه "على رغم التقدم في التعاون الثنائي فإن زيارة الرئيس الفرنسي إلى المغرب في أكتوبر 2024، التي أسفرت عن توقيع اتفاقات استثمارية كبرى بقيمة 10 مليارات يورو (10.34 مليار دولار) لم تتطرق بشكل علني إلى اتفاقات رسمية بخصوص إنشاء محطة نووية بالمملكة.
وقال "تركزت الاتفاقات الموقعة حينها على مجالات أخرى، كالنقل والطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، على رغم أن هذه الاتفاقات تبقى مفتوحة على كل الخيارات الطاقية التي يمكن أن تشمل الطاقة النووية للاستخدام السلمي وتوليد الكهرباء، لذا على رغم وجود أرضية تعاون تقنية ومقترحات فرنسية حديثة، فلا يزال مشروع التعاون النووي بين المغرب وفرنسا في مرحلة التفاوض والاستكشاف، من دون خطوات معلنة لبناء منشأة نووية".
وعلى مستوى الإمكانات، يردف ملاوي، يعاني المغرب ضغطاً كبيراً في الطلب على الكهرباء، بخاصة مع توسع مشاريع تحلية مياه البحر التي تستهلك طاقة كبيرة، موضحاً أن "الطاقة النووية ستوفر مصدراً ثابتاً ومنخفض الانبعاثات الكربونية، الشيء الذي يتماشى مع أهداف المغرب المناخية، ويعزز أمنه الطاقي".
وأشار إلى أن كلفة إنشاء محطة نووية بالمغرب قد يكلف ـ بحسب تقارير ـ 40 مليار دولار، وهي كلفة تشكل تحدياً في ظل ضعف الموارد المالية الوطنية والحاجة إلى شراكات دولية قوية، مبرزاً أنه "على رغم التحديات المتعلقة بالأمان والنفايات النووية والقبول المجتمعي، فإن هذا المشروع يظل مطروحاً بجدية متزايدة".
وخلص ملاوي إلى أن نجاح المشروع النووي بالمغرب رهين بتأمين تمويل خارجي وتطوير الكفاءات الوطنية، وهو ما لوحظ أخيراً في شأن انتظام المملكة بجدية في هذا الباب، مما قد يجعلها رائدة أفريقياً في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، خصوصاً توليد الكهرباء.
عوامل التعثر
من جهته يرى المتخصص في الشأن الاستراتيجي، محمد عصام لعروسي، أن مشروع المنشأة النووية في المغرب تعثر لأسباب رئيسة عدة، أبرزها تشنج البيئة الإقليمية والدولية، وتصاعد منسوب الأزمات والخلافات بين الدول.
وأضاف لعروسي عاملاً ثانياً حاسماً يحول دون إحداث منشأة نووية مغربية، متمثلاً في ارتفاع الكلفة بكل ما تعنيه من إمكانات تقنية وتدريبات ولوجيستيك، وغيرها من التحضيرات التي تحتاج إلى موازنات كبيرة على رغم المنافع التي قد يجنيها الاقتصاد الوطني من هذه الطاقة النووية المستخدمة لأغراض مدنية.
واسترسل المتحدث ذاته بأن عاملاً ثالثاً لا يمكن تجاهله في عرقلة أي مشروع نووي بالبلاد، متجسداً في التكوين والتدريب، إذ إن المراقبة المستمرة والصيانة تحتاج إلى مواكبة وموازنات مالية مهمة.
ولفت مدير مركز منظورات للدراسات الجيوسياسية إلى أن المنشآت النووية لأغراض سلمية ومدنية في الدول النامية تظل قليلة، لأنها في العادة تكون بنية تحتية لإنجاز مشاريع نووية كبرى تعارضها في الغالب الدول والقوى الكبرى بالعالم.
وذهب لعروسي إلى أن هناك أيضاً خطر تعرض المنشآت النووية لحوادث دموية ومدمرة، مثل ما حصل في "كارثة تشيرنوبيل"، وهي حادثة نووية إشعاعية كارثية شهدها المفاعل رقم 4 من محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية، في الـ26 من أبريل 1986.
وتوقف عند عامل جوهري يقف أمام إنشاء المغرب منشأة نووية، متمثلاً في الصراعات الدولية الراهنة، حين كانت المملكة تراهن على روسيا في هذا المجال، غير أن موسكو منشغلة بالحرب مع أوكرانيا وبأوضاع عالمية أخرى، الشيء الذي يجعل مثل هذه المشاريع لا تدخل في أجندة أولوياتها.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

منشآت إيران النووية الرئيسة... عددها ومواقعها الاستراتيجية
منشآت إيران النووية الرئيسة... عددها ومواقعها الاستراتيجية

Independent عربية

timeمنذ 6 ساعات

  • Independent عربية

منشآت إيران النووية الرئيسة... عددها ومواقعها الاستراتيجية

تمتلك إيران عدداً من المنشآت المهمة المرتبطة ببرنامجها النووي، والتي أسهمت في تحقيق تقدم سريع للنظام الإيراني في هذا المجال، وهي الآن محور عدة جولات تفاوض مع الولايات المتحدة. تنتشر هذه المنشآت في مختلف أنحاء البلاد، بما في ذلك منشأة تقع في قلب العاصمة طهران، مما يعكس اتساع نطاق البرنامج النووي الإيراني. وتعد منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم أبرزها، وتعرضت في أكثر من مناسبة لهجمات تخريبية نسبت إلى إسرائيل. وأما المنشآت النووية الإيرانية من حيث أهميتها ودورها في البرنامج النووي فهي كالتالي: منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم تقع منشأة نطنز النووية على بعد 220 كيلومتراً جنوب شرقي طهران، وتعد القاعدة الرئيسة لتخصيب اليورانيوم في إيران. وصُمم جزء من هذه المنشأة تحت الأرض، في قلب هضبة إيران المركزية، لتكون محصنة ضد أية ضربات جوية محتملة. وتضم المنشأة عدداً من "سلاسل التخصيب" أو مجموعات من أجهزة الطرد المركزي، التي تسرع من عملية تخصيب اليورانيوم. وتعمل إيران حالياً على حفر أنفاق في جبل "كولنغ غزلا" الواقع مباشرة خلف السياج الجنوبي لمنشأة نطنز. وكانت هذه المنشأة هدفاً لهجوم بفيروس "ستاكس‌ نت"، الذي يعتقد أنه من تصميم إسرائيل والولايات المتحدة، وتسبب بتدمير عدد من أجهزة الطرد المركزي الإيرانية، وتعرضت منشأة نطنز لهجومين تخريبيين منفصلين نُسبا إلى إسرائيل، مما يسلط الضوء على الأهمية الاستراتيجية لهذه المنشأة في البرنامج النووي الإيراني. منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم تقع منشأة فوردو النووية على بعد نحو 100 كيلومتر جنوب غربي طهران، وتضم المنشأة أيضاً مجموعات من أجهزة الطرد المركزي المستخدمة في تخصيب اليورانيوم، وإن كانت أصغر حجماً من منشأة نطنز. ويعتقد أن منشأة فوردو، المدفونة تحت الجبال ومحاطة بأنظمة دفاع جوي، صممت خصيصاً لتحصينها ضد أي هجوم جوي محتمل. ووفقاً لتقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بدأ بناء المنشأة عام 2007 في الأقل، لكن إيران لم تعلن وجودها إلا عام 2009، بعدما كشفتها الولايات المتحدة وأجهزة استخبارات غربية، لتقوم طهران لاحقاً بإبلاغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية بوجود هذه المنشأة رسمياً. محطة بوشهر النووية تقع المحطة النووية التجارية الوحيدة في إيران داخل مدينة بوشهر على ضفاف الخليج العربي، على بعد نحو 750 كيلومتراً جنوب العاصمة طهران. وبدأ بناء هذه المنشأة في عهد الشاه محمد رضا بهلوي منتصف سبعينيات القرن الماضي، لكنها تعرضت مراراً للقصف خلال الحرب الإيرانية-العراقية. ولاحقاً، استكملت روسيا أعمال بناء هذه المحطة. وتعمل طهران حالياً على إنشاء مفاعلين إضافيين مشابهين داخل الموقع ذاته. ويزود مفاعل بوشهر بالوقود النووي المخصب في روسيا، وليس داخل إيران، وتخضع عملياته لإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) مفاعل أراك للماء الثقيل يقع مفاعل أراك للماء الثقيل على بعد 250 كيلومتراً جنوب غربي طهران. ويستخدم الماء الثقيل لتبريد المفاعلات النووية لكنه ينتج أيضاً البلوتونيوم، الذي يمكن استخدامه نظرياً في تصنيع الأسلحة النووية. وإذا ما قررت إيران السعي لامتلاك سلاح نووي، فقد يشكل هذا المفاعل مساراً بديلاً عن استخدام اليورانيوم المخصب. وبموجب الاتفاق النووي الذي أبرم عام 2015 بين إيران ومجموعة الدول 5+1 (الدول الخمسة الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا)، وافقت طهران على إعادة تصميم هذا المفاعل بما يبدد المخاوف المتعلقة بانتشار الأسلحة النووية. مركز أصفهان للتكنولوجيا النووية تقع هذه المنشأة في أصفهان على بعد نحو 350 كيلومتراً جنوب شرقي طهران، وتضم آلاف الخبراء في المجال النووي. وتحوي ثلاثة مفاعلات بحثية صينية ومختبرات مرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني. صورة بواسطة الأقمار الإصطناعية لمفاعل طهران للأبحاث كما بدا في 22 أبريل 2025 (بلانت لابس/ أ ب) مفاعل طهران للبحوث النووية يقع مفاعل طهران للبحوث النووية داخل مقر منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، وهي الهيئة المدنية المشرفة على البرنامج النووي داخل البلاد، ومنحت الولايات المتحدة هذا المفاعل لإيران عام 1967 ضمن إطار برنامج "الذرة من أجل السلام" الذي أطلقته خلال الحرب الباردة. وفي بداية الأمر، كان المفاعل يعمل باستخدام اليورانيوم عالي التخصيب، لكنه خضع لاحقاً لتحديثات تتيح له العمل باليورانيوم منخفض التخصيب، وذلك استجابة للمخاوف الدولية المتعلقة بانتشار الأسلحة النووية.

ترمب يوقع أوامر تنفيذية لتعزيز الطاقة النووية الأميركية
ترمب يوقع أوامر تنفيذية لتعزيز الطاقة النووية الأميركية

Independent عربية

timeمنذ 9 ساعات

  • Independent عربية

ترمب يوقع أوامر تنفيذية لتعزيز الطاقة النووية الأميركية

وقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمس الجمعة، أربعة أوامر تنفيذية تهدف، بحسب مستشاره، إلى إطلاق "نهضة" الطاقة النووية المدنية في الولايات المتحدة، مع طموح بزيادة إنتاج الطاقة النووية أربع مرات خلال السنوات الـ25 المقبلة. ويريد الرئيس الأميركي الذي وعد بإجراءات "سريعة للغاية وآمنة للغاية"، ألا تتجاوز مدة دراسة طلب بناء مفاعل نووي جديد 18 شهرا، ويعتزم إصلاح هيئة التنظيم النووي، مع تعزيز استخراج اليورانيوم وتخصيبه. وصرح ترمب للصحافيين في المكتب البيضوي: "الآن هو وقت الطاقة النووية"، فيما قال وزير الداخلية دوغ بورغوم إن التحدي هو "إنتاج ما يكفي من الكهرباء للفوز في مبارزة الذكاء الاصطناعي مع الصين". وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض طلب عدم الكشف عن هويته للصحافيين: "نريد أن نكون قادرين على اختبار ونشر المفاعلات النووية" بحلول يناير (كانون الثاني) 2029. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وتظل الولايات المتحدة أول قوة نووية مدنية في العالم، إذ تمتلك 94 مفاعلاً نووياً عاملاً، لكن متوسط أعمار هذه المفاعلات ازداد حتى بلغ 42 سنة. ومع تزايد الاحتياجات على صعيد الكهرباء، والتي يحركها خصوصاً تنامي الذكاء الاصطناعي، ورغبة بعض البلدان في الاستغناء عن الكربون في اقتصاداتها، يزداد الاهتمام بالطاقة النووية في جميع أنحاء العالم. والعام 2022، أعلنت فرنسا التي تبقى صاحبة أعلى معدل طاقة نووية للفرد بواقع 57 مفاعلا، برنامجا جديدا يضم ستة إلى 14 مفاعلا. ومن المتوقع أن يبدأ تشغيل أول هذه المفاعلات العام 2038. وتظل روسيا المصدر الرئيسي لمحطات الطاقة، إذ لديها 26 مفاعلا قيد الإنشاء، بينها ستة مفاعلات على أراضيها.

أنظمة الذكاء الاصطناعي تصنع مجتمعاتها الخاصة حينما تترك وحيدة
أنظمة الذكاء الاصطناعي تصنع مجتمعاتها الخاصة حينما تترك وحيدة

Independent عربية

timeمنذ 19 ساعات

  • Independent عربية

أنظمة الذكاء الاصطناعي تصنع مجتمعاتها الخاصة حينما تترك وحيدة

تشرع أنظمة الذكاء الاصطناعي في تكوين مجتمعات حينما تترك وحيدة، وفق ما اكتشفه متخصصون. وحينما تتواصل مع بعضها بعضاً ضمن مجموعات، فإنها تستطيع تنظيم نفسها وتشكيل أنواع جديدة من المعايير اللغوية، بطريقة تتشابه كثيراً مع ما يحصل في المجتمعات الإنسانية، وفق علماء. وفي دراسة عن تلك الظاهرة، تحرى البحاثة مجريات التفاعل المتبادل بين النماذج اللغوية الكبرى للذكاء الاصطناعي، على غرار التقنية التي يستند إليها "تشات جي بي تي" وغيره من الأدوات الذكية. وبصورة جزئية، تمثل الهدف من الدراسة في استباق المرحلة التي ستغدو فيها الإنترنت مملوءة بأمثال تلك الأنظمة، فتأخذ في التفاعل وحتى التحادث، مع بعضها بعضاً. وبحسب المؤلف الرئيس لتلك الدراسة، أرييل فلينت آشيري، وهو باحث يعد رسالة دكتوراه في جامعة "سيتي سان جورج"، فإن "معظم الأبحاث تعاملت حتى الآن مع النماذج اللغوية الكبرى كلاً على حدة. ولكن، أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تعمل في العالم الفعلي، ستضم مجموعة متزايدة من الوكلاء الأذكياء [على غرار "سيري" Siri و"آليكسا" Alexa و"مانوس" Manus]. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وأضاف "أردنا أن نعرف: هل يمكن لهذه النماذج تنسيق سلوكها من طريق تشكيل اتفاقات، وهي اللبنات الأساسية للمجتمع؟ وجاءت الإجابة بالإيجاب [بمعنى أن أنظمة الذكاء الاصطناعي تستطيع أن تتفق معاً على طرق معينة في التصرف]. وما يمكنها إنجازه كمجموعة متوافقة لا يمكن اختزاله بما تفعله كل واحدة منها على حدة". ولفهم كيفية تشكل هذه المجتمعات، استخدم البحاثة نموذجاً مستعملاً لدى البشر، ويسمى "لعبة التسمية" naming game. ويتضمن ذلك أن يوضع أشخاص، أو وكلاء الذكاء الاصطناعي، مع بعضهم بعضاً، ثم الطلب منهم اختيار "اسم" من بين مجموعة خيارات، وبعدها تجري مكافأتهم إذا اختاروا كلهم الاسم نفسه. ومع مرور الوقت، لوحظ أن وكلاء الذكاء الاصطناعي شرعوا في إرساء توافقات مشتركة جديدة في ما بينهم، بدت كأنها تنبثق بصورة تلقائية من المجموعة ككل. وجرى ذلك من دون تنسيق أعمالهم أو التشاور معاً على تلك الخطة، وحدث ذلك بالطريقة نفسها التصاعدية التي تتشكل فيها المبادئ داخل الثقافات البشرية. يبدو أن مجموعة وكلاء الذكاء الاصطناعي طورت أيضاً بعض التحيزات التي بدت هي الأخرى ناتجة من التفاعل داخل المجموعة وليس من وكيل معين. ووفق توضيح من أستاذ علم التعقيد في جامعة "سيتي سان جورج"، المؤلف الرئيس للدراسة أندريا بارونتشيللي، "التحيز لا يأتي دائماً من الداخل، لقد فوجئنا برؤية أنه يمكن أن ينشأ بين الوكلاء - فقط من خلال تفاعلاتهم. وتمثل هذه ثغرة بحثية لم تخضع لدراسة كافية في معظم الأعمال المتعلقة بسلامة الذكاء الاصطناعي، التي تركز على كل نموذج الفردية". وكذلك برهن البحاثة على إمكان أن تعمل مجموعة صغيرة من وكلاء الذكاء الاصطناعي على الدفع بمجموعة أكثر عدداً منها، صوب تبني توافق معين. ولقد لوحظ هذا النمط نفسه في المجموعات البشرية أيضاً. ويشير البحاثة إلى أن عملهم يجب أن يستفاد منه في تقصي التشابه والاختلاف بين البشر وأنظمة الذكاء الاصطناعي، خصوصاً مع تزايد هيمنة الأخيرة على الإنترنت، ولعلها أخذت بالتحادث والتعاون بين بعضها بعضاً، من دون أن يكون ذلك معلوماً. ووفق بيان من البروفيسور بارونتشيللي، "تفتح هذه الدراسة آفاقاً جديدة لفهم قضايا أمان الذكاء الاصطناعي. وتظهر جانباً من التداعيات المترتبة على ظهور هذا النوع الجديد من الوكلاء الذين بدأوا في التفاعل معنا، وسيشاركوننا في صياغة مستقبلنا". وأضاف بارونتشيللي، "يشكل التوصل إلى فهم طريقة عملهم [وكلاء الذكاء الاصطناعي] أحد المفاتيح الأساسية في قيادة عيشنا المشترك مع الذكاء الاصطناعي، بدلاً من أن نكون مجرد أدوات في نظامه. نحن نسير صوب عالم لا يكتفي فيه الذكاء الاصطناعي بالتكلم، بل يتفاوض ويتحالف وقد يختلف في بعض الأحيان في شأن سلوكيات مشتركة. ويشبه ذلك ما يحدث معنا [البشر]". وظهرت نتائج ذلك البحث في دراسة حديثة عنوانها "توافقات اجتماعية وانحيازات جمعية انبثقت بين مجاميع النماذج اللغوية الكبرى" Emergent Social Conventions and Collective Bias in LLM Populations. ونشرت الدراسة في مجلة "ساينسس أدفانسيس" (التطورات العلمية) Science Advances.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store