
في وداع محمد عزيزة
كانت الرابطة تعتبر من أهم منصات الجذب الثقافي والمدني والاجتماعي وحتى السياسي في الحاضرة الطرابلسية؛ فطرابلس وإن اشتهرت بزنود الست والسمكة الحرة، فإن مجتمعها المدني مصاب بلوثة ثقافية لا شفاء منها، حتى إن مكتباتها ونواديها وروابطها والكثير من مقاهيها المنتشرة في جميع الأحياء، لطالما كانت مركزاً للمطالعة والحوار والجدل الفكري والسياسي والأدبي بين نخبها واتجاهاتهم المتنوعة والمتعددة.
إن نكشاً خفيفاً في التاريخ الحديث لطرابلس يظهر لنا آباراً ثقافية لطالما ارتوى منها الرواد الطرابلسيون.
لذا لا غرابة في أن يخرج من إحدى هذه الآبار مجموعة العشرة التي رفعت اسم طرابلس عالياً في المحافل والمعارض الفنية في الكثير من بلدان العالم، حاصدين الجوائز، جماعة وفرادى، حتى إن الكثير من المتاحف المشهورة اقتنت من أعمالهم الفنية ما يشكل تقديراً لهم واعترافاً بإبداعاتهم.
وقد نال راحلنا الكثير من الجوائز وبعض لوحاته تزين قصر بعبدا والقصر الجمهوري البرازيلي والكثير من الأماكن وبيوت عشاق الفن التشكيلي.
تعرفت على محمد عزيزة عن قرب في تسعينيات القرن الماضي في كلية الفنون في الجامعة اللبنانية الفرع الثالث، ذلك أنني كنت أزور جميع كليات الفروع الشمالية بصفتي النقابية آنذاك واجتمع مع الأساتذة للتداول في الشؤون والشجون الكثيرة، خصوصاً في آواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات حين انهارت قيمة الرواتب وتردت الخدمات.
وكان المعهد، الذي تأسس على يد فضل زيادة وعدنان خوجة ومحمد عزيزة ومحمد غالب وآخرين، هو المفضل لي في الزيارات، رغم أنني ابن كلية العلوم والمعادلات الرياضية. فالمعهد (الكلية لاحقاً) بمجالاته وورشه المختلفة كان وما زال يضفي على "الزائر الغريب" خليطاً من التوثب والراحة. فداخل المعهد هو عالم خاص، عالم المخيلة والريشة والإزمير، عالم اللوحة والمنحوتة والحواديت المتنقلة، عالم تختلط فيه الأفكار والأهواء والرموز، عالم يقتحم الآفاق دون استئذان.
أذكر أنني اطلعت في إحدى الزيارات على اللوحات المكدسة لخريجي الدبلوم، ما جعلنا نعمل على أن تعار وتعرض في باحات وقاعات الكليات في جميع الفروع.
شكل هذا الموضوع أساس الفكرة التي راودتنا حين كنا نحتفل في منزل زميلنا الفنان علي العلي في إنجاز أسس المدينة الجامعية في المون ميشال من نقل ملكية واستملاكات وتلزيم شركة للدراسات، فقد فكرنا بتحويل حائط كلية العلوم في القبة إلى جداريات منفذة كمشاريع الدبلوم لطلاب الفن التشكيلي، في رغبة لإعطاء دفق حداثي في منطقة فائقة الرمزية كمقدمة لمشروع ثقافي إنمائي في حي القبة المهمش وفي الأحياء المجاورة.
في أحد أيام نيسان/أبريل 2004 ، وبعد أن رممت البلدية الحائط، أتى علي العلي إلى العلوم ومعه زميله محمد عزيزة. وبعد شرح الفكرة وأبعادها وأهمية الشارع الذي يربط الأحياء والأقضية المتنوعة ويحتضن عشرات المؤسسات ويؤمه يومياً آلاف الشماليين، بادرني محمد بالقول: إن فكرة الطلاب رائعة ولكن لرمزية وتاريخية المكان وسمو الهدف أقترح أن ينفذ الجداريات أساتذة وفنانون تشكيليون، وقال مبتسماً: نبدأ أنا وعلي وأظن أن الأساتذة جميعهم "بين يديك"، المهم أن تؤمن المواد اللازمة لكل جدارية، و تابع قائلاً ولن يصعب عليك إقناع البلدية وتأمين الرعاة. وهكذا كان، إذ تدفق الأساتذة والفنانون التشكيليون إلى الجدار والكلية، جالبين معهم عبقريتهم وأمزجتهم وأهواءهم، ما جعل محمد عزيزة يقول لي ساخراً أنت الآن في وكر الدبابير.
كان عزيزة غزير العطاء في سنواته الأخيرة، خصوصاً في تصويره للمعاناة في لبنان وسوريا وفلسطين والمنطقة، وكان كثر ينتظرون عمله على "الفايسبوك".
قال وجيه نحلة عن محمد عزيزة إنه أهم من أجاد في إظهار جمالية الألوان في لوحاته، وقال عنه آخرون إنه من أفضل رسامي البورتريه. أما أنا فأقول له وداعاً محمد. وشكراً لأنك أدخلتني إلى وكر الدبابير، فقد أبدعت مع هذه الدبابير أعمالاً انعكست وانتشرت في كل مكان، وجلبت لطرابلس لقب "مدينة الجداريات".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ليبانون 24
منذ 28 دقائق
- ليبانون 24
برفقة زميلها الوسيم.. ياسمين عبد العزيز تُشعل المواقع خلال تواجدها في نادٍ رياضي (صورة)
انتشرت صورة للفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز عبرمواقع التواصل الاجتماعي. وأطلت ياسمين خلال تواجدها في النادي برفقة زميلها الفنان الوسيم كريم فهمي. وانهالت تعليقات المتابعين الذين أثنوا على ثنائية ياسمين وكريم التي قدماها خلال رمضان الماضي في مسلسل "وتقابل حبيب" الذي حقق نجاحا كبيراً.


الديار
منذ 28 دقائق
- الديار
الاعلامي جوزيف إبراهيم في موسكو والسبب؟
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب في خطوة جديدة تُضاف إلى مسيرته الإعلامية، يشارك الصحافي اللبناني جوزيف إبراهيم في برنامج "الجيل الجديد" التدريبي في العاصمة الروسية موسكو، من تنظيم الوكالة الفيدرالية الروسية للتعاون الدولي، وباستضافة قناة روسيا اليوم (RT). ويهدف هذا البرنامج إلى تعزيز التبادل الإعلامي والثقافي بين الصحافيين من مختلف الدول، من خلال إتاحة الفرصة أمامهم للاطلاع على أبرز أساليب وتقنيات العمل الإعلامي المعتمد في كبرى وسائل الإعلام الروسية. خلال إقامته، سيخوض جوزيف إبراهيم تجارب إعلامية مباشرة، ويتبادل الخبرات مع زملاء من دول متعددة، مما سيساهم في تطوير كفاءاته المهنية وتوسيع أفقه الإعلامي على الصعيدين التقني والتحريري. تأتي هذه المشاركة كدليل على الثقة المتزايدة بكفاءات الإعلاميين اللبنانيين، وعلى أهمية دمجهم في الساحات الإعلامية العالمية.


النهار
منذ 30 دقائق
- النهار
بيني بلانكو يشارك صوراً خاصة غير منشورة لسيلينا غوميز
مع احتفال سيلينا غوميز بعيد ميلادها الثالث والثلاثين، محاطةً بـ"أعزّ المقربين"، كان خطيبها بيني بلانكو بجانبها، وقد استغلّ هدوء ما بعد الاحتفالات ذات الطابع "الديسكوي" ليشارك جانباً أكثر خصوصيةً من حياة المغنية والممثلة ورائدة الأعمال الأميركية. أكّد المنتج الموسيقي أنه مفتونٌ بغوميز كعادته، إذ قدّم الى معجبيه لمحةً نادرةً من وراء الكواليس عن حياتهما "الوردية" معاً، مع تلميحٍ خفيٍّ عن عادات"الجميلة النائمة". كتب بلانكو تعليقاً على مجموعةٍ من الصور التي شاركها مع متابعيه البالغ عددهم 3 ملايين أمس الثلاثاء: "حياتنا حلم... لذا لن أوقظك إطلاقاً... عيد ميلاد سعيد يا حبيبتي". ومع تعليقه العاطفي، نشر خمس صورٍ مختلفةٍ لزوجته المستقبلية وهي نائمة في أماكن عشوائية. View this post on Instagram A post shared by benny blanco (@itsbennyblanco) في الصورة الأولى، ظهر بلانكو مرتدياً هودي زرقاء في صورة "سيلفي" في المقعد الخلفي للسيارة، بينما كانت غوميز غافيةً على كتفه وعلى المقاعد الجلدية. وظهرت غوميز في الصورة الثانية مُسترخيةً تحت بطانية وردية ناعمة. وفي صورتين لاحقتين، شوهدت مُلتفةً ببطانيات دافئة مُتنوعة وهي تغفو على الأريكة. سيلينا غوميز نائمة (إنستغرام) وأما الصورة الأخيرة، فقد أظهرت غوميز من دون مكياج، ترتدي بلوزة حمراء بأكمام طويلة، مُمسكةً ببطانية من قماش الشيربا، بينما تُريح عينيها بهدوء على السرير. شكّلت هذه المشاهد المُريحة وغير المُفلترة تبايناً مُتناقضاً مع حفلة عيد الميلاد المُستوحاة من موسيقى الديسكو في ثمانينات القرن الماضي، إذ اختفلت غوميز برفقة صديقاتها القريبات من المشاهير مثل تايلور سويفت وصوفيا كارسون...