
هل آن أوان الاعتراف؟ – السيد نوري المالكي في مرآة الواقع العراقي !!
في لقائه الأخير مع الإعلامي ليث الجزائري في برنامج 'نفس عميق' على قناة آي نيوز، بدا السيد نوري المالكي، وهو أحد أبرز مهندسي العملية السياسية في العراق منذ عام 2003 وحتى اللحظة، كما لو أنه يتحدث من خارج المشهد لا من داخله، كما لو أنه يقرأ واقعاً طارئاً غريباً لا تمت له يد بصلة، بينما نحن نعلم أن اليد التي تكتب الآن هي ذاتها التي وضعت اللبنات الأولى لكل هذا البناء المتصدع.السيد المالكي، بلهجته الواثقة ونبرته المتعبة، عبر عن إحباط واضح من حال البرلمان المعطل، وهو البرلمان الذي تشكلت رئاسته بمباركة الإطار التنسيقي الذي ينتمي إليه. كما لم يُخفِ امتعاضه من أداء رئيس الحكومة الحالي، السيد محمد شياع السوداني، الذي وصفه بأنه 'نتاج' للإطار، لكنه يتصرف ـ حسب قوله ـ باستقلالية مريبة، يعقد الاتفاقات الدولية سراً وعلناً دون الرجوع إلى من أتى به، بل دون حتى إعلامهم. ويبدو أن هذا الانفصام بين الترشيح والتنفيذ قد أصاب السيد المالكي بخيبة أمل لا يخفيها، حين قال: 'نحن، دائماً، غير موفقين في الترشيحات'.وهنا، لا بد من طرح السؤال: هل هذا فعلاً استغراب أم اعتراف؟ وهل نحن أمام قراءة جديدة من السيد المالكي لما يحدث، أم أمام إعادة تدوير خطاب طالما سمعناه، لكننا لم نرَ له فعلاً يُصحح أو يُحاسب؟
السيد المالكي أشار أيضاً إلى أزمة اقتصادية خانقة تهدد البلاد رغم 'الوفرة المالية'، ليتساءل: 'أين ذهبت الأموال؟'. سؤال مشروع لا شك، لكنه حين يُطرح من أحد صناع القرار في ذروة مراحل الهدر المالي، فإن المشروعية تتحول إلى مفارقة. من يُفترض أن يجيب؟ ومن الذي حمل مفاتيح السلطة لأكثر من ثماني سنوات؟ أليست تلك السنوات تحديداً هي التي أرست أسس الاقتصاد الريعي، والفساد المؤسسي، وتفكيك الإدارة المالية للدولة؟
وفي نقطة أخرى، أبدى المالكي خشيته من 'الطائفية'، ومن ترسيخ الولاءات المكوناتية على حساب الولاء للوطن، لكنه لم يقل لنا كيف تسللت هذه الآفة، ومن زرعها في جسد الدولة العراقية. ومن الذي جعل من 'المكوَّن' مظلة سياسية، وليس حالة اجتماعية ـ ديموغرافية؟ أليس في هذا إقراراً بأن المحاصصة التي كانت تُعرض في وقت ما كحل انتقالي، قد أصبحت قاعدة صلبة تُنحت على مقاسات الطامحين إلى السلطة لا الحالمين بوطن؟
تحدث السيد المالكي ـ بدهشة ـ عن تنامي حزب البعث وتنظيماته، وعن الإرهاب الذي 'يجد في الوضع الإقليمي ما يُحفزه على إعادة الكرة'، وتساءل عن حجم الإنفاق الانتخابي الجنوني، ووصف أحد المرشحين الذي طلب منه التحالف مقابل 800 مليون (دولار كما يُرجح) قائلاً: 'فاصلتُه على السعر، فأجابني أن غيركم دفع مليار'. وهنا تزداد علامات الاستفهام: أليس في هذه الرواية ما يكشف بوضوح أن اللعبة كلها تُدار خارج المعايير السياسية والأخلاقية؟ ثم، أليس في جواب المالكي لذلك المرشح ـ 'نعطيك اللي نقدر عليه… أما ما لا نقدر عليه فلم يتضح بعد' ـ إشارة غير خفية إلى آلية التفاهمات السياسية القائمة على 'تقاسم المغانم' لاحقاً؟
السؤال الأكبر هنا: هل السيد المالكي مصدوم فعلاً من هذه الممارسات؟ أم أنه يقول بصوت عالٍ ما كان يُقال خلف الأبواب؟ وهل الاستغراب حقيقي؟ أم أنه محاولة لتقديم خطاب سياسي جديد، على أنقاض خطاب قديم فقد جاذبيته وتأثيره؟
لا أحد ينكر حجم التحديات التي تواجهها الدولة العراقية، ولا أحد يزايد على خطورة البعث والإرهاب والطائفية، لكن الذي نحتاج إليه اليوم هو الاعتراف الصريح بأن الخلل ليس فقط في النتائج، بل في المنهج نفسه، في فلسفة الحكم، في بنية النظام الذي بُني على أساس 'تقاسم' لا 'تكامل'، وعلى 'توزيع' لا 'إنتاج'.
لقد باتت الشعارات أكبر من الواقع، والخطابات السياسية ـ مهما بلغت من براعة ـ عاجزة عن تغطية حجم الفشل والانهيار. وإذا كان السيد المالكي، وهو من أقدم السياسيين العراقيين وأشدهم نفوذاً، يشعر بالقلق والخوف والخذلان، فكيف حال المواطن العراقي الذي لم يحصل لا على سلطة، ولا على ثروة، ولا حتى على أمل؟
أليس هذا كله، يا سيد المالكي، هو الثمرة المرّة لزراعة امتدت لعقدين؟ وإذا كنتم اليوم تطرحون الأسئلة، فمن يملك الأجوبة؟
ربما يكون أول الطريق نحو الحل هو الصدق مع النفس، والتوقف عن الاندهاش مما نعرف جميعاً أنه كان نتيجة طبيعية لما جرى، وما جرى كان بعلمكم، بل وبتوقيعكم.!!

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


وكالة أنباء براثا
منذ 33 دقائق
- وكالة أنباء براثا
البنتاغون ينشر نتائج التحقيق بالانسحاب "الكارثي" من أفغانستان
أعلن وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيغسيث، اليوم الثلاثاء، (20 أيار 2025)، أن النتائج الأولية للتحقيق في عملية انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان قد تُعلن بحلول يوم غد الأربعاء. وقال وزير الدفاع الأمريكي، في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز"، إنه "على الرغم من أن هذه المراجعة تستغرق وقتًا، إلا أن جميع المعنيين بالانسحاب الكارثي من أفغانستان يتحملون المسؤولية". وأضاف أنه من المتوقع صدور بيان عن تقدم عمل فريق التحقيق "إن لم يكن في وقت لاحق من اليوم، فغدًا الأربعاء"، بحسب تعبيره. وأشار هيغسيث إلى أن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) تُحقق تقدمًا ملموسًا في جمع المعلومات وإجراء المقابلات مع المسؤولين، مع الإشارة إلى أن بعض التفاصيل تتطلب وقتًا أطول بسبب السرية المحيطة بالعملية "وقد يستغرق التحقيق حتى عام 2026"، بحسب الوزير. وأكد أنه اختار أعضاء فريق التحقيق "بعناية"، ومن بينهم ستيوارت شيلر العامل حاليًا في البنتاغون، واصفًا إياه بأنه "الشخص الوحيد الذي طُرد بسبب قوله الحقيقة حول ما كان يحدث في أفغانستان". وبعد عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بدأ البنتاغون عملية جديدة للتحقيق في انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان. وانتقد ترامب وفريقه إدارة سلفه جو بايدن مرارًا حول طريقة الانسحاب من أفغانستان في صيف 2021، والتي أدت إلى سيطرة طالبان على البلاد. على الرغم من عدم تبني ترامب سياسة واضحة تجاه أفغانستان حتى الآن، إلا أنه ركز بشكل خاص على استعادة الأسلحة والمعدات العسكرية المتبقية هناك، والتي تبلغ قيمتها أكثر من 7 مليارات دولار. لكن هذا الأمر رفضته حركة طالبان، حيث قال ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم حكومة طالبان، في وقت سابق، إن "من يريد الأسلحة عليه أن يأتي إلى هنا (أفغانستان) ويأخذها"، في إشارة إلى عدم التنازل عنها إلا بالقتال. من جهة أخرى، أعرب الرئيس الأمريكي عن اهتمامه الكبير بقاعدة باغرام الجوية في أفغانستان، مؤكدًا أهميتها الاستراتيجية لقربها من الصين، وزعم في تصريحات عدة بأن القاعدة أصبحت الآن "تحت سيطرة الصينيين".


وكالة أنباء براثا
منذ 3 ساعات
- وكالة أنباء براثا
وزير الحرب الأميركي يعترف: فشل العملية العسكرية ضد أنصار الله في اليمن
أقرّ وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث بفشل العملية العسكرية التي شنتها الولايات المتحدة ضد 'أنصار الله' في اليمن، مؤكداً أنها لم تحقق أهدافها المعلنة بالقضاء عليها أو ردعها. وفي مقابلة خاصة مع قناة 'فوكس نيوز' الأميركية، قال هيغسيث: 'لم ندمر الحوثيين. لدينا أولويات أخرى نحتاج للتركيز عليها، كالصين وإيران. الولايات المتحدة لن تكرر ما فعلته في العراق وأفغانستان'، مشيراً إلى أن الرئيس دونالد ترامب قرر في نهاية المطاف وقف العمليات العسكرية في البحر الأحمر بهدف 'حماية الملاحة'. الاعتراف الأميركي الصريح بالفشل تزامن مع تحذيرات أطلقها القائم بأعمال رئيس العمليات البحرية الأميركية، جيمس كيلبي، خلال جلسة نقاش في مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن، حيث شدد على ضرورة عدم الاستخفاف بقدرات 'أنصار الله'. وقال: 'من الخطأ الاعتقاد بأن اليمنيين سيقفون صامتين. هم يغيرون تكتيكاتهم باستمرار. قد لا يكونون بمستوى الصين، لكنهم يمثلون تهديداً حقيقياً. هم يطاردون سفننا، ولذلك يجب أن نكون مستعدين'. من جهتها، تساءلت صحيفة 'ذا هيل' الأميركية عن جدوى الحملة العسكرية في اليمن، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة نفّذت نحو ألف غارة جوية، وأنفقت قرابة مليار دولار، وخسرت ثماني طائرات مسيّرة وطائرتين من طراز F/A-18 سوبر هورنت، 'من دون تحقيق أي نتائج ملموسة'. وفي تعليق تحليلي نشرته الصحيفة، أكد الكاتب ميشال كايت أن الولايات المتحدة 'تراجعت في جولة مواجهة مع خصم صغير، بالمقارنة مع قوى عظمى مثل الصين'، في إشارة إلى فشل واشنطن في حسم المعركة أو فرض شروطها على 'أنصار الله'.


ساحة التحرير
منذ 9 ساعات
- ساحة التحرير
زيارة ترامب الخليجية…العودة بالجمل وما حمل!ميلاد عمر المزوغي
زيارة ترامب الخليجية…العودة بالجمل وما حمل! ميلاد عمر المزوغي رئيس لا يجامل, يقول الحقيقة امام ضيوفه او مضيفيه من الحكام العرب, قد يذهب اليهم او يستدعيهم وفق الظروف, المؤكد انه موسم الحصاد بالنسبة لترامب الذي لخبط العالم بفرضه ضرائب على السلع المستورة ,جعله يدخل في حرب لا قبل له بها, وخاصة من الدول الكبرى وبالأخص الصين, تراجع قليلا لحفظ ماء وجهه الصفيق,كل ما يهمه جمع المال باي وسيلة, الفرصة مؤاتيه جدا للحلب(للقبض),خاصة وان المزارع تقوم تحت اشراف دولته. هدف الرئيس ترامب من جولته الخليجية هو عقد صفقات تجارية واستثمار مزيد من أموال الدول الخليجية التي لديها فائضا هائلا في الاموال, بالولايات المتحدة, ومواجهة محاولات كل من الصين وروسيا للاستثمار لمنطقة الخليج. وقد نجحت زيارة ترامب للرياض في طمأنة دول الخليج في الجوانب الأمنية وتم الترحيب برفع العقوبات عن سوريا (التي اغدق حكام الخليج الاموال الطائلة لإسقاط النظام السابق) وما تحقق من تفاهمات مع الحوثيين في اليمن والحوار مع إيران بشان برنامجها النووي, وجميعها بالطبع تصب في صالح الدول الثلاث والمنطقة. آما بالشأن الفلسطيني فلا شيء يذكر, بل ان امريكا لا تزال تغذي الة الحرب الصهيونية وارتكابها مجازر الابادة الجماعية, وموقف العرب بوجه عام هو الشجب والادانة والاستنكار. ركزت الجولة على تعزيز العلاقات الاقتصادية، حيث أمنت استثمارات بقيمة تريليونات الدولارات للاقتصاد الأمريكي، السعودية المحطة الاولى في زيارته قدّمتها الرياض وعود باستثمارات بقيمة 600 مليار دولار، حيث تم توقيع صفقة أسلحة ضخمة بين الولايات المتحدة والسعودية تقدر بـ142 مليار دولار ، وصفها البيت الأبيض بأنها 'الأكبر في التاريخ'. وحسب كلام ترامب فان الاستمارات السعودية ستتجاوز التريليون دولار, أما الاستثمارات القطرية تقدر بـ1.2 تريليون دولار تشمل شراء 160طائرات بوينج بقيمة تزيد عن 200 مليار دولار ، واتفاقيات إماراتية بـ200 مليار دولار تركز على الذكاء الاصطناعي. وأكدت 'رويترز' أن دول الخليج تسعى للحصول على أسلحة متطورة ورقائق إلكترونية أمريكية؟, كما تم الاعلان ان الإمارات ستستثمر 1.4 تريليون دولار في الولايات المتحدة على مدى السنوات العشر القادمة. ترى هل هذه الاستثمارات الكبيرة ذات مردود اقتصادي هائل على اصحابها؟, اما يمكن لأمريكا وفي أي وقت ان تقوم بتجميد الاموال لأي سبب وان يكن بسيطا والشواهد على ذلك كثيرة مع بعض الدول الاخرى ؟,هل يمكن للدول الثلاث ان تسحب اموالها بأمريكا وتستثمره في مناطق اخرى من العالم دون استشارة امريكا؟ ا ليس بإمكان الدول الثلاث توطين بعض المشاريع الصناعية ومنها الصناعات الحربية ,اقلها ان تدافع عن نفسها وقت الحاجة؟ الى متى تظل بلدان الخليج الثلاث تستجدي الحماية الدولية؟ ممن؟ من ايران التي جعلت من نفسها قوة اقليمية رغم ان امكانياتها اقل بكثير من امكانيات الدول الثلاث؟, إلى متى يستمر هدر الاموال فيما لا يعني؟ اما كان لهذه الدول ان تستثمر في البلدان العربية التي لديها موارد طبيعية ولكنها غير قادرة على الاستفادة منها بسبب قلة المال؟. لقد عاد ترامب بالجمل وما حمل ,انها الضريبة(الجزية) التي يدفعها كل من يعجز عن حماية نفسه ويستجدي الاخرين حمايته, رغم امتلاكه الامكانيات المادية والبشرية. 2025-05-20 The post زيارة ترامب الخليجية…العودة بالجمل وما حمل!ميلاد عمر المزوغي first appeared on ساحة التحرير.