logo
"فهمت مع "الملكة الأخيرة" كيف أن الاستعمار يريد محو تاريخنا"

"فهمت مع "الملكة الأخيرة" كيف أن الاستعمار يريد محو تاريخنا"

الخبر١٧-٠٤-٢٠٢٥

تحدثت الممثلة والمخرجة والمنتجة عديلة بن ديمراد عن دخولها عالم الدراما مجددا ومشاركتها في مسلسل "الفراق" وسلسلة "الرباعة" وعلاقتها مع نبيل عسلي الذي وصفته بـ"عائلتي الفنية"، كما توقفت في حوار مع "الخبر" عند تجربتها الإخراجية مع فيلم "الملكة الأخيرة" وقالت إنه كان لديها الكثير من الصعوبات في هذا الفيلم "كنت خائفة لأن الفيلم كان خطيرا من ناحية الإنتاج وكان طموحا وكل شيء كان فيه يخيف"، مشيرة إلى أن الإنتاج المشترك أصبح صعبا، قائلة: "في أوروبا لا يريدوننا تقديم مثل هذا العمل، قالوا لنا صراحة ما دخلكم في القرن 16 الجزائري، احكوا لنا عن الإرهاب وعن المعاناة في الجزائر"، كما تناولت مشروعها القادم وهو فيلم سينمائي طويل يحمل عنوان "الزاهية" وهو عن أول فرقة مسرحية جزائرية أسسها علالو في عشرينات القرن الماضي.
شاهدناك في دراما رمضان 2025 في عملين "لفراق" و"الرباعة"، ما الذي أعاد عديلة بن ديمراد إلى الدراما بعد غياب سنوات؟
شاركت منذ أكثر من 10 سنوات مع نبيل عسلي في مسلسل "حانوت عاشور"، وهو إنتاج لم يتم الترويج له في ذلك الوقت. في الحقيقة اشتغلت في المسرح كثيرا، وفي السينما ليس كممثلة فقط بل كمنتجة وكاتبة وعملت في الإخراج أيضا، السينما أخذت كل وقتي وطاقتي، الاشتغال في السينما ليس سهلا حتى تقدم فيلما قد يستغرق الأمر سنتين أو ثلاثا، لكن أنا أحببت السينما وهي التي وجهتني إلى الدراما والتلفزيون بالتحديد، لأنه عندما قدمت فيلم "الملكة الأخيرة" أغلب الذين شاهدوا الفيلم بدأوا يسألونني لماذا لا نراك في التلفزيون، خاصة النساء كل مرة يسألنني لماذا لا نراك في التلفزيون هذا من حقنا (تضحك)، هنا قلت "خلاص". وعندما شاهدت الإقبال على فيلم "الملكة الأخيرة"، قلت يومها إنه من حقي أنا أيضا أن تكون لي علاقة مع الجمهور، أردت أن أزور جمهوري في بيوتهم، حتى وكالتي التي أشتغل معها "وجوه" على رأسها فؤاد تريفي الذي شجعني وقال لي يجب أن نراك على التلفزيون ويجب أن تلتقي مع جمهورك ومن هنا بدأ العمل.
كيف تم التواصل معك من أجل تقديم أعمالك الدرامية مثلا مع نبيل عسلي؟ وكيف اقترح عليك وكيف رأيت دورك في "الرباعة"؟
في التلفزيون كل عام يطلبونني للعمل وكل مرة أرفض العمل، خاصة بسبب انشغالي بأمور أخرى. بالنسبة لنبيل عسلي كان يطلبني منذ أعماله الأولى من وقت "ناس السطح"، لكن لم أكن مرتاحة وبالي كان مع السينما فقط، كما كنت خائفة قليلا رغم أنه يثق بي في الكوميديا، لأنني عملت معه في مسرحيته الأولى في المسرح الوطني بعد تخرجه، وقدمت معه دورا مع ياسمين عبد المومن أيضا. كنت أشكل ثنائيا مع نبيل، فهو يعرفني في الكوميديا كما أن المخرج وليد بوشباح شاهدني في الكوميديا، لكن رغم ذلك لا أملك الثقة الكافية في نفسي في الكوميديا. الحقيقة نبيل كل مرة يتصل بي للعمل معه، أنا أيضا الشيء نفسه فقد طلبته للعمل معي في فيلم "الأخيرة" لكن كان مرتبطا بالعمل على سلسلته "البطحة" ولم يستطع المشاركة، إذن نبيل هذا العام أيضا اتصل بي وسبق له أن صرح "عديلة لها دائما مكانة في مشاريعي"، وهو شعور متبادل، فنبيل عائلتي الفنية، بدأنا منذ الصغر سويا، كنت قدمت "مسرح الربيع" برياض الفتح في ذلك الوقت، ونبيل عسلي مع جمعيته كان مع أصحاب فوكة وقليعة وقدم مسرح "النافذة". كنا صغارا التقينا وبدأنا السينما معا وشاهدنا مرزاق علواش أيضا في الوقت نفسه معا وهو عائلتي الفنية.
خضت تجربة الإخراج في "الملكة الأخيرة" وهي تجربة فريدة بالنسبة إليك كممثلة ومخرجة، كيف جاءتك فكرة إخراج الفيلم؟
الحقيقة عندما بدأنا إنجاز فيلم "الملكة الأخيرة" لم أكن مخرجة الفيلم، مثل ما حدث أيضا مع "قنديل البحر"، لكن بعد بداية العمل تغير الأمر، فالمخرج داميان اونوري هو من أدخلني في هذا المجال منذ فيلم "قنديل البحر"، لكن بدأت قبلها مع مرزاق علواش الذي كان في كل مرة كان يشجعني، ولكن لم أستوعب الأمر، كان يأخذ رأيي في المونتاج ويسألني مثلما كان الحال في فيلم "التائب"، لكن بعدها استوعبت الأمر. كان مرزاق يعطيني مفاتيح لفهم الإخراج، وبعدها مع داميان بدأ الأمر، سواء في اختيار اللباس أو الإدارة الفنية وإدارة الممثلين، جئت من المسرح وتعلمت منه تأطير أماكن التصوير وأيضا التقطيع وفي الأخير أصبحنا نخرج الفيلم سويا، وإن كان هو المخرج الأساسي للفيلم، بعدها عملنا معا في التركيب (وهذا تعلمته من مرزاق)، خاصة أنني من تكتب وعندما أكتب تكون لدي رؤية في الفيلم وداميان أيضا لديه رؤية للفيلم ولا أحد يؤثر في الآخر وكلّ يقدم رأيه في العمل.
أديت دور "زفيرة" المرأة التي تبحث عن حريتها وحرية أرضها، هل كانت عديلة حرة من كل القيود عندما قدمت "الملكة الأخيرة"؟
كانت لدي الكثير من الصعوبات في هذا الفيلم، هناك من كان يقول لي عديلة أنت جننت لتقومي بهذا الفيلم، كنت خائفة لأن الفيلم كان خطيرا من ناحية الإنتاج وكان طموحا وكل شيء فيه كان يخيف، لكن بالنسبة لي وداميان أنجزنا الفيلم بكل صلابة وعناد وبكل متطلبات العمل وكانت هذه الصعوبات لأننا حافظنا على حريتنا.
لماذا كان الخوف من إنجاز هذا الفيلم، هل هو خوف من عدم نجاحه أو بسبب قصته أو لأسباب أخرى؟
تخيل أننا عندما قررنا إنجاز الفيلم لم يكن لدينا شيء، لا نعرف كيف نقدم مشاهد المعارك مثلا، هل سنتمكن من إنجاز ذلك؟ هل سنخطئ من وجهة النظر التاريخية لأننا لا نبحث عن الحقيقة التاريخية، لأن لا أحد كان حاضرا ويقول إن عروج قال وعروج قام بهذا، حتى الوثائق التاريخية ناقصة وكل مؤرخ يقدم، مثل الأطباء، تشخيصه الخاص ورأيه، إنها ليست رياضيات ولا توجد موضوعية في التاريخ فالتاريخ ليس حقيقة بل تفسير للأحداث. إذن كيف نقوم بمشاهد المعارك؟ كيف كانت الألبسة في ذلك الوقت؟ هل نقدم ما نريد تقديمه كما نرغب؟ لم يكن هناك دعم في البداية. كيف نقنع الناس بأنه يجب توفير إمكانيات لإنجاز الفيلم؟ كل شيء كان ضدنا، بعيدا عن كل الجدل وكل الهجومات التي تعرضنا لها، كانت مغامرة مجنونة صراحة، تقديم سينما الاستعراض بهذا الشكل مع أموال قليلة. في أوروبا لا يريدوننا تقديم مثل هذه الأعمال، قالوا لنا صراحة ما دخلكم في القرن 16 الجزائري، احكوا لنا عن الإرهاب وعن المعاناة في الجزائر، يجب أن لا نقدم شيئا جميلا عن الجزائر، وهذا موجود في لا وعيهم، الأمر كان صعبا على كل المستويات، ما غيّر المعطيات وهذا أخذ سنوات عندما قبلت وزارة الثقافة والفنون معنا وقالت نعم للفيلم، عندما شجعتنا الوزارة كل شيء تغير، ففي فيلم مثل "الملكة الأخيرة" يجب أن تقف معك بلادك، لكن لإقناعهم كان الأمر صعبا، بالإضافة إلى كل ذلك الجدل الذي حصل وتم مهاجمتنا من طرف الجميع حتى من المغرب، حيث قالوا إن القفطان مغربي.
هو خيار سياسي وشاعري، أردت أن أبين العمق التاريخي للجزائر وأردت أن أقدم الترفيه، فلنا الحق في تقديم سينما. أردت أن أقدم عمقنا التاريخي وأن أبيين أننا جميلون وأبين أن تاريخنا معقد ومركب وهو هكذا وماذا بعد، مثل كل البلدان. الآن داميان أونوري في الدوحة لأجل فيلمنا القادم، تم اختيارنا في سوق الفيلم للدوحة وكل من يلتقي به يسأله عن "الملكة الأخيرة" لقد كتب في التاريخ هذا الفيلم.
لكن كانت للفيلم انتقادات عديدة حول قصته خاصة. ألم يهمكم ذلك؟
ما همني أكثر في القصة هو التماسك والذاكرة والباقي إذا أراد أي أحد أن يحكي وجهة نظر أخرى عن زفيرة وعروج فمرحبا ولحسن الحظ، ويجب ذلك، وهذه هي السينما. مرحبا بالانتقادات، النقد جميل، لكن المنع هو المرفوض، لا يجب منع المشاريع السينمائية يجب ترك السيناريست الجزائريين للعمل، لدينا مواهب، وهؤلاء الذين يقفون ضد النجاح هم ضد بلادهم، أعداء النجاح ضد بلادهم، الانتقاد مرحب به دائما، نحن لا نعلم كل شيء لدينا شكوك في كل شيء.
ما هي مشاريعك الحالية؟
أحضر فيلما جديدا بعنوان "الزاهية"، والزاهية هي أول فرقة مسرحية "أنديجان" التي سمح لها الاستعمار بأن تقدم أعمالا على الخشبة في سنوات العشرينات، وعلالو أسس فرقة "الزاهية" وهذه الفرقة الأولى كان هدفها تقديم أعمال بالدارجة وحكايات شعبية، بدأوا بجحا، وكان نجاحا باهرا، ثم دخل معهم باشطارزي وأيضا أول ممثلة جزائرية التي تدعى "غزالة"، ليس لدينا سوى شهادة علالو التي تتحدث عن موهبة هذه الممثلة والتي اختفت بعدها وكانت هي فاتحة الممثلات الجزائريات.
الفرقة كانت أول فرقة مسرحية جزائرية تمثل قصة المسرح والجمهور ومن هنا جمهور الأهالي ظهر، وكذلك قصة الممثلات الجزائريات، وهذه القصة تحكى في سنوات العشرينات، حيث شهدت سنة 1926 قانون الأنديجينا، حيث كان الأهالي لا يملكون أي حقوق، وأيضا ولادة "نجم شمال إفريقيا" وظهر مصطلح الاستقلال، إنها فترة توهج ثقافي وسياسي، فهنا الثورة السياسة بدأت فقد حاربوا بالسلاح وتم قتلهم، والآن الفكر الجديد والثقافة وهي ثورة ثقافية جزائرية، والفيلم يذكّر من خلال شخصية زوج غزالة بتاريخ الإبادة الفرنسي وتاريخ الشهداء، وهي قصة كبيرة لعائلة من الشهداء والتاريخ الكبير للمسرح، مشروع مهم جدا بالنسبة لي ولداميان أونوري.
جاءت فكرة الفيلم قبل "زفيرة"، عندما نشرت وزارة الثقافة مذكرات علالو بعنوان "فجر المسرح الجزائري" وعندما قرأت النص رأيت أن أطروحات علالو وإشكالياته هي نفسها بالنسبة لنا، فنحن ورثة علالو. هناك دائما المستعمر القديم والعالم دائما يعمل بالطريقة نفسها، نراه اليوم في غزة، الاستعمار يمحي ثقافتنا وذاكرتنا مثل ما تحدثت عن "الملكة الأخيرة"، لا يريدون أن يعرفوا أننا موجودون في القرن الـ16، بالنسبة إليهم إننا لم نكن شيئا وفهمت مع الوقت ومع فيلم "الملكة الأخيرة" كيف أن الاستعمار يريد محو تاريخنا، وما يقدم في "الزاهية" هو كيف أراد الجزائريون أن يظهروا لا أن يختفوا، كيف قاوموا في الوقت الذي أراد الاستعمار محونا وأراد لنا الاختفاء.
بدأت الكتابة في 7 أكتوبر ورأيت أن الأمر مستعجل أكثر من أي وقت من أجل إعادة إحياء الذاكرة الجزائرية والقول إن الاستعمار مازال موجودا وأعنف من السابق، خاصة كيف أن الثقافة هي المقاومة الحقيقية والإسرائيليون فهموا ذلك، لهذا يشجعون ظهور مخرجيهم في المهرجانات حتى أولئك الذين ضد إسرائيل المهم هو ظهور إسرائيل. الرهان اليوم هو أن لا نمحى لأن العالم القادم لأبنائنا مأساوي، لذلك نحن علينا الظهور، وفي 1926 مع "الزاهية" كان لنا أجداد وهم ممثلون وهؤلاء وفرقة علالو هم رمز هذه المقاومة في مواجهة الامبريالية.
الآن لدينا دعم وزارة الثقافة والفنون، ونحن بصدد جمع الدعم أو الأموال لأجل المشروع، نتمنى أن يشارك رجال الأعمال الجزائريون والمجتمع المدني، إذا كنا غير متضامنين مع أعمالنا الفنية من سيكون متضامنا معنا في عالم اليوم؟ الإنتاج المشترك أصبح صعبا، لأن كل شخص يدافع عن تاريخه، ونحن بصدد تحسيس المجتمع المدني ورواد الأعمال لدعم الأفلام لإنجازها ونتمنى أن تدعم الوزارة أيضا هذه الأفلام، خاصة أفلاما مثل هذه وهي أفلام تاريخية ومع كل ما يحدث أمر مهم جدا استمرار ثقافتنا.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

للمخرج لطفي بوشوشي.. تقديم العرض الأولي لفيلم "محطة عين الحجر"
للمخرج لطفي بوشوشي.. تقديم العرض الأولي لفيلم "محطة عين الحجر"

جزايرس

time١١-٠٥-٢٠٢٥

  • جزايرس

للمخرج لطفي بوشوشي.. تقديم العرض الأولي لفيلم "محطة عين الحجر"

سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص. تم عرض الفيلم، الذي أنتجه المركز الجزائري لتطوير السينما وشركة الإنتاج " ستوديو دي أس" (Studio DS) تحت إشراف وزارة الثقافة والفنون، بسينماتيك الجزائر أمام جمهور غفير ومطلع، من مهنيين ونقاد ومتخصصين في الفن ال7، إضافة إلى طلاب من المعهد العالي لمهن الفنون المسرحية والمعهد الوطني العالي للسينما.ويروي الفيلم الطويل "محطة عين الحجر"، على مدار 90 دقيقة تقريبا، قصة قرية صغيرة تقع في أعماق الصحراء وسكانها الذين يحاولون بكل ما في وسعهم إنقاذها من العزلة والنسيان الذي يهددهم في أجواء كوميدية حلوة ومرة في نفس الوقت تندد، تحت غطاء السخرية، بإخفاقات المجتمع في زمن التحديات الكبرى.وشكل اختيار الممثلين والتوزيع اللذين ضما مجموعة من الممثلين والممثلات، من قدماء وجدد، إحدى النقاط القوية في نجاح هذا الفيلم. وقد نجح كل من نبيل عسلي وحورية بهلول ويعقوب قنفود وياسمين قرقاش وكامل الرويني ورشيد بن قديفة ومراد صاولي ومبروك فروجي وأحمد دلوم ومحمد قادري، اعتمادا على موسيقى أبوبكر معطال، في إعطاء روح لنص رشيد بن إبراهيم الذي أعاد كتابته الفنان الكبير، لطفي بوشوشي.في هذا الصدد، أوضحت مديرة شركة الإنتاج "ستوديو دي إس"، السيدة داليا عنتري، المكلفة بالجزء التنفيذي للمشروع أن توزيع الفيلم المطول "محطة عين الحجر"، في دور العرض السينمائية عبر التراب الوطني، من المقرر أن يتم ابتداء من نهاية الشهر الجاري. وفي ختام العرض، سلم وزير الثقافة والفنون، السيد زهير بللو، جوائز شرفية لكل من المخرج، لطفي بوشوشي، ومديرة الإنتاج، السيدة داليا عنتري، ومن خلالهما لكامل الطاقم التقني والفني للفيلم الطويل "محطة عين الحجر"، قبل أن يعطي الكلمة للجمهور الحاضر الذي نشط، رفقة مصممي الفيلم، نقاشا مثمرا وبناء ومفيدا.

"فهمت مع "الملكة الأخيرة" كيف أن الاستعمار يريد محو تاريخنا"
"فهمت مع "الملكة الأخيرة" كيف أن الاستعمار يريد محو تاريخنا"

الخبر

time١٧-٠٤-٢٠٢٥

  • الخبر

"فهمت مع "الملكة الأخيرة" كيف أن الاستعمار يريد محو تاريخنا"

تحدثت الممثلة والمخرجة والمنتجة عديلة بن ديمراد عن دخولها عالم الدراما مجددا ومشاركتها في مسلسل "الفراق" وسلسلة "الرباعة" وعلاقتها مع نبيل عسلي الذي وصفته بـ"عائلتي الفنية"، كما توقفت في حوار مع "الخبر" عند تجربتها الإخراجية مع فيلم "الملكة الأخيرة" وقالت إنه كان لديها الكثير من الصعوبات في هذا الفيلم "كنت خائفة لأن الفيلم كان خطيرا من ناحية الإنتاج وكان طموحا وكل شيء كان فيه يخيف"، مشيرة إلى أن الإنتاج المشترك أصبح صعبا، قائلة: "في أوروبا لا يريدوننا تقديم مثل هذا العمل، قالوا لنا صراحة ما دخلكم في القرن 16 الجزائري، احكوا لنا عن الإرهاب وعن المعاناة في الجزائر"، كما تناولت مشروعها القادم وهو فيلم سينمائي طويل يحمل عنوان "الزاهية" وهو عن أول فرقة مسرحية جزائرية أسسها علالو في عشرينات القرن الماضي. شاهدناك في دراما رمضان 2025 في عملين "لفراق" و"الرباعة"، ما الذي أعاد عديلة بن ديمراد إلى الدراما بعد غياب سنوات؟ شاركت منذ أكثر من 10 سنوات مع نبيل عسلي في مسلسل "حانوت عاشور"، وهو إنتاج لم يتم الترويج له في ذلك الوقت. في الحقيقة اشتغلت في المسرح كثيرا، وفي السينما ليس كممثلة فقط بل كمنتجة وكاتبة وعملت في الإخراج أيضا، السينما أخذت كل وقتي وطاقتي، الاشتغال في السينما ليس سهلا حتى تقدم فيلما قد يستغرق الأمر سنتين أو ثلاثا، لكن أنا أحببت السينما وهي التي وجهتني إلى الدراما والتلفزيون بالتحديد، لأنه عندما قدمت فيلم "الملكة الأخيرة" أغلب الذين شاهدوا الفيلم بدأوا يسألونني لماذا لا نراك في التلفزيون، خاصة النساء كل مرة يسألنني لماذا لا نراك في التلفزيون هذا من حقنا (تضحك)، هنا قلت "خلاص". وعندما شاهدت الإقبال على فيلم "الملكة الأخيرة"، قلت يومها إنه من حقي أنا أيضا أن تكون لي علاقة مع الجمهور، أردت أن أزور جمهوري في بيوتهم، حتى وكالتي التي أشتغل معها "وجوه" على رأسها فؤاد تريفي الذي شجعني وقال لي يجب أن نراك على التلفزيون ويجب أن تلتقي مع جمهورك ومن هنا بدأ العمل. كيف تم التواصل معك من أجل تقديم أعمالك الدرامية مثلا مع نبيل عسلي؟ وكيف اقترح عليك وكيف رأيت دورك في "الرباعة"؟ في التلفزيون كل عام يطلبونني للعمل وكل مرة أرفض العمل، خاصة بسبب انشغالي بأمور أخرى. بالنسبة لنبيل عسلي كان يطلبني منذ أعماله الأولى من وقت "ناس السطح"، لكن لم أكن مرتاحة وبالي كان مع السينما فقط، كما كنت خائفة قليلا رغم أنه يثق بي في الكوميديا، لأنني عملت معه في مسرحيته الأولى في المسرح الوطني بعد تخرجه، وقدمت معه دورا مع ياسمين عبد المومن أيضا. كنت أشكل ثنائيا مع نبيل، فهو يعرفني في الكوميديا كما أن المخرج وليد بوشباح شاهدني في الكوميديا، لكن رغم ذلك لا أملك الثقة الكافية في نفسي في الكوميديا. الحقيقة نبيل كل مرة يتصل بي للعمل معه، أنا أيضا الشيء نفسه فقد طلبته للعمل معي في فيلم "الأخيرة" لكن كان مرتبطا بالعمل على سلسلته "البطحة" ولم يستطع المشاركة، إذن نبيل هذا العام أيضا اتصل بي وسبق له أن صرح "عديلة لها دائما مكانة في مشاريعي"، وهو شعور متبادل، فنبيل عائلتي الفنية، بدأنا منذ الصغر سويا، كنت قدمت "مسرح الربيع" برياض الفتح في ذلك الوقت، ونبيل عسلي مع جمعيته كان مع أصحاب فوكة وقليعة وقدم مسرح "النافذة". كنا صغارا التقينا وبدأنا السينما معا وشاهدنا مرزاق علواش أيضا في الوقت نفسه معا وهو عائلتي الفنية. خضت تجربة الإخراج في "الملكة الأخيرة" وهي تجربة فريدة بالنسبة إليك كممثلة ومخرجة، كيف جاءتك فكرة إخراج الفيلم؟ الحقيقة عندما بدأنا إنجاز فيلم "الملكة الأخيرة" لم أكن مخرجة الفيلم، مثل ما حدث أيضا مع "قنديل البحر"، لكن بعد بداية العمل تغير الأمر، فالمخرج داميان اونوري هو من أدخلني في هذا المجال منذ فيلم "قنديل البحر"، لكن بدأت قبلها مع مرزاق علواش الذي كان في كل مرة كان يشجعني، ولكن لم أستوعب الأمر، كان يأخذ رأيي في المونتاج ويسألني مثلما كان الحال في فيلم "التائب"، لكن بعدها استوعبت الأمر. كان مرزاق يعطيني مفاتيح لفهم الإخراج، وبعدها مع داميان بدأ الأمر، سواء في اختيار اللباس أو الإدارة الفنية وإدارة الممثلين، جئت من المسرح وتعلمت منه تأطير أماكن التصوير وأيضا التقطيع وفي الأخير أصبحنا نخرج الفيلم سويا، وإن كان هو المخرج الأساسي للفيلم، بعدها عملنا معا في التركيب (وهذا تعلمته من مرزاق)، خاصة أنني من تكتب وعندما أكتب تكون لدي رؤية في الفيلم وداميان أيضا لديه رؤية للفيلم ولا أحد يؤثر في الآخر وكلّ يقدم رأيه في العمل. أديت دور "زفيرة" المرأة التي تبحث عن حريتها وحرية أرضها، هل كانت عديلة حرة من كل القيود عندما قدمت "الملكة الأخيرة"؟ كانت لدي الكثير من الصعوبات في هذا الفيلم، هناك من كان يقول لي عديلة أنت جننت لتقومي بهذا الفيلم، كنت خائفة لأن الفيلم كان خطيرا من ناحية الإنتاج وكان طموحا وكل شيء فيه كان يخيف، لكن بالنسبة لي وداميان أنجزنا الفيلم بكل صلابة وعناد وبكل متطلبات العمل وكانت هذه الصعوبات لأننا حافظنا على حريتنا. لماذا كان الخوف من إنجاز هذا الفيلم، هل هو خوف من عدم نجاحه أو بسبب قصته أو لأسباب أخرى؟ تخيل أننا عندما قررنا إنجاز الفيلم لم يكن لدينا شيء، لا نعرف كيف نقدم مشاهد المعارك مثلا، هل سنتمكن من إنجاز ذلك؟ هل سنخطئ من وجهة النظر التاريخية لأننا لا نبحث عن الحقيقة التاريخية، لأن لا أحد كان حاضرا ويقول إن عروج قال وعروج قام بهذا، حتى الوثائق التاريخية ناقصة وكل مؤرخ يقدم، مثل الأطباء، تشخيصه الخاص ورأيه، إنها ليست رياضيات ولا توجد موضوعية في التاريخ فالتاريخ ليس حقيقة بل تفسير للأحداث. إذن كيف نقوم بمشاهد المعارك؟ كيف كانت الألبسة في ذلك الوقت؟ هل نقدم ما نريد تقديمه كما نرغب؟ لم يكن هناك دعم في البداية. كيف نقنع الناس بأنه يجب توفير إمكانيات لإنجاز الفيلم؟ كل شيء كان ضدنا، بعيدا عن كل الجدل وكل الهجومات التي تعرضنا لها، كانت مغامرة مجنونة صراحة، تقديم سينما الاستعراض بهذا الشكل مع أموال قليلة. في أوروبا لا يريدوننا تقديم مثل هذه الأعمال، قالوا لنا صراحة ما دخلكم في القرن 16 الجزائري، احكوا لنا عن الإرهاب وعن المعاناة في الجزائر، يجب أن لا نقدم شيئا جميلا عن الجزائر، وهذا موجود في لا وعيهم، الأمر كان صعبا على كل المستويات، ما غيّر المعطيات وهذا أخذ سنوات عندما قبلت وزارة الثقافة والفنون معنا وقالت نعم للفيلم، عندما شجعتنا الوزارة كل شيء تغير، ففي فيلم مثل "الملكة الأخيرة" يجب أن تقف معك بلادك، لكن لإقناعهم كان الأمر صعبا، بالإضافة إلى كل ذلك الجدل الذي حصل وتم مهاجمتنا من طرف الجميع حتى من المغرب، حيث قالوا إن القفطان مغربي. هو خيار سياسي وشاعري، أردت أن أبين العمق التاريخي للجزائر وأردت أن أقدم الترفيه، فلنا الحق في تقديم سينما. أردت أن أقدم عمقنا التاريخي وأن أبيين أننا جميلون وأبين أن تاريخنا معقد ومركب وهو هكذا وماذا بعد، مثل كل البلدان. الآن داميان أونوري في الدوحة لأجل فيلمنا القادم، تم اختيارنا في سوق الفيلم للدوحة وكل من يلتقي به يسأله عن "الملكة الأخيرة" لقد كتب في التاريخ هذا الفيلم. لكن كانت للفيلم انتقادات عديدة حول قصته خاصة. ألم يهمكم ذلك؟ ما همني أكثر في القصة هو التماسك والذاكرة والباقي إذا أراد أي أحد أن يحكي وجهة نظر أخرى عن زفيرة وعروج فمرحبا ولحسن الحظ، ويجب ذلك، وهذه هي السينما. مرحبا بالانتقادات، النقد جميل، لكن المنع هو المرفوض، لا يجب منع المشاريع السينمائية يجب ترك السيناريست الجزائريين للعمل، لدينا مواهب، وهؤلاء الذين يقفون ضد النجاح هم ضد بلادهم، أعداء النجاح ضد بلادهم، الانتقاد مرحب به دائما، نحن لا نعلم كل شيء لدينا شكوك في كل شيء. ما هي مشاريعك الحالية؟ أحضر فيلما جديدا بعنوان "الزاهية"، والزاهية هي أول فرقة مسرحية "أنديجان" التي سمح لها الاستعمار بأن تقدم أعمالا على الخشبة في سنوات العشرينات، وعلالو أسس فرقة "الزاهية" وهذه الفرقة الأولى كان هدفها تقديم أعمال بالدارجة وحكايات شعبية، بدأوا بجحا، وكان نجاحا باهرا، ثم دخل معهم باشطارزي وأيضا أول ممثلة جزائرية التي تدعى "غزالة"، ليس لدينا سوى شهادة علالو التي تتحدث عن موهبة هذه الممثلة والتي اختفت بعدها وكانت هي فاتحة الممثلات الجزائريات. الفرقة كانت أول فرقة مسرحية جزائرية تمثل قصة المسرح والجمهور ومن هنا جمهور الأهالي ظهر، وكذلك قصة الممثلات الجزائريات، وهذه القصة تحكى في سنوات العشرينات، حيث شهدت سنة 1926 قانون الأنديجينا، حيث كان الأهالي لا يملكون أي حقوق، وأيضا ولادة "نجم شمال إفريقيا" وظهر مصطلح الاستقلال، إنها فترة توهج ثقافي وسياسي، فهنا الثورة السياسة بدأت فقد حاربوا بالسلاح وتم قتلهم، والآن الفكر الجديد والثقافة وهي ثورة ثقافية جزائرية، والفيلم يذكّر من خلال شخصية زوج غزالة بتاريخ الإبادة الفرنسي وتاريخ الشهداء، وهي قصة كبيرة لعائلة من الشهداء والتاريخ الكبير للمسرح، مشروع مهم جدا بالنسبة لي ولداميان أونوري. جاءت فكرة الفيلم قبل "زفيرة"، عندما نشرت وزارة الثقافة مذكرات علالو بعنوان "فجر المسرح الجزائري" وعندما قرأت النص رأيت أن أطروحات علالو وإشكالياته هي نفسها بالنسبة لنا، فنحن ورثة علالو. هناك دائما المستعمر القديم والعالم دائما يعمل بالطريقة نفسها، نراه اليوم في غزة، الاستعمار يمحي ثقافتنا وذاكرتنا مثل ما تحدثت عن "الملكة الأخيرة"، لا يريدون أن يعرفوا أننا موجودون في القرن الـ16، بالنسبة إليهم إننا لم نكن شيئا وفهمت مع الوقت ومع فيلم "الملكة الأخيرة" كيف أن الاستعمار يريد محو تاريخنا، وما يقدم في "الزاهية" هو كيف أراد الجزائريون أن يظهروا لا أن يختفوا، كيف قاوموا في الوقت الذي أراد الاستعمار محونا وأراد لنا الاختفاء. بدأت الكتابة في 7 أكتوبر ورأيت أن الأمر مستعجل أكثر من أي وقت من أجل إعادة إحياء الذاكرة الجزائرية والقول إن الاستعمار مازال موجودا وأعنف من السابق، خاصة كيف أن الثقافة هي المقاومة الحقيقية والإسرائيليون فهموا ذلك، لهذا يشجعون ظهور مخرجيهم في المهرجانات حتى أولئك الذين ضد إسرائيل المهم هو ظهور إسرائيل. الرهان اليوم هو أن لا نمحى لأن العالم القادم لأبنائنا مأساوي، لذلك نحن علينا الظهور، وفي 1926 مع "الزاهية" كان لنا أجداد وهم ممثلون وهؤلاء وفرقة علالو هم رمز هذه المقاومة في مواجهة الامبريالية. الآن لدينا دعم وزارة الثقافة والفنون، ونحن بصدد جمع الدعم أو الأموال لأجل المشروع، نتمنى أن يشارك رجال الأعمال الجزائريون والمجتمع المدني، إذا كنا غير متضامنين مع أعمالنا الفنية من سيكون متضامنا معنا في عالم اليوم؟ الإنتاج المشترك أصبح صعبا، لأن كل شخص يدافع عن تاريخه، ونحن بصدد تحسيس المجتمع المدني ورواد الأعمال لدعم الأفلام لإنجازها ونتمنى أن تدعم الوزارة أيضا هذه الأفلام، خاصة أفلاما مثل هذه وهي أفلام تاريخية ومع كل ما يحدث أمر مهم جدا استمرار ثقافتنا.

بين التَّقليد والتّجديد: هل حقّق 'رّباعة' معادلته الفنّيّة؟
بين التَّقليد والتّجديد: هل حقّق 'رّباعة' معادلته الفنّيّة؟

الشروق

time١٠-٠٤-٢٠٢٥

  • الشروق

بين التَّقليد والتّجديد: هل حقّق 'رّباعة' معادلته الفنّيّة؟

مسلسل 'رّباعة' تجربة درامية كوميدية تستند إلى بنية سردية مُحكَمة، جَمَعَت بين الجانبين الاجتماعي والتشويقي، مع توظيف ملحوظ للتقنيات البصرية والحوار المُتقَن. وَبِتحليل العمل وَفق المعايير النقدية، يُمكِنُ تقييمه من عدة جوانب تشمل الحبكة الدرامية (Narrative Structure)، وبناء الشخصيات (Character Development)، وَالأداء التمثيلي (Acting Performance)، وَالأسلوب البصري (Visual Style)، والأبعاد الاجتماعية والقانونية التي يتناولها. ينطلق المسلسل من فكرة محورية تتعلق بالتحايل لاستعادة حَقٍّ مسلوب، مُستَنِدًا على البنية السردية الكلاسيكية التي تبدأ بتقديم الشخصيات، ثم تتصاعد عبر سلسلة من العَقَبات والصِّراعات، لتَنتَهي بِحَلٍّ دراميّ يكشف عن رسالة العمل. وعلى الرغم من نجاح السيناريو في خلق ترابط بين الأحداث، إلا أن بعض المشاهد تميزت بالسهولة المفرطة، مِمَّا أفقَدَ الحبكة واقِعيَّتها وجَعَلَها أقرَبَ إلى الحبكة المُستَهلَكَة، التي نَعرِفُها بِمُصطَلَح 'السرقة المثالية' (Heist Film Tropes) حيث تُرتَكَبُ الجرائم بسهولة وذكاء خارق دون عواقب تُذكَر. وقَد أوْلَى المسلسل اهتِمامًا خاصًّا ببناء الشخصيات الرئيسة، لا سِيَّما شخصية 'الزردي' و'خال الزردي'، حيث اعتَمَد المُمَثِّلان على التقمص النفسي العميق في تقديم أدوارهم، مِمَّا جعل أداءَهم مُقنِعًا ومُؤَثِّرًا. ومع ذلك، فإن بعض الشخصيات الثانوية، مثل ميكانيكي السَّيَّارات والجار العاطل في الحَيّ، بَدَت كأنها إضافات غير ضرورية لم تخدم الحبكة ولم تُثرِها بِشَيء، ولَم نَفهَم حَقًّا جَدوَى وجودها. وَيُلاحَظ أيضًا تقليد 'نبيل عسلي' لبَعض حركات وأداء 'عادل إمام' أو حَتَّى تَكراره لنَفسِه، وهو ما قد يُفسَّر على أنه نوع من 'التأثر المرجعي' (Intertextual Influence). وقَد تَـمَـيَّـزَ العمل بتوظيفٍ مدروس للقطات (Shot Composition) وزوايا التصوير (Camera Angles)، حيث أُحسِنَ استخدام التصوير العلوي (Overhead Shots) للإشارة إلى تفوق الشخصيات، بينما استُخدِم التصوير السفلي (Low-Angle Shots) لإبراز رهبة الشخصيات الشريرة. كما ساهمت اللقطات القريبة (Close-Up Shots) في تعزيز الأثر النفسي والانفعالي للمُشاهِد، فيما أدَّت اللقطات البانورامية (Panoramic Shots) دَورًا بارزًا في استِعراض البيئات الاجتماعية والديكورات المُستَخدَمة. ومع ذلك، فإن استِّخدام الشَّعر المُستَعار والمكياج المُبالَغ فيه لتحقيق الكوميديا كان ساذَجًا أحيانًا، حيث هَيمَن على الواقعية البصرية وأضعَفَ المصداقية. ويتطرّق المسلسل إلى ظاهرة الاستيلاء غير المشروع على الإرث، وهي قضية شائكة في المجتمعات العربية، إلا أن تقديمها في إطار كوميدي يطرح إشكالية أخلاقية، حيث قد يُفهَم على أنه تبرير غير مباشر للُّجُوء إلى الحلول غير القانونية لاستعادة الحقوق. وهُنا تَكمُن خطورة تأثير وسائل الإعلام، لا سِيَّما على الشباب والمراهقين الذين قد يفسرون نجاح عمليات الاحتيال في المسلسل على أنها ممارسات مبرّرة أو مستعصية على الكَشف. كما يتطرّق المسلسل إلى إشكالية أخرى تتعلق بتمثيل المحامي المطرود الذي يتحول إلى محتال، وهو ما يُمكِنُ عَدُّهُ تشويهًا لصورة المؤسسات القانونية، حيث يَظهر المحامي بِصُورَة الشخص عديم الضمير، مِمَّا قد يُقَوِّي الصُّورةَ الخاطئة المأخوذة في الأذهان على المِهنة. كَما أن ضعف الأجهزة الأمنية وعدم قدرتها على كشف الجرائم يَعكِسُ صُورَةً سَيِّئَةً عن كفاءة تطبيق القانون، وهو ما قد يُثير جَدَلًا بِشأن مَدَى توافقه مع القواعد الأخلاقية للإنتاج الدّراميّ. وفي ما قَلَّ وَدَلَّ أقُولُ إنَّ 'رّباعة' عمل درامي كوميدي متماسك من الناحية الفنية؛ فهو يُحَقِّق تَوازُنًا بين الكوميديا والتشويق، مع أداء متميز قَدَّمَهُ المُمَثِّلون وتوظيف مُوَفَّق للعناصر السينمائية. غَير أن المُبالَغة في سهولة تنفيذ العمليات الإجرامية، وغياب التدقيق في بعض الشخصيات الثانوية، قد يؤثر على الرسالة النهائية التي ارتَأَى العمل إيصالها. ومع ذلك، فإنَّ إصابَتَهُ في جَذبِ الجُمهُور، واستِنباتَ نِقاشٍ في النّاس بشأن قضايا ذات وَخزٍ وحِدَّة، يَجعَلُ منه تجربةً تلفزيونية حَرِيَّةً بالعِناية، على أن يُتأمَّل أثرُها في وَعي الجُمهور.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store