logo
خبراء دوليون.. اليمن كسر القواعد العسكرية السائدة و قلب أساليب الحرب رأسا على عقب

خبراء دوليون.. اليمن كسر القواعد العسكرية السائدة و قلب أساليب الحرب رأسا على عقب

حلمي الكمالي / وكالة الصحافة اليمنية //
من المتعارف عليه في مجال الحروب والعلوم العسكرية، أن استخدام الصواريخ الباليستية، المصنوعة في الأساس لضرب الأهداف البرية الثابتة؛ في استهداف القطع الحربية البحرية، أمر معقد وفي غاية الصعوبة، وهذا يعود أولاً لطبيعة أن الهدف البحري هو هدف متحرك على الدوام وغير مستقر، ناهيك عن صعوبة تحريك الصاروخ الباليستي الذي يخترق الغلاف الجوي قبل أن يتوجه نحو الهدف، وهو ما قد يسهل نسبياً التنبؤ بمساره ومحاولة اعتراضه.
وكذلك هو الحال بالنسبة للطائرات المسيّرة، حيث لم يجري استخدامها في الحروب والمواجهات العسكرية البحرية الحديثة، كما يجرى استخدامها في قصف الأهداف البرية الساكنة، نظراً لذات الأسباب السابقة، إضافة إلى أنها أسلحة غير حرارية أو موجهة بالمفهوم التقني الحربي.
القوات المسلحة اليمنية كسرت هذه القاعدة السائدة بعد استخدامها الصواريخ الباليستية التقليدية وكذلك المسيّرات خلال مشاركتها في معركة طوفان الأقصى إسناداً للشعب الفلسطيني ومقاومته في قطاع غزة، وذلك في استهداف السفن الإسرائيلية والمرتبطة بالاحتلال، وضرب القطع الحربية البحرية الأمريكية بما فيها المدمرات وحاملات الطائرات العملاقة، الأمر الذي أثار المخاوف والحيرة لدى الأجهزة العسكرية والاستخباراتية الأمريكية من هذا التطور النوعي غير المسبوق في استخدام هذا النوع من الأسلحة، كما أثار الجدل والدهشة والتساؤلات لدى جنرالات الحرب والخبراء العسكريين حول العالم، بما فيهم الأمريكيين، الذين وللمرة الأولى يشهدون ويشاهدون هذه الطريقة في توجيه الصواريخ الباليستية ونجاحها في تحقيق إصابات بالغة ودقيقة، وهو ما سنستعرضه في هذا التقرير.
اليمن أول دولة تطلق صاروخاً باليستياً مضاداً للسفن
منذ منتصف نوفمبر 2023م، بدأت القوات المسلحة اليمنية في استهداف السفن الإسرائيلية والمرتبطة بالاحتلال، وذلك باستخدام الصواريخ الباليستية والمجنحة التقليدية والمسيّرات مثل صواريخ 'عاصف' و'محيط' و'تنكيل'، وحتى قبيل إعلان اتفاق وقف إطلاق النار في غزة في 20 يناير 2025، نفذت القوات المسلحة اليمنية عمليات واسعة بنحو 1255 عملية هجومية باستخدام الصواريخ الباليستية والمجنحة والفرط صوتية وطائرات مسيرة، علاوة على الزوارق الحربية، وفقاً لما أعلنه قائد أنصار الله في اليمن، السيد عبد الملك بدرالدين الحوثي، كما نجحت القوات المسلحة اليمنية في اصطياد أكثر من 210 سفينة إسرائيلية وأمريكية وبريطانية، تجارية وحربية، خلال ذات الفترة.
ومن ذلك الحين، بات اليمن أول دولة في العالم تستخدم الصواريخ الباليستية في قصف الأهداف البحرية، وهو ما أكده الخبير العسكري الأمريكي وأستاذ الاستراتيجية البحرية في كلية الحرب البحرية الأمريكية، جيمس هولمز، الذي أقر في تصريحات لموقع 'TWZ' بأن اليمنيون هم أول جهة في العالم تطلق صاروخاً باليستياً مضاداً للسفن.
وهذه الحقيقة، كان قد اتفق عليها وأقرها أيضاً نائب قائد الجيش الأمريكي في الشرق الأوسط، الأدميرال براد كوبر، الذي أكد في لقاء صحفي بتاريخ 24 يونيو 2024، أن اليمن هو الكيان الأول في تاريخ العالم الذي استخدم الصواريخ الباليستية المضادة للسفن على الإطلاق.
تطوير الصواريخ الباليستية لقصف الأهداف البحرية
الإستخدام النوعي الناجح للصواريخ الباليستية التقليدية في ضرب الأهداف البحرية المتحركة، دفع القوات المسلحة اليمنية لتطوير الأسلحة الباليستية والموجهة التي بحوزتها، وسبق وأن استخدمتها خلال المواجهة العسكرية مع التحالف السعودي الإماراتي، بضربها أهدافاً برية ثابتة في السعودية والإمارات، واستخدمتها أيضاً في مستهل عملياتها الأولى ضد السفن الإسرائيلية مباشرةً بعد إعلان قرارها فرض الحصار على الملاحة الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي ومضيق باب المندب، حتى سرعان ما أسدلت الستار عن صواريخ باليستية متطورة جديدة لأغراض بحرية، ودخولها إلى الخدمة في خضم المواجهة العسكرية التي تخوضها ضد كبرى الأساطيل البحرية العالمية، دعماً لغزة.
ففي 14 يناير 2024، أي بعد يومين فقط من بدء التحالف البحري الدولي 'تحالف الازدهار' عملياته ضد اليمن، والذي شكلته الولايات المتحدة وبريطانيا وعدد من حلفائهما بهدف حماية الملاحة الإسرائيلية؛ أعلن المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع، استهداف سفينة (MSC SARAH V) الإسرائيلية في البحر العربي بصاروخ باليستي جديد دخل الخدمة 'حاطم2″، وهو صاروخ فرط صوتي محلي الصنع يمتلك تكنولوجيا متقدمة ودقيق الإصابة، ويصل إلى مدى بعيد.
وفي ذات السياق، أفاد موقع (Naval News) المتخصص بشؤون الدفاع البحري، نقلاً عن مسؤولين وخبراء عسكريين أمريكيين، بأن القوات المسلحة اليمنية نجحت منذ اندلاع حرب غزة، في 'تحديث منظومة الصواريخ الباليستية المعيارية المضادة للسفن، حيث طورت نسخة مضادة للسفن من صاروخها الباليستي 'محيط' منذ أكثر من 10 سنوات، وشمل ذلك تركيب باحث كهربائي بصري، يعمل بالأشعة تحت الحمراء، أما النوع الأكبر والأكثر تطوراً على الأرجح فهو 'صاروخ تنكيل'.
اقتحام مجال الصواريخ الباليستية البحرية
التطور النوعي والسريع في الصواريخ الباليستية البحرية، منح اليمن الأسبقية في اقتحام هذا المجال على مستوى العالم، خصوصاً مع توالي الضربات اليمنية الناجحة ضد الملاحة الإسرائيلية، وكذلك ضد السفن الحربية الأمريكية والبريطانية، في وقت أظهرت الأخيرة رغم تفوقها في التكنولوجيا الحربية، الهجومية والدفاعية، عجزاً واضحاً وفاضحاً في التصدي للصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة اليمنية.
والدليل على الفشل الأمريكي البريطاني، هو استمرارية العمليات العسكرية اليمنية المساندة لغزة، سواءً البحرية ضد السفن الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية، أو الجوية بقصف الأهداف الحيوية والمواقع والقواعد العسكرية للكيان الصهيوني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي استمرت حتى الساعات والدقائق الأخيرة قبيل دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والاحتلال، حيز التنفيذ في صباح الـ20 من يناير 2025، ناهيك عن الاعترافات الأمريكية بهذا الفشل على المستوى الرسمي والعسكري والإعلامي.
وقد أقرّ نائب قائد القيادة المركزية الأمريكية، الأدميرال براد كوبر، بإنه خلال 15 شهراً من حملتها العسكرية في البحر الأحمر وخليج عدن، نفذت القوات المسلحة اليمنية أكثر من 140 هجوماً على السفن التجارية الإسرائيلية والمرتبطة بالاحتلال، ونحو 170 هجوماً على السفن الحربية الأمريكية والبريطانية، وذلك في لقاء تلفزيوني تحدث فيه عن تجربته في مشاهدة أهوال الضربات اليمنية عن قرب خلال تواجده على متن المدمرة الأمريكية 'ستوكديل'، والتي تعرضت لهجوم يمني منسق في نوفمبر الماضي أثناء محاولة مرورها في البحر الأحمر، مشيراً إلى أن الهجوم شمل إطلاق 4 صواريخ باليستية وأعقبه صاروخ كروز مضاد للسفن وطائرات مُسيّرة واستمر طوال ساعات الليل، واصفاً الهجوم بأنه كان' معقداً ومتطوراً ومنسقاً'.
أ
هوال الضربات اليمنية على البحرية الأمريكية
الأهوال التي تعرضت لها المدمرات وحاملات الطائرات الأمريكية، جراء الضربات اليمنية، أقرّت بها معظم أفراد وجنرالات القوات البحرية الأمريكية من طواقم القطع الحربية البحرية إلى وزير البحرية الأمريكية، الأدميرال كارلوس ديل تورو، الذي تحدث عن دقة وشراسة الصواريخ والمسيّرات اليمنية، مؤكداً في تصريحات صحفية، أن هجمات القوات المسلحة اليمنية ' ليست روتينية بأي حال من الأحوال ــ ففي البحر الأحمر، نشارك في أطول عمليات قتالية بحرية متواصلة واجهناها منذ الحرب العالمية الثانية'.
وفي مشهد آخر يكشف عن عجز البحرية الأمريكية عن التعامل مع الهجمات اليمنية الذكية، يقول قائد الجناح الجوي الثالث لحاملة الطائرات آيزنهاور، مارتن سكوت، في تصريحات نشرها موقع 'American Homefront' الأمريكي، إن 'أحد الأشياء التي تعلمها الطيارون الحربيون في البحر الأحمر هو أن الطائرات بدون طيار يصعب رؤيتها على رادار الطائرة'.
تطور التكتكيات العسكرية اليمنية
ومن خلال هذه التصريحات لكبار المسؤولين العسكريين الأمريكيين، فإن الحديث لم يعد يقتصر على تطور ودقة استخدام القوات المسلحة اليمنية للصواريخ والطائرات المسيّرة في قصف الأهداف البحرية؛ بل في تطور التكتكيات العسكرية اليمنية ونجاحها في إدارة الإشتباك البحري مع كبرى الأساطيل الأمريكية والبريطانية، وهو ما أكدته الأوساط العسكرية الأمريكية، حيث أقرّت صحيفة 'مارين كوربس تايمز' المعنية بأخبار البحرية الأمريكية، بفعالية التكتيات العسكرية للقوات المسلحة اليمنية خلال المواجهة البحرية المباشرة مع التحالف الأمريكي البريطاني، قائلةً في تقرير إن 'الحوثيون' يحددون مواقع السفن ثم يطلقون طائرات بدون طيار ويطلقون صواريخ مضادة للسفن عليها، ثم ينتقلون إلى مكان آخر، مما يجعل من الصعب تعقبهم، ومشيرةً إلى أن مشاة البحرية الأمريكية يتعلمون من تكتيكات 'الحوثيون' في البحر الأحمر.
وقد أوضحت الصحيفة الأمريكية في تقريرها، أن اليمنيون أظهروا 'أن القوة البرية المجهزة بأجهزة استشعار وصواريخ يمكن أن تشكل تحديات كبيرة للسفن'، مبينةً أن اليمنيون' تطورت جهودهم بسرعة إلى مثال ممتاز لكيفية إجراء استطلاع فعال واستطلاع مضاد ومنع دخول البحر خلال المواجهات'.
من جهته، أقرّ موقع 'ذا ويرزون' الأمريكي للتحليلات العسكرية، بأن الأساطيل البحرية الأمريكية خاضت معركة قوية وواسعة ضد القوات المسلحة اليمنية، مؤكداً في تقرير نشره أواخر يناير الماضي، أن' القتال الذي خاضه أسطول البحرية الأمريكية خلال الأشهر الخمسة عشر الماضية مع 'الحوثيين' هو الأكثر كثافة الذي شهدته سفن الخدمة البحرية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية'.
خبراء عسكريين: اليمن هزم أقوى جيوش العالم
النجاح اليمني في تطوير وتطويع قدرات الصواريخ الباليستية والمجنحة والمسيّرات في استهداف السفن والقطع الحربية الأمريكية، كان مذهلاً ومفاجئاً للغاية، حيث لم تنجح 3 حاملات طائرات أمريكية بأساطيلها وبوارجها من اعتراض هذه الصواريخ والمسيّرات، وهي روزفلت وابراهام لينكولن وهاري ترومان، بعد أن تم إرسالها تباعاً إلى المنطقة، قبل أن تعود هاربةً تجرُ معها أذيال الهزيمة والإنكسار، وهو ما جعلها مادة للسخرية والتندر، وباتت صورة تختزل هزيمة 'الإمبراطورية العجوز' يتداولها المحللين والخبراء العسكريين حول العالم لتأكيد أبعاد هذه الهزيمة.
الخبير العسكري والإستراتيجي اللبناني، إلياس حنا، في لقاء مع قناة الجزيرة في تاريخ 10 يناير 2025، أكد أن القوات المسلحة اليمنية نجحت في هزيمة أهم وأقوى الجيوش في العالم، وأصبحت على نفس المستوى والمسافة مع هذه الجيوش من حيث القوة العسكرية والجيوسياسية، وهو ما أكده أيضاً الخبير العسكري الأردني، اللواء محمد الصمادي، في لقاء تلفزيوني آخر، والذي أشار فيه إلى تطور التكتكيات والأسلحة اليمنية، وعدم قدرة الغرب على مواجهتها وإيقاف الهجمات اليمنية المساندة لغزة.
بدوره، أقرّ محلل المخاطر في شركة 'لويدز ليست إنتليجنس' المتخصصة في مجال البيانات البحرية، بأن القوات المسلحة اليمنية، هي القوة الوحيدة المتحكمة بالبحر الأحمر، مشيراً إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار في ‎غزة هو خطوة أولى مرحب بها نحو عودة الشحن إلى ‎البحر الأحمر، لكن القوة الحقيقية لإعادة فتح ‎باب المندب أمام جميع حركة المرور لا تزال في أيدي 'الحوثيون'.
تأثير الأسلحة الباليستية على أنظمة القطع البحرية الأمريكية والبريطانية تفوق الأسلحة الباليستية والموجهة والمسيّرات اليمنية خلال المواجهة البحرية مع القطع الحربية الأمريكية والبريطانية، يكشفه أيضاً اندفاع قيادة الأسطول الأمريكي لتحديث أنظمتها البحرية، وترميم جوانب الفشل والإخفاقات التي شهدتها خلال هذه المواجهة، حيث كشفت شركة 'بي إيه إي سيستمز' الأمريكية، عن إبرام صفقة بقيمة 70 مليون دولار مع البحرية الأمريكية، لإجراء تحديثات جديدة لمدافع السفن الحربية، لمواكبة التحديات الكبيرة التي أنتجتها المواجهة الاستثنائية مع القوات اليمنية في البحر الأحمر وخليج عدن، خلال العام الماضي، والتي فشلت الولايات المتحدة في تجاوزها، وذلك بعد أيام قليلة من توقف الهجمات اليمنية استجابةً لإعلان وقف إطلاق النار في غزة.
وهو الأمر ذاته الذي اتجهت إليه البحرية البريطانية في أعقاب انتهاء المعركة التي خاضتها رفقة البحرية الأمريكية في مواجهة القوات المسلحة اليمنية، حيث أعلنت وزارة الدفاع البريطانية، أنها وقعت عقداً بقيمة 285 مليون جنيه إسترليني ( 355 مليون دولار)، لتحديث الأنظمة القتالية في أسطولها البحري، بعد عام كامل من المواجهة مع القوات اليمنية.
تطور ذاتي للقدرات العسكرية اليمنية
يجب الإشارة هنا إلى أن التطور النوعي للقدرات العسكرية اليمنية هو تطور ذاتي بتأكيد القيادة السياسية والعسكرية اليمنية، وبإقرار الأوساط الأمريكية أيضاً. ففي تقرير نشره معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أواخر يناير الماضي، نقلاً عن خبراء عسكريين ومراقبين، فإن الضربات الجوية الأمريكية والبريطانية على اليمن لم تمنع صنعاء من الاحتفاظ بترسانة عسكرية متطورة، تشمل الصواريخ الباليستية، وصواريخ كروز، والطائرات المسيّرة الهجومية بعيدة المدى، بل أن القوات المسلحة اليمنية تسعى إلى توسيع صناعاتها الدفاعية وإنتاج أسلحة متطورة بكميات كبيرة وباستقلالية تامة.
وهو أيضاً ما أقر به مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفيان، والذي أكد في مؤتمر صحفي أجراه منتصف يناير الماضي، بأن القوات المسلحة اليمنية يمكنها أن تنتج أسلحة بسرعة وببساطة أكثر مما تنتجه الولايات المتحدة الأمريكية، زاعماً أن الأسلحة اليمنية ليست بجودة الأسلحة الأمريكية، لكنه أقر بأنها 'جيدة بما يكفي لإحداث تأثير كبير في ساحة المعركة'.
آلية تطوير الأسلحة الباليستية التقليدية للحروب البحرية
استناداً لكل ما سبق، يمكن التأكيد بأن استخدام القوات المسلحة اليمنية الصواريخ الباليستية التقليدية والمسيّرات في قصف الأهداف البحرية المتحركة، واقتحام هذا المجال المعقد والصعب والغير مسبوق في العلوم العسكرية، والتطور الحربي اللاحق في تعزيز قدرات الأسلحة لاستخدامها في هذا المجال، لم يكن مغامرة عسكرية بحتة،بل كان قراراً إستراتيجياً مدروساً بعناية فائقة تم تنفيذه بواسطة خبرات وأدمغة يمنية عملت على ابتكار آليات علمية دقيقة لتطويع ما تملكه من قدرات مادية و علمية، وذلك لتصنيع أسلحة نوعية من خارج العلوم والقدرات العسكرية المتعارف عليها عالمياً وغربياً على وجه الخصوص، شكلاً ومضموناً واختصاصاً، وعبر مجالات لم تطرقها العقول والأسلحة الحربية من قبل، وهو ما تكشفه حالة الذهول التي أصابت شركات التصنيع الحربي ومراكز البحوث العسكرية العالمية، والتي لم تجد تفسيراً لفشل أحدث التقنيات الأمريكية والبريطانية والغربية أمام الصواريخ الباليستية والمجنحة والمسيّرات اليمنية، سوى أن اليمن بات يملك أسلحة متطورة في هذا المجال، غير معروفة وغير تقليدية، ومن خارج 'الصندوق الأمريكي الغربي'.
الأمر الذي يمكن تأكيده أيضاً، من خلال المناخ العام الذي يشهده قطاع التصنيع العسكري في اليمن، والتطور الملحوظ في مختلف الأسلحة الهجومية والدفاعية، الجوية والبرية والبحرية، فخلال المعركة التي خاضتها القوات المسلحة اليمنية إسناداً لغزة على مدى 15 شهراً، كشفت القوات اليمنية عن عدد من الأسلحة الإستراتيجية النوعية الجديدة في مختلف المجالات والتخصصات، من بينها صاروخ 'فلسطين 2' محلي الصنع الذي كشفت عنه القوات المسلحة اليمنية منتصف سبتمبر 2024م، وينتمي إلى طراز الصواريخ الباليستية الفرط صوتية، ويصل مداه إلى 2150 كيلومترا وتصل سرعته إلى 16 ماخ، حيث يمتلك الصاروخ القدرة على المناورة وتضليل الدفاعات الجوية المتطورة، ويستطيع قطع مسافات كبيرة في غضون دقائق، ولديه 4 شفرات هوائية تساعد في ضبط مساره، وقد استخدمته القوات اليمنية في تدشين المرحلة الخامسة من التصعيد ضد 'إسرائيل' بقصف عدد من الأهداف الحيوية في عمق الكيان الصهيوني خلال معركة طوفان الأقصى، بينها قواعد عسكرية ووزارة الدفاع الإسرائيلية وسط 'تل أبيب' بعد تجاوزه المنظومات الدفاعات الإسرائيلية 'حيتس' والقبة الحديدية، وكذا منظومة 'ثاد' الأمريكية المنتشرة على إمتداد المنطقة.
وبدخوله مجال تصنيع صواريخ الفرط صوتية، يصبح اليمن أول دولة عربية منتجة لهذا السلاح الإستراتيجي، وواحدة من 6 دول فقط تمتلك وتصنع صواريخ الفرط صوتية في العالم، إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية.
وفي المجال البحري، كشفت القوات المسلحة اليمنية خلال مناورة عسكرية بحرية أجرتها في 28 أكتوبر 2024م، عن غواصة 'القارعة' غير المأهولة والمسيّرة عن بعد، القادرة على تنفيذ عمليات نوعية دقيقة وكبرى ضد السفن والبوارج، وصولاً إلى انتقاء الأهداف الاستراتيجية، فهي تبحر بسرعات عالية تصل إلى أكثر من 5 عقد بحرية، مما يمكّنها التنقل بسرعة عبر المياه، وتنفيذ مهام استطلاعية وهجومية بشكل فعّال، ويعزز قدرتها على جمع المعلومات الاستخباراتية في الوقت المناسب، وتوفير معلومات دقيقة عن الأهداف البحرية المحيطة بها.
وإلى جانب التطور الملحوظ في الأسلحة الهجومية، فقد ظهر أن القوات المسلحة اليمنية باتت تمتلك منظومة دفاعية متطورة، خاصةً بعد نجاحها في إسقاط 14 مقاتلة أمريكية مسيّرة من نوع MQ9 خلال عام واحد فقط من مشاركتها في معركة طوفان الأقصى، وهو رقم قياسي غير مسبوق لعدد الطائرات التي يخسرها الجيش الأمريكي في حرب على مدى تاريخه، وتعد MQ9 من أحدث الطائرات التجسسية والهجومية التي يمتلكها سلاح الجو الأمريكي، وتصل قيمتها إلى 17 مليون دولار أمريكي.
انعكاسات تغيير المفاهيم العسكرية
إلى ذلك، فإن أقل ما يمكن قوله عن الملاحم العسكرية التي سطرتها البندقية اليمنية خلال اشتباكها المفتوح مع الأساطيل الأمريكية والبريطانية في البحرين الأحمر والعربي ومضيق باب المندب على مدى أكثر من عام، بأنها لن تكون لحظة عابرة تنتهي تأثيراتها بانتهاء الإشتباك المباشر على وقع معركة الطوفان، بل بداية لمرحلة جديدة يلتحم فيها اليمن مع مكتسبات هذه الملاحم وثمار الصمود في وجه أعتى الترسانات الحربية الغربية، والإنتقال إلى مصاف الدول الكبرى المتقدمة، كقوة إقليمية صاعدة ومنافسة في مختلف المجالات وعلى رأسها مجال التصنيع العسكري، فمن نجح في تغيير المفاهيم العسكرية وتحويل الصواريخ الباليستية كمضادة للسفن، ونجح في تصنيع صواريخ الفرط صوتية في خضم الحرب والحصار، لديه كل المقومات للوصول إلى ما هو أبعد في عالم الصناعات العسكرية وبزمن قياسي أيضا، وربما يكون اليمن هو مفاجأة القرن الواحد والعشرين في هذا المجال.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

صنعاء: وقفات ودورات تعبوية بمديريتي الوحدة والصافية لإسناد غزة
صنعاء: وقفات ودورات تعبوية بمديريتي الوحدة والصافية لإسناد غزة

26 سبتمبر نيت

timeمنذ 2 ساعات

  • 26 سبتمبر نيت

صنعاء: وقفات ودورات تعبوية بمديريتي الوحدة والصافية لإسناد غزة

أُقيمت بمديريتي الوحدة والصافية في أمانة العاصمة، اليوم، وقفات مسلحة تضامناً مع غزة، وإعلاناً للبراءة من الخونة والعملاء، والنفير العام لمواجهة العدو الصهيوني. ورفع المشاركون في الوقفات العلمين اليمني والفلسطيني، وشعار البراءة من أعداء الله والخونة والعملاء، ورددوا هتافات منددة بجرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو الصهيوني بحق أبناء غزَّة والشعب الفلسطيني المسلم أمام مرأى العالم أجمع. واستنكروا المواقف العربية والإسلامية المتخاذلة إزاء تلك الجرائم والمجازر الوحشية والمروعة التي يرتكبها الكيان الصهيوني الغاصب المدعوم أمريكيا وغربيا، بشكل يومي في قطاع غزة وفلسطين.. مؤكدين موقفهم الثابت في مساندة ونصرة غزة والشعب الفلسطيني. وجدَّد المشاركون في الوقفات، التفويض المطلق لقائد الثورة في إتخاذ أي قرارات لإسناد الشعب الفلسطيني ومواجهة تصعيد العدو الصهيوني وأدواته، والتأكيد على الجهوزية العالية لخوض معركة الفتح الموعود والجهاد المقدَّس. وأعلنت بيانات صادر عن الوقفات، البراءة من المتورطين في الخيانة والعمالة لأمريكا وإسرائيل.. حاثة الجميع على رفع الجهوزية، واليقظة، والتفاعل الكبير مع دورات التعبئة العامة العسكرية والإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة تستهدف زعزعة الأمن والإستقرار. وباركت العمليات النوعية للقوات المسلحة في عمق الكيان الصهيوني وما تفرضه من حظر بحري وجوي على المطارات والموانئ الإسرائيلية.. مؤكدة تفعيل وثيقة الشرف القبلي والتصدي لكل المؤامرات والمخططات الإجرامية التي تستهدف الوطن. شارك في الوقفات، قيادات محلية وتنفيذية ومشايخ وعُقَّال وشخصيات إجتماعية، وجموع من أبناء الوحدة والصافية. إلى ذلك دشّٙنت مديرية الوحدة اليوم، المستوى الثاني للدورات العسكرية المفتوحة "طوفان الأقصى" لمديري وموظفي المكاتب التنفيذية بالمديرية، إستجابةً لتوجيهات قائد الثورة . وفي التدشين أوضح مدير المديرية سامي حُميد، أن هذه الدورات تأتي إنطلاقاً من المسؤولية الإيمانية والإنسانية التي يجسدها الشعب اليمني وقيادته الحكيمة في الدِفاع عن قضايا الأُمَّة المصيرية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، ومواجهة الأعداء ومؤامراتهم التي تستهدف الإسلام والمسلمين كافة. وأكد أهمية دورات طوفان الأقصى في مسار التدريب والتأهيل لكل الراغبين من أبناء المجتمع، وتنمية وعي وقدرات المشاركين، ورفع الجاهزية والاستعداد للمعركة الكبرى لنصرة وتحرير فلسطين والمسجد الأقصى الشريف من دنس اليهود الغاصبين. من جانبهم، أكد المشاركون بالدورات العسكرية المفتوحة، الحرص على رفع قدراتهم القتالية والجهوزية الكاملة نصرةً لغزة ودفاعاً عن السيادة الوطنية، والاستعداد لمواجهة أي تصعيد أو عدوان يستهدف اليمن.

العمليات اليمنية لإسناد غزة..  المنطلقات والركائز الإيمانية (1-2)
العمليات اليمنية لإسناد غزة..  المنطلقات والركائز الإيمانية (1-2)

26 سبتمبر نيت

timeمنذ 2 ساعات

  • 26 سبتمبر نيت

العمليات اليمنية لإسناد غزة.. المنطلقات والركائز الإيمانية (1-2)

تقرير | علي الدرواني: طوال أكثر من عام ونصف، لم يقف اليمن مكتوف الأيدي أمام ما يجري من جريمة إبادة تتعرض لها غزة، ضمن مسلسل تصفية القضية الفلسطينية، وفي إطار مشروع إسرائيلي أمريكي خبيث يتم تحضيره للمنطقة على مدى قرابة عقد من الزمان، ليؤدي، في نهاية المطاف، إلى سيطرة إسرائيلية كاملة على المنطقة وهيمنة على ثرواتها، ومقدراتها، حيث انخرطت القوات المسلحة اليمنية في معركة طوفان الأقصى، واختارت مسمى "الفتح الموعود والجهاد المقدس" عنوانا لهذا الإسناد المتواصل والمتصاعد. قبل الانخراط اليمني في إسناد غزة، لم يكن أحد يدرك أوراق القوة التي يمتلكها هذا البلد المنهك بالحرب والعدوان المستمر على مدى أكثر من عشر سنوات، وما ترافق معه من دمار وتراجع في الناتج المحلي والإيرادات الحكومية، وانقطاع الرواتب، بفعل الحصار السعودي الأمريكي، وكلها عوامل تجعل من اليمن آخر من يفكر بإسناد غزة، نظرا لبعد المسافة، وقلة الإمكانيات، مقارنة بالتقدم التكنولوجي والتقني الهائل للعدو الإسرائيلي، لكن الأمور في اليمن لم تعد تقاس بمقاييس مادية بحتة، فهناك الكثير من أوراق القوة التي أشهرتها اليمن في وجه العدو الإسرائيلي وأثبتت نجاعتها، وأصبحت محط إعجاب، وتساؤل عن كل الخطوت والمراحل، كيف بدأت وكيف أنجزت، وكيف نجحت؟ منطلقات الموقف: لا يمكن لأي بلد في العالم، أو أي شعب، أن يقوم بأي عملية استراتيجية بهذا المستوى الذي ينخرط فيه اليمن بمعركة مع أعتى قوة في المنطقة وأكثرها تسليحا وتدريبا مثل الكيان الإسرائيلي، وتدعمها أكبر قوة في الأرض بما توصلت إليه البشرية من التسليح والتكنولوجيا والتقنيات مثل الولايات المتحدة، إلا وهو يمتلك بالتأكيد وسائل وعوامل تمكنه من اتخاذ الموقف، والسير في الطريق ، وبالتأكيد أيضا فإن هذه الوسائل والعوامل، لا تتوقف عند العاطفة، ولا مجال فيها للمغامرة، ولا مكان للمجازفة، ولا محل للمقامرة بأي شكل من الاشكال، لكن، ما هي تلك العوامل؟ بمتابعة خطابات قائد معركة الإسناد اليمنية، معركة "الفتح الموعود والجهاد المقدس"، السيد عبدالملك الحوثي، فهو دائما ما يركز على المنطلقات الإيمانية. ومن هنا يمكن القول إن أهم ما يمتلكه اليمن في هذه المعركة، هو العزيمة والإصرار الإيماني الراسخ، المتمثل بالعقيدة النابعة من جذور الثقافة القرآنية الأصيلة، والتي لا يمكن لمن يتخلق بأخلاقها، ويلتزم بقيمها ومبادئها، أن يقف متفرجا، أمام أعتى أنواع الظلم الذي يمكن أن يعاني منه الإنسان، فضلا عن أن يكون هذا الإنسان عربيا أو مسلما، لأن الدين الإسلامي في نصوصه القاطعة، يحث المؤمنين على القتال في سبيل الله والمستضعفين؛ يقول تعالى: "وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان". وهذه دعوة وحث للانخراط في مثل هذه المعركة التي تتجلى فيها مظلومية منقطعة النظير في عالمنا اليوم، كما هي في غزة. ومن هذا المنطلق، وفي اليوم الأول لطوفان الأقصى، أعلن السيد عبدالملك الحوثي لإخوتنا في غزة، مؤكدا لهم: "لستم وحدكم". وقال في مقابل الدعم الأمريكي والغربي، فإن: "الواجب الشرعي، والإنساني، والأخلاقي، والقومي، والديني، الواجب بكل الاعتبارات والحيثيات على أمتنا الإسلامية بشكلٍ عام، وفي المقدِّمة: العرب، الواجب على الجميع أن يساندوا الشعب الفلسطيني، أن يساندوا المجاهدين في فلسطين، أن يقفوا إلى جانبهم، ويقدموا لهم كل أشكال الدعم والمساندة، على المستوى السياسي، والإعلامي، والمادي، وحتى على المستوى العسكري". ودائما ما أكد على المنطلقات الإيمانية: "من منطلق المسؤولية الإيمانية، والدينية، والأخلاقية، تَحَرَّكَ شعبنا اليمني العزيز في مواقفه البارزة والواضحة والمعروفة، تَحَرَّك ليتخذ الموقف الصحيح على كل المستويات، ليعلن تقديم كل أشكال الدعم الممكنة والمستطاعة للشعب الفلسطيني، ليقول إنه سيتحرك عسكرياً". والمنطلق الإيماني عنوان يندرج تحته عدد من العناوين المهمة: الأول: الالتزام بأوامر الله: كما سبق أعلاه، فقد أمر الله تعالى بالقتال في سبيله وسبيل المستضعفين، وتقدمت الآية التي تنص على ذلك صراحة، وهنا لا يمكن فهم الآية الكريمة، في ظل ما يجري في غزة، إلا أمرا صريحا بالقتال، والنهي عن التخاذل ، أو على الأقل تبكيت المتخاذلين، مع ما تتضمنه العبارة القرآنية: "وما لكم لا تقاتلون"، بمعنى ما الذي يمنعكم، وهو قتال موصوف "في سبيل الله"، وفي الإطار المقابل هو "في سبيل الطاغوت"، وختام الآية : "فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا"، فوصف العدو بالشيطان أمر غاية في التشجيع على قتاله، ووصفه بالضعيف، غاية في التطمين على هزيمته، لضعفه وهوانه. وكثيرة هي الآيات التي تشير إلى حقائق من هذا النوع. الثاني: الاستعداد بالعدة والعتاد قدر المستطاع: عندما أمر الله بالقتال في سبيله، فهو سبحانه وتعالى يعلم واقع المؤمنين، وواقع عدوهم، سواء في الزمن الماضي أو في زمننا الحاضر، بل وكأن الآيات تنزلت على هذا الزمن، لشدة تناسبها مع حالة المؤمنين وعدوهم، وخصوصا من الناحية العسكرية، فقد أمر الله سبحانه بالإعداد قدر المستطاع: " وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا ٱسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍۢ "، ولم يأمر الله تعالى بأكثر من المستطاع، مثلا أن يأمر بإعداد قوة أكبر من قوة العدو، أو قوة تتناسب مع قوة العدو. وحكمة الله وعلمه بواقع الحال، قديما وحاضرا، يحتم إعداد المستطاع، ويتكفل الله تعالى بما تجاوز تلك القدرة، ويتدخل بالعون والتسديد، والتثبيت وبث الرعب في قلب العدو.. الخ. الثالث: الثقة بالله: انطلاقا من الالتزام بالأوامر الإلهية، واستصحابا للإعداد قدر المستطاع، فإن الركن الثالث للمضي قدما، هو الثقة بالله تعالى، حيث أنه سبحانه، قد وعد بالنصر ووعده الحق، ووعد بالتثبيت والسكينة، وبث الرعب في قلوب العدو، وهنا يعتمد الانطلاق على مدى الثقة بوعود الله هذه، إذ إنها متناسبة مع القدرة على الإعداد في العدة والعتاد، كما نلاحظه في واقعنا المعاش من تقدم العدو في كل مجالات، وعلى رأسها التطور في التسليح، والتقدمُ التكنولوجي، في الكم والنوع، وهي أمور لا نقاش فيها، إلا أنها تفقد أهميتها في حال تسلح المؤمنين بالثقة بالله تعالى، والتصديق بوعده، والاعتماد عليه، والتوكل عليه. الرابع: التوكل على الله: لله عاقبة الأمور، وقد وعد الله أولياءه بالنصر، وإحدى الحسنين، وما على المؤمنين إلا التوكل على الله، وهو وحده بيده مسار الأمور، وتقلبات الأحداث، ومصير كل الخلق، وما يريده الله أن يكون سيكون، لكن ما على المؤمنين وأولياء الله فعله، بناء على ما سبق، هو فقط ما يملكون التحرك فيه، وأما العاقبة فهي بيد الله تعالى، والتي حتما ستكون في صالح أوليائه السائرين وفق هديه، وقد وعد بالنصر وبتمكين المستضعفين مشارق الأرض ومغاربها. الخامس: الخوف من الله: هنا يأتي البند الجزائي إن صح التعبير، ماذا لو لم ينطلق المؤمنون في المسار الذي رسمه الله لهم، وفي قضية الجهاد تحديدا؟ كان هناك تخويف كبير من الله تعالى للمتخاذلين، والناكصين، والمتراجعين، الذين يخلدون إلى الأرض، مهما كانت مبرراتهم، لا يمكن أن يكون هناك أي مبرر لأي أحد، وقد جاءت سورة التوبة لتوضح عواقب مثل هذا التخاذل والتخلف عن ركب الجهاد والقتال في سبيل الله، أدناها الاستبدال، "إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم" ، وأعلاها النار، "قل نار جهنم أشد حرا"، "فالله أحق أن تخشوه"، وفيها من التخويف ما لا يخطر على بال. التهيئة والتحضير: مما يجب الإشارة إليه هنا، أن حركة المسيرة في اليمن، ليست وليدة اللحظة، بمعنى أنها لم تنطلق مع انطلاق طوفان الأقصى، بل هي سابقة بأكثر من عقدين من الزمن، وكانت تستعد لهذه المعركة تحديدا، المعركة مع العدو الإسرائيلي ومن خلفه الأمريكي، وإذا عدنا للوراء سنجد السيد الشيد القائد حسين بدر الدين الحوثي قد بدأ التحضير لهذه المعركة، وشحذ الهمم وعبأ الجماهير، ووضع الأسس والخطط والبرامج، وأشار إلى نقاط الضعف ومواطن القوة، لدى الأمة ولدى عدوها، كما حدد هذا العدو بأنه أمريكا و"إسرائيل"، وصاغ الشعار المشهور اليوم، "الله أكبر، الموت لأمريكا الموت لإسرائيل اللعنة على اليهود النصر للإسلام". وهو لم يكن مجرد شعار، بل كان خطة عمل ملخصة، حددت العنوان وربطت الأمة بالله تعالى، ولفت إلى العدو خطورته، وختم بالأمل الموعود من الله تعالى وهو النصر. إذاً، فقد كانت البذرة الرئيسية سابقة بأكثر من عشرين عاما، من الإعداد والتحضير، لليوم الموعود. ورغم ما مرت به المسيرة من تحديات ومخاطر وتهديدات، لكنها صمدت، وبفضل الله تعالى وصلت إلى ما وصلت إليه كتجسيد عملي لوعد الله، وكان هذا التجسيد دافعا للاستمرار والتحدي والانخراط في معركة طوفان الأقصى، تحت عنوان "الفتح الموعود والجهاد المقدس". كانت تنتقل المسيرة من مرحلة إلى مرحلة، حاملة وهج الإنجازات والنجاحات والانتصارات، والتي كانت تزيد من الثقة بالله تعالى يوما بعد يوم، وترسخ ثقافة التوكل على الله، والاعتماد عليه، والثقة بوعده، بنصر أوليائه وإحباط أعدائه.

"الأحرار الفلسطينية': على محكمتي العدل والجنائية الدوليتين التحرك الفعلي لتجريم الأفعال الصهيونية
"الأحرار الفلسطينية': على محكمتي العدل والجنائية الدوليتين التحرك الفعلي لتجريم الأفعال الصهيونية

وكالة الأنباء اليمنية

timeمنذ 2 ساعات

  • وكالة الأنباء اليمنية

"الأحرار الفلسطينية': على محكمتي العدل والجنائية الدوليتين التحرك الفعلي لتجريم الأفعال الصهيونية

غزة – سبأ: دعت حركة الأحرار الفلسطينية، اليوم السبت، محكمة العدل الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية، للتحرك الفعلي وأخذ كل التدابير والإجراءات القانونية لتجريم كل أفعال العدو الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني، ومحاكمة هذا الكيان الفاشي وقادته أمام المحاكم الدولية. وقالت الحركة في بيان: 'إن جيش العدو الصهيوني في شمال غزة، يمارس تهجير قسري بالقنابل المحرمة دوليا، وإسقاطها على رؤوس المواطنين الأبرياء لإجبارهم على النزوح، دون الإلتفات لحجم القتل والدمار الذي يحدثه على مدار الساعة، وبدعم أمريكي وصمت دولي مريب'. وأدانت "ما يرتكبه رئيس حكومة العدو، مجرم الحرب، نتنياهو وجيشه المأزوم في شمال القطاع، من قصف ممنهج وبكثافة لا يتخيلها عقل، على البيوت والخيام ومراكز الإيواء المكتظة بالمواطنين الابرياء، والمستشفيات ومستودعاتها من الأدوية والمستلزمات الطبية، وكل ما هو لازم من مقومات الحياة'، مؤكدة أن ذلك "جريمة حرب مكتملة الأركان'. وأضافت: "إن كان رهان العدو وداعميه على كسر صبر وصمود شعبنا، وإمكانية نجاح خططهم بتهجيره عن أرضه، فمٱلهم بحول الله إلى ثبور". وأردفت: "رغم كل أهوال الجحيم المفتوحة عليه، ورغم كل هذه المجازر التي ترتكب تحت سمع وبصر العالم دون أي حراك يذكر، لقد أثبت شعبنا أنه المتثبت بأرضه، العاشق لها ولحريتها وكرامتها، وهو صاحب الحق بالعيش عليها وتقرير مصيره، كباقي شعوب العالم الحر، ولقد قدم لذلك كل ما هو غالي ونفيس من دماء وأشلاء رجاله ونساءه وأطفاله'. واستهجنت حركة الأحرار الفلسطينية، الصمت الدولي والعجز المخزي عن كل تلك الجرائم، وموقف غالبية المجتمع الدولي إزاء ما يرتكبه المجرم نتنياهو وحكومته من جرائم حرب وعدوان وجرائم ضد الإنسانية". وطالبت بموقف حر ممن يتغنون بحقوق وحريات الانسان، وإدانة جرائم العدو الإسرائيلي والعمل للجم هذا العدو ووقف عدوانه على أرض فلسطين. وحملت الحركة "الإدارة الأمريكية وكل من يدعم المجرم نتنياهو وحكومته الفاشية، مسؤولية ما أضحى عليه شعبنا من قتل وتدمير وتهجير وجرائم حرب وعدوان وجرائم ضد الإنسانية، فهم شركاء فعليين مع هذا العدو الصهيوني، ومشتركين في إراقة دماء الأطفال والنساء والشيوخ الأبرياء وبدمٍ بارد'. وختمت الحركة بيانها بالتحية إلى "الشعب الفلسطيني الصابر المحتسب على صموده الاسطوري، وترحمت على الشهداء الأبرار الاكرم منا جميعا، وندعو بالشفاء العاجل لجرحانا المغاوير، والفرج القريب لأسرانا البواسل، ونذكر أهلنا في كل مناطق النزوح بقوله تعالى (والذينَ آووا وّنصرُوا أُولئكَ بَعْضُهُمْ أَولِياءُ بَعْضٍ)، (وما النصر إلا من عند الله، إن الله عزيز حكيم) وإنه جهاد جهاد نصرٌ أو استشهاد'.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store