
إيران وإسرائيل والنظام العالمي
يمكن أن يؤكد لك كل الخبراء الاستراتيجيين أن مستقبل النظام الدولي، ونوعية الصراعات التي يمكن أن تقع لا يمكن التنبؤ بهما بشكل دقيق؛ ولكن ما يجري اليوم من أحداث دولية يمكن أن يعطي لنا مسلمة واحدة، وهي أن قانون القوة هو الطاغي فيما يجري وما سيجري من أحداث؛ بمعنى أن الكثير من القوانين الدولية ستبقى حبراً على ورق، والعديد من المنظمات العالمية ستدخل في سبات عميق؛ وهذا طبعاً سيستمر لسنوات بل ولعقود، وسيقوي النفاق الدولي وازدواجية المعايير التي تخدم مصالح القوى العظمى، وسينمي كل يوم الخط الفاصل بين دول الجنوب الشاملة والفاعلين الكبار في النظام العالمي، بل سيساهم في الزيادة من حدة التوتر بين القوى العظمى أنفسها.
روسيا تدخلت في أوكرانيا واستمرت الحرب ولا تزال، ولم يوقف الدعم الغربي لكييف توغل القوات الروسية، ولا منعها من مخالفة القوانين الدولية رغم العقوبات، بل بدأ الرئيس بوتين يستعيد مكانته وحيويته في الساحة الدولية إلى درجة أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يكلمه هاتفياً لساعات طوال، ويدعوه للجلوس ولو شرفياً في قاعة الوسطاء الرئيسيين الذين يمكنهم أن يتوسطوا بين إسرائيل وإيران؛ كما أن إسرائيل قامت بعد هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 بالقضاء على وكلاء إيران في المنطقة: «حماس» ثم «حزب الله»، ثم قامت برفع الغطاء عن نظام الأسد في سوريا، والآن أشعلت الحرب بينها وبين إيران، كما قامت الولايات المتحدة بشن غارات على الحوثيين في اليمن انتهت بالاتفاق على ألا تصاب المصالح الأميركية من سفن وقواعد عسكرية بسوء.
هذه القوى العظمى، وبالأخص الولايات المتحدة، لا يمكن لأحد أن يفرض عليها حصاراً شاملاً، ولا أن يرسل عليها صواريخ تزيل النظام وأهله، ولا أن يحاكمها بحجة أنها خالفت القوانين الدولية، أو لم تأخذ رضا ومباركة مجلس الأمن؛ بل هي من تقرر وتعاقب، بل يمكنها أن توقف قرارات المحاكم الدولية ومحاصرة من سولت له نفسه متابعة الحلفاء. والآخرون إما أن يتناغموا مع هذه الوضعية أو ينتظروا الويلات التي يمكن أن تصيبهم. فها هي إيران كانت تظن أنها في بروج مشيدة؛ لأن عندها وكلاء في كل المنطقة يؤمنون بمبدأ الموالاة للولي الفقيه، وتمدهم بالسلاح والأموال؛ كما أنها نجحت في تعزيز المصالح القومية الإيرانية، والتمركز داخل النظام الإقليمي، وابتزاز الخصوم والأنداد، ومأسسة عقيدة مفادها بأنه إذا كانت هناك حروب إقليمية فإنها لا محالة ستدور دائماً على أراضي الآخرين، وليس داخل أراضيها.
إيران كانت تعتقد، كما بعض المفكرين العرب بأن ما يجري من أحداث ومفاوضات لا متناهية حول النووي الإيراني ما هو إلا مسرحية شكسبيرية بطلتاها إيران وإسرائيل، والكاتب الرئيسي لها هي الولايات المتحدة؛ لم تكن أبداً مسرحية! اشتغل الإسرائيليون لسنوات على كيفية القضاء على مقومات النظام الإيراني، وأصبحوا بارعين في المراوغة والكتمان والمباغتة. تجاوز «الموساد» الخرائط والحدود، وجند الجواسيس، وفعل كل هذه الاختراقات داخل إيران.
والإيرانيون على علم بأن أميركا وإسرائيل جسم واحد، وأنه رغم التصريحات المتناقضة في بعض الأحيان بين واشنطن وتل أبيب، فإن العقيدة واحدة، والمصالح واحدة، والتعاون الاستراتيجي والعسكري دائم، وأن الدول الغربية في المسائل الوجودية لا يمكنها أن تتجاوز رغبات الدولة العبرية.
ظن الإيرانيون أن الحكومة الإسرائيلية متبوعة بانتخابات ديمقراطية، وأن الناخبين سيسقطون أي حكومة تضع شعبها في حرب استنزاف تسقط فيها الأرواح والمباني؛ ولكن غاب عنهم أنه في الحروب المصيرية لا تسقط هذه الحكومات، بل تتقوى وتكون على استعداد لتحمل التكلفة، وبخاصة أن عندها شيكاً على بياض من أميركا والحلفاء.
الأمور صعبة ومعقدة للغاية، والمستقبل سيحكمه قانون القوة، بدل قوة القانون. والمنظمات الدولية بما فيها الأمم المتحدة ستصبح صورية وغير مؤثرة، ودول العالم ستكون ملزمة بالاصطفاف مع القوى العظمى، وسيزداد السباق العالمي نحو التسلح في بيئة دولية تعرف اليوم أزيد من 57 أزمة نزاع مفتوحة، وأزيد من 200 من الجماعات المسلحة، وتكلف فيها الصراعات نحو 17 تريليون دولار، وهي وقائع وأرقام لم تصل إليها البشرية من قبل.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أرقام
منذ 23 دقائق
- أرقام
تراجع أغلب المؤشرات الأمريكية في الختام لتسجل خسائر أسبوعية
جارٍ تحميل البيانات... يرجى ملاحظة أن هذا الملخص الإخباري تم إنشاؤه باستخدام الذكاء الاصطناعي، لذا ينصح بمراجعة المصادر الأصلية للحصول على التفاصيل الكاملة والتأكد من دقة المعلومات.


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
زيلينسكي: هناك حاجة إلى عمل دولي ضد روسيا وإيران وكوريا الشمالية
طالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بتشديد العقوبات ضد موسكو، التي قال إنها تنشر طائرات مسيّرة من طراز «شاهد» التي صممتها إيران وذخائر من كوريا الشمالية، مما يدل على أن حلفاء كييف لا يمارسون ضغوطاً كافية على موسكو. وقال زيلينسكي في كييف خلال خطابه الليلي عبر الفيديو: «روسيا تحاول الآن إنقاذ برنامج إيران النووي، لا توجد طريقة أخرى لتفسير الإشارات العلنية والأنشطة غير العلنية». وأضاف أنه كلما تعرض أحد شركاء روسيا لضغوط، تحاول موسكو التدخل. ويجب منع انضمام روسيا إلى الدول المتحالفة معها. زيلينسكي والأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته (أ.ف.ب) وعرض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن روسيا يمكنها ضمان الاستخدام السلمي للطاقة النووية في إيران، حليفة روسيا، لتجنب التسلح النووي المخيف. وقال زيلينسكي: «عندما تقتل الطائرات المسيّرة الإيرانية من طراز (شاهد) التي تم تحديثها بشكل كبير الآن، والصواريخ الباليستية من كوريا الشمالية، التي تم تحديثها أيضاً، شعبنا في أوكرانيا، فهذه علامة واضحة على أن التضامن العالمي والضغط العالمي ليسا كافيين». وتابع: «يجب أن نشدد العقوبات بشكل كبير». ووقعت روسيا شراكة استراتيجية مع إيران هذا العام. ونددت موسكو بالضربات الإسرائيلية ضد إيران، وعرضت الوساطة. وقال نائب وزير الخارجية الروسي إن موسكو تحث واشنطن على الامتناع عن التدخل المباشر. وقال وزير الخارجية الأوكراني، أندريه سيبيها، إن الصراع بين إسرائيل وإيران كشف النفاق الروسي؛ إذ تدافع موسكو عن برنامج إيران النووي وتندد بالضربات على طهران بينما تهاجم أوكرانيا «بلا رحمة». ووضع زيلينسكي يوم الخميس الزهور عند المبنى السكني المدمر في كييف حيث قتل، قبل يومين، 23 شخصاً جراء ضربة صاروخية روسية. وفي المجمل، فقد نحو 30 شخصاً حياتهم في الغارات الجوية على كييف ومدن أخرى. وقال زيلينسكي: «هذا إرهاب متعمد، كما ينفذه الجيش الروسي تحت قيادة بوتين في كل مكان». كما تعرضت مدينتا أوديسا وخاركيف لهجمات واسعة بطائرات مسيّرة روسية، الخميس ليلاً، فيما تواصل موسكو هجماتها الجوية اليومية ضد أوكرانيا. وقالت قيادة سلاح الجو الأوكراني على تطبيق «تلغرام»، الجمعة، إنه بشكل إجمالي أطلقت القوات الروسية وابلاً من 86 طائرة من دون طيار تمكنت 16 منها من الإفلات من الدفاعات الجوية، حسب وكالة «بلومبيرغ» للأنباء، الجمعة. زيلينسكي وميرتس خلال مؤتمر صحافي في برلين يوم 28 مايو (أ.ف.ب) وأسفر الهجوم عن مقتل شخص واحد وإصابة 14 على الأقل في مدينة أوديسا وهي مدينة ساحلية على البحر الأسود، في جنوب أوكرانيا، طبقاً لما قاله مكتب المدعي العام على تطبيق «تلغرام». وألحقت الطائرات المسيرة أضراراً بالعديد من المباني السكنية، بما في ذلك مبنى مكون من 23 طابقاً، تم إخلاء 600 شخص منه بسبب الحريق. وألحقت الطائرات المسيرة أيضاً أضراراً بمحطة القطارات المركزية في أوديسا وبنية تحتية أخرى للسكك الحديد، حسب هيئة السكك الحديد الأوكرانية على تطبيق «تلغرام». عمليات البحث مستمرة عن أحياء بين الأنقاض (أ.ف.ب) وبدورها أعلنت وزارة الدفاع الروسية، الجمعة، أن أنظمة الدفاع الجوي المناوبة التابعة لها، أسقطت 61 طائرة مسيرة أوكرانية الليلة الماضية. لكن من الصعب التأكد بشكل مستقل حول ادعاءات كل طرف. من جانب آخر عيّن الرئيس الأوكراني، الخميس، غينادي شابوفالوف قائداً للقوات البرية، بعدما استقال سلفه إثر ضربة روسية على معسكر تدريبي للجيش أوقعت قتلى وجرحى. وسبق أن عمل شابوفالوف منسقاً للمساعدات العسكرية في ألمانيا وتولى قيادة المنطقة العسكرية الجنوبية لأوكرانيا. وقال زيلينسكي في مداخلته المسائية إنه يعوّل على «خبرة قتالية حقيقية» لدى شابوفالوف داعياً إلى تغييرات في الجيش الأوكراني الذي يواجه صعوبات في صد القوات الروسية بعد أكثر من ثلاث سنوات على الحرب. وشدّد زيلينسكي في مداخلته المسائية على أن «التغييرات ضرورية» قائلاً إنها «مسألة إلزامية». تحرز قوات موسكو تقدّماً في الخطوط الأمامية منذ أكثر من عام، وقد حقّقت مكاسب ميدانية في منطقة سومي الأوكرانية التي تسعى لاحتلالها منذ بداية الحرب. ومحادثات السلام الرامية إلى وضع حد للنزاع متعثّرة منذ أسابيع بعدما أصبح تركيز واشنطن، أكبر حليف لكييف، مُنصباً على الشرق الأوسط. وتقول روسيا إنها منفتحة على حل سلمي لكن كييف تتّهم موسكو بتعمد عرقلة المحادثات لإطالة أمد القتال. وأخفقت جولتان من محادثات السلام بإسطنبول في التوصل إلى هدنة في المعارك. ورفضت روسيا دعوات لوقف إطلاق نار غير مشروط متعهدة مواصلة هجومها المستمر منذ ثلاث سنوات. وتطالب موسكو كييف بالتنازل عن مزيد من الأراضي والتخلي عن الدعم العسكري الغربي بوصفهما شرطين لهدنة. وقال جنرال ألماني إن الصراع الإسرائيلي الإيراني ليس له أي تداعيات عسكرية على الحرب بين روسيا وأوكرانيا، مضيفاً: «لا ندرس تحويل الأسلحة المخصصة لأوكرانيا إلى إسرائيل». وتبادلت روسيا وأوكرانيا المزيد من أسرى الحرب، الجمعة، في إطار اتفاق أبرم خلال محادثات بإسطنبول في وقت سابق هذا الشهر. أخفقت تلك المحادثات في إحراز تقدم نحو وقف إطلاق النار لكن الطرفين وافقا على الإفراج عن أسرى حرب، جميعهم جرحى أو مرضى أو دون 25 عاماً. زيلينسكي يتوسط السيناتورين الجمهوري غراهام والديمقراطي بلومنثال في كييف يوم 30 مايو (أ.ف.ب) وقالت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، إن «مجموعة من الجنود الروس أعيدوا من الأراضي التي يسيطر عليها نظام كييف. في المقابل تم تسليم مجموعة من أسرى الحرب الأوكرانيين». وأكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عملية التبادل، مرحباً بعودة الجنود الأوكرانيين «أخيراً إلى ديارهم». وأضاف عبر تطبيق «تلغرام»: «معظم الجنود العائدين من الأسر في روسيا اليوم أمضوا أكثر من عامين هناك». ولم يعلن أي من الجانبين عدد الجنود الذين أفرج عنهم الجمعة. ونشرت موسكو فيديو يظهر جنوداً روس ببزات عسكرية وهم يهتفون «روسيا، روسيا» وقد اتشحوا بأعلام روسية. ونفذ الجانبان عشرات من عمليات التبادل المماثلة منذ بدء النزاع، في إطار إحدى مجالات الحوار القليلة بين موسكو كييف.


أرقام
منذ ساعة واحدة
- أرقام
إيران: لن نوقف تخصيب اليورانيوم لكن التنازلات ممكنة
قال المتحدث باسم الرئاسة الإيرانية ماجد فرحاني، الجمعة، إن إيران لن تتوقف عن تخصيب اليورانيوم. وذكر فرحاني، في تصريح لشبكة "سي إن إن" الأميركية، أن "إيران لن تتوقف عن تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية، لكنها قد تقدم بعض التنازلات". وأضاف: "أن الولايات المتحدة قادرة على إنهاء الصراع مع إيران بمكالمة واحدة لإسرائيل". وتابع: "المفاوضات مع إيران يمكن أن تُستأنف بسهولة إذا أمر الرئيس ترامب إسرائيل بوقف هجماتها على إيران". كما كرّر فرحاني الموقف الإيراني القائل باستحالة المحادثات في ظل استمرار الضربات الإسرائيلية.