
أصالة تنعي زياد الرحباني وتواسي فيروز بعبارة «يا أمنا التي أنجبت روحنا»
أصالة تنعي زياد الرحباني وتواسي فيروز بعبارة «يا أمنا التي أنجبت روحنا»
مقال له علاقة: يحيى الفخراني يكتشف أموراً جديدة في كل عرض لمسرحية الملك لير
وفي كلمات مليئة بالمشاعر، خاطبت أصالة فيروز قائلة: 'سيدتي الأغلى، ياساكنة بقلوبنا في أعلى وأجمل مكان، الله يرحم ابنك الفنان الكبير زياد الرحباني، ابن المجد وصناع الفن البديع' وأضافت أصالة في منشورها: 'بدعي ربي يمسح بالصبر على قلبك الغالي، ويهون عليك هالأيام الصعبة يا سيدة وطني، يا طبيبتي ودوائي لجميع أوجاعي بصوتك وشموخك ومقامك العالي يا غاليتنا، الله يكون معك يا أمنا التي أنجبت روحنا، يا عظيمة يا فيروز'
وفاة زياد الرحباني
فُجع الوسط الفني اللبناني والعربي صباح اليوم، السبت، بوفاة الفنان اللبناني الكبير زياد الرحباني عن عمر ناهز 69 عامًا، بعد مسيرة فنية استمرت لعقود، استطاع خلالها أن يترك بصمته الفريدة والخالدة على الموسيقى والمسرح والفكر النقدي في العالم العربي، برحيله، يغيب أحد أبرز رموز الفن الملتزم، وأحد أكثر الفنانين تأثيرًا في الوجدان اللبناني والعربي الحديث.
ابن السيدة فيروز وعاصي الرحباني.. مولود في بيت الفن والتمرد
وُلد زياد الرحباني عام 1956 في بيت يعبق بالموسيقى والثقافة، فهو ابن أيقونة الغناء العربي، والملحن والموسيقار الكبير عاصي الرحباني، أحد الثنائي الأشهر في التاريخ الموسيقي العربي، ومنذ نعومة أظافره، كانت موهبته الفريدة واضحة، لكنه اختار أن يسير في طريق خاص يختلف عن إرث والديه، وقد يكون صادمًا أحيانًا.
ظهر زياد الرحباني لأول مرة على المسرح بعمر 17 عامًا، حين شارك في تأليف وتلحين وتقديم مسرحية 'المحطة' مع والدته، ومنذ تلك اللحظة، لم يتوقف عن تقديم أعمال جريئة، موسيقية ومسرحية، تحمل نكهته الخاصة، التي مزجت بين النقد السياسي، والسخرية الاجتماعية، والموسيقى المتقنة.
ممكن يعجبك: حمو بيكا يعلن اعتزاله الغناء بعد وفاة أحمد عامر قريبًا
فنان شامل.. موسيقى ساخرة ونصوص لا تُنسى
عرفه الجمهور كمؤلف موسيقي، كاتب، شاعر، ممثل، ومسرحي، حيث كتب وأخرج مجموعة من الأعمال المسرحية الشهيرة التي شكلت نقلة نوعية في المسرح اللبناني الحديث، منها: 'نزل السرور'، 'بالنسبة لبكرا شو'، 'شي فاشل'، 'فيلم أميركي طويل'، وقد تميزت هذه المسرحيات بلغتها الشعبية المحكية، ونقدها الحاد للحياة السياسية والاجتماعية، مع خليط من الفكاهة السوداء التي لم تكن مألوفة آنذاك
كما لحّن زياد وأدى العديد من الأغاني ذات الطابع الشخصي والساخر، والتي تعكس رؤيته الإنسانية العميقة، منها: 'بصراحة'، و'مربى الدلال'، وغيرهما من الأغاني التي تحوّلت إلى علامات فنية لا تُنسى

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المصري اليوم
منذ ثانية واحدة
- المصري اليوم
فلسطيني يحلّق فوق الحصار بـ«طائرة»: تضم غرفتي نوم وسعر الليلة يصل لـ600 دولار
على تلة مرتفعة شمال الضفة الغربية المحتلة، غير بعيدة عن الجدار الفاصل الذي شطر الأرض والواقع، اختار شاب فلسطيني أن يردّ على القيود والإغلاق بطريقته الخاصة: طائرة ثابتة لا تطير، لكنها تحمل ركابها إلى فضاء من الخيال والسفر الرمزي. في بلدة دير غسانة شمال رام الله، شيّد منور هرشة (27 عامًا) بيت ضيافة فريدًا من نوعه على شكل طائرة، في محاولة لمنح سكان المنطقة – خصوصًا الأطفال – تجربة غائبة منذ سنوات، بسبب غياب المطارات واستحالة السفر لدى معظم الفلسطينيين. وقال هرشة لوكالة «فرانس برس»: «هذا هو الهدف، بما أنه لا يوجد لدينا طائرات ولا يوجد لدينا مطارات، الناس تفضل المجيء إلى هنا، خصوصا الأطفال». بإمكانيات محدودة، صمّم هرشة الطائرة وبناها بيديه بمساعدة شقيقيه، مطليّة باللون الأبيض وذيل أحمر، وتحمل على جانبها عبارة «شالية الطائرة» بالعربية والإنجليزية. تضم الطائرة غرفة نوم رئيسية في مقدمتها، وغرفة أخرى للأطفال في الذيل، مع نوافذ دائرية تحاكي تصميم الطائرات الحقيقية. رغم أن كلفة الإقامة في الشاليه، والتي تتراوح بين 300 و600 دولار لليلة الواحدة، تُعدّ مرتفعة نسبيًا في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، فإن المشروع لاقى رواجًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، وتحول إلى مَعلم يزوره الناس لالتقاط الصور وتخيل تجربة السفر التي حرموا منها. وأوضح هرشة أن المشروع «غريب، حلو ومميز، جديد على المنطقة وعلى فلسطين»، معتبرًا أن مجرد وجود الفكرة هو شكل من أشكال التحدي والتمسك بالأمل. ويشير إلى أنه كان يأمل برفع العلم الفلسطيني على سقف الطائرة وتسميتها «ملكة فلسطين»، لكنه تراجع عن ذلك «بسبب الأوضاع الصعبة»، دون أن يوضح أكثر، في إشارة على ما يبدو إلى المخاطر السياسية والأمنية التي تحيط بالمنطقة. يقع المشروع في المنطقة «ج» (C)، التي تشكل نحو 60% من مساحة الضفة الغربية وتخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، ما يجعل البناء فيها محفوفًا بالمخاطر، خاصة أن السلطات الإسرائيلية كثيرًا ما تهدم المنازل والمنشآت التي تُقام من دون تصاريح يصعب الحصول عليها. ورغم هذه التحديات، يؤكد هرشة عزمه على المضي قدمًا، قائلاً: «إن شاء الله بعد هذه الطائرة، العام القادم (سنبني) سفينة»، في محاولة لتعويض السكان عن غياب البحر عن حياتهم، بفعل الحصار والسيطرة. ويختم الشاب الفلسطيني حديثه برسالة أمل ممزوجة بالمرارة: «نحن شعب نخسر الأشياء باستمرار، أرضنا، حقوقنا، حياتنا… لكن لا يجب أن نخسر الحلم».


بوابة الأهرام
منذ ثانية واحدة
- بوابة الأهرام
بسبب أعمال التطوير.. احتفالات مولد «أبى العباس» تغيب عن «ميدان المساجد» للعام الثانى
بدت ساحة مسجد أبى العباس المرسى بالإسكندرية هذا العام مختلفة فى ملامحها إذ طغت عليها ملامح التطوير العمرانى بينما خفَتَ وهج الاحتفالات الشعبية المعتادة، ورغم أن الليلة الختامية لمولد «أبى العباس» تميّزت بحضور محدود فإن المشهد الروحى ظل حاضرًا فى قلوب المريدين ومحبى آل البيت ممن حافظوا على طقس الزيارة والذكر، فى انتظار اكتمال أعمال التطوير التى تشهدها منطقة «ميدان المساجد» استعدادًا لعودة الزخم الروحانى والاجتماعى والثقافى إلى سابق عهده. يوضح الشيخ محمد صفوت، وكيل مشيخة الطرق الصوفية بمحافظة الإسكندرية، أن احتفال الليلة الختامية لمولد العارف بالله أبى العباس المرسى جاء هذا العام بشكل محدود، وذلك للعام الثانى على التوالى بسبب استمرار أعمال التطوير الشاملة التى تشهدها ساحة المسجد والمنطقة المحيطة به، فى إطار خطة وزارة الأوقاف ومحافظة الإسكندرية لإعادة تأهيل «ميدان المساجد» وتطوير البنية التحتية والخدمات المحيطة به. ويشير «صفوت» فى تصريحات لـ«الأهرام»، إلى أن المريدين ومحبى آل البيت حرصوا رغم ذلك على إحياء الليلة الختامية داخل المسجد وفى الأروقة المحيطة به وكذلك داخل مسجد سيدى ياقوت العرش، مضيفًا أن المشهد الروحى لم يغب حيث جرت حلقات الذكر والتواشيح داخل المسجدين بروح من الخشوع والارتباط الروحى وإن كانت الأعداد أقل كثيرًا من الأعوام السابقة. ويؤكد «صفوت» أن الاحتفال السنوى بمولد أبى العباس يشهد عادة حضور مئات من المحبين والمريدين من مختلف محافظات الجمهورية بل ومن دول عربية وإسلامية ويُعد واحدًا من أبرز المناسبات الصوفية فى مصر، لافتًا إلى أن الليلة الختامية اعتادت فى السنوات الماضية أن تُختتم بابتهالات المنشد الشهير ياسين التهامى أو نجله محمود وسط حضور جماهيرى كثيف إلا أن ظروف التطوير هذا العام حالت دون إقامة الاحتفال بالشكل المعتاد. ويوضح وكيل الطرق الصوفية، أن أعمال التطوير لا تزال مستمرة ومن المتوقع الانتهاء منها بشكل كامل قبل موعد المولد المقبل بما يسمح بعودة الاحتفالات إلى طبيعتها المعتادة خاصة مع ما يتردد عن تخصيص مساحات جديدة وتنظيم الساحة بما يتناسب مع حجم الزوار والمناسبات الدينية الكبرى. ويشدد «صفوت» على أن ميدان المساجد لا يُعد فقط نقطة محلية للزيارة أو التبرك بل هو مقصد روحى لمحبّى آل البيت وأولياء الله الصالحين من مختلف بقاع الأرض وليس من الإسكندرية فقط. ويضم الميدان أكثر من 26 ضريحًا من أضرحة أولياء الله الصالحين يأتى فى مقدمتهم القطب الصوفى الكبير أبو العباس المرسى إلى جانب زوج ابنته العارف بالله سيدى ياقوت العرش الذى يُعد ضريحه أيضًا من أبرز المحطات الروحية داخل الميدان. من جانبه، يرى محمد فاروق عجمي، مدير آثار حى الجمرك بالإسكندرية الذى يقع فى نطاقه المسجد، أن احتفالات مولد أبى العباس المرسى تمثل فرصة مهمة لم تُستغل بعد بالشكل الكافي، مؤكدًا أن الحدث لا يقتصر فقط على كونه مناسبة دينية أو صوفية بل يحمل فى طياته طابعًا اجتماعيًا وثقافيًا وسياحيًا مميزًا. ويوضح «عجمي» أن مدينة الإسكندرية تتحول خلال أيام المولد إلى مساحة حية تعجّ بالحركة والزوار القادمين من مختلف المحافظات خاصة من الصعيد والدلتا وهو ما يعكس زخمًا يمكن البناء عليه لصناعة موسم سياحى داخلى يرتبط بالطرق الصوفية والتراث الشعبى المصري. ويشير «عجمي» إلى أن «ميدان المساجد» وما يضمه من مزارات تاريخية يمثل خارطة متكاملة لسياحة دينية وروحية فريدة يمكن تطويرها من خلال مبادرات تعريفية وتنظيم جولات تراثية وإنتاج مواد مرئية تعريفية موجهة للمصريين والأجانب على حد سواء. ويؤكد «عجمي» على أهمية التنسيق بين محافظة الإسكندرية وهيئة تنشيط السياحة ووزارة الآثار ومشيخة الطرق الصوفية لتنظيم هذه المناسبة بشكل حضارى يليق بتاريخ المدينة ويُحافظ فى الوقت نفسه على الطابع الروحانى والإنسانى للاحتفال، مشيرًا إلى أن مثل هذه المناسبات لا تحتاج إلى تجهيزات فخمة بقدر ما تحتاج إلى رؤية واحتواء ترحب بالزائر وتقدم له تجربة صادقة تربط بين التاريخ والوجدان. فيما يقول الدكتور إسلام عاصم، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر والإرشاد السياحي، إن فكرة إنشاء «ميدان المساجد» بمنطقة بحرى تعود إلى عهد الملك فؤاد الأول، الذى أصدر قرارًا بتخطيطه عام 1927، ضمن مشروع شامل لتطوير المدينة الساحلية. ويوضح «عاصم» أن الموقع المختار لإقامة الميدان كان يشغل سابقًا ما يُعرف بمقابر «باب البحر» والتى نُقلت فى ذلك الوقت إلى منطقة المنارة فى وسط الإسكندرية، تمهيدًا لإنشاء ساحة دينية كبرى تضم عددًا من المساجد والأضرحة ذات الطابع التاريخي. جدير بالذكر أن الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، كان قد تفقد فى شهر إبريل الماضى أعمال تطوير ساحة مسجد سيدى أبى العباس المرسى والمنطقة المحيطة به، والتى تشمل أيضًا مسجد الإمام البوصيري، والمتاجر، والحدائق، والمنشآت الخدمية المجاورة، وذلك بما يعكس الطابع الجمالى والمعمارى للمسجد والمنطقة. ويُسهم هذا التطوير فى جذب الزائرين من داخل مصر وخارجها، فى إطار تحويل الميدان إلى منارة حضارية ومزار روحى وثقافى يليق بمكانة مصر الدينية والتاريخية


بوابة الأهرام
منذ ثانية واحدة
- بوابة الأهرام
زياد الرحبانى.. «دايما فى الآخر فى وقت فراق»
عكس غياب الموسيقى اللبنانى زياد الرحبانى (69 عاما ) أول من أمس حالة فقد شاملة يندر تكرارها فى عالمنا العربى ، وكشفت تعليقات المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعى المكانة الاستثنائية التى احتلها لدى جمهوره ، كما بددت الاتهامات التى لاحقته طوال حياته كموسيقى نخبوى وثبت للجميع أنه كان شعبيا للدرجة التى لم يتصورها أشد الناس إيمانا بموهبته الأستثنائية. بدا واضحا أن زياد ظل حاضرا فى الوجدان رغم انسحابه الإرادى من الساحة لأسباب ارتبطت دائما بشعوره بشيء من الخذلان العام بعد تدهور الأوضاع السياسية فى العالم العربى ،فقد حرص طوال مشواره على أن ينظر لمسرحياته وموسيقاه بوصفها مشروعات مناهضة لمختلف صور التردى ،كما لم ينكر فى أقصى محطات نجاحه نزعته اليسارية الرافضة الأمر الواقع والداعية إلى تغييره. اختلطت فى وداع زياد الرحبانى إشارات عديدة من الحزن والأسى، وذهبت الإشارة الأولى إلى والدته السيدة فيروز التى تعانى (فقدا متأصلا) طال قبل زياد ابنتها ليال ،كما أن ابنها (هالي) الذى ولد معاقا وعاش سنوات حياته على مقعد متحرك يعانى البكم والإعاقة إذ لم يتبق لفيروز من نسلها المباشر سوى ابنتها (ريما) . > زياد وفيروز وبينهما عاصى الرحبانى.. «سلملى عليه» وعزز غياب زياد المباغت من الأسطورة المرتبطة بالعائلة الرحبانية التى على الرغم من النجاح الذى عاشته لا تزال مطاردة بلعنة تراجيدية على نحو ما. من جهة أخرى سعت رؤى عديدة لتفسير غيابه خلال أعوامه الأخيرة إذ عاش منسحبا فى أجواء من الاكتئاب ولم تكن عزلته ،ثم مرضه سوى الرد الطبيعى على المآسى التى شهدها خلال العقد الأخير سواء فى لبنان أو سوريا أو فلسطين. وفى مواضع كثيرة أشار المحيطون به إلى أنه توقف إراديا عن تعاطى أدويته إذ عانى بخلاف الاكتئاب مشكلات فى الكبد وتردد فى إجراء بعض العمليات الجراحية بحسب إشارة وزير الثقافة اللبنانى غسان سلامة . > فيروز وزياد فى مشهد من مسرحية «ميس الريم» عام 1975 مصنع بخطوط إنتاج متعددة وكما هى العادة كان الموت مناسبة لتسليط الضوء على مشروع زياد الذى عرف تحولات مختلفة تراكمت فوق موهبة استثنائية بدأت من سنوات مراهقته ووضعته فى خانة «العبقرية الموسيقية» وهى خانة لم يستسلم لها قط فظل مغامرا ومجربا طوال الوقت . فى مراهقته أنجز الراحل تأليفا وموسيقى كتابة مسرحيته الأولى «سهرية» وهو بعمر الـ17، وفى العام نفسه وضع لحنه الأول «سألونى الناس» التى وضع كلماتها عمه منصور، وأدتها فيروز تحية لوالده عاصى الذى كان يعالج آنذاك فى المستشفى من جلطة دماغية . > فيروز واهتمام مبكر بموهبة زياد طفلا وواصل اشتغاله القوى على العمل فى المسرح اللبنانى الذى شهد آنذاك طفرة جمالية عكستها تجارب روجيه عساف ونضال الأشقر وعصام محفوظ. وفى عام 1974 ظهرت مسرحيته الثانية «نزل السرور» التى أكدت هويته الذاتية بمعزل عن محيط العائلة ثم جاء التحول الجذرى فى موهبة زياد خلال سنوات الحرب الأهلية فى لبنان التى مثلت أفقا مثاليا لكسر التوقعات وتغيير المسار الهادئ الذى كان من المتوقع أن تمضى فيه موهبته كامتداد للعائلة الرحبانية . فى تلك السنوات تحول زياد إلى مؤسسة متكاملة وإلى مصنع له خطوط إنتاج مختلفة تكاملت فيها أدوار المؤلف والشاعر والموسيقى والممثل والمخرج ورأى فى صوت جوزيف صقر فضاء تعبيريا حرا مكنه من بناء مشروع لشراكة استثنائية تحولت فيما بعد إلى أيقونات للتمرد امتد تأثيرها إلى خارج لبنان فى وقت كانت فيه ثورة صناعة الكاسيت تيسر من عمليات النسخ والتبادل تقاوم مختلف صور الحصار الرقابى الذى لم يعرفه لبنان إذ ظل فى ظل أجواء الحرب يتسم بالتعددية وحرية الإعلام . > .. ومعا فى صحبة الشيخ إمام وموسيقاه لبنان التعددى مكنته أجواء الحرب وصراعات الأيديولوجيات والفصائل السياسية من بناء صورة أخرى للفنان الملتزم وهى صورة سبقتها إليه تجارب الثنائى أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام ومن قبلهما سيد درويش الذى مثل مع زكريا أحمد وفيلمون وهبى مصادر إلهام استثنائية وانحاز زياد فى تلك التجارب لنبرتها التهكمية وطابعها الكاريكاتيرى الساخر الذى عمل على تطويره فيما بعد . يشير الباحث الأمريكى كريستوفر ستون مؤلف كتاب (الثقافة الشعبية والوطنية فى لبنان) إلى أن زياد فى مسرحياته (نزل السرور، شى فاشل، فيلم أمريكى طويل) تمرد على الطابع المثالى الذى كانت تعبر عنه مسرحيات الأخوين رحبانى وفيروز لأنه كان مسرحا يعبر عن تصور فانتازى يوتوبى عن لبنان واحد وليس عن لبنان المتعدد لغويا وطائفيا، ومن ثم فإن حوارات مسرح زياد بنبرتها التهكمية حاولت استرداد التعددية الصوتية التى تسم لبنان الأكبر كما فى مسرحيته الشهيرة (نزل السرور). ابتكر الرحبانى الصغير فى مسرحه ما تحتويه اللغة اليومية من انعكاس عميق فى النفوس والعقول ويجلب الإمتاع والعاطفة التى عبرت بشخصياتها القادمة من أصول متعددة عن صورة للبنان لابد من الحفاظ عليها ودعمها ،كما سخرت فى فقراتها المكتوبة بفصحى أقرب إلى كلاشيهات من نمط المثقف الحنجورى وهو ذاته الذى كان موضع نقد وسخرية أحمد فؤاد نجم «مزفلط محفلط ، عديم الممارسة، عدو الزحام». > .. وفى أثناء مشاركته بندوة لـ «الأهرام» عام 2010 صفقة مع فيروز على الرغم من نجاحه فى المسرح فإن الجمهور المصرى لم يتواصل مع تجاربه ربما لأنها لم تكن متاحة إلا من خلال عمليات نسخ أشرطة الكاسيت وهى عملية اقتصرت على النخب ولم تمتد للجمهور العادى. كما كانت تلك الأعمال تبث من إذاعة صوت الشعب فى بيروت ولم يكن من السهل التقاط موجاتها خلال السبعينيات والثمانينيات لكن معرفة الجمهور الواسع بإنتاج زياد جاءت من خلال أعماله الغنائية التى تواصلت مع فيروز منذ ألبوم «وحدن» ثم تواصلت فى «معرفتى فيك ـــ عودك رنان -شو بخاف» وظلت كلها تجارب مقبولة محافظة على المسار الرحبانى رغم تطعيمها بثيمات من الجاز بمختلف أنواعه وموسيقى البلوز والموسيقى الكردية ،إلا أن الانقسام الأكبر جاء مع ألبوم «كيفك أنت 1991» فقد انقسم جمهور فيروز إلى فئة مؤيدة لهذا الطابع المعاصر الذى قدمه زياد وفئة أخرى رافضة له تماما إلا أن فيروز ساندت التحول واستكملته فى أعماله التالية «تحية إلى عاصى» ثم «مش كاين هيك تكون» وأخيرا «إيه فى أمل» وظل رهانها صحيحا فقد تقبل جمهورها تلك التجارب وتآلف معها تماما . > زياد الرحبانى.. لروحك السلام رغم أن زياد كسر فيها الغلالة الشفافة التى رسمها أهله لصورة المرأة التى تمثلها فيروز واستبدل بها صورة امراة واقعية حقيقية راسخة فى المكان والزمان كما تشير إلى ذلك الناقدة السورية حنان قصاب حسن التى ترى أن هذه المرأة صارت أقرب إلى صورة العصر فأصبحت امرأة قادرة على وصف حالها وإعلان تمردها كما لم يعد الرجل عاشقا رومانسيا بل يمكن أن يكون غليظا وغارقا فى الحب. تقول قصاب: «إن العالم الذى رسمه زياد ظل عالما واقعيا متعبا مثقلا بالمشكلات ويهيم عليه ضيق البيوت كما فى أغنيته «أوضة منسية فى الليل». كانت تجربة زياد مع فيروز هى خطوتها الأهم فى اتجاه الخروج إلى الأجيال الجديدة انسجاما مع «الشعرية الجديدة» التى كانت تنمو فيما يسمى «شعرية التفاصيل الصغيرة». > غلاف «يوتوبيا المدينة المثقفة» > .. وكاسيت «بالنسبة لبكرا.. شو؟» بتعبير الناقدة اللبنانية خالدة سعيد فى كتابها «يوتوبيا المدينة المثقفة» فإن تجربة فيروز مع زياد كانت وصلا مع تراث الرحبانية ثم انقطاعا عن محتواه الرومانسى ، فقد استطاعت استقبال ابن غادر يوتوبيا الأب وقبض على العالم المتحول فى إيقاعه الجديد . دخلت فيروز مختبر زياد فى صفقة واضحة المعالم نجح زياد فى إزالة الطبقة الأسطورية عن فيروز ودفعها فى اتجاه اللعب المجانى بينما نجحت هى فى خرق مشروعه وإلقاء الظلال الشعرية حوله والإسهام معه فى تعرية الحياة وإبراز شغب الواقع وصعوبته فى خلطة سحرية تضمنت التهكم والمحاكاة الساخرة والصورة الكاريكاتيرية لأن رهانها هو شعرية الراهن وهو ما يفسر الشعبية التى نالتها أغنيات زياد فى السنوات الأخيرة ، إذ تحولت أغنيته (بلا ولا شى) إلى نشيد معبر عن عدمية اللحظة وتحول معها إلى أيقونة جيل محاصر بشتى صور الإحباط. زياد ومصر زار زياد الرحبانى مصر فى مناسبات فنية جاءت كلها فى صورة مبادرات لمهرجانات خاصة ومستقلة كان أبرزها دعوة مهرجان القاهرة الدولى لموسيقى الجاز التى جاءت بمبادرة من مدير المهرجان الفنان عمرو صلاح إذ عزف فى حفلات جماهيرية استثنائية فى ساقية الصاوى (2010) وحديقة الأزهر(2013) بمشاركة مجموعة من العازفين المصريين أبرزهم عازف العود حازم شاهين وعازف البيانو عمرو صلاح. وخلال زيارته الأولى فى عام 2010، نظمت له مؤسسة الأهرام ندوة مفتوحة شهدت مشاركة من جمهور واسع، وطاف بعدها صالة التحرير وتعرف على تاريخ الأهرام وحصل على هدية تذكارية نسخة من العدد الأول للأهرام. وخلال زيارته الثانية فى 2013 صور مجموعة من البرامج التليفزيونية وشاركته فى الغناء المطربة شيرين عبده فى حفلات أخرى خارج مصر. هكذا كان زياد وهكذا كانت مسيرته، ولكن كما تغنت فيروز يوما: «دايما فى الآخر فى وقت فراق».