
كيف ينظر سكان غزة لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله؟
"سيؤثر علينا هذا الاتفاق كثيراً، وكنت أتمنى أن تظل جبهة لبنان مساندة لنا رغم أنهم دفعوا ويدفعون ثمناً غالياً، لكننا سنتأثر كثيراً وسندفع أثماناً باهظة جداً لأنه سيتم الاستفراد بنا في غزة، ونحن نتمنى كل الخير لأهل لبنان"، هذا ما قاله الطبيب بسام بشير، طبيب الأطفال وهو نازح من شمالي غزة إلى جنوبه، مضيفا "وأتمنى أن يمنحنا الله الصبر على تلك المعاناة والأزمات التي عانينا منها نحن وأهلنا في لبنان".
أما المهندس خليل الشيخ علي وهو نازح أيضا فيعتقد أن غزة ظلت وحيدة منذ اليوم الأول للحرب وأن الأحداث التي تجري هي في غير صالح المواطنين، متمنياً أن يُترجم وقف إطلاق النار في لبنان إلى واقع عملي فيه وفي غزة، وأن لا تترك غزة وحيدة ولا يترك اطفالها ونساؤها ولا الجرحى بمفردهم، على حد تعبيره.
ويضف الشيخ علي: "غزة تحدث فيها مقتلة غير مسبوقة في التاريخ ولم يلتفت لها أحد، وإن شاء الله تنتهي كل هذه المعاناة في أقرب وقت ولا تزيد تلك المعاناة خاصة مع دخول الشتاء وما يسببه من تفاقم معاناة الناس وخاصة النازحين والمرضى في ظل غياب أي أفق أو حلول لهذه الأزمة الإنسانية غير المسبوقة أيضا".
ويعبر النازح محمد أحمد من شمالي غزة عن تخوفه من أن يعيد الجيش الإسرائيلي قوته وترسانته العسكرية في لبنان إلى غزة ويعيد اجتياح كل مناطق القطاع بشكل واسع ويكثف عمليات القصف والمجازر بحقهم عقب هذا الاتفاق الذي تم في لبنان.
وقال أحمد: "لدينا شعور سيء وشعور الخذلان بأن تترك غزة وحيدة في وجه المدفع وهذه مصيبة كبيرة للشعب الغزاوي، فكانت الجبهات جميعها في لبنان واليمن والعراق تخفف عنا الضغط والتصعيد"، متوقعا في ذات الوقت أن يصبح القتل مضاعفا جدا في غزة وأن يكون الجنود في الجيش الإسرائيلي "أكثر توحشا وذلك لأنهم سينفردون بنا في غزة"، على حد تعبيره.
من ناحيتها ترى النازحة هلا وادي، وهي نازحة من شمالي غزة، أن عمليات القصف والقتل ستتضاعف في القطاع كما كانت بداية الحرب عقب هذا الاتفاق، وتضيف: "وحتى عندما كانت الحرب مستمرة في لبنان كنا نعاني كثيرا فما بالنا الآن بعد توقفها لديهم، وهذا صعب جدا علينا".
لماذا تم الاتفاق على وقف إطلاق النار في جبهة لبنان ولم يحدث في غزة؟
يبدو أن ظروف الاتفاق في جبهة لبنان كانت أكثر إيجابية ومرونة مما هي عليه في قطاع غزة وذلك يعود لقيام حزب الله بتوكيل مهمة المفاوضات إلى الحكومة اللبنانية وأيضا لاعتبار أن لبنان هي دولة كبيرة ذات سيادة ولها علاقات كبيرة مع كل دول العالم، أما ما يخص غزة فإن المفاوضات تتعثر دائما وهذا يعود لاعتبار أن حركة حماس هي من يقود التفاوض بنفسها وهي ترفض توكيل منظمة التحرير الفلسطينية أو السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس بتلك المهمة، ويعود الفشل أيضا بسبب وجود الانقسام الفلسطيني الجغرافي والسياسي بين قطاع غزة والضفة الغربية وغياب دولة ذات سيادة قادرة على إدارة ملف التفاوض أو حتى القتال ضد إسرائيل.
كما يشير بعض المراقبين إلى أن فشل جهود التوصل إلى اتفاق في غزة يعود أيضا لقيام إسرائيل باغتيال أكبر القادة التاريخيين في حماس وعلى رأسهم رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية ونائبه صالح العاروري وأيضا رئيس الحركة في القطاع يحيى السنوار، وهو ما أدى لغياب قيادة قوية وقادرة على اتخاد القرارات المصيرية بينما يتحدث آخرون عن صعوبات في التواصل بين قيادة حماس خارج القطاع وداخله لا سيما عقب اغتيال السنوار.
عوامل نجاح الاتفاق في لبنان
ومن جانبه يسرد فتحي صباح الكاتب والمحلل السياسي من غزة وهو نازح حاليا من شمالي القطاع إلى جنوبه في حديثه لبي بي سي، عدة عوامل يرى أنها ساهمت في الوصول إلى الاتفاق، من بينها أن حزب الله لم يبادر بالهجوم على إسرائيل وإنما كانت حماس هي من بدأ تلك الحرب بعد أن بادرت بشن هجوم كبير ضد إسرائيل ولذا تعتبر إسرائيل أن المعركة الأساسية هي غزة وليست لبنان فضربات الحزب كانت إسنادا لغزة كما يعلن، وإسرائيل لم تكن معنية بالهجوم على لبنان لولا أنها اعتقدت أنها قضت على كل قدرات حماس في غزة وبالتالي شعرت بوجود فرصة مهمه للقضاء على حزب الله أيضا وعلى الحوثيين وعلى كل من يحاربها، كما يقول.
أما العامل الثاني فهو حجم المواجهة، فقدرات حزب الله أكبر بكثير من قدرات حماس إذ أن قدرة حماس على إطلاق صواريخ تجاه مدن إسرائيلية كبرى كتل أبيب تضاءلت في الشهر الثاني من الحرب، بينما ترك حزب الله آثارا صعبة على الإسرائيليين وأوجعهم بقصف مدن المركز كتل أبيب وحيفا، وأعلن أن بيروت يقابلها تل أبيت، كما تسبب الحزب بنزوح الآلاف من الإسرائيليين عن مناطق سكناهم في شمالي إسرائيل، وفقا لصباح.
من العوامل أيضا يقول صباح إن "دولا كبيرة وقفت إلى جانب لبنان ورفضت ما وصفته بالعدوان الإسرائيلي على بيروت مع أنها غير قادرة على إيقاف ذلك لكنها أصرت على إيجاد اتفاق لوقف تلك الحرب ومن بينها فرنسا التي أيدت الحرب على غزة وأيضا الولايات المتحدة التي شاركت في الحرب على غزة ورفضتها في لبنان".
وهناك عامل مهم أيضا، بحسب الكاتب فتحي صباح، وهو "أن لبنان ليس لديه أسرى إسرائيليين كما في غزة ونتنياهو نفسه استغل ملف الأسرى في المماطلة والتسويف والهروب إلى الأمام من قضايا الفساد التي تلاحقه لا سيما قضايا التسريبات الأخيرة التي خرجت من مكتبه وهو فقط يستخدم ملف الأسرى للمراوغة والهروب وهو غير معني بإتمام صفقة في غزة وغير معني بالأسرى الإسرائيليين، على حد قوله.
وأشار صباح إلي أن حزب الله أبدى مرونة عالية أكثر من حماس التي تتشدد أكثر في مواقفها في محاولة لتحقيق صفقة مهمة بما يضمن وقف معاناة الناس في غزة، ومن تنازلات حزب الله أنه وافق على فك الارتباط مع غزة، ووقف ربط التوصل لاتفاق في لبنان بوقف الحرب في غزة أولا كما كان يعلن دائما، وفقا لصباح.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 11 ساعات
- العربي الجديد
ويتكوف يطرح مقترحاً معدلاً بشأن غزة وترامب يدعو الأطراف إلى قبوله
أعلن كبير مفاوضي الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، ستيف ويتكوف، اليوم الأربعاء، عن مقترح معدل يتعلق بطرح "حل شامل" للحرب على قطاع غزة المحاصر، من المقرّر تسليمه إلى الرئيس الأميركي في وقت لاحق اليوم، لمراجعته قبل الإعلان الرسمي عنه. وأعرب ويتكوف، في تصريحات من البيت الأبيض اليوم، عن تفاؤله الكبير بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار و"حل طويل الأمد وسلمي للصراع"، مشيراً إلى أن الوثيقة تُعد خطوة مهمة في هذا الاتجاه. بدوره، أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الولايات المتحدة "تتعامل مع الوضع في غزة، حيث يتم تقديم الطعام إلى السكان"، مضيفاً: "نحن نبلي بلاءً حسناً في غزة وإيران، ويتعين على الأطراف أن توافق على الوثيقة التي قدمها ويتكوف". ويأتي هذا المقترح في ظل تعثّر المحادثات السابقة، وتعنت حكومة الاحتلال الإسرائيلي التي تواصل عملياتها العسكرية المكثفة في قطاع غزة، رغم الضغوط الدولية والوساطات المتكررة لوقف إطلاق النار. وعلى الرغم من التصريحات الأميركية المتكررة بشأن ضرورة التهدئة وتسهيل دخول المساعدات، فإن إسرائيل تمضي في استراتيجيتها القائمة على التصعيد العسكري والتضييق الإنساني، ما عقّد الجهود الإقليمية والدولية للتوصل إلى اتفاق دائم. وتسعى إدارة ترامب، من خلال هذا المقترح، إلى دفع الأطراف نحو تسوية شاملة تُنهي الحرب المستمرة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول. تقارير عربية التحديثات الحية الاحتلال يستأنف حرب غزة | مجزرتان وغضب من مشاهد توزيع المساعدات في المقابل، يحافظ المستوى السياسي الإسرائيلي على حالة من الغموض بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق، وذلك بعد نحو يومين من تصريحات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، التي أعرب فيها عن أمله في إمكانية الإعلان عن بُشرى في ما يتعلق بالمحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة، "إذا لم يكن اليوم، فغداً"، قبل أن يتراجع ويوضّح لاحقاً أنه لم يقصد الكلام حرفياً ، وإنما في الفترة القريبة. واعتبرت عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تصريحات نتنياهو تلاعباً بمشاعرها، فيما تواصل، اليوم الأربعاء، نشاطاتها الاحتجاجية ومطالباتها بإعادة المحتجزين. وفي وقت سابق من اليوم الأربعاء، أكدت حركة حماس أنها "تبذل جهوداً كبيرة لوقف الحرب الهمجية على قطاع غزة، وكان آخرها التوصّل إلى اتفاق مع المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف على إطار عام يحقق وقفاً دائماً لإطلاق النار، وانسحاباً كاملاً لقوات الاحتلال من قطاع غزة، وتدفّق المساعدات، وتولّي لجنة مهنية إدارة شؤون القطاع فور الإعلان عن الاتفاق". وأضافت الحركة، في تصريح صحافي، أن الاتفاق يتضمن "إطلاق سراح عشرة من الأسرى الإسرائيليين وعدد من الجثث، مقابل إطلاق سراح عدد متفق عليه من الأسرى الفلسطينيين، وذلك بضمان الوسطاء"، مؤكدة أنها تنتظر الردّ النهائي على هذا الإطار.


القدس العربي
منذ 11 ساعات
- القدس العربي
نتنياهو يتهم فرنسا وبريطانيا وكندا 'بتشجيع' حماس بسبب إدانة أفعال إسرائيل في غزة
لندن: اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو زعماء فرنسا وبريطانيا وكندا بالرغبة في مساعدة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بعد أن هددوا باتخاذ 'إجراءات ملموسة' إذا لم توقف إسرائيل أحدث هجماتها على قطاع غزة. تأتي هذه الانتقادات في إطار رد الحكومة الإسرائيلية على الضغوط الدولية المتزايدة عليها بسبب حرب غزة. وأدلى وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر بتصريحات مماثلة أمس الخميس. وأدان ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الكندي مارك كارني في وقت سابق من الأسبوع الجاري الإجراءات 'الشنيعة' للحكومة الإسرائيلية في غزة، محذرا من أن المملكة المتحدة وحلفاءها سيتخذون 'إجراءات ملموسة' ما لم يغير نتنياهو مساره. وقال نتنياهو في منشور عبر منصة إكس مساء أمس الخميس إن حركة حماس ترغب في 'تدمير الدولة اليهودية' و'القضاء على الشعب اليهودي'. نتنياهو: هؤلاء القادة الثلاثة يقولون عمليا إنهم يرغبون في بقاء حماس في السلطة وذكر نتنياهو: 'لا يمكنني فهم كيف تغيب هذه الحقيقة البسيطة عن قادة فرنسا وبريطانيا وكندا وغيرهم'. وأضاف: 'أقول للرئيس ماكرون ورئيس الوزراء كارني ورئيس الوزراء ستارمر، عندما يشكركم القتلة والمغتصبون وقاتلو الأطفال والخاطفون، فأنتم على الجانب الخطأ من العدالة'. وتابع قائلا: 'هؤلاء القادة الثلاثة يقولون عمليا إنهم يرغبون في بقاء حماس في السلطة، لأنهم يصدرون مطلبهم الزاخر بالتهديدات بفرض عقوبات ضد إسرائيل، ضد إسرائيل وليس حماس'. وأشار نتنياهو إلى أن إجراءات القادة 'لا تدفع السلام قدما'، بل 'تشجع حماس على مواصلة الحرب للأبد'. وذكر أن أي تحرك من دول غربية للاعتراف بدولة فلسطينية سيكون 'مكافأة لهؤلاء القتلة بالجائزة الكبرى'. ومع استمرار تدفق صور الدمار والجوع في غزة التي أججت الاحتجاجات حول العالم، تجد إسرائيل صعوبة في استمالة الرأي العام العالمي الذي تحول ضدها بشكل متزايد. وعبر مسؤولون إسرائيليون عن قلقهم تحديدا من الدعوات المتزايدة للدول الأوروبية، ومن بينها فرنسا، إلى السير على خطى دول أخرى مثل إسبانيا وأيرلندا والاعتراف بدولة فلسطينية في إطار حل الدولتين لإنهاء الصراع المستمر منذ عقود في المنطقة. (وكالات)


العربي الجديد
منذ 12 ساعات
- العربي الجديد
عن حسين الشرع... والد الرئيس السوري
لا يهتم حسين الشرع، والد الرئيس السوري أحمد الشرع، بأي دور سياسي أو اجتماعي له ضمن تركيبة الحكم التي يديرها ابنه "الشيخ أحمد"، كما يحبّ أن يسميه، ولا يقبل أي وساطة تُطلب منه للتدخّل مع أركان الحكم، ويردّد إننا "نريد دولة المواطنة والقانون". ولا يتردّد الشرع، وهو في الـ79 من العمر، عن التعبير عن آرائه السياسية والاجتماعية والاقتصادية، والتي قد لا تتفق مع ما تتبنّاه حكومة نجله. ما يشغل باله إصدار الكتب وكتابة المقالات، ولا سيما في الاقتصاد، واقتصاد النفط تحديداً، والذي قضى معظم عمره وهو يعمل فيه. ... غالباً ما يرتدي طقماً كلاسيكياً مع كرافتة، ويحمل عكازة أنيقة، ولا يخرج من منزله من دون حلاقة ذقنه.... متدفّق الكلام، قومي عربي بكل جوارحه. مؤلفات الدكتور حسين الشرع نحو 20 كتاباً، 11 منها في الاقتصاد والنفط، وبعضها يتناول سيرته بشكل غير مباشر، مثل "الشقة 43" و"الرؤوس الحامية"، وهو الكتاب الذي يصفه بأنه "رواية سياسية واقتصادية واجتماعية"، وصدر في 2020، وهو مصدرٌ أساسيٌّ لصاحب هذه المقالة في كتابتها، فضلاً عن عدة حوارات بينه وبين الشرع في دمشق. خصّص حسين الشرع كتباً كثيرة لبلده سورية، فبدأ عام 1975 بنشر كتابه "تخطيط الصناعات البتروكيميائية في سوريا"، ثم أتبعه بكتاب مهم "الاقتصاد السوري: مكامن القوة ونقاط الضعف" الصادر عن دار الأهالي (لصاحبها حسين العودات) عام 1998، وقد منع من النشر ثم أجيز، وأتبع ذلك بكتابي "القيامة السورية في كيفية إعادة إعمار سوريا" و"العبودية التاريخية ومنهجية الاستعباد في حكم سوريا" الصادرين في 2023. وانتهى أخيراً من تدوين كتابه الجديد "11 يوماً هزّت العالم"، وهو في طور النشر، ويتحدث عن انتصار الثورة السورية الذي تحقق "بدخولها دمشق عند السادسة من صباح الثامن من ديسمبر/ كانون الأول 2024". وقد خصّني الرجل بالاطّلاع على مخطوطة الكتاب، واستأذنتُه بنشر تعريفٍ مختصر له. يؤكّد المؤلف أنه لم يطلع مسبقا بأي شكل على خطة الهجوم لعملية ردع العدوان، والتي يصفها بأنها "سورية بامتياز وفوجئ بها القريب والبعيد"، ولكنه يعرف أنه كانت هناك مواعيد افتراضية لتنفيذ العملية قبل الموعد الذي انطلقت فيه، فمثلاً حُدّد التحرّك في أغسطس/ آب عام 2023، ولكن اختراقاً له جرى، وقصفت قوات بشّار الأسد إدلب وريفها، ثم حدّد موعد ثان هو نوفمبر/ تشرين الثاني من العام نفسه، ولكنه تأجّل أيضاً. ويرى أن سبب اختيار الموعد الأخير هو "الأوضاع الإقليمية الجديدة في غزّة ولبنان، ومقتل معظم قيادات حزب الله من الصفين الأول والثاني، واغتيال عدد كبير من القيادات الإيرانية في سورية وقصف القنصلية الإيرانية في دمشق، وحدوث شرخ بين نظام الأسد وإيران وحزب الله، والعلاقة المهتزّة بين نظام الأسد والروس، وعدم استجابة بشار للمطالب الروسية بالحوار مع أردوغان". يذكر المؤلف أنه جرى تحديد ساعة الصفر في الساعة الرابعة من فجر 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، واجتاحت القوات ريفي حلب الغربي وإدلب الجنوبي، ووصلت الى حلب التي كان فيها حوالي 30 ألفا من قوات الأسد، بالإضافة إلى قوات رديفة. "بدأ الهجوم على نقطة القيادة والسيطرة في مضيق جبل كحيل بثلاثة انغماسيين، ففقدت قوات الأسد القيادة والتوجيه والسيطرة فتاهت وهربت". جرى تحرير ريفي إدلب الجنوبي والغربي والوصول إلى ريف حماة، حيث "اصطدمت قوات ردع العدوان بمقاومة في جبل زين العابدين قبل حماة، فتدخّلت طائرات شاهين والعصائب الحمراء". "دخلوا حماة وكانت قد سبقتهم قوات نحو حمص، وتم تحرير الرستن وتلبيسة ودير بعلبة وطوّقوا حمص من كل الجهات، وانسحبت قوات الأسد تاركة الأسلحة والدبابات، ثم أسرعت القوات نحو دمشق". يحلّل حسين الشرع أسباب انتصار الثوار بأنهم سلكوا الطريق الصعب، المتمثل بالصبر الجميل، حيث بنوا تحالفا لمجموعة فصائل في نظام تدريب مشترك وتحت قيادة واحدة، وأسّسوا كلية حربية، واعتمدوا على أنفسهم بصناعة الأسلحة، ومنها طائرات شاهين المسيّرة، كما جهّزوا قوات قتالية عالية التدريب والكفاءة، مثل قوات المغاوير والعصائب الحمراء. نتيجة اعتراض حسين الشرع على صفقات فساد بيع النفط، أُنهي عمله في رئاسة الوزراء ... تقدّم رواية "الرؤوس الحامية" سيرة حسين الشرع تحت اسم "أمجد المظفر". ولافت أن الرئيس أحمد الشرع استخدم هذا الاسم له في فترته الجهادية. ... ولد عام 1943، ولكنه سجل في دائرة النفوس من مواليد 1946 وكانت عائلته من ملاك المواشي والأراضي، وهي تملك ما نسبته 80% من أراضي قرية الزاوية في بلدة فيق من الجولان السوري المحتل. تنتسب عائلته، كما يرد في الكتاب، إلى الأشراف، أي أنها من سلالة النبي محمد عليه السلام، وقد شاركت في الثورة العربية مع الشريف حسين وضد الانتداب الفرنسي، فنفت السلطات الفرنسية أفرادها إلى الأردن عدّة سنوات. للشرع كتاب عن ثورة منطقته هذه تحت عنوان "ثورة الزويّة السورية المنسية 1920-1927". ... تظاهر الطالب حسين الشرع ضد حكم الانفصال، فسجن في القنيطرة أسبوعاً، ثم نشط ضد سلطة الثامن من آذار/ مارس البعثية، بسبب "تكريسها الانفصال وعدم إعادتها الوحدة"، وجرى اعتقاله مع رفاق له في ثكنة عسكرية في مدينة فيق، تمهيدا لنقله إلى سجن المزّة، ولكنّ تدخّل وجهاء القرية أطلق سراحه. حاول البعثيون، عن طريق الرائد سليم حاطوم، استمالته لحزب البعث ولم يوافق، مفضّلا الانتساب لحركة الوحدويين التي كان ضمنها سامي الجندي وسامي صوفان، وقد أدّى ذلك إلى اعتقاله بعد حركة جاسم علوان في يوليو/ تموز 1963، ولكنه هرب إلى الأردن، حيث سجن هناك حوالي ثلاثة أشهر، وأبعد إلى العراق في نهايتها. وحصل على الثانوية الحرّة هناك، ثم انتسب لكلية الاقتصاد في جامعة بغداد، وكتب عن ذكرياته في العراق كتابه "بغداد مدينتي". حدثت نكسة 1967 ونزح أهل الشرع من قريته في الجولان إلى الأردن، ومنها نقلوا بحافلات خصّصتها الحكومة السورية الى درعا، وكان حسين الشرع في أثناء العدوان في يونيو/ حزيران يحاول الدخول إلى سورية مع زملاء له سوريين للاشتراك في الحرب، ولكن سلطات "البعث" حينها منعتهم. وكان الشرع قد نشط سياسيا في العراق، حيث كان يقضي العطل الصيفية مع الفدائيين الفلسطينيين في الأردن، وتعرف هناك إلى جورج حبش، الذي كلفه بإدارة مكتب الجبهة في بغداد، ولاحقا مكتب حزب العمّال الثوري، كما عمل برفقة الإعلامي السوري عبد الهادي البكار في برنامج "صرخة الثوار" في إذاعة بغداد. يؤكّد حسين الشرع أنه لم يطلع مسبقاً بأي شكل على خطة الهجوم لعملية ردع العدوان، والتي يصفها بأنها "سورية بامتياز وفوجئ بها القريب والبعيد" عاد الشرع إلى سورية وعمل مدرسا للغة الإنكليزية في درعا، ثم موظفاً في الشركة العامة للنفط رئيساً للدائرة الاقتصادية فيها، وصار يكتب مقالات في الصحف السورية. وفي 1971 رشّح نفسه لانتخابات الإدارة المحلية ونجح فيها فأصبح عضو مكتب تنفيذي لمحافظة القنيطرة، ولكن النجاح لم يحالفه في الانتخابات البرلمانية عام 1973. تعاقد مع وزارة النفط السعودية، واستمر بالعمل فيها بين 1997 و1989، وهناك ولد ابنه الرئيس أحمد الشرع. وبعد عودته إلى سورية، حصل على عقد بصفة خبير في مكتب تسويق النفط برئاسة الوزراء، واصطدم مع المعنيين فيه لعقدهم صفقاتٍ مشبوهةً لبيع النفط السوري. "أمَّا العائدات فتوضع معظمها في حسابات سرية في بنوك أوروبية ويوضع مبلغ من عائدات النفط تحت تصرف رئيس مجلس الوزراء واللجنة الاقتصادية لتغطية استيراد بعض السلع، وخاصة القمح، والأدوية لمؤسسات الصيدلة ولتغطية تكاليف الوفود الحكومية للخارج، ونفقات أخرى، وهذه كلها في المجمل لا تزيد عن 300 مليون دولار أو أقل، والباقي.. الله وحده يعلم به، والذين فوق السلطة". ونتيجة اعتراضه على صفقات فساد بيع النفط، أُنهي عمله في رئاسة الوزراء. اشتكى الشرع للمسؤولين، فحقّق معه نائب رئيس المخابرات العسكرية وقتها، اللواء حسن خليل، الذي قال له: "نحن نعرفهم جميعاً ونصوّرهم في غرف نومهم، وهم يتاجرون بالنفط من بيوتهم"، طالباً منه كتابة تقرير عن ذلك، فامتنع الشرع، فحذّره خليل من استهدافه بحادث سيارة. ... تقدم بدارسة لنيل ترخيص جامعة خاصة (جامعة العلوم والتكنولوجيا في جنوب سورية) بكلفة نحو 20 مليون دولار، ولكنه لم يجد الممولين، رغم وعود كثيرين من رجال الاعمال في حوران بذلك، ومنهم موفق قداح وخالد المحاميد، إلى أن تدخل رجل الأعمال الفلسطيني أكرم أبو جراب وغيّر اسم الجامعة إلى قاسيون وأقصى الشرع. ... تالياً، بعد سنوات، بقيت العائلة ثماني سنوات، من 2003 إلى 2010 لا تعرف شيئاً عن مصير ابنها أحمد، وذهبت لتسأل عنه فروع الأمن، إلى أن وصلت إلى مدير مكتب اللواء محمد ناصيف، والذي أخبرهم بأنه ربما توفى، ولذا عندما ولد صبي لابنه حازم سمّته العائلة أحمد. ... يروي الأب أن اتصالاً جاءهم من شخص أخبرهم بضرورة السفر إلى الحسكة والنزول في فندق معيّن، وبعد سلسلة اتصالات وحركات تمويه، وصلوا إلى مقر ابنهم أحمد. قرّع الأب ابنه قائلا: ماذا تفعل أنت ورفاقك؟ من تظنّون أنفسكم؟. ... ما زال الابن الذي وصل إلى حكم سورية يذكّر أباه بهذه الكلمات مبتسماً.