logo
#

أحدث الأخبار مع #Bookmark

هل تراجعت مجموعات القراءة على السوشيال ميديا؟ (تقرير)
هل تراجعت مجموعات القراءة على السوشيال ميديا؟ (تقرير)

الدستور

time١٢-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • الدستور

هل تراجعت مجموعات القراءة على السوشيال ميديا؟ (تقرير)

على مدى السنوات الأخيرة، أصبحت مجموعات القراءة على مواقع التواصل الاجتماعي نافذة مهمّة للمهتمين بالكتب والثقافة، وعوضًا عن الندوات التقليدية وصالونات الأدب، بات في مقدور أي قارئ – في أي مكان – أن ينخرط في مجتمع قرائي متنوع بمجرد نقرة زر، ولكن مع صعود المحتوى المرئي والترفيهي، بدأ البعض يتسائل: هل تراجعت فعلاً أهمية تلك المجموعات؟ أم أنها فقط تتشكل بأسلوب جديد؟. في هذا التقرير، نستعرض تجارب ثلاث من مؤسسات أشهر مجموعات القراءة في مصر، ونتوقف عند شهادات قراء شباب وجدوا في هذه المجموعات معنى يتجاوز القراءة التقليدية.. مجموعات القراءة جزء من المشهد الثقافي قالت سارة إبراهيم، مؤسسة جروب "Bookmark"، إن الدافع وراء تأسيس المجموعة كان نابعًا من "احتياج ورغبة شخصية في التواجد ضمن مجتمع يشاركني نفس شغفي بالقراءة، وفي نفس الوقت يساعدني على توسيع معرفتي بكتب وثقافات جديدة". وأوضحت إبراهيم أن التفاعل في السنوات الأولى من تأسيس "Bookmark" كان ضعيفًا، مشيرة إلى أن "فكرة جروبات القراءة لم تكن واضحة بعد، ولم يكن تأثيرها ظاهرًا بشكل كافٍ، ولكن من بعد جائحة كورونا بدأت الأنظار تتوجه بقوة إلى هذه المجموعات، سواء من قراء أو كُتّاب أو حتى دور نشر، وبدأ يتجلى الدور الحقيقي الذي تلعبه هذه المجموعات الثقافية". وأكدت أن رواج المنشورات داخل المجموعة لا يرتبط بمواضيع محددة بقدر ما يرتبط بجودة الكتابة نفسها، قائلة: "في رأيي، ليس هناك موضوعات معينة عليها رواج، بقدر ما هناك كتابة جيدة تجد تفاعلًا وإقبالًا". وفيما يخص التفاعل، نفت إبراهيم وجود تراجع حقيقي، مؤكدة أن "شكل التفاعل هو الذي تغير فقط"، موضحة: "بدلًا من التعليقات السطحية أو العشوائية، أصبح الأعضاء يأخذون وقتهم في القراءة والرد، وهذا في الحقيقة ليس سلبيًا، بل العكس، لأنه يمنح النقاش عمقًا وصدقًا". وأضافت: "التفاعل يعلو ويهبط بطبيعة الحال حسب الظروف، مثل مواسم السفر أو الانشغال بالعمل، أو حتى حالات الملل من السوشيال ميديا عمومًا، لكن كأرقام وكمجتمع، الجروب لا يزال نشطًا.. كل أسبوع هناك أعضاء جدد، ولا يزال القدامى يشاركون ويتناقشون". وعن تأثير المحتوى الترفيهي مثل الريلز والبودكاست واليوتيوب، قالت إبراهيم: "لا أرى أي تعارض أو تأثير سلبي لهذا النوع من المحتوى على مجموعات القراءة، بل على العكس، أنا لا أتابعهم من الأساس، لأن الأمر كله يتعلق بفكرة المنصة ومحتواها، ومدى قوة تأثيرها وجاذبيتها، لا بنوع الوسيط". وشددت على أن التغيير سُنة الحياة، وعلى من يدير أي مجموعة أن يواكب ما يحدث من حوله ويختار الطريقة التي تناسبه وتجعله مرتاحًا، قائلة: "بما إن Bookmark قائم على التطوع، فالمساحة فيه مفتوحة للحرية أكثر، دون ضغوط، وكل شخص يقدم ما يستطيع، وبالطريقة التي يراها مناسبة". ورأت إبراهيم أن مجموعات القراءة أصبحت "جزءًا من المشهد الثقافي على السوشيال ميديا"، مؤكدة أن هذا ليس أمرًا سلبيًا، بل "واقع يجب التعامل معه بجدية"، مضيفة: "هذه المجموعات ستظل موجودة ما دام هناك شغف حقيقي بالقراءة، وأشخاص قادرون على إنتاج أفكار جديدة، واقعية، وتخاطب الناس بصدق وليس بتصنّع". واختتمت إبراهيم تصريحها بالتأكيد على أن "المشكلة ليست في وجود جروبات القراءة، وإنما في طريقة إدارتها، ومدى نجاحها في بناء مجتمع صحي يشجع على النقاش والتفكير، بدلًا من أن تتحول إلى سباق تفاعل أو استعراض ثقافي"، مستطردة: "الجروب الناجح هو الذي يخلق حالة حقيقية حول الكتب، حالة تتيح لك اكتشاف الجديد، لا أن تقرأ فقط لإثبات أنك مثقف، وطالما هناك محبون حقيقيون للكتب، يبحثون عن دوائر يشاركون فيها هذا الشغف دون أي مقابل مادي.. ستظل جروبات القراءة حاضرة وفاعلة". وسيلة ناجحة لخلق شبكة معرفية آمنة تربط القرّاء حول العالم من جهتها؛ قالت الدكتورة غادة لبيب محمود، مؤسسة صفحة وجروب "Book Garden"، أن فكرة إنشاء المجموعة جاءت بدافع شخصي نابع من حبها للقراءة منذ الطفولة، وهي الهواية التي اكتسبتها من والدها، واستمرّت معها خلال مختلف مراحل حياتها، وإن كان معدل ممارستها قد ارتبط بانشغالاتها الحياتية الأخرى. وأشارت د. غادة إلى أنها كانت عضوة في مجموعة "قراء مدينتي"، وهي مجموعة مغلقة مخصصة لسكان مدينة "مدينتي"، يتم فيها اختيار كتاب شهري لمناقشته مع الأعضاء بحضور الكاتب أحيانًا، أو بدونه. هذه المناقشات، كما تقول، كانت "ممتعة ومفيدة وتفتح بابًا لتبادل الآراء والتصورات المختلفة حول العمل الأدبي". وتابعت: "بطلب من أصدقاء وقراء من خارج مدينتي، أنشأت في عام 2022 جروب وصفحة Book Garden كمجموعة عامة مفتوحة تتيح لأي قارئ أو مهتم بعالم الكتب الانضمام والمشاركة، سواء بمراجعات أو ترشيحات، بشرط الالتزام بقواعد الجروب.. أكتب من خلالها مراجعاتي للكتب التي أحببتها، كقارئة هاوية غير متخصصة، في محاولة لنشر الوعي بأهمية القراءة والثقافة في حياتنا". وأضافت أن حضورها للعديد من الفعاليات الثقافية بالقاهرة، وتفاعل الكتّاب معها خلال طرحها للأسئلة، كان سببًا مباشرًا في دخولها مجال إدارة الحوارات الأدبية، حيث بدأت بمحاورة كتّاب في ندوات عامة، بدعم وتشجيع من أصدقاء الجروب وأعضائه، وبالتعاون مع كيانات ثقافية كبيرة وفاعلة في المشهد الثقافي. وعن الإقبال على الجروب في بداياته، أوضحت أن التفاعل كان مقتصرًا في البداية على الأصدقاء والمعارف، وأولئك الذين يحضرون الفعاليات على أرض الواقع، لكن سرعان ما تطور الأمر بانضمام قراء من محافظات أخرى، بل ومن خارج مصر، "وجدوا في هذه المساحة الرقمية مكانًا يعبّر عنهم ويرغبون في المشاركة فيه". وأكدت د. غادة أن أذواق القراء متنوعة، ولا يمكن حصر الرواج في نوع أدبي معين، مشيرة إلى تنوع الاهتمامات بين "الروايات الاجتماعية، التاريخية، النفسية، أدب الجريمة، أدب الرحلات، السير الذاتية، الفانتازيا، الرعب، والكتب النوعية"، كما نفت حدوث أي تراجع في التفاعل، باستثناء فترات موسمية مثل شهر رمضان، الذي يقل فيه معدل القراءة نسبيًا لأسباب معروفة، لكنها أكدت أن التفاعل العام ما زال قويًا. أما عن المحتوى الترفيهي، فأكدت أنه لا يمثل تهديدًا مباشرًا للمجموعات الثقافية، "لأن المجالين مختلفان تمامًا، وإن كان هناك بعض المحتوى البصري مثل الريلز والبودكاست الذي يتناول الكتب يمكن اعتباره نوعًا من المنافسة، لكنها منافسة إيجابية، تعود بالنفع على القارئ". وأوضحت أن مجموعة Book Garden سبقت بالفعل إلى إنتاج محتوى مرئي من هذا النوع، مشيرة إلى برنامج "صداقة وكتابة" الذي يسلّط الضوء على الجوانب الإنسانية والاجتماعية في حياة الكتّاب، بعيدًا عن التحليل الأدبي المباشر لأعمالهم، ووصفت هذا النوع من المحتوى بأنه "مكمّل وليس بديلًا". ومن الأساليب التي أثبتت فاعليتها في تعزيز التفاعل، ذكرت د. غادة إشراك الأعضاء في اتخاذ قرارات الجروب، مثل اختيار الكتب أو المواضيع المطروحة للنقاش، مشيرة إلى أنها تتفاجأ كثيرًا بعمق وثراء إجاباتهم، وتتعلم منهم بشكل شخصي. وفيما يخص المنصات الرقمية، أوضحت أن لكل منها طبيعته، وقالت: "الفيسبوك يدعم المحتوى الطويل والنقاشات الموسعة، بينما يعتمد إنستجرام على الصور والفيديوهات، لذا من المهم مراعاة طبيعة كل منصة للوصول إلى جمهور أكبر". وتوقعت د. غادة أن تزداد أهمية مجموعات القراءة في السنوات المقبلة، لما تتيحه من ربط بين القرّاء في مختلف أنحاء الوطن العربي والعالم، قائلة: "كم من قارئ لا يجد أحدًا في محيطه يشاركه شغفه، ويجد ذلك عبر هذه الجروبات التي توفر له التفاعل والمشاركة، سواء عبر الإنترنت أو على الأرض.. إنها وسيلة فعّالة وآمنة لتبادل المعرفة". وأكدت أن Book Garden موجودة على جميع المنصات الرئيسية مثل فيسبوك، إنستجرام، يوتيوب، وتيك توك، وتعقد فعاليات واقعية بالتعاون مع كيانات ثقافية كبيرة، وأطلقت البودكاست الخاص بها في موسمه الثاني هذا العام، مع استمرار العمل على تطوير أفكار جديدة تُسهم في الترويج لأهمية القراءة. واختتمت تصريحها قائلة: "بعض المجموعات تحتاج فقط إلى تطوير شكل المحتوى، أو طرح أفكار جديدة لجذب فئات عمرية مختلفة. ما يميز المشهد هو تنوعه، وكل مجموعة تعمل وفق رؤيتها وأهدافها. شخصيًا، كنت متابعة وفيّة للعديد من هذه الجروبات قبل تأسيس Book Garden، وأدين لها بالكثير، لأنها كانت رفيقة قراءاتي لفترة طويلة، وأتمنى لهم جميعًا دوام النجاح". مجموعات القراءة تربط القارئ والكاتب والناشر.. والمستقبل لمن يتطور أكدت مرام شوقي، مؤسسة مجموعة "بوك زون"، أن تأسيس مجموعات القراءة نابع من إيمانها العميق بأن هذه المساحات الافتراضية تمثل نقطة التقاء مهمة لأضلاع مثلث الثقافة: القارئ، الكاتب، والناشر، وهو ما يسهم في خلق جسور من التواصل المباشر والفعال بينهم. وأوضحت شوقي أن الفكرة نبعت أيضًا من أهمية عرض الكتب والقراءات بطريقة منظمة، مما يسهل على الأعضاء معرفة أحدث الإصدارات من جهة، ويساعد القارئ المبتدئ على الإلمام بأمهات الكتب والتفاعل مع القراء المحترفين من جهة أخرى. كما أشارت إلى أن المجموعات تتيح بث الفعاليات الثقافية مباشرة، خاصة لسكان الأقاليم الذين لا يستطيعون حضورها بسهولة. وأضافت: "أنشأت جروب بوك زون منذ نحو أربع سنوات بمشاركة الصديقة داليا نصار، وذلك ضمن مبادرة (كتاب يساوي حياة) التي كانت تهدف للتبرع بالكتب وإنشاء مكتبات في دور الأيتام. ومؤخرًا، وبعد خبرة تمتد لست سنوات في إدارة مجموعات القراءة، قررت توسيع نشاط المجموعة ليشمل مراجعات للكتب ولقاءات مع الكتّاب وتنظيم مسابقات وفعاليات، بهدف ربط مثلث الثقافة، ودعم الجيل الجديد أو ما يعرف بـ Gen Z لتوسيع أفقهم الثقافي والاستماع إلى آرائهم وميولهم". وعن الإقبال في السنوات الأولى، أوضحت شوقي أن "الإقبال كان ضعيفًا في البداية بسبب تركيزنا على كتب الأطفال، لكن مع توسع الفعاليات وتشعب القراءات، زاد التفاعل بشكل ملحوظ". وبيّنت أن كتب التنمية البشرية والتربية كانت من أكثر الكتب رواجًا في البدايات، إلا أن القراءة الآن باتت أكثر تنوعًا. وحول التفاعل حاليًا، قالت: "على العكس تمامًا، هناك اهتمام كبير بمجموعات القراءة، لأنها تتيح للأعضاء تواصلًا مباشرًا وسهلًا فيما بينهم، وتسهم في تسهيل لقاء الكتّاب عبر البث المباشر. وقد احتلت هذه المجموعات، إلى حد كبير، مكان صفحات الجرائد المطبوعة التي كانت تُعنى بإعلانات الكتب الجديدة". وفيما يخص المنافسة مع المحتوى الترفيهي المرئي كالفيديوهات القصيرة والبودكاست، أقرت شوقي بتأثير هذه الوسائط، لكنها ترى أن مديري مجموعات القراءة عليهم الاستفادة منها وتطويعها لتقديم محتوى هادف، قائلة: "من المهم أن نواكب تطور السوشيال ميديا، وأن نستغل أدواتها في إثراء القراءة لا في منافستها". وأكدت أن تطوير أساليب التفاعل داخل المجموعة لم يكن بدافع زيادة التفاعل فقط، بل لجذب جيل جديد يرى في هذه الأنشطة وسيلته المفضلة للتواصل، مضيفة: "جروب بوك زون يركز على جذب شباب القراء، ومن أكثر الوسائل فاعلية التي لاحظناها في هذا السياق هي تنظيم بث مباشر مع الكتّاب، لأن كل قارئ يتمنى التفاعل مع كاتبه المفضل مباشرة". وتطرقت شوقي إلى تباين التفاعل بين المنصات المختلفة، قائلة: "جيل الشباب يتركز على تيك توك وإنستجرام، بينما يفضل الجيل الأكبر فيسبوك، لذا من المهم ربطهم ببعضهم البعض، واختراق عالم الشباب بمحتوى جذاب وهادف". وبخصوص مستقبل مجموعات القراءة، شددت على أن الاستمرار مرهون بالتطور، محذرة من أن عدم مواكبة العصر قد يؤدي إلى اندثار هذه المبادرات. وقالت: "المستقبل للشباب ورؤيتهم، والطريق الأمثل هو جذبهم إلى محتوى هادف ولكن بطريقتهم، لا بطريقتنا". وكشفت شوقي أن مجموعة "بوك زون" تعمل حاليًا على التوسع في المنصات المختلفة، وتخطط لإطلاق مجموعة من الأنشطة الحديثة التي تلائم العصر، مضيفة: "قريبًا سنعلن عن أنشطة جديدة عبر الجروب". واختتمت حديثها بالتأكيد على أن استعادة مجموعات القراءة لبريقها يتطلب "تفاعلًا أكبر مع الشباب والمنصات التي يفضلونها، والتواصل معهم بلغتهم ومن خلال وسائلهم المفضلة". تجارب الشباب داخل المجموعات نهى محمد، طالبة جامعية في السنة الثالثة بكلية الآداب، تقول: "انضممت لإحدى مجموعات القراءة من سنتين، وحسّيت إنه مش بس مكان ترشيحات، لكنه مساحة حقيقية للنقاش والتفكير". أما "علي عبد الحميد"، وهو موظف في قطاع خاص، فيؤكد أنه أصبح ينتظر مناقشات الكتب بشكل دوري: "حتى لو مش قرأت نفس الكتاب، النقاشات بتخليني أفكر في حاجات تانية، وبتعلّمني أسمع آراء مختلفة". وتضيف "جميلة"، صيدلانية في بداية مسيرتها العملية: "انبهرت بتفاعل مجموعات القراءة مع الشباب، ولقاءاتهم المباشرة مع الكتاب، دايمًا بيخلوني حاسة إن القراءة مش مجرد عادة فردية، دي مجتمع كامل بيعيش معاك الفكرة".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store