logo
#

أحدث الأخبار مع #Châteaubriant

القضاة : صخرة تتحطم عليها أوهام الاستبداد
القضاة : صخرة تتحطم عليها أوهام الاستبداد

إيطاليا تلغراف

time٢٢-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • إيطاليا تلغراف

القضاة : صخرة تتحطم عليها أوهام الاستبداد

ذ.توفيق بوعشرين نشر في 18 مايو 2025 الساعة 16 و 42 دقيقة إيطاليا تلغراف توفيق بوعشرين في عالم السياسة، قد يغري بريق القوة البعض بتجاوز الحدود القانونية، لكن القضاء يبقى الحصن الأخير للعدالة، والصخرة التي تتكسر عليها أوهام المستبدين. اليوم نروي قصة صراع بين دونالد ترامب، رجل الأعمال الذي أصبح رئيسًا، وبين القضاء الأمريكي الذي لم ينحنِ لسلطته. إنها مواجهة بين القبضة الحديدية للسياسة والقوة الناعمة للقانون. بلغت هذه المعركة ذروتها عندما اعتقل مكتب التحقيقات الفيدرالي هانا دوغان، قاضية في محكمة الاستئناف بولاية ويسكونسن. كانت القاضية تنظر في قضية إدواردو فلوريس رويسون، مهاجر غير شرعي تطالب الحكومة بترحيله. عندما علمت القاضية بأن ستة من ضباط الهجرة حضروا إلى المحكمة لاعتقال وترحيل رويسون دون مذكرة توقيف قانونية، رفضت تسليمه للشرطة، وأخرجته من المحكمة مع محاميه من الباب الخلفي لتجنب اعتقاله. العبرة مغربيًا: ما هي الدروس المستفادة من هذا الصراع بالنسبة لنا في المغرب؟ 1. القضاة ليسوا موظفين عند السياسيين: وظيفتهم تطبيق القانون وليس تنفيذ التعليمات من أصحاب السلطة والنفوذ. 2. استقلالية القضاء: القضاة ملزمون بتطبيق القانون بعيون مغمضة وآذان صماء عن الضغوط السياسية والإعلامية . 3. حراس الضمير: القضاة هم حراس الضمير الجمعي للأمة، لأنهم مستأمنون على روح المجتمع اي روح القانون، بعيدًا عن حسابات السياسيين والشعبويين وأصحاب المصالح. 4. صخرة العدالة: القضاة يلعبون دورًا اجتماعيًا عميقًا في الحفاظ على العدالة والإنسانية، حتى عندما تجرف السلطوية أو الشعبوية السياسيين. العدالة هي الصخرة التي تتحطم عليها أوهام القوة وبطش. يحكي جيل بيرو في كتابه الصغير والرائع la justice expliquée à ma petite -fille عن زمن الاحتلال النازي لفرنسا، عندما حاول الجنرال بيتان، قائد حكومة فيشي، تركيع القضاة بإجبارهم على أداء قسم الولاء له. بول ديدي، هو القاضي الوحيد الذي رفض الانحناء وأداء القسم أمام بيتان، لأنه كان يرى في ذلك خيانة لمبادئ العدالة. نتيجةً لذلك، تم اعتقاله ووضعه في معسكر Châteaubriant ليصبح رمزًا للكرامة وأحد الأبطال الذين انضموا لاحقًا إلى المقاومة الفرنسية. لكن القصة هنا ليست فقط في رفض قاضٍ واحد الانصياع لسلطة المارشال، بل في امتثال آلاف القضاة الفرنسيين للأمر الواقع وقبولهم أداء قسم الولاء لحاكم عسكري انحاز للاحتلال النازي وسخّر القوة والإدارة والقضاء لملاحقة المقاومين وتنفيذ سياسة هتلر، تمامًا كما كان يفعل بعض القضاة المغاربة في عهد الاستعمار. ذاكرة وطنية يذكرني هذا بما حكاه لي الراحل رجل الأعمال ميلود الشعبي، الذي قال إنه اعتقل أيام الاستعمار في القنيطرة لأنه شارك في تظاهرة مع الوطنيين ضد المستعمرين الفرنسيين. حينها، أُلقي القبض عليه واقتيد إلى القاضي عبد المجيد الفاسي، والد عباس الفاسي، الذي حكم عليه بالحبس والجلد، ليصبح نموذجًا آخر لما يمكن أن يفعله القضاء عندما يُستغل لخدمة السلطة بدلاً من خدمة العدالة. سؤال بيرو المحير عودة إلى جيل بيرو، الكاتب والمحامي الكبير الذي كتب كتابًا جر عليه غضب الحسن الثاني ( صديقنا الملك )، مما دفع إدريس البصري لشراء كل النسخ التي طُبعت في باريس في حركة بليدة لم يستفد منها سوى الناشر، الذي أعاد طباعة آلاف النسخ بعدها. ثم لجأت وزارة الداخلية، في زمن البلادة السلطوية، لدفع المغاربة إلى كتابة رسائل احتجاج على كتاب بيرو وإرسالها إلى الرئاسة الفرنسية، دون أن يعرف أغلبهم حتى اسم الكتاب أو مؤلفه، فقط لأن القياد والباشوات والمقدمين أخبروهم أن 'ولد الحرام' جيل بيرو هذا 'قلل الحيا' على 'سيدنا'! لماذا خانعون يا جيل بيرو؟ في كتابه 'تفسير العدالة لابنتي الصغيرة )يشرح بيرو لماذا عانى مجتمع القضاة في فرنسا من داء الخضوع للسلطة التنفيذية. يقول: 'لأنهم ورثوا تقاليد الارتباط بالنظام والسلطة الحاكمة منذ قرون.' اشرح لنا أكثر، يا صاحب 'صديقنا الملك': قبل الثورة الفرنسية التي اندلعت سنة 1789، كان القضاة يعيشون في كنف الملوك. في عهد الملوك الفرنسيين، كان القضاء أداة من أدوات السلطة الملكية، وكان القضاة تابعين للبلاط الملكي بشكل مباشر. لم يكن هناك فصل بين السلطات، وكان الملك يمتلك السلطة العليا في جميع المجالات، بما في ذلك القضاء. هذه التبعية ساهمت في ترسيخ الحكم المطلق، لكنها أيضًا كانت من العوامل التي أدت إلى التوترات والصراعات التي مهدت للثورة الفرنسية. جمهورية جديدة.. قضاؤها جديد بعد الثورة، تغيّر كل شيء – يشرح بيرو- صار لكل نظام جمهوري قضاته، لكن عدم الاستقرار السياسي في فرنسا ما بعد الثورة جعل القضاة ضعفاء مرة اخرى ، يميلون مع كل ريح، كما ان اجورهم الضعيفة لم تسمح لهم بالتمتع بامتيازات وظيفتهم. زد على ذلك ضعف إحساسهم بشرف خدمة العدالة. التغيير مع ديغول بعد عام 1958، وبفضل سياسة الجنرال دوغول وبعد نظره، تغيرت أحوال القضاة في فرنسا. زادت رواتبهم، ومنحت لهم استقلاليتهم عن النظام، وبدأت تقاليد جديدة تتشكل بينهم، حتى أصبح القضاء الفرنسي قادرًا على محاكمة رئيس جمهورية سابق (شيراك وساركوزي) وسجنه، فضلًا عن محاكمة وسجن وزراء وكبار موظفي الدولة يلخص جيل بيرو مشاكل القضاة في فرنسا قبل سنة 1958 في نقاط دقيقة تكشف عن أزمة عميقة داخل مؤسسة العدالة: 1. ثقافة التبعية للنظام: القضاة كانوا مجرد أدوات في يد السلطة التنفيذية، يسايرون أهواء الحكام ويتجنبون الاصطدام بأصحاب النفوذ. 2. الخوف على الاستقرار الوظيفي والعائلي: كثير منهم فضلوا السلامة والابتعاد عن المخاطر حفاظًا على مناصبهم واستقرار عائلاتهم، فاختاروا طريق الصمت والانحناء. 3. ضعف الأجور وهشاشة الوضع الوظيفي: الأجور الهزيلة جعلتهم أكثر عرضة للضغوط وأكثر ميلاً للتنازل عن المبادئ. 4. انعدام الإحساس بشرف خدمة العدالة: غياب هذا الشعور حولهم إلى كائنات رخوة لا تميز بين الحق والباطل، تفقد هيبة الوظيفة وجلال البدلة وشرف العدالة. هذا كان حال القضاء في فرنسا…لا تطلبون مني أن أتحدث عن القضاء عندنا؟ الحديث هنا ذو شجون وسجون، فيه فصل كما يقول إلياس الملكي الخلاصة: كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل، قالها نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، وفي الجملة معاني عميقة للتجرد من الطمع والخوف والأنانية. الهدف؟ 'وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل' – كما جاء في قوله تعالى الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لجريدة إيطاليا تلغراف

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store