logo
#

أحدث الأخبار مع #DireStraits

Dire Straits... أربعون عاماً على "أخوّة السلاح"
Dire Straits... أربعون عاماً على "أخوّة السلاح"

العربي الجديد

time٢٨-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • العربي الجديد

Dire Straits... أربعون عاماً على "أخوّة السلاح"

يحقُّ لفرقةِ الروك البريطانية Dire Straits أن تحتفل بالذكرى الأربعين لإطلاق ألبومها المفصلي "أُخوّة في السلاح" (Brothers in Arms)، الذي صدر في 17 مايو/أيار سنة 1985، من إنتاج استوديوهات وارنر براذرز الأميركية؛ إذ كان الإصدار الأوّل في تاريخ الصناعة الموسيقية الذي فاقت مبيعاته مليون نسخة، وقد باتت تُقدَّر اليوم بثلاثين مليوناً، ما يجعل عدد مقتنيه يفوق التعداد الحالي لدولة بحجم فنزويلا. يُشكّل الألبوم علامةً فارقةً لأسبابٍ تتجاوز مستوى المبيعات، منها التقدُّم التقنيّ النوعيّ في وسائل المَستَرة (Mastering) وما بعد الإنتاج (Post-production)، أي تلك اللمسات التكنولوجية الأخيرة التي تَصقُل النسخة النهائية لتُصبِح قابلةً للتداول في السوق الموسيقية. وقد بلغ هذا التقدُّم مقداراً من الجودة أدّى إلى إثارة سجال بين النقاد والأوديوفيل، أي مهووسي الاستماع، حول الأسباب الفعلية وراء النجاح الذي حقّقه الألبوم: أهي موسيقيةٌ إبداعية، أم تكنولوجيةٌ بحتة؟ وما عمَّق السجال وزاد من صعوبة الوصول إلى إجماعٍ حول ذلك، هو عدد النسخ الصادرة، التي فاقت 500 نسخة، واختلاف طوابعها الصوتية، لا سيّما أن شكل العبوة التجارية قد مرّ بتحوّلاتٍ عدّة منذ ثمانينيّات القرن الماضي. فقد كان أوّلها الأسطوانة الكربونية السوداء، تلاها شريط الكاسيت، ثم الأسطوانة المضغوطة الرقمية. أمّا اليوم، وفي زمن الإنترنت وخدمات الستريمنغ، فلم تَعُد العبوات، أيّاً كان شكلها، تعني أحداً سوى شريحة عمرية محددة أو هواة الاقتناء والمختصّين. تبقى النسخة الأكثر تداولاً اليوم هي تلك التي أُعيدت مَسترتها (Remastered) سنة 1996، التي تتوفّر أيضاً على منصّات الستريمنغ، مرفوعةً بصورة غلافها (Cover) المميّزة، التي تُصوّر غيتاراً يُطلّ من عَلياءِ سماءٍ زرقاءَ صافية. منذ الأغنية الأولى المعنونة So Far Away، يُمكن للأُذُن التقاط النقاء النوعيّ للصوت، وذلك من خلال رقرقةِ صنوج الهاي-هات الإيقاعية، حين تمهِّد للكوبليه مُصاحَبةً بنقرٍ على غيتار الباص الرخيم، ثم المسطّحات الهارمونية التي تُؤدّى على آلة الأورغ؛ فتسمعها كدخانٍ ينتشر عبر مكبّرات الصوت، تكسو السكونَ الذي يتكوّن بين ضربات ريفس (Riffs) الغيتار الكهربائي. بالرغم من أنّها تنتمي إلى فئةٍ من أغاني الروك تُعرَف بأنشودة الطريق (Road Trip Anthem)، وهي فئةٌ بدأت بالظهور في السبعينيات، وكانت تُنتَج خصّيصاً ليُستمع إليها أثناء القيام برحلةٍ في السيارة، فإنّ أغنية So Far Away، بنقاء صوتها ورقّتها المتناهية، ومع احتفاظها بموضوعة السفر، قد ابتعدت عن الصخب الذي ميّز تلك الفئة، لتقترب من أغاني السول الشاعرية الراقصة التي ملأت أجواء الديسكو الليلية في الثمانينيات. تمثّل أغنية Money for Nothing إحدى التحفِ الأكثر تألُّقاً في إرث الفرقة؛ إذ تُذكِّر مقدّمتها، المصمَّمة بواسطة المؤثّرات الإلكترونية الشائعة لتلك الحقبة، بفرقِ الروك الأكثر تفرّداً، مثل الفرقة البريطانية Pink Floyd والألمانية Kraftwerk. حتّى الريفس الذي يقتحم المشهد عند الدقيقة 1:35، في أعقاب تسخينٍ دراميٍّ من رشقاتِ طبول الدرامز، يُسمَع خارقاً للعادة بطولِ جملتِه الموسيقية، وإيقاعِه المتكسّر، ولونِ الغيتار الكهربائي الذي تُؤدَّى عليه. يُضاف إلى ذلك المضمون الخاصّ الذي يحمله النص والطّارئ على جنس الروك؛ فالأغنية أشبه بنقدٍ اجتماعيّ لظاهرة تسليع الموسيقى الجماهيرية، التي بدأت في أوائل الثمانينيات، وبلغت ذروتها عشيّة إطلاق قناة MTV الأميركية، المختصّة ببثّ الأغاني المصوّرة. وقد نتج عن هذه الظاهرة تضخُّم غير مسبوقٍ في عائدات الصناعة الموسيقية منذ ذلك الحين، من غير أن يتعمّق المضمون الثقافي بالضرورة، بينما توفّر للموسيقيين (النجوم منهم تحديداً) نمط حياةٍ باذخٍ بات حلمَ يقظةٍ لكلّ كادح. في حين لا تزال Ride Across the River تُعتبَر إناءَ اختبارٍ لأحدث الابتكارات الصوتية التي استُهلّ بها عقدُ الثمانينيات، على الرغم من نأيها الأسلوبي عن غرابةِ الموسيقى الإلكترونية التجريبية، واقترابها من أُلفة جاز اللاتينو، بما يميّزه من دفء الآلات الطرقية، وغنائية الألحان، وانتظام النبض الإيقاعي الراقص. وإن تخلّلتها، عند لازمة القرار، وقفاتٌ طارئة، تهيم خلالها الموسيقى في حيرة، كما في الدقيقة 1:15، على وقع الجملة المتكرّرة: "سأركب لأعبر النهر العميق العريض، سأركب لأعبر النهر إلى الضفّة الأخرى"، كأنها تُصوّر دابّةً تقطع النهر بينما تتقاذفه مياهه يميناً ويساراً. منذ اختراع الميكروفون والبدء باستعمال الشريط الممغنط، مثّل تسجيل الآلات الأكوستية، أي تلك التي تُولِّد الصوت من دون وسائط كهربائية أو إلكترونية لتكبيره، الاختبار الأصعب، سواء من حيث تقدّم التقنيات المستخدمة أو كفاءة مهندسي الصوت. لذا، يَبرز التراك السابع، المعنون The Man's Too Strong، حُجّةً أولى لأولئك الذين يرون في النقلة التقنية النوعية السببَ الرئيس في نجاح الألبوم. ففي الثواني العشر الأولى، تقتصر الأغنية على زوجٍ من آلات غيتار أكوستي، تُرافقان الغناء المنفرد بأسلوب يُشبه موسيقى الكونتري الشعبيّة، قبل أن يقتحم الصوتَ الطبيعي، الصادر عن صناديقهما الخشبية وأوتارهما المعدنية، صعقاتٌ هارمونية تُؤدَّى على أورغ السينثسايزر، يَسبقها تأثيث الخلفيّة بالمؤثّرات الإلكترونية. وإن كانت هناك أغنيةٌ تُدحض حُجّةَ المُعوّلين على جودة المُنتج بوصفها السبب الأوحد في تميُّز ألبوم Brothers in Arms، فهي تلك التي حملت اسمه. يكفيها برهاناً الارتجاليةُ المنفردة التي أدّاها عازف الغيتار الرئيسي في الفرقة. فعلى وقع مشهديّةٍ موسيقيةٍ تُصوّر أجواءَ الهدوء الذي يسبق العاصفة، يستهلّ مارك كنوبفلر الأغنية بجملٍ موسيقيةٍ قلّ نظيرها على آلة نَقرٍ وترية؛ إذ يُوظّف تقنيّات مدّ الصوت المتاحة في الغيتار الكهربائي، ليصوغ بها لحناً ممتدّاً أقرب إلى العزف بالقوس منه إلى الضرب بالريشة. وفيما تدور كلمات النص، المكتوبة بأسلوبٍ تصويريٍّ شعريّ، حول ثوّارٍ لجؤوا إلى الجبال الوعرة تحصّناً من ملاحقيهم، يبدو الأداء الموسيقي، رديفاً للغناء، كأنّه يُعيد بناء المشهد بحسٍّ دراميٍّ داخليّ، يقوّي التعاطف، دافعاً إلى التضامن مع فعل المقاومة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store