logo
#

أحدث الأخبار مع #Filtresdigitales

الزمن بطيء لكنه حقيقي: الشباب المغربي بين الأصالة والرقمية
الزمن بطيء لكنه حقيقي: الشباب المغربي بين الأصالة والرقمية

ألتبريس

time٠٩-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • ألتبريس

الزمن بطيء لكنه حقيقي: الشباب المغربي بين الأصالة والرقمية

بقلم فكري سوسان نحن جيلٌ وُلدنا في زمنٍ كانت فيه الأشياء واضحة ومحسوسة. كنا نُشغّل الراديو بصبر، نُدوّر المؤشر لنصل إلى تردد 'هنا لندن' ، أو ننتظر بفارغ الصبر برنامج' لكل سؤال جواب ' على الإذاعة الوطنية. كنا نكتب رسائل بخط اليد ونرسلها عبر البريد، ونلتقط الصور على أفلام Kodak ، وننتظر أيامًا قبل أن تظهر لنا وجوهنا كما رآها الزمن، لا كما شكّلتها المرشّحات الرقمية Filtres digitales . الهاتف كان جهازًا أسود ثابتًا في زاوية الصالون ، نهيّئ له الجملة قبل رفع السماعة . الكاسيت كان كنزًا صغيرًا نُسجّله من الراديو بحذر، ونخشى عليه من شريط ملوّى قد يمحو لحظةً عزيزة. واليوم، حين أرى هذا الجيل الجديد، جيل نشأ وسط العاصفة الرقمية، يعود إلى تلك الأدوات التي صنعنا بها ذاكرتنا، أدرك أن في الأمر أكثر من حنين. إنها ليست فقط عودة إلى أشياء، بل عودة إلى قيم: الصبر، التأنّي، العلاقة الحسية مع العالم، الطقس الذي يمنح للزمن معنى. لكن من المهم أن نكون دقيقين: هذه العودة ليست تيارًا جماعيًا يشمل كل شباب الجيل الجديد. بل هي اختيار تقوم به فئة واعية، ذكية، يقظة فكريًا، وشجاعة في موقفها الثقافي. فئة تملك شجاعة التراجع عن السائد، وتُصرّ على ألا تكون مجرد مستهلكة للمنصات، بل باحثة عن علاقة متوازنة مع الواقع. إنها أقلية نوعية، لا تنجرف وراء موضة، بل تتشبث بمعنى. شباب يرفضون أن تُصاغ حياتهم بمنطق السرعة والسطحية، فيعودون لا إلى 'الماضي' من باب الحنين، بل إلى الأدوات القديمة كـوسيلة لبناء علاقة مختلفة مع الذات والعالم. تراهم يحملون الكاميرا الفيلمية إلى جبل أو إلى زقاق شعبي في فاس، يُسجّلون شريط كاسيت في بيت الجدّة، يقرأون رواية في دفتر ورقي داخل مقهى تطواني قديم، أو يشترون مذياعًا من الجوطية ليصغوا إلى صوت الزمن لا إلى ضجيج الأخبار العاجلة. هم لا يرفضون التكنولوجيا من باب الرجعية، بل من باب الوعي الثقافي. يعرفون أن ما هو سريع يُنسى، وأن ما هو لمسي يبقى. يفهمون أن الأرشيف الحقيقي ليس في الـ Cloud ، بل في اللمسة، في الصوت البشري، في الكتابة بخط اليد، في صورة لا تُعدّل ولا تُمسح. في المغرب، حيث يعيش الشباب بين سوق البرّاني وسطح العمارة، بين نغمة الطرب الأندلسي وإعلانات الذكاء الاصطناعي ، تصير هذه العودة إلى التناظري analogique فعلًا جماليًا وموقفًا وجوديًا. هي مقاومة ناعمة ضد العبور المجاني للوقت، ضد التفاهة، ضد التسطيح. إنها محاولة لإنقاذ ذواتهم من الذوبان، ليس بالصراخ، بل بالهدوء. ليس بالهروب، بل بالإنصات. لقد تغيّرت علاقة الإنسان بالآلة. لكن هؤلاء الشباب، بذكائهم الفطري، يُذكّروننا أن الآلة يجب أن تكون وسيلة لا غاية، وأن الأصالة ليست عكس الحداثة ، بل ضميرها. جيل الستينات ، جيلنا، عاش ولادة التكنولوجيا . لكن هذا الجيل… هو من بدأ في تفكيكها، مساءلتها، وإعادة ترتيب العلاقة معها على أسس أكثر إنسانية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store