
الزمن بطيء لكنه حقيقي: الشباب المغربي بين الأصالة والرقمية
بقلم فكري سوسان
نحن جيلٌ وُلدنا في زمنٍ كانت فيه الأشياء واضحة ومحسوسة. كنا نُشغّل الراديو بصبر، نُدوّر المؤشر لنصل إلى تردد 'هنا لندن' ، أو ننتظر بفارغ الصبر برنامج' لكل سؤال جواب ' على الإذاعة الوطنية. كنا نكتب رسائل بخط اليد ونرسلها عبر البريد، ونلتقط الصور على أفلام Kodak ، وننتظر أيامًا قبل أن تظهر لنا وجوهنا كما رآها الزمن، لا كما شكّلتها المرشّحات الرقمية Filtres digitales .
الهاتف كان جهازًا أسود ثابتًا في زاوية الصالون ، نهيّئ له الجملة قبل رفع السماعة . الكاسيت كان كنزًا صغيرًا نُسجّله من الراديو بحذر، ونخشى عليه من شريط ملوّى قد يمحو لحظةً عزيزة.
واليوم، حين أرى هذا الجيل الجديد، جيل نشأ وسط العاصفة الرقمية، يعود إلى تلك الأدوات التي صنعنا بها ذاكرتنا، أدرك أن في الأمر أكثر من حنين. إنها ليست فقط عودة إلى أشياء، بل عودة إلى قيم: الصبر، التأنّي، العلاقة الحسية مع العالم، الطقس الذي يمنح للزمن معنى.
لكن من المهم أن نكون دقيقين: هذه العودة ليست تيارًا جماعيًا يشمل كل شباب الجيل الجديد. بل هي اختيار تقوم به فئة واعية، ذكية، يقظة فكريًا، وشجاعة في موقفها الثقافي. فئة تملك شجاعة التراجع عن السائد، وتُصرّ على ألا تكون مجرد مستهلكة للمنصات، بل باحثة عن علاقة متوازنة مع الواقع.
إنها أقلية نوعية، لا تنجرف وراء موضة، بل تتشبث بمعنى. شباب يرفضون أن تُصاغ حياتهم بمنطق السرعة والسطحية، فيعودون لا إلى 'الماضي' من باب الحنين، بل إلى الأدوات القديمة كـوسيلة لبناء علاقة مختلفة مع الذات والعالم.
تراهم يحملون الكاميرا الفيلمية إلى جبل أو إلى زقاق شعبي في فاس، يُسجّلون شريط كاسيت في بيت الجدّة، يقرأون رواية في دفتر ورقي داخل مقهى تطواني قديم، أو يشترون مذياعًا من الجوطية ليصغوا إلى صوت الزمن لا إلى ضجيج الأخبار العاجلة.
هم لا يرفضون التكنولوجيا من باب الرجعية، بل من باب الوعي الثقافي. يعرفون أن ما هو سريع يُنسى، وأن ما هو لمسي يبقى. يفهمون أن الأرشيف الحقيقي ليس في الـ Cloud ، بل في اللمسة، في الصوت البشري، في الكتابة بخط اليد، في صورة لا تُعدّل ولا تُمسح.
في المغرب، حيث يعيش الشباب بين سوق البرّاني وسطح العمارة، بين نغمة الطرب الأندلسي وإعلانات الذكاء الاصطناعي ، تصير هذه العودة إلى التناظري analogique فعلًا جماليًا وموقفًا وجوديًا. هي مقاومة ناعمة ضد العبور المجاني للوقت، ضد التفاهة، ضد التسطيح. إنها محاولة لإنقاذ ذواتهم من الذوبان، ليس بالصراخ، بل بالهدوء. ليس بالهروب، بل بالإنصات.
لقد تغيّرت علاقة الإنسان بالآلة. لكن هؤلاء الشباب، بذكائهم الفطري، يُذكّروننا أن الآلة يجب أن تكون وسيلة لا غاية، وأن الأصالة ليست عكس الحداثة ، بل ضميرها.
جيل الستينات ، جيلنا، عاش ولادة التكنولوجيا . لكن هذا الجيل… هو من بدأ في تفكيكها، مساءلتها، وإعادة ترتيب العلاقة معها على أسس أكثر إنسانية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ألتبريس
٠٩-٠٥-٢٠٢٥
- ألتبريس
الزمن بطيء لكنه حقيقي: الشباب المغربي بين الأصالة والرقمية
بقلم فكري سوسان نحن جيلٌ وُلدنا في زمنٍ كانت فيه الأشياء واضحة ومحسوسة. كنا نُشغّل الراديو بصبر، نُدوّر المؤشر لنصل إلى تردد 'هنا لندن' ، أو ننتظر بفارغ الصبر برنامج' لكل سؤال جواب ' على الإذاعة الوطنية. كنا نكتب رسائل بخط اليد ونرسلها عبر البريد، ونلتقط الصور على أفلام Kodak ، وننتظر أيامًا قبل أن تظهر لنا وجوهنا كما رآها الزمن، لا كما شكّلتها المرشّحات الرقمية Filtres digitales . الهاتف كان جهازًا أسود ثابتًا في زاوية الصالون ، نهيّئ له الجملة قبل رفع السماعة . الكاسيت كان كنزًا صغيرًا نُسجّله من الراديو بحذر، ونخشى عليه من شريط ملوّى قد يمحو لحظةً عزيزة. واليوم، حين أرى هذا الجيل الجديد، جيل نشأ وسط العاصفة الرقمية، يعود إلى تلك الأدوات التي صنعنا بها ذاكرتنا، أدرك أن في الأمر أكثر من حنين. إنها ليست فقط عودة إلى أشياء، بل عودة إلى قيم: الصبر، التأنّي، العلاقة الحسية مع العالم، الطقس الذي يمنح للزمن معنى. لكن من المهم أن نكون دقيقين: هذه العودة ليست تيارًا جماعيًا يشمل كل شباب الجيل الجديد. بل هي اختيار تقوم به فئة واعية، ذكية، يقظة فكريًا، وشجاعة في موقفها الثقافي. فئة تملك شجاعة التراجع عن السائد، وتُصرّ على ألا تكون مجرد مستهلكة للمنصات، بل باحثة عن علاقة متوازنة مع الواقع. إنها أقلية نوعية، لا تنجرف وراء موضة، بل تتشبث بمعنى. شباب يرفضون أن تُصاغ حياتهم بمنطق السرعة والسطحية، فيعودون لا إلى 'الماضي' من باب الحنين، بل إلى الأدوات القديمة كـوسيلة لبناء علاقة مختلفة مع الذات والعالم. تراهم يحملون الكاميرا الفيلمية إلى جبل أو إلى زقاق شعبي في فاس، يُسجّلون شريط كاسيت في بيت الجدّة، يقرأون رواية في دفتر ورقي داخل مقهى تطواني قديم، أو يشترون مذياعًا من الجوطية ليصغوا إلى صوت الزمن لا إلى ضجيج الأخبار العاجلة. هم لا يرفضون التكنولوجيا من باب الرجعية، بل من باب الوعي الثقافي. يعرفون أن ما هو سريع يُنسى، وأن ما هو لمسي يبقى. يفهمون أن الأرشيف الحقيقي ليس في الـ Cloud ، بل في اللمسة، في الصوت البشري، في الكتابة بخط اليد، في صورة لا تُعدّل ولا تُمسح. في المغرب، حيث يعيش الشباب بين سوق البرّاني وسطح العمارة، بين نغمة الطرب الأندلسي وإعلانات الذكاء الاصطناعي ، تصير هذه العودة إلى التناظري analogique فعلًا جماليًا وموقفًا وجوديًا. هي مقاومة ناعمة ضد العبور المجاني للوقت، ضد التفاهة، ضد التسطيح. إنها محاولة لإنقاذ ذواتهم من الذوبان، ليس بالصراخ، بل بالهدوء. ليس بالهروب، بل بالإنصات. لقد تغيّرت علاقة الإنسان بالآلة. لكن هؤلاء الشباب، بذكائهم الفطري، يُذكّروننا أن الآلة يجب أن تكون وسيلة لا غاية، وأن الأصالة ليست عكس الحداثة ، بل ضميرها. جيل الستينات ، جيلنا، عاش ولادة التكنولوجيا . لكن هذا الجيل… هو من بدأ في تفكيكها، مساءلتها، وإعادة ترتيب العلاقة معها على أسس أكثر إنسانية.


أخبارنا
١٦-٠٤-٢٠٢٥
- أخبارنا
جيل ( Z) بين الثقافة والابتكار
عبده حقي يُمثل مصطلح جيل " Z" - المولود بين منتصف التسعينيات وأوائل العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين - جيلًا يتميز بالطلاقة الرقمية والوعي العالمي والرغبة في التغيير المجتمعي. في العالم العربي، حيث تقل أعمار أكثر من 60% من السكان عن 30 عامًا، يُمثل هذا الجيل قوةً هائلةً تُعيد تشكيل المشهد الثقافي والاقتصادي والتكنولوجي. وليس هناك دولة تشهد هذا التحول أكثر ديناميكيةً من المغرب، هذا الوطن الذي يتموقع بين تياري شمال أفريقيا وأوروبا، حيث تتشابك التقاليد مع الحداثة. يُعتبر جيل Z المغربي، كغيره من أقرانه في العالم، مواطنين رقميين، ومدافعين عن حقوقهم الاجتماعية، ومتعلمين قادرين على التكيف. إلا أن تجاربهم تُشكلها بشكل خاص الوقائع المحلية، من التحديات الاقتصادية إلى التراث الثقافي. لقد نشأ جيل Z المغربي في ظلّ صيرورة رقمنة متسارعة. مع وصول نسبة انتشار الإنترنت إلى 88% عام 2023، ونسبة استخدام الهواتف الذكية إلى 80% بين الشباب، تُهيمن منصات مثل إنستغرام وتيك توك على حياتهم اليومية. وعلى عكس جيل الألفية الثالثة، الذي شهد صعود الإنترنت، لم يعرف جيل "الزوم Z" المغربي عالمًا خاليًا من التوجهات المتشعبة أو الرسائل الفورية. وقد ساهم هذا التواصل في إضفاء طابع ديمقراطي على الوصول إلى المعلومات، مما مكّن من تعزيز النشاط والإبداع. على سبيل المثال، خلال حملة #Masaktach ("لن أُسكت") عام 2021، استخدم الشباب المغاربة وسائل التواصل الاجتماعي لتحدي العنف القائم على النوع الاجتماعي، مما أثار جدلًا واسعًا على مستوى البلاد ككل. وبالمثل، أصبح تيك توك مساحة للتعبير الثقافي، حيث يمزج المستخدمون التقاليد مع الثقافة الشعبية العالمية، مُبرزين الهوية المتعددة الثقافات للمغرب. لقد أثرت أحداث عالمية، مثل ركود الاقتصادي في عام 2008 وجائحة كوفيد-19، بشكل خاص على الشباب المغربي. فقد أدى ذلك الركود إلى تفاقم بطالة الشباب، التي لا تزال مرتفعة بإصرار عند 16٪ - وهو رقم يُغذي الإحباط ولكنه يُغذي أيضًا روح ريادة الأعمال حيث يتجه العديد من الشباب المغاربة الآن إلى الشركات الناشئة واقتصادات العمل الحر، مستفيدين من منصات مثل( أفيتو) للحصول على الدخل. كما سرّعت الجائحة من وتيرة التكيف الرقمي: فعندما أغلقت المدارس أبوابها، انتقل أكثر من 90٪ من التلاميذ والطلاب إلى التعلم عن بُعد عبر منصات حكومية مثل "TelmidTICE". وبينما تحسنت وضعية شباب المدن، واجهت المناطق القروية فجوات في الاتصال، مما سلّط الضوء على الفوارق الاجتماعية والاقتصادية. ومع ذلك، برزت مرونة جيل Z، من خلال مبادرات مثل دروس يوتيوب التي قادها الطلاب والتي تمكنت من سدّ الفجوات التعليمية. لقد وجدت دراسة استقصائية أُجريت عام 2022 أن 70٪ من الشباب المغربي يفضلون العلامات التجارية التي تدعم الاستدامة، مما يعزز الطلب على الشركات الناشئة الصديقة للبيئة. ويمزج مؤثرو وسائل التواصل الاجتماعي بين الترويج للمنتجات والفخر الثقافي، وغالبًا ما يُسلطون الضوء على الحرف المغربية. ومع ذلك، لا يزال التشكيك قائمًا: إذ يُراجع 65% من جيل Z التقييمات الإلكترونية قبل الشراء، مما يعكس إدراكهم العميق للتكنولوجيا. إن المرونة تحدد منهج جيل Z في مسيرته المهنية. إذ بعد جائحة كورونا ، أعطى 40% من الشباب المغربي الأولوية للعمل عن بُعد، وهو تحوّل تبنته قطاعات كثيرة مثل تكنولوجيا المعلومات والتسويق الرقمي. ويعكس التعليم هذا التوجه إذ شهدت بعض المنصات الإلكترونية ارتفاعًا في التسجيل، على الرغم من أن الجامعات التقليدية تُكافح من جانبها من أجل التحديث. كما ازدهرت ريادة الأعمال أيضا ، حيث يحتضن "مجمع الشركات الناشئة" في الدار البيضاء مشاريع في مجال الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الزراعية، مما يعكس رغبة جيل Z في إحداث تأثير هادف وفعال. يُصنّف النقاد جيل Z على أنه مشتت الرغبات أو معتمد أساسا على دعامات التكنولوجيا، إلا أن هذه الآراء تتجاهل قدرته الفائقة على التكيف. وإذا كان تصريف وقت الشاشة ماض في ارتفاع مهول، إلا أن الشباب المغربي يوازن بين الانخراط الرقمي والتواصل مع المجتمع، كما يتضح في حملات رمضان الخيرية المُنظّمة عبر واتساب. إن جيل Z المولود بين منتصف التسعينات وبداية العقد الثاني من الألفية، يتميز بارتباطه القوي بالتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي. هذا الجيل أكثر انفتاحًا على العالم وأسرع في تبنّي الأفكار الجديدة، لكنه يواجه تحديات تتعلق بسوق العمل، والتعليم، والهوية الثقافية. ورغم تأثير العولمة، يحتفظ كثيرون منهم بجذورهم الثقافية ويبحثون عن طرق لدمج الحداثة بالتقاليد. كما يُظهر جيل Z وعيًا متزايدًا بالقضايا الاجتماعية والبيئية، ويشارك في النقاشات العامة بشكل فعال. إنهم يشكلون قوة تغيير محتملة في مغرب اليوم والمستقبل ، حيث يسعون لبناء مجتمع أكثر عدالة وأوسع فرصًا، مع الاحتفاظ بخصوصية الهوية المغربية.


كواليس اليوم
٢٥-٠٣-٢٠٢٥
- كواليس اليوم
جيل ( Z) بين الثقافة والابتكار
عبده حقي يُمثل مصطلح جيل ' Z' – المولود بين منتصف التسعينيات وأوائل العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين – جيلًا يتميز بالطلاقة الرقمية والوعي العالمي والرغبة في التغيير المجتمعي. في العالم العربي، حيث تقل أعمار أكثر من 60% من السكان عن 30 عامًا، يُمثل هذا الجيل قوةً هائلةً تُعيد تشكيل المشهد الثقافي والاقتصادي والتكنولوجي. وليس هناك دولة تشهد هذا التحول أكثر ديناميكيةً من المغرب، هذا الوطن الذي يتموقع بين تياري شمال أفريقيا وأوروبا، حيث تتشابك التقاليد مع الحداثة. يُعتبر جيل Z المغربي، كغيره من أقرانه في العالم، مواطنين رقميين، ومدافعين عن حقوقهم الاجتماعية، ومتعلمين قادرين على التكيف. إلا أن تجاربهم تُشكلها بشكل خاص الوقائع المحلية، من التحديات الاقتصادية إلى التراث الثقافي. لقد نشأ جيل Z المغربي في ظلّ صيرورة رقمنة متسارعة. مع وصول نسبة انتشار الإنترنت إلى 88% عام 2023، ونسبة استخدام الهواتف الذكية إلى 80% بين الشباب، تُهيمن منصات مثل إنستغرام وتيك توك على حياتهم اليومية. وعلى عكس جيل الألفية الثالثة، الذي شهد صعود الإنترنت، لم يعرف جيل 'الزوم Z' المغربي عالمًا خاليًا من التوجهات المتشعبة أو الرسائل الفورية. وقد ساهم هذا التواصل في إضفاء طابع ديمقراطي على الوصول إلى المعلومات، مما مكّن من تعزيز النشاط والإبداع. على سبيل المثال، خلال حملة #Masaktach ('لن أُسكت') عام 2021، استخدم الشباب المغاربة وسائل التواصل الاجتماعي لتحدي العنف القائم على النوع الاجتماعي، مما أثار جدلًا واسعًا على مستوى البلاد ككل. وبالمثل، أصبح تيك توك مساحة للتعبير الثقافي، حيث يمزج المستخدمون التقاليد مع الثقافة الشعبية العالمية، مُبرزين الهوية المتعددة الثقافات للمغرب. لقد أثرت أحداث عالمية، مثل ركود الاقتصادي في عام 2008 وجائحة كوفيد-19، بشكل خاص على الشباب المغربي. فقد أدى ذلك الركود إلى تفاقم بطالة الشباب، التي لا تزال مرتفعة بإصرار عند 16٪ – وهو رقم يُغذي الإحباط ولكنه يُغذي أيضًا روح ريادة الأعمال حيث يتجه العديد من الشباب المغاربة الآن إلى الشركات الناشئة واقتصادات العمل الحر، مستفيدين من منصات مثل( أفيتو) للحصول على الدخل. كما سرّعت الجائحة من وتيرة التكيف الرقمي: فعندما أغلقت المدارس أبوابها، انتقل أكثر من 90٪ من التلاميذ والطلاب إلى التعلم عن بُعد عبر منصات حكومية مثل 'TelmidTICE'. وبينما تحسنت وضعية شباب المدن، واجهت المناطق القروية فجوات في الاتصال، مما سلّط الضوء على الفوارق الاجتماعية والاقتصادية. ومع ذلك، برزت مرونة جيل Z، من خلال مبادرات مثل دروس يوتيوب التي قادها الطلاب والتي تمكنت من سدّ الفجوات التعليمية. لقد وجدت دراسة استقصائية أُجريت عام 2022 أن 70٪ من الشباب المغربي يفضلون العلامات التجارية التي تدعم الاستدامة، مما يعزز الطلب على الشركات الناشئة الصديقة للبيئة. ويمزج مؤثرو وسائل التواصل الاجتماعي بين الترويج للمنتجات والفخر الثقافي، وغالبًا ما يُسلطون الضوء على الحرف المغربية. ومع ذلك، لا يزال التشكيك قائمًا: إذ يُراجع 65% من جيل Z التقييمات الإلكترونية قبل الشراء، مما يعكس إدراكهم العميق للتكنولوجيا. إن المرونة تحدد منهج جيل Z في مسيرته المهنية. إذ بعد جائحة كورونا ، أعطى 40% من الشباب المغربي الأولوية للعمل عن بُعد، وهو تحوّل تبنته قطاعات كثيرة مثل تكنولوجيا المعلومات والتسويق الرقمي. ويعكس التعليم هذا التوجه إذ شهدت بعض المنصات الإلكترونية ارتفاعًا في التسجيل، على الرغم من أن الجامعات التقليدية تُكافح من جانبها من أجل التحديث. كما ازدهرت ريادة الأعمال أيضا ، حيث يحتضن 'مجمع الشركات الناشئة' في الدار البيضاء مشاريع في مجال الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الزراعية، مما يعكس رغبة جيل Z في إحداث تأثير هادف وفعال. يُصنّف النقاد جيل Z على أنه مشتت الرغبات أو معتمد أساسا على دعامات التكنولوجيا، إلا أن هذه الآراء تتجاهل قدرته الفائقة على التكيف. وإذا كان تصريف وقت الشاشة ماض في ارتفاع مهول، إلا أن الشباب المغربي يوازن بين الانخراط الرقمي والتواصل مع المجتمع، كما يتضح في حملات رمضان الخيرية المُنظّمة عبر واتساب. إن جيل Z المولود بين منتصف التسعينات وبداية العقد الثاني من الألفية، يتميز بارتباطه القوي بالتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي. هذا الجيل أكثر انفتاحًا على العالم وأسرع في تبنّي الأفكار الجديدة، لكنه يواجه تحديات تتعلق بسوق العمل، والتعليم، والهوية الثقافية. ورغم تأثير العولمة، يحتفظ كثيرون منهم بجذورهم الثقافية ويبحثون عن طرق لدمج الحداثة بالتقاليد. كما يُظهر جيل Z وعيًا متزايدًا بالقضايا الاجتماعية والبيئية، ويشارك في النقاشات العامة بشكل فعال. إنهم يشكلون قوة تغيير محتملة في مغرب اليوم والمستقبل ، حيث يسعون لبناء مجتمع أكثر عدالة وأوسع فرصًا، مع الاحتفاظ بخصوصية الهوية المغربية.