أحدث الأخبار مع #GraphCast

عمون
٢٨-٠٣-٢٠٢٥
- علوم
- عمون
الذكاء الاصطناعي: مستقبل التنبؤ الجوي
شهد علم الأرصاد الجوية تطورًا لافتًا في السنوات الأخيرة بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلّم الآلي، التي غيّرت مفهوم التنبؤ بالطقس من مجرد معادلات فيزيائية معقدة إلى نماذج حاسوبية قادرة على معالجة كمّ هائل من البيانات بسرعة فائقة. وقد بدا هذا التطور واضحًا في العديد من دول العالم، ولا سيما تلك التي تعاني عمومًا من موارد مائية محدودة أو أحوال جوية متقلبة، حيث باتت الدقة في التوقعات مسألة مهمة لإدارة الموارد والاستعداد لأي تغيّرات حادّة في الطقس. تقوم خوارزميات الذكاء الاصطناعي بتجميع البيانات المناخية من الأقمار الصناعية ومحطات الرصد الأرضية وصور الرادار، ثم تحلّلها عبر شبكات عصبية قادرة على اكتشاف الأنماط الخفيّة في الغلاف الجوي. وفي تقارير حديثة صادرة عن شركة DeepMind (2023)، تمكّن نظام ذكاء اصطناعي يدعى 'GraphCast' من التفوّق على النماذج التقليدية في توقّع حالة الجو لعدّة أيام قادمة بنسبة دقة فاقت 90%. من جهة أخرى، أظهرت الدراسات المشتركة بين المركز الأوروبي للتنبؤات متوسطة المدى (ECMWF) وعدد من شركات التقنية الأمريكية أنّ دمج الذكاء الاصطناعي بالنماذج العددية التقليدية قلّل من هامش الخطأ في التوقعات المتعلقة بالأمطار ودرجات الحرارة في مختلف أنحاء العالم (ECMWF, 2024). بالإضافة إلى ذلك، نشهد تزايد الاعتماد على أنظمة الإنذار المبكر القائمة على الذكاء الاصطناعي، التي تحذّر من كوارث الطقس المفاجئة كالفيضانات. ورغم أنّ بعض الدول قد لا تتعرض عادةً لفيضانات موسمية بحجم ما يجري في أماكن أخرى، فإن هذه الأنظمة تساعد أيضًا في رصد موجات الحر أو البرد المفاجئ أو العواصف الرملية. فعلى سبيل المثال، أظهرت منصة عالمية للإنذار بالفيضانات تعتمد على تعلّم الآلة، قدرتها على رصد التغيرات الحادة في الغلاف الجوي، ما ساهم في تحذير المجتمعات المحلية في ثمانين بلدًا حول العالم قبل وقوع الأحداث الخطرة بأيام (Global Flood Alert System, 2023). ويمكن تكييف المفاهيم ذاتها لتلافي تبعات موجات الطقس القاسي على القطاعات الزراعية والاقتصادية في دول تتميّز بمناخ شبه جاف أو بموجات حر متكررة. ولعلّ أبرز ما يُميّز توظيف الذكاء الاصطناعي في الأرصاد الجوية هو تحسين قدرة الهيئات المعنيّة على إدارة الموارد بشكل أفضل. على سبيل المثال، سلّطت دراسات محلية في مناطق تعاني ندرة المياه الضوء على أهمية التنبؤ المبكر بفترات الانحباس المطري، بغية تخطيط الاستهلاك وترشيد الموارد. في المقابل، تقوم بعض المؤسسات البحثية الأخرى بتطوير نماذج هجينة تمزج التعلم العميق بالنماذج الفيزيائية، لتتبع ظواهر مثل العواصف الرملية والانخفاض الحاد في درجات الحرارة، والذي قد يؤثر في تربية الماشية أو قطاع الزراعة. على المستوى الدولي، تؤكد تقارير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) أنّ إدماج خوارزميات التعلّم الآلي في مراكز الرصد التقليدية رفع دقة التنبؤات قصيرة المدى وسهّل إصدار التحذيرات المستندة إلى بيانات متجدّدة فورًا (WMO, 2024). وفي السياق ذاته، تعمل شركات تقنية كبرى على مشاريع بحثية مع المركز الأوروبي (ECMWF) لاستثمار حواسيب فائقة السرعة لتشغيل نماذج ذكاء اصطناعي حيوية، مما يخوّلها إصدار توقعات تفصيلية على مستوى كل ساعة تقريبًا (ECMWF, 2024). رغم هذه الإنجازات، تظل هناك تحديات تتمثل في محدودية البيانات المناخية ببعض المناطق، خصوصًا تلك التي تفتقر إلى عدد كافٍ من محطات الرصد الأرضية. وينصح خبراء المناخ بإنشاء محطات جديدة وتعزيز التعاون الدولي لمشاركة البيانات، من أجل تحقيق أقصى استفادة ممكنة من قدرات الذكاء الاصطناعي. كما يشير متخصصون في معاهد بيئية إلى ضرورة مراعاة الفروق المحلية، حيث لا يمكن الاعتماد على النتائج الحاسوبية وحدها دون دراسة خصوصية التضاريس والمناخ في كل منطقة (European Climate Institute, 2025). لذلك، بات التكامل بين الخبرة البشرية والأدوات الرقمية مطلبًا أساسيًا لضمان دقة وموثوقية التوقعات. وفي الختام، يمكن القول إن الذكاء الاصطناعي يمهّد الطريق نحو مستقبل أكثر دقّة في مجال التنبؤات الجوية. وبفعل تسارع وتيرة الأبحاث الرامية إلى تطوير هذه التقنيات وترسيخها على الصعيد العالمي، تتزايد القناعة بأن الاستثمار في التطوير المناخي يمثل خطوة استراتيجية نحو تحسين إدارة الموارد الطبيعية، والحد من الخسائر البشرية والاقتصادية الناجمة عن التقلّبات المناخية. ومن شأن هذه الثورة الرقمية أن تقرّب توقعات الأرصاد الجوية من الواقع بشكل غير مسبوق، مما يدعم صنّاع القرار والمؤسسات المعنيّة حول العالم في بناء خطط مستدامة وفعّالة، تخدم المجتمعات وتحمي الحياة والبيئة.


العين الإخبارية
٢٦-٠٢-٢٠٢٥
- مناخ
- العين الإخبارية
أوروبا تحقق طفرة في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالطقس
يعتبر تحسين التنبؤ بالطقس باستخدام الذكاء الاصطناعي خطوة كبيرة إلى الأمام مع إطلاق نظام أوروبي جديد، يمكنه التفوق على طرق التنبؤ التقليدية لمدة تصل إلى 15 يومًا مقدما. وبحسب "فايننشال تايمز"، بينما تطبق شركات التكنولوجيا والمكاتب الأرصاد الجوية في جميع أنحاء العالم بالفعل الذكاء الاصطناعي على الطقس، قال المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية متوسطة المدى (ECMWF) إن نموذجه التشغيلي فتح آفاقًا جديدة من خلال جعل التنبؤات العالمية متاحة مجانًا للجميع في أي وقت. وقالت فلورنس رابير، المديرة العامة للمركز الأوروبي للتنبؤات الجوية متوسطة المدى، وهي منظمة حكومية دولية: "سيؤدي هذا الإنجاز إلى تحويل علم الطقس والتنبؤات، وإن تشغيل نظام التنبؤ بالذكاء الاصطناعي ينتج أوسع مجموعة من المعلمات باستخدام التعلم الآلي". وأظهرت نسخة تجريبية تم اختبارها على مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية أن النظام كان أكثر دقة بنسبة 20% في التنبؤات الرئيسية من أفضل الطرق التقليدية، والتي تغذي ملايين الملاحظات الجوية في جميع أنحاء العالم في أجهزة الكمبيوتر العملاقة، كما تغلب عليها النظام بمعادلات تعتمد على الفيزياء. وقال فلوريان بابنبرغر، مدير التوقعات في المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية المتوسطة المدى، إن النظام الأوروبي الجديد يمكنه التنبؤ بمسار الإعصار المداري قبل 12 ساعة، مما يوفر وقتًا إضافيًا ثمينًا للتحذير من الأحداث الجوية المتطرفة. وشهد العالم أعلى درجات حرارة مسجلة في عام 2024، وأصبحت أوروبا أسرع قارة في الاحترار، مما أدى إلى أحداث الطقس المتطرفة، وكانت الوكالة في طليعة الملاحظات والتوعية العامة حول آثار تغير المناخ. وتشمل أنظمة التنبؤ بالذكاء الاصطناعي الأخرى متوسطة المدى قيد التطوير GenCast وGraphCast من Google DeepMind وPangu-Weather من Huawei وFourCastNet من Nvidia وFuXi من أكاديمية شنغهاي للذكاء الاصطناعي للعلوم وجامعة فودان. وتم تدريب جميعها على قاعدة بيانات لملاحظات الطقس التي جمعها المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية متوسطة المدى على مدار 40 عامًا. وقال بابنبرغر إن مقارنة دقة أنظمة التنبؤ بالذكاء الاصطناعي كانت صعبة، لأن أداءها النسبي يختلف وفقًا للمتغيرات والجداول الزمنية التي تم تقييمها. لكن بابنبرغر أشار إلى أن نظامه برز في التنبؤ بميزات أكثر بكثير من درجة الحرارة القياسية وهطول الأمطار والرياح. على سبيل المثال، يتنبأ أيضًا بالإشعاع الشمسي وسرعات الرياح على ارتفاع 100 متر، وهو أمر مفيد لقطاع الطاقة المتجددة. وعلى الرغم من أن توقعات المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية المتوسطة المدى متاحة مجانًا، إلا أن الوكالة لا تصدر تنبيهات بالطقس المتطرف ولا توقعات مصممة خصيصًا لمستخدمي الصناعة، وتترك التوقعات المتخصصة للسلطات الوطنية أو المحلية والشركات الخاصة. وقد أنشأ المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية المتوسطة المدى ومجموعة من مكاتب الأرصاد الجوية الوطنية الأوروبية إطارًا فنيًا مفتوح المصدر لأنظمة الطقس الذكية يسمى Anemoi. ويستند هيكل التعلم الآلي الأساسي إلى نفس "الشبكة الرسومية" مثل نماذج التنبؤ الخاصة بـGoogle DeepMind. وقال بيتر باتاليا، مدير الأبحاث في DeepMind، إنه "من المثير للإعجاب" أن نرى كيف تكيف المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية المتوسطة المدى مع موجة الذكاء الاصطناعي التي أعادت تشكيل المجال في السنوات الأخيرة، وأن أحدث نموذج مفتوح من شأنه أن يضيف إلى مجموعة المعرفة. وفي المستقبلن يخطط المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية لتحسين النظام الجديد بشكل أكبر من خلال زيادة دقته المكانية والانتقال من الإصدار الحالي، الذي يولد تنبؤًا واحدًا في كل مرة، إلى "التنبؤ المجمع" - أو إنشاء مجموعة من 50 تنبؤًا في وقت واحد. وقالت كريستين ديل، كبير مسؤولي الذكاء الاصطناعي في مكتب الأرصاد الجوية في المملكة المتحدة، إن مزيجًا من المحاكاة القائمة على الفيزياء والبيانات سيكون مطلوبًا "لضمان أن توفر نقاط قوتهما مجتمعة توقعات دقيقة وسريعة وموثوقة". aXA6IDE1NC4yMDMuMzQuMTA2IA== جزيرة ام اند امز JP