منذ 4 أيام
البرلمان العراقي يناقش مشروع قانون مثير للجدل يقيد حق التظاهر
وسط تصاعد الغضب الشعبي بسبب الأزمات الخدمية والاقتصادية، يناقش البرلمان العراقي مشروع قانون جديد يُخشى أن يكون ضربة قوية لحرية التظاهر في البلاد، ما أثار انتقادات واسعة من منظمات حقوق الإنسان ونشطاء المجتمع المدني.
وينص مشروع القانون على قيود جديدة صارمة على التجمّعات العامة والاحتجاجات، بما في ذلك حظر التظاهر ليلاً، ومنع التجمعات قرب المباني الحكومية والمستشفيات والمدارس، إضافة إلى تجريم ما يُعد 'إساءة إلى الرموز والمواقع الدينية'، وهو بند فضفاض قد يُستخدم لقمع المعارضة.
وتُضاف هذه الخطوة إلى سلسلة من التحركات التي تنفذها السلطات منذ سنوات لإحكام القبضة على المجال العام، بدءاً من استهداف الناشطين والصحفيين، وانتهاءً بمحاولات تقييد التنظيمات المدنية تحت ذرائع الأمن والنظام.
موافقة مسبقة وسجن وغرامات
بحسب نص المشروع الذي طُرح للنقاش في البرلمان السبت الماضي، يتوجب على منظّمي الاحتجاجات الحصول على إذن رسمي من السلطات المحلية قبل خمسة أيام على الأقل من موعد الفعالية.
كما تنص المسودة على عقوبات قاسية تصل إلى عشر سنوات لمن يُتّهم بـ'الترويج للكراهية العرقية أو الطائفية أو دعم الإرهاب'.
أما من يُدان بإهانة الرموز الدينية فقد يواجه حكماً بالسجن لا يقل عن عام وغرامة مالية تصل إلى مليون دينار عراقي، وهو ما اعتبرته منظمات حقوقية 'سلاحاً قانونياً لتكميم الأفواه'، خاصة في ظل التداخل بين الدين والسياسة في المشهد العراقي.
انتقادات حقوقية واسعة
أعربت منظمة العفو الدولية عن قلقها من تمرير هذا القانون، داعية المشرعين إلى رفضه أو تعديله جذريًا.
وقالت رازاو صالحي، الباحثة في شؤون العراق في المنظمة: 'يجب على المشرعين التصويت ضد أي قوانين تضيف إلى ترسانة الأدوات التي تستخدمها السلطات بالفعل لتقييد الحيز المدني، أو تلك التي تخون التزامات العراق الدستورية والدولية بحماية حرية التعبير والتجمع السلمي'.
وانضمت مؤسسة INSM للحقوق الرقمية إلى الانتقادات، محذرة من أن القانون قد يؤدي إلى تجريم المحتوى الرقمي الاحتجاجي ومنشورات النشطاء، خاصة في حال رُبطت بمفاهيم فضفاضة مثل 'الإساءة' أو 'التحريض الطائفي'.
غموض في التعديلات
في محاولة لامتصاص الغضب، أعلن البرلمان في 31 يوليو أنه حذف المواد المتعلقة بحرية التعبير من مسودة القانون، وادعى أن المشروع 'لا يقيد التظاهر السلمي'.
لكن ممثلي المجتمع المدني قالوا إن التعديلات تمت بدون مشاركة مجتمعية أو نقاش علني، ما أثار الشكوك حول مدى جدّية نية البرلمان في احترام الحريات الأساسية.
وقال ويليام وردا، أحد مؤسسي منظمة حمورابي لحقوق الإنسان: 'لا توجد معلومات كافية عن التعديلات، وهذا بحد ذاته مصدر قلق. لا يمكن الحديث عن حرية التعبير في غياب الشفافية'.
وأضاف: 'العراق بحاجة إلى آليات مساءلة شفافة، وليس إلى قوانين تقمع النقد المشروع وتكرّس الإفلات من العقاب'.
احتجاجات متكررة وخلفية ساخنة
يأتي النقاش حول مشروع القانون في وقت تتصاعد فيه الاحتجاجات في عدد من المحافظات بسبب النقص الحاد في المياه والكهرباء، وارتفاع درجات الحرارة إلى ما فوق 50 درجة مئوية.
ففي 25 يوليو، خرج مئات المواطنين في مناطق قريبة من الحلة والديوانية، وأغلقوا طرقاً رئيسية وأشعلوا إطارات احتجاجاً على انقطاع الماء وجفاف الأنهار.
وبحسب وزارة الموارد المائية، فإن عام 2025 يُعد من أشد الأعوام جفافاً منذ عام 1933، إذ انخفض مخزون المياه إلى 8% من السعة الكاملة.
هذه الخلفية المضطربة تزيد من خطورة المشروع الجديد، إذ قد يُستخدم لكبح أي تحركات جماهيرية مستقبلية تطالب بالخدمات أو الإصلاح السياسي.
محاكمات وانتهاكات متواصلة
تقول منظمة العفو الدولية إن السلطات العراقية حاكمت ما لا يقل عن 20 شخصاً بين يناير ويونيو 2025 فقط، بسبب 'ممارسة سلمية لحقهم في التعبير'، في مؤشر خطير على البيئة المقيدة التي يعيشها النشطاء.
وتُتهم الحكومة باستخدام قوانين 'التحريض' و'الإساءة إلى الدولة أو الدين' كذريعة لتقييد النقد العلني، خاصة عبر الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي.
وفي ظل غياب بيئة قانونية حامية لحقوق الإنسان، ووسط أزمة سياسية وخدمية مستمرة، يبدو أن مشروع قانون التظاهر الجديد يمثل تهديداً مباشراً لما تبقى من الحريات العامة في العراق.
وإن لم يُواجه بتعديل حقيقي ومشاركة مجتمعية شاملة، فقد يكون مقدمة لمرحلة جديدة من التضييق المنهجي تُقصي الأصوات المعارضة وتُعيد إنتاج القمع بأساليب أكثر 'قانونية'.
وسط تصاعد الغضب الشعبي بسبب الأزمات الخدمية والاقتصادية، يناقش البرلمان العراقي مشروع قانون جديد يُخشى أن يكون ضربة قوية لحرية التظاهر في البلاد، ما أثار انتقادات واسعة من منظمات حقوق الإنسان ونشطاء المجتمع المدني.
وينص مشروع القانون على قيود جديدة صارمة على التجمّعات العامة والاحتجاجات، بما في ذلك حظر التظاهر ليلاً، ومنع التجمعات قرب المباني الحكومية والمستشفيات والمدارس، إضافة إلى تجريم ما يُعد 'إساءة إلى الرموز والمواقع الدينية'، وهو بند فضفاض قد يُستخدم لقمع المعارضة.
وتُضاف هذه الخطوة إلى سلسلة من التحركات التي تنفذها السلطات منذ سنوات لإحكام القبضة على المجال العام، بدءاً من استهداف الناشطين والصحفيين، وانتهاءً بمحاولات تقييد التنظيمات المدنية تحت ذرائع الأمن والنظام.
موافقة مسبقة وسجن وغرامات
بحسب نص المشروع الذي طُرح للنقاش في البرلمان السبت الماضي، يتوجب على منظّمي الاحتجاجات الحصول على إذن رسمي من السلطات المحلية قبل خمسة أيام على الأقل من موعد الفعالية.
كما تنص المسودة على عقوبات قاسية تصل إلى عشر سنوات لمن يُتّهم بـ'الترويج للكراهية العرقية أو الطائفية أو دعم الإرهاب'.
أما من يُدان بإهانة الرموز الدينية فقد يواجه حكماً بالسجن لا يقل عن عام وغرامة مالية تصل إلى مليون دينار عراقي، وهو ما اعتبرته منظمات حقوقية 'سلاحاً قانونياً لتكميم الأفواه'، خاصة في ظل التداخل بين الدين والسياسة في المشهد العراقي.
انتقادات حقوقية واسعة
أعربت منظمة العفو الدولية عن قلقها من تمرير هذا القانون، داعية المشرعين إلى رفضه أو تعديله جذريًا.
وقالت رازاو صالحي، الباحثة في شؤون العراق في المنظمة: 'يجب على المشرعين التصويت ضد أي قوانين تضيف إلى ترسانة الأدوات التي تستخدمها السلطات بالفعل لتقييد الحيز المدني، أو تلك التي تخون التزامات العراق الدستورية والدولية بحماية حرية التعبير والتجمع السلمي'.
وانضمت مؤسسة INSM للحقوق الرقمية إلى الانتقادات، محذرة من أن القانون قد يؤدي إلى تجريم المحتوى الرقمي الاحتجاجي ومنشورات النشطاء، خاصة في حال رُبطت بمفاهيم فضفاضة مثل 'الإساءة' أو 'التحريض الطائفي'.
غموض في التعديلات
في محاولة لامتصاص الغضب، أعلن البرلمان في 31 يوليو أنه حذف المواد المتعلقة بحرية التعبير من مسودة القانون، وادعى أن المشروع 'لا يقيد التظاهر السلمي'.
لكن ممثلي المجتمع المدني قالوا إن التعديلات تمت بدون مشاركة مجتمعية أو نقاش علني، ما أثار الشكوك حول مدى جدّية نية البرلمان في احترام الحريات الأساسية.
وقال ويليام وردا، أحد مؤسسي منظمة حمورابي لحقوق الإنسان: 'لا توجد معلومات كافية عن التعديلات، وهذا بحد ذاته مصدر قلق. لا يمكن الحديث عن حرية التعبير في غياب الشفافية'.
وأضاف: 'العراق بحاجة إلى آليات مساءلة شفافة، وليس إلى قوانين تقمع النقد المشروع وتكرّس الإفلات من العقاب'.
احتجاجات متكررة وخلفية ساخنة
يأتي النقاش حول مشروع القانون في وقت تتصاعد فيه الاحتجاجات في عدد من المحافظات بسبب النقص الحاد في المياه والكهرباء، وارتفاع درجات الحرارة إلى ما فوق 50 درجة مئوية.
ففي 25 يوليو، خرج مئات المواطنين في مناطق قريبة من الحلة والديوانية، وأغلقوا طرقاً رئيسية وأشعلوا إطارات احتجاجاً على انقطاع الماء وجفاف الأنهار.
وبحسب وزارة الموارد المائية، فإن عام 2025 يُعد من أشد الأعوام جفافاً منذ عام 1933، إذ انخفض مخزون المياه إلى 8% من السعة الكاملة.
هذه الخلفية المضطربة تزيد من خطورة المشروع الجديد، إذ قد يُستخدم لكبح أي تحركات جماهيرية مستقبلية تطالب بالخدمات أو الإصلاح السياسي.
محاكمات وانتهاكات متواصلة
تقول منظمة العفو الدولية إن السلطات العراقية حاكمت ما لا يقل عن 20 شخصاً بين يناير ويونيو 2025 فقط، بسبب 'ممارسة سلمية لحقهم في التعبير'، في مؤشر خطير على البيئة المقيدة التي يعيشها النشطاء.
وتُتهم الحكومة باستخدام قوانين 'التحريض' و'الإساءة إلى الدولة أو الدين' كذريعة لتقييد النقد العلني، خاصة عبر الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي.
وفي ظل غياب بيئة قانونية حامية لحقوق الإنسان، ووسط أزمة سياسية وخدمية مستمرة، يبدو أن مشروع قانون التظاهر الجديد يمثل تهديداً مباشراً لما تبقى من الحريات العامة في العراق.
وإن لم يُواجه بتعديل حقيقي ومشاركة مجتمعية شاملة، فقد يكون مقدمة لمرحلة جديدة من التضييق المنهجي تُقصي الأصوات المعارضة وتُعيد إنتاج القمع بأساليب أكثر 'قانونية'.