logo
#

أحدث الأخبار مع #LostintheMaze

Lost in the Maze... رجلان تائهان في الأمازون
Lost in the Maze... رجلان تائهان في الأمازون

العربي الجديد

time١٧-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • العربي الجديد

Lost in the Maze... رجلان تائهان في الأمازون

لا تزال السينما الوثائقية تُصارع إرثَها الاستشراقي الذي حوَّل الآخر إلى كائنٍ غرائبي يُستهلك كسلعة بصرية، على الأقل في سياق السينما وصناعة المحتوى. فيلم Lost in the Maze للمخرج البرازيلي رودريغو فراغا سانتوس، يقدم نفسه بوصفه حالة دراسية معاصرة لهذا الصراع. بين الصورة النمطية عن اكتشاف الهمجي المتحفظ، والتكنولوجيا البصرية في عصرٍ مسحَ كلّ مجهول يتموضع لفيلم، ويربط بين الكاميرا كمنظور غربيّ استشراقيّ، والهمجي الغريب كوجود محلي. الفيلم، وهو العمل الأول للمخرج حتى الآن، يسرد للمشاهدين رحلتَيْ رجلين ضائعَيْن في نهر أوراريكويرا في الأمازون، بعد انقلاب قاربهما. الرحلة الأولى سبقت الثانية بثلاثين عاماً. خلال هذه العقود الثلاثة، ولتجنب الفشل في الرحلة مرة أخرى، يستكشف البطلان عبر قراءة ثقافية استثنائية نادرة مجتمعات الأمازون التي تتعايش مع الغابة ككيانٍ حي، وبهذا نجح بالعودة إلى جوهر الفن الوثائقي، فلا مرشحات للواقع، والتوثيق هو عملية لتحريك الأسئلة من دون فرض إجابات. تبدأ الحكاية ببساطة: رجلان هما كورت وميلتينو ينطلقان بقاربٍ صغير في رحلة استكشافية عبر نهر الأمازون لكن القارب ينقلب في مياهٍ هائجة، تاركاً إياهما عالقَيْن في منطقة نائية تُشبه المتاهة. عبر مقابلات مع الشخصيتين الرئيسيتين، يتحول السرد من رحلة مغامرة إلى حفرٍ في الذات الإنسانية، تُطلَق أسئلةٌ وجودية: مثل ماذا يعني أن تُواجِه الموتَ في مكانٍ لا يسمع فيه أحد صراخك؟ كيف تُعيد تقييم حياتك عندما تتحول الأدوات التكنولوجية كالمحرك والخرائط إلى مجرد حطام؟ في مشهدٍ آخر، تتبنّى عائلتان من شعب يانومامي، كورت. لدى هذا الشعب، هناك للطفل أمهات متعددات، ولا يُقدَّم الأمر بوصفه ظاهرة غريبة، بل لغة حُبٍّ اجتماعية مُختلفة. الكاميرا هنا ترفض التطفل؛ تُصوِّر الحياة اليومية للسكان بحميميةٍ توحي بأن المصور واحد منهم، وليس مُراقباً خارجياً. الفيلم يعتمد على الوقت السينمائي كشخصيةٍ ثالثة، الأيام الثلاثة التي قضاها الرجلان من دون طعامٍ أو مأوى في رحلتهما الثانية، تُصوَّر بتدفقٍ بطيء يُشبه تدفق النهر نفسه الذي أودى بقاربهما. تتحول كل لحظة إلى مساحةٍ لاستعادة الذكريات أو للحديث عن العلاقة مع السكان الأصليين، أو حتى للتهكم على فكرة الجنازة بلا جثمان، التي شغلت ميلتينو بوصفها رمزاً لهشاشة الوجود. الشخصية الرئيسية هي الغابة، بعد أن أعيد تعريفها سينمائياً. لقطات الطبيعة هنا ليست مُجرَّد مناظر خلابة، بل هي انعكاس لثنائية الجمال والقسوة؛ إذ يعتبر المخرج الغابة شخصية معقدة، المياه الهادئة التي تعكس زرقة السماء تتحول فجأةً إلى دوَّامات تبتلع القارب، والأشجار العملاقة التي توفر الظلّ تُخفي في ظلامها أفاعيَ سامّة، المشاهد الهوائية الواسعة التي تُظهر تداخل فروع النهر كشرايين عملاقة تعكس فكرة المتاهة. كل ما سبق مثّل الأبطال والمكان والزمان السينمائيين، ويبقى لتشريح الفيلم كاملاً تقديم الصراع، وهو خفيٌّ، يدور بين التكنولوجيا والطبيعة، ولا يذكره أحدٌ في العرض. فَشَل محرك القارب الألومنيوم الذي يُجسِّد التقدُّم، يصبح استعارةً لفشل الغرب في ترويض الأمازون. في المقابل، كاميرات التصوير تحت الماء التي تلتقط تفاصيل الغابة المغمورة، تُظهر أن التكنولوجيا قد تكون أداةً لفهم التعقيد الطبيعي، لا لمُحاولة السيطرة عليه. Lost in the Maze ليس فيلماً عن الضياع، بل عن الاكتشاف، ينجح في تحويل الاستشراق من عُقدةٍ إلى أداة نقد، حيث الغابة ومن يقطنها ليست الآخر الذي يجب استكشافه أو خلفية لسيلفي السياح، والتكنولوجيا لا تُصور لتبهرنا بقدراتها أو لتقدم السكان الأصليين ككائناتٍ وثائقية. الفيلم بهذا المعنى تحديداً لم يعد يروي مغامرة بقاءٍ، بل يطرح نموذجاً لاستشراقٍ جديد؛ استشراقٍ يرفض أن تكون العدسة الغربية مركز العالم، ويجعل من الكاميرا مرآةً تعكس تنوعنا المشترك، وليس اختلافاتنا المُتخيَّلة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store