logo
#

أحدث الأخبار مع #MotherTongueBasedMultilingualEducation

أطفالنا.. لسان الحال وحال اللسان
أطفالنا.. لسان الحال وحال اللسان

سعورس

time١٣-٠٥-٢٠٢٥

  • منوعات
  • سعورس

أطفالنا.. لسان الحال وحال اللسان

* حتى لا يتهم هذا المقال بالتشاؤمية على الأثر، أقول أولاً بعدم ظني أن لغتنا العربية بخطر محدق وإنما هي في أول مراحل الهوان. تتبوأ العربية المرتبة الخامسة في عدد المتحدثين عالمياً وليست على قائمة نصف لغات العالم المتوقع اندثارها مع أفول قرننا الزمني هذا حسب اليونيسكو. يعود الفضل في هذا لكنز اسمه التراث العربي يحوي القرآن الكريم والشعر العربي في باكورته ثم أمهات الكتب والعلوم نتاج التدوين بالعربية بعد الفتوحات بأمر الخليفة عبدالملك بن مروان أكرم الله صنعه. أما الهوان الذي أصاب لغة الضاد، وهو محور الاهتمام هنا، فهو من صنع الإنسان العربي المعاصر. يقول ديفيد كريستال في كتابه «موت اللغة» إن اللغة لا تموت في الغالب لموت ناطقيها بل لاتخاذهم موقفاً سلبياً من لغتهم وخضوعهم للغة حضارة سائدة في زمنها. يرى كريستال أن الحل لمنع ذلك -بعد جمع الإحصائيات وفهم الأرقام- يتمركز حول خلق علاقة إيجابية بين الإنسان ولغته قوامها الاعتزاز باللغة واستيعاب منابع قوتها، أو ما يدعوه كريستال «بريستيج اللغة». هذا الهدف لا يمكن الوصول إليه دون إقحام اللغة والزج بها بكثافة في المناهج الدراسية والمعاملات الحكومية وحتى في التكنولوجيا الرقمية والألعاب الإلكترونية والذكاء الاصطناعي حسب القدرة. السبب في ذلك هو أن الاعتزاز باللغة وتلمس بريستيجها لا يمكن زرعه قهراً وإنما يأتي طوعاً بعد تشرب اللغة والتقرب منها. بمعنى آخر، يمكن وصف المرحلة الأولى لهوان اللغة ثم موتها البطيء بموقف أطفالها منها وظنهم السيئ بها أنها لغة مقيدة وغير فعالة. وهذا موقف أظنه بدأ يتشكّل لدى الطفل العربي دون محاولات جادة لمنعه.هنا وقت تعريج على حال أطفالنا في المملكة العربية السعودية وفهم موقفهم من لغتهم. أظن استيعاب الموقف مشوشاً بعوامل متضاربة منها اختلاف عينة التعليم الخاص عن العام، والمادة العلمية عن الأدبية، واللغة المكتوبة عن المتحدثة، والورقية عن الرقمية، وحتى اللغة الدارجة عن الفصحى. الموضوع شائك ويحتاج إلى لجان متخصصة لفهمه، والفهم بداية العمل على إنعاش اللغة ومنع موتها البطيء. الدراسات والأرقام في هذا المجال شحيحة رغم أهميتها، لكن استطلاعاً حديثاً من جامعة الملك سعود على عينة أطفال من مدارس خاصة بالرياض سلّط الضوء على أرقام مخيفة. وجد الاستطلاع أن ربع الأطفال لا يتكلمون سوى الإنجليزية في كل مناحي الحياة، وربعاً آخر يفضل الإنجليزية، وربعاً يستطيع التنقل بين اللغتين، وربعاً أخيراً يفضل أو لا يتكلم سوى بالعربية. خلصت الدراسة إلى أننا نعيش بداية منحى تغير في لسان أطفالنا.إحياء اللغة بعد موتها طريق وعر، لكن إبقاءها حية ومتماسكة حتى يتغير حال الحضارات المتقلب ممكن وسهل. لا يذكر التاريخ على المثال الأول سوى إحياء العبرية في القرنين الماضيين بعد اندثارها الكامل وبعض لغات السكان الأصليين لأمريكا الجنوبية. أما تمكين اللغة الوطنية فنراه حاضراً بشكل قوي في الصين وفرنسا ودول كثيرة. حتى الدول الأقل شأناً تنبهت للمشكلة، فقامت الفلبين على سبيل المثال بإنشاء برنامج اللغات الأم أساساً في التعليم الابتدائي «Mother Tongue-Based Multilingual Education» لتعزيز لغاتها القومية الأصلية. يرى بعض الباحثين أن العربية كبيرة وغزيرة على الاندثار، ولكنها قد تتفكك وتعوج ببطء كاللاتينية إلى لغات مختلفة، وهذا شأن لا يقل خطورة عن الاندثار الكامل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store