أحدث الأخبار مع #OrthorexiaNervosa


بوابة الفجر
١٧-٠٥-٢٠٢٥
- صحة
- بوابة الفجر
هل أنت مهووس بالأكل الصحي؟.. انتبه: هوس التغذية السليمة قد يتحول إلى اضطراب خطير
في زمن تهيمن فيه وسائل التواصل الاجتماعي على توجهاتنا اليومية، ووسط سيل من أنظمة الحمية الغذائية الحديثة والمقاطع التي تحذر من "الأطعمة السيئة"، أصبح من السهل الانجراف إلى هوس الصحة والتغذية. لكن المفارقة أن هذا الهوس قد يؤدي إلى اضطراب نفسي خطير يُعرف باسم هوس التغذية السليمة أو Orthorexia Nervosa، وهو اضطراب في الأكل لا يقل خطورة عن فقدان الشهية العصبي أو الشره المرضي. ما هو "هوس التغذية السليمة"؟ هوس التغذية السليمة هو اضطراب نفسي يتمثل في الانشغال المفرط بجودة الطعام ونقائه، وليس بكميته أو السعرات الحرارية. وهو مفهوم صاغه الطبيب ستيفن براتمان عام 1997. يعاني المصابون بهذا الاضطراب من رغبة قهرية في تناول "الطعام المثالي"، وقد يصل الأمر إلى استبعاد مجموعات غذائية كاملة، والتدقيق المفرط في المكونات، والقلق من تناول أطعمة "غير نقية"، مما يؤدي إلى سوء تغذية، وانعزال اجتماعي، واضطراب نفسي. أبرز علامات الإصابة بهوس التغذية: التركيز المفرط على المكونات والابتعاد عن أي طعام "مصنّع" أو "غير طبيعي". وضع قواعد غذائية صارمة والامتناع عن المشاركة في وجبات جماعية أو مطاعم. الضيق أو الذنب عند تناول أطعمة تُعتبر "غير صحية". فقدان الشهية واضطرابات الهضم، وتساقط الشعر، والإرهاق المزمن. الانعزال الاجتماعي والانتقاد المستمر لعادات الأكل لدى الآخرين. ما العلاقة بين هوس التغذية وفقدان الشهية العصبي؟ في حين أن فقدان الشهية العصبي (Anorexia Nervosa) يرتبط غالبًا بالخوف من زيادة الوزن، فإن هوس التغذية يركز على نقاء وجودة الطعام فقط. لكن في الحالتين، قد يتعرض المصاب إلى نقص في العناصر الغذائية الحيوية، واضطرابات هرمونية، ومشاكل صحية ونفسية مزمنة. كيف نعالج هذا الاضطراب؟ رغم أن "هوس التغذية" غير معترف به رسميًا في DSM-5، إلا أن الأطباء يستخدمون استراتيجيات مجربة وفعالة من علاجات اضطرابات الأكل الأخرى، مثل: 1. العلاج السلوكي المعرفي (CBT): يعيد تشكيل الأفكار غير الواقعية حول "الطعام النقي" ويُساعد على استعادة علاقة صحية ومتوازنة مع الطعام. 2. العلاج السلوكي الجدلي (DBT): يعزز التنظيم العاطفي، ويدرب المريض على مواجهة القلق المرتبط بالغذاء، وتقبل الذات. 3. العلاج الأسري (FBT): ضروري للمراهقين، ويُشرك الأسرة في دعم الفرد وإزالة الضغوط الاجتماعية المرتبطة بالطعام. 4. الاستشارة الغذائية: يقوم أخصائي تغذية مرخص بإعادة إدخال الأطعمة تدريجيًا وتثقيف الفرد حول التوازن الغذائي الحقيقي. 5. الأدوية: عند وجود أعراض مرافقة مثل الاكتئاب أو القلق، قد تُستخدم مضادات الاكتئاب أو القلق بجانب العلاج النفسي. 6. اليقظة الذهنية وتمارين الاسترخاء: التأمل، اليوغا، وتمارين التنفس تُساعد في تقليل التوتر وبناء علاقة إيجابية مع الطعام. 7. مجموعات الدعم: توفر منظمات مثل NEDA بيئة تشاركية تساعد على الشفاء وتقوية الدعم النفسي والاجتماعي. ليس الهدف من الأكل الصحي أن يتحول إلى عبء نفسي أو سلوك قهري. فالصحة الجيدة لا تعني الحرمان، بل تتطلب المرونة، والاعتدال، والوعي إذا وجدت نفسك محاصرًا بقواعد غذائية خانقة أو تشعر بالذنب عند تناول بعض الأطعمة، فقد يكون الوقت قد حان لطلب المساعدة المهنية.


البلاد البحرينية
١٥-٠٣-٢٠٢٥
- صحة
- البلاد البحرينية
د. أماني الحلواجي من يقرر ماذا نأكل.. كيف تصنع خوارزميات الإعلام وعينا الغذائي؟ السبت 15 مارس 2025
في صباحك المعتاد، وأنت تتصفح هاتفك، يظهر أمامك عنوان صادم: 'الشوفان.. الكارثة الغذائية التي لم يخبرك بها أحد!'، تتوقف متسائلًا: كيف يمكن لشيء ظل يُروَّج له كخيار صحي أن يكون خطرًا على صحتك؟ بعد ساعات، تقع عينك على مقال علمي موثوق يؤكد العكس تمامًا: 'الشوفان.. أحد أفضل الأطعمة لصحة القلب'، وفي المساء يظهر خبير تغذية في مقطع فيديو يحذرك من أن الشوفان يرفع نسبة السكر في الدم كما تفعل الحلويات المصنعة. في يوم واحد، تعرضت لثلاث روايات متناقضة حول مكون غذائي واحد، وكل واحدة منها تبدو موثوقة. كيف يمكن للطعام أن يكون مفيدًا وضارًّا في آن واحد؟ ولماذا أصبح الغذاء، وهو أبسط احتياجات الإنسان، ساحة معركة إعلامية لا تهدأ؟ المشكلة لم تعد في غياب البحث العلمي، بل في الطريقة التي تصل بها المعلومات إلينا. في الماضي، كانت الأبحاث الغذائية تخضع لمراجعات دقيقة قبل أن تصل إلى الجمهور. أما اليوم، فلم يعد انتشار المحتوى يعتمد على الدقة العلمية، بل على مدى جاذبيته وقدرته على لفت الانتباه. الخوارزميات التي تتحكم في ترتيب المحتوى تساهم في تضخيم الادعاءات وجعل بعض الأطعمة تبدو أكثر ضررًا أو فائدة مما هي عليه حقًّا. وفقًا لنظرية 'الضوضاء الإعلامية ' (Media Noise Theory)، يؤدي هذا الكم الهائل من المعلومات المتضاربة إلى إرباك الجمهور، ما يجعل التمييز بين الحقائق العلمية والمعلومات المضللة أكثر صعوبة. إضافة إلى ذلك، فإن تدفق المعلومات المستمر يجعل الأفراد غير قادرين على معالجتها بشكل منطقي، فيلجأون إما إلى تصديق العناوين المثيرة أو إلى التشكيك في كل شيء. في النهاية، الهدف ليس توعيتك، بل إبقاؤك متفاعلًا لأطول وقت ممكن، حتى لو كان ذلك على حساب الحقيقة. لم يعد علم التغذية مجرد مجال بحثي، بل تحوّل إلى صناعة محتوى تتنافس فيها الأخبار الصادمة مع الدراسات العلمية الرصينة. يتفوق العنوان الجذاب على البحث العلمي، ولم تعد الشهرة مرتبطة بالدقة، بل بمدى قدرة المعلومة على إشعال الجدل. حتى وسائل الإعلام التقليدية باتت تتبنى أساليب الإثارة نفسها، لأن التقارير الهادئة لا تحقق الانتشار، بينما العناوين المثيرة تفعل. ما كان بسيطًا وواضحًا أصبح محاطًا بالتشويش. الشوفان الذي كان رمزًا للصحة، أصبح فجأة موضع جدل. القهوة التي وُصفت يومًا بأنها ضارة، أصبحت تُعرف بـ 'إكسير الحياة'، ثم عادت إلى دائرة الاتهام بتأثيرها السلبي على النوم والجهاز العصبي. هذه الفوضى لا تعزز الوعي الصحي، بل تخلق حالة من القلق والارتباك. أصبح بعض الأشخاص مهووسين بما يسمى 'الأكل النظيف' (Orthorexia Nervosa)، فيتجنبون أطعمة طبيعية خوفًا من منشور مجهول المصدر. آخرون فقدوا الثقة تمامًا، مقتنعين بأن 'كل شيء متناقض، ولا شيء مؤكد'، هذه الفوضى لا تؤثر فقط على اختياراتنا الغذائية، بل على علاقتنا بالطعام ذاته، حيث لم نعد نأكل بدافع الجوع، بل خوفًا من اتخاذ قرار خاطئ. حتى عند محاولة البحث عن الحقيقة بأنفسنا، نجد أن محركات البحث تعيد ترتيب النتائج وفقًا لمعايير تجارية، ما يعزّز تأثير الضوضاء الإعلامية. دراسة أجرتها جامعة ستانفورد عام 2024 أظهرت أن العناوين التي تثير المشاعر السلبية، مثل الخوف أو الغضب، تنتشر بنسبة 60 % أكثر من المحتوى العلمي الرصين، ما يساهم في تضليل الجمهور بدلًا من تثقيفه. الحل ليس في تجاهل كل ما يُقال، بل في تعزيز التفكير النقدي واستعادة السيطرة على ما نستهلكه من معلومات. عندما ترى عنوانًا مثل 'هذا الطعام يدمر صحتك!'، توقف واسأل نفسك: من هو المصدر؟ هل هناك دراسة علمية تدعمه؟ هل تم تقديم النتائج في سياقها الصحيح؟ استعادة وعينا النقدي السبيل الوحيد للخروج من دوامة التشويش الإعلامي. علينا أن نكون أكثر وعيًا بما نستهلكه من معلومات، تمامًا كما نهتم بما نأكله. لنتخذ قراراتنا الغذائية بناءً على المعرفة والفهم، لا على الخوف والتلاعب العاطفي. الطعام ليس مجرد وجبة نأكلها، بل خيار يعكس وعينا وثقتنا في قدرتنا على التمييز بين الحقيقة والتضليل.