logo
د. أماني الحلواجي من يقرر ماذا نأكل.. كيف تصنع خوارزميات الإعلام وعينا الغذائي؟ السبت 15 مارس 2025

د. أماني الحلواجي من يقرر ماذا نأكل.. كيف تصنع خوارزميات الإعلام وعينا الغذائي؟ السبت 15 مارس 2025

في صباحك المعتاد، وأنت تتصفح هاتفك، يظهر أمامك عنوان صادم: 'الشوفان.. الكارثة الغذائية التي لم يخبرك بها أحد!'، تتوقف متسائلًا: كيف يمكن لشيء ظل يُروَّج له كخيار صحي أن يكون خطرًا على صحتك؟ بعد ساعات، تقع عينك على مقال علمي موثوق يؤكد العكس تمامًا: 'الشوفان.. أحد أفضل الأطعمة لصحة القلب'، وفي المساء يظهر خبير تغذية في مقطع فيديو يحذرك من أن الشوفان يرفع نسبة السكر في الدم كما تفعل الحلويات المصنعة. في يوم واحد، تعرضت لثلاث روايات متناقضة حول مكون غذائي واحد، وكل واحدة منها تبدو موثوقة. كيف يمكن للطعام أن يكون مفيدًا وضارًّا في آن واحد؟ ولماذا أصبح الغذاء، وهو أبسط احتياجات الإنسان، ساحة معركة إعلامية لا تهدأ؟ المشكلة لم تعد في غياب البحث العلمي، بل في الطريقة التي تصل بها المعلومات إلينا. في الماضي، كانت الأبحاث الغذائية تخضع لمراجعات دقيقة قبل أن تصل إلى الجمهور. أما اليوم، فلم يعد انتشار المحتوى يعتمد على الدقة العلمية، بل على مدى جاذبيته وقدرته على لفت الانتباه.
الخوارزميات التي تتحكم في ترتيب المحتوى تساهم في تضخيم الادعاءات وجعل بعض الأطعمة تبدو أكثر ضررًا أو فائدة مما هي عليه حقًّا. وفقًا لنظرية 'الضوضاء الإعلامية ' (Media Noise Theory)، يؤدي هذا الكم الهائل من المعلومات المتضاربة إلى إرباك الجمهور، ما يجعل التمييز بين الحقائق العلمية والمعلومات المضللة أكثر صعوبة. إضافة إلى ذلك، فإن تدفق المعلومات المستمر يجعل الأفراد غير قادرين على معالجتها بشكل منطقي، فيلجأون إما إلى تصديق العناوين المثيرة أو إلى التشكيك في كل شيء. في النهاية، الهدف ليس توعيتك، بل إبقاؤك متفاعلًا لأطول وقت ممكن، حتى لو كان ذلك على حساب الحقيقة.
لم يعد علم التغذية مجرد مجال بحثي، بل تحوّل إلى صناعة محتوى تتنافس فيها الأخبار الصادمة مع الدراسات العلمية الرصينة. يتفوق العنوان الجذاب على البحث العلمي، ولم تعد الشهرة مرتبطة بالدقة، بل بمدى قدرة المعلومة على إشعال الجدل. حتى وسائل الإعلام التقليدية باتت تتبنى أساليب الإثارة نفسها، لأن التقارير الهادئة لا تحقق الانتشار، بينما العناوين المثيرة تفعل. ما كان بسيطًا وواضحًا أصبح محاطًا بالتشويش. الشوفان الذي كان رمزًا للصحة، أصبح فجأة موضع جدل. القهوة التي وُصفت يومًا بأنها ضارة، أصبحت تُعرف بـ 'إكسير الحياة'، ثم عادت إلى دائرة الاتهام بتأثيرها السلبي على النوم والجهاز العصبي. هذه الفوضى لا تعزز الوعي الصحي، بل تخلق حالة من القلق والارتباك.
أصبح بعض الأشخاص مهووسين بما يسمى 'الأكل النظيف' (Orthorexia Nervosa)، فيتجنبون أطعمة طبيعية خوفًا من منشور مجهول المصدر. آخرون فقدوا الثقة تمامًا، مقتنعين بأن 'كل شيء متناقض، ولا شيء مؤكد'، هذه الفوضى لا تؤثر فقط على اختياراتنا الغذائية، بل على علاقتنا بالطعام ذاته، حيث لم نعد نأكل بدافع الجوع، بل خوفًا من اتخاذ قرار خاطئ. حتى عند محاولة البحث عن الحقيقة بأنفسنا، نجد أن محركات البحث تعيد ترتيب النتائج وفقًا لمعايير تجارية، ما يعزّز تأثير الضوضاء الإعلامية. دراسة أجرتها جامعة ستانفورد عام 2024 أظهرت أن العناوين التي تثير المشاعر السلبية، مثل الخوف أو الغضب، تنتشر بنسبة 60 % أكثر من المحتوى العلمي الرصين، ما يساهم في تضليل الجمهور بدلًا من تثقيفه.
الحل ليس في تجاهل كل ما يُقال، بل في تعزيز التفكير النقدي واستعادة السيطرة على ما نستهلكه من معلومات. عندما ترى عنوانًا مثل 'هذا الطعام يدمر صحتك!'، توقف واسأل نفسك: من هو المصدر؟ هل هناك دراسة علمية تدعمه؟ هل تم تقديم النتائج في سياقها الصحيح؟ استعادة وعينا النقدي السبيل الوحيد للخروج من دوامة التشويش الإعلامي. علينا أن نكون أكثر وعيًا بما نستهلكه من معلومات، تمامًا كما نهتم بما نأكله. لنتخذ قراراتنا الغذائية بناءً على المعرفة والفهم، لا على الخوف والتلاعب العاطفي. الطعام ليس مجرد وجبة نأكلها، بل خيار يعكس وعينا وثقتنا في قدرتنا على التمييز بين الحقيقة والتضليل.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أخطاء ديكور تفسد جمال المنزل هذا الصيف
أخطاء ديكور تفسد جمال المنزل هذا الصيف

CNN عربية

timeمنذ 9 دقائق

  • CNN عربية

أخطاء ديكور تفسد جمال المنزل هذا الصيف

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- مع بداية فصل الصيف، يتّجه الكثيرون إلى تجديد ديكور المنزل بحثًا عن أجواء منعشة ومشرقة تتماشى مع حرارة الموسم وروحه الحيوية، لكن قد يسبب التغيير الموسمي في وقوعهم بالكثير من الأخطاء. قال مصمم الديكور اللبناني مارك الدادا في حديث لموقع CNN بالعربية إن الكثير من الأشخاص يقعون في فخ المبالغة عند تزيين منزلهم لفصل الصيف، الأمر الذي قد يُفقد المساحة طابعها المنعش والبسيط. يعود ذلك برأيه إلى أسباب عدّة أبرزها الإفراط في استخدام العناصر الزخرفية خلال فصل الصيف، حيث أن إدخال عدد كبير من الإكسسوارات قد يجعل المساحة تبدو مزدحمة وفوضوية بدلًا من أن تكون مريحة ومنعشة. كما يلفت الانتباه إلى خطأ شائع آخر يتمثل في تجاهل التناسب بين حجم الأثاث ومساحة الغرفة، حيث أن اختيار قطع كبيرة الحجم في أماكن صغيرة يؤدي إلى الشعور بالازدحام، ويُفقد المساحة تنفسها البصري. A post shared by D A D A Design & Architecture (@dada_design_architecture)أما السبب الذي يجعل بعض ديكورات الصيف تبدو خانقة أو ثقيلة على العين بدلًا من أن توحي بالانتعاش، فقد أوضح الدادا أن الأمر يكمن بأهمية اختيار الألوان بدقة، حيث أن اختيار درجات داكنة أو مشبعة بشكل مفرط قد يصنع جوًا خانقًا لا يتماشى مع روح الصيف. وأضاف أن استخدام عدد كبير من النقشات والخامات من دون وجود تناغم بينها يُحدث فوضى بصرية تضعف الانسجام العام. كما أن الاعتماد على قطع أثاث ضخمة وثقيلة يثقل المكان ويمنع الإحساس بالخفة والرحابة التي يجب أن تميز ديكور الصيف. وينصح مصمم الديكور اللبناني بالابتعاد عن بعض الاتجاهات الصيفية القديمة التي لم تعد تناسب الذوق المعاصر مثل التي تعتمد على الطابع المباشر والمبالغ فيه، مثل العناصر الزخرفية التي تُمثّل رموز الصيف بشكل صريح كالفلامنغو البلاستيكي، والتي قد تبدو مبتذلة أو طفولية، أو وضع الأزهار والنباتات الاصطناعية التي تعجز عن نقل الحيوية والانتعاش كما تفعل النباتات الطبيعية. A post shared by D A D A Design & Architecture (@dada_design_architecture)عند الانتقال من ديكور الربيع إلى الصيف، حذّر الدادا من خطأ شائع يتمثل بالإبقاء على الأقمشة الثقيلة التي تلائم الطقس البارد، في حين أن فصل الصيف يتطلب خامات خفيفة ومنعشة مثل الكتان والقطن. أشار مصمم الديكور اللبناني إلى أن هناك ضرورة لعدم إهمال المساحات الخارجية، حيث تشكل الشرفات والحدائق امتدادًا مهمًا للأجواء الصيفية في المنزل، ويجب أن تنال الاهتمام ذاته الذي يُمنح للمساحات الداخلية. أما عن التعديلات السريعة التي يمكن أن تمنح المنزل طابعًا صيفيًا مبهجًا، فينصح الدادا باستخدام أقمشة خفيفة الوزن للستائر والمفروشات، ما يسمح بدخول الضوء الطبيعي ويعزز الإحساس بالخفة. كما يشجّع على إدخال الزهور الطبيعية والنباتات المنزلية. يمكن أيضًا إدخال بعض الإكسسوارات الملوّنة مثل المزهريات أو اللوحات الفنية التي تعكس أجواء الصيف، إلى جانب اعتماد ألوان جدران ناعمة وفاتحة تعكس الضوء وتوسّع بصريًا المساحات. A post shared by D A D A Design & Architecture (@dada_design_architecture) وعن أبرز ألوان وخامات صيف 2025، لفت الدادا إلى أن الباستيل الناعم، ودرجات الأزرق البحري، والألوان الحيادية الدافئة ستكون في الطليعة، مع لمسات مشرقة من الأصفر، والكورال لإضافة الطاقة إلى المكان. أما من حيث الخامات، فإن الألياف الطبيعية مثل الخيزران ستسيطر على المشهد، إلى جانب الأقمشة الخفيفة مثل الكتان، والقطن التي تمنح الراحة والبساطة في آنٍ واحد. كما يجب الاستفادة من الضوء الطبيعي في الديكور الصيفي، وذلك من خلال استخدام ستائر شفافة تسمح بدخول الضوء مع الحفاظ على الخصوصية، واستخدام المرايا بطريقة استراتيجية لعكس الإضاءة الطبيعية داخل المساحات، مما يضفي إحساسًا بالاتساع .

وزير التموين يشدد على تطوير مطاحن شمال القاهرة ورفع كفاءتها
وزير التموين يشدد على تطوير مطاحن شمال القاهرة ورفع كفاءتها

البوابة

timeمنذ 10 دقائق

  • البوابة

وزير التموين يشدد على تطوير مطاحن شمال القاهرة ورفع كفاءتها

عقد الدكتور شريف فاروق، وزير التموين والتجارة الداخلية، اجتماع مع قيادات شركة مطاحن ومخابز شمال القاهرة. يهدف الاجتماع إلى رصد مستجدات خطة التطوير وتحسين كفاءة التشغيل، وذلك في إطار استراتيجية الوزارة لتعزيز الأداء المؤسسي وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين. شهد الاجتماع حضور عدد من الشخصيات البارزة، منها اللواء وليد أبو المجد نائب وزير التموين، والدكتور علاء ناجي الرئيس التنفيذي للشركة القابضة للصناعات الغذائية. استعراض الأداء والتحديات تناول الاجتماع مناقشة مؤشرات الأداء الحالية للشركة، وموقف تنفيذ خطة التطوير الشاملة. كما تم التطرق إلى التحديات التي يواجهها قطاع المطاحن، وسبل تعظيم الاستفادة من الطاقات الإنتاجية المتاحة، ورفع كفاءة التشغيل لتحقيق أعلى معدلات الجودة والانضباط المؤسسي. أكد الدكتور شريف فاروق خلال الاجتماع دعمه الكامل لجميع الجهود المبذولة في تطوير قطاع المطاحن، معتبرا إياه أحد الأركان الأساسية لمنظومة الأمن الغذائي. وأبرز أهمية الالتزام بالمعايير الفنية والإدارية لتحسين سلاسل الإمداد وتحقيق الاستدامة في تقديم الخدمة للمواطنين. أنشطة الشركة الحالية من جانبه، استعرض الدكتور أحمد العيسوي، الرئيس التنفيذي للشركة، أبرز الأنشطة التي يتم تنفيذها حاليا، بما في ذلك: نشاط الطحن وإنتاج الدقيق، صناعة المكرونة، مراكز التعبئة والتغليف، إنتاج الخبز، خدمات النقل والتخزين، أنشطة التدريب ورفع كفاءة العاملين، مشروعات الاستثمار العقاري، ونشاط منافذ البيع بالتجزئة. تعزيز الاستدامة والكفاءة التشغيلية أكدت الشركة أنها تسعى إلى تنويع مصادر الدخل وتعظيم العائد من الأصول غير المستغلة، مع استمرار تنفيذ مشروعات التطوير والتحول الرقمي. يأتي ذلك في إطار تعزيز الحوكمة وتحقيق الكفاءة التشغيلية تماشيا مع توجهات الدولة.

جهاد الحرازين: مشهد بكاء السفير الفلسطيني صرخة في وجه الصمت الدولي
جهاد الحرازين: مشهد بكاء السفير الفلسطيني صرخة في وجه الصمت الدولي

البوابة

timeمنذ 10 دقائق

  • البوابة

جهاد الحرازين: مشهد بكاء السفير الفلسطيني صرخة في وجه الصمت الدولي

علّق الدكتور جهاد الحرازين ، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، على مشهد بكاء السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة، رياض منصور ، تأثّرًا بما يعانيه قطاع غزة، مؤكدًا أن "هذه لم تكن مجرد لحظة عاطفية، بل هي تعبير عن وجع شعب بأكمله، وعن ضمير إنساني صادق". دموع تكشف قهر الفلسطينيين وأضاف الحرازين، في مداخلة لقناة "إكستر نيوز"، أن "لحظة بكاء السفير منصور هي لحظة إنسانية صادقة خرجت من قلب مكلوم يرى أبناء شعبه يُقتلون ويُجوعون دون أن يتحرك العالم لوقف هذه المأساة". صرخة في وجه الصمت العالمي وشدد على أن "دموع السفير الفلسطيني ليست مجرد تعبير عاطفي، بل هي صرخة في وجه الصمت الدولي ، وهي دموع تحرق الوجه وتكشف عن حجم الألم والقهر الذي يعيشه الفلسطينيون". من لا يتأثر بمأساة غزة ليس إنسانًا وتابع، "من لا يتأثر بما يحدث في غزة، من مشاهد حرق الأطفال وتجويعهم، ليس إنسانًا ، ولا يمتلك أي ضمير حي، وما يحدث جريمة مكتملة الأركان تُرتكب بحق شعب أعزل، ويُقابل ذلك بصمت مريب من العالم". مشهد سيسجله التاريخ كصرخة ضمير عالمي واوضح الدكتور الحرازين أنه بالتأكيد على أن "هذا المشهد سيسجله التاريخ، ليس فقط كبكاء دبلوماسي ، بل كصرخة ضمير عالمي يجب أن توقظ المجتمع الدولي من سكوته ".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store