أحدث الأخبار مع #Unherd


الميادين
١٧-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- الميادين
"Unherd": الصين مستعدّة للمعركة... ترامب قد يخسر اللعبة
موقع "Unherd" البريطاني ينشر مقالاً يتناول فيه الحرب التجارية التي شنّها ترامب على عشرات الدول حول العالم، وأبرزها الصين، مستعرضاً تداعيات التعرفات الجمركية على الولايات المتحدة نفسها، مشيراً إلى أنّ الاقتصاد والشعب الصينيين مستعدان للحرب، فيما الاقتصاد والشعب الأميركي على عكس ذلك. أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية بتصرف: تفاخر دونالد ترامب بأنّ قادة العالم كادوا يُقبّلون يديه وهم يسارعون إلى التفاوض على صفقات تعرفة جمركية مع الولايات المتحدة. وخلال حفل عشاء لجمع التبرّعات في الأسبوع الماضي في واشنطن، سخِر الرئيس من المتملّقين المزعومين: "من فضلك سيدي، سأفعل أيّ شيء مقابل عقد صفقة". ولم يوضح ترامب من يقصد بالضبط أو لمن كان يشير، لكنّ، دولة واحدة على الأقلّ لم تكن معنية بذلك، هي الصين التي ردّت على إعلان واشنطن الحرب التجارية، بتحدٍّ: "هاتوا ما عندكم". في الأسبوع الماضي علّق ترامب التعرفات الجمركية التي تزيد على 10% لمدّة 90 يوماً، باستثناء الصين، التي بدأ معها الرئيس لعبة محفوفة بالمخاطر. فبعد أن فرضت إدارته رسوماً إضافية بنسبة 34% زيادة على ما كانت فرضته من تصعيد التعرفات الجمركية على الصين، ردّت بكين بالمثل، ورفعت تعرفاتها بوجه ترامب بزيادة 34% وطبّقت النسبة ذاتها. وحتّى مع تعليق التعرفات الجمركية مؤقتاً لبقية دول العالم، أعلن ترامب أنّه سيرفعها على الصين لتصل إلى نسبة 125%. انتعشت الأسواق استجابة لتعليق التعرفات لمدّة 90 يوماً، ولكن خلال 4 أيام عقب "يوم التحرير" أي زيادة التعرفات الترامبية، شهد الأميركيون تبخّر أكثر من 6 تريليونات دولار من ثرواتهم في سوق الأسهم، وما زالوا يتكبّدون الخسائر، حيث ارتفعت أسعار الفائدة مع تخلّي المستثمرين عن سندات الخزانة الأميركية التي لم يعودوا يعتبرونها آمنة، وانخفضت القوّة الشرائية لدولاراتهم مع سحب الأجانب استثماراتهم وعودتهم إلى بلادهم. إذا كانت هذه هي نتيجة ما يسمّى "فخّ ثوسيديديس"، وهي الفكرة القائلة بأنّ الإمبراطورية المتراجعة ينتهي بها المطاف في حرب مع إمبراطورية صاعدة، خاصّة وأنّ رهان المستثمرين المبكّر هو ضدّ الانتصار الأميركي في هذه المواجهة، وربّما اضطرّ ترامب، على مضض للاعتراف بهذا الواقع. لا يعني هذا أنّ طرفاً ما سيستفيد من الحرب التجارية. لكن إذا استأنف ترامب التعرفات الجمركية العدوانية، فالمعاناة ستصيب الاقتصاد العالمي بأسره، حيث تشير التقديرات إلى أنّ الانخفاض التراكمي في النموّ الاقتصادي في العالم كلّه في السنوات المقبلة قد يرتفع إلى ما يزيد على 2%. وعلى المدى القصير، فإنّ الاقتصادات الأصغر التي تعتمد بشكل كبير على التجارة مع الولايات المتحدة مثل المكسيك وكندا وفيتنام، وليسوتو الدولة المنسية في جنوب أفريقيا، ستكون الأكثر تضرّراً، ولكنّ معظم دول العالم ستخرج من هذه الأزمة بسوء لا بدّ منه، كما يقول المثل الأفريقي القديم، "عندما يتقاتل فيلان، فإنّ العشب وحده هو الذي يعاني". ولكن بمجرّد أن ينقشع غبار المعركة قد تكون الرابحة نسبيّاً هي الصين، التي قد تنتعش أكثر من منافستها، لأنّ ترامب استسلم للعيب القاتل الذي يعانيه العديد من الإمبراطوريات وهي الغطرسة، حيث أفرط في تقدير قوّته وأساء تقدير قوّة خصمه. وفي ظلّ هذا التفكير المتعجرف، أطلق ترامب حربه التجارية من دون استراتيجية واضحة، مفترضاً على الأرجح أنّ الجميع سيستسلمون بسرعة. كذلك، كانت غاية ترامب النهائية ليست أكثر من مجرّد هدف غامض، في منع العالم من "سرقة الولايات المتحدة أو نهبها". لكن مهما كان مقياس ترامب، فإنّ هذا التوجّه لن يدع أميركا مستعدّة لنزاع تجاري قد يطول مع الصين، حيث يمكن أن تكون في وضع غير مؤات. ومن خلال فتح بضع مئات من جبهات الحروب التجارية دفعة واحدة، عرّض ترامب أكثر من عُشر الاقتصاد الأميركي للخطر. وبقيامه بذلك، فقد صنع أعداءً في كلّ مكان، بمقابل تركيز الصين حواجزها التجارية الجديدة على الولايات المتحدة فقط، والتي تمثّل نحو 2.5% من ناتجها المحلي الإجمالي، أو ما يقرب من 4%، إذا ما أدرجنا الدول "الوسيطة" مثل فيتنام. وبمعنى آخر، وبعد أن أعلنت أنّها "ستقاتل حتّى النهاية إذا كان الجانب الأميركي عازماً على السير في الطريق الخطأ"، فإنّ بكين مستعدّة لتحمّل الضربة، وهي بلا جدال على يقين من أنّها تتحمّل مخاطرة اقتصادية أصغر بكثير من تلك التي تتحمّلها الولايات المتحدة. براعة الصين تقوم على استراتيجية واضحة، على عكس الولايات المتحدة، وهدفها هو الحفاظ على نظام تجاري عالمي مفتوح يخدمها جيداً كسوق لتطوير صناعات التصدير عالية القيمة التي تعتقد أنّها ستحدّد مستقبل البلاد. مثل الطاقة المتجدّدة، والمركبات الكهربائية، والروبوتات، والذكاء الاصطناعي. كما أنّ الصين ستستغلّ ببهجة علاقات الولايات المتحدة المتوتّرة حديثا مع الدول الأخرى، وتقدّم نفسها كضامن جديد لنظام التجارة العالمي الذي تخلّت عنه الولايات المتحدة، وتضمن أسواقاً متنامية في العالم مع الدول الصاعدة وإدارة علاقات ناجحة مع أوروبا كذلك. 16 نيسان 13:46 16 نيسان 11:42 كلّ هذا يجعل من الصين، تتمتّع بتفوّق على الولايات المتحدة في القوّة السياسية والاقتصادية. قد تبدو هذه النتيجة مستهجنة، لأنّ الاقتصاد الأميركي أكبر من نظيره الصيني، ودخل الفرد فيه أعلى بكثير، وأقلّ تأثّراً بالتجارة مع الصين من الفرد الصيني، لكن، هذه الحسابات المبسّطة مضلّلة، لأنّ المسألة لا تقتصر على مقدار العقوبة التي يمكن لكلّ دولة فرضها، بل على مقدار الألم الذي يمكنها أن تتحمّله. في حين أنّ القيادة الصينية تستطيع تبرير مواقفها أمام مواطنيها بأنّها لم تكن وراء هذه الحرب، فمن غير المرجّح أن يحتفل المواطن الأميركي الذي ترتفع تكاليف معيشته بشدة، لمجرّد أنّ شخصاً ما في الصين يعاني وضعاً أسوأ. بينما من الناحية السياسية، لم تهيّئ الإدارة الأميركية الأمّة لأكثر من أنّ المرحلة ستكون مناوشات قصيرة الأمد، في ظلّ تفاخر ترامب بأنّ الحروب التجارية سهلة الفوز. لقد جاء الرئيس إلى منصبه بناءً على تعهّده بخفض التضخّم وتعزيز الاقتصاد، والآن، أدّى الانهيار المالي إلى انخفاض في شعبيته. كما أنّ الإصرار على أنّ الألم سيكون قصير المدى لتحقيق مكاسب طويلة الأجل، لن يساعد قضية ترامب كثيراً. وقد يحافظ الرئيس على قاعدته الشعبية حالياً، لكنّ الناخبين المتأرجحين بدأوا بالتخلي عن "الجمهوريين"، كما أظهرت الانتخابات الخاصّة الأخيرة. وكلّما طال أمد هذا الصراع ساءت الأمور، بحسب ما قال المستشار التجاري لترامب بيتر نافارو هذا الأسبوع، إنّ سوق الأسهم "قد وصل إلى أدنى مستوياته، وإنّ متوسط داو جونز الصناعي سيصل قريباً إلى 50 ألفاً"، وإذا استمر في الهبوط بدلاً من ذلك، أو إذا خرج التضخم عن السيطرة، فإنّ المعاملة الناعمة للإدارة من قبل المصفّقين اليمينيين قد تتلاشى قريباً. وقد قدرّت إحدى الدراسات أنّ حرب الرسوم الجمركية الأوسع نطاقاً من شأنها أن تخفّض النمو الاقتصادي الأميركي بنسبة 2% تقريباً، وترفع الأسعار بنسبة تصل إلى 7%. وخلافاً للقيادة الصينية، تواجه الولايات المتّحدة انتخابات التجديد النصفي في العام المقبل، وبينما تستمرّ أسعار المواد الغذائية في الارتفاع، فقد يخسر ترامب مؤيّديه. وفي الوقت نفسه، تمتلك الصين الكثير ممّا يمكن تسميته بالعمق الاستراتيجي الاقتصادي، مثلاً تعيش الصين في مستوى أقلّ من إمكانياتها، وتخفّض الأجور للحفاظ على تنافسية أسعار الصادرات، بينما تعيش الولايات المتحدة فوق إمكانياتها. وفي مواجهة خسارة الأسواق الخارجية، تقوم القيادة الصينية الآن بإعادة توجيه الاقتصاد نحو الاستهلاك المحلّي للحدّ من الركود، ما سيقلّل من تأثير الحرب التجارية على المواطنين العاديين، ومن ثم لديها الكثير من القدرة على تعويض خسائرها من المبيعات للأسواق الأميركية. على عكس الولايات المتحدة، لقد كانت الصين على استعداد تامّ للردّ. على سبيل المثال، لا يزال بإمكانها تقييد صادرات المعادن الأساسية إلى الولايات المتحدة أو استهداف الشركات الأميركية متعدّدة الجنسيات التي تعمل في الصين. ومع ارتفاع معدّل الادّخار المحلّي، تتمتّع بكين بمساحة مالية واسعة لتخفيف وطأة حرب طويلة الأمد. في المقابل، تعتمد الولايات المتحدة في تمويل عجزها على الدائنين الذين، بالنظر إلى انخفاض أسعار السندات الأميركية هذا الأسبوع، بدأ صبرهم ينفد تجاه سياسات ترامب. كما أنّه ينبغي أن لا نستغرب نبرة بكين المتحدّية والحازمة. فقبل إعلان ترامب عن فرض رسوم جمركية بنسبة 125%، كانت الصين قد ردّت على رفع ترامب السابق للرسوم الجمركية بالمثل، تاركة الصادرات الأميركية إلى الصين تواجه رسوماً جمركية بنسبة 84%. وبينما تخوض القيادة الأميركية حرباً مع نفسها، حيث يصف إيلون ماسك نافارو، المشتبه به في وضع جدول الرسوم، علناً بأنّه "أحمق" و"أغبى من كيس من الطوب"، ومع إعلان عدد من أعضاء الإدارة علناً عدم مسؤوليتهم عن هذه السياسة، لا تزال القيادة الصينية موحّدة. وبينما يطالب الرؤساء التنفيذيون ومديرو الصناديق في الولايات المتحدة بتغيير الاتّجاه الذي تقوم به إدارة ترامب، فإنّ الشركات الصينية الكبرى تخبر المتعاملين أنّه يجب أن يكونوا قادرين على إدارة التحدّي. في حين من المتوقّع أن ترتفع فواتير البقالة في الولايات المتحدة، يقول منتجو الأغذية الصينيون إنّه يجب أن يكونوا قادرين على إبقاء ارتفاع الأسعار محدوداً. ولا يزال مؤشّر الثقة عند كبار الاقتصاديين الصينيين إيجابياً، والحكومة تدعم أسعار الأسهم، وتحسّن حركة وحجم السيولة في النظام المصرفي، ومن المتوقّع أن يكون قطاع الطاقة الجديد سريع النموّ بِمنأى إلى حدّ كبير عن تأثير الضربة الأميركية. هذا ليس مفاجئاً، نظراً لأنّ جُزءاً كبيراً من سوق تصدير الصين لمنتجات هذا القطاع يقع في العالم النامي، وبينما انخفض سعر سهم "تيسلا" بمقدار النصف، ارتفع سعر سهم منافستها الصينية "بي واي دي" بنسبة 20% هذا العام. لا شكّ في أنّ هناك جانباً من المبالغة في الخطاب الصيني الحازم. لكنّ جميع الدلائل تشير إلى أنّ البلاد مستعدة لهذه المعركة، يبقى أن نرى إذا ما كان تعليق ترامب للتعرفات لمدّة 90 يوماً بمنزلة وقف لإطلاق النار مؤقّت أم أنّه استسلام. نقله إلى العربية: حسين قطايا.


الميادين
١٩-٠٢-٢٠٢٥
- أعمال
- الميادين
استطلاع: شعبية ترامب تتراجع مع قلق الأميركيين بشأن الاقتصاد
أظهر استطلاع للرأي أجرته وكالة "رويترز"- إبسوس، أنّ شعبية الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، انخفضت قليلاً في الأيام الأخيرة مع قلق المزيد من الأميركيين بشأن اتجاه الاقتصاد الأميركي. وأظهر الاستطلاع أنّ 44% من المشاركين يوافقون على أداء ترامب كرئيس، بانخفاض عن 45% في استطلاع أجرته (رويترز/إبسوس) في الفترة من 24 إلى 26 كانون الثاني/يناير الماضي. وبلغت نسبة تأييد ترامب 47% في استطلاع أُجري في الفترة من 20 إلى 21 كانون الثاني/يناير في الساعات التي أعقبت عودة الرئيس الجمهوري (ترامب) إلى البيت الأبيض. 15 كانون الثاني 31 كانون الأول 2024 وارتفعت نسبة الأميركيين الذين لا يوافقون على رئاسته بشكل كبير، إلى 51% في أحدث استطلاع للرأي، مقارنةً بـ 41% بعد توليه منصبه مباشرة. ويحظى ترامب بنسبة موافقة مرتفعة نسبياً على سياسته في التعامل مع الهجرة. ولكّن نسبة الأميركيين الذين يعتقدون أنّ الاقتصاد يسير على المسار الخطأ، ارتفعت إلى 53% في أحدث استطلاع للرأي من 43% في استطلاع أًجري في الفترة من 24 إلى 26 كانون الثاني/يناير الماضي. كما انخفضت نسبة الموافقة العامة على إدارة ترامب للاقتصاد إلى 39% من 43% في الاستطلاع السابق. وكان موقع "Unherd" البريطاني نشر مقالاً للكاتب الألماني فولفغانغ مونشاو، تحدّث فيه عن تأثير سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاقتصادية على هيمنة الدولار وقيمته. وقال الكاتب إنّ سياسات ترامب والرسوم الجمركية التي فرضها قد تقتل الدولار، وإلى تأكّل طويل الأمد ليس للقوة العالمية لأميركا، بل لقدرتها على استخدام الإكراه الاقتصادي لجعل بقية العالم يمتثل لأولوياتها.


الميادين
١٠-٠٢-٢٠٢٥
- أعمال
- الميادين
"Unherd": نهاية الهيمنة الأميركية.. الرسوم الجمركية قد تقتل الدولار
موقع "Unherd" البريطاني ينشر مقالاً للكاتب الألماني فولفغانغ مونشاو، يتحدّث فيه عن تأثير سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاقتصادية على هيمنة الدولار وقيمته. أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية: كان فاليري جيسكار ديستان، الرئيس الفرنسي السابق، هو من صاغ تعبير "الامتياز الباهظ" في ستينيات القرن العشرين. وكان وزير مالية فرنسا آنذاك يشير إلى قوة الدولار الأميركي باعتباره العملة الاحتياطية العالمية، وهو ما يمنح الولايات المتحدة هيمنتها الاقتصادية الحالية. وتمتد هذه القوة إلى ما هو أبعد من ضفاف أميركا، وحتى ضفاف أقرب حلفائها. ولا تكتسب هذه القوة من خلال كونها كبيرة أو غنية أو ناجحة. ولا علاقة لها بالزعامة التكنولوجية، أو حجم جيشها، بل إنها مرتبطة بشكل مباشر بدور الدولار في النظام المالي العالمي. تتلخّص الهيمنة الاقتصادية في قدرتك على استخدام قوتك الاقتصادية وعملتك ونظامك المالي لفرض إرادتك على الآخرين، أي الإكراه في الأساس. على سبيل المثال، يخاطر أي بنك لا يزال يتعامل مع روسيا بالانقطاع عن أسواق الدولار الأميركي. ونظراً لأهمية الدولار في النظام المالي العالمي، لا تُمنح البلدان أيّ خيار سوى الامتثال للسياسات الأميركية. وعلى هذا فإنّ العديد من خبراء الاقتصاد متفائلون بشأن مستقبل الهيمنة الاقتصادية العالمية للولايات المتحدة. ولكنني لا أتفق معهم. فأنا أعتقد أنّ السياسة الاقتصادية التي ينتهجها ترامب سوف تؤدي إلى تضاؤل الامتياز الباهظ الذي تتمتع به أميركا. لقد ذكر بين برنانكي، محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي السابق، ذات مرة أربع خدمات يقدّمها الدولار للاقتصاد العالمي: استقرار القيمة، والسيولة، والأمان، ودور الولايات المتحدة كمقرض والملاذ الأخير. وكان برنانكي نفسه فعّالاً في دعم الاقتصاد العالمي أثناء الأزمة المالية العالمية، وبالتالي دعم امتيازه الباهظ. ويتذكّر برنانكي بعد ما يقرب من عقد من الزمان منذ اندلاع الأزمة: "لقد عمل بنك الاحتياطي الفيدرالي كمزوّد احتياطي للدولارات أثناء الأزمة المالية من خلال تأسيس مقايضات العملات مع أربعة عشر بنكاً مركزياً، بما في ذلك أربعة في الأسواق الناشئة". لم يتولَّ الدولار الأميركي دوره كعملة عالمية رائدة إلّا بعد الحرب العالمية الثانية، باعتباره مرساة لنظام "بريتون وودز" المالي الذي أُنشئ في عام 1944. وكان الاتفاق يقضي بأن يعتمد بقية العالم أسعار صرف ثابتة مقابل الدولار، الذي كان مربوطاً بالذهب. وبدأ النظام يتفكّك في الستينيات، وجاء موته على مراحل. ففي عام 1971، أنهى ريتشارد نيكسون قابلية تحويل الدولار إلى ذهب. وفي عام 1973، أُلغيت أسعار الصرف الثابتة. وانتهى نظام "بريتون وودز" رسمياً في عام 1976. عند هذه النقطة، انتقل العالم إلى أسعار الصرف المرنة. وتبيّن أنّ هذا لم يؤدِّ إلّا إلى تعزيز الهيمنة الاقتصادية الأميركية. وكان ذلك قائماً على ميثاق "فاوستي" بين البلدان التي تعتمد على الصادرات، مثل الصين وألمانيا، والولايات المتحدة التي كانت على استعداد لامتصاص العجز. وعلى سبيل المثال، إذا باعت الصين المزيد من أجهزة الفيديو للولايات المتحدة، وباعت ألمانيا المزيد من السيارات، فإنّ كلّاً منهما ينتهي به الأمر إلى كسب الدولارات التي يستثمرونها بعد ذلك في الولايات المتحدة. والعجز التجاري الأسطوري في أميركا، الذي يكرهه ترامب بشدة، مرتبط بشكل مباشر بهذه التدفّقات من الدولارات في النظام المالي. 7 شباط 12:54 7 شباط 12:10 كانت هذه الاختلالات في التجارة والادخار بمثابة محرّكات العولمة. ويحب خبراء الاقتصاد الكلي، وخبراء الاقتصاد التجاري بشكل خاص، هذه الأشياء لأنها تتوافق مع أيديولوجية أساسية تقول إنّ التجارة العالمية الحرّة مفيدة للجميع، في كلّ وقت وفي كلّ مكان. ولكنّ العيب الكبير هو أنّها تفيد بعض الناس أكثر من غيرهم. وفي النهاية، قرّر الناخبون، وصوّتوا لصالح ترامب وسياساته التجارية، ولم يستمعوا إلى خبراء الاقتصاد، بل تدخّلت السياسة. كما تدخّلت الجغرافيا السياسية. فخلال عصر العولمة المتفشّية، جعلت ألمانيا نفسها تعتمد على الغاز الرخيص من روسيا، وعلى الصادرات من الصين، وعلى الدفاع من الولايات المتحدة. لقد أدّى هذا التفتّت إلى تدمير النموذج الاقتصادي الألماني، الذي كان يعتمد تقليدياً على الصناعة، مما جعله غير متوازن وعرضة للخطر بشكل كبير. وقد تأتي تغييرات أكبر قريباً. لقد أعطتنا رئاسة ترامب الأولى إشارة إلى أنّ عصر العولمة العالمية الواحدة يقترب من نهايته. ولكن في ذلك الوقت، لم يكن مركّزاً كما يبدو الآن، وإذا نجح في القضاء على العجز التجاري الثنائي الكبير لأميركا، ضد المكسيك وكندا والصين والاتحاد الأوروبي، فقد تتغيّر ديناميكيات التجارة العالمية والتمويل بشكل أساسي. وبما أنّ البلدان التي اعتمدت كثيراً على قدرتها على التصدير إلى الولايات المتحدة مضطرة إلى زيادة التجارة مع بعضها البعض، فسوف تكون هناك حاجة أقلّ لاستخدام الدولار في المعاملات الدولية، وبالتالي، من المحتّم أن يتراجع الامتياز الباهظ. إنّ الامتيازات تتراجع أيضاً كلما مارست المزيد من القوة. فبعد غزو روسيا لأوكرانيا، قامت الولايات المتحدة وحكومات الاتحاد الأوروبي بتجميد الأصول الاحتياطية الروسية المستثمرة هناك. والآن بدأ المستثمرون الأجانب يتساءلون عما إذا كانت أموالهم الأميركية المستثمرة في أوكرانيا لا تزال آمنة. ومن المؤكّد أنّ ادّعاء برنانكي بأنّ الدولار يقدّم خدمة "الأمان" و"السيولة" لا يتوافق مع تجربة روسيا، ولن يتمّ الاحتفاظ بأموالها في أميركا وأوروبا عندما تنتهي الحرب. وفي الوقت نفسه، تراقب البلدان التي لم تتخذ أيّ موقف العقوبات الغربية بقلق. فقد بدأت الصين، على سبيل المثال، في الحدّ من تعاملها مع الأسواق الأميركية. إنّ الاضطرابات كلّها معقّدة بسبب التناقض الداخلي في السياسات الاقتصادية لترامب: فهو يريد سدّ العجز التجاري، ولكنه يريد أيضاً أن يظلّ الدولار الأميركي العملة الأكثر أهمية. ويتولّى سكوت بيسنت، وزير الخزانة في إدارة ترامب، إدارة هذه الأهداف المتضاربة، وربما تكون أصعب وظيفة في إدارة ترامب الآن. كان بيسنت مستثمراً لامعاً، وأحد العقول المدبّرة وراء الرهان المذهل الذي قام به جورج سوروس ضد بنك إنكلترا في عام 1992، والذي انتهى بخروج الجنيه الإسترليني من آلية سعر الصرف الأوروبية. ولكن حتى هو سوف يكافح من أجل تحقيق الأهداف المتضاربة منطقياً التي حدّدها ترامب لسياساته الاقتصادية: خفض العجز التجاري الأميركي، فضلاً عن عجز الميزانية، وعودة الاقتصاد إلى وضع أكثر توازناً، من دون إنهاء دور الدولار كعملة عالمية رائدة. هذه التحوّلات تستغرق وقتاً. ولكنها سوف تضع الكرة في الدوران. وهناك مشكلة أخرى. فالتكنولوجيا تغيّر الموارد. وربما لا يكون المنافس المستقبلي الأكثر ترجيحاً للدولار كعملة معاملات عالمية هو اليورو، أو الرنمينبي، أو أيّ عملة ورقية أخرى. بل قد يكون البيتكوين. كما أنّ إدارة ترامب مشغولة بتحرير صناعة التشفير لأنّ الرئيس أعلن أنه يريد أن تكون جميع عملات البيتكوين في الولايات المتحدة. إلا أنّ البيتكوين ليس مثل الأسهم أو السندات، وإضفاء الطابع الأميركي على هذه الفكرة لن يكون أكثر جدوى من محاولة إدخال شبكة الإنترنت بالكامل إلى قريتك. إنّ التناقض في أهداف السياسة الاقتصادية التي ينتهجها ترامب لا يمرّ من دون أن يلاحظه أحد. فبعض المستثمرين الأذكياء الذين أعرفهم يستثمرون حالياً قدراً كبيراً من ثرواتهم في الذهب والبيتكوين. ومثلي، فإنهم يشكّكون في قدرة الغرب على السيطرة على التضخّم. ولست متأكّداً أيضاً من أنّ ترامب يهتم حقاً بالتضخّم بقدر ما تظاهر أثناء الحملة الانتخابية. ولكنني أعتقد أنّه جاد بشأن التعريفات الجمركية. وبالتالي فإنّ المستثمر الذكي سوف يدرك أنّ هذه الاستراتيجية ستكون إيجابية للغاية للاستثمارات البديلة مثل البيتكوين والذهب، وسيئة للغاية للاستثمارات التي تزدهر في بيئات مستقرة ومنخفضة التضخّم، مثل السندات الحكومية. ولكن كيف ستسير الأمور؟ أعتقد أنّ التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب سوف تأتي بنتائج، وسوف ينخفض العجز التجاري الأميركي، وسوف يحدث حجم متزايد من التجارة العالمية خارج الولايات المتحدة، وسوف يعاود الاتحاد الأوروبي الاتصال بحذر مع الصين. وسوف يظلّ الدولار العملة العالمية الرائدة لفترة من الوقت، بالتأكيد طيلة فترة رئاسة ترامب. ولكنه سوف يبدأ في فقدان هيمنته، وعند هذه النقطة سوف يتجه المزيد من الناس إلى البيتكوين. وسوف يكون البيتكوين بالنسبة للدولار مثل وسائل التواصل الاجتماعي بالنسبة لوسائل الإعلام التقليدية. ففي البداية كان موضع سخرية. ثم فجأة أصبح تهديداً وجودياً، ثم تصبح وسائل الإعلام التقليدية إرثاً ونظاماً قديماً. إنّ سياسات ترامب سوف تؤدي إلى تأكّل طويل الأمد ليس للقوة العالمية لأميركا، بل لقدرتها على استخدام الإكراه الاقتصادي لجعل بقية العالم يمتثل لأولوياتها. لقد كان الامتياز الباهظ الذي تتمتّع به أميركا مصحوباً بثمن، فقد قبل بقية العالم الزعامة العالمية للولايات المتحدة ليس من باب الاحترام، بل لأنها كانت صفقة جيدة للجميع تقريباً. ومع ترامب، لن يكون هذا هو الحال بعد الآن. وسوف يجد الأميركيون أنهم ما زالوا قادرين على العيش حياة مريحة من دون الامتياز الباهظ، ولكن السياسة الخارجية سوف تصبح أكثر صعوبة. نقلته إلى العربية: بتول دياب.