logo
#

أحدث الأخبار مع #antisocialbehaviors

ظاهرة تبادل الأزواج مرض أم أعراض المرض؟
ظاهرة تبادل الأزواج مرض أم أعراض المرض؟

الزمان

timeمنذ 12 ساعات

  • صحة
  • الزمان

ظاهرة تبادل الأزواج مرض أم أعراض المرض؟

ظاهرة تبادل الأزواج مرض أم أعراض المرض؟ – منقذ داغر اخبرني احد القضاة السابقين ممن اثق بكلامهم ان احد المسؤولين عن التحقيق في فضيحة تبادل الازواج التي هزت البصرة والعراق مؤخراً روى وقائع مخجلة عن ممارسات شاذة قام بها المتهمون بهذه الواقعة، وهي بعيدة كل البعد عن عادات وضوابط المجتمع العراقي.وان المتورطين فيها هم عدد ليس قليل وجميعهم يحملون مؤهلات دراسية ومالية جيدة تجعلنا نستغرب قيامهم بمثل هذه الممارسات التي وُثقت صورة وصوت. كمهتم بالمجتمع العراقي عدتُ الى الادبيات العلمية التي تناولت هذه الظاهرة المشخصة في مجتمعات اخرى تحت عنوان التبادل او التأرجح Swinging. هناك اكثر من شكل لهذه الظاهرة اكثرها خطورةً ومنافاةً للعرف الاجتماعي والقيم الدينية التي نؤمن بها في مجتمعاتنا هي تبادل الازواج لاغراض جنسية. وهذا هو ما حصل تماماً في هذه القضية في البصرة. على الرغم من وجود عدة اسباب نفسية شخصية ،ومجتمعية أيضاً تدفع نحو هذه الظاهرة الا اني سأركز على الاسباب الاجتماعية بحكم دراساتي السابقة عن المجتمع العراقي. تعد ظاهرة تبادل الازواج احد مظاهر السلوك اللا اجتماعي antisocial behaviors الذي يخرق الضوابط والمعايير الاجتماعية المتفق عليها مجتمعياً ، وينتهك حقوق الغير ومشاعرهم ،ويسبب ضرراً نفسياً او جسدياً للاخرين. ويلجأ الافراد لخرق المعايير الاجتماعية حينما لا يقتنعون بها بخاصة في المجتمعات شديدة التصلب hyper tight التي يشعر بعض افرادها-لاسباب مختلفة-انهم غير معنيين ولا متفقين مع تلك الضوابط ويريدون خرقها،اما ليتميزوا كفئة ذات معايير وقيم مختلفة،واما كنوع من الانتقام من المجتمع الذي يرونه ظالماً لهم ومقيداً لحرياتهم او مسبباً لما يعتقدون انه مأساتهم ومعاناتهم. ببساطة هم يريدون التميز او الانتقام من المجتمع الذي يعتقدون انه متخلف ولا يلبي طموحاتهم ومعاييرهم الشخصية. ومثلما تنشأ الجماعات الصغيرة المتطرفة دينياً تحت شعار (نحن والآخرين) فان الجماعات المتطرفة اجتماعياً تعتقد انها تحمل وعياً وفكراً وقيماً مختلفة عن (العامة) ويؤمنون انهم هم الفئة الأعلم والأفهم والأجدى بالحياة. وتزداد احتمالات ظهور مثل هذه الجماعات في اوقات التحول الكبرى (كما يحصل في العراق وكل العالم) حيث تشعر الغالبية انها في مرحلة البرزخ كما يسميها احد اصدقائي الفلاسفة ،حيث لا مجتمع قديم يحمينا ولا مجتمع جديد يأوينا. فالمجتمع القديم يتفكك لاسباب كثيرة كالعولمة والرقمنة وسواها،والمجتمع الجديد البديل لم يتشكل بعد.هذه المرحلة (البرزخية) تجعل الناس كالسكارى حيث يكتشفون ان معاييرهم وقيمهم الراهنة لم تعد تتناسب مع الثورة الرقمية والفضاء المفتوح. في الوقت الذي لم تتشكل فيه قيم ومعايير جديدة يمكن اعتناقها كبديل عن القديم وتؤمن لهم الحماية من ثورة التغيير وهيجانها. من جانب اخر فان المجتمعات التي تشهد هزات أمنية وعنف متواصل كالتي شهدها العراق طوال العقود الاربعة الماضية تشهد كثير من مظاهر السلوك اللا اجتماعي والتي لا تقتصر على زيادة معدلات الجريمة والعنف فقط،بل وزيادة الامراض النفسية-الاجتماعية ومنها ظاهرة تبادل الازواج. فالتعرض للعنف طويلاً يؤدي الى امراض نفسية كثيرة منها ما يشجع على هذه الظاهرة المرفوضة مجتمعياً. كما ان التعرض للعنف طويلاً يؤدي الى فقدان المعايير والهوية الاجتماعية ويجعل بعض الافراد يبحثون عن معايير وقيم بديلة. فالعنف الطويل يؤدي الى تفكك المؤسسات الاجتماعية الضابطة كالاسرة والمدرسة والدولة،فضلاً عن ضعف العلاقات الاجتماعية مع الجيران والاقارب والاصدقاء فيخلق فراغاً إجتماعياً يتم ملؤه ببدائل غير مألوفة يعتقد البعض انها تخلق معنى جديد لحياته. اخيراً فأن طغيان الدين الطقسي على حساب الدين الروحي الذي يمنح الحياة معناها الراقي هو احد اسباب الخواء الروحي الذي لا بد ان يُملأ ببدائل يعتقد البعض انها توفر له المتعة والمعنى وتنتقم من الدين الطقسي الذي يستمتع بتحديه وتجاوز خطوطه الحمراء من خلال هذه الممارسات الشاذة. الخلاصة فان هذه الظاهرة الاجتماعية(تبادل الازواج) ليست الاولى ولن تكون اخر مظاهر السلوكيات اللا اجتماعية في العراق. وهي في الحقيقة اعراض لداء اجتماعي وليست الداء ذاته. اعلم ان الكثيرين يعتقدون ان مشاكلنا اساسها سياسي او اقتصادي،لكني اخالفهم الرأي واعتقد اننا نعاني من مشاكل اجتماعية حقيقية تتجلى يومياً من خلال مظاهر سلوكية يتذمر منها الجميع لكنهم يشعرون انهم عاجزون عن تغييرها. هذا لا يعني اننا مجتمع سلبي وغير جيد،بل يعني اننا مجتمع في طور التغيير نحو اشكال ومعايير وقيم وبُنى لم نعتدها سابقاً تستلزم غوصاً في اعماقها لاستخراج دررها وتجنب قروشها ومضارها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store