logo
#

أحدث الأخبار مع #«أفواهوأرانب»،

هل خافت فاتن حمامة من المسرح والـجمهور؟
هل خافت فاتن حمامة من المسرح والـجمهور؟

بوابة ماسبيرو

timeمنذ يوم واحد

  • ترفيه
  • بوابة ماسبيرو

هل خافت فاتن حمامة من المسرح والـجمهور؟

رسمت صورة للمرأة المصرية فى القرن العشرين فى ذكرى مولد فاتن حمامة (27 مايو 1931) أتذكر مدرسة البراءة فى فن الأداء التمثيلى.. لا أعرف كيف أصف البراءة والتلقائية.. لا أعرف كيف أكتب عن الفطرة والمشاعر الصافية الرقيقة فى وجه فاتن حمامة المشرق فى كل الحالات وجسدها النحيل، مثل راهبة وصلت إلى أقصى درجات العبادة فى محراب الفن، وهو ما يجعل الكاتب يتوقف طويلا، أو قل يعجز، أو على الأقل يتردد كثيراً، وهو يكتب عن هذا الوجه، ناهيك عن وعى فاتن حمامة الذى جعلها تختار ليس فقط أدوارا صعبة ومتباينة، بل جسدت من خلال الشخصيات التى أدتها على شاشة السينما صورا حية لمراحل تحولات المرأة المصرية فى القرن العشرين، بكل صورها . عرفت الفن السينمائى وفاتن حمامة معاً، وأحببت هذا الفن.. وفاتن حمامة نجمة كبيرة، وأيضا كبرت ودرست الفن، واشتغلت به وهى لا تزال نجمة، وكانت عندى قناعة وما زالت بأنه لا سينما بدون فاتن حمامة، منذ أن شاهدتها مع محمد عبد الوهاب وهو يداعبها طفلة جميلة ومتحمسة فى فيلم «يوم سعيد»، وغنى لها عبد الحليم حافظ وفريد الأطرش. وقدمت كل الأدوار فى السينما (أكثر من مائة فيلم).. وهذا ما جعلها تختلف عن بنات جيلها وعمن سبقوها ومن لحقوا بها.. فليست هناك فاتن حمامة واحدة، هناك عديدات، الفتاة الرومانسية الرقيقة، والفتاة البائسة، والفقيرة القاسية، والفلاحة المقهورة فى فيلم «الحرام»، والمغامرة، والفتاة البورسعيدية التى قاومت الفساد وناضلت ضد الاحتلال فاطمة، ونعمت المصرية الكادحة فى «أفواه وأرانب».. كانت شريكا فى تاريخ السينما وشاهدا على مراحل تطور هذا الفن، شاركت الجميع وشاركوها، أحبت وهجرت وهُجرت، استمتعت بالحب، وعانت من مرارة الغدر، فهى آمنة فى «دعاء الكروان» التى أحبت وانتقمت وأبدعت فى الحب والانتقام. ما يميز فاتن حمامة عن الأخريات أنها ليس النجمة التى تغرى الجمهورى بالأنوثة، بأدوات الإغراء المعتادة، فاتن حمامة، تغرى الجميع ببراءتها، بوجهها الملائكى، فهى الأستاذة والفلاحة والرومانسية والمناضلة، والمنتقمة والمظلومة واليتيمة والشقية، وتقريباً أدت كل الأدوار التى تمثل السيدة المصرية، وجسدت قضاياها ومشاكلها على الشاشة.. ناقشت قضايا الزواج والطلاق فى «أريد حلا» وجعلت بعد هذا الفيلم قانون الأحوال الشخصية قضية رأى عام، فمن أول أفلامها مع محمد كريم وهى طفلة فى فيلم «يوم سعيد»، وحتى آخر أفلامها «أرض الأحلام» مع داوود عبدالسيد وهى تقدم فى كل فيلم وجهاً جديداً من وجوه فاتن حمامة التى تحصي، فلم تحبس نفسها فى صورة واحدة كما فعلت أخريات. وفى مراحل حياتها العمرية كانت تعرف ماذا تقدم وماذا يناسبها، ففى المرحلة الأولى من حياتها كانت الفتاة المصرية فى شتى صورها فى عشرات الأفلام التى يمكن من خلالها دراسة وضع المرأة فى المجتمع المصرى فى مراحل مختلفة، فمن دور الفتاة المسكينة البائسة، سواء الفقيرة اليتيمة أو بنت الباشا، أو ابنة الطبقة المتوسطة، برعت فاتن حمامة فى تجسيد مراحل الفتاة المصرية فى تلك الحقبة، ثم السيدة القوية التى تناقش القضايا الشائكة سواء فى «الباب المفتوح» من خلال رواية لطيفة الزيات أو «لا تطفئ الشمس» لإحسان عبد القدوس، بالإضافة إلى فيلم «أريد حلا»، ثم ناقشت وضع المرأة فى ظل التغيرات السياسية، بعد الحقبة الناصرية التى غادرت فيها مصر، ثم عادت لتناقش أزمة الانفجار السكانى فى فيلم «أفواه وأرانب»، وقدمت صورة حية لأرملة الانفتاح الاقتصادى فى فيلم «يوم مر ويوم حلو» من إخراج خيرى بشارة، لتجسد صورة المرأة المصرية فى ظل التحولات الاجتماعية التى أصابت المجتمع المصرى فى سبعينيات القرن الماضى، وتقدم صورة حية أخرى للمرأة من خلال قضايا الهجرة فى تسعينيات القرن الماضى مع داوود عبدالسيد فى «أرض الأحلام»، فتاريخ وعمر فاتن حمامة ليس فقط تاريخ تطور السينما المصرية فى مراحلها المختلفة، بل جعلت من تاريخها السينمائى شريكاً فاعلاً وشاهداً على تغيرات المراحل المختلفة التى مر بها المجتمع المصرى فى مراحل سياسية واجتماعية متعددة!.. وذلك من خلال القضايا التى تناولتها فى أعمالها والتى تجسد تطور المجتمع المصرى أيضاً. حياة فاتن حمامة كما ذكرت لا تشبه حياة أى فنانة، فكل مخرج كان يراها فى صورة مختلفة وكأنها بئر عميقة من المواهب والإمكانات، وكل مخرج يرى ما لا يراه الآخرون.. اختارها يوسف يوهبى فى فيلم «ملاك الرحمة»، ثم يوسف شاهين فى «بابا أمين» عام 1950 فى دور الفتاة الساذجة، ليختلف الأمر مع صلاح أبوسيف فى «لك يوم يا ظالم» 1952 فى صورة البنت المصرية التى تمثل نموذج فتاة الحارة الطيبة، وتتوالى أعمالها «صراع فى الوادى» مع عمر الشريف لتدخل مرحلة جديدة فى الحياة والفن، ثم يأتى «دعاء الكروان» عن رواية طه حسين وإخراج هنرى بركات، ليبرز مواهبها الأدائية فى دور «آمنة»، هذا الدور المركب الذى مر بمراحل متعددة من الفتاة القادمة من حضن الجبل والتى تخاف من القطار كأنه من الجن مع أمها وأختها، إلى الفتاة التى بهرتها الحياة المدنية، وبعد مأساة اختها وصدمة المجتمع الذى صفعها بتقاليده، قررت الانتقام لتدخل مرحلة جديدة، ثم تنتهى بالحب.. أربع مراحل مرت بها فى «دعاء الكروان»، وبالفعل كان هذا الفيلم نقطة تحول فى حياتها الفنية، حيث خرجت من نموذج البنت الفقيرة البائسة أو بنت الباشا فى المدينة، لتعيش فى واقع آخر، تتغير معه شخصيتها من خلال «دعاء الكروان»، ليقدمها هنرى بركات مرة أخرى عام 1965 فى أجمل أدوارها «عزيزة» فى فيلم «الحرام» من تأليف يوسف إدريس، ومن خلال هذه الأعمال جسدت فاتن حمامة صورة الفتاة المصرية كما ذكرت فى شتى مراحلها مع تطور المجتمع المصري، بالإضافة إلى الصورة الجميلة للفنانة المصرية، حيث قدمت فاتن حمامة صورة مختلفة للمرأة المصرية كفنانة يندر أن تتكرر، حيث أثبتت للجميع عبر ستة عقود من الأداء السينمائى أن الفنانة ليست جسدا جميلا فقط، بل روح وثقافة تتجليان فى هذا الجسد. لم تقدم فاتن حمامة الأفلام التاريخية.. ولم تتحدث اللغة العربية الفصحى.. ولم تقف على خشبة المسرح.. أدت فى السينما بالعامية المصرية أدوارالمثقفة والفلاحة والفتاة السواحلية والقادمة من الدلتا والصعيدية.. قدمت كل شيء، كل الأدوار، لكنها لم تؤد بالفصحى، ولم تقف على خشبة المسرح منذ ظهورها مع عبد الوهاب 1940 فى فيلم «يوم سعيد» واختيار يوسف وهبى لها بعد ذلك فى «ملاك الرحمة» وهو عميد المسرح العربى.. لم تقترب من المسرح، رغم أنها بدأت حياتها التمثيلية فى لحظة تاريخية كان يعيش فيها المسرح المصرى ذروة مجده.. فهل كانت تخاف من المسرح؟.. تخاف ان تواجه الجمهور مباشرة؟.. تخاف على البراءة والتلقائية من التكرار اليومى على خشبة المسرح؟.. تخاف أن تستبدل الطفولة الدائمة التى ظلت معها حتى رحيلها 15 يناير 2015، منذ مولدها فى 27 مايو 1931؟! نعم كانت تخاف المسرح.. حتى إنها لم تحاول دخوله فى بداية حياتها أو حتى فى ذروة المجد والشهرة، فالكاميرا كائن خرافى عجيب وغريب لكنه صامت.. لا يرى، لا يسمع، لا يجادل.. تقبل الكاميرا أن تعيد المشاهد مرات عديدة من اجل التجويد، لكن المسرح حالة أخرى.. مواجهة الجمهور ليست أمراً سهلاً، لا أعرف بالتحديد لماذا لم تجرب فاتن حمامة المسرح، ولا أقول تنغمس فيه على حساب السينما، فهناك كثير من النجمات قدمن أدواراً عابرة فى المسرح ولم يكملن الطريق، أما فاتن حمامة فلم تفكر فيه! وهذا ما يدعو للدهشة. ولم تؤد بلغة غير اللهجة العامية المصرية بشتى أطيافها، الصعيدى والقاهرى وفلاحى الدلتا وأهل السواحل.. أدت كل اللهجات المصرية، فيما عدا الفصحى! وهذه علامة استفهام أخرى.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store