logo
#

أحدث الأخبار مع #«أوليفرتويست»

تدريس الأدب وإشكالية صقل المهارات
تدريس الأدب وإشكالية صقل المهارات

الجزيرة

time١٢-٠٤-٢٠٢٥

  • علوم
  • الجزيرة

تدريس الأدب وإشكالية صقل المهارات

لطالما كان الأدب رفيق الإنسان، شاهدًا على تطوّره ونموّه، ورفيقًا ينمو بنمو صانعه، ويَسمُو بعلو شأنه. فالأدب مجال يزهو بمشاعرنا، وتُكتب حروفه برِقَّة أناملنا، لذا فإنَّ رحلة الحفاظ عليه طويلة وشاقة، لا تختصر بطرقٍ محددة، ولا تُلخَّص بأسلوب واحد. لكل فرعٍ أدبي طريقته وأسلوبه الخاص في الحفاظ على رونقه في أثناء نقله إلى الأجيال اليافعة. إنَّ الحفاظ على الأدب ليس مهمة سهلة في هذا الزمن المتشعب، المليء بعوامل التشويق وعناصر الجذب والمشتتات الفارغة والملهيات الخاوية. لذا، نجد أنفسنا اليوم في فترة زمنية حساسة للغاية فيما يتعلق بتدريس الأدب، حيث لا يزال تدريسه بمعزل تام عن التطور الهائل خارج أسوار القاعة الدراسية. بالإضافة إلى ذلك، فهو منفصل تمامًا عن الأدوات والمهارات التي يجب على دارس الأدب صقلها خلال رحلته التعليمية. هذه المهارات ليست موحدة عبر جميع فروع الأدب، بل تتنوع بتنوعه وجماله. ولذلك، ينبغي أن تكون أدوات كل توجه أدبي مصقولة بما يتناسب مع احتياجاته؛ فمهارات الرواية تختلف عن الشعر، ومهارات النثر تختلف عن المسرح. ومن أخطر المشكلات التي تواجه تدريس الأدب غياب الجانب العملي، والاكتفاء بالتلقين والفهم اللحظي غير الدائم، إلا عند قلة من المتعلمين المولعين بالأدب، الذين يحاولون تعزيز هذه العلوم بجهود ذاتية، معتمدين على التجربة والخطأ في رحلتهم. إعلان الأدوات البحثية المتخصصة وشُح المصادر الأدبية من الأخطاء الجسيمة، بل الكارثية، في تدريس الأدب غيابُ المناهج المتخصصة في الأدوات البحثية الأدبية؛ فالطالب يجد نفسه في حالة من التشتت عند محاولة كتابة أي بحث أكاديمي أو ورقة علمية، ما يؤثر في جودة البحث ومنهجيته، بل وحتى على ثقته بقدراته. إضافة إلى ذلك، تعاني العملية التعليمية من شُح المصادر الأساسية والاعتماد على مصادر ثانوية، بعضها ذو قيمة علمية وبعضها الآخر مبني على أفكار تفتقر للموثوقية. لذا، يجب وضع منهج دراسي متخصص في تطوير الأدوات البحثية الأدبية، ليس منهجًا عامًا وشاملًا، بل منهجًا متعمقًا يركز على فروع الأدب المتعددة، ليكون أداة للطالب وركيزة أساسية في فهم الأدب. إن هذه العشوائية في إدارة تدريس الأدب تؤدي إلى نفور بعض الطلاب من المادة، بل وربما كراهيتها، ما ينعكس سلبًا على تعاطيهم معها. التعاطي المغلوط في تدريس الرواية والمسرحية لم تكن الرواية والمسرحية يومًا مجرد قصص يرويها الأستاذ ليطلب من الطلاب فهم حبكتها ومناقشتها في ورقة الامتحان؛ فهذه الأعمال الأدبية تكشف دهاليز النفس البشرية، وتوضح تفاعل الإنسان مع محيطه، كما تشرح كيف تؤثر المعتقدات الدينية والاجتماعية على الفرد، وتُبرز تطور الأفكار في حقب تاريخية معينة. فعلى سبيل المثال، رواية «أوليفر تويست» لا تقتصر على كونها قصة جميلة، بل تسلط الضوء على الانحطاط الاجتماعي، والجشع، والتسلط، وانعدام الرحمة في المجتمع الإنجليزي خلال القرن التاسع عشر. أما في المسرح، فإن مسرحية «هاملت» تُظهر الصراع النفسي العميق والتردد الذي يؤدي إلى عواقب وخيمة. لذلك، يجب ألا يُدرَّس الأدب على أنه مجرد سردٍ لأحداث، بل ينبغي أن يُتناول بأسلوب تحليلي يتيح للطلاب استيعاب مفاهيمه بعمق. ويمكن تحقيق ذلك عبر دمج أدوات البحث العلمي الأدبي، وتطبيق مناهج تحليلية تسمح للطالب بابتكار أو تأليف أعمال أدبية تعكس استيعابه للمفاهيم المطروحة. كما يمكن تعزيز التجربة العملية من خلال تمثيل المسرحيات داخل الجامعات بحضور الأساتذة والطلاب، ما يسهم في تنمية مواهب الطلاب سواء في الكتابة أو الإخراج أو النقد الأدبي. الأدب هو جوهر المكنون الإنساني، وهو انعكاس لنتاجنا الثقافي، وقيمنا، ومبادئنا، وروح ثقافتنا، وأصالة تاريخنا. لذا، فإن الحفاظ عليه ليس خيارًا، بل واجبًا تدريس وتعلم الشعر: الإحساس قبل الكمِّ يُعد تدريس الشعر إشكالية لا يمكن التغاضي عنها، إذ لا يعتمد تعليمه فقط على شرح عناصر القصيدة، بل يجب أن يركز على استشعار معانيها والارتواء بجمالها. لذا، لا يكفي أن يُلقَّن الطالب القصائد ويُحلل عناصرها، بل يجب أن يُدفع إلى التفاعل الحسي معها. من أهم الأدوات والمهارات التي ينبغي ترسيخها في تدريس الشعر التركيزُ على الإحساس بالنصوص الشعرية؛ فلا يمكن للطالب فهم المعاني العميقة دون تنمية شعوره الداخلي، وجعل الأحرف والصور الشعرية تلامس وجدانه. على سبيل المثال، يمكن تكليف الطلاب بكتابة قصائد عن موضوعات محددة، كالتحدي والنجاح أو الحرية والاستعباد، ثم يقوم زملاؤهم بتحليل هذه القصائد واستخراج عناصرها الشعرية. بهذه الطريقة، يتحول المنهج من تلقيني إلى عملي، وهذا مما يُمكّن الطلاب من اكتشاف مواهبهم الشعرية، ويساعدهم على تطبيق ما تعلموه بشكل فعّال. الأدب هو جوهر المكنون الإنساني، وهو انعكاس لنتاجنا الثقافي، وقيمنا، ومبادئنا، وروح ثقافتنا، وأصالة تاريخنا. لذا، فإن الحفاظ عليه ليس خيارًا، بل واجبًا. ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال تطوير منهجية علمية أدبية متخصصة تُبنى عليها الجذوع الأدبية، سواء في الرواية، أو المسرح، أو الشعر، أو النثر. لا بد أن تكون هذه المنهجية متقنة ومُجوَّدة، بحيث تحقق نتائج مرضية، وترسخ الأدب في وجدان الطالب، ليس فقط كمعرفة نظرية، بل كمهارة عملية يستفيد منها مدى الحياة. فالإدماج الفعّال للطالب في العملية الأدبية لا يهدف فقط إلى اجتيازه للمقرر الدراسي، بل إلى اكتشاف مواهبه، وإخراج جوهرته المكنونة، وتزويده بالأدوات التي تجعله قادرًا على الإبداع والتطوير في المجال الأدبي.

على خشبة المسرح.. اليُتم بين القسوة المجتمعية والتحولات الإنسانية
على خشبة المسرح.. اليُتم بين القسوة المجتمعية والتحولات الإنسانية

البوابة

time٠٨-٠٤-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • البوابة

على خشبة المسرح.. اليُتم بين القسوة المجتمعية والتحولات الإنسانية

شكل اليُتم عبر التاريخ عنصرا محوريا في الأدب والمسرح، حيث كان خلفية درامية غنية للعديد من الأعمال التي تناولت قضايا الطفولة، الحرمان، والتبني، ومن خلال خشبة المسرح، تجسدت معاناة الأيتام ليس فقط في آلامهم، بل أيضا في التحولات التي تطرأ على حياتهم وحياة من حولهم، مما يعكس قوة الحب والاحتواء في تغيير المصائر التي تطرأ على شخصياتهم والمجتمع من حولهم. من مسرحية «هالة حبيبتي» التي عالجت قضية التبني بأسلوب كوميدي وإنساني، إلى شخصية «أحمد الشاعر» في «مدرسة المشاغبين» التي كشفت أثر غياب الأب في تشكيل سلوك الأبناء، وصولًا إلى الأعمال العالمية مثل «أوليفر تويست» و«آنى» التي انتقدت قسوة المجتمع تجاه الأطفال اليتامى، فقد لعب المسرح دورًا مهمًا في مناقشة هذه القضايا. في السطور التالية نستعرض كيف قدمت هذه المسرحيات صورة اليُتم، وتأثيره على الشخصيات، والرسائل الإنسانية التي سعت إلى إيصالها، مما يعكس الدور العميق للفن المسرحي في معالجة القضايا الاجتماعية بأسلوب يجمع بين الدراما والرسائل الأخلاقية العميقة. مسرحية هالة حبيبتي «هالة حبيبتى» حين يغير الحب حياة الأيتام والمتبنين تعد «هالة حبيبتى» من أبرز المسرحيات التى جمعت بين الكوميديا الاجتماعية والرسائل الإنسانية العميقة، والذى قدمها الفنان فؤاد المهندس ببراعة، حيث مزج بين الفكاهة والدراما لتقديم معالجة واقعية لموضوع حساس وهو اليتم والتبني. المسرحية مأخوذة عن القصة الفرنسية بابا، بوبو ومامي «Papa Bon Dieu et Moi»، وعلى الرغم من طابعها الكوميدي، فإنها تطرح قضايا اجتماعية مهمة، منها كيفية معاملة الأيتام، وأثر التبنى على الطفل المتبنى والشخص الذى يتبناه. عُرضت المسرحية عام 1985، للمخرج حسن عبدالسلام، ومن تأليف عبدالرحمن شوقى، وبطولة الفنانين: فؤاد المهندس، دلال عبدالعزيز، سناء يونس، والطفلة رانيا عاطف، وآخرون. تبدأ القصة برجل الأعمال الملياردير، الذى يبدو فى البداية عمليا وماديا، غير مهتم بمشاعر الآخرين، حيث يجد نفسه فى موقف يجبره على تبنى الطفلة اليتيمة «هالة»، التى تنتمى إلى دار أيتام وتعانى من قسوة المجتمع. تتسبب «هالة» فى حالة من الفوضى بحياته بسبب شخصيتها المشاكسة ولسانها السليط، لكنها فى ذات الوقت تمتلك براءة الأطفال وإحساسا قويا بالحرمان، تبدأ العلاقة بينهما بالتطور تدريجيًا، حيث يتحول الملياردير من رجل قاسٍ إلى شخصية حنونة ومتفهمة، ويبدأ في اكتشاف أهمية الحب والاحتواء. شخصية الملياردير «فؤاد المهندس»، رجل أعمال ناجح لكنه يفتقد الجانب العاطفي والإنساني فى حياته، حيث يرى فى البداية التبنى كمسألة شكلية أو إجراء قانوني لا يحمل مسئولية عاطفية، ويتغير تدريجيًا بسبب تأثير «هالة»، ويبدأ في فهم معنى الأبوة حتى دون رابطة دم. «هالة» «رانيا عاطف»، طفلة يتيمة لكنها قوية الشخصية، تستخدم الشغب كوسيلة لحماية نفسها، تشعر بانعدام الأمان والحرمان العاطفي، مما يجعلها تتصرف بعدائية فى البداية، وتساهم فى تغيير حياة الملياردير من خلال تصرفاتها، ليبدأ فى احتضانها بصدق. تشمل شخصيات ثانوية من دور الأيتام أو من محيط الملياردير، تلعب دورا فى تعميق الصراع الدرامي وتعزيز فكرة التحول فى شخصية البطل. تعرض المسرحية صورة الطفل اليتيم كإنسان لديه مشاعر وأحلام، وليس مجرد حالة إنسانية تحتاج للشفقة، ويؤكد العمل أن الأيتام يحتاجون إلى بيئة تحتويهم وتفهم احتياجاتهم النفسية، وليس فقط تقديم المساعدات المادية. وتسلط المسرحية الضوء على أهمية التبنى كحل لمشكلة الأيتام، لكن ليس كمجرد إجراء قانوني، بل كمسئولية عاطفية وإنسانية، كما توضح أن التبنى لا يؤثر فقط على الطفل، بل يغير حياة المتبنى نفسه، كما حدث مع الملياردير. يقدم النص المسرحي تطورا دراميا لشخصية الملياردير، حيث يتحول من شخص بارد إلى أب حقيقي يشعر بالمسئولية تجاه الطفلة، وفى المقابل، تتغير «هالة» من طفلة متمردة إلى فتاة تثق في نفسها وتشعر بالأمان داخل الأسرة الجديدة. الرسائل الإنسانية والاجتماعية للمسرحية تؤكد المسرحية أن الأبوة والأمومة ليستا مجرد صلة دم، بل تتجسدان فى الرعاية والاهتمام الحقيقي، كما تدعو المسرحية إلى التعامل مع الأيتام بطريقة إنسانية تحفظ كرامتهم وتمنحهم الفرصة للعيش بشكل طبيعي، كما توضح المسرحية كيف يمكن للحب والاهتمام تغيير شخصيات البشر، سواء الطفل المتبنى أو الشخص الذى يتبناه، وتنبه المسرحية إلى أن التبني لا يجب أن يكون مجرد عمل خيرى، بل التزاما طويل الأمد لتربية الطفل وتقديم حياة مستقرة له. تنتهى المسرحية بنجاح العلاقة بين الملياردير و«هالة»، حيث يتحول من مجرد متبنٍّ إلى أب حقيقي، وتتحول «هالة» من طفلة مشاكسة إلى فتاة مطمئنة وسعيدة، هذه النهاية تؤكد أن التبنى يمكن أن يكون فرصة جديدة للحياة لكل من الطفل والأسرة التي تتبناه. تأثير المسرحية على الجمهور حققت «هالة حبيبتى» نجاحا كبيرا بسبب مزيجها بين الكوميديا والدراما، مما جعلها قريبة من قلوب المشاهدين، لم تكن المسرحية مجرد عرض فكاهي، بل حملت فى طياتها رسالة إنسانية عميقة لا تزال ذات صدى حتى اليوم. قدمت «هالة حبيبتى» معالجة متميزة لقضية التبني واليتم بأسلوب بسيط لكنه عميق، حيث أبرزت أهمية الحب والاحتواء فى بناء شخصيات الأطفال الأيتام، كما أكدت أن التبنى ليس مجرد التزام قانوني، بل رحلة إنسانية مليئة بالمشاعر والتحديات، يمكن أن تغير حياة الجميع للأفضل. أحمد الشاعر.. المشاغب الذى صاغه اليُتم «مدرسة المشاغبين» عمل مسرحي كوميدي ناقد، يتناول قضية التعليم والتربية فى المجتمع المصري بأسلوب ساخر، حيث تسلط المسرحية الضوء على مجموعة من الطلاب المشاغبين الذين يعانون من الإهمال التربوى، ما يدفعهم إلى التمرد داخل المدرسة، ومع دخول المعلمة «عفت عبدالكريم» إلى حياتهم، تبدأ رحلة التغيير، حيث تحاول إصلاحهم وإعادة توجيههم. عرضت المسرحية عام 1971، وكانت من تأليف على سالم، وإخراج جلال الشرقاوى، وبطولة الفنانين: عادل إمام، سعيد صالح، أحمد زكى، سهير البابلى، هادى الجيار، يونس شلبى، حسن مصطفى، وآخرون. كان أحمد زكى يجسد شخصية «أحمد الشاعر»، وهو طالب يتيم الأب، لكنه لا يختلف كثيرا عن زملائه في سلوكياته، وذلك ضمن المجموعة الأساسية للمشاغبين «عادل إمام، سعيد صالح، يونس شلبي، حسن مصطفى»، حيث يظهر في البداية كمشاغب عادى، لكنه يتمتع بحساسية مختلفة، تعكس خلفيته وظروفه الاجتماعية، ولا يقود التمرد بنفس الطريقة التى يفعلها «بهجت الأباصيرى» «عادل إمام» أو «مرسى الزناتى» «سعيد صالح»، لكنه يشارك فيه ويضفى عليه لمسات ذكية وسريعة البديهة. تأثير اليُتم على شخصية أحمد الشاعر يجعل اليُتم «أحمد الشاعر» أكثر ميلا للاستقلالية والعناد، وربما يكون هذا سببا لانضمامه إلى مجموعة المشاغبين، فلم يكن دوره محوريا فى قيادة الفوضى، لكنه كان جزءا من منظومة «المشاغبين» بسبب افتقاده لقدوة أبوية حقيقية فى حياته، على الرغم أنه يتعامل بسخرية مع الآخرين، إلا أن خلفية حياته تجعله شخصية تحمل قدرا من العمق العاطفي مقارنة بباقي زملائه. كان الفنان أحمد زكى فى بداية مشواره الفنى، لكنه استطاع لفت الأنظار بأدائه العفوي والطبيعي، حيث تميز بمرونة فى الحركة والتفاعل مع زملائه على خشبة المسرح، رغم أن طبيعة النص لم تمنحه مساحة درامية واسعة مثل أدواره السينمائية لاحقا، وعلى الرغم من كونه جزءا من الكوميديا الجماعية، إلا أنه أظهر بعض الجدية فى مواقفه، مما جعله يتميز بأسلوب خاص وسط الطابع الهزلى للمسرحية. يختلف «أحمد الشاعر» عن «بهجت الأباصيرى» «عادل إمام» الذى يقود المجموعة، و«مرسى الزناتى» «سعيد صالح»، الذى يجسد دور الفتوة الغبى قليل الذكاء، أقرب فى الروح إلى «عاطف» «يونس شلبى» لكن بطريقة أكثر وعيا، ويمكن اعتباره همزة وصل بين الشخصيات، حيث يتميز بذكاء وخفة ظل دون أن يكون قائدا مباشرا للفوضى. يُعبر «أحمد الشاعر» عن شريحة من الطلاب الذين تأثروا بغياب الأب فى حياتهم، مما قد يجعلهم أكثر ميلا للتمرد أو البحث عن الانتماء داخل مجموعات مشاغبة، يعكس الواقع التعليمي المصري فى السبعينيات، حيث كانت المدارس الحكومية تعانى من الإهمال وعدم القدرة على السيطرة على الطلاب، كما يقدم «أحمد الشاعر» نموذجا لطالب يمكن إصلاحه بالتوجيه الصحيح، وهو ما تؤكده فكرة المسرحية ككل. على الرغم أن دور الفنان أحمد زكى لم يكن الأبرز، إلا أن وقوفه بجانب عمالقة الكوميديا منحه خبرة كبيرة فى الأداء المسرحي، فكانت المسرحية محطة مهمة قبل أن ينتقل إلى السينما، حيث استطاع بعد ذلك أن يقدم شخصيات أكثر عمقا وتعقيدا، فقد أثبت من خلال المسرحية أنه ليس مجرد ممثل كوميدي، بل يمتلك طاقة درامية قادرة على التطور لاحقا. لذا دور أحمد زكي في «مدرسة المشاغبين» قد يبدو بسيطا فى الظاهر، لكنه يعكس بعدا اجتماعيا وإنسانيا مهما، قدمه بأسلوب مختلف عن زملائه، مما ساعده على التميز حتى وسط الأسماء الكبيرة التي شاركته المسرحية، وبعد هذا العمل أثبت «زكى» أنه قادر على تقديم أدوار أكثر جدية وعمقا، ليصبح لاحقا واحدا من أهم نجوم السينما المصرية. «أوليفر تويست».. اليُتم في مواجهة الظلم والقدر ليس اليُتم في مسرحية «أوليفر تويست» مجرد خلفية درامية، بل هو المحرك الأساسي للأحداث، ويستخدمه تشارلز ديكنز لكشف قضايا اجتماعية مهمة، حيث يعانى «أوليفر» من القهر والاستغلال، لكنه يظل رمزا للبراءة وسط عالم ملىء بالقسوة والفساد. عرضت المسرحية عام 1978، وكانت من تأليف تشارلز ديكنز، وإعداد ناجى أحمد ناجى، وإخراج محمد السيد مرسى، ومن بطولة: عارفة عبد الرسول، صبحى يوسف. اليُتم كأداة لكشف قسوة النظام الاجتماعي ولِد «أوليفر» فى دار للأيتام حيث لم يكن للأطفال أى حقوق تقريبا، وكانوا يعاملون على أنهم عبء على الدولة، حيث يتم تشغيلهم فى ظروف قاسية، ويمنحون طعاما بالكاد يكفي للبقاء على قيد الحياة، كما يتضح فى المشهد الشهير عندما يطلب «أوليفر» المزيد من الطعام قائلا: «من فضلك، أريد بعضًا من الطعام». ينتقد «ديكنز» النظام الفيكتورى الذى كان يعامل الأيتام كأدوات عمل، وليس كبشر يستحقون العناية والتعليم. استغلال الأيتام من قبل المجتمع بعد طرد «أوليفر» من دار الأيتام، يتم إرساله للعمل عند متعهد دفن الموتى، حيث يتعرض للإهانة والضرب، عندما يهرب إلى لندن، يقع فى يد عصابة فاينجين التى تستغل الأطفال اليتامى فى السرقات والنشل، فالأيتام يجبرون على اللجوء إلى الجريمة بسبب غياب أى رعاية أو فرص لهم فى الحياة. يصور «ديكنز» كيف أن المجتمع نفسه يدفع الأطفال اليتامى إلى الجريمة، ثم يُعاقبهم بدلا من حمايتهم. على الرغم من أن «أوليفر» يتيم، إلا أنه فى النهاية يكتشف أن له جذورا عائلية نبيلة، ويتم إنقاذه من حياة الشوارع، وفى المقابل، شخصيات أخرى مثل «نانسى»، التى لم تجد من ينقذها، تلقى مصيرا مأساويا بسبب نشأتها القاسية. يوضح «ديكنز» الفجوة بين الأيتام الذين يحصلون على فرصة للنجاة مثل «أوليفر» وأولئك الذين يسقطون فى الفقر والجريمة مثل «دودجر» و«نانسى». تظهر الرواية أن المصير ليس متساويا بين الأيتام، وأن القليل منهم فقط يحصل على فرصة للنجاة، بينما يضيع الآخرون بسبب القسوة المجتمعية. اليُتم كعامل للتعاطف وتحقيق العدالة يلقى «أوليفر» بسبب يتمه تعاطف السيد «براونلو»، الذى يتبناه فى النهاية ويمنحه حياة كريمة، حتى يتضح في النهاية أن «أوليفر» ليس مجرد يتيم مجهول الهوية، بل ينتمى إلى عائلة محترمة، مما يبرز فكرة العدالة الإلهية، هذه النهاية تدفع الجمهور إلى التفكير فى مصير الأيتام الأقل حظا، الذين لا يجدون شخصا مثل «براونلو» لإنقاذهم. يستخدم «ديكنز» «أوليفر» كشخصية رمزية لتمثيل كل الأيتام، داعيا المجتمع إلى معاملتهم بإنسانية بدلا من استغلالهم. يمثل اليتم في «أوليفر تويست» أكثر من مجرد صفة للشخصية الرئيسية، فهو عنصر أساسى فى نقد النظام الفيكتورى، حيث يظهر كيف يتعرض الأيتام للاستغلال والقسوة، وكيف يمكن للمجتمع إما أن ينقذهم أو يحطمهم.مش لذا تظل هذه القصة صالحة حتى اليوم، لأنها تسلط الضوء على أهمية حماية حقوق الأطفال اليتامى ومنحهم الفرص لمستقبل أفضل. «آنى».. قصة الأمل والتحول فى حياة اليتيم تعد مسرحية «آنى» «Annie» واحدة من أشهر المسرحيات الموسيقية التى كتبتها مارتا أوينز في عام 1977، وهى مقتبسة عن قصص «آني» فى سلسلة القصص المصورة، حيث تدور أحداث المسرحية حول فتاة يتيمة تدعى «آنى»، التى تعيش فى ملجأ للأيتام تحت إدارة قاسية، إلا أن الحياة تأخذ منعطفا عندما تكتشف من قبل رجل أعمال ثرى يدعى «أوليفر وارنر». يتسم دور اليتيم فى المسرحية بكونه محوريا فى بناء القصة وشخصية «آنى» التى تمثل الأمل والطموح فى حياة مليئة بالصعاب. يمثل اليتيم فى المسرحية شريحة من المجتمع المهمشة التى غالبا ما تعامل معاملة غير عادلة أو قاسية، فى شخصية «آنى»، يحتفل بالأمل والإصرار على تحسين الوضع الاجتماعى رغم ظروف اليتيم القاسية. تتطور شخصية «آنى» من فتاة ضعيفة ومعتمدة على الآخرين إلى شخصية قوية، قادرة على تغيير حياتها وحياة من حولها، فهذا التحول يعكس دور اليتيم كرمز للقدرة على مواجهة الصعاب وتحقيق الذات فى وجه التحديات. تكشف علاقة «آنى» بالعالم الخارجى عن القيم الإنسانية مثل الرحمة والعدالة، فالشخصية الرئيسية هى من تمثل اليتيم الذى يسعى لتحقيق العدالة والفرص المتساوية، حيث يجد الدعم فى مجتمعها وأحيانا من الأشخاص غير المتوقعين مثل «وارنر» الذى يساعدها فى تحقيق حلمها. يعد دور اليتيم فى المسرحية هو المحرك الرئيسى لتسلسل الأحداث، ففى الوقت الذى يتصور فيه معظم الشخصيات أن «آنى» ليست سوى فتاة فقيرة، تبرز من خلال الشخصية عزيمتها وقوة روحها التى تمثل نموذجا للقوة الداخلية فى مواجهة الظروف الصعبة. تظهر المسرحية من خلال هذه الأبعاد، كيف يمكن لدور اليتيم أن يكون عاملا محفزا للإيجابية والتغيير، مع إبراز أهمية العطف والتفهم من المجتمع تجاه من يعانون من التهميش. مسرحية هالة حبيبتي مسرحية هالة حبيبتي مسرحية أوليفر تويست مسرحية آني

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store