منذ يوم واحد
هلال معه يحلو السهر
هلال معه يحلو السهر
وهو يقابل الريال في افتتاحية المونديال، قال لنا الهلال: إنه ما بزغ جميلاً وأنيقاً في سماء الولايات المتحدة الأميركية إلا ليدعو النجوم من حوله، لتكون شاهدة على قواعد المجد الجديدة التي يرسيها «الزعيم» أمام مرأى من العالم كله.
أعطانا الهلال اليقين قبل الاعتبار، وهو يخرج متعادلاً من بدايات ملحمية أمام الفريق الملكي، أنه سيكون في هذه النسخة المحدثة لكأس العالم الأندية، خير من سيحمل لواء العرب، وأفضل من يدافع عن كبرياء العرب، وأجدر من يستودعه العرب أحلامهم.
لا أرغب قطعاً في التنقيص من سفراء العرب الآخرين في هذا المونديال، وتفاوت حصادهم بتفاوت الرصيد البشري، إلا أنني من مرآة دور المجموعات، من جولاته الثلاث، أيقنت أن الهلال وحده من يستطيع أن يحاكي صور الجمال في «المونديال»، الوحيد الذي يستطيع أن ينسج قصة، وأن يكتب قصيدة شعر بها يُخلد في الذاكرة الجماعية.
انتزع الهلال من الملكي نقطة، وكان يستحق في واقع الأمر أكثر من ذلك، ثم أتبع ذلك بنقطة ثانية من مباراة «مفخخة» أمام سالزبورج النمساوي، ومن أجل عبور دور المجموعات، ضغط على المدوس، مر للسرعة الفائقة، وفاز بكل الفوارق التي لا تقبل بالقياس على باتشوكا المكسيكي.
ويوم وضعته مرتبته الثانية في المجموعة الثامنة أمام مانشستر سيتي، الذي تخطى دور المجموعات بالعلامة الكاملة، وبهجوم أنطق الشباك في 13 مرة، وقيل إنه، بأدائه المذهل أمام «السيدة العجوز»، أعاد الحياة لـ«التيكي تاكا»، وضع جميعنا يده على قلبه، لأن ظاهر المواجهة «شعلة نار»، وفي جوفها ترقد الأعاصير والحمم.
والحقيقة أننا ونحن نغالب النوم في تلك الليلة الخالدة، لنكون شهوداً على مباراة مجنونة، شاهدنا الهلال كما تمنيناه، شاهدناه واقعياً وبراجماتياً، ولا يزايد أبداً عند تقدير ملكات المنافس.
عندما رأى إنزاجي مدرب الهلال أن لا فرصة لفريقه ليصمد أمام الكرة الضاغطة والمستحوذة لـ «السماوي»، سوى اللعب بالكتلة المنخفضة، وضع دبابة وليس حافلة أمام حارس مرماه الرائع ياسين بونو، وأوصى لاعبيه عند أي تحول سريع بأن يسجلوا، ولا يهدروا ما يتاح لهم من فرص.
ومن خلال سجال تكتيكي ممتع بين كرة الامتلاك وكرة التحول السريع، شاهدنا مباراة من ساعتين، فصولها مجنونة، فقراتها مثيرة، إن تقدم «السيتي» رد عليه الهلال، وإن تفوق الهلال سارع «المان سيتي» إلى العودة للمباراة، إلى أن كانت خاتمة هذا السيناريو الذي يلهب الأخيلة، شوطين إضافيين، من السحر بمكان، قال خلالهما الهلال مخاطباً هذا الزمان: أن لا هلال سيمكث في سماء «المونديال» سوى «هلال العرب».
وقبل أن يطل علينا الصبح، ويظهر لون الفجر، قال المونديال كلمته، وهي كلمة السر، مع هذا الهلال يحلو السهر، ثم السفر.